|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سابعاً: بشارة حزقيال:
قال حزقيال في الفصل التاسع: (إن أمّك مغروسة على الماء بدمك، فهي كالكرمة التي أخرجت ثمارها وأغصانها من مياه كثيرة، وتفرعت منها أغصان كالعصى قوية مشرفة على أغصان الأكابر والسادات، وارتفعت وبسقت أفنانهن على غيرهن، وحسنت أقدارهن بارتفاعهن والتفاف سعفهن، فلم تلبث الكرمة أن قلعت بالسخط، ورمى بها على الأرض، وأحرقت السمائم ثمارها، وتفرق قواها، ويبس عصي عزها، وأتت عليها النار فأكلتها، فعند ذلك غرس في البدو وفي الأرض المهملة العطشى، وخرجت من أغصانه الفاضلة نار أكلت ثمار تلك حتى لم يوجد فيها عصا قوية بعدها ولا قضيب ينهض بأمر السلطان). فتأمل ما في هذا النص من بلاغة في التصوير، ودقة في التعبير، فشبه الأمة اليهودية إبان عزها وسؤددها – لما كانت تعيش تحت مظلة الأنبياء – بالكرمة الحسنة، وبعد أن نزعت منها النبوة، وأغضبت ربها استأصل شأفتها، وا***ع جذورها، فذرتها الرياح، وأكلتها النار، وانتهى مجدها. واستبدل الله بها أمة هي خير أمة أخرجت للناس، وشبهها بشجرة قد غرست في أرض البادية العطشى من الماء المعنوي والحسي، فأثمرت هذه الشجرة الأغصان الفاضلة التي قضت على تلك الشجرة الأولى ولم تبق فيها عصا ولا قضيباً. وهذا حال الأمة اليهودية والأمة الإسلامية التي أشرق عزها، وتوسع نفوذها، حتى شمل بلاد بني إسرائيل وغيرها. البشارة الأولى: قال دانيال في الإصحاح السابع: (إن ملكوت الله وعظمة المملكة الممتدة تحت رقعة السماء كلها سوف تعطي لعباد الله تعالى وأوليائه. وسيكون ملكوتهم هذا مملكة أبدية، تخدمها جميع الممالك الأخرى، وتعمل بطاعتها) إن هذه البشارة لتدل بوضوح على أن في الإسلام توجد وحدة لا انفصام لها بين الدين والدولة. فالإسلام ليس ديناً فحسب، بل أيضاً المملكة الدنيوية. ولا بد من إلقاء نظرة خاطفة على التدرج التأريخي لهذا الملكوت حتى بلغ غايته، واكتمل بناؤه على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا التدرج هو كما يلي: 1. أن الإسلام قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم تمثله دولة تحكم باسمه وتدافع عنه، وإنما كان الإسلام ديناً قائماً في حياة الأقوام التي آمنت به، ولم تقم له دولة في حياتهم، بل كان السلطان والقوة في أيدي الكفرة الوثنيين، في العموم الغالب، ويستثنى من ذلك فترات حكم كل من سليمان وداود ويوشع عليهم السلام. 2. إن المسيح عليه السلام قد بشر تلاميذه باقتراب ملكوت الله. وهذا الملكوت يعني وجود دين ومجتمع قوي من المؤمنين بالله، وهذا المجتمع يتسلح بالإيمان بالله وبالسيف لقتال أعدائهم الذين يريدون أن يحولوا بينهم وبين تبليغ كلمة الله إلى البشرية، أو بمعنى أوضح: إن ملكوت الله هو الإسلام. إذاً فالمسيح عليه السلام بشر تلاميذه باقتراب ظهور الإسلام على يد محمد صلى الله عليه وسلم ، وأكد لليهود أن النبي الذي تنتظره اليهود ليس يهودياً، ولا من نسل داود عليه السلام، بل هو من نسل إسماعيل عليه السلام واسمه أحمد، وسيقيم الدولة الإسلامية وفق المنهج الذي ارتضاه الله لهم، وهذه الدولة مؤيدة بنصر الله ثم بسواعد المجاهدين في سبيله. 3. طبيعة هذا الملكوت وتكوينه: يتألف هذا الملكوت من المؤمنين بالله الذين يلازمهم ذكر الله سبحانه وتعالى في كل أحوالهم، فلا يقومون بأي عمل إلا ويبدءونه بذكر الله، ويحمدونه بعد الانتهاء منه. وطبيعة هذا الملكوت أنه يتكون في جوهره من شقين: الأول: دين صحيح قائم على وجه الأرض وفق المنهج الذي ارتضاه الله في كتابه القرآن. والثاني: دولة إسلامية تقوم على هذا المنهج ويتصف المؤمنون بهذا المنهج بما يأتي: أ ) أنهم يكونون أمة واحدة تربطهم أخوة واحدة هي أخوة الدين. ب) أنهم كما وصفهم دانيال: جماعة القديسين. وهذه صفة تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار وعلى سائر المؤمنين بالله. 4. ديمومة هذه المملكة ورفعة شأنها: هذه الحقيقة أكدها دانيال بقوله: إن جميع الأمم تحت قبة السماء تخدم شعب الأبرار العامل بطاعة الله. ولم تتحقق هذه الصفة – وهي خدمة الأمم – إلا للأمة الإسلامية التي خدمتها الأمم في مشارق الأرض ومغاربها. ومن دواعي استمرار هذه الأمة وديمومتها أنها لا تعرف التمييز الطبقي في تشريعاتها بين أفرادها فالكل سواء أمام شرع الله، لا فرق بين الأبيض والأسود أو بين الحاكم والمحكوم. البشارة الثانية: قال دانيال: (طوبى لمن أمل أن يدرك الأيام الألف والثلاثمائة والخمسة والثلاثين). قال المهتدي الطبري: (فأعملت فيه الفكر فوجدته يوحي إلى هذا الدين، وهذه الدولة العباسية خاصة، وذلك أنه لا يخلو دانيال من أن يكون أراد بهذا العدد: الأيام والشهور والسنين، أو سرا من أسرار النبوة بخرجه الحساب. فإن قال قائل: إنه أراد به الأيام. فإنه لم يحدث لبني