اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > التاريخ والحضارة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-05-2015, 04:39 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي ابن فضل الله العمري في ردّه على كتاب "الشهب الثاقبة"

ابن فضل الله العمري في ردّه على كتاب "الشهب الثاقبة" (1/3)





د. جاسم العبودي



المقدمة



على الرغم من أن المشارقة ينظرون للأندلسيين بعين صغيرة، أو كما يقول ابن حزم: "لقد قرأت في الإنجيل أن عيسى عليه السلام، قال: لا يفقد النبي حرمته إلا في بلده"[1]، إلا أن ما خلفوه من نثر فني - ولسوء حظهم ضاع جُلُّه - بلغ شأوًا بعيدًا، لا نكاد نجدُ له مثيلاً، باستثناء تراث كتاب العصر العباسي[2].

وإنَّا لسنا بصددِ إثبات ذلك، لكن نُذكِّر بما قاله الحجاري[3] في (المسهب): "الأندلس عراق المغرب عزة أنساب، ورقة آداب، واشتغالاً بفنون العلوم، وافتتانًا في المنثور والمنظوم، وهم أشعر الناس فيما كثره الله تعالى في بلادهم"[4]. وذاك ابن بسام ( ت542/1147) يقول: "فلا يكاد بلد منها [ أي: من الأندلس] يخلو من كاتبٍ ماهرٍ، وشاعرٍ قاهرٍ"، مع "مراصدة أعدائها - كما يقول ابن سعيد - المجاورين لها من خمسمائة سنة ونيف"[5].

ولعل تصنيف الحجاري هذا الذي توارثه مدة 111 سنة (530-641 هـ)[6] ستة من أسرة بني سعيد، تكميلاً وتنقيحًا، حتى نهض بإخراجه بصورة (الـمُغرِب) آخرُهم، لهو إحدى الآثار التي تنوبُ عن ذلك العين، وعنوان خالد يستوطن ذاكرة كل قارئ أو باحث، مُتصدِّرًا قائمة نفائس الأدب الأندلسي.

"آخر حلقة في هذه - كما يقول شوقي ضيف - السلسلة الذهبية": علي بن سعيد[7] (610-685/1213-1286)، لن ينال من هذه الكلمة الكثير، فهي خالصةٌ من دونه لكتابه الضائع (الشهب الثاقبة في الإنصاف بين المشارقة والمغاربة)، أحققه لكي تقرؤه في حروف جلية.

نستميح صاحبنا عذرًا، فإنا لا نرضى التعريف به اجترارًا ، ونشيرُ إلى بعض ما كتبه عنه وعائلته من سبقنا[8]. ولكننا وعدناه بجمع بعض أشلاء هذا الكتاب، ونحن نعرف أن جوانب كثيرة عن الأندلس ما زالت غامضة، وأن أكثر مما نشر سقط من يد الزمان. ومن أجل ذلك يُعـدُّ نشر أيّ نصٍّ جديد لا يخلو من أهميةٍ ملموسةٍ.


1- كتاب (الشهب الثاقبة) والسفر الخامس من مخطوط (مسالك الأبصار)


بالغ المقري كعادته حين ذكر أن ابن سعيد كتب أربعمائة مؤلفًا، ولكن لسوء الحظ لم ينج منها إلا النزر اليسير. وقد أشار جمعٌ من الباحثين المحدثين إلى عدد من هذه المؤلفات. فمثلاً عدَّد له[9] الأبياري 24 كتابًا، وبلغت عند إسماعيل العربي 26 كتابًا، وعند محمد عبد الغني حسن 30 مؤلفًا، ووصلت القائمة إلى 39 كتابًا عند محمد جابر الأنصاري[10]، بما فيها المنسوب إليه.

ولكن هؤلاء وغيرهم لم يدرجوا (الشهب الثاقبة في الإنصاف بين المشارقة والمغاربة)[11] من بين كتبه، ما عدا[12] الأنصاري الذي تعرض له في بضع أسطر نقلاً عن العمري، رغم أنه لم يتناوله في قائمته التي جمع فيها مؤلفات ابن سعيد. أما بروكلمان[13] فقد أشار إلى "تذييل ابن سعيد على رسالة ابن حزم"[14].

دوروتيا كرافولسكي من جانبها، أصابت حين ذكرت أن علاقة العمري "بكتب ابن سعيد تتعدَّى اقتباس بعض الفقرات إلى مسالك الأبصار كله"، ولكنها خلطت في قولها إن "ابن سعيد كتب رسالة في فضل الأندلس قال فيها بتفضيل المغرب على المشرق الإسلامي. وقد اعتبر العمري كتابه نقداً لهذه الفكرة"[15].

أولاً: لأن ابن سعيد - وهي تعلم - له "تذييل على رسالة ابن حزم" المذكور في (نفح الطيب) والذي أشار إليه بروكلمان، ونشره صلاح الدين المنجد[16]، وليس "رسالة".

وثانيًا: لم يكن هذا التذييل في "تفضيل المغرب على المشرق الإسلامي"، وإنما في إبراز فضائل الأندلس. وزعمت في الهامش أن العمري لم يصرح بكتاب ابن سعيد الذي يرد عليه، بينما هو ذكره عدة مرات كما سترى في (رقم 3- موضوع الكتاب وسبب تأليفه).

