|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#33
|
||||
|
||||
![]() الذكر بعد الصلاة سئل عن حديث عقبة بن عامر أمرني رسول الله بالمعوذات وَسُئِلَ رَحمه الله عن حديث عقبة بن عامر، قال: (أمرني رسول الله ![]() ![]() فأجاب: الحمد للَّه رب العالمين، الأحاديث المعروفة في الصحاح والسنن والمساند تدل على أن النبي ![]() ![]() ففي الصحيح أنه كان قبل أن ينصرف يستغفر ثلاثًا، ويقول: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام). وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة أنه كان يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد). وفي الصحيح من حديث ابن الزبير أن النبي ![]() ![]() والأذكار التي كان النبي ![]() أحدها: أنه يسبح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبر ثلاثًا وثلاثين. فتلك تسع وتسعون ويقول تمام المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). رواه مسلم في صحيحه. والثاني: يقولها خمسًا وعشرين، ويضم إليها (لا إله إلا الله) وقد رواه مسلم. والثالث: يقول: الثلاثة ثلاثًا وثلاثين، وهذا على وجهين: أحدهما: أن يقول كل واحدة ثلاثًا وثلاثين. والثاني: أن يقول كل واحدة إحدي عشرة مرة، والثلاث والثلاثون في الحديث المتفق عليه في الصحيحين. والخامس: يكبر أربعًا وثلاثين ليتم مائة. والسادس: يقول: الثلاثة عشرًا عشرًا. فهذا هو الذي مضت به سنة رسول الله ![]() وأما الذكر بعد الانصراف، فكما قالت عائشة رضي الله عنها: هو مثل مسح المرآة بعد صقالها، فإن الصلاة نور، فهي تصقل القلب كما تصقل المرآة، ثم الذكر بعد ذلك بمنزلة مسح المرآة، وقد قال الله تعالى: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وإلى رَبِّكَ فَارْغَبْ } [241]، قيل: إذا فرغت من أشغال الدنيا فانصب في العبادة، وإلى ربك فارغب. وهذا أشهر القولين. وخرج شريح القاضي على قوم من الحاكة يوم عيد وهم يلعبون فقال: ما لكم تلعبون؟ قالوا: إنا تفرغنا، قال: أو بهذا أمر الفارغ؟ وتلا قوله تعالى: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وإلى رَبِّكَ فَارْغَبْ } . ويناسب هذا قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا } إلي قوله: { إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا } [242]، أي ذهابًا ومجيئًا، وبالليل تكون فارغا. وناشئة الليل في أصح القولين: إنما تكون بعد النوم، يقال: نشأ إذا قام بعد النوم؛ فإذا قام بعد النوم، كانت مواطأة قلبه للسانه أشد لعدم ما يشغل القلب، وزوال أثر حركة النهار بالنوم، وكان قوله: { وَأَقْوَمُ } . وقد قيل: { فَإِذَا فَرَغْتَ } من الصلاة، { فَانصَبْ } في الدعاء، { وإلى رَبِّكَ فَارْغَبْ } وهذا القول سواء كان صحيحًا أو لم يكن، فإنه يمنع الدعاء في آخر الصلاة، لاسيما والنبي ![]() ودعاؤه في الصلاة المنقول عنه في الصحاح وغيرها، إنما كان قبل الخروج من الصلاة. وقد قال لأصحابه في الحديث الصحيح: (إذا تشهد أحدكم، فليستعذ باللَّه من أربع؛ يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال). وفي حديث ابن مسعود الصحيح لما ذكر التشهد قال: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه)، وقد روت عائشة وغيرها دعاءه في صلاته بالليل، وأنه كان قبل الخروج من الصلاة. فقول من قال: إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء، يشبه قول من قال في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد: فإذا فعلت ذلك، فقد قضيت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد. وهذه الزيادة سواء كانت من كلام النبي ![]() يوضح ذلك أنه لا نزاع بين المسلمين أن الصلاة يدعي فيها، كما كان النبي ![]() وثبت عنه في الصحيح أنه كان يدعو إذا رفع رأسه من الركوع، وثبت عنه الدعاء في الركوع والسجود، سواء كان في النفل أو في الفرض، وتواتر عنه الدعاء آخر الصلاة. وفي الصحيحين أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله، علِّمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال: (قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) فإذا كان الدعاء مشروعا في الصلاة لاسيما في آخرها، فكيف يقول: إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء، والذي فرغ منه هو نظير الذي أمر به، فهو في الصلاة كان ناصبا في الدعاء، لا فارغا. ثم إنه لم يقل مسلم: إن الدعاء بعد الخروج من الصلاة يكون أوكد وأقوي منه في الصلاة، ثم لو كان قوله: { فَانصَبْ } في الدعاء، لم يحتج إلى قوله: { وإلى رَبِّكَ فَارْغَبْ } ؛ فإنه قد علم أن الدعاء إنما يكون للَّه. فعلم أنه