إسرائيل، ولا في العالم بعد أربع سنين فرح ولا حادثة سارة، ولا بعد ألف والثلاثمائة وخمسة وثلاثين شهراً، فإن ذلك مائة وإحدى عشر سنة وأشهر. فإن قالوا: عني به السنين. فإنما ينتهي ذلك إلى هذه الدولة، لأن من زمن دانيال إلى المسيح نحواً من خمسمائة سنة... ومن المسيح إلى سنتنا هذه ثمانمائة وسبع وستون سنة ينتهي ذلك إلى هذه الدولة العباسية منذ ثلاثين سنة، أو يزيد شيئاً). وبمقارنة هذا التاريخ الميلادي بالتاريخ الهجري تكون السنة التي أشار إليها هي سنة 253هـ تقريباً. ولعل في هذه البشارة سراً عجيباً وهو الإشارة إلى بلوغ الدولة الإسلامية غاية مجدها، وكمال سيطرتها، ونهاية فتوحاتها. ثامناً: بشارات هوشاع: البشارة الأولى: قول هوشاع: (قال الرب: إني أنا الرب الإله الذي رعيتك في البدو، وفي أرض خراب قفر غير مأهول، ليس بها أنيس). قال المهتدي الطبري: فلسنا نعرف أحداً رعاه الله في البدو، وفي أرض قفر غير النبي صلى الله عليه وسلم. البشارة الثانية: قال هوشاع يصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم: (إنها أمة عزيزة لم يكن مثلها قط ولا يكون، وإن النار تحرق أمامها، وتتوقد خلفها الضرائر). ولم تنل أمة من العز والمنعة والسلطان في فترة طويلة وعلى رقعة واسعة كما نالت الأمة الإسلامية. |
#2
|
||||
|
||||
![]() تاسعاً : بشارة ميخا:
قال ميخا: (إنه يكون في آخر الأيام جبل بيت الرب مبنياً على قلال الجبال، وفي أرفع رؤوس العوالي، وتأتيه جميع الأمم، وتسير إليه أمم كثيرة، وهم يقولون: تعالوا نطلع جبل الرب). ويرى الطبري أن هذا النص يتضمن صفة مكة. بينما يرى الترجمان أن الجبل المشار إليه هو جبل عرفات، وأن الأمة المشار إليها في النص الذي أورده الترجمان هي الأمة الإسلامية. وعلى كلا الحالين فهذه النبوة شاهدة ومبشرة بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومبينة صفة أمته، ومشاعر ملته. وقد حرف آخر هذا النص في الطبعة التي بين يدي فصار هكذا (... هلم نصعد إلى جبل الرب، وإلى بيت إله يعقوب من طرقه، ونسلك في سبيله، لأنه من صهيون تخرج الشريعة، ومن أورشليم كلمة الرب). وقد أعماهم الله عن تحريف أول هذا النص، حتى يبقى شاهداً على الحقيقة، دالاً على النبوة. وقد توقع المهتدي الطبري مثل هذا التحريف فقال: عني بيت المقدس. فكيف يصح له ذلك ؟ وقد بين الله أن يكون ذلك في آخر الأيام, وكان بيت المقدس في زمان هذا النبي موجوداً، وإنما تنبأ النبي على شيء يحدث، لا على ما كان ومضى). عاشراً : بشارة حبقوق: قال حبقوق: (إن الله جاء من التيمن، والقدوس من جبل فاران. لقد انكسفت السماء من بهاء محمد، وامتلأت الأرض من حمده، ويكون شعاع منظره مثل النور، يحوط بلده بعزه، وتسير المنايا أمامه، وتصحب الطير أجناده. قام فمسح الأرض، ثم تأمل الأمم وبحث عنها، فتضعضعت الجبال القديمة، واتضعت الروابي الدهرية، وتزعزعت ستور أهل مدين، ولقد حاز المساعي القديمة، وغضب الرب على الأنهار. فرجزك في الأنهار، واحتدام صولتك في البحار، ركبت الخيول، وعلوت مراكب الإنقاذ والغوث، وستترع في قسيك إغراقاً وترعاً، وترتوي السهم بأمرك يا محمد ارتواءً، وتحرث الأرض بالأنهار. ولقد رأتك الجبال فارتاعت، وانحرف عنك شئويوب السيل، ونعرت المهاوي نعيراً ورعياً، ورفعت أيديها وجلاً وخوفاً، وتوقفت الشمس والقمر عن مجراهما، وسارت العساكر في بريق سهامك ولمعان نيازكك، تدوخ الأرض غضباً، وتدوس الأمم رجزاً، لأنك ظهرت لخلاص أمتك، وإنقاذ شريعة آبائك). هذا النص أورده المهتدي الطبري بهذه الصيغة، وورد لدى كل من الشيخ زيادة، والترجمان، وإبراهيم خليل أحمد: بصور مختلفة طولاً وقصراً، مع اختلاف يسير في العبارات، واتفاقهم على محتوى السطر الأول. واتفق أيضاً كل من الترجمان والشيخ زيادة وإبراهيم خليل على أن المراد بجبال فاران هي جبال مكة. وأشار الطبري والشيخ زيادة إلى أن هذه النبوة موافقة لنبوة موسى عليه السلام الواردة في سفر التثنية وهي قوله: (جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، وتلألأ من جبال فاران). كما أشار الشيخ زيادة إلى أن هذه النبوة موافقة لنبوة أشعياء التي ذكر فيها أن حوافر خيله مثل الصوان الذي ينبعث منه الشرر. وقد سبق الحديث عنهما. وأكد المهتدي الطبري والشيخ زيادة على أن هذا الوصف الوارد في هذه النبوة عن الخيل والسهام والسيوف، إنما ينطبق على جيوش محمد صلى الله عليه وسلم وقال المهتدي الطبري بعد أن أورد تطابق هذه النبوة مع حالة صلى الله عليه وسلم. (فإن لم يكن هو الذي وصفتا – أي محمد صلى الله عليه وسلم – فمن إذاً ؟ لعلهم بنو إسرائيل المأسورون المسببون، أو النصارى الخاضعون المستسلمون. وكيف يكون ذلك وقد سمي فيها النبي مرتين ووصف عساكره وحروبه ...). وإن الاستفاضة في تأمل هذه النبوة ، واستخراج ما أشارت إليه، وبسطه، لتعجز عنه هذه الصفحات ، لأنه يستغرق كتاباً، وليس المجال هنا مجال البسط والتوسع، وإنما هو الاستدلال والإشارة فقط. ولكن استوقفتني بعض العبارات التي اشتمل عليها هذا النص، ولم أر هؤلاء الذين مر ذكرهم تعرضوا لها، فأردت أن أقف عندها وقفة يسيرة تكشف ما في النفس، ولا تطيل البحث. وأول هذه العبارات هي قوله: (قام فمسح الأرض). وهذه العبارة تحاكي قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ...) أما الثانية فهي قوله: (لأنك ظهرت لخلاص أمتك، وإنقاذ تراث آبائك). فمن أباؤه؟ إنهم إبراهيم وإسماعيل، وما هو إرثهم ؟ هل هو الملك أم الأموال أم ماذا ؟؟ إنه التوحيد والرسالة قال تعالى (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) وقال تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين آمنوا معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله). |
#3
|
||||
|
||||
![]() الحادي عشر: بشارة صفتيا:
قال صفتيا: (يقول الرب: أيها الناس ترجوا اليوم الذي أقوم فيه للشهادة، فقد حان أن أظهر حكمي بحشر الأمم كلها وجميع الملوك، لأصب عليهم رجزي، وأليم سخطي، فستحترق الأرض كلها احتراقاً بسخطي ونكيري. هناك أجدد للأمم اللغة المختارة، ليذوقوا اسم الرب جميعاً، ويعبدوه في ربقة واحدة معاً ويأتون بالذبائح في تلك الأيام من معابر أنهار كوش). قال المهتدي الطبري معلقاً على هذه النبوة: وهذا صفنيا قد نطق بالوحي وأخبر عن الله بمثل ما أدى أصحابه، ووصف الأمة التي تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وتجتمع على عبادته، وتأتيه بالذبائح من سواحل السودان ومعابر الأنهار واللغة المختارة هي اللسان العربي المبين ... وهي التي قد شاعت في الأمم فنطقوا بها. الثاني عشر: بشارة حجي: قال حجي: (ولسوف أزلزل كل الأمم، وسوف يأتي "حمدا" "Himada" لكل الأمم، وسوف أملأ هذا البيت بالمجد، هكذا قال رب الجنود، ولي الفضة، ولي الذهب، هكذا يقول رب الجنود، وإن مجد ذلك البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول. هكذا يقول رب الجنود، وفي هذا المكان أعطى السلام. هكذا يقول رب الجنود). وقد ترجمت كلمتي "حمدا" و "شالوم" العبريتين إلى الأمنية، أو المشتهى، أو السلام. وعندئذ تفقد هذه النبوة ما اشتملت عليه من معنى وتصبح ولا قيمة لها. ولكن الترجمة الصحيحة لهذه العبارات هي أن "شالوم" أو "شلاما" و "حمدا" تترجم إلى الإسلام، وأحمد. وتؤدي نفس الدلالة التي تؤديها تلك العبارات السابقة وبنفس الأهمية. وبين المهتدي عبد الأحد داود أصول هذه الكلمات ووضح ما ذهب إليه من أنها تترجم إلى الإسلام، وأحمد، فقال: أ ) إن كلمة "حمدا" تقرأ باللغة العبرية الأصلية هكذا: (في يافوا حمداث كول هاجوييم) والتي تعني حرفياً: (وسوف يأتي حمداً لكل الأمم). وعليه فإن الحقيقة الناصعة تبقى بأن كلمة "أحمد" هي الصيغة العربية لكلمة "حمدا" العبرية، وهذا التفسير تفسير قاطع لا ريب فيه. ولقد جاء في القرآن الكريم في سورة الصف: (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوارة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد). ب) إن كلمة "شالوم" و "شلاما" بالعبرية و "سلام" و "إسلام" باللغة العربية هما مشتقتان من أصل واحد، وتعنيان نفس المعنى وهو السلام والإذعان أو الاستسلام. وبعد هذا التوضيح من قبل هذا المهتدي لهذه الألفاظ ذكر عدداً من البراهين التي استند إليها فيما ذهب إليه، وهي: 1. إن القرابة والعلاقة والتشابه بين هذين التعبيرين "حمدا" و "أحمد" وكذلك التشابه في الأصل الذي اشتق الاسم منهما لا يترك أدنى جزء من الشك، لأن المفهوم من الجملة هو (وسوف يأتي حمدا لكل الأمم) إنما هو "أحمد" أي محمد، ولا يوجد أدنى صلة في أصل الألفاظ ولا في تعليلها بين كلمة "حمد" وبين الأسماء الأخرى كمثل يسوع أو المسيح أو المخلص. 2. لو سلمنا جدلاً بالصيغة العبرية لكلمة "حمده" وأنها مجرد معنى اسمي لكلمات "أمنية أو مشتهى أو شهوة أو مدح" فإن هذا الجدل هو في صالح ما نطرحه من بحث هنا، وذلك لأن الصيغة العبرية تكون بحسب أصول الكلمات متساوية تماماً بالمعنى والتشبيه أو حتى في التطابق لكلمة "حمدا" وعلى أية حال فإن صلتها بـ "أحمد" أو "أحمدية" هي صلة قاطعة، وليس لها علاقة أبداً بـ "يسوع" أو "اليسوعية"., 3. إن هيكل "زورو بابل" كان يجب أن يكون أعظم مجداً من هيكل سليمان عليه السلام، ذلك لأن "ملاخي" تنبأ بأن الرسول العظيم لا بد أن يزوره فجأة، وهذا احصل فعلاً عندما زاره الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء. 4. إن "أحمد" وهي الصيغة الأخرى لاسم محمد ومن نفس المصدر والتعبير ومعناه "الأمجد"، وفي خلال رحلته الليلية صلى الله عليه وسلم زار تلك البقعة المقدسة كما ينص القرآن الكريم على ذلك، وهناك أدى الصلاة المباركة بحضور جميع الأنبياء عليهم السلام كما تدل أحاديثه الشريفة، وبهذا يتحقق المجد. 5. إن تسمية خاتم الأنبياء بـ "محمد" أو "أحمد" من أعظم المعجزات، لأنه أول اسم عرف بهذه الصفة في تاريخ البشرية. |
