اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم (مكتوب و مسموع و مرئي)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-04-2008, 04:48 PM
الصورة الرمزية الجويرية
الجويرية الجويرية غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 4,576
معدل تقييم المستوى: 22
الجويرية is on a distinguished road
افتراضي

{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} أي قرب قيام الساعة فلا تستعجلوا العذاب الذي أوعدكم به محمد، وإِنما أتى بصيغة الماضي لتحقق وقوع الأمر وقربه، قال الرازي : لما كان واجب الوقوع لا محالة عبّر عنه بالماضي كما يقال للمستغيث : جاءك الغوثُ فلا تجزع {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي تنزَّه الله عما يصفه به الظالمون، وتقدس عن إشراكهم به غيره من الأنداد والأوثان {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} أي يُنزّل الملائكة بالوحي والنبوة بإِرادته وأمره {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} أي على الأنبياء والمرسلين، وسمَّى الوحي روحاً لأنه تحيا به القلوب كما تحيا بالأرواح الأبدان {أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِي} أي بأن أنذروا أهل الكفر أنه لا معبود إلا الله فخافوا عذابي وانتقامي.


خَلَقَ الإِنسَانَ} : نزلت الآية في أبي بن خلَف الجمحي حين جاء بعظم رميم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد، أترى الله يحيي هذا بعدما رمَّ ؟ ونظير الآية قوله تعالى في سورة يس : {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} إلى آخر السورة.



ثم ذكر تعالى البراهين الدالة على وحدانيته وقدرته فقال {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} أي خلقهما بالحق الثابت، والحكمة الفائقة، لا عبثاً ولا جُزافاً {تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي تمجَّد وتقدَّس عن الشريك والنظير {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} أي خلق هذا الجنس البشري من نطفةٍ مهينة ضعيفة هي المنيُّ {فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} أي فإِذا به بعد تكامله بشراً مخاصمٌ لخالقه، واضح الخصومة، يكابر ويعاند، وقد خُلق ليكون عبداً لا ضداً قال ابن الجوزي: لقد خُلق من نطفة وهو مع ذلك يخاصم وينكر البعث، أفلا يستدل بأوله على آخره، وبأن من قدر على إِيجاده أولاً قادرٌ على إعادته ثانياً؟ {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا} أي وخلق الأنعام لمصالحكم وهي الإِبل والبقر والغنم {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} أي لكم فيها ما تستدفئون به من البرد مما تلبسون وتفترشون من الأصواف والأوبار {وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} أي ولكم فيها منافع عديدة من النسل والدر وركوب الظهر، ومن لحومها تأكلون وهو من أعظم المنافع لكم {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} أي ولكم في هذه الأنعام والمواشي زينةٌ وجمالٌ حين رجوعها عشياً من المرعى، وحين غُدوّها صباحاً لترعى، جمال الاستمتاع بمنظرها صحيحةً سمينةً فارهة {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنفُسِ} أي وتحمل أحمالكم الثقيلة وأمتعتكم التي تعجزون عن حملها إلى بلدٍ بعيد لم تكونوا لتصلوا إليه إلا بجهدٍ ومشقة {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي إنَّ ربكم أيها الناس الذي سخَّر لكم هذه الأنعام لعظيمُ الرأفة والرحمة بكم {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} أي وخلق الخيل والبغال والحمير للحمل والركوب وهي كذلك زينة وجمال {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} أي ويخلق في المستقبل ما لا تعلمونه الآن كوسائل النقل الحديث : القاطرات، والسيارات، والطائرات النفاثة وغيرها مما يجدُّ به الزمان وهو من تعليم الله للإِنسان {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} أي وعلى الله جل وعلا بيانُ الطريق المستقيم، الموصلِ لمن يسلكه إلى جنات النعيم {وَمِنْهَا جَائِرٌ} أي ومن هذه السبيل طريقٌ مائلٌ عن الحق منحرفٌ عنه، لا يوصل سالكه إلى الله وهو طريق الضلال، كاليهودية والنصرانية والمجوسية {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} أي ولو شاء أن يهديكم إلى الإِيمان لهداكم جميعاً ولكنه تعالى اقتضت حكمته أن يدع للإِنسان حرية الاختيار {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ليترتب عليه الثواب والعقاب.





ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليهم من الأنعام، شرع فيذكر سائر النعم العظام وآياته المنبثة في الكائنات فقال {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً} أي أنزل المطر بقدرته القاهرة من السحاب {لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ} أي أنزله عذباً فراتاً لتشربوه فتسكن حرارة العطش {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} أي وأخرج لكم منه شجراً ترعون فيه أنعامكم {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ} أي يخرجها من الأرض بهذا الماء الواحد على اختلاف صنوفها وطعومها وألوانها {وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} أي ومن كل الفواكه والثمار يخرج لكم أطايب الطعام {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} أي إن في إنزال الماء وإِخراج الثمار لدلالة واضحة على قدرة الله ووحدانيته لقومٍ يتدبرون في صنعه فيؤمنون قال أبو حيان: ختم الآية بقوله {يَتَفَكَّرُونَ} لأن النظر في ذلك يحتاج إلى فضل تأمل، واستعمال فكر، ألا ترى أن الحبة الواحدة إذا وُضعت في الأرض ومرَّ عليها زمن معيَّن لحقها من نداوة الأرض ما تنتفخ به فيُشق أعلاها فتصعد منه شجرة إلى الهواء، وأسفلها يغوص منه في عمق الأرض شجرةٌ أخرى وهي العروق، ثم ينمو الأعلى ويقوى وتخرج الأوراق والأزهار، والأكمام والثمار، المشتملة على أجسامٍ مختلفة الطبائع والألوان والأشكال والمنافع وذلك بتقدير قادرٍ مختار وهو الله تعالى {وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} أي ذلّل الليل والنهار يتعاقبان لمنامكم ومعاشكم، والشمس والقمر يدوران لمصالحكم ومنافعكم {وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} أي والنجومُ تجري في فلكها بأمره لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي إن في ذلك الخلق والتسخير لدلائل باهرة عظيمة، لأصحاب العقول السليمة {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} أي وما خلق لكم في الأرض من الأمور العجيبة، من الحيوانات والنباتات، والمعاد والجمادات، على اختلاف ألوانها وأشكالها، وخواصها ومنافعها {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} أي لعبرةً لقومٍ يتعظون {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ} أي وهو تعالى - بقدرته ورحمته - ذلّل لكم البحر المتلاطم الأمواج للركوب فيه والغوص في أعماقه {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} أي لتأكلوا من البحر السمك الطريَّ الذي تصطادونه {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} أي وتستخرجوا منه الجواهر النفيسة كاللؤلؤ والمرجان {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} أي وترى السفن العظيمة تشق عُباب البحر جاريةً فيه وهي تحمل الأمتعة والأقوات {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي سخر لكم البحر لتنتفعوا بما ذُكر ولتطلبوا من فضل الله ورزقه سبل معايشكم بالتجارة {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي ولتشكروا ربكم على عظيم إنعامه وجليل أفضاله {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي نصب فيها جبالاً ثوابت راسيات لئلا تضطرب بكم وتميل قال أبو السعود: إن الأرض كانت كرةً خفيفة قبل أن تُخلق فيها الجبال، وكان من حقها أن تتحرك كالأفلاك بأدنى سبب فلما خُلقت الجبال توجهت بثقلها نحو المركز فصارت كالأوتاد لها {وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي وجعل فيها أنهاراً وطرقاً ومسالك لكي تهتدوا إلى مقاصدكم {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} أي وعلامات يستدلون بها على الطرق كالجبال والأنهار، وبالنجوم يهتدون ليلاً في البراري والبحار قال ابن عباس: العلامات معالمُ الطرق بالنهار وبالنجم هم يهتدون بالليل.

