|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() الســؤال يسكن بجانبي جار غير مسلم، وقد اشتهر أبوه بتعصبه الشديد لديانته وعمله على نشرها والتشكيك في الإسلام من خلال المؤسسات الاجتماعية التي كان يُشرِف عليها، وقد توفي هذا الرجل قريبًا، فهل يشرع لي تعزية جاري فيه، وماذا أقول له في تعزيته؟ الجـــواب شرع الإسلام أحكامًا كثيرة تدل على رسالته في التعايش ونبذ التفرق، وقد أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رقم (189) سنة 2011م بتاريخ: 18/ 5/ 2011م تحدثت فيها عن المنهج الإسلامي في التعايش، وبيَّنت صور التشريعات العملية التي تؤصِّل وتعضد مبدأ التعايش مع الآخر، فليس الإسلام بِدِين الانغلاق المفضي إلى الانعزال والتخلف، بل هو نَسَقٌ ربانيٌّ متكامل للبشرية عمومًا على اختلاف الأماكن والألوان والنوع. ومن صور التشريعات التي تؤكِّد مبدأ التعايش مع الآخر في الإسلام ما شرعه من التعزية في غير المسلم ومواساة أهله وحثهم على الصبر، وللفقهاء تفصيل في حكم التعزية من حيث المُعزَّى والمُعزَّى فيه، ففي تعزية غير المسلم بغير المسلم يرى جمهور الفقهاء أنها جائزة، وعلى ذلك الحنفية والشافعية، وهو قول لمالك، وإحدى روايات المذهب الحنبلي، ومدرك هذا الرأي أن تعزية غير المسلمين تدخل في عموم البر الوارد في قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، كما يصح قياس التعزية على زيارة المرضى؛ فقد ((كان صلى الله عليه وسلم يزور مرضى غير المسلمين كما في حديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، فأسلم)). [رواه البخاري]. والجامعُ بين التعزية والزيارة المواساةُ والتخفيف عنه في المصاب. لكنهم مع الجواز اشترطوا أن يتخيَّر المعزِّي من ألفاظ التعزية لأهل الميت ما يناسب حالهم، كحثهم على الصبر وتذكيرهم بأن هذه سنة الله في خلقه، بأن يقول: عوَّضكم الله خيرًا، أو أخلفكم خيرًا ونحو ذلك. وقد خصَّ الشافعية الكافرَ بالمحترم ليخرج الحربي والمرتد فلا يُعَزَّيَان في ميتهما إلا أن يُرجى إسلامهما، ويلحق بالحربي والمرتد مَن اشتُهِر بعدائه للإسلام والعمل على تشكيك المسلمين في دينهم من خلال نشر الشبهات والدعوة إلى غير دين الإسلام، فلا يعزَّى في مثل هذا إلا أن يرجى إسلام المعزَّى. وخالف الحنابلة فيما ذكر وقالوا بحرمة تعزية الكافر مطلقًا، وهو المذهب كما نصَّ عليه المرداوي، وهو قول بعض الحنفية، وبعض المالكية، ويستدل على ذلك بعموم قوله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ...﴾ الآية [المجادلة: 22]، وتعزية الكافر نوع من الموادة فتكون محرمة، كما تقاس التعزية على البدء بالسلام، وقد نُهِينا عن البدء بالسلام معهم فكذلك تعزيتهم. وهذه نصوص العلماء التي تُبَيِّن ما أسلفنا إجماله: يقول ابن نجيم في البحر الرائق (8/ 232، ط. دار الكتاب الإسلامي): «(وعيادته) يعني تجوز عيادة الذمي المريض لما روي أن يهوديا مرض بجوار النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((قوموا بنا نعود جارنا اليهودي))، فقاموا ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وقعد عند رأسه، وقال له: ((قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله))، فنظر المريض إلى أبيه، فقال: أَجِبْهُ، فنطق بالشهادة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((الحمد لله الذي أنقذ بي نسمة من النار)). الحديث، ولأن العيادة نوع من البر وهي من محاسن الإسلام فلا بأس بها ... وإذا مات الكافر قيل لوالده أو لقريبه في تعزيته: أخلف الله عليك خيرًا منه، وأصلحك ورزقك ولدًا مسلمًا؛ لأن الجزية تطهر». وقال ابن عابدين الحنفي: «وفي كتب الشافعية: ويعزي المسلم بالكافر: أعظم الله أجرك وصبرك، والكافر بالمسلم: غفر الله لميتك وأحسن عزاءك». (رد المحتار 2/ 242، ط. دار الفكر). وقال المواق في التاج والإكليل (3/ 38، ط. دار الكتب العلمية): «وقد روي عن مالك أن للرجل أن يعزي جاره الكافر بموت أبيه الكافر لذمام الجوار». وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج (2/ 42، ط. دار الكتب العلمية): «(و) يعزى المسلم أي يقال في تعزيته (بالكافر) الذمي: (أعظم الله أجرك وصبَّرك و) يعزى (الكافر) المحترم جوازًا إلا إنْ رُجِيَ إسلامُه فندبًا أي يقال في تعزيته (بالمسلم: غفر الله لميتك وأحسن عزاءك)، ولم يذكر المصنف تعزية الكافر بالكافر؛ لأنها غير مستحبة، اقتضاه كلام الشرح والروضة، بل هي جائزة إن لم يُرْجَ إسلامه كما مرت الإشارة إلى ذلك، وإن كان قضية كلام التنبيه استحبابها مطلقًا كما نبهت على ذلك في شرحه». وقال المرداوي في الإنصاف (4/ 234، ط. دار إحياء التراث العربي): «قوله: (وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان) إحداهما: يحرم، وهو المذهب، صححه في التصحيح، وجزم به في الوجيز، وقدمه في الفروع. والرواية الثانية: لا يحرم، فيكره، وقدمه في الرعاية، والحاويين في باب الجنائز، ولم يذكر رواية التحريم، وذكر في الرعايتين والحاويين رواية بعدم الكراهة فيباح، وجزم به ابن عبدوس في تذكرته. وعنه: يجوز لمصلحة راجحة كرجاء إسلامه، اختاره الشيخ تقي الدين، ومعناه اختيار الآجري، وأن قول العلماء: يعاد ويعرض عليه الإسلام. قلت: هذا هو الصواب، وقد عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- صبيًّا يهوديًّا كان يخدمه، وعرض عليه الإسلام فأسلم. وحيث قلنا: يعزيه. فقد تقدم ما يقول في تعزيتهم في آخر كتاب الجنائز، ويدعو بالبقاء وكثرة المال والولد». ونرى ترجيح رأي الجمهور لقوة ما استدلوا به، أما ما استدل به مَن حرم التعزية بأنها من قبيل الموادة فغير صحيح، بل هي من قبيل البِرِّ المأمور به في قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، وقد أوضح القرافي في الفرق التاسع والعشرين بعد المائة الفرق بين قاعدة البر والموادة، وأورد كلامًا نفيسًا في الفرق بينهما، ومما قاله: «وأما ما أمر به من بِرِّهِمْ ومن غير مودة باطنية فالرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وإكساء عاريهم، ولِينُ القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال إذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفًا منا بهم لا خوفًا وتعظيمًا، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم في دينهم ودنياهم، وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم، وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يُعَانوا على دفع الظلم عنهم، وإيصالهم لجميع حقوقهم، وكل خير يحسن من الأعلى مع الأسفل أن يفعله، ومن العدو أن يفعله مع عدوه؛ فإن ذلك من مكارم الأخلاق، فجميع ما نفعله معهم من ذلك ينبغي أن يكون من هذا القبيل لا على وجه العزة والجلالة منا ولا على وجه التعظيم لهم وتحقير أنفسنا بذلك الصنيع لهم». (الفروق 3/ 15، ط. عالم الكتب). وأما قياس التعزية على البدء بالسلام فقياس مع الفارق؛ لأن البدء بالسلام فيه إكرام من كل وجه، ويمكن تخريجه على قاعدة المودة المنهي عنها، بخلاف التعزية والعيادة فإن فيها احتمالًا، كما أنها تلحق بقاعدة البر السابق بيانها. فعلى ما ذكر: فيجوز لك تعزية جارك غير المسلم في وفاة أبيه، وعليك انتقاء الألفاظ التي تقولها له، كـ«عوَّضك الله خيرًا مما أخذ منك»، أو تذكيره بالصبر والثبات، وعليك أن تنوي بذلك البر وحسن الجوار ودعوته إلى دين الإسلام. والله تعالى أعلم. من دار الافتاء المصرية
