|
#11
|
||||
|
||||
|
حقوق الله على العباد لله سبحانه على عبده أمرأم رهبه،وقضاء يقضيه عليه،ونعمة ينعم بها عليه فلاينفك من هذه الثلاثة. والقضاء نوعان: اما مصائب واما معائب. وله عليه عبودية في هذه المراتب كلها، فأحب الخلق اليه من عرف عبوديته في هذه المراتب ووفاها حقها،فهذا أقرب الخلق اليه. وأبعدهم منه من جهل عبوديته في هذه المراتب فعطلها علما وعملا. فعبوديته في الأمر امتثاله اخلاصا واقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي النهي اجتنابه خوفا منه واجلالا ومحبة،وعبوديته في قضاء المصائب والصبرعليها ثم الرضا بها وهو أعلى منه،ثم الشكرعليها وهوأعلى من الرضا،وهذا انما يتأتى منه اذا تمكن حبه من قلبه وعلم حسن اختياره له وبره ولطفه به واحسانه اليه بالمصيبة وانكره منها والتبرأ والوقوف في مقام الاعتذار والانكسار،عالما بأنه لايرفعها الاهو،ولايقيه شرها سواه،وأنها ان استمرت أبعدته من قربه،وطردته من بابه،فيراه امنا لضرالذي لايكشفه غيره،حتى انه ليراها أعظم من ضرالبدن. فهوعائذ برضاه من سخطه،وبعفوه من عقوبته،وبه منه مستجير،وملتجىء منه اليه،يعلم أنه اذا تخلى عنه وخلى بينه وبين نفسه فعنده أمثالها وشرمنها،وأنه لاسبيل له الى الاقلاع والتوبة الا بتوفيقه واعانته،وأن ذلك بيده سبحانه لابيد العبد،فهوأعجز وأضعف وأقل من أن يوفق نفسه أ،يرضى بمرضاة سيده بدون اذنه ومشيئته واعانته،فهوملتجىء اليه، متضرع ذليل مسكين،ملق نفسه بين يديه،طريح ببابه،مستخذله،أذل شيء وأكسره له، وأفقره وأحوجه اليه،وأرغبه فيه،وأحبه له،بدنه متصرف في أشغاله،وقلبه ساجد بين يديه، يعلم يقينا أنه لاخيرفيه ولاله ولابه ولامنه،وأن الخيركله لله وفي يديه وبه ومنه،فهو ولي نعمته،ومبتدئه بها من غيراستحقاق،ومجريها عليه معتمقته اليه باعراضه وغفلته ومعصيته،فحظه سبحانه الحمد والشكر والثناء ،وحظ العبد الذم والنقص والعيب،قد استأثر بالمحامد والمدح والثناء، وولى العبد الملامة والنقائص والعيوب، فالحمد كله له والخير كله في يديه، والفضل كله له والثناء كله له والمنة كلها له،فمنه الاحسان،ومن العبد الاساءة، ومنه التودد الى العبد بنعمه، ومن العبد التبغض اليه بمعاصيه، ومنه النصح لعبده،ومن العبد الغش له في معاملته. وأما عبودية النعم فمعرفتها والاعتراف بها أولا،ثم العياذ به أن يقع في قلبه نسبتها واضافتها الى سواه. وان كان سببا من الأسباب فهومسببه ومقيمه، فالنعمة منه وحده بكل وجه اعتبار، ثم الثناء بها عليه ومحبته عليها وشكره بأن يستعملها في طاعته. ومن لطائف التعبد بالنعم أن يستكثر قليلها عليه،ويستقل كثير شكره عليها، ويعلم أنها وصلت اليه من سيده من غير ثمن بذله فيها، ولا وسيلة منه توسل بها اليه،ولااستحقاق منه لها،وأنها في الحقيقة لله لا للعبد، فلا تزيده النعم الا انكسار اوذلال وتواضعا ومحبة للمنعم. وكلما جدد له نعمة أحدث لها عبودية ومحبة وخضوعا وذلا، كلما أحدث له قبضا أحدث له رضى، وكلما أحدث ذنبا أحدث له توبة وانكساراواعتذارا. فهذا هوالعبدالكيّس والعاجز بمعزل عن ذلك،وبالله التوفيق |
| العلامات المرجعية |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|