أقول إن فشل الإخوان في حكم مصر .. هو أمر حتمي ( وأرجو من الله أن يُخيب ظني ) .. وسبب حتمية هذا الفشل المنتظر يكمن في تناقض شعاراتهم مع الواقع .. ومبعث هذا التناقض هو عدم وجود اجتهاد فكري إسلامي يقدم وينتج برنامجا إسلاميا حقيقيا للحكم .. فهم يعتمدون بشكل أساسي علي فكر تم انتاجه في القرون الوسطي .. فكر له ظروف وملابسات شتي ساهمت في انتاجه وفي إبعاده أيضا عن روح الإسلام الحقيقي ..!
وطوال سنوات وسنوات هي عمر الجماعة .. نجح الإخوان في تأجيل الإجابة عن سؤال ( كيف يحكمون وكيف يطبقون الشريعة ؟؟!!) .. فمجرد الإجابة كفيلة بهدم دعوتهم للوصول للحكم وكفيلة بوقوعهم فى شقاق ونزاع وتكفير متبادل يتحوّل فيه الاخوان الى أعداء فحقيقة الشريعة التى يؤمنون بها هى شريعة القرون الوسطى التى كانت مطبقة من عصر الأمويين الى عصر العثمانيين .. والتى تقوم على الاكراه فى الدين وظلم الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية وظلم المرأة والاستبداد السياسى بكل ما تعنيه الدولة الدينية فى تقسيم العالم الى معسكر الايمان ومعسكر الكفر .. وحدّ الردة وقتل الزنديق ( أى المفكر المسلم المعارض لهم ) بلا محاكمة وعند العثور عليه .. وقتله حتى لو تاب . حسبما قاله ابن تيمية ثم سيد سابق فى (فقه السنة )وأبوبكر الجزائرى فى ( منهاج المسلم ) .
شريعتهم تلك هى التى تضمن للحاكم الاستبداد باسم الاسلام وتريحه من صداع المعارضة ومن عناء التبرير والشرح للناس .. ومن التوسل اليهم فى الحملات الانتخابية ومن القلق من خسارة الحكم بتداول السلطة .. شريعتهم تلك تجعل الحاكم الاها على شعبه ممثلا لله جل وعلا على الأرض ..من أطاعه أطاع الله ومن عصاه عصى الله ..وهذا الاله الحاكم المتأله ليس مسئولا أمام الناس .. هو فقط مسئول أمام الله يوم القيامة لأنه يحكم باسم الله وهو المعبّر عن سيادة الله على الأرض ... هذه هى ( الحاكمية ) الالهية التى فصّل القول فيها سيد قطب وأبو الأعلى المودودى وغيرهما .. ولكن التصريح بها وسط مجتمع لم يقتنع بعد بهذه الأفكار يعنى فشل المشروع .. إذن بالتالى لا بد من تجاهل التصريح بماهية الحكم وماهية الشريعة ولا بد من الخداع واستعمال الديمقراطية طريقا للوصول.. وإنتظار اللحظة المناسبة الآتية بلا ريب .. وهم في ذلك يتبعون القاعدة الفقهية السلفية التي تقول " يجوز ارتكاب منكر أصغر من أجل القضاء علي منكر أكبر "
يُتبع
" حليم "