#4
|
||||
|
||||
![]() الثالث عشر: بشارات زكريا عليه السلام: البشارة الأولى: قال النبي زكريا عليه السلام في الإصحاح الثامن: (هكذا يقول رب الجنود: في تلك الأيام يجتمع عشرة رجال من كل لسانات الشعوب ويتمسكون بذيل رجل حميد، أعني أبو حيد، ويقولون: لنذهب معك، لأننا سمعنا أن الله معك) أورد المهتدي الشيخ زيادة هذه البشارة بلفظها العبري ثم ترجمها إلى اللغة العربية، وأطال الكلام حول هذه البشارة واشتقاقات اسم "حميد وأحمد" وبين أنه ظل سنين طويلة وهو يقرأ هذه النبوة ويفهمها على وفق الترجمة اليهودية، حتى يسر الله له كتب أصول اللغة العبرية – وكانت شبه معدومة – فوقف من خلالها على حقيقة هذا اللفظ "يا أودي" وأنه إذا ترجم إلى اللغة العربية صار: "حميد". الرابع عشر: بشارات ملاخي: البشارة الأولى: قال ملاخي مخبراً عن الله أنه قال: (انظروا، إنني أبعث برسولي، وسوف يمهد السبيل أمامي، وسوف يأتي فجأة إلى هيكله السيد الذي تبحثون عنه، ورسول العهد الذي ترغبون. انظروا إنه قادم. هكذا يقول رب الجيوش أو الجموع) ويرى المهتدي عبد الأحد داود أن التحديد الدقيق لموضوع هذه النبوة أمر في غاية الأهمية، لأن الكنائس المسيحية اعتقدت منذئذ أن المقصود بها شخصان. ومما يدحض هذا الزعم انتهجته الكنائس ما يلي: 1. أن السيد أو الرسول الموعود كلف بتأسيس وإقامة دين قويم صالح، ومكلف بإزالة كافة العقبات التي تحول بين البشرية وربها، ومكلف أيضاً بأن يجعل الطريق سهلاً ممهداً مستنيراً ... وبالتأكيد فإن الرسول الرفيع الشأن المبعوث من الله لم يكن قادماً لإصلاح الطريق من أجل حفنة من اليهود، ولكن من أجل إقامة دين عام وثابت للناس كافة، والديانة اليهودية ديانة خاصة لشعب خاص، هذا بالإضافة إلى ما تشتمل عليه من طقوس وتضحيات، وخلوها من العقائد الإيمانية الإيجابية، كل ذلك يفقد هذه الديانة جوهرها، ويجعلها غير ملائمة إطلاقا، وغير واقعية باحتياجات الشعوب المختلفة، أما الديانة النصرانية فإن طقوسها السبعة، واعتقادها بالخطيئة الأصلية، وتجسد الإله والتثليث – وهي أمور لم تعهد في الديانات السابقة – بالإضافة إلى افتقادها إلى كتابها الأصلي الذي أنزل على مؤسسها عليه السلام، كل ذلك يجعلها غير مؤهلة لأن تقدم خيراً للبشر. وإذا كان الرسول الخاتم مكلفاً بإلغاء هذين الدينين، وإقامة دين إبراهيم وإسماعيل ودين كافة الأنبياء على أسس وتعاليم تصلح للبشر كافة، فإن هذا الدين الذي أقامه ودعا إليه هو الصراط المستقيم، وهو أقرب الطرق الموصلة إلى الله عز وجل، وأسهل الأديان لعبادته، وأسلم العقائد الباقية على طهارتها ونقائها الأبدي. إذا كان منوطاً بهذا الرسول المبشر به في هذا النص أن يرسخ هذا الدين، ويقيم الوحدانية، ويحول دون تدخل الوسطاء بين الله والناس. 2. هذا النص أكد على أن هذا الرسول المبشر به لا بد أن يصل بصورة مفاجئة إلى بيت المقدس، منطلقاً من الحرم الأول "مكة" وهذا ما تحقق في ليلة الإسراء، وهذا يعني أن مهمة هذا الرسول تطهير هذه البقاع من الوثنية، ويلقن روادها الوحدانية، والإيمان بالله الواحد الأحد. وإذا تحقق هذا فهو بمثابة بناء طريق جديد يربط العبد بربه، وهذا الطريق الذي شرعه هو دين عالمي شامل يدعو إلى إلغاء الوسائط بين الله وعباده، فلا قديس ولا قسيس، ولا سر مقدس. وهذا لم يتحقق إلا على يد الرسول المنعوت بأنه "محمد صلى الله عليه وسلم ". البشارة الثانية: قول ملاخي: (هاأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف، فيرد قلب الآباء على الأبناء، وقلب الأبناء على آبائهم، لئلا آتي وأضرب الأرض بلعن). قال المهتدي النجار: (والمعنى أن الله يرسل قرب الساعة النبي أحمد صلى الله عليه وسلم "فيرد قلب الآباء على الأبناء" يرد بني إسماعيل – أعمام بني إسرائيل – إلى حقيقة وحي الأنبياء والمرسلين من أبناء أخيهم إسحاق "وقلب الأبناء على آبائهم" ويرد اليهود والنصارى على دين آبائهم الأنبياء نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى، قال تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه). تأمل ما في هذه البشارة من الوعد بمجيئه صلى الله عليه وسلم قبل يوم القيامة مع قوله صلى الله عليه وسلم: (بعثت أنا والساعة هكذا. ويشير بأصبعيه فيمد بهما). هذه أسفار العهد القديم شاهدة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، شهادة لا تقبل التضليل، مصرحة باسمه ولغته وصفة أمته صراحة لا تحتمل التأويل، فمن كان طالباً للحق اتبعه إذا قام عليه الدليل، فكيف إذا تظافرت عليه الأدلة والبراهين، والحق هنا شهادة العهد التقديم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. فمن أراد أن يدفع اليقين بأوهن الشكوك، وأفسد التأويل، ويدعي – مماحكة ومجادلة – أن هذه النبوات والشهادات وردت في حق عيسى عليه السلام – فيقال له ليس بعد التصريح بذكر اسمه وصفته وخبره وبلده وأمته – مجال للتأويل والاحتمال. كيف وقد شهد المسيح عليه السلام بنبوته وأخبر تلامذته باقتراب ظهور محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟ وهذه الشهادة ما يماثلها من شهادات العهد الجديد هي ما سيكون الحديث عنه في المطلب التالي. --------------- |
