|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#9
|
|||
|
|||
![]() الخطبة الأولى أما بعد: فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمد ![]() ثم أما بعد: عبادَ الله، ها نحن في شهر الله المحرم، وقد ودعنا عامًا واستقبلنا آخر، فما أسرع ما مضى وانقضى، وما أعظم ما حوى، فكم من حبيب فيه فارقنا، وكم من اختبار وبلاء فيه واجهنا، وكم من سيئات فيه اجترحنا، وكم من عزيز أمسى فيه ذليلاً، وكم من غني أضحى فيه فقيرًا، وكم من حوادث عظام مرت بنا، ولكن أين المعتبرون المبصرون؟! وأين الناظرون إلى قول النبي ![]() هذا، وقد ذكر أهل الأخبار أنَّ المسلمين لم يكونوا يعملون بالتاريخ السنوي في أوَّل الأمر حتَّى كانت خلافة عمر بن الخطاب، فإنَّه جمع الناس فاستشارهم، فقال بعضهم: أرِّخوا كما تؤرِّخ الفرس بملوكها، كلَّما هلك ملك أرَّخوا بولاية من بعده، فكرِه الصحابة هذا الرأي، وقال آخرون: أرِّخوا بتاريخ الروم، فكرهوا ذلك أيضًا، فقال بعضهم: أرِّخوا من مولد النبيِّ ![]() ![]() واليومَ نرى معظم الأمَّة الإسلاميَّة قد عدلت عن التأريخ بالتاريخ الإسلامي الهجريّ القمري إلى التأريخ بتاريخ النصارى الميلادي الشمسيّ الجريجوري، نسبةً إلى البابا جريجوري، وهو تأريخ كما لا يخفى لا يَمتُّ إلى ديننا بصلة. وإذا كان لبعض الناس شبهةٌ من العذر حين استعمَر النصارى بلادَهم وأرغموهم على أن يتناسَوا تاريخهم الإسلامي الهجري فليس لهم الآن أيُّ عذر في البقاء على تاريخ النصارى الميلادي، وقد علمتم أنَّ الصحابة كرهوا التأريخ بتاريخ الفرس والروم، والهدى في اتِّباعهم، والضلالة في مخالفة سبيلهم، قال الله تعالى: ![]() ![]() ![]() ![]() فالعجب من أمَّة الإسلام تترك هذا الشرع القويم في باب التأريخ، وهذه أمَّة اليهود لا تزال تؤرِّخ بتاريخها منذ أزيدَ من خمسة آلاف سنة، وهذه النصارى لا تؤرِّخ إلا بتاريخها منذ ألفَي عام، مع ما في تأريخهم من اختلالٍ علمي وديني. فمن المؤسف حقًّا ومن المحزن المخزي ما صارت إليه هذه الأمَّة في مجموعها إلاَّ قليلا منهم من التوقيت بتاريخ النصارى الميلاديّ بدلاً من تاريخهم الإسلاميّ الهجري الذي اتّفقت عليه كلمة السلف، الذي شهوره هلاليّة كما شرع الله وكما كتب في كتابه الأوَّل، وهي الشهور التي جعلها الله تعالى مواقيت للناس كما قال عزَّ وجل: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أمَّا الشمس فإنَّما علَّق الله تعالى عليها أحكام الليل والنهار من الصلاة والصيام، فالصلاة تتعلَّق بطلوع الفجر وطلوع الشمس وزوالها ودلوكها وغروبها وغياب الشفق، والصيام موقَّت بمدَّة النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فبالشمس يتمُّ حساب مواقيت اليوم المتعلِّقة بالصلاة والصيام. وأمَّا حلول شهر الصيام والفطر والأشهر الحرم والحجِّ وعِدَد النساء ومُدد الإيلاء وحلول آجال الزكاة والدّيون وغير ذلك من الأحكام والشرائع فهي موقَّتة بالأهلَّة. فبالشمس يتمُّ حساب الليالي والأيام، وبالقمر يتمُّ حساب الشهور والأعوام. هذا هو الدين القيم الذي شرعه الله للناس أجمعين، ليس كالشهور الإفرنجيَّة، فإنَّها شهورٌ وهميَّة، فلا هي ممَّا شرع الله في كتاب صريح، ولا هي ممَّا بني على حساب علميِّ صَحيح، بل هي شهورٌ اصطلاحيَّة مختَلفة، بعضها واحدٌ وثلاثون يومًا، وبعضها ثمانية وعشرون يومًا وبعضها بين ذلك، ولا يُعلم لهذا الاختلاف من سبب حقيقيّ محسوس أو معقول، ولا مشروع على لسان رسول؛ ولهذا طرحت مشروعات في الآونة الأخيرة لتغييرِ هذه الأشهر على وجه ينضَبط، لكنَّها عورضت من قبل الكنيسة ورفضها القسِّيسون رفضًا شديدًا، تعصُّبًا منهم لباطلهم وتقليدًا لجهالهم. فانظروا ـ معاشر المسلمين ـ كيف يعارض رجال الدين من النصارى في تغيير أشهر وهمية مختلقة إلى اصطلاح علميّ يكون أحسَن وأضبط، وأهل الإسلام فعامَّتهم سالكون لسبيلهم المعوجَّة، منحرفون عن سبيل سلفهم الصالح الواضحة المحجَّة. وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل فقيل له: إنَّ للفرس أيَّامًا وشهورًا يسمُّونها بأسماء لا تعرف، فكره ذلك أشدَّ الكراهة. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. ![]() الخطبة الثانية الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.أما بعد: عباد الله، لقد عشنا في الأيام الماضية ذكرى حادثة عظيمة من حوادث تاريخنا الإسلامي، هذه الحادثة كانت إيذانا بعهد جديدٍ وتحوّل مهمّ في تاريخ الدعوة الإسلامية، تلكم هي هجرة رسول الله ![]() ![]() ![]() ![]() لقد علمتنا الهجرة الشريفة أن الثقة واليقين بالله يقودان إلى نصره الموعود لعباده المؤمنين، وصدق الله العظيم: ![]() ![]() ![]() فيا أخي المسلم، لئن فاتك ثواب الهجرة إلى الله ورسوله في زمن النبوة فقد شرع الله لك هجرة من نوع آخر، فيها الثواب العظيم، فاهجر المعصية إلى الطاعة، واهجر التفريط، وهاجر إلى الاستقامة، واهجر التمرد والآثام إلى الانقياد والاستسلام، واهجر الكسل والأمل الباطل إلى الجد والاجتهاد فيما يرضي مولاك، وهاجر بقلبك من الركون إلى الدنيا والاطمئنان إليها إلى الدار الآخرة والرغبة فيها، وفي صحيح مسلم أن النبي ![]() وإن حادث هجرة المصطفى ![]() وإن حال المسلمين في العالم يوجب الاستفادة من معاني الهجرة النبوية، فلن يصلح حال المسلمين في هذا العصر إلا بالأمور التي صلح بها السلف الصالح، من الإيمان الحق والتوحيد الخالص والخلق الكريم والصدق مع الله والتوكل عليه والصبر على المكاره وإحسان العبادة على وفق ما جاء به النبي ![]() وإننا لنؤمّل خيرًا في هذه الأمة بأن تعود إلى ربها ودينها حتى يكون لها التمكين والظهور على أعدائها، خاصة في هذه الأيام مع الهجمة الشرسة والسخرية والاستهزاء الذي يتعرّض له صاحب الهجرة ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() يا ناطح الجبل العالي ليثلمه أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() والدول الغربية إذا لم تقم العدل لم تبق من مقومات بقائها كثير أعمدة، ولعل وقيعة بعض الغربيين في النبي الكريم ![]() وإنك لتعجب من دول يعتذّر حكماؤها لسفهائها بحجة إتاحة الحريات، مع أن شأنهم مع من عادى السامية أو تنقصها يختلف! وإذا تقرر هذا فليعلم أن من واجب المسلمين أن يذبوا عن عرض رسول الله بما أطاقوا قولاً وعملاً، وأن يسعوا في محاسبة الظالم وفي إنزال العقوبة التي يستحقها به، كما قال الله تعالى: ![]() ![]() ![]() ![]() أيها الإخوة، كونوا على يقين أن الله منتقم لنبيه ![]() ![]() ![]() هذا، والله أسأل أن يعجل بالانتصار لنبيه ![]() وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|