__________________
![]() |
#2
|
|||
|
|||
![]()
من مظاهر سماحة الإسلام: مشروعية البر والإحسان إلى المسالمين من الكفار، فالإسلام حث على البر والإحسان وبذل المعروف والنصح لجميع الناس، إلا من حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتربص بالمسلمين الدوائر، وهؤلاء هم الذين يسمون بالحربيين، فمن لم يكونوا حربيين يجوز أن يبروا وأن يسالموا؛ لأن الإسلام لا يمانع من برهم والعطف عليهم ما داموا مسالمين موادعين، كحال أهل الذمة الذين لهم عهد مع الخليفة أو الحاكم المسلم، فتراعى ذمتهم ويحسن إليهم، كذلك أيضاً أهل الصلح ونحوهم، يقول تبارك وتعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:8-9]. يقول شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: أولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: عنى بذلك: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ [الممتحنة:8] من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم؛ لأن الله عز وجل عمهم في الحكم، وذلك بقوله: الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ [الممتحنة:8] لأن (الذين) اسم موصول يفيد العموم، فتعم جميع من كانت تلك صفته، فلم يخصص به بعضاً دون بعض، ولا معنى لقول من قال: ذلك منسوخ. ويقول الشوكاني أيضاً حول هذه الآية: ومعنى الآية: أن الله سبحانه لا ينهى عن بر أهل العهد من الكفار الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال، وعلى ألا يظاهروا الكفار عليهم. وخلاصة الكلام: أن الإحسان وحسن الخلق وبذل المعروف مرغب فيه لكل أحد ولو كان لغير المسلمين، يقول ابن المرتضى اليمني: المخالفة والمنافعة وبذل المعروف، وكظم الغيظ، وحسن الخلق، وإكرام الضيف ونحو ذلك يستحب بذله لجميع الخلق، إلا ما كان يقتضي مفسدة كالذمة، فلا يبذل للعدو في حال الحرب. يعني: إظهار المودة للكافر الحربي مما يجعلك في صورة المتذلل له المضطهد له حتى لا يؤذيك، أو يؤدي إلى نوع من الاعتزاز على المسلم، فمثل هذا لا يشرع، لكن فيما عدا ذلك كما أشرنا من قبل أن التسامح الإسلامي هو تسامح القوي، ورحمة الإسلام رحمة العزيز بلا ذل ولا هوان. إذاً: حسن الخلق مطلوب مع كل الناس، بعض الناس يتكلف إساءة الخلق مع الكافر غير الحربي، يظن أن هذا هو حقيقة الولاء والبراء، لكن إذا تأملنا موقف موسى عليه السلام من فرعون، وفرعون لا يرتاب أحد في أنه من أشد الناس كفراً، وأنه قال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38] وقال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24] ومع ذلك أمر الله عز وجل موسى وهارون أن يقولا له قولاً ليناً قال عز وجل: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44]، فإلانة القول وحسن الأسلوب في الكلام والأدب وحسن الخلق هذا مرغوب مع كل أحد. أقول: وهذا القيد الذي ذكره ابن المرتضى قيد في محله، ففعل البر كله لابد أن يكون من يد عليا عزيزة، فإذا كان يفضي إلى ذل واستكانة فلا ينبغي فعله لغير المسلم.....
منقول
__________________
![]() |
#3
|
|||
|
|||
![]()
أكد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة ـ المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" ـ إن الأصل في علاقة المسلم مع غير المسلم أن تنبني على التعارف والتثاقف وتبادل الحاجات، وتحين المسلم للفرص السانحة لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام، مشيراً إلى أنه يجوز إلقاء السلام على غير المسلم حيث أن النهي عن ذلك كان مرتبطا بظرف خاص.
