اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-06-2014, 10:05 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New أصالة الفقه الإسلامي

أصالة الفقه الإسلامي


معلوم أن الفقه الإسلامي انبثَق عن الشريعة الإسلامية، وأنه الجزء العملي التفصيليُّ منها، والشريعة الإسلامية شريعة ربانية شاملة لكلِّ ما يُصلِح أحوال الإنسان في جميع أحواله الدنيوية والأخروية، الدينيَّة والمدنية على حدٍّ سواء.

ومعلوم كذلك أن الفقه الإسلامي ليس عملاً إنسانيًّا محضًا كما يتوهَّم بعض الناس، إنما هو جهد إنسانيٌّ مُنضبِط بأحكام الله - سبحانه وتعالى - ولذلك فإن كل فرع فقهيٍّ لا يرجع إلى أصل له دليله الصحيح من الأدلة الشرعية، لا قيمة له، وإذا كانت هذه الأدلة مُتنوِّعة ومُتعدِّدة، فإنها ترجع في النهاية إلى الكتاب والسنَّة، وحتى السُّنة إنما اكتسبت أهميتها وحُجيتها من تأصيل الكتاب لها.

وقد استطاع الفقهاء المسلمون تكوين فقه إسلامي أذهل مُفكري العالم في غضون سنوات قليلة، وقد جاء هذا الفقه على مستوى رفيع جدًّا من الرُّقي والنضْج، وبخاصة في فترة اكتماله وتمام نُضجِه، مما يُعتبر - بحق - جانبًا من جوانب إعجاز الشريعة الإسلامية.

وقد أدرك المُنصِفون الأسباب الحقيقية وراء قيام هذا الصرح الشامخ من الأعمال التنظيميَّة الشاملة لشتى أنشطة الحياة، والاجتهاد فيما لم يوجد بَعْدُ على فرض وجوده - الفقه الافتراضي - وهذه الأسباب ترجع في مُجمَلها إلى سموِّ الشريعة الإسلامية نفسها، واشتمالها على الأسس والمقرَّرات العامة، وتركها الجزئيات التفصيلية لعِلم الفقه، كما يُرجَع إلى أصول الاستنباط المتنوعة في هذه الشريعة.

وأما غير المُنصِفين ممن في قلوبهم مرض أو غلب عليهم الهوى، فغابت عنهم حقيقة الشريعة الإسلامية؛ فلم يُصَدِّقوا أن هذه القوانين والتنظيمات المُعجِزة الباهِرة يمكن أن يُحقِّقها المسلمون بجهودهم الذاتية واستنباطًا من أصول الشريعة الإسلامية، فزعَموا أن الفقه الإسلامي ما هو إلا القانون الروماني، ولكن في ثياب عربية، وأقاموا رأيهم هذا على عِدَّة أدلة - هي في الحقيقة مجرد شبهات - يُمكِن إجمالها في النقاط التالية:
1- زعموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطَّلع على القانون الروماني في خلال رحلاته التجارية إلى البلاد المُجاوِرة للجزيرة العربية والخاضعة للرومان؛ مثل بلاد الشام.

2- وجود مدارس لتعليم القانون الروماني في بعض بلاد الشام؛ مثل بيروت وقيصرية والإسكندرية، مما أتاح الفرصة للفُقهاء أن يأخذوا منها.

3- لما انتشر الفقهاء في البلاد المفتوحة أخذوا بالأَعراف السائدة فيها، وهي مبنيَّة أساسًا على القانون والتنظيمات الرومانية.

4- أن الشريعة الإسلامية تأثَّرت بالقانون الروماني مباشرة؛ لأنه أثَّر في الأنظمة القانونية لدى العرب، ثم أقرَّ الإسلام بعضها، فتسرَّبت إليه.

5- وجود تَشابُه بين بعض مواد القانون الروماني وبعض أحكام الشريعة الإسلامية؛ ومن ذلك: العمل بأن البيِّنة على المُدعي واليمين على مَن أنكَر.

الرد على هذه الشبهات:
أولاً: من المعروف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نشأ في بيئة أميَّة، وهو نفسه كان أميًّا، فكيف تلقى القانون الروماني؟ وعلى يد مَن؟!

وأما رحلاته، فمعروف تاريخيًّا أنه كانت له رحلتان فقط إلى بلاد الشام قبل البعثة؛ أولاهما: وهو في التاسعة من عمره، وقابله فيها راهب نصرانيٌّ يُسمى بُحَيرى - كما في سيرة ابن هشام - وبحيرى هذا رجل لاهوت، لا رجل قانون، ولم يَمكُث معه أكثر من لحظات، فكيف تلقى عن رجل دين قانونَ الرومان في هذه اللحظات؟!

