#5
|
|||
|
|||
![]() رحلة الطعام الذي نتناوله داخل أجسامنا ![]() إن الطاقة اللاّزمة لأجسامنا نوفرها عن طريق ما نتناوله من مأكل ومشرب، فالمقرونة أو اللحم أو الموز الذي نتناوله ينبغي هضمه أولاً كي يصبح صالحا للاستخدام. فالمواد الغذائية المهضومة تغدو صالحة للاستخدام من قبل خلايا الجسم. فالسّكر الموجود في التفاح أو الموز الذي نتناوله يوفر الطاقة لخلايانا. والزلال الموجود في اللحم يوفر المواد اللازمة لنمو أجسامنا. ولكي نستوعب أفضل ما نقول، ينبغي الرجوع قليلا إلىالماضي. أي إلى أيام الطفولة، بل إلى أيام الولادة الأولى، فعندما يولد الانسان يكون وزنه 2-3 كغ تقريبا. وعندما يبلغ العاشرة من عمره يصبح وزنه 30 – 35 كغ ويصبح وزنه 40 – 50 كغ في الخامسة عشرة من عمره. أما عند بلوغه السن 20- 25 عاما يصبح وزنه 50 – 60 كغ. ![]() ![]() والفرق الشاسع بين هذه الأوزان نابع من إضافة محتويات الأغذية التي نتناولها إلى محتويات الجسم. ولكن جزءا من الأغذية ضروري لتوفير الطاقة لنا. وهي الطاقة التي نستخدمها خلال الحركة كركوب الدراجة أو الجري. والجزء الآخر يتم استخدامه لنمو الجسم حيث يضاف إلى اللحم والعظم. أما الجزء الذي لا يلزم الجسم فيتم طرحه إلى الخارج. وجميع هذه العمليات تجري داخل الجهاز الهضمي. وتتولى أعضاء مثل المعدة و الأمعاء والبنكرياس وظائف هامة في هذا الجهاز. وعمل هذا الجهاز يشبه مصافي النفط. فالنفط الخام يتم تكريره في هذه المصافي ليتم تجزيئه إلى مواد صالحة للاستخدام. وكذلك المواد الغذائية التي نتناولها، فهي تدخل المعدة على شكل مواد خام ومن ثم تجري عليها بعض الفعاليات الحيوية كي تصبح صالحة للاستخدام الجسمي، فالمواد الغذائية المهضومة في كل من المعدة والأمعاء تغدو صالحة للاستخدام من قبل خلايا الجسم حيث تنتقل عبر جهاز الدوران إلى كافة أنحاء الجسم. ![]() فمثلما يصبح النفط الخام في مصافيه مجزأ إلى مواد ومُنتجات عديدة، كذلك الغذاء الذي نتناوله يصبح في الجهاز الهضمي مجزأ إلى سكر وكاربوهيدرات ودهن ليصبح ملائما للاستخدام الجسمي. وينبغي أن لا ننسى هنا بأن ما يجري على شطيرة تناولناها في معدتنا يختلف في تفاصيله عما يجري للنفط في مصافيه، وهي تفاصيل كثيرة جدا داخل حيز محدود عوضا عن مصانع عملاقة. ![]() ويبلغ طول الطريق الذي تحدث خلاله عملية الهضم عشرة أمتار، وهو ما يعادل ستة إلى سبعة أضعاف طول الأسنان. واحتواء أجسامنا على مثل هذا الجهاز الطويل يعتبر أمرا خارقا بحد ذاته. تُرى كيف يمكن وجود مثل هذا الجهاز الطويل داخل أبداننا؟ والجواب يكمن في معجزة خلق جسم الإنسان بهذا الشكل البديع. والصورة في الصفحة المقابلة توضح رسما تخطيطيا للقناة الهضمية وتشغل حيزا صغيرا بالرغم من طولها نظرا لالتواءاتها الكثيرة داخل الجسم. ولا شك أن مثل هذا التصميم هو تصميم رائع حدث بقدرة الله عز وجل، وهو مثال بسيط لآيات القدرة الإلهية الموجودة في أجسامنا. هل تعلمون لماذا تختلف أسناننا عن بعضها البعض من ناحية الشكل؟ ![]() والجواب أن ذلك يحدث بسبب اختلاف وظائفها عن بعضها البعض. فالأسنان الأمامية حادة لأنها تستخدم في القضم، كقضم التفاح. ولكن ماذا كان يحصل لو كانت الأنياب محل القواطع الأمامية؟ في هذه الحالة سوف يستحيل قضم التفاح. والشيء نفسه يُذكر لو كانت القواطع في الصفوف الخلفية للأسنان فيستحيل عندئذ مضغ الطعام. فالأسنان مثلها مثل باقي أجزاء جسمنا رتبت على أحسن صورة، وكل ذلك بفعل قدرة الله عز وجل العليم القدير. البكتيريا المفيدة الموجودة في مؤخرة اللسان ![]() تعرف البكتيريا عموما على أنها مخلوقات ضارة. وينبغي الاهتمام بنظافة الجسم والمسكن كي نقي أنفسنا الإصابة بهذه الأضرار. غير أن العلماء اكتشفوا في السنوات الأخيرة وجود بكتيريا مفيدة للأنسان موجودة في جسمه عند مؤخرة اللسان. نعم في مؤخرة لسانه، وهذه البكتيريا تقوم بالقضاء على الجراثيم الضارة في المعدة. ومن الطبيعي ألا تكون عملية قتل هذه الجراثيم عملية سهلة. فمن أجل تحقيقها ينبغي حدوث خطوات تدريجية متسلسلة. فعلى سبيل المثال تقوم هذه البكتريا بتحويل النترات الموجودة في الأغذية الخضراء إلى مادة النتريت خلف اللسان. ومن ثم يتفاعل اللعاب الموجود في الفم مع النتريت لينتج مادة قاتلة للجراثيم. وهكذا تتولد هذه المادة بفعل البكتيريا الموجودة خلف اللسان. وكما نعلم فإن الجراثيم تتسبب في حدوث الأمراض المختلفة في أجسامنا، وهنا يأتي دور بكتيريا خلف اللسان في القضاء على جزء كبير من هذه الجراثيم. وتعتبر هذه البكتريا المفيدة آية من آيات رحمة الله بعباده ورأفته بهم ونعمة من نعمه التي لا تحصى. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) النحل: 18 كيف تهضم المعدة ما تناولناه من الطعام؟ ![]() ![]() لقد ذكرنا شيئا مختصرا عن الجهاز الهضمي في السطور السابقة. أما الآن فسنحاول أن نتناوله بشيء من التفصيل. ولنفكر مليا فيما نفعله يوميا من تنفس وحركة وتناول للطعام. فنحن نادرا ما نسأل أنفسنا عن كيفية حدوث ما نمارسه من نشاط يومي. فأجسامنا بحاجة دائمة إلى الطاقة. وكما ذكرنا في الصفحات السابقة، فهذه الطاقة اللازمة يتم توفيرها من خلال الأغذية التي نتناولها. أما المواد الغذائية اللازمة للجسم فينبغي أن تكون صغيرة كي تستطيع الحركة عبر الدم. و إلا فإنها تعجز عن الدخول إلى خلايا الجسم المختلفة، ولكن المواد الغذائية التي نتناولها كبيرة الحجم. إذن، فهناك حاجة ملحة لجهاز يقطع الغذاء ويحوله إلى أجزاء صغيرة جدا قابلة للامتصاص من قبل الجسم. ويمكننا أن نسمي هذا الجهاز بمطحنة أو مسحقة تقوم بطحن الطعام لتفتيته إلى أجزاء صغيرة جدا. ![]() ![]() وهذا الجهاز الموجود في أجسامنا يسمى الجهاز الهضمي. وهو يتألف، مثل باقي المكائن الآلية من عدة أعضاء تعمل بدون خلل بالتكامل فيما بينها. والنتيجة هي هضم المواد الغذائية هضما صحيحا. وأهم شيء هنا هو كون أعضاء الجهاز الهضمي متلائمة مع بعضها البعض وموجودة ضن حيز مشترك في الجهاز، وإلاّ فإنه يفشل في أداء وظيفته. ![]() ولنتمعن معا في المثال الآتي لتوضيح أهمية وجود الأعضاء في حيز مشترك وتكاملها فيما بينها. فلنفترض أن هناك سيارة تعمل بالتحكم عن بعد وتتألف من العجلات وجهاز التحكم عن بعد والبطارية والعجلات المسننة والمحولات والهوائي وقطع كثيرة غيرها. وكذلك فالجهاز الهضمي يتألف من أجزاء عديدة مثل المعدة والمريء والأسنان واللسان والأمعاء. ولنسأل أنفسنا هل يمكن للسيارة التي ذكرناها سابقا أن تتحرك بدون العجلات أو جهاز التحكم عن بعد؟ بالطبع لا، لأنها لا تستطيع أن تتحرك إلا بوجود جميع أجزائها دفعة واحدة، والأمر نفسه بالنسبة إلى الجهاز الهضمي. فبدون وجود المريء لا يفيد وجود المعدة شيئا لأن المريء هو الذي يوصل الطعام إلى المعدة، وبدون وجود المعدة لا يفيد وجود الأمعاء شيئا لأنها هي التي تتولى هضم الطعام الذي يُوزع عبر الأمعاء إلى الجسم. وتشير هذه الحقيقة إلى إلى أن الله عز وجل الذي خلق كل شيء خلق لنا جهازا للهضم خارق التكوين والوظائف، وتشير أيضا إلى عدم وجود إله غير الله سبحانه وتعالى، يقول تعالى: (إِنَّمَا إِلَهُكُمْ الله الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) طه: 98 وبدأ الجهاز الهضمي في العمل... يبدأ هضم المواد الغذائية في الفم أولا حيث تتم تجزأة الكاربوهيدرات الموجودة في الطعام بواسطة لعاب الفم، وعلى سبيل المثال يتم هضم الخبز الذي نتناوله في الفطور