#5
|
||||
|
||||
![]() 25.بشارات العهد الجديد بمحمد صلى الله عليه وسلم 4. أخبر يوحنا عن الغضب القادم أو العذاب القادم على اليهود والكفار المعاندين للرسل. وهذا العذاب الذي تنبأ عنه، منه ما تحقق بعد ثلاثين سنة في بني إسرائيل، ومنه ما أعلنه هو وأخوه المسيح عليهما السلام عن قدوم رسول الله الذي سوف ينتزع جميع الامتيازات من اليهود، ولم يتحقق هذا إلا على يد محمد صلى الله عليه وسلم الذي دمر حصونهم، وطردهم من ديارهم، ولقد أنذرهم يوحنا من هذا العذاب الآتي إذا لم يؤمنوا برسل الله الصادقين وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم – بقوله: (من الذي أخبركم أن تهربوا من الغضب الآتي).د. محمد بن عبد الله السحيم بشارات العهد الجديد بشارات متى: البشارة الأولى: قال متى في الإصحاح الثالث مخبراً عن يوحنا المعمدان – يحيى عليه السلام – أنه قال: (أنا أعمدكم بالماء – وذلك للتوبة وغفران الخطايا – ولكن هناك شخص قادم بعدي وهو أقوى مني، لدرجة أنني لا أستحق حل سيور حذائه، وسيعمدكم بالروح والنار). هذه البشارة أوردها كل من المهتدي عبد الأحد داود والنجار، وأضاف إليها النجار بعض العبارات التي تذكر صفة هذا القادم المنتظر، وهو قوله: (الذي رفشه بيده، وينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ) وأوضح هذه العبارات فقال: (قوله: الذي رفشه بيده. ونسخة الآباء العيسويين: (الذي بيده المذري). إشارة إلى ما قام من حروب وجهاد مع الكفار لنصرة دين الله وإعلاء كلمته. وقوله: (وينقي بيدره) بمعنى يطهر موطنه من الأصنام ومن عبدتها المشركين. وقوله: (ويجمع قمحه إلى المخزن) أي يجمع صحابته والمؤمنين به عند بيت الله الحرام. (أما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ). أي يقضي على عناصر الشر والفساد في العالم، ويناهض أهل الشرك والضلالة وعبادة الأصنام). أما عبد الأحد داود فقد اكتفى بهذا النص الذي أوردته، وأشار على هذه الزيادة في ثنايا الشرح والتحليل. كما أنه أطال النفس في استنطاق هذه النبوة من جانبين: الجانب الأول: نفى فيه أن يكون النبي الذي تنبأ به يوحنا هو عيسى عليه السلام. وفي الجانب الثاني: أثبت أن هذا النبي المبشر هو محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد قدم في الجانب الأول البراهين التالية: 1. أن نفس كلمة "بعد" تستبعد عيسى بكل وضوح من أن يكون هو النبي المبشر به، لأن عيسى ويوحنا ولدا في سنة واحدة وعاصر أحدهما الآخر، وكلمة "بعد" هذه تدل على مستقبل غير معلوم بعده. 2. أن يوحنا قدم المسيح عليه السلام إلى قومه وطلب منهم طاعته واتباعه، إلا أنه أخبرهم بوضوح أن ثمة كوكباً آخر عظيماً هو الأخير الخاتم الممجد عند الله. 3. لم يكن عيسى هو المقصود عند يوحنا، لأنه لو كان الأمر كذلك لتبع عيسى وخضع له، ولكنا نجده على العكس من ذلك إذ نجده يعظ ويعمد ويستقبل الأتباع في حياة المسيح عليهما السلام. 4. مع اعتقاد الكنائس النصرانية بأن المسيح إله أو ابن إله، إلا أن كونه معمداً على يد يوحنا المعمدان يثبت أن الأمر بالعكس تماما، فلو كان عيسى هو الشخص الذي تنبأ به يوحنا على أنه أقوى منه، وأنه سيعمد بالروح وبالنار – لما كان هناك ضرورة أو معنى لتعميده في النهر على يد يوحنا وهو الشخص الأقل منه . 5. تضاربت الأناجيل في موقف يوحنا من عيسى: فهو في أحدها يرسل التلاميذ يسألونه: هل أنت النبي الذي سيأتي أم ننتظر واحداً آخر؟ أما يوحنا كاتب الإنجيل فقد أثبت أن يوحنا لما رأى عيسى قال: انظروا حمل الله. ففي النص الأول: يتبين أن يوحنا لم يكن يعرف حقيقة المسيح، وفي النص: ذكر وصفاً مغايراً للنبي المبشر به. 6. لا يمكن أن يكون يوحنا هو سلف عيسى المبشر به بالمعنى الذي تفسر فيه الكنائس بعثته، لأن من مهام هذا الرسول المبشر به أنه يمهد الطريق، وأنه يأتي فجأة إلى هيكله ويقيم السلام. فإذا اعتبر أن هذه المهام قد أسندت إلى يوحنا – فنستطيع أن نؤكد أنه فشل في تحقيقها فشلاً ذريعاً، لأن كل الذي قام به يوحنا تجاه عيسى عليهما السلام أنه استقبله على نهر الأردن وعمده فيه – كما زعموا -. أما البراهين أو الأدلة التي قدمها هذا المهتدي على أن يوحنا قد بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم فهي: 1. يتأكد من هذه النبوة شيء واحد وهو أن النبي الذي تمت البشارة بقدومه معروف لدى كافة الرسل والأنبياء، وإلا لما اعترف شخص معصوم هذا الاعتراف المتواضع. 