كما يُفهم من كلامها أنها استبعدت أن يكون ما اقتبسه العمري في كتابه مأخوذًا من التذييل السابق، وهو عين الحقيقة.

يقول المقري في مقدمة هذا (التذييل): "وقال ابن سعيد، بعد ذكره هذه الرسالة ما صورته: "ترى في أي كتاب ذكر ابن سعيد الرسالة والتذييل؟ أفي (المغرب) أم في (الشهب الثاقبة)؟!

إن موضوع (الرسالة والتذييل) - بلا شك - هو في المفاضلة وإبراز مفاخر أهل الأندلس، وهذا ما يُقوِّي معنويات ترجيحنا على أنه ذكرهما في كتابه (الشهب الثاقبة).

نكتفي هنا بإشارتين تسلِّطان الضوء على هذا الكتاب؛ الأولى لابن فضل الله العمري، والثانية للمقري.

وشهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله العُمَرِيّ، ولد في دمشق سنة 700/1301، ونشأ وتعلم في مصر، وتولى مناصب مهمة في القاهرة ودمشق، ومات في الأخيرة عام 749/1349. وهو صاحب (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار)، حيث يعتبر "من أهم ما وصل إلينا من التراث العربي والإسلامي من القرن الثامن الهجري"[17].

ولولا ما قام به فؤاد سزكين مع زملائه بنشره في طبعة تصويرية عن المخطوطات، لما أطلعنا عليه بهذه السهولة، وإن كان دون تحقيق[18]؛ فهو عمل مبارك يحفظ هذه الكنوز من الضياع، ويمنحنا فرصًا مجانية للإطلاع على ما كان مُتعذِّرًا منها الوصول إليه أو تحقيقه[19].

وقد أشار فؤاد سزكين بإيجاز في مقدمة السفر الأول إلى أهمية هذه الموسوعة، وأهم مخطوطات الكتاب في العالم، وما نشر منه.

وتطرَّقَت كرافولسكي في بحثٍ جادٍّ[20] إلى بيان مخطوطاته المودعة في المكتبات؛ وهي غير ما ذكره سزكين، وأولى جهود المهتمين بالدراسات الشرقية والمغرمين به، وما حقِّق منه أو تُرجم أو نشر.

كما أسعفني مشكورًا مركزُ الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في رسالته المؤرخة في 1/6/1421 هـ بقائمة ببليوغرافية عن العمري[21].

وقد حفظ لنا ابنُ فضل الله القسم الأكبر من كتاب (الشهب الثاقبة في الإنصاف بين المشارقة والمغاربة)، عن طريق رده عليه في السفر الخامس من (مسالك الأبصار)، على الصفحات 2-73. وهو تصوير عن مخطوطة آيا صوفيا، رقم 3418، في مكتبة السليمانية - إستانبول.

على ظهر المجلد الأول من هذه المخطوطة ملاحظة قيمة - على الرغم من بياض وقع في وسطها فأفقد هذه المصورة كثيرًا من المعلومات - تفيد أن خطبة الكتاب قد قُرِئَت على المؤلف: "... فقد قُرِئَت جميع خطبة هذا الكتاب؛ بل البحر العُباب، على مؤلفه وجامعه الشيخ أبي العباس أحمد ... بن فضل الله العمري"[22].

ومما يلفت النظر أيضًا، في الجهة اليسرى العليا من السفر الخامس تمليك يرد فيه اسم أحمد بن اينال العلائي الدواداري الحنفي (المولود في 837/1433-1434)، وفي الجهة اليمنى السفلى منه ترد عبارة: "أحمد بن علي المقريزي سنة 831 هـ". وهذا مما يدل أن المقريزي ( 766-845/1364-1442) طالعه، وكتب على هوامشه بعض الملاحظات بخطه. ولهذا اخترت هذه الورقة أن تكون الغلاف الخارجي للكتاب.

ثم انتقلت هذه السلسلة بطريق الوقف إلى مكتبة آيا صوفيا في القرن الثامن عشر الميلادي، حيث وقفها عليها السلطان محمود خان (1730-1754م)؛ مؤسس هذه المكتبة، كما هو واضح من نص الوقف على ظهر السفر الخامس: "قد وقف هذه النسخة الجليلة ... السلطان محمود خان".

وقد اكتفينا بهذه السلسة، لصعوبة الوصول للنسخ الأخرى، ولأنها هي النسخة "الأم" كما أكدت ذلك دوروتيا كرافولسكي[23].

ولم يقتصر الأمر في نسخة آيا صوفيا على تضمينها "مجلدات" مكتوبة بخط مختلف، كما ذهب إلى ذلك هوروبيتز horovitz في مقالته[24] المنشورة عام 1907، وإنما حدث أيضا في السفر الواحد، كما في سفرنا الخامس هذا، فالخط في الأوراق 69-74 مختلف عما سبقها وضعيف جدًّا.

وقد شرع العمري في تأليف موسوعته هذه سنة 738/1338، كما ذكر ذلك عَرَضًا في الجزء السابع منها، وانتهى من تأليفه لها عام 744/1344.
يتبع
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:25 AM.