اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #29  
قديم 11-12-2011, 03:19 PM
نقاء الروح نقاء الروح غير متواجد حالياً
طالبة جامعية
عضو مثالي لعام 2011
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 3,789
معدل تقييم المستوى: 20
نقاء الروح is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الأخــير



ريّان : حصّلت ما تريد ؟ ومن قال لك أنك حصلت عليه ؟ أما زلتَ متعلقاً بتلك العفيفة - كما تقول - بعد رسالتها !؟

إياس : احفظ لسانك .. وانتقِ ألفاظك .. وأحسن صياغة ما تقوله ، نعم .. هي عفيفة شريفة تقيّة نقيّة صالحة طاهرة غصباً عنك وعن كل ما لا يريد ، عجباً لك أيها الإنسان الانتقائي !

ريّان : ما لكَ غضبت ؟ كنتُ أسأل فقط ، ولم أصفها بشيء !

إياس : وكيف لا أغضب !؟ لا داعي لتعريضك بها والسخرية بطريقة الضرب ثم الهروب ، ما كان عليك أن تقول ما قلته عنها ، ليس لأنها " رؤى " ، ولكن لأنها فتاة مسلمة قبل أي شيء له حق حماية العرض والشرف .

ريّان : اعذرني ما كنت أعلم أن سيتبادر إلى ذهنك كل هذا ..

إياس : أتعلم يا ريّان ! لدينا جميعاً مشكلة في النظر إلى الأخطاء عموماً والأخطاء في هذا المجال خصوصاً ، تأمل معي .. أرسلتُ لها أنا أربعة عشر رسالة ( 13 الأولى + 1 الأخيرة ) ولم تُنكر عليّ ذلك ، بل إنني لما ترددت في الحديث عن رسالتي الأخيرة أقنعتني بأنه خطأ من الماضي وأن علّي تصحيحه وعدم الالتفات إليه ، لم تشر إلي أني منافق .. ولا إلى أني خدعت الناس بمظهري الصالح .. حتى وجهك لم يكن ليتمعّر وأنا أحدثك عن أفعالي المشينة ، بينما هي برسالة واحدة أسقطتها وجرحتني بالحديث عن عفتها ، ما لكم كيف تحكمون ؟!!

هي رسالة .. مجرّد رسالة .. لستُ أهوّن من خطئها .. هي بأسوأ أحوالها ستكون خطأ من صغائر الذنوب تجبه التوبـة الصالحة ، لا يجب أبداً أن نصوّر الأخطاء أكبر من حجمها الطبيعي ، تخيّل معي رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادماً على تقبيله امرأة أجنبيّة عنه .. ليست رسالة .. بل قبلة ! .. خطأ شنيع .. لكن مُعلمنا لم يصوّر الأمر على أنه زنا .. لم يصوّر الأمر على أنه نقص في الشرف .. لأنه يعلم أن الأمر لا يعدو كونه قبلة .. الأمر انتهى وانقضى ولا يسعنا الحكم على حياة ممتدة سنوات .. بناء على موقف واحد ، ولك أن تتخيل أن الله أنزل في ذلك الرجل قُرآناً يُتلى إلى يوم القيامة ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنـات يُذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) ، سبحانك يا الله .. تأمّل الآية .. سمّى المخطئ ذاكراً .. لم يسمّه قليل عفة .. لم يسمّه بأي وصف سوى وصف الذكرى لأنه تذكّر بعدما حاد عن الصواب ( إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) .

أتصدّق ؟ نحن نقع في الخطأ الأكبر من حيث لا نشعر ؛ حينما نصف المخطيء بأبشع الأوصاف وكأننا نوعز له بأن لا عودة إلى مكانك بيننا ، نخلق بيننا وبينه حاجزاً .. نجعله يفرّ منّا .. لا يمكن لإنسانٍ أن يعيش بين قومٍ يرونه ناقصاً ، هذا لو افترضنا حقاً أن الإنسان قد ارتكب جرماً بشعاً .. فما بالك والخطأ أصغر بكثير مما نتصوّر .

