اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > المواضيع و المعلومات العامة

المواضيع و المعلومات العامة قسم يختص بعرض المقالات والمعلومات المتنوعة في شتّى المجالات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #26  
قديم 01-01-2014, 02:17 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,987
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

4- مهمة الدين الخلقية

الدين والحكومات - المحرمات الجنـسية - تأخر الدين - التحول العلماني

الدين دعامة الأخلاق بوسيلتين أساسيتين هما الأساطير والمحرمات ؛ فالأساطير هي التي تخلق العقيدة فيما وراء الطبيعة ، ثم يكون من شأن هذه العقيدة أن تضمن بقاء أنواع من السلوك يريد المجتمع ) أو يريد الكهنة ( بقاءها ؛ فما يرجوه الفرد في السماء من ثواب وما يخشاه لديها من عقاب يضطره اضطراراً أن يذعن للقيود التي يفرضها عليه سادته أو جماعته ؛ فالإنسان ليس بطبعه مطيعاً رقيقاً طاهراً وليس شيء كالخوف من الآلهة - وذلك بعد القهر الذي خضع له الفرد قديماً فأنشأ في نفسه الضمير - أخضع الإنسان لهذه الفضائل التي لا تتفق وطبيعته إخضاعها مطرداً صامتاً ؛ فأنظمة الملكية والزواج تتوقف إلى حد ما على العقوبات الدينية وهي تميل إلى فقدان قوتها في العصور التي يسود فيها الشك الديني ؛ بل الحكومة نفسها التي هي أهم أداة اجتماعية اصطنعها الإنسان ، وأبعد أداة عن طبيعة الإنسان ، كثيرا ما استعانت بالتقوى وبالكاهن ، كما فعل أذكياء الهراطقة مثل نابليون وموسوليني اللذين لم يلبثا أن كشفا عن هذه الحقيقة ؛ ومن هنا كان ثمة "ميل إلى قيام دولة دينية كلما نشأت الدساتير"؛ فلئن كانت قوة الرئيس البدائي تستمد الزيادة من السحر والعرافة ، فإن حكومتنا نفسها تستمد بعض القوة من اعترافها السنوي "بإله المهاجرين" .
وأطلق أهل "بولنيزيا" كلمة "تابو" ( ومعناها التحريم ) على ما يحرمه الدين ؛ فلما تقدمت المجتمعات البدائية بعض الشيء ، اصطنعت هذه الحُرُمات الدينية مكانة هي التي أصبحت فيظل المدنية مكانة القوانين ؛ وكانت صيغة التحريم عادةً سالبة : فبعض الأفعال وبعض الأشياء أعلن عنها أنها "مقدسة" أو "نجـسة" وكان اللفظان في الواقع يعنيان نذيراً واحداً ، وهو أن تلك الأفعال أو الأشياء لا يجوز لمسها ؛ "فتابوت العهد" مثلاً كان محرماً ، ويُروى عن "عُزّى" أنه سقط صعقاً عند لمَسِه لمنعِه من السقوط ؛ ويؤكد لنا "ديودورس" عن المصريين القدماء أنهم أكل بعضهم بعضاً إبان المجاعة ، فذلك آثر عندهم من الاعتداء على تحريم أكل الحيوان الذي اتخذته القبيلة طوطماً لها ؛ وإنك لتجد في معظم الجماعات البدائية عدداً كبيرا جداً من هذه المحرمات ، فكلمات معينة وأسماء معينة ما كان لها قط أن تُنطق ، وأيام معينة وفصول معينة كانت من المحرمات بمعنى أن ال*** لم يكن يؤذن به خلالها ؛ وكل معرفة البدائيين بحقائق الغذاء وبعض جهلها بتلك الحقائق ، كان سبيلها إليهم تحريمات معينة أقامها الناس على ألوان الطعام ، فهُم لم يلقنوا مبادئ الصحة عن طريق العلم أو عن طريق الطب العَلماني بقدر ما لقنوها عن طريق الدين .

وكانت المرأة أهم ما اتجه إليه التحريم عند البدائيين فآلاف الخرافات نشأت عن المرأة لتجعلها ، آناً بعد آن ، مُحرمَة اللمس ، خطرةً ، "نجـسة" ؛ إن منشئ الأساطير في أنحاء العالم لم يكونوا أزواجاً موفقين ، لأنهم متفقون جميعاً على أن المرأة أساس الشر كله ، فلم يقتصر هذا الرأي على الديانتين اليهودية والمسيحية ، بل جاوزهما إلى مئات من الأساطير الوثنية ؛ وأدق التحريمات البدائية كان خاصاً بالمرأة إبان حيضها ، فكل من لَمسها أو كل ما لمسها في هذه الفترة فَقدَ فضيلته إن كان إنساناً ، وضاعت فائدته إن كان غير ذلك ؛ فحرمَّ "الماكوزى" Macusi من أهل غيانة البريطانية على نسائهم أن يستحممن إبان حيضهن خشية أن يُسَممن الماء ، كما حرموا عليهن الذهاب إلى الغابة في مثل هذه الفترات ، حتى لا تعضَّهن الثعابين غراماً بهن ؛ حتى الولادة كانت عندهم نجسة ، وكان على الأم بعدها أن تطهر نفسها في كثير جداً من الطقوس الدينية ؛ والعلاقة الجنـسية حرام في معظم القبائل البدائية ، ليس فقط إبان فترات الحيض ، بل كذلك أثناء الحمل والرضاعة ، ولعل هذه التحريمات قد أنشأها النساء أنفسهن بما لهن من إدراك سليم وما يبغين لأنفسهن من وقاية وراحة ، لكن الأصول سرعان ما تُنسى ، وتنظر المرأة فإذا هي "مشوبة" وإذا هي "نجـسة" ؛ وانتهى بها الأمر إلى أن توافق الرجل على وجهة نظره ، وراحت تشعر بالعار في حيضها ، بل في حملها ؛ ومن التحريمات وأمثالها نشأ الحياء ونشأ الشعور بالخطيئة ، والنظر إلى العلاقة الجنـسية على أنها نجـاسة ، وكذلك نشأ التقشف وعزوبة الرهبان ونشأ إخضاع النساء .

ليس الدين أساس الأخلاق ، لكنه عون لها ، فقد يمكن تصور الأخلاق بغير دين ، وليس الأمر النادر أن تتطور الأخلاق في طريقها إلى التقدم بينما يبقى الدين لا يأبه لها ، أو يقاومها مقاومة عنيدة ؛ ففي الجماعات الأولى ، وفي بعض الجماعات المتأخرة ، كانت الأخلاق فيما يظهر على أتم استقلال عن الدين ، وفي مثل هذه الحالة لا يُعنى الدين بقواعد السلوك ، بل يُعنى بالسحر والطقوس وتقديم القرابين ، والرجل الطيب عندئذ هو من يؤدي محافل الدين أداء المطيع ، ويمدها بماله في ولاء وإخلاص ؛ والدين بصفة عامة لا يَرعى الخير المطلق ) إذ ليس هناك خير مطلق (، بل يرعى معايير السلوك التي وطدت نفسها بحكم الظروف الاقتصادية والاجتماعية ؛ وهو كالقانون يلتفت إلى الماضي ليستمد منه أحكامه ، وهو قمين أن يتخلف في الطريق كلما تغيرت الظروف وتغيرت معها الأخلاق ؛ فقد تعلم الإغريق مع الزمن أن يمقتوا مضاجعة المحارم ، مع أن أساطيرهم كانت ما تزال تمجد الآلهة الذين يفعلون ذلك ، والمسيحيون يصطنعون نظام الزوجة الواحدة بينما إنجيلهم يُحلل تعدد الزوجات ؛ وامتنع الرق امتناعاً تاماً بينما المتدينون كانوا يدافعون عن قيامه بشواهد من الإنجيل لا تُنقض ؛ وفي يومنا هذا نرى الكنيسة تقاتل قتال الأبطال لتقيم تشريعاً خلقياً قضت عليه الثورة الصناعية قضاء مبرماً لا شك فيه ؛ فالعوامل الأرضية هي التي تسود آخر الأمر، والأخلاق توائم بين نفسها وبين المستحدثات الاقتصادية شيئاً فشيئاً ، ثم يتحرك الدين كارهاً فيوفق بين نفسه وبين الأخلاق الجديدة ؛ إن الوظيفة الخلقية للدين هي أن يحافظ على القيم القائمة ، أكثر مما يخلق قيماً جديدة .

ومن هنا كان من علامات المراحل العليا في كل مدنية أن يحدث التجاذب بين الدين والمجتمع ؛ يبدأ الدين بمَدَد من السحر يقدمه للناس في حيرتهم وارتباكهم ؛ ثم يصعد إلى قمة مجده بمَدَد من وحدة الأخلاق والعقيدة يقدمها للناس فتجيء هذه الوحدة معُينة أكبر العون للسياسة والفن ؛ ثم ينتهي بقتال يفنى فيه فناء المنتحر دفاعاً عن قضية الماضي الخاسرة ؛ ذلك لأنه كلما تقدمت المعرفة أو تغيرت تغيراً متصلاً ، اصطدمت بالأساطير واللاهوت اللذين يتغيران تغيراً بطيئاً بطئاً لا يُحتمَل ؛ وعندئذ يشعر الناس برقابة رجال الدين على الفنون والآداب كأنها أغلال ثقيلة وحائل ذميم ، ويتخذ التاريخ الفكري في مثل هذه المرحلة صيغة النزاع بين العلم والدين" ؛ والأنظمة التي تبدأ في أيدي رجال الدين ، مثل القانون والعقاب ، والتربية والأخلاق ، والزواج والطلاق ، تميل نحو الإفلات من رقابة الدين لتصبح أنظمة دنيوية ، حتى ليعدها الدين أحياناً خارجة عليه ، والطبقات المستنيرة تطرح وراء ظهورها اللاهوت القديم ، ثم - بعد شيء من التردد - تطرح معه التشريع الخلقي ؛ عندئذ تصبح الفلسفة والأدب مناهضة لرجال الدين ، وترتفع حركة التحرير إلى عبادة العقل عبادة المتفاني ، تكبو فيما يشبه الشلل الذي تسببّه خيبةُ الأمل إزاء كل عقيدة وكل فكرة ؛ ويتدهور السلوك الإنساني إذا ما سُلِبَ دعائِمَه الدينيةَ ، فينقلب ضرباً من الفوضى الأبيقورية ؛ بل إن الحياة نفسها ، وقد حَرَمتها ما فيها من إيمان يبعث العزاء في النفوس ، تصبح عبئاً ثقيلا للفقير الشاعر بفقره ، وللغني الذي مَلَّ غناه آن معاً ، وفي النهاية ينحدر المجتمع وتنحدر معه عقيدته الدينية نحو السقوط معاً في ميتة واحدة كأنهما الجسد والروح ، على أنه سرعان ما تنشأ أسطورة أخرى بين الناس إذ هم ينوءون تحت هذا العبء الفادح، أسطورة تَصبّ الأمل الإنساني في قالب جديد ، وتمد الجهد الإنساني بحماسة جديدة، ثم تبنى مدنية جديدة بعد أن تنقضي قرون في حالة من الفوضى .
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:11 AM.