الصباحي هضما أوليا في الفم، أما الجبن الذي نتناوله مع الخبز فيستغرق وقتا أطول في الهضم. ![]() وتنتقل المواد الغذائية المهضومة هضما أوليا في الفم إلى المعدة عبر المريء. وعند بلوغها المعدة تُواجه وسطا خارقا آخر. فهذه المواد يتم هضمها في المعدة بفعل سائل ذي خاصية هضمية مدهشة. وكما تعلمون فإن الحوامض ذات خواص تفتيتية كبيرة. فهي تحرق السطح الذي تلامسه. والمواد التي تستخدمها أمك لفتح المجاري لمغسلة البيت تحتوي على مواد حمضية، وهي المواد التي تذيب وتفتت التراكمات الخانقة للمجاري. والسائل الحامض في المعدة هو الذي يتولى تحويل المواد الغذائية الكبيرة إلى أجزاء صغيرة جدا. إلا أن هناك نقطة مهمة جدا ينبغي الوقوف عندها. فقد ذكرنا أن هذا السائل الحمضي يؤثر بقوة على الطعام ويحوله إلى أجزاء صغيرة جدا. ولكن كيف لا يؤثر على المعدة نفسها، وهي عبارة عن قطعة لحم أيضا؟ فكروا مثلا في اللحوم التي نتناولها، لماذا يؤثر السائل الحامضي عليها دون أن يؤثر على المعدة نفسها؟ وهنا تبرز أمامنا المعجزة الإلهية في الخلق و الإبداع. فقد جعل الله تعالى في معدتنا ما يحميها من أثر هذا السائل الحمضي. ![]() وتتمثل هذه الحماية في إفراز طبقة من مادة مخاطية تمنع تأثير حامض الهيدروكلوريك على المعدة خلال الهضم. وتغلف هذه المادة المخاطية بطانة المعدة بشكل كامل. وبذلك تمنع اتصال الحامض مع البطانة، وبالتالي تمنع هضم المعدة نفسها. ![]() ![]() أما المحطة الثانية للمواد الغذائية فهي الأمعاء، وهي تنقسم إلى قسمين أحدهما دقيق، والآخر غليظ. وتتجزأ المواد الغذائية داخل الأمعاء إلى أجزاء أصغر مما في المعدة. وبالتالي تصبح جاهزة للاستخدام من قبل خلايا الجسم. وتمتص المواد القابلة للاستخدام من قبل بطانة الأمعاء. أما المواد غير قابلة للامتصاص فيتم لفظها عن طريق الإفراغ. والمهم هنا أن نطلع على المراحل التي تمر بها المواد الغذائية خلال الأمعاء. فكما كانت المعدة وسطا لهضم الطعام كذلك تكون الأمعاء وسطا آخر لهضمه لأن المواد الغذائية يتم تجزئتها إلى أجزاء أصغر في الأمعاء وتصبح من الصغر إلى درجة تستطيع أن تخترق جدران الأمعاء متوجهة إلى الأوعية الدموية المحيطة بها. ومن ثم تأخذ طريقها نحو خلايا الجسم المختلفة. ![]() ولو دققتم أعزائي الأطفال في مدى دقة وإتقان تركيب الجهاز الهضمي؛ فالطعام الذي نتناوله يبدأ رحلته من الفم ومن ثم المريء فالمعدة وأخيرا يصل إلى الأمعاء. ويمر خلال رحلته بمراحل متعددة من الهضم إلى أن يصبح جاهزا للامتصاص والتوجه نحو خلايا الجسم عبر جهاز الدوران. ولو لم يؤد هذا الجهاز الهضمي وظيفته بصورة صحيحة لما استطعنا هضم ما نتناوله. فلو لم توجد الأسنان لما استطعنا مضغ الطعام وبالتالي عجزنا عن ابتلاعه. وحتى لو استطعنا ابتلاعه فإننا نجد صعوبة في حركته خلال المريء، وربما أدى إلى إلحاق أضرار بليغة به. ولو لم تكن المعدة ذات قدرة على هضم الطعام لمكث في المعدة على شكل كتلة كبيرة تسبب لنا الإزعاج والأذى. ثم إن عدم القدرة على هضمه يشكل مشكلا خطرا على الجسم بسبب، فهو يجعل الجسم غير قادر على الحصول على المواد الغذائية اللازمة. ![]() ![]() فالجسم الذي يفتقد إلى مثل هذه المواد سرعان ما يصيبه الخمول وتضمر خلاياه حتى الموت. ولكن كل هذه الافتراضات السلبية لا نعيشها في حياتنا الطبيعية لأن جميع أجهزتنا الجسمية، ومن ضمنها جهاز الهضم تؤدي وظائفها باستمرار دون أن نشعر بذلك. يقول الحقّ سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) ( الآية 24 سورة الحشر)
__________________
مهما تكاثرت الجروح دوما ينازعني الطموح يحيا اليقين مع الامل ![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|