وقال الشيخ سلمان ـ في حلقة أمس الاثنين من برنامج "حجر الزاوية"، والذي يبث على فضائية mbc، والتي جاءت تحت عنوان "الحوار مع غير المسلمين" ـ : إن الأصل في العلاقة بين المسلم وغير المسلم هي السلم، مشيرا إلى الخلاف في المسألة قديم معروف، فهناك من يرى أن الأصل في العلاقة بين المسلم وغير المسلم هي الحرب، وهو قول لبعض أهل العلم، وهناك من يرى أن الأصل في العلاقة هو السلم وليس الحرب، وهو مذهب سفيان الثوري وجماعة من المتقدمين وكثير من المتأخرين، وهو ما نسبه بعض الباحثين لابن تيمية وابن القيم و رشيد رضا. التأصيل والالتباس وأردف الدكتور العودة : إن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هي: 1 ـ علاقة الدعوة : يقول تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ). 2 ـ علاقة الحكمة : في التعامل، يقول تعالى (بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ). 3 ـ علاقة الحوار: يقول تعالى (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). 4 ـ علاقة الخُلق الكريم : يقول تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ). 5 ـ علاقة البر والإقساط، يقول تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). تعاون..وتدافع 6 ـ علاقة تعاون : فلقد نهى الله سبحانه المسلمين عن الاعتداء على المشركين وإن كانوا قد صدوا المسلمين عن البيت الحرام، فقال ـ سبحانه ـ : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)، أي : لا تعتدوا عليهم وإن ظلموكم، ثم قال -سبحانه وتعالى- : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَسْأَلُونِى خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلاَّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا)، واليوم نجد المصلحة قائمة أن يكون ثمة تعاون بين المسلمين وغيرهم في المجالات الصحية، فما يتعلق بمنظمة الصحة العالمية، وفي المجالات البيئية، وما يتعلق بخدمة البيئة والحفاظ عليها، فالأرض للبشر جميعا، و ليست للمسلمين فحسب، (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ). 7 ـ علاقة تدافع : يقول تعالى (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)، فالتدافع سنة إلهية، كما أن التدافع ليس المقصود به افتعال الصراع والقتال والمسارعة إلى المواجهة، وإنما هو مرحلة وسيطة ما بين القطيعة والتباعد والسكون المطلق وما بين الحرب والصراع، هنا يأتي التدافع الذي فيه قدر من المزاحمة والمنافسة والتثاقف والتعلم والتعليم والأخذ والعطاء، وهو أيضاً مضبوط قدر المستطاع بالتي هي أحسن، كما أن التدافع قد يكون داخل الدائرة الإسلامية، (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). علاقة صراع وقتال أيضاً 8 ـ علاقة صراع وقتال : وهي علاقة يجب أن تكون في بعض الظروف؛ كما في دفع المحتل والصائل والمستعمر، ومواجهة العدوان حتى ولو كان من المسلمين، فإن المسلم إذا بغى واعتدى وقاتل الناس بغير حق فهو صائل يجب أن يكف شره، موضحا أن هذا جزء من الشريعة لكن من الخطأ اختصاره. وضرب فضيلته مثالا لذلك، قائلا : قال لي أحد الدكاترة الأكاديميين: إن علاقتنا مع الكفار تنحصر في ثلاث نقاط هي: الإسلام أو الجزية أو القتال. فقلت له: هذا خطأ علمي وشرعي وأكاديمي؛ لأن هذه هي علاقة الجيش الإسلامي بالجيش غير المسلم فحسب، وهذه من الجمل التي تقال للجيش في الفتوحات، ادعهم إلى الإسلام فإن أبو، فالجزية فإن أبو، فالقتال. وأكد الشيخ سلمان على أن الإسلام ليس جيشاً، كما أن المجتمع الإسلامي ليس عسكراً فقط، فالحياة لا يجوز عسكرتها، مشيرا إلى أن هناك علاقة تبادل تجاري ومصالح وقرابة وصلح وعلاقات واسعة جداً مع الغرب، كما أن هناك علاقة المتاركة، وقد