أمره بشيئين: أن يجتهد في العبادة عند فراغه من أشغاله، وأن تكون رغبته إلى ربه لا إلى غيره كما في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فقوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }، موافق لقوله: { فَانصَبْ } . وقوله: { وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }، موافق لقوله: { وإلى رَبِّكَ فَارْغَبْ } ، ومثله قوله: { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [243]، وقوله: { هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } [244]، وقول شعيب عليه السلام: { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [245]، ومنه الذي يروي عند دخول المسجد: (اللهم اجعلني من أوجه من توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأفضل من سألك ورغب إليك)، والأثر الآخر: وإليك الرغباء والعمل، وذلك أن دعاء الله المذكور في القرآن نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة ورغبة، فقوله: { فَانصَبْ وإلى رَبِّكَ فَارْغَبْ } ، يجمع نوعي دعاء الله، قال تعالى: { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا } [246]، وقال تعالى: { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ } الآية [247]، ونظائره كثيرة. وأما لفظ دبر الصلاة، فقد يراد به آخر جزء منه، وقد يراد به ما يلي آخر جزء منه. كما في دبر الإنسان، فإنه آخر جزء منه، ومثله لفظ العقب قد يراد به الجزء المؤخر من الشيء، كعقب الإنسان، وقد يراد به ما يلي ذلك. فالدعاء المذكور في دبر الصلاة إما أن يراد به آخر جزء منها ليوافق بقية الأحاديث، أو يراد به ما يلي آخرها، ويكون ذلك ما بعد التشهد كما سمي ذلك قضاء للصلاة وفراغا منها حيث لم يبق إلا السلام المنافي للصلاة، بحيث لو فعله عمدًا في الصلاة بطلت صلاته، ولا تبطل سائر الأذكار المشروعة في الصلاة، أو يكون مطلقا أو مجملا. وبكل حال، فلا يجوز أن يخص به ما بعد السلام؛ لأن عامة الأدعية المأثورة كانت قبل ذلك، ولا يجوز أن يشرع سنة بلفظ مجمل يخالف السنة المتواترة بالألفاظ الصريحة. والناس لهم في هذه فيما بعد السلام ثلاثة أحوال: منهم من لا يرى قعود الإمام مستقبل المأموم لا بذكر ولا دعاء ولا غير ذلك، وحجتهم ما يروي عن السلف أنهم كانوا يكرهون للإمام أن يستديم استقبال القبلة بعد السلام، فظنوا أن ذلك يوجب قيامه من مكانه، ولم يعلموا أن انصرافه مستقبل المأمومين بوجهه كما كان النبي ![]() ومنهم من يرى دعاء الإمام والمأموم بعد السلام، ثم منهم من يرى ذلك في الصلوات الخمس، ومنهم من يراه في صلاة الفجر والعصر، كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب الشافعي وأحمد، وغيرهم، وليس مع هؤلاء بذلك سنة، وإنما غايتهم التمسك بلفظ مجمل، أو بقياس، كقول بعضهم: ما بعد الفجر والعصر ليس بوقت صلاة، فيستحب فيه الدعاء. ومن المعلوم أن ما تقدمت به سنة رسول الله ![]() وأما قول عقبة بن عامر: أمرني رسول الله ![]() وأما حديث أبي أمامة: قيل: يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: (جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبة)، فهذا يجب ألا يخص ما بعد السلام، بل لابد أن يتناول ما قبل السلام. وإن قيل: أنه يعم ما قبل السلام وما بعده، لكن ذلك لا يستلزم أن يكون دعاء الإمام والمأموم جميعًا بعد السلام سنة، كما لا يلزم مثل ذلك قبل السلام، بل إذا دعا كل واحد وحده بعد السلام، فهذا لا يخالف السنة. وكذلك قوله ![]() ![]() ومما يوضح ذلك ما في الصحيح عن البراء بن عازب قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله ![]() ![]() وفيه: أنه كان يستقبل المأمومين، وأنه لا يدعو بصيغة الجمع، وقد ذكر حديث معاذ بعض من صنف في الأحكام: في الأدعية في الصلاة قبل السلام، موافقة لسائر الأحاديث، كما في مسلم، والسنن الثلاثة، عن أبي هريرة أن النبي ![]() وفي مسلم وغيره عن ابن عباس: أن رسول الله ![]() وفي السنن أنه قال رسول الله ![]() ![]() ![]() وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي ![]() قال المصنف في الأحكام: والظاهر أن هذا يدل على أنه كان بعد التشهد. يدل عليه حديث ابن عباس أن النبي ![]() ![]() وفي النسائي عن أبي بكرة أن النبي ![]() ![]() قال المصنف في الأحكام: والظاهر أن المراد بدبر الصلاة في الأحاديث الثلاثة قبل السلام توفيقًا بينه وبين ما تقدم من حديث ابن عباس، وأبي هريرة. قلت: وهذا الذي قاله صحيح، فإن هذا الحديث في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله ![]() ![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|