القدوة موجودةٌ أصلاً، ولكنْ هناك قدوةٌ حَسَنة وقُدوةٌ سيِّئة؛ ولهذا خصَّ الله - تعالى - نبيَّه محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخليله إبراهيم - عليه السلام - بوصْف قدوتهم لنا بالقدوة الحَسَنة؛ قال - تعالى -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]، وقال: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الممتحنة: 4].
والفرْقُ شاسع وكبير بين مَن يجعل الحبيبَ المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم- قدوةً له، ومَن يجعل شبابَ الغرْب المنحلَّ قدوةً له، كالفرْق بين شباب الصحابة - رضوان الله عليهم - الذين اقتدَوْا بمحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29]، وبين الشباب مِن قوم فِرعون الذين اتبعوه: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].