جاء في السنة النبوية "نتركهم ما تركونا"، وكان عمر -رضي الله عنه- يحاذر أن يرسل جيشه إلى بعض الأطراف، وهكذا عبر التاريخ ـ حتى في أزهى عصور الإسلام ـ كانت هناك مناطق واسعة لم يصلوا إليها وكانت هناك متاركة ظاهرة، وقد يكون السبب هو عدم الإمكان، وإلا لو أمكن أن يكن هناك التواصل والحوار والدعوة والإصلاح فلا شك أن هذا مطلب. عدوان الغرب الجائر وأوضح فضيلته أن أحد أسباب الجدل حول العلاقة مع الغرب هو العدوان الجائر من قبل بعض معسكرات الغرب على المسلمين، مشيرا إلى تأثر الناس بواقعهم سلباً وإيجاباً. ودلل الشيخ سلمان على ذلك بأن هذا الكلام الذي يقوله الآن، إذا قيل في أيام التوتر الشديد للعلاقات، فإن الناس لا يقبلونه حتى وإن كانوا يعتقدون صوابه، فهم على الأقل سيقولون ليس هذا وقته؛ ولذلك فإن العدوان الذي يحصل سواء في فلسطين أو في العراق أو في أي بلد آخر ينعكس ليس فقط على أهل البلد بل على كل الذين يشاركونهم أصل التدين والإسلام. من المسئول ؟!! وأكد الدكتور العودة أن الغرب مسئول أكثر من المسلمين عن هذه العلاقات المتوترة؛ لأن الغرب بحكم أنه يملك القوة والسلاح والإعلام فقدراته وإمكانياته في صياغة العلاقة أكثر من المسلمين وهو مسئول إلى حد كبير حتى عن المشاعر السلبية الموجودة عند المسلمين. وأضاف فضيلته : كما أن الواقع السيئ هو سبب لكن أيضاً من الأسباب في وجود الالتباس في العلاقة أصل الاختلاف لأن الاختلاف يولّد النفرة، والناس بطبعهم عندما يكتشفون أن ثمة اختلافاً بينهم وبين أحد من الناس يحسون بشيء من النفور يحتاج إلى تأليف وإلى إعادة الأمور إلى مجاريها، وهذا شيء طبيعي. وأوضح الشيخ سلمان : أنه في حالات كثيرة توجد مجتمعات إسلامية خالصة لا تخالطها أقليات من أديان اخرى، فيكون من طبع هذا المجتمع أنه قد لا يتقن فقه العلاقة مع غير المسلمين، ولا فقه التعامل مع الآخر؛ لأنه أصلا لم يتعامل مع غير المسلم، ولذا فلا يحتاج إلى هذا الفقه، بينما تحتاجه الدول وتحتاجه الجماعات التي تعيش في المجتمعات غير الإسلامية.. مجتمع متنوع وأردف فضيلته : إن من حكمة الله أن جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يقيم بعد هجرته في بيئة مدنية مختلطة وهي المجتمع الإسلامي الأول في المدينة، والتي كان فيها قبائل من اليهود معروفة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد عقد معهم عقد صلح واتفاق على الحماية المشتركة. وكذلك كان فيها الوثنيون فعاملهم النبي -صلى الله عليه وسلم- معاملةً رشيدةً فأسلموا ولم يبق منهم أحد، كما كان فيها المنافقون، وهم شريحة جديدة تولّدت من مجيء الإسلام، وكذلك وفد نصارى نجران على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعقد معهم عقداً، وكذلك أخذ الجزية من مجوس هجر، وفي بعض الآثار : سنوا بهم سنة أهل الكتاب وإن كان في الحديث ضعف. وتابع فضيلته: إن كل ذلك يؤكد أن المجتمع الإسلامي الأول كان مجتمعا متنوعا، يمنحنا فقهاً واضحاً في التعامل مع غير المسلمين المساكنين لنا وغير المساكنين، مشيرا إلى أن هذه الأوضاع الحالية تحمل بعض الباحثين على أن يأخذ نصاً واحداً يتناسب مع قناعته ويهمل ما سوى ذلك، فتجد إنساناً -مثلاً- مولعاً بالحديث عن أن العلاقة هي علاقة صراع وقتال؛ لقول الله تعالى : (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً)(التوبة: من الآية36) ويستدل بهذا النص وعنده قابلية واستعداداً مبرمجا على أن يؤول أي نص آخر يختلف مع هذا الذي يقول. في حين أنك تجد في مقابل هذا من يلهج بالاستدلال بقوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)(الأنفال: من الآية61)، وهذا نص قرآني وبناء عليه فإنه ينبغي أن نجنح للسلم في كل مناسبة، ويكون عنده جاهزية داخلية وقابلية مبرمجَة أن يؤول أي نص آخر لا يتفق مع هذا المعنى، ولو أن هذا وذاك جمعا النصوص الشرعية في المسألة لأدركوا أن للتعامل مع الكافر حالات عديدة حسب الظروف والأحوال، وكلها صحيحة مؤيدة بالنصوص الشرعية. مضايقة..