التاريخ كاملا د/عاطف خليفة

[عاطف خليفة]

الخطر المغولي

جاء الخطر المغولي مستهدفاً الحضارة الإسلامية في الوقت الذي انشغل فيه المسلمون برد العدوان الصليبي وقد تصدى سلاطين المماليك للخطرين معاً ودمروهما نهائياً .
بدأ الغزو المغولي بعد نجاح جنكيز خان في الإستيلاء على الصين والقضاء على الدولة الخوارزمية وأجتاح أراضى الدولة العباسية وقتل الخليفة العباسي المستعصم بالله 656 هـ/ 1258م ثم تقدموا نحو الشام وأرتكبوا من الفظائع الكثير مما أصاب العالم الإسلامي بالرعب والهلع .

ما دور المماليك في التصدي لخطر المغول ؟

*موقعة عين جالوت 658هـ/1260م

قاد السلطان المملوكي سيف الدين قطز وقائده الظاهر بيبرس الجهاد ضد المغول وأحرزوا إنتصاراً ساحقاً عليهم فى عين جالوت التى أنقذت العالم الإسلامي من الدمار وأوقفت زحف المغول وأرتدوا إلى ما وراء الفرات وكانت بداية النهاية للمغول .
إنقسم المغول بعد وفاة زعيمهم جنكيز خان إلى معسكرين مغول فارس ومغول القبجاق (القبيلة الذهبية) وحاول مغول فارس إقامة جبهة متحدة مع الصليبين ولكن بيبرس أفشل هذا المشروع بأن عقد حلفاً مع مغول القبجاق وساعد على ذلك إعتناقهم الإسلام بعد أن أعتنقه ملكهم بركه خان كذلك زواج بيبرس من ابنة ملكهم .
وبعد وفاة هولاكو خلفه ابنه أبغا وكان يكره الإسلام والمسلمين وحاول أن يحقق الوحدة بين المغول والصليبين ولكن بيبرس لم يعطهم الفرصة وهزمهم عام 1277م .
وهكذا انتصر المماليك على أكبر التحديات التي واجهت الحضارة الإسلامية أواخر العصور الوسطى .

[عاطف خليفة]

القسم الثاني
تاريخ مصر والعرب الحديث

*الحملة الفرنسية على مصرأسباب الحملة الفرنسية على مصر .

أحوال مصر قبل مجئ الحملة الفرنسية .
حركة على بك الكبير الإستقلالية .
سياسة نابليون لتوطيد سلطته فى مصر .
صور المقاومة التى واجهت الحملة .
ثورة القاهرة الاولى .
حملة نابليون على الشام سنة 1799 م.
معاهدة العريش .
ثورة القاهرة الثانية .
بنود جلاء الحملة .
11 . أثر الوجود الفرنسى فى مصر .

[عاطف خليفة]

الحملة الفرنسية على مصر والشام
1798- 1801 م

*تمهيد

ارتبطت الحملة الفرنسية على مصر بأحداث أوربا - ما حقيقة هذا الرأي؟

1- تعتبر الثورة الفرنسية التى قامت فى 14 يوليو سنة 1789 م أول ثورة اجتماعية برجوازية 2- انتهت الثورة بإقتحام سجن الباستيل والقضاء على النظام الملكي والإقطاعي وإعلان الجمهورية 1793 م .

*أسباب الحملة الفرنسية على مصر :

ارتبطت الحملة الفرنسية على مصر والشام بثلاثة أسباب هي:-
1-التنافس الفرنسي الإنجليزي على المستعمرات خلال القرن 17 ، 18 م .
2-ارتبط التنافس الإستعماري الأوربي بقيام الثورة الصناعية مما دفع إنجلترا وفرنسا للبحث عن مستعمرات فى العالم الجديد بهدف تسويق المنتجات واستغلال المواد الخام .
3-كانت هزيمة فرنسا أمام إنجلترا فى حرب السنوات السبع وعقد معاهدة باريس 1763 م التي تنازلت فيها فرنسا عن مستعمراتها في الهند و الأمريكتين لإنجلترا سبباً فى ظهور رغبة فرنسا فى البحث عن مستعمرات جديدة وذلك بتكوين إمبراطورية فرنسية في الشرق تكون قاعدتها مصر والشام .
4-الصراع السياسي والإجتماعي في أوربا و قيام الثورة الفرنسية .
قيام الثورة الفرنسية وإعلان الجمهورية 1793 - أزعج ملوك أوربا حيث أدركوا خطر الثورة على عروشهم فشكلوا تحالفاً ضد فرنسا تزعمته إنجلترا ويضم (إسبانيا - هولندا - روسيا - النمسا ) .
5- السيطرة على طرق التجارة و تطور فكرة احتلال فرنسا لمصر .

الفكرة الأساسية لمجرد الحملة :

ظلت إنجلترا فى مأمن من ضربات نابليون الساحقة بحكم موقعها الجغرافي المنعزل عن القارة الأوربية وأسطولها القوى و صعوبة مهاجمة إنجلترا في عقر دارها لذلك رأى نابليون أن خير وسيلة للتغلب على إنجلترا هو ضربها فى مستعمرتها الشرقية الهند .

لم تكن الحملة الفرنسية على مصر وليدة قيام الثورة الفرنسية بل تمتد إلى أبعد من ذلك - وضح ذلك ؟

1-فى عهد لويس الرابع عشر في القرن 17م كان الهدف ضرب التجارة الهولندية فى الهند التي تمر عن طريق مصر .
2-تجددت الفكرة أيام لويس الخامس عشر فى القرن 18م 1769 الذي طمع فى تنازل الدولة العثمانية لفرنسا عن مصر .
3-فى عهد لويس السادس عشر كان الهدف تسهيل إتصال فرنسا بشرق آسيا عن طريق مصر بدلاً من الدوران حول إفريقيا .
4-أيام الثورة الأولى تجددت الفكرة من خلال تقارير القنصل الفرنسي فى مصر الذي كان يحث حكومة الثورة الفرنسية على إرسال حملة عسكرية لإنقاذ التجارة الفرنسية وتأمين التجار الفرنسيين من خطر المماليك .
5- أخيراً كان رأى نابليون استحالة الدخول فى معركة بحرية مع إنجلترا فقرر غزو مصر بهدف تسهيل مرور التجارة الفرنسية للشرق بدلاً من رأس الرجاء الصالح الذي تسيطر عليه إنجلترا وضرب الإمبراطورية البريطانية فى الشرق وإقامة إمبراطورية فرنسية .

[عاطف خليفة]

أحوال المجتمع المصري قبل مجئ الحملة

مصر تحت الحكم العثماني

*أولاً : من الناحية الإقتصادية

بم تفسر / سوء الأحوال الإقتصادية في مصر في ظل الحكم العثماني ؟

ساءت أحوال مصر اقتصادياً في ظل الحكم العثماني للأسباب التالية :

-التجارة :

1-تدهورت التجارة الخارجية بسبب تحول الطريق التجاري إلى طريق رأس الرجاء الصالح - اقتصرت صلات مصر التجارية مع دول حوض البحر المتوسط والسودان والحبشة وبلاد العرب واليمن.
2-ساءت التجارة الداخلية بسبب عدم استقرار الأمن وشدة النزاع بين الفرق العسكرية .
الإغارات المتلاحقة لبدو الصحراء .
عدم ثبات قيمة العملة المتبادلة واختلاف الموازين والمكاييل من مكان لآخر .
أدى ذلك إلى سيطرة التجار الأجانب على أمور التجارة والامتيازات التجارية

-الزراعة :

أهملت لعدم اهتمام الفلاح بالزراعة وإهمال الحكومة لشئون الري والزراعة .
كانت الأرض ملكاً للدولة ( السلطان ) وتزرع عن طريق تكليف الفلاحين ( حق الإنتفاع مقابل دفع الضرائب)
نظام الإلتزام / جمع الضرائب يتم بواسطة الملتزمين . وكان الملتزم يتعهد بتسديد الضرائب على مجموعة قرى للحكومة ثم يقوم بجمعها من الفلاحين أضعافاً مضاعفة .
حصل كل ملتزم على قطعة أرض معفاة من الضرائب (الوسية) نظير قيامه بجمع الضرائب .
عانى الفلاحون من سطوة الملتزم وفرض أتاوات خارج الضرائب المقررة وعملهم فى الوسايا دون أجر .

