#11
|
||||
|
||||
![]() اللقاء الاخير بين الملك فاروق و اللواء محمد نجيب 26 يوليو 1952 . كان في نيتي أن أكون في وداع فاروق عند مغادرته قصر رأس التين , لكن اذدحام الناس حولي عطل مروري , كما أن سائقي ضل الطريق و توجه الي ميناء خفر السواحل بدلا من أن يتجه الي الميناء الملكي . و لما عدنا الي الطريق الصحيح , كان الملك قد توجه الي المحروسة منذ اربع دقائق , أي في السادسة تماما حسب الانذار . عزف السلام الملكي , و تقدم الملك الي المحروسة ... و أختلطت اصوات المدافع بصوت بكاء الخدم و الحاشية . و سألني علي ماهر :- ماذا ستفعل الآن بعد أن وصلت متأخرا ؟ سأذهب لوداعه علي ظهر المحروسة كما وعدت . و أخذت لنشا حربيا دار بنا دورة كاملة كما تقتضي التقاليد الحربية .... و حذرني زملائي من الصعود علي اليخت , اذ ربما اطلق علي أحد اتباع الملك الرصاص . فقلت :- قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا . و صعدت الي المحروسة , كان الملك ينتظرني . أديت له التحية العسكرية فرد عليها و مضت فترة سكون ... سكون ثقيل كأنه جبل . فمن الصعب انسانيا أن تودع ملك كان يملك الكل و يحكم كل شئ قبل أيام قليلة , و كان من الممكن أن يعتقلني أو ي***ني , أحسست أن هزيمة فاروق كانت قاسية جدا , كان ثمنها انهيار السلطة و النفي بعيدا عن الوطن . كانت مشاعرنا بالتأكيد في هذة اللحظة متناقضة . و مر الصمت الذي كان يسيطر علينا و يحكمنا و يربك أنفسنا و يجعل الكلمات عاجزة عن الحركة علي شفاهنا و قلت له :- أفندم ..... أنت تعرف انني كنت الضابط الوحيد الذي قدم استقالته في عام 1942 . " عندما حاصر الانجليز قصر عابدين بالدبابات و أجبروا الملك فاروق علي تعيين النحاس باشا رئيسا للوزراء كان نجيب يخدم في الحرس الملكي و قدم استقالته لعجزه عن حمايه الملك " قال :- نعم اتذكر قلت :- لقد كنت خجولا للمعاملة التي تلقاها الملك في ذلك الوقت . قال :- أعلم ! قلت :- كنا مخلصين للعرش في عام 1942 , و لكن اشياء كثيرة تغيرت منذ ذلك الوقت . قال :- نعم أعرف ان اشياء كثرة تغيرت . قلت :- أنت تعرف يا أفندم انك السبب فيما فعلناه . و جاءت اجابه فاروق محيرة جدا , و شغلتني طيلة حياتي قال :- أنتم سبقتموني بما فعلتموه , فيما كنت أريد أن أفعله . كنت مندهشا لهذا الرد , و لم أجد شيئا اقوله , قدمت له التحية كما فعل الآخرون و سلمنا بأيدينا علي بعضنا البعض , و قال فاروق :- أرجو أن تعتني بالجيش فهو جيش أبائي و أجدادي . قلت :- أعرف أن الكولونيل سليمان الفرنساوي هو الذي أسسه , و هو الآن في أيدي أمينة . ولاحظ فاروق أن جمال سالم يحمل عصاه و هو يقف أمامه فتوقف عن الحديث و اشار اليه قائلا " أرم عصاك " و حاول جمال سالم أن يعترض لكنني منعته من ذلك , فالقي عصاه و وقف بصورة تنم عن اللامبالاة . و عاد الملك للحديث معي و قال :- أن مهمتك صعبة جدا فليس من السهل حكم مصر . و أنتهي الحوار في احترام و وقار ثم وقف الملك و قال الان يجب أن أمشي . و مشي فاروق دون أن يرجع و عدت الي منزلي و أنا لا أفكر سوي في العبارة الاخيرة التي قالها فاروق " ليس من السهل حكم مصر " ساعتها كنت أتصور أننا سنواجه كل ما نواجهه من صعوبات الحكم باللجوء الي الشعب , لكنني الآن أدرك أن فاروق كان يعني شيئا آخر , لا أتصور أن أحدا من الذين حكموا مصر أدركوه , و هو أن الجماهير التي ترفع حاكم الي سابع سماء , هي التي تنزل به الي سابع ارض , لكن لا أحد يتعلم الدرس ! . الصورة للملك فاروق في بداية حكمه لمصر سنة 1937 . ![]()
__________________
آخر تعديل بواسطة محمد محمود بدر ، 31-01-2018 الساعة 10:25 AM |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مصر, الجميل, الزمن, ايام, صور |
|
|