أما الخطأ الثاني فهو أننا نخلط المعصية المحرمة شرعاً .. بما يُحرّمه المجتمع عُرفاً ، بل وأحياناً نصوّر ما يراه المجتمع محرماً عرفاً أكبر من الحرام الشرعي ، أنت أنت يا ريّان .. كم مرّة وقعت عينك على صورة محرّمة وُضعت على صفحة غلاف إحدى المجلات ثم نسيت نفسك وبقيت تتأملها !؟ أتعلم أن خطأك هذا أعظم عند الله من رسالة رؤى !؟ أتعلم أن انتقاصك أنت لرؤى وغيبتك لها أعظم عند الله من رسالتها !؟ لكنك غافل عن هذا وساهٍ ؛ لأن المجتمع لا يرى في هذا شيئاً كبيراً وقد اعتاد الناس عليه ، بخلاف ما فعلته هي مما نستقبحه عُرفاً .. أكثر من استقباحنا له شرعاً !

هذا كلّه .. عدا أن عيب الفتاة مضروب في عشرة مقارنة بعيب الرجل ، أربعة عشر رسالة مني لم تشفع لي أن أنال وصفاً قبيحاً منك ؛ بخلاف رسالة واحدة جاءت منها على تردد فنسفت بسببها برج عفتها ، يا ريّان .. الإنسان إنسان .. ليس ملاكاً .. له مشاعر .. لديه نفس أمّارة بالسوء .. خلفه شيطان يدفعه .. كل هذا عدا لحظات ضعف تصيبه فتجعله قريباً من ارتكاب الأخطاء ، أبونا آدم نبيّ يا ريان .. ليس بشراً عادياً .. ولكنه عصى ربّه فأكل من الشجرة ، أفأسقط هذا الفعل الخاطيء من آدم وصف النبوّة !؟ أبونا آدم سمّى ابنه عبد الحارث يا ريّان .. أفأسقط ذلك منه شرف الأبوّة !؟

لن نكون منصفين أبداً إن حكمنا على الأخرين من خلال مواقف عابرة ، وتأكد أننا سنقع يوماً ضحيّة لتصنيف غيرنا لنا بناء على أخطاء لنا عابرة أيضاً ؛ إن لم نحاول تصحيح الوضع من خلال رؤية الخطأ بحجمه الطبيعي دون الاستعانة بعدسات مكبرة .. ومن خلال تقبل المخطيء ونسيان خطأه الذي وقع فيه على حين ضعف منه وعدم اجتراره كل حين .

ريّان : أظنك مصيباً فيما قلت .. إيـه .. أسأل الله أن يغفر لنا ..

إياس : وبخلاف ما تظنّه أنت .. رسالتها تلك قربتها لي كثيراً .. كثيراً جداً ، زادت محبتها في قلبي .. شعرتُ أني أحب أحداً يحبني ولستُ أبادل الحب مع أحدٍ لا يراني شيئاً ، ولك أن تتصور قدر الدموع التي سكبتها حين سجدت شكراً لله .. دموع شكرٍ أن الله كان سميعاً لدعائي .. دموع ألمٍ وشفقة على ما سببته لـ " رؤى " من ألم حتى أخرجها ذلك عن طورها وعن ما اعتادته من رزانة ، أدركتُ كم كنتُ جارحاً لها ومضايقاً لمشاعرها بعد أن كنت أظن أني أنا الوحيد الذي يتألم ويُحس .

ريّان : طيب هل خطبتها مرة ثالثة حقاً ؟ وما علاقة د. مراد بذلك !؟

إياس : د. مراد ؟ لم أنطق اسم ( مراد ) في حديثي كله .

ريّان : يا رجل ! لتوّك قلت أنك ستصلي الفجر في مسجد د. مراد .