__________________
ربى أرنى الحق حقا وأرزقنى اتباعه وأرنى الباطل باطلا وارزقنى اجتنابه
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-04-2008, 12:42 AM
الصورة الرمزية عاشقـــ الانمى ـــة
عاشقـــ الانمى ـــة عاشقـــ الانمى ـــة غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 10,302
معدل تقييم المستوى: 0
عاشقـــ الانمى ـــة is an unknown quantity at this point
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطامع فى رضا الله مشاهدة المشاركة
{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} أي قرب قيام الساعة فلا تستعجلوا العذاب الذي أوعدكم به محمد، وإِنما أتى بصيغة الماضي لتحقق وقوع الأمر وقربه، قال الرازي : لما كان واجب الوقوع لا محالة عبّر عنه بالماضي كما يقال للمستغيث : جاءك الغوثُ فلا تجزع {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي تنزَّه الله عما يصفه به الظالمون، وتقدس عن إشراكهم به غيره من الأنداد والأوثان {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} أي يُنزّل الملائكة بالوحي والنبوة بإِرادته وأمره {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} أي على الأنبياء والمرسلين، وسمَّى الوحي روحاً لأنه تحيا به القلوب كما تحيا بالأرواح الأبدان {أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِي} أي بأن أنذروا أهل الكفر أنه لا معبود إلا الله فخافوا عذابي وانتقامي.


خَلَقَ الإِنسَانَ} : نزلت الآية في أبي بن خلَف الجمحي حين جاء بعظم رميم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد، أترى الله يحيي هذا بعدما رمَّ ؟ ونظير الآية قوله تعالى في سورة يس : {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} إلى آخر السورة.



ثم ذكر تعالى البراهين الدالة على وحدانيته وقدرته فقال {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} أي خلقهما بالحق الثابت، والحكمة الفائقة، لا عبثاً ولا جُزافاً {تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي تمجَّد وتقدَّس عن الشريك والنظير {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} أي خلق هذا الجنس البشري من نطفةٍ مهينة ضعيفة هي المنيُّ {فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} أي فإِذا به بعد تكامله بشراً مخاصمٌ لخالقه، واضح الخصومة، يكابر ويعاند، وقد خُلق ليكون عبداً لا ضداً قال ابن الجوزي: لقد خُلق من نطفة وهو مع ذلك يخاصم وينكر البعث، أفلا يستدل بأوله على آخره، وبأن من قدر على إِيجاده أولاً قادرٌ على إعادته ثانياً؟ {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا} أي وخلق الأنعام لمصالحكم وهي الإِبل والبقر والغنم {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} أي لكم فيها ما تستدفئون به من البرد مما تلبسون وتفترشون من الأصواف والأوبار {وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} أي ولكم فيها منافع عديدة من النسل والدر وركوب الظهر، ومن لحومها تأكلون وهو من أعظم المنافع لكم {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} أي ولكم في هذه الأنعام والمواشي زينةٌ وجمالٌ حين رجوعها عشياً من المرعى، وحين غُدوّها صباحاً لترعى، جمال الاستمتاع بمنظرها صحيحةً سمينةً فارهة {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنفُسِ} أي وتحمل أحمالكم الثقيلة وأمتعتكم التي تعجزون عن حملها إلى بلدٍ بعيد لم تكونوا لتصلوا إليه إلا بجهدٍ ومشقة {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي إنَّ ربكم أيها الناس الذي سخَّر لكم هذه الأنعام لعظيمُ الرأفة والرحمة بكم {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} أي وخلق الخيل والبغال والحمير للحمل والركوب وهي كذلك زينة وجمال {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} أي ويخلق في المستقبل ما لا تعلمونه الآن كوسائل النقل الحديث : القاطرات، والسيارات، والطائرات النفاثة وغيرها مما يجدُّ به الزمان وهو من تعليم الله للإِنسان {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} أي وعلى الله جل وعلا بيانُ الطريق المستقيم، الموصلِ لمن يسلكه إلى جنات النعيم {وَمِنْهَا جَائِرٌ} أي ومن هذه السبيل طريقٌ مائلٌ عن الحق منحرفٌ عنه، لا يوصل سالكه إلى الله وهو طريق الضلال، كاليهودية والنصرانية والمجوسية {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} أي ولو شاء أن يهديكم إلى الإِيمان لهداكم جميعاً ولكنه تعالى اقتضت حكمته أن يدع للإِنسان حرية الاختيار {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ليترتب عليه الثواب والعقاب.





ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليهم من الأنعام، شرع فيذكر سائر النعم العظام وآياته المنبثة في الكائنات فقال {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً} أي أنزل المطر بقدرته القاهرة من السحاب {لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ} أي أنزله عذباً فراتاً لتشربوه فتسكن حرارة العطش {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} أي وأخرج لكم منه شجراً ترعون فيه أنعامكم {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ} أي يخرجها من الأرض بهذا الماء الواحد على اختلاف صنوفها وطعومها وألوانها {وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} أي ومن كل الفواكه والثمار يخرج لكم أطايب الطعام {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} أي إن في إنزال الماء وإِخراج الثمار لدلالة واضحة على قدرة الله ووحدانيته لقومٍ يتدبرون في صنعه فيؤمنون قال أبو حيان: ختم الآية بقوله {يَتَفَكَّرُونَ} لأن النظر في ذلك يحتاج إلى فضل تأمل، واستعمال فكر، ألا ترى أن الحبة الواحدة إذا وُضعت في الأرض ومرَّ عليها زمن معيَّن لحقها من نداوة الأرض ما تنتفخ به فيُشق أعلاها فتصعد منه شجرة إلى الهواء، وأسفلها يغوص منه في عمق الأرض شجرةٌ أخرى وهي العروق، ثم ينمو الأعلى ويقوى وتخرج الأوراق والأزهار، والأكمام والثمار، المشتملة على أجسامٍ مختلفة الطبائع والألوان والأشكال والمنافع وذلك بتقدير قادرٍ مختار وهو الله تعالى {وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} أي ذلّل الليل والنهار يتعاقبان لمنامكم ومعاشكم، والشمس والقمر يدوران لمصالحكم ومنافعكم {وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} أي والنجومُ تجري في فلكها بأمره لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي إن في ذلك الخلق والتسخير لدلائل باهرة عظيمة، لأصحاب العقول السليمة {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} أي وما خلق لكم في الأرض من الأمور العجيبة، من الحيوانات والنباتات، والمعاد والجمادات، على اختلاف ألوانها وأشكالها، وخواصها ومنافعها {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} أي لعبرةً لقومٍ يتعظون {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ} أي وهو تعالى - بقدرته ورحمته - ذلّل لكم البحر المتلاطم الأمواج للركوب فيه والغوص في أعماقه {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} أي لتأكلوا من البحر السمك الطريَّ الذي تصطادونه {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} أي وتستخرجوا منه الجواهر النفيسة كاللؤلؤ والمرجان {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} أي وترى السفن العظيمة تشق عُباب البحر جاريةً فيه وهي تحمل الأمتعة والأقوات {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي سخر لكم البحر لتنتفعوا بما ذُكر ولتطلبوا من فضل الله ورزقه سبل معايشكم بالتجارة {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي ولتشكروا ربكم على عظيم إنعامه وجليل أفضاله {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي نصب فيها جبالاً ثوابت راسيات لئلا تضطرب بكم وتميل قال أبو السعود: إن الأرض كانت كرةً خفيفة قبل أن تُخلق فيها الجبال، وكان من حقها أن تتحرك كالأفلاك بأدنى سبب فلما خُلقت الجبال توجهت بثقلها نحو المركز فصارت كالأوتاد لها {وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي وجعل فيها أنهاراً وطرقاً ومسالك لكي تهتدوا إلى مقاصدكم {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} أي وعلامات يستدلون بها على الطرق كالجبال والأنهار، وبالنجوم يهتدون ليلاً في البراري والبحار قال ابن عباس: العلامات معالمُ الطرق بالنهار وبالنجم هم يهتدون بالليل.
__________________

الحمد لله على كل شئ
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:23 PM.