#11
|
||||
|
||||
![]() أشجار الجنة وثمارها المطلب الأول أشجارها وثمارها كثيرة متنوعة دائمة وهذا الذي ذكره القرآن من أشجار الجنان شيء قليل مما تحويه تلك الجنان ، ولذا قال الحق : ( فيهما من كل فاكهة زوجان ) [الرحمن: 52]، ولكثرتها فإن أهلها يدعون منها بما يريدون، ويتخيرون منها ما يشتهون ( يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب ) [ص:51]، ( وفاكهة مما يتخيرون ) [ الواقعة:20]، ( إن المتقين في ظلال وعيون* وفواكه مما يشتهون ) [ المرسلات:41-42]، وبالجملة فإن في الجنة من أنواع الثمار والنعيم كل ما تشتهيه النفوس وتلذه العيون ( يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) [ الزخرف:71]. وقال ابن كثير كلاماً لطيفاً دلل فيه على عظيم ثمار الجنة ، إذ استنتج أن الله نبه بالقليل على الكثير ، والهين على العظيم عندما ذكر السدر والطلح ، قال: " وإذا كان السدر الذي في الدنيا لا يثمر إلا ثمرة ضعيفة وهو النبق، وشوكه كثير، والطلح الذي لا يراد منه في الدنيا إلا الظل ، يكونان في الجنة في غاية من كثرة الثمار وحسنها، حتى إن الثمرة الواحدة منها تتفتق عن سبعين نوعاً من الطعوم، والألوان، التي يشبه بعضها بعضاً ، فما ظنك بثمار الأشجار، التي تكون في الدنيا حسنة الثمار ، كالتفاح، والنخل ، والعنب ، وغير ذلك؟ وما ظنك بأنواع الرياحين، والأزاهير؟ وبالجملة فإن فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر، نسأل الله منها من فضله ". (1) وأشجار الجنة دائمة العطاء ،فهي ليست كأشجار الدنيا تعطي في وقت دون وقت ، وفصل دون فصل، بل هي دائمة الإثمار والظلال (مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها ) [ الرعد: 35] ( وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة ) [الواقعة:32-33].أي دائمة مستمرة ، وهي مع دوامها لا يمنع عنها أهل الجنة . ومن لطائف ما يجده أهل الجنة عندما تأتيهم ثمارها أنهم يجدونها تتشابه في المظهر، ولكنها تختلف في المخبر، ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا به من قبل وأتوا به متشابهاً ) [ البقرة:25]. وأشجار الجنة ذات فروع وأغصان باسقة نامية ( ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * ذواتا أفنان ) [ الرحمن:46-48]، وهي شديدة الخضرة : ( ومن دونهما جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان* مدهامتان ) [ الرحمن :62-64]، ولا توصف الجنة بأنها مدهامة إلا إذا كانت أشجارها مائلة إلى السواد من شدة خضرتها، واشتباك أشجارها. أما ثمار تلك الأشجار فإنها قريبة دانية مذللة ينالها أهل الجنة بيسر وسهولة ، ( متكئين على فرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان ) [الرحمن:54]، ( وذللت قطوفها تذليلاً ) [الإنسان:14]. أما ظلها فكما قال تعالى: ( وندخلهم ظلاً ظليلاً ) [النساء:57]، و ( وظل ممدود ) [الواقعة:30]، ( إن المتقين في ظلال وعيون ) [المرسلات:41]. المطلب الثاني وصف بعض شجر الجنة 1- الشجرة التي يسير الراكب في ظلها مائة عام : هذه شجرة هائلة لا يقدر قدرها إلا الذي خلقها ، وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - عظم هذه الشجرة بأن أخبر أن الراكب لفرس من الخيل التي تعد للسباق يحتاج إلى مائة عام حتى يقطعها إذا سار بأقصى ما يمكنه ، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " إن في الجنة لشجرة (2) يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام وما يقطعها ". (3) وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة ، واقرؤوا إن شئتم : ( وظل ممدود ) [الواقعة : 30] ". (4) ورواه مسلم عن أبي هريرة وسهل بن سعد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال :" إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها ". (5) 2- سدرة المنتهى : وهذه الشجرة ذكرها الحق في محكم التنزيل ، وأخبر الحق أن رسولنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها عندها ، وأن هذه الشجرة عند جنة المأوى ، كما أعلمنا أنه قد غشيها ما غشيها مما لا يعلمه إلا الله عندما رآها الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( ولقد رآها نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى* ما زاغ البصر وما طغى ) [النجم:13-17]. وقد أخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الشجرة بشيء مما رآه " ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة. قال: (أي جبريل) هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار،نهران باطنان، ونهران ظاهران، قلت : ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات ". رواه البخاري ومسلم. (6) وفي الصحيحين أيضاً: " ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، ونبقها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة، تكاد الورقة تغطي هذه الأمة ، فغشيها ألوان لا أدري ما هي ، ثم أدخلت الجنة ،فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك ". (7) 3- شجرة طوبى : وهذه شجرة عظيمة كبيرة تصنع ثياب أهل الجنة ، ففي مسند أحمد، وتفسير ابن جرير ،وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " طوبى شجرة في الجنة ، مسيرة مائة عام ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها ". (8) وقد دل على أن ثياب أهل الجنة تشقق عنها ثمار الجنة – الحديث الذي يرويه أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ، أخبرنا عن ثياب أهل الجنة خلقاً تخلق ، أمن نسجاً تنسج؟ فضحك بعض القوم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" ومم تضحكون ، من جاهل سأل عالماً؟ ثم أكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: أين السائل؟ قال : هو ذا أنا يا رسول الله ، قال: " لا بل تشقق عنها ثمر الجنة ، ثلاث مرات ". (9) المطلب الثالث سيد ريحان الجنة المطلب الرابع سيقان أشجار الجنة من ذهب المطلب الخامس كيف يكثر المؤمن حظه من أشجار الجنة ؟ -------------------------------- (1) النهاية لابن كثير: (2/262) . (2) في صحيح مسلم : شجرة . (3) رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة ، فتح الباري : (11/416)، ورواه مسلم في كتاب الجنة باب إن في الجنة شجرة: (2/2176)، ورقم الحديث:2828 . (4) رواه البخاري في كتاب بدء الخلق ، باب ما جاء في صفة الجنة ، فتح الباري : (6/319) . (5) رواه مسلم في كتاب الجنة ، باب إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام (2/2175) ، ورقم الحديث : 2826 ، 2827 . (6) صحيح الجامع الصغير: (3/18)، ورقمة:2861، وعزاه إلى البخاري ومسلم وأحمد والترمذي. (7) صحيح الجامع الصغير: (4/82)، وعزاه إلى البخاري ومسلم ورقمه: 4075 . (8) سلسلة الأحاديث الصحيحة: (4/639)، ورقم الحديث : 1985، والحديث إسناده حسن. (9) المصدر السابق : (4/640). (10) سلسلة الأحاديث الصحيحة: (3/407)، ورقمه: 1420 . (11) صحيح الجامع الصغير: (5/150)، قال ابن كثير في النهاية: (2/254)،رواه الترمذي:وقال: حسن صحيح. (12) صحيح الجامع الصغير: (5/34) ، ورقم الحديث : 5028. |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|