-الصناعة :

كانت صناعات يدوية بسيطة وساد نظام الطوائف الذي يمثل همزة الوصل بين الحكومة والصناع من حيث الضرائب والإشراف على الإنتاج وكان لكل طائفة شيخ يتحدث باسمها .

*ثانياً : من الناحية الاجتماعية

كان المجتمع المصري في عهد الحكم العثماني مجتمعاً طبقياً - ما حقيقة هذا الرأي ؟

كان المجتمع المصري قبل مجىء الحملة الفرنسية مجتمعاً طبقياً ظالماً انقسم إلى طبقتين هما .
أقلية تمثل الحكام من الأرستقراطية التركية والبكوات المماليك - لهم السلطة والنفوذ ، عاشوا فى معزل عن الشعب .
أغلبية تمثل المحكومين وهم من "عامة الشعب - مشايخ - علماء - تجار الشريحة الوسطى . وفلاحون وصغار الحرفيين الذين عانوا من الإضطهاد وكثرة الضرائب وخدمة الطبقة الأرستقراطية .

-الحياة الفكرية والثقافية :

انتشر الجهل وسادت الخرافات حيث اقتصر العلم على الأزهر الشريف والكتاتيب لتدريس علوم الدين كما أغلق باب الإجتهاد فى الدين .
وهكذا نرى الفرق واضحاً بين المجتمع المصري في ظل الحكم العثماني والمجتمع الفرنسي الأوربي من حيث الاقتصاد المنتج - الفكر السياسي الناضج .

*ثالثاً : من الناحية السياسية

أصبحت مصر ولاية عثمانية منذ 1517 م بعد هزيمة طومان باى فى موقعة الريدانية ، قسم السلطان العثمانى سليم الأول السلطة فى مصر بين عدة هيئات هي :
1-الوالي : نائب السلطان فى مصر ، مقره القلعة ، ولايته قصيرة من سنة إلى ثلاث سنوات
2-الديوان : تكون من رؤساء فرق الجند ، العلماء والأعيان والتجار مهمة الديوان مساعدة الوالي ومراقبته بل الإعتراض على قراراته وطلب عزله
3-الحامية العسكرية : تكونت من 6 فرق لكل منها مهامها ويعاون رئيس كل فرقة مسئولون ماليون وإداريون.
4-الإدارة المحلية البكوات والمماليك .

بم تفسر / استعانة الدولة العثمانية بالمماليك في الحكم ؟

استعان العثمانيون بالمماليك فى السلطة لأحداث توازن بين الوالي والديوان ولخبرتهم بالبلاد - عهد إليهم إدارة شئون الأقاليم والمديرات - لقب زعيمهم بلقب شيخ البلد .

بم تفسر / ازدياد سلطة المماليك فى الولايات العثمانية فى منتصف القرن السابع عشر ؟

-ضعف الدولة العثمانية بسبب حروبها الخارجية واضطراب الشئون الداخلية .
-ضعف نظام الحكم العثماني في مصر بسبب قصر مدة حكم الوالي .
- علو سلطة الديوان والحامية العسكرية .
- النزاع بين فرق الجند والنزاع بين الوالي والديوان.

*حركة على بك الكبير الإنفصالية عن الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن 18

-على بك الكبير :

هو أحد زعماء المماليك فى مصر تولى منصب شيخ البلد 1763 م وتطلع للإنفراد بحكم مصر.

كيف نجح على بك الكبير فى الإستقلال عن الدولة العثمانية ؟

استغل حرب العثمانيين مع روسيا 1768 م وعزل الوالي التركي وأعلن استقلاله عن الدولة العثمانية 1769 م .
امتنع عن دفع الخراج وضرب نقوداً باسمه .
اتصل بدولة روسيا التي كانت على عدائها مع الدولة العثمانية .
اخضع الحجاز لنفوذه وتحالف مع (ضاهر العمر) في فلسطين والذي ساعد قائده (محمد بك أبو الذهب) على غزو الشام وفتح دمشق .
لجأت الدولة العثمانية الى الخديعة حيث أغرت (أبو الدهب) بقتل سيده (على بك الكبير) مقابل منحه مشيخة البلاد وقد نجح (أبو الدهب) فى ذلك 1773 م وأصبحت مصر ولاية عثمانية مرة أخرى .
ثم تولى (إبراهيم) مشيخة البلد و( مراد بك) إمارة الحج خلفاً لسيدهم (محمد بك أبو الذهب) مما أدى إلى نزاع بينهما فضعفت قوتهما ولم يهتما بتحصين حدود مصر تجاه أي أخطار مقبلة

[عاطف خليفة]

نزول الحملة والمقاومة

*سياسة نابليون لتوطيد سلطة فرنسا فى مصر قبل نزول الحملة الإسكندرية :

كانت سياسة نابليون تهدف إلى مجاملة الدولة العثمانية واجتذاب المصريين إلى صفه ويتضح ذلك من خلال المنشور الذي أذاعه فى 27 يونيه 1798 م قبل وصول الحملة :
" إننى ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الطاغين - وإنني اكثر من المماليك اعبد الله سبحانه وتعالى، واحترم نبيه والقرآن العظيم ، وأن جميع الناس متساوون عند الله ، وإن الذي يفرقهم عن بعض هو العقل والفضائل والعلوم فقط ، وإنه إذا كانت الأرض المصرية التزاماً للمماليك فليرونا الحجة التي كتبها الله لهم"
وقد أبحرت الحملة من فرنسا سراً فى مايو 1798 م بقيادة نابليون بونابرت فى طريقها إلى مصر ووصلت الحملة الإسكندرية في أول يوليو 1798 م .

*صورة من المقاومة التي واجهتها الحملة الفرنسية على مصر:

-مقاومة الإسكندرية :

قاوم أهل الإسكندرية الحملة مقاومة عنيفة بقيادة السيد محمد كريم حاكم الإسكندرية وكبدوا الفرنسيين خسائر فادحة وظلوا يقاومون الحملة حتى نفدت ذخيرتهم - أما السيد محمد كريم فقد اعتقلته القوات الفرنسية وأعدم رمياً بالرصاص في 6 سبتمبر سنة 1798 م .

-مقاومة أهل البحيرة" موقعة شبراخيت " :

عندما وصل الفرنسيون البحيرة في طريقهم إلي القاهرة - التقت القوات الفرنسية بجند "مراد بك" في موقعة شبراخيت 13 يوليو 1798 م وانتهت الموقعة بهزيمة مراد وتقهقر بجنده جنوباً للدفاع عن القاهرة .

-مقاومة إمبابة :

حشد المماليك قواتهم عند إمبابة وانضم إليهم آلاف المتطوعين من أبناء الشعب المصري بما تيسر لهم من أسلحة بدائية والتقي الفريقان في موقعة "إمبابة" 21 يوليو 1798 م وفر مراد إلى الصعيد بينما فر إبراهيم بك إلي الشرقية ومعه الوالي العثماني .

-دخول القاهرة :

وفي 24 يوليو 1798 م دخل نابليون القاهرة دون مقاومة و أصبحت مقراً لحكمه، وعين الجنرال "ديبوي " حاكماً عليها .

-موقعة أبي قير البحرية أول أغسطس 1798م

وصل الأسطول الإنجليزي بقيادة "نلسون " إلي الإسكندرية أول أغسطس 1798 ووجد الأسطول الفرنسي راسياً في خليج أبي قير فقام بضرب الأسطول الفرنسي وأغرق معظم سفنه - وأصبح الجيش الفرنسي في مصر بدون أسطول وحاصر نلسون الشواطئ المصرية وحرم الحملة من الإتصال بفرنسا أو التزود بالمؤن والسلاح .

-مقاومة الصعيد :

فر مراد بك إلي الصعيد ومنع وصول المراكب عبر النيل 0 فحاول نابليون استرضاءه فعرض عليه حكم الصعيد من مديرية جرجا حتى الشلالات تحت الإشراف الفرنسي مع أداء الضريبة اللازمة، لكن مراد رفض فزحفت القوات الفرنسية وانتصرت عليه لكنها فشلت في إخضاع أهالي الصعيد الذين اتبعوا حرب المناوشات والمعارك المتفرقة التي أنهكت قوة الفرنسيين .

لماذا كانت مقاومة الصعيد أشد من مقاومة الدلتا والقاهرة ؟

كانت مقاومة أهل الصعيد أشد من مقاومة الوجه البحري فقد استمرت حوالي 10 شهور لأن الفرنسيين عجزوا عن بسط نفوذهم في الصعيد لأن المقاومة أخذت شكل الشعور الوطني تجاه الغزاة المستعمرين فأرهقوا الفرنسيين ، ذلك الشعور الذي تعاظم أثناء حملة فريزر الإنجليزية عام 1807 م وترجع تلك العوامل إلي ما يلي :
1- وجود اتصال بين أهالي الصعيد والبقية الباقية من جيش المماليك بالإضافة إلي انضمام قوة محدودة من الجزيرة العربية انضمت إلي المقاومة
2- طول الوادي وامتداده جنوباً .
3- بعد الصعيد عن مركز الحكم في القاهرة على عكس الوجه البحري الذي استسلم في أقل من شهر ونصف لقربه من الحكومة بالقاهرة وشعور الأهالي بقسوة الحكم المباشر للمماليك .

*ثورة القاهرة الأولي أكتوبر 1798

>وضح أسباب ونتائج ثورة القاهرة الأولي أكتوبر 1798 ؟

أسباب الثورة :

1- فرض الضرائب على التجار والفلاحين .
2- تفتيش البيوت واقتحام الدكاكين بحثا عن المال .
3- هدم أبواب الحارات والدروب حتى يسهل مقاومة المصريين .
4- هدم كثير من المبانى والمساجد بحجة تجميل القاهرة وتحصينها .
5- عدم احترام الفرنسيين لتعاليم الإسلام .

أحداث الثورة :

قاد الأزهر الشريف الثورة .
قتل حاكم القاهرة ديبوي 200 من الفرنسيين و2000 من المصريين .
قام نابليون بضرب القاهرة (الأزهر) بالمدافع من فوق المقطم .
طلب العلماء من نابليون الأمان نتيجة الضرب المتواصل للمدافع والذي أدخل الرعب فى صدور الناس .

النتائج :

1 - أخمدت الثورة بالقمع والإرهاب ودخلت القوات الفرنسية الأزهر بالخيول والنعال وهذا لا يتلائم مع التعاليم الإسلامية .
2- زادت كراهية المصريين للفرنسيين .
3- امتدت الثورة إلى الأقاليم المجاورة .
4- فرضت القيادة الفرنسية الغرامات على الأقاليم المشتركة فى الثورة واعتقلت جماعات من الأعيان والمشائخ بتهمة الاشتراك فى الثورة .

[عاطف خليفة]

الأيام الأخيرة للحملة الفرنسية و الجلاء

بم تفسر/ قيام نابليون بحملة إلي الشام 1799 م ؟

*حملة نابليون على الشام مارس سنة 1799م

-أسبابها :

عقدت الدولة العثمانية معاهدة مع إنجلترا وروسيا لإخراج الحملة عن طريق إرسال حملتين إحداهما من الشام والثانية من جهة البحر المتوسط .
لذلك قاد نابليون حملته إلي الشام لمهاجمة العثمانيين في الشام قبل أن يهاجموه في مصر

-أحداث الحملة :

لم يستطع نابليون اقتحام عكا لقوة حصونها واستبسال حاكمها أحمد باشا الجزار ومعاونة الإنجليز - فعاد نابليون إلي القاهرة
وبمجرد وصوله كان الأسطول العثماني قد وصل إلي أبي قير فهزمهم نابليون في موقعة أبي قير البحرية 1799 .
وفي تلك الأثناء علم بونابرت المتاعب التي تواجهها حكومة الإدارة في فرنسا مع النمسا و
حلفائها فقرر العودة سراً تاركاً أمر الحملة في مصر لنائبه كليبر 18 / 8 / 1799 م

*الحملة في عهد كليبر

ما المتاعب التي واجهت الحملة الفرنسية بعد رحيل نابليون؟

- غادر نابليون القاهرة نظراً للظروف السيئة التي كانت تواجهها فرنسا مع النمسا وحلفائها وترك قيادة الحملة لقائده كليبر وكانت الحملة مهددة بالأخطار من كل جانب بسبب :
1- تناقص عدد الجيش نتيجة الحروب الداخلية والخارجية
2-إرسال الدولة العثمانية حملاتها الواحدة تلو الأخرى
3-تجدد ثورات المصريين في الشرقية ووسط وغرب الدلتا
4-عودة المماليك للمقاومة

*معاهدة العريش (يناير سنة 1800 م)

أدرك كليبر صعوبة التغلب على هذه المصاعب ورأى ضرورة مغادرة الحملة من مصر وعرض الصلح وعقد مع الصدر الأعظم للدولة العثمانية وقائد الأسطول الإنجليزي معاهدة العريش التي نصت على خروج الحملة بجنودها على نفقه الدولة العثمانية بينما اعترضت إنجلترا .

لماذا لم تنفذ إتفاقية العريش ؟

بسبب موقف إنجلترا

"ماهو موقف إنجلترا من الإتفاقية" ؟

اعترضت إنجلترا على خروج الفرنسيين بكامل أسلحتهم وطالبت بخروجهم كأسري حرب "بدون سلاح" فرفضه كليبر وعاد يسترد مواقعه وهزم الأتراك في عين شمس 1800 م

*ثورة القاهرة الثانية

انتهز المصريون فرصة متاعب الفرنسيين في عين شمس وقاموا بالثورة(مارس- إبريل)
1800 م وهاجموا معسكرات الفرنسيين .
وسرعان ما أخمدت القوات الفرنسية الثورة في القاهرة وبلدان الوجه البحري أما الوجه القبلي فقد تم إخضاعه بالإتفاق مع مراد بك على أن يحكم الصعيد تحت الحكم الفرنسي ووافق هذه المرة خوفاً من عودة الأتراك لحكم مصر مرة أخرى ثم قتل كليبر على يد سليمان الحلبي أحد طلاب الأزهر 14 يونيه 1800 م

ما المصاعب التي واجهت الحملة في عهد مينو ؟

تولي مينو قيادة الحملة بعد قتل كليبر و كان ينوي البقاء في مصر وتحويلها إلي مستعمرة فرنسية وقام ببعض الإصلاحات ولكن الإنجليز أرسلوا أسطولاً جديداً إلي أبي قير( فبراير 1801م ) وانضم إليه الجيش العثماني، لم تستطع القوات الفرنسية المقاومة حيث استسلمت أمام القوات الإنجليزية العثمانية التى دخلت مصر ومعها زعماء المماليك ابراهيم بك - البرديسى والألفى وأيضاً السيد عمر مكرم ، ورحلت الحملة الفرنسية عن مصر في 18 سبتمبر 1801م .

[عاطف خليفة]

أثر الوجود الفرنسي في مصر

*أولاً : الآثار السياسية _ دواوين الحكم

ما أثر الوجود الفرنسي في مصر من الناحية السياسية نظام الحكم ؟

عمل نابليون على تنظيم الإدارة والحكم في مصر على النسق الفرنسي بعد الثورة حيث نقل السلطة إلي الطبقة الوسطي ، ولما كان نابليون غريباً عن مصر ولا بد من معرفة المجتمع المصري لكي يخطط سياسته في الحكم .
لذلك رأي أن خير وسيلة هي الاتصال بالعلماء والأعيان لما لهم من مكانه لدي الأهالي وأنه عن طريقهم يستطيع التعرف على فكر المصريين ويقرر ما يراه من أمور سياسية فكانت فكرة الدواوين .

-ديوان القاهرة :

ويتكون من 9 أعضاء من المشايخ للتشاور في أحوال العاصمة .

-دواوين الأقاليم :

جعل لكل مديرية ديواناً يتكون من 7 أعضاء للنظر في المصالح والشكاوى وفض المنازعات بين القرى وحفظ الأمن وجمع الضرائب .

-الديوان العام :

ويتألف من الأعيان والشخصيات ذات النفوذ من أصحاب العلم والكفاية ويضم 9 مندوبين عن كل مديرية 3 علماء - 3 تجار - 3 من مشايخ القري ورؤساء العربان.

ما الهدف من إنشاء الديوان العام ؟

تدريب الأعيان المصريين على نظام مجالس الشورى حيث الاستشارة وتلقي الآراء .
أفاد الديوان الأهالي في مجال القضاء والمواريث والعقارات والضرائب وقد رأسه الشيخ عبد الله الشرقاوي بالاقتراع السري .
أثناء ثورة القاهرة الأولي عطل نابليون الديوان العام وبعد الثورة أعاد تنظيمه ليكون أكثر قدرة على ممارسة نشاطه بأن قسمه إلي :
1-ديوان عمومي 60عضو بالتعيين-اعيان -مشايخ - علماء - رجال دين - اقباط - اجانب -بحار - اجانب
2-ديوان خاص 14عضو بالانتخاب من ديوان العموم -يجتمع يوميا للنظر في احوال الناس

وعندما تولي مينو قام بدمج الديوانين في ديوان واحد وجعل له اختصاصات واضحة في القضاء .

*ثانياً : الآثار الإقتصادية و الاجتماعية

بم تفسر : عدم تمكن نابليون وكليبر من تنفيذ سياسات خاصة بالناحية الاقتصادية والاجتماعية ؟

لعدم استقرار أحوال الحملة حيث ثورات المصريين ، مطاردة المماليك ، مواجهة الإنجليز والعثمانيين ، عدم دراسة الواقع المصري .

لماذا ظهرت الإصلاحات في عهد مينو، ولم تظهر في عهد نابليون وكليبر ؟

سبق ،وأن عرفنا أنه لم تظهر اصلاحات اقتصادية واجتماعية في عهد نابليون وكليبر بسبب عدم استقرار أحوال الحملة في مصر.
بينما ظهرت الإصلاحات في عهد مينو لأن سياسته كانت تهدف إلي البقاء في مصر وتحويلها إلى مستعمرة فرنسية والدليل على ذلك زواجه من مصرية وقيامه ببعض الإصلاحات وقدم مشروع مينو العظيم عام 1801 م

وما هي فلسفة مشروع مينو العظيم ؟

1-المساواة بين المصريين في دفع الضرائب
2-حرمان الملتزمين من تولي القضاء والإدارة
3-إلغاء الضرائب التي فرضها الملتزمون والمماليك وجعلها ضريبة واحدة على الأرض حسب عدد الأفدنة وجودة الأرض .
4-تحرير الفلاح من القيود المالية والقضائية ليصبح من حقه التصرف في الأرض وزراعة ما يشاء
ملحوظة : لم ينفذ مشروع مينو بسبب جلاء الحملة سنة 1801 م

ما أثر الوجود الفرنسي في المجال الاقتصادي ؟

( الزراعة - الصناعة- التجارة )

-في مجال الزراعة :

- دراسة مجري النيل وفحص الترع والقنوات
- زراعة جزء من الأراضي للغلات التي تحتاجها فرنسا
- إجراء تجارب لزراعة البن وقصب السكر
- إنشاء حديقة لزراعة الخوخ والمشمش والتفاح
- الاهتمام بزراعة الأرز والقمح والذرة
وقد شهدت الزراعة انتعاشاً كبيراً في مصر خلال السنوات 1800 : 1801 م

-في مجال الصناعة :

- إنشاء عدة مصانع للنسيج والحدادة والساعات والدباغة وحروف الطباعة
- إنشاء طواحين الهواء
- إصلاح دار صناعة السفن (الترسانة) التي كان مراد بك قد أنشأها في بولاق .
- لم تضم هذه الصناعات عمالاً مصريين حتى لا تتسرب أسرار الصناعة الفرنسية بل تم استقدام عمال من فرنسا

-في مجال التجارة :

- الاهتمام بإحياء التجارة وفتح أسواق تجارية في بلاد البحر الأحمر حيث سارت المراكب بين جده وينبع والسويس محملة بالمنسوجات والبن .
-كان ضمن مشروع مينو تكوين علاقات تجارية مع السودان ودار فور والحبشة وشمال أفريقيا .

ما أثر الوجود الفرنسي على الناحية الاجتماعية ؟

-في مجال الصحة :

-أنشئت المحاجر الصحية والمستشفيات العسكرية

2)في مجال القضاء :

عمل نابليون على أن يتولي العلماء المصريون القضاء بدلاً من الأتراك لرفض القاضي التركي الذهاب معه إلي الشام
أفاد ذلك المصريين لأن الأتراك كانوا لا يجيدون اللغة العربية وليس لديهم الكفاءة في الأمور الدينية .
حدد نابليون ضريبة التقاضي 2% بعد أن كانت متروكة للأهواء
رفض مينو مبدأ الدية "الحصول على ثمن دم القتيل"
أنشأ محكمة لكل طائفة من الطوائف الموجودة في مصر أقباط - شوام - يهود
الاستئناف أمام المحكمة الشرعية الإسلامية
تحديد ضريبة التركات بـ 5% على كل من يقيم في مصر
إلزام الجميع بدفع الضرائب بما فيهم الفرنسيين توحيد الضرائب

*ثالثاً : الآثار الفكرية و العلمية

-المجمع العلمي

كانت النتائج العلمية من أبرز نتائج الحملة حيث جاءت ومعها طائفة من العلماء في شتي المجالات والتخصصات 146 عالما
أقام نابليون على جانب الديوان العام مجلساً له صفة علمية وله علاقة بإدارة الحكومة وهو المجمع العلمي
تكون المجمع العلمي من صفوة علماء الحملة مع مجموعة من العسكريين
تألف من 4 أقسام الرياضيات - الطبيعيات - الاقتصاد السياسي - الأدب والفنون
الهدف من المجمع العلمي :
-تقدم العلوم والمعارف
- دراسة أحوال مصر في كافة المجالات
-ابداء الرأي للحكومة في المسائل الهامة ربط العلم بالسياسية

أهم أعمال المجمع العلمي :

1-أقام مطبعتين فرنسية - عربية
2-إنشاء جريدتين فرنسيتين سياسية - علمية-اقتصادية وهما( كوريه دليجيبت"الجوانب المصرية" و لاديكاأجيبسين "العشرية المصرية " )
3-إصدار جريدة باللغة العربية (التنبيه ) لنشر القرارات الإدارية وتحذير المعاديين للفرنسيين
-كان المجمع العلمي بمثابة نافذة أطل منها المصريون على ما يدور في أوربا من تقدم في العلوم والأفكار السياسية والاقتصادية حيث
-نبهت الدواوين المصريين إلي فكرة المشاركة في الحكم بدلاً من فكرة الحكم المطلق .
-الحياة الاجتماعية للفرنسيين نبهت المصريين إلي وجود أنماط من الحياة والعلاقات في أوربا تختلف عن تقاليد المجتمع الشرقي لذلك اتجه البعض إلي تقليد هذا النوع من الحياة .

-ومن أبرز الأعمال التي قام بها المجمع العلمي :

-محاولة شق قناة تربط البحرين الأحمر بالمتوسط
ولم ينفذ المشروع لاعتقاد مهندسي الحملة خطأ أن منسوب البحرين ليس متساوى
-عمل كتاب وصف مصر الذي جمع المعلومات العديدة عن مصر في مختلف المجالات أول موسوعة عن مصر
- كشف حجر رشيد وتمكن شامبليون من فك رموزه ومعرفة اللغة المصرية القديمة مما ساعد على دراسة تاريخ مصر وحضارتها في العصر الفرعوني .
- لا شك أن الحملة الفرنسية بصرف النظر عن وجهتها العسكرية كانت صدمة حضارية وثقافية للمصريين .