وعدم إلقاء السلام وتعقيبا على مداخلة تسأل عما ورد في السنة من الأمر للمسلمين بأن يضطروا أهل الكتاب لأضيق الطرق عند ملاقاتهم في الطرقات، ومن النهي عن ابتدائهم بالسلام، كيف يمكن أن يؤول، فأجاب الدكتور سلمان قائلاً: إن إبراهيم عليه السلام سلّم على والده (قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ)، والله سبحانه وتعالى ذكر لفظ السلام (لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) (القصص: من الآية55) وقال سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ) (الزخرف: من الآية89). وأضاف فضيلته : ولذلك وقع الخلاف بين السلف في هذه المسائل بعد أن اتفق عامتهم على جواز الرد على سلام الكافر بلفظ "وعليكم السلام" سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو غيره، ولكن اختلفوا في بداءته بالسلام وفي لفظ السلام، أما بَداءته بالتحية مثل مساء الخير صباح الخير فلا إشكال فيها، ولكن الإشكال في لفظ: السلام عليكم، وذلك على قولين : القول الأول : بجواز إلقاء السلام على الكافر، وهذا مذهب أبي أمامه وحذيفة وابن مسعود وابن عباس والحنفية وكثير من فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة وغيرهم، كما أن الأوزاعي -رضي الله عنه- عندما سئل عن ذلك قال : "إن سلمت فقد سلّم الصالحون وإن تركت فقد ترك الصالحون"، مما يدل على أن الأمر فيه سعة. القول الثاني: بعدم إلقاء السلام عليهم؛ ولكن يُحيَّون بتحية أخرى. ظرف خاص وأوضح فضيلته : إن حديث « لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلاَمِ » الذي ربما هو أساس الحجة، قيل في ظرف خاص، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إني راحل لليهود غداً، وذلك في ظل توتر في العلاقات وتهيؤ لقتال اليهود بعدما خانوا، فكان عدم إلقاء السلام عليهم -في نظري- أنه من الأمانة النبوية، فكيف ألقي عليه السلام وأنا أحضر لحربه بعدما نقض العهد والميثاق مما يتطلب وضوحاً في المعاملة. وعلى ذلك فإن النبي عليه السلام عندما نهى عن الإلقاء كان هذا في ظرف خاص له اعتبار تاريخي، حيث أشار ابن القيم في "زاد المعاد" إلى هذا الاحتمال وإن لم يرجحه ولكن هو الراجح ـ في نظري ـ بمقتضى مجموع النصوص الواردة في الباب. تسمية المخالف بـ"الكافر" !! وأردف الدكتور العودة قائلاً: إن بعض الناس يتساءلون عن حكم إطلاق مصطلح " الآخر " على الكافر، هل فيه من بأس ؟، موضحاً أن هذه مصطلحات ينبغي ـ حتى لو توسعنا في التعبير بها واستخدامها ـ لابد أن نفهم أنها لا تعارض الحكم الشرعي الأصلي المستقر، وكذلك الأمر فيما يتعلق بأحكام الآخرة، بأن ندخل فلان الجنة وندخل فلان النار، مشيرا إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول : " الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة " وهذا يؤكد أن الجنة لا يدخلها إلا المؤمنون. وتابع : ولكن هناك كثير من الناس لم تبلغهم الحجة بالإسلام، ولا عرفوا النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا تعرّفوا على رسالته، ثم ماتوا وهم على هذه الجهالة، فهؤلاء أمرهم إلى الله -سبحانه وتعالى- وينطبق فيهم ما ذكره ابن القيم في أحكام أهل الذمة، وذكره غيره من أهل العلم، من أنهم يشملهم حكم أهل الفترة، وأنهم يمتحنون يوم القيامة تصديقاً لقوله تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً"، والله أعلم بما كانوا عاملين، وثمة أقوال فقهية في المسألة معروفة. تدافع إيجابي وتعقيبا على سؤالٍ مفاده: أن بعض الناس يرون أن التحرّج من وصف الكفار بالكفر ليس للتأويل الشرعي وإنما هو لهزيمة نفسية، قال الشيخ سلمان : يوجد الكثير من المنهزمين بلا شك؛ لأن طبيعة العلاقة مع الغرب أنها تنحو أحد منحييْن: 1 ـ علاقة إعجاب وانبهار: بما لدى الغرب من الإنتاج والإبداع التقني والمادي ؛ ولذلك يصبح الإنسان يتقبّل الأمر كله بما فيه من قيم وأخلاقيات ومعاني واعتبارات، بل ويتقبل حتى أحياناً الأساطير الغربية ويستشهد بها ويستعذبها. 