|
#1
|
|||
|
|||
![]()
خواطر حول الصلاة
سمع الله لمن حمده! من هيئات الصلاة قول المصلِّي بعد الرفع من الركوع: سَمِع الله لمن حمِده، وهي كلمات عظيمة، فيها إيماء بمعيَّة الله تعالى للمُصلِّي، الذي يسمع تراتيلَ المصلِّين، وتسبيحات الراكعين، وحمْد الحامدين. وفيها إشعار بقَبُول حمدنا لله في مفتتح الصلاة عندما تَلونا: الحمد لله رب العالمين، وفي الركوع. وفيها حثٌّ على مزيد من الحمد؛ ولهذا سنَّ لنا أن نقول أيضًا: "ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مبارَكًا فيه". وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لذلك الصحابي الذي ألهمه الله تعالى هذه الكلمات في الصلاة: ((لقد رأيتُ بضعةً وثلاثين مَلَكًا يَبتدِرونها أيهم يكتبها أول)). وفي هذا إشعار برفعها إلى الله تعالى، وقَبُولها لديه. لكن لماذا كان العدد بضعة وثلاثين ملكًا؟ لقد كشف الوزير العباسي الصالح ابن هبيرة - رحمه الله - في تأمُّلاته عن السر، ووجد أن عدد الملائكة الذين رفعوها إلى الله تعالى يُساوي عددَ حروف هذه الكلمات، وهو تكريمٌ عظيم لقائلِهن! اللهم يا سامع الأصوات، ويا مجيب الدعوات، استَجِب دعاءنا، وتَقبَّل حَمْدنا لك، وثناءنا عليك بمنِّك وكَرَمك.
__________________
![]() |
#2
|
|||
|
|||
![]()
خواطر حول الصلاة
إنها أم القرآن! سورة الفاتحة أنشودة الحَمْد، والثناء على الله تعالى، وتمجيده في هذا الكون الفسيح، أليس قد قال الله تعالى: ﴿ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الروم: 18]؟! ١- وهي تَتردَّد على ألسنةِ العابدين عند وقوفهم بين يَدَيْ ربِّ العالمين، ولهذا سُمِّيت بالسَّبع المثاني؛ لأنها تُثنى في كلِّ ركعة، أي: تُكرَّر، وتَكرارها يَزيدها حلاوةً، وعذوبة، وصَدَق من قال: كرِّر عليَّ حديثَهم يا حادي ![]() فحديثُهم يجلو الفؤادَ الصادي ![]() ٢- وهي تَشتَمِل على أصول النَّجاة التي نزل القرآن لتفصيلها، وطلبَ تحقيقها لنيل السعادة الأبديَّة. 3- وهي تحتوي على العناوين العريضة في القرآن، وتُمثِّل المدخلَ العامَّ لفَهْم أحكامه وأسراره، وتتضمَّن مفاتيحَه التي تفتح مغاليقَه، وتَفُك ألغازَه؛ ولهذا سُمِّيت بـ أم القرآن. قال المفسِّرون: وأمُّ الشيء: أصْله، فهي أصل القرآن؛ لانطوائها على جميع أغراضه، وما فيه من المعاني والعلوم والحِكَم. وفيما يأتي عَرْض لأهمِّ مَحاوِرها: أولاً: إذا كانت الغاية من خَلْق الإنسان هي عبادةَ الله تعالى، فإنَّ أم القرآن تَنُص على ثلاثة أسباب لذلك، وهي: 1- أن الله ربُّ العالمين، فهو المالك، والمُتصرِّف، والمدبِّر، والمربِّي. 2- وأنَّه الرحمن الرحيم، ورحمته سبحانه وَسِعتْ كلَّ شيء. 3- وأنه مالك يوم الدين؛ أي: يوم الجزاء، ومقداره خمسون ألف سنة، وما فيه من مواقف، وما يترتَّب على ذلك من آثار. ولا شك أنَّ الخالق العظيمَ الذي يتَّصِف بهذه الصَّفات العُليا إله يَستَحِقٌّ أن يُعبَد، وأن يُخاطَب في كلِّ وقوف بين يديه بقولنا: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ [الفاتحة: 5]. وأن نَستعين به في كلِّ أمورنا وشؤوننا في هذه الحياة، مُقرِّين بذلك بقولنا: ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، وتفاصيل هذه العبادة مُقرَّرة في القرآن المجيد. ثانيًا: هذا الإنسان يحتاج إلى مَنْهج يسير عليه، وشريعة تُفصِّل له سُبُلَ الاهتداء؛ ولهذا علَّمنا الحقُّ أن نقول: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، والصراط: هو الطريق الذي سلَكه المُنعَّمون من عباد الله الصالحين، وخريطة هذا الطريق مُفصَّلة في القرآن الحكيم، وصدق الله تعالى القائل: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]. ثالثًا: هناك فريقان انحرفت بهم السُّبُل عن ذلك الطريق المستقيم، الفريق الأول: هم المغضوب عليهم، وهم أناس ارتكبوا جرائمَ مُخالِفةً لهَدْي الله تعالى، فاستحقُّوا الغضبَ واللَّعنة التي تَعْني: الطَّردَ من صَفِّ المهتدين، وأسباب الغضب الإلهي والطرد من رحمته مُفصَّلة في القرآن العزيز. وهؤلاء أصناف كُثُر، جاء بيانُهم في القرآن والسُّنَّة، ويَندرِج في هذا الصِّنف اليهود، والمشركون، والمنافقون. وأما الفريق الثاني فهم الضَّالُّون: وهم الذين انحرَفوا عن الطريق المستقيم بعد أن اهتدَوا إليه، وسارُوا فيه، وأسباب ضلالهم مُفصَّلة في القرآن والكتاب المبين، وهم أصناف كُثُر، منهم النَّصارى. فهذه السورة الكريمة هي بحقٍّ أم القرآن التي احتوت على أصول منهجِ الهداية، وأسباب الغضب والضلالة. اللهم اجعلنا هداةً مهتدين غير ضالِّين ولا مُضلِّين، ووفِّقنا لتِلاوة هذه السورة المباركة في حياتنا حتى نكون في الآخرة ممن قُلتَ فيهم: ﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10]، آمين!
__________________
![]() |
#3
|
|||
|
|||
![]()
من خواطر الصلاة
أجمل سجدة تلك السجدةُ التي نستشعِرُ فيها جمالَ الخالق العظيم سبحانه، فننحني ساجدين لباهر جماله، أليس قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف ربه: ((إنَّ الله جميل يحب الجمال))؟ وها هي آثار جمالِه باديةٌ في كل شيء، وظاهرةٌ في صفحات الكون البديع، وفي كل لوحةٍ من لوحاته الجميلة! فسبحان مَن خلق فأبدع، وصوَّر فأحسن التصوير! والجمال له سلطانٌ على القلوب، يدفع المحبَّ إلى الاستسلام أمام محبوبه، والإعلان بقوله: الحسنُ قد ولَّاكِ حقًّا عرشَه ![]() فتحكَّمي في قلب مَن يهواكِ ![]() وهو بيتٌ قد قاله صاحبُه في جمالٍ زائل، فكيف إذا كان ذلك الجمالُ جمالَ الخالق العظيم، الذي لا يفنَى ولا يزول! فهو أولى بالتذلل أمامه، والسجود له. وهذا شاعر آخر يصف حال المحب أمام محبوبه، فيقول: تِهْ دَلالاً فأنتَ أهلٌ لذاكَا ![]() وتَحكَّمْ؛ فالحُسْنُ قد أعطاكَا ![]() ولكَ الأمرُ فاقضِ ما أنتَ قاضٍ ![]() فعَلِيَّ الجمالُ قدْ ولاَّكَا ![]() وبما شئتَ في هواكَ اختبرني ![]() فاختياري ما كانَ فيهِ رضَاكا ![]() علَّمَ الشَّوقُ مقلتي سهرَ الَّليْ ![]() لِ فصارَتْ مِنْ غَيرِ نوْمٍ تراكا ![]() وهو سبحانه كامل في جماله، بينما جمالُ غيره يعترِيه الأفول والنقص والزوال! وهو قد أذِن لأحبابه بالتمتُّع بمظاهر جماله، والتذلُّل بين يديه، بينما جمال غيره مصاحبٌ غالبًا للتكبر والتمنع والازدراء!
__________________
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|