2. أن إنكار الرسالة المحمدية هو إنكار أساسي لكل الوحي الإلهي، وكافة الرسل الذين بشروا به، لأن جميع الأنبياء معاً لم ينجزوا العمل الهائل الذي أنجزه محمد صلى الله عليه وسلم وحده في فترة قصيرة لم تتجاوز ثلاثة وعشرين عاما. 3. اعتراف يوحنا بأن "محمداً" صلى الله عليه وسلم أعلى منه وأسمى قدراً، يتضح ذلك من قوله "هو أقوى مني" وبمقارنة ما كان عليه يوحنا بما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم ، نجد أن الواقع يشهد أن محمداً ص كان هو الأقوى الذي بشر به يوحنا، يتضح ذلك من خلال الصورة المأساوية التي ترسمها الأناجيل لنهاية يوحنا حيث يسجن ثم يقطع رأسه ويقدم على طبق، بينما نرى محمداً صلى الله عليه وسلم يدخل مكة دخول الفاتح العظيم، ويدمر الأصنام، ويطهر الكعبة، والكفار مستسلمون له ينتظرون حكمه فيهم. 5. أن هدف محمد صلى الله عليه وسلم هو: إقامة دين الإسلام على الأرض، فقد اختفت الأوثان والأصنام من أمامه، وانهارت الإمبراطوريات أمام سيفه، وأصبح المسلمون في ملته متساوين، وتكونت منهم الجماعة المؤمنة، وتحققت بينهم المساواة إذ لا كهنوت ولا طقوس، وليس هناك مسلم مرتفع، ولا مسلم منخفض، ولا توجد طبقية أو تمايز يقوم على العنصر والرتبة، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي لا يعترف بأي كائن مهما عظم، ومهما كان مقدسا – كوسيط مطلق بين الله والبشر. 6. أن أتباع يوحنا كانوا يعرفون كل المعرفة أن عيسى عليه السلام لم يكن هو الشخص المقصود، وقد اعتنقوا الإسلام عندما جاء محمد صلى الله عليه وسلم. البشارة الثانية: قال متى في الإصحاح الخامس مخبراً عن المسيح أنه قال: (الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض، ولا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل) قال المهتدي الهاشمي موضحاً هذه البشارة: (الكل هنا – كما سبقت إليه الإشارة هو القرآن الكريم الذي فيه نبأ السلف، وأخبار الخلف، فيه قصص من سبق من الأنبياء وابتلاؤهم على أيدي أقوامهم، فيه هدى للمتقين، ووعيد للكافرين، وتنظيم للحياتين الدنيا والآخرة، روح من رب العالمين نزل على قلب بشر لم يؤت من قبل فنون الكلام). وفي هذا النص إشارة إلى وجوب العمل بالتوراة والإنجيل إلى غاية محدودة وهي مجيء الكل، فإذا جاء الكل – وهو القرآن الكريم – بطل العمل بها، وحان نسخهما، وأذن الله بزوالهما. والمراد بالزوال هنا زوال الحكم لا زوال الوجود. ولعل مقصود عيسى عليه السلام من قوله "الأصغر" أي الأصغر سنا. هذا على فرض صحة نسبة هذا النص إلى عيسى عليه السلام. البشارة الثالثة: قال متى في الإصحاح الحادي عشر: (وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيلياء المزمع أن يأتي). قال المهتدي النجار بعد هذه النبوة: (أي إن أردتم أن تتبعوا فاتبعوا أحمد الذي سيبعث، وشدد عليهم في التمسك بهذه الوصية والمحافظة عليها فقال: "من له أذنان للسمع فليسمع". وهذه البشارة مماثلة وشاهدة ومصدقة لنبوة ملاخي، وقد سبق إيرادها في هذا البحث تحت عنوان: البشارة الثانية من بشارات ملاخي. البشارة الرابعة: روى متى في الإصحاح السابع عشر ذلك الحوار الذي دار بين المسيح عليه السلام وتلامذته وهو: (قولهم: لماذا يقول الكتبة: إن إيلياء ينبغي أن يأتي أولا؟. فأجاب وقال لهم: إن إيلياء يأتي أولا، ويرد كل شيء) وأردف المهتدي النجار هذه البشارة بقوله: (ونجد المحرفين يشيرون بأن هذا الكلام على يوحنا – أي سيدي يحيى – مع أن سيدنا يحيى ليس له شرع ولا كتاب). البشارة الخامسة: قال متى في الإصحاح العشرين مخبراً عن المسيح أنه قال: (أما قرأتم قط في الكتب: أن الحجر الذي رذله البناؤون، هذا صار رأساً للزاوية، من قبل الرب كانت هذه، وهي عجيبة في أعيننا، من أجل هذا أقول لكم: إن ملكوت الله تنزع منكم، وتعطي لآخرين، لأمة يصنعون ثمرتها، ومن سقط على هذا الحجر يترضض، ومن يسقط عليه يطحنه). أجدني مضطراً أمام هذه البشارة إلى تقسيم الكلام عنها إلى قسمين حسب ما ورد عن هؤلاء المهتدين: القسم الأول: يختص بالكلام عن الحجر الذي رفضه البناؤون، وهذا الحجر المشار إليه هو محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو الحجر المتمم للبناء الذي ابتدأه الأنبياء من آدم حتى المسيح، وبين المسيح عليه السلام ما خص به محمد صلى الله عليه وسلم ، من النصر والتأييد بقوله: (ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن يسقط عليه يطحنه). وإلى هذا ذهب كل من المهتدي الشيخ زيادة والنجار والهاشمي. بينما يرى المهتدي إبراهيم خليل: أن الحجر المشار إليه هو إسماعيل عليه السلام الذي رفضه قومه. ولكن الذي رفضه قومه، ورفضه اليهود والنصارى هو محمد صلى الله عليه وسلم. قوله: (من قبل الرب): أي مرسل من قبل الله حقاً وصدقا. قوله: (عجيب في أعيننا). هذا القول يطابق قول إشعياء: إن اسمه عجيب. أو أن تكون بمعنى عجيب، لأنه كريم في طبعه عربي غريب من غير بني إسرائيل. |
#6
|
||||
|
||||
![]() وإن قيل إن المسيح عني نفسه بهذا المثل فيقال:
1. أنه قال: (في أعيننا) ولم يقل في أعينكم. 2. أن خاتمة البشارة وهي قوله: (من سقط على هذا الحجر يترضض). تفيد جليا أن هذه العبارة واردة في حق شخص آخر غير المسيح عليه السلام، لأن عيسى عليه السلام لم يرض غيره، ولم يسحق من سقط عليه. 3. لا يجوز عند علماء اللغة أن يعود اسم الإشارة على المتكلم وهو عيسى، إذاً فلابد أن يعود على شخص أشار إليه عيسى وهو محمد صلى الله عليه وسلم. وفي هذه البشارة تماثل قوله صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين). وهذا القول منه صلى الله عليه وسلم معجزة وأي معجزة، فمن أخبره صلى الله عليه وسلم بوصفهم له بأنه حجر الزاوية ؟ وهو الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، ولم يتتلمذ على يد معلم أو راهب!! ولكنه الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والحق الذي لا يختلف في كل عصر ومصر، فلا عجب أن تماثلت أقوالهم، واتفقت أمثالهم، أليس الجميع يخرج من مشكاة واحدة ؟؟!!. القسم الثاني: يختص بالكلام عن نزع ملكوت الله من بني إسرائيل، ووضعه في أمة أخرى: والحديث عن ملكوت الله يتطلب الحديث عن حقيقته، وصفات أتباعه، وملكوت الله في تفسير الكنائس، وبيان أن النصرانية ليست ضمن ملكوت الله، وأن الملكوت نزع من بني إسرائيل وأعطي لأمة أخرى، وهذه الأمة هي الأمة الإسلامية. |
#7
|
||||
|
||||
![]() بشارات يوحنا: البشارة الأولى: لما ابتدأ يوحنا يعمد الناس في نهر الأردن، وكان ذلك في زمن المسيح عليه السلام، تصدى له اليهود – المكتوب عندهم في التوراة أن المسيح آت وسيأتي بعده نبي – وسألوه سؤالا كما جاء في الإصحاح الأول: (هل أنت المسيح ؟ هل أنت إيلياء ؟، هل أنت النبي؟ وعندما أجابهم بالنفي قالوا إذا لم تكن المسيح ولا إيلياء ولا ذلك النبي المنتظر، إذاً فلماذا تعمد ؟؟) قال المهتدي الهاشمي بعد هذه البشارة: (من سؤال اليهود ليوحنا نستطيع أن نستنتج أن هناك نبياً بشرت به كتبهم، حيث أن السؤال كان في عهد السيد المسيح، وأن إيلياء كان نبيا من أنبياء بني إسرائيل جاء بعد موسى وقبل المسيح). ويطرح المهتدي عبد الأحد داود عدة تساؤلات ملزمة حول هذا النص وهي: من يعني أولئك الأحبار اليهود واللاويون بقولهم: ذلك النبي؟ وإذا كنتم تدعون معرفتكم مقصد رجال الدين العبرانيين، فهل يعرف باباواتكم وبطارقتكم من هو ذلك النبي؟ وإذا كانوا لا يعرفون فما الفائدة الدنيوية من هذه الأناجيل المشكوك في صحتها؟ وإذا كان الأمر على العكس، وكنتم تعرفون من هو ذلك النبي فلماذا تبقون صامتين ؟؟!. ويستنتج المهتدي الشيخ زيادة من هذه البشارة: أن اليهود منذ زمن موسى إلى زمن مجيء المسيح عليهما السلام كان يتداول بينهم – نقلا عن آبائهم وأجدادهم – أن الله يرسل نبيا. وهم بانتظار ثلاثة أفراد عظام هم: إيلياء والمسيح والنبي فحيث جاء إيلياء والمسيح لم يبق إلا "النبي" الذي ينتظرونه، وقد ورد في هذا النص بعد المسيح فتعين أن هذا النبي هو محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه قد جاء بعد المسيح عليهما الصلاة والسلام. وهذه البشارة تفند ادعاء اليهود أن بشارة موسى عن نبي يقيمه الله لهم. دالة على يوشع بن نون، لأنه لو كان المقصود لما ظل اليهود إلى زمن المسيح يسألونه عن ذلك النبي. وتفند – أيضاً – ادعاء النصارى بأن بشارة موسى السابقة مقولة على المسيح عليهما السلام، لأن علماء اليهود قالوا ليوحنا: (إن كنت لست المسيح ولا إيلياء ولا النبي وهذا يدل على أن هذا النبي غير المسيح عليه السلام. البشارة الثانية: قال يوحنا في الفصل الخامس عشر من إنجيله إن المسيح عليه السلام قال: (إن الفارقليط الذي يرسله أبي باسمي يعلمكم كل شيء) وقال – أيضا – في الفصل السادس عشر: (إن الفارقليط لن يجيئكم ما لم أذهب، فإذا جاء وبخ العالم على الخطيئة، ولا يقول من تلقاء نفسه شيئاً، لكنه يسوسكم بالحق كله، ويخبركم بالحوادث والغيوب) وقال – أيضا – : (إني سائل أبي أن يرسل إليكم فارقليطاً آخر يكون معكم إلى الأبد) ويرى المهتدي عبد الأحد داود أن النص الأخير لا يتضح المعنى المراد منه إلا بإعادة الكلمات المسروقة أو المحرفة فتكون الصيغة الصحيحة كالتالي: (وسوف أذهب إلى الأب، وسيرسل لكم رسولاً سيكون اسمه "البرقليطوس"، لكي يبقى معكم إلى الأبد) والكلمات التي أضافها هي ما تحتها خط. هذه البشارة تكاد أن تكون محل إجماع من هؤلاء المهتدين، وسيكون الحديث عنها من جانبين: الجانب الأول: بشارة المسيح عليه السلام بخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال النقاط التالية: 1. أن هذا النبي الذي بشر به المسيح عليه السلام علّم الناس مالم يعلموه من قبل، ولم يكن في تلاميذ المسيح ومن بعدهم من علّم الناس شيئاً غير الذي كان علمهم المسيح. 2. تضمن النص أن هذا الشخص المبشر به لا يتكلم من تلقاء نفسه، وأنه يخبر بالحوادث والغيوب، ولقد كان محمد صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وقد تواتر عنه إخباره بالحوادث المقبلة والغيوب التي تحققت في حياته وبعد مماته. وتتفق هذه البشارة مع بشارة موسى عن هذا النبي المنتظر عندما أخبر أن الله قال: (وأجعل كلامي في فيه). وقد سبق الحديث عن هذه البشارة ضمن بشارات العهد القديم. 3. أن هذا النبي المنتظر بكت العالم على الخطيئة، ولا خطيئة أعظم من الشرك، ولم يقتصر عمل محمد صلى الله عليه وسلم على ا***اع الشرك من جزيرة العرب، وبعث رسله وكتبه إلى ما جاوره من الدول والإمبراطوريات يدعوهم إلى عبادة الله وحده، بل لما لم تقبل دعوته استل سيفه مؤذنا بإعلان الحرب على الشرك مهما كان موقعه. 4. أن الشخص المبشر به يؤنب العالم. ولقد اعتقد اليهود أنهم صلبوا المسيح عليه السلام و***وه. واعتقد النصارى أن المسيح قد صلب وأنه الله أو ابن الله. ولم يزل العالم يعتقد هذا الاعتقاد حتى جاء محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وجلّى كل الحقيقة عن المسيح من أنه عبد الله ورسوله، وأنه لم يصلب ولم ي***، بل رفع إلى السماء. 5. في هذا النص صرح المسيح عليه السلام أن الشخص المبشر به هو "روح الحقيقة" ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي أظهر كل الحقيقة عن الله وعن وحدانيته ورسله وكتبه ودينه، وصحح كثيراً من الافتراءات والأكاذيب التي كانت مدونة ومعتقداً بها، فهو الذي وبخ النصارى على اعتقادهم في الثالوث، وادعائهم أن المسيح هو ابن الله، وكشف مفتريات اليهود والنصارى ضد أنبياء الله ورسله، وطهر ساحتهم من الدنس والعيب الذي ألحقه بهم اليهود. 6. ذكر المهتدي الترجمان في سبب إسلامه أن أحبار النصارى كان لهم مجلس يجتمعون فيه، ويتذاكرون فيه أنماطاً من المسائل، فاختلفوا يوماً حول النبي الذي يأتي بعد المسيح والمسمى في الإنجيل "البارقليط" وانفض المجلس في ذلك اليوم ولم يصلوا إلى حقيقة هذا اللفظ، وقد تخلف عنهم في ذلك اليوم أكبر علمائهم، فلما رجع الترجمان إليه أخبره الخبر، وطلب الترجمان من هذا العالم أن يبين له الحقيقة فأخبره: أن "البارقليط" هو اسم من أسماء نبي المسلمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. 7. قال المهتدي الهاشمي: (إنه جاء في الإنجيل المكتوب باللغة القبطية الذي كتبه أحد البطاركة في سنة 506م ما معناه: الآتي بعدي يسمى: الفارقليط بندكراطور. أي الروح المنشق اسمه من اسم الحمد، سيبعث الحياة في أمه ليست لها من الحياة نصيب إلا الضلال في برية فاران كجحاش الأتن. وذكر أن هذا الإنجيل ***** الغلاف، وذكر كاتبه في ديباجته أنه نقله من أصول الإنجيل الحقيقي. 8. استخرج هؤلاء المهتدون تطابق كلمة "البارقليط" مع اسم محمد صلى الله عليه وسلم وصفته وبيان هذا التطابق كما يلي: أ ) هذا الاسم "بارقليط" يوناني. وتفسيره باللغة العربية أحمد أو محمد أو محمود. وقال المهتدي عبد الأحد داود: ومن المدهش أن الاسم الفريد الذي لم يعط لأحد من قبل كان محجوزاً بصورة معجزة لأشهر رسل الله وأجدرهم بالثناء، ونحن لا نجد أبداً أي يوناني كان يحمل اسم "برقليطس" ولا أي عربي كان يحمل اسم أحمد. ب) قال المهتدي عبد الأحد داود موضحاً هذا التطابق: (إن التنزيل القرآني القائل بأن عيسى ابن مريم أعلن لبني إسرائيل أنه كان "مبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" – واحد من أقوى البراهين على أن محمداً كان حقيقة نبياً، وأن القرآن تنزيل إلهي فعلاً، إذ لم يكن في وسعه أبداً أن يعرف أن كلمة البارقليط كانت تعني أحمد إلا من خلال الوحي والتنزيل الإلهي، وحجة القرآن قاطعة ونهائية، لأن الدلالة الحرفية للاسم اليوناني تعادل بالدقة ودون شك كلمتي "أحمد" و "محمد" صلى الله عليه وسلم. ج ) أن اسم البارقليط لفظة يونانية يجتمع من معانيها في القواميس المعزي، والناصر، والمنذر، والداعي. وإذا ترجمت حرفاً بحرف إلى اللغة العربية صارت بمعنى "الداعي" وهو من أسمائه صلى الله عليه وسلم ، وقد وصف في القرآن الكريم بمثل ذلك في قوله تعالى: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً. وداعياً إلى الله بإذنه) وقد فهم أوائل النصارى أن هذه اللفظة إنما تعني الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . |
![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|