إياس : أنا قلتُ مراد ؟

ريّان : نعم !

إياس : لا لا .. كنت أقصد الدكتور مؤيّد صديق الدكتور خالد المقرّب .

ريّان : آها ..

إياس : صليت الفجر في مسجد د. مؤيّد والتقيته .. سلمت عليه .. تعجب من حضوري له فجراً ، تساءل عن السبب .. فأجبته بأني أريد رقم جوّال الدكتور خالد ومكان عيادته لأمر لا يحتمل التأخير ، نظر إليّ نظر ريبة ثم قال لولا أنه يعرفني جيداً ويعرف أني لست أريد الدكتور خالد بسوء لما أعطاني تلك المعلومات عنه .

وحتى بداية الدوام .. وأنا أدور بسيارتي حول مبنى عيادة الدكتور خالد انتظاراً لمقدمه ، كنتُ أحضّر ما الذي يمكن أن أقوله له وما الذي يمكن أعرّف به عن نفسي ، بيّت حديثاً منمّقاً وزخرفته وجمّلته حتى لا أرتبك أو أتلعثم ؛ فقد زرع الله للدكتور مهابة في قلبي .. إضافة إلى هيبة ما أنا مُقدم عليه من عمل .

رأيتُ الدكتور يدخل بنايته أمامي فإذا بأطرافي ترتعد .. ارتبكتُ .. حتى طريقة قيادتي لسيارتي نسيتها فما صرت أفرّق بين المكابح ودواسة الوقود .. وقد حماني الله بصلاتي للفجر جماعة وإلا لكنت حتى الآن أرقد في المستشفى نتيجة حادث اصطدام مع شاحنة البلدية المخصصة لجمع القمامة !

توقفت أستجمع قواي وأرتب أفكاري من جديد ، قررت حينها أن أعدل عن فكرة مقابلة الدكتور وجهاً لوجه إلى الاتصال به هاتفياً ؛ ربما سيكون ذلك أقل هيبة في نفسي ، أخرجتُ هاتفي الجوال لأتصل به .. أدرتُ الاتصال .. ثم قطعته سريعاً ، ماذا سأقول للدكتور

امممـ... يا للمصيبة ، ألهذه الدرجة أجد أني لا أستطيع التصرف بشكل تلقائي !؟ هل سأُحرم من رؤى لأني لا أستطيع أن أحادث والدها وأطلب يدها منه !؟ هل بعد كل هذا الجري الطويل وراءها سأقف قبل خط النهاية !؟

كنت متوتراً جداً لدرجة لا يمكن أن أصفها ، كنت خائفاً أيضاً من أن لا أجد ترحاباً من الدكتور خالد ، كنت خائفاً أن لا يكون اللقاء الأول بالشخصية الأولى لديّ لقاءاً ودوداً ؛ وحينها سأخسر رؤى .. وسأخسر والدها أيضاً ، عزمتُ أن أتريّث إلى العصر حتى أرتاح قليلاً وأهدأ ، وأن أتّصل به حينها لعل الله أن يُحدث حينها أمراً .

بعد صلاة العصر .. أمسكت جوالي وبدأت أستحضر بعض الحديث الذي يمكن أن أتحدث به مع الدكتور ، فشلتُ أيضاً في أن أهيّء نفسي هذه المرة أيضاً ، جلستُ أفكّر .. رأيتُ أن أصلي استخارة ثم أتصل به وليحصل ما يحصل .

صليت ركعتين ثم أمسكتُ جوّالي بيدي المرتعشتين .. فيد واحدة لا تكفي لأن تمسكه ( ! ) .. واتصلتُ ، طووط .. طووط .. طووط .. طووط .. طووط .. طووط .. طووط .. طووط .. طووط .. طووط .. ولا ثمة من يرد على الجوال ، جلست واتكأت على مساندَ وضعت للصف الأول وأنا أفكّر .. هل أتصل به مرة أخرى أم ماذا أفعل !؟
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:45 PM.