والثانية: كانت وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وكان خارجًا في تجارة لأم المؤمنين السيدة خديجة - رضي الله عنها - قبل زواجه منها، وكان مشغولاً بأعمال التجارة، ولم يُؤثَر عنه - صلى الله عليه وسلم - خلالها أنه الْتَقى بأحد مِن المُفكِّرين أو المُشرِّعين أو حتى رجال الدين، إنما الذي سُجِّل عنه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الرحلة أنه أثناءها نزل تحت ظل شجرة، فقال أحد الرهبان لمَيسرة: إنه لم يَنزل تحت هذه الشجرة إلا نبي - كما ذكر ذلك ابن هشام في سيرته - وقال المُحقِّقون عن قول الراهب: معناه: أنه لم يَنزل تحت ظل هذه الشجرة في هذه الساعة إلا نبيٌّ.

ثانيًا: معلوم تاريخيًّا أن مدارس الرومان أُغلقت قبل فتوحات المسلمين؛ فالإسكندرية مثلاً فُتحت سنة: 641، وكانت قد ألغيت سنة: 533؛ أي: قبل الفتح بأكثر من قرن، وكذلك بيروت فتحت سنة: 635، وكانت قد ألغيَت سنة: 551؛ أي: قبل الفتح بنحو خمس وسبعين سنة.

وأما المحاكم، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - في عصره هو القاضي، ومِن بعده نشأ القضاء معتمدًا على الشريعة الإسلامية وليس على القانون الروماني.

ثالثًا: النبي - صلى الله عليه وسلم - رفض أخذ الأحكام مِن كتُب الأمم السابقة، كما في قصة عمر - رضي الله عنه - التي رواها البغوي في "شرح السنَّة"، وأبو بكر الليثي في "مجمع الزوائد" والحديث في مسند الإمام أحمد، ثم إنه لم يَثبُت أن القانون الروماني تُرجم إلى العربية ولا إلى لغات سكان المناطِق التي فتَحها المسلمون، ولو أفاد فقهاء المسلمين منه لأشاروا إلى ذلك؛ لأنهم ليسوا أقلَّ أمانة من غيرهم، لكن الذي لا يُنكر أنهم وجدوا أعرافًا مختلفة، فعرَضوها على مُقرَّرات الشريعة؛ فما لم يُعارِضْها قَبِلوه، وما تعارَضَ معها رفضوه، وذلك لا يضرُّ الفقه الإسلامي من قريب ولا من بعيد؛ لأنهم في القبول والرفض قد عرضوا الأمر على الشريعة لا على القانون الروماني.

رابعًا: الثابت أن الرومان لم يطمَعوا في الجزيرة العربية لأسباب كثيرة، وفى التجارة كانت الدولة الرومانية تُحدِّد لهم أماكن لا يَتجاوَزونها، ثم إن العرب لم تكن لهم فلسفات أو علوم حتى يُقارنوه بما لدى الرومان، وأيضًا كان للعرب أسواق أخرى في اليمن والعراق، فلماذا قُصر التأثُّر على القانون الروماني فقط؟!

خامسًا: التشابه بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني لم يكن إلا في الأمور الفِطرية، وهذا شيء طبيعي لا يدلُّ على تأثير ولا تأثُّر؛ لأنه واقع في النُّظُم والإجراءات التي يتوقَّف عليها حفظ المقاصد العامة التي نزلَت بها الشرائع السماوية، ووضعت القوانين الوضعيَّة لحِفظها؛ لأن من شأنها حفظ قواعد العدالة.

هذا، بينما توجد فروق جوهرية بين الشريعة والقانون الروماني، ومن ذلك:
1- الناس في الشريعة الإسلامية أمام الأحكام سواء، ولا تفاضُل إلا بالتقوى، بينما في القانون الروماني الناس طبَقات.

2- في الشريعة الإسلامية تَرتبِط الأحكام الشرعية بالعقيدة والأخلاق والعبادات، أما القانون الروماني، فالعلاقة بين موادِّه وهذه الجوانب مَبتوتة تمامًا؛ ولذلك فإن استعمال الحق في الشريعة الإسلامية مُنضبِط بألا يضرَّ الآخَرين، وأن يكون في حدود ما أباحه الشرع، بينما لا حظر في إساءة الإنسان حقَّه في القانون الروماني.

3- وكذلك الأمر مختلف بين الشريعة والقانون الروماني في نظام التعاقُد ونظام الجرائم والعُقوبات والإرث.

فكيف يزعم زاعم بعد ذلك اقتباس الفقه الإسلامي من القانون الروماني؟!

تأثير الفقه الإسلامي في القوانين الأوربية الحديثة:
من الثوابت أن القوانين الأوربية الحديثة هي التي تأثرت بالفقه الإسلامي، ولكن هناك ما يُشبه الإجماع السكوتي لدى الغربيِّين على إنكار ذلك، وما زال البحث العلمي المتأنِّي المقارِن بين القوانين الأوربية - وبخاصة الفرنسي والإنجليزي - يُثبِت هذا التشابه أو التأثير.

__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:05 PM.