اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-01-2014, 12:00 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

- بتاح حتب -

لم تصلنا الا معلومات طفيفة عن هذا الفيلسوف الذى ظهر قبل أفلاطون بما يقرب من ألفين و ثلاثمائة عام ، أى حوالى عام 2700 قبل الميلاد ، . و بالرغم من هذا فلدينا من " مخطوط الحكمة " الذى وضعه مقتطفات كافية تعطينا فكرة مناسبة عن فلسفته .

و قد كان بتاح حتب حاكم ممفيس و رئيس وزراء الملك . و لما اقتربت حياته من نهايتها ، اعتزل منصبه و كرس نفسه لتعليم النشء – و بخاصة ابنه – و كان هدفه – باعتباره أبا على هذه الأرض – كما عبر بنفسه : " أن يقلد الأب الحكيم المحب الذى هو فى السماء " .

و كان بتاح حتب يؤمن بأن العقاب البدنى يحث على الفضيلة ، و قال فى ذلك : إن قانون السماء و الأرض هو أن تتعلم عن طريق التألم و المعاناة . فقد بدأ الناس حياتهم كالوحوش – و هنا سبق بتاح حتب داروين فيما ذهب اليه – و لم يتعلموا كيف يصبحون آدميين الا خلال عملية بطيئة مؤلمة .

و كل طفل ، فى بدء تطوره ، ليس الا حيوانا أعجم تقريبا . و النتية المترتبة على ذلك أنه اذا أهملت العصا ، فسد الطفل ، فيجب أن يتعلم الصغير كيف يطيع السوط تماما كالحصان الجموح . و قد كان يطلق على المعلمين فى مصر القديمة بحق " اصطبل المعلمين الملكى " . و كثيرا ماذكر بتاح حتب أن أحسن درس أو محاضرة هو إلهاب ظهور الأطفال ضربا ، " إذ يبدوأ آذا الأطفال فى ظهورهم " .

و لكن بالاضافة الى العقاب فالطفل فى حاجة الى النصح . فعليه أن يتعلم النظرة الفلسفية الى الحياة . و قال بتاح حت فى ذلك : " النظرة الفلسفية هى أحسن ميراث أستطيع أن أتركه لابنى " .

و يبدأ مخطوطه فى الحكمة بطلب يلتمس فيه اعفاءه من واجباته السياسية : " مليكى و مولاى ، لقد اقتربت نهاية الحياة و أخذ الهرم يسدل ستائره على ، و خور الطفولة يعود الى . إن من تصيبه الشيخوخة تقعده فى بؤس كل يوم ، فقد أظلمت عيناى ، و حرمت أذناى السمع ، و اضمحلت قواى ، و لا تجد الراحة سبيلا الى قلبى ... و لذا أرجو أن تأذن لخادمك أن يسلم سلطة الإمارة الى ولده " .

ثم يفسر بتاح حتب بعد ذلك كيف أن هفه من مخطوطه هو أن يمكن ابنه من أن يصبح رجلا صالحا . و حتى فى تلك الفترة المبكرة من التاريخ لم يدع بتاح حتب أنه ابتكر جديدا بمخطوطه ، بل لم يفعل الا أن ألبس الحقائق القديمة ثوبا جديدا . فقال دعنى دعنى أحدث ولدى بكلمات أولئك الذين أنصتوا الى حكمة الرجال الذين عاشوا فى قديم الزمن – أولئك الذين استمعوا مرة الى كلمات الله .

و أتبع بتاح حتب هذه المقدمة بمخطوطه عن الحياة الصالحة . " لا تزه بمعرفتك ، و لا تحسبن نفسك عاما . تحدث الى الججاهل كما تتحدث الى العالم على السواء . فعليكم أن تتعلموا الكثير بعضكم من بعض ، فالمعرفة لا حدود لها ، كما أنه ليس فى الوجود أى فيلسوف يملك الحكمة الكاملة . و الحديث المتسامح اللين ، كذلك الذى يدور بين من تساووا فى المرتبة ، أندر وجودا من أحجار الزمرد "

و لكن الأعمال الرقيقة أهم بكثير من الكلمات اللطيفة اللينة . " عش فى دار الرقة و الشفقة فيأتى إليك الرجال يحملون الهدايا بأنفسهم . "

و كان بتاح حت من أنصار " الكمات اللطيفة " ، و الأعمال الرقيقة ، و اللسان الذى يعرف متى يحسن السكوت ... لا تتحدث بخشونة أو بتسرع ، و احذر من أن تخلق أعداء بكلماتك . لا تتجاوز الصدق و لا تفش كلمات قد اؤتمنت على سماعها ، سواء أكان المتحدث فلاحا أم أميرا . و سرد القصص فى غير موضعها بغيض الى النفس . "

و هذه الصورةالتى رسمها بتاح حتب للابن الحكيم تشبه الى حد بعيد – كما سنرى فيما بعد – الصورة التى رسمها أرسطو للرل دمث الأخلاق ، أو بعبارة أخرى الكامل . و هذه نصائح بتاح التى يقول فيها : " تعلم أن تختط لنفسك طريقا متزنا بين عواصف الحياة . و لا تدع شيئا يقلب اتزان شخصيتك فإن الشخصية الصالحة هى أغلى هدية فى الحياة . "

و أبحر فى خضم الحياة على سفينة مستوية . ( فلا تكن خجولا الى حد ألا تذكر الحق ، و لا متهورا فتنطق زورا وبهتانا . و علم ولدك أن يفعل المثل ؛ لا تدلله إن كان معوجا ، فإن كان طائشا لا يرعى لقواعد السلوك حرمة ، و عنيفا ، و اذا كان لا يخرج من فيه إلا كلاما دنيئا ، فعليك إذن أن تلهبه ضربا حتى يزداد حرصا على اختيار كلماته ، و عناية بأعماله . )

و فوق كل هذا فقد كان بتاح حتب يحث على تعلم وتعليم فضيلة ضبط الفس ، و هذا المبدأ الذى أصبح أحد أحجار الزوايا فى فلسفتى أفلاطون و أرسطو . ( لتكن أعمالك فى مناسباتها ، و كلماتك فى موضعها . فالرجل العاقل لا يتحدث بتاتا فى أمور لا يعرف عنها شيئا . و دعنى مرة أخرى أحذرك : اكبح جماح نفسك ، و ألجم لسانك ) .

و كغالبية حكماء مصر ، كان بتاح حتب يؤمن بإله واحد . و ليس صحيحا من الوجهة التاريخية أن العبرانيين قد ابتدعوا فكرة التوحيد . بل هم قد استعاروا هذه الفكرة من المصريين و من بعض الشعوب الشرقية الأخرى أيضا ، كما سنرى .

و يبدو أن الايمان بإله واحد ، بأب للانسانية جمعاء ، قد نشأ فى أماكن كثيرة نتيجة لعلاقة الأب والابن فى تطور الأسرة المبكر . و كان للفلاسفة قص السبق فى تعرف وحدة الأسرة الانسانية تحت ألوهية واحدة . هذا و بينما كان عامة الناس يتحدثون عن الآلهة – كما نتحدث نحن عن الملائكة تماما – كان الرجال الأكثر حكمة يذكرون الله .

و كان هذا الإله الذى آمن به بتاح حتب و الفلاسفة الأوائل الآخرون فى مصر معروفا باسم أوزيريس .

و عند بتاح حتب كانت أسطورة أوزيريس تمثل الصراع بين الخير والشر و قد يتغلب الشر لوقت ما ، و لكن من المؤكد أن يسد الخير فى النهاية . كما صرح هذا الفيلسوف المصرى بأبدية الله ، و أنه يحمل شعبه مسئولية أعماله ، و لكنه يهدى هذا الشعب الى الطريق القويم الأعلى حيث جنة الخلد .

فإن روح الانسان كاللهب تتجه دائما الى أعلى . ( يموت الإنسان ، ليحيا مرة ثانية ) . و لا يبعد أن يكون المفكرون المصريون هم أول من غرس فى نفس القديس بولس – الذى درس العلوم الشرقية بتعمق – تلك الفكرة التى يعبر عنها بقوله : (( أين شوكتك ياموت ؟ و أين غلبتك ياقبر ؟ ))

و قد كان بتاح حتب و الفلاسفة المعاصرون الأوائل الآخرون هم أول من سجل ايمان الانسان بالبعث . و هذا الايمان هو الذى حفز المصريين على الاحتفاظ بأجساد موتاهم ، فوضعوا فى المقابر أوانى من جميع الأنواع ، لكى يسخدمها الموتى فى أثناء انتارهم الطويل ليوم عودتهم الى الحياة ، و قد هذب الفلاسفة هذه الفكرة الشعبية فأوضحوا أن الأشياء التى توضع فى المقابر لم يقصد بها أن تكون رموزا لراحة الأحياء ، و انما هى وسائل لمساعدة الموتى .

و فى مصر القديمة كانت الفلسفة مرتبطة بالدين ارتباطا وثيقا . فمن أكثر الرموز المرسومة على حوائط المقابر إثارة ، صورة الميت و هو ينهض على قدميه و ذراعاه ممدودتان على هيئة صليب ، و كان لفكرة الصليب هذه – التى ولدت فى مصر منذ ثلاثة ’لاف سنة مضت قل العصر المسيحى – من دلالة الارتفاع و السمو أكثر مما تتضمن من حزن أو ابتئاس . و كانت تمثل ال*** البشرى و هو يصعد الى أعلى نحو الحياة ، و لا تمثلهو هو يهبط الى أسفل نحو الموت .

و قصارى القو كان هذا هو الوجه المتفائل للفلسفة المصرية الأولى متضمنا أعما مؤسسها : بتاح حتب . و بالرغم من ذلك فقد كان لمصر نصيبها من الفلاسفة المتشائمين . و كان أحد هؤلاء الأوائل الذين أخذوا على عاتقهم توضيح هذا المظهر السلبى للحكمة ، رجلا متشككا يمكن اعتباره الأب الروحى الفلسفى لشوبنهاور .
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:46 PM.