|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
تفسير ابن جرير لمعنى الصراط
فهو على حق في أقواله وأفعاله فلا يقضي على العبد ما يكون طالما له به ولا يأخذه بغير ذنبه ولا ينقصه من حسناته شيئا ولا يحمل عليه من سيئات غير التي لم يعملها ولم يتسبب إليها شيئا ولا يؤاخذ أحدا بذنب غيره ولا يفعل قط مالا يحمد عليه ويثنى به عليه ويكون له فيه العواقب الحميدة والغايات المطلوبة فإن كونه على صراط مستقيم يأبى ذلك كله قال محمد بن جرير الطبري وقوله إن ربي على صراط مستقيم يقول إن ربي على طريق الحق يجازي المحسن من خلقه بإحسانه و المسيء بإساءته لا يظلم أحدا منهم شيئا ولا يقبل منهم إلا الإسلام والإيمان ثم حكى عن مجاهد من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عنه إن ربي على صراط مستقيم قال الحق وكذلك رواه ابن جريج عنه وقالت فرقة هي مثل قوله إن ربك لبالمرصاد وهذا اختلاف عبارة فإن كونه بالمرصاد هو مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته وقالت فرقة في الكلام حذف تقديره إن ربي يحثكم على صراط مستقيم ويحضكم عليه وهؤلاء إن أرادوا أن هذا معنى الآية التي أريد بها فليس كما زعموا ولا دليل على هذا المقدر وقد فرق سبحانه بين كونه آمرا بالعدل وبين كونه على صراط مستقيم وإن أرادوا أن حثه على الصراط المستقيم من جملة على صراط مستقيم فقد أصابوا وقالت فرقة أخرى معنى كونه على صراط مستقيم أن مرد العباد والأمور كلها إلى الله لا يفوته شيء منها وهؤلاء أن أرادوا أن هذا معني الآية فليس كذلك وإن أرادوا ان هذا من لوازم كونه على صراط مستقيم ومن مقتضاه و موجبه فهو حق وقالت فرقة أخرى معناه كل شيء تحت قدرته وقهره وفي ملكه وقبضته وهذا وإن كان حقا فليس هو معنى الآية وقد فرق شعيب عليه الصلاة والسلام بين قوله ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها وبين قوله إن ربي على صراط مستقيم فهما معنيان مستقلان فالقول قول مجاهد وهو قول أئمة التفسير ولا تحتمل العربية غيره إلا على استكراه قال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز ... أمير المؤمنين على صراط ... إذا اعوج الموارد مستقيم... وقد قال تعالى من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم وإذا كان الله تعالى هو الذي جعل رسله عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم على الصراط المستقيم في أقوالهم وأفعالهم فهو سبحانه أحق أن يكون على صراط مستقيم في قوله وفعله وإن كان صراط الرسل وأتباعهم هو موافقة أمره فصراطه الذي هو سبحانه عليه هو ما يقتضيه حمده وكماله ومجده من قول الحق وفعله وبالله التوفيق فصل وفي الآية قول ثان مثل الآية الأولى سواء أنه مثل ضربه الله للمؤمن والكافر وقد تقدم ما في معنى هذا القول والله الموفق |
|
#2
|
||||
|
||||
|
مثل من أعرض عن كلام الله
فصل ومنها قوله تعالى في تشبيه من أعرض عن كلامه وتدبره فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة شبههم في إعراضهم ونفورهم عن القرآن بحمر رأت الأسد والرماة ففرت منه وهذا من بديع التمثيل فإن القوم من جهلهم بما بعث الله سبحانه رسوله كالحمر فهي لا تعقل شيئا فإذا سمعت صوت الأسد أو الرامي نفرت منه أشد النفور وهذا غاية الذم لهؤلاء فإنهم نفروا عن الهدى الذي فيه سعادتهم وحياتهم كنفور الحمر عما يهلكها ويعقرها وتحت المستنفرة معنى أبلغ من النافرة فإنها لشدة نفورها قد استنفر بعضها بعضا وحضه على النفور فإن في الاستفعال من الطلب قدرا زائدا على الفعل المجرد فكأنها تواصت بالنفور وتواطأت عليه ومن قرأها بفتح الفاء فالمعنى أن القسورة استنفرها وحملها على النفور ببأسه وشدته فصل ومنها قوله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين فقاس سبحانه من حمله كتابه لؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب فقرأه به بغير تدبر ولا تفهم ولا اتباع له ولا تحكيم له وعمل بموجبه كحمار على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها وحظه منها حملها على ظهره ليس إلا فحظه |
![]() |
| العلامات المرجعية |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|