2 ـ علاقة رفض وقطيعة : حيث يوجد في بالمقابل اتجاه آخر وهو اتجاه الرفض والقطيعة المطلقة، في حين أن المفترض أن يكون هناك قدر من التفاعل أو كما سماه القرآن التدافع، وهذا التفاعل الإيجابي الذي يقتبس الجوانب الإيجابية ويرفض الجوانب السلبية هو الموقف السليم. وأضاف فضيلته أن هناك من تقع له الهزيمة، ولكن هذه الهزيمة لها وجهان: الوجه الأول: تقبل ما يأتي من الآخرين بخيره وشره وحلوه ومره. الوجه الثاني : القطيعة والعزلة والخوف المفرط من الآخر. البراء..والتعامل مع الآخر وردا على سؤالٍ عن مفهوم عقيدة البراء من الكفار ومقتضياتها قال الشيخ سلمان : إنه فيما يتعلق بالبراءة، هناك أربع نقاط : أولا : البراءة واجب حتم فيما يتعلق بشعائر أديان الكفار ومعتقداتهم وكفرهم وظلمهم وعدوانهم وبغيهم وكل المعاني المنحرفة والفاسدة، وهذا لا خلاف عليه ثانيا : يجب على المسلم اجتناب ممارسة الأفعال التي تدل على الميل القلبي لأيٍ من أديان الكفار والفرح بظهور دينهم، مثل أن يكون يتمنى انتصارهم وعلوهم على المسلمين، وما أشبه ذلك من الأفعال التي مقتضاها ودلالتها الميل القلبي لدينهم. ثالثا : فيما يتعلق بجوانب الحب البشري الفطري الطبيعي، فهذا لا يؤاخذ عليه المسلم، فإنه إذا تزوج زوجةً كتابية فهو بطيعة الحال سوف يحبها وسيحصل بينهما مودةٌ ورحمة، والله سبحانه وتعالى أشار إلى هذه المحبة الفطرية الطبيعية في القرآن الكريم في مواضع، منها قوله تعالى: (هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ)(آل عمران: من الآية119)، وكذلك قوله تعالى في علاقة المسلم بأبويه الكافرَين (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)(لقمان: من الآية15)، كذلك في محبة الأب لولده المحبةَ الطبيعية، فإنه لا يؤاخذ على هذا الحب الفطري الذي لم يكن دافعه حب الكفر الذي عليه الولد أو الوالد. رابعا : بغض المعتدين والمحادين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(المجادلة: من الآية5)، (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(المجادلة: من الآية22). عالم ملائكي!! وأردف الشيخ سلمان : لقد سألني سائل عن الآية الكريمة في قصة إبراهيم عليه السلام (إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)(الممتحنة: من الآية4) فسألته: متى قال إبراهيم هذه الكلمة ؟ هل تظن أنه قالها عندما أوحي إليه أول مرة؟ أم أنه صبر عليهم ودعاهم إلى توحيد الله كثيراً ثم آمن به من آمن وكفر به من كفر ووقعت العزلة عنهم (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً) (مريم:48). فالله عز وجل نهاه عن الاستغفار لكن لم ينهه عن السلام، وعلى ذلك فإن إبراهيم تبرأ منهم بعدما بلغ الأمر حد المحادة والمحاربة لدين الله وللمؤمنين، وهذه نتيجة طبيعية لهكذا معاملة، ونحن نعرف ما جرى لإبراهيم عليه السلام من المحادة له ولدينه كما في إلقائهم له في النار، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما أوذي بمكة ومن الأنبياء من *** ومنهم من أوذي، (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)(آل عمران: من الآية146)، فالعالم الآن يشهد عدداً من الحروب الوحشية الباغية التي لا يمكن تجاوزها ؛ ولذلك لا ينبغي أن نتجاهل هذا الموضع أو يكون حديثنا فيه حديثاً تنظيرياً بحتاً، وكأننا نتخيل أن هناك عالم ملائكي لا يوجد فيه أشرار ولا يوجد فيه ***ة ولا يوجد فيه محاربون. تأليف القلوب وتعقيبا على عما ذكره أحد المداخلين من تقديره لما عند بعض غير المسلمين من نواحٍ إنسانية وقيم حضارية وصدق في التعامل وإتقان في العمل لا يوجد كثير منه لدى المسلمين قال الشيخ سلمان: لاشك أن هذا واقع لا ينكر، ولكن استحضار أن يكون هذا الإنسان الكافر أيضاً بحاجة إلى هداية ، فهذا من كمال الوعي وكمال الإدراك ؛ لأن استحضارك أن في داخله ظلمة تحتاج إلى تجلية وتغشية بما أوتيته من نور الهداية والحق، فهذا مطلب لا يعارض عمله وإتقانه ومحاسبته على جودة العمل. وأضاف فضيلته : لكنه يضاف إلى ذلك كله أن تكون أكثر صبراً وحلماً وحسن خلق عند التعامل، فتأليف القلوب أمر مهم في الدعوة إلى دين الله الحق، ولا شيء يؤلّف القلوب مثل: الكرم والصبر والتسامح وحسن الخلق والتجاوز عن الخطأ واللطف في المعاملة والسلوك الحسن والتوافق مابين الظاهر والباطن، فهذه الأشياء من شأنها أن تؤلف قلوب الناس على الإسلام، والهداية بحسن الخلق وصدق المعاملة سبيل من سبل الدعوة لا ينبغي إهماله. وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى وجواباً على سؤال سأله أحد المتصلين عن التوفيق بين أن تكون العلاقة مع غير المسلم علاقة سلم واختلاط مدني لمصلحة العالم الذي نعيش فيه، وقول الله عز وجل (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)(البقرة: من الآية120)، فهناك من يحتج بهذه الآية على أنه مهما بذلنا من حيادية في النظرة والتعامل مع الآخر الكتابي على وجه الخصوص إلا أن هذا الآخر لن يرضى عنا، قال الشيخ سلمان : إن من أسباب اللبس أن يأخذ الإنسان نصاً ويهمل ما عداه من النصوص، فلو أن الإنسان الذي يستدل بهذه الآية تذكّر قول الله سبحانه وتعالى : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة) ، فهناك أناس أسلموا من النصارى لكن السؤال هؤلاء الذين أسلموا كانوا قبل قليل ممن لن يرضوا عنّا حتى نتبع ملتهم ثم انتقلوا إلى الإسلام هكذا دفعة واحدة دون مقدمات، هذا غير متصوّر. وأضاف فضيلته : هم قرءوا وسمعوا القرآن وبحثوا حتى وصلوا إلى هذه القناعة، وكذلك اليهود، فعبد الله بن سلام وهو حبر من أحبار اليهود ومع ذلك دخل في الإسلام، ولا شك أن دخوله في الإسلام لم يأت اعتباطا ولا من تلقاء نفسه دون تبصر في وجوه الحق ودلائل نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك يمكن القول أن هذه الآية الكريمة (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى)(البقرة: من الآية120)، لا تعني أفرادهم وآحادهم وإنما تعني جملتهم ومجموعهم، وهو أن مجموع هذه الطائفة لن يرضوا عنّا إلا إذا اتبعنا ملتهم، لكن يوجد من آحادهم وأفرادهم وبعض مؤسساتهم من ليس كذلك. ماذا نقصد بـ"الغرب" ؟!! وفيما يتعلق بإطلاق مصطلح الغرب على أوروبا الغربية والشرقية، أكد الشيخ سلمان العودة أن مصطلح الغرب فيه تسطيح وعمومية وأنه ليس مصطلحاً علمياً، مشيرا إلى أن لفظ "الغرب" يشير إلى منطقة جغرافية في حين لا يتم الحديث عن منطقة جغرافية فنحن حينما نتحدث عن الغرب نقصد الشرق أيضاً، لافتا إلى أن الذين يطلقونه لا يفرقون بين الغرب والشرق بمفهومه الثقافي، والذي يتمثل في روسيا أو غيرها، أو حتى اليابان، فالكثيرون يطلقون هذا اللفظ ويقصدون ما هو أعم من المنطقة الجغرافية. وأوضح فضيلته: أن الغرب الذي نتحدث عنه هو في حقيقته "غرب متنوع"، فهناك "الغرب الاستعماري" و "الغرب التبشيري" و "الغرب التقني أو الحضاري" و "الغرب الإنساني أو الثقافي" كتجربة بشرية لها جوانب إيجابية كