اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-12-2011, 02:35 PM
نقاء الروح نقاء الروح غير متواجد حالياً
طالبة جامعية
عضو مثالي لعام 2011
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 3,789
معدل تقييم المستوى: 20
نقاء الروح is on a distinguished road
افتراضي

تابع
الفصل الثالث


كان سؤاله هذا محرجاً كثيراً لي خصوصاً بعدما لقيته من حفاوة وتكريم غمرني بهما ، أضيفي إلى ذلك أنه كان نعم الجار طول فترة إقامته فوق شقتي ، فلم أسمع ولم أرَ ولم ألقَ أيّ أذىً أو إزعاجٍ منه على مدار عامٍ كامل ، بل كان كثيراً ما يدعوني لأرتشف معه فنجانَ شايٍ كلما التقينا دُبرَ كل صلاة !


لم أجدّ بُداً من أن أبوح له بالسبب وإن كنتُ حتى لحظتي لا أجد ما يدفعني لذلك ؛ إلاّ أنه كان كريماً خلوقاً احتواني بابتسامته وصوته الذي كان أقرب وصف يوصف به أنه خافت هامس .. فلم أجد شيء يمنعني من أن أكشف له ما في قلبي ، قلتُ له :
ريّان : والله يا أبا ... ؟ بالمناسبة يا دكتور بمَ تُكنّى ؟
إياس : أبو سارة ..
ريّان : أبو سارة ؟ ولمَ ليسَ سواها ؟ امممـ .. اسم رجلٍ مثلا !
إياس : " سارة " اسم أمي ، وهي أعزّ وأحب شيء رأته عيني يوماً .
ريّان : إيه يا أبا سارة .. أنتَ أمّك وأنا أبي ، ربما هي افتتاحيّة مناسبة لما سأخبرك به ، يا أبا سارة .. إن والدي رحل عن الدنيا ولم يترك لي من الدنيا سوى هذا البيت ، وقد أجّرتُ شطره لأسدد وأقارب في تسديد الديون التي عليّ ، فالدائنون ينتظرون .. ووالدي في قبره موثق بدينه ، وأنا أريد أو أوفيه عنه ، لذا لم أجد إلا أن أرفع عليك إيجار المكان الذي تسكن به ، ليس من سبب إلا هذا ؛ وإلا فأنت جار كريم السجايا لطيف المعشر ما وجدتُ منك سوءاً قط !
إياس : هكذا إذاً ؟ لك كل الحق فيما فعلت يا أخي ، أعتذر من تطفلي عليك وعلى تخطيطك ، ولك عليّ أن أدفع الزيادة كاملة في القسط الأوّل جزاء إزعاجي لك .
ريّان : لا داعي .. لا داعي .. لا ترهق نفسك ، بل اقسمها قسمين مناصفة ، يكفي أن يصل المبلغ لي كاملاً في آخر السنة ، مقدّر لك تفهّمك يا دكتور .

أتظنين أنها انتهى إلى هذا الحد من التفهّم يا منال ؟ لا ! بل إنه لمّا انتهت السنة وحان موعد سداد القسط الثاني جاءني بشيكين اثنين ، أحدهما بقيمة ثمانية عشر ألف ريال وهو المبلغ المستحق ، أما الشيك الآخر فكان بقيمة مئة ألف ريال !

منال : مئة ألف ريال ..!؟ ولكن ما مناسبتها ؟

ريّان : أتاني يقول بأن خير البرّ عاجله ، وهذه قيمة إيجار الشقة لمدة ثلاث سنوات قادمة ، يدفعها مقدماً لي لأنه يريد أن يريح تفكيره من قضيّة السكن ، ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد لحاجتي إلى هذه المبلغ رغم يقيني بأن ما دفعه لما فعل هو رغبته في مساعدتي ، قمت له .. عانقته .. لم أملك والله دمعتي يا منال ، وكأنه يشعر بي .. إذ أتاني أحد الدائنين قبل يومين من مجيء إياس يطالبني بقيمة ثمانين ألف ريال خلال أسبوع وإلا فسيرفع أمري إلى المحكمة .

بعد هذا الموقف .. علمتُ حقيقةً ( رُب أخ لك لم تلده أمّك ! ) ، وتأكدُت أن من أغلى ما في الحياة الصديق الصدوق الذي يأتيك قبل أن تأتيه ويُعينك قبل أن تطلبه ويُغيثك قبل أن تستغيث به ، صار لي د. إياس - أو إياس كما يُحبّ أن أناديه -أكثر من جار .. بل وحتى أكثر من صديق ، لقد كان الناصح لي وقد كنت الناصح له كذلك ، عجيب هو قدر الله في تسخير الناس لبعضهم وتسيير الأرزاق لهم سواء أكان الرزق مالاً أو قوتاً أو أغلى منهما وهو الجليس الصالح ، ولطالما تأملتُ حديث الأرواح ( الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها اختلف ) فلا أكاد أن أتم كلماته حتى ترتسم على شفتيّ ابتسامة التصديق والإيمان بكلام الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - .

منال : ها قد بدأت في الوعظ والفلسفة ، كفاك منهما يا ريّان ، أريد مرّة أن أستمع إليك دون أن تصبغ مقولك بنبرة الفوقية المعلّمة وكأن الناس جُهّال لا يفهمون .. إلا أنت !

ريّان : أعتذر .. هذه آخر مرّة .. أتوب .. لا أعود ثانية .. رضيتي الآن إذاً ؟ على أية حال هذا هو المستشفى أمامنا ، لكن تبقت لنا الخطوة الأصعب من زحمة الطريق والأثقل من وعظي وفلسفتي ، أين سنجد موقفَ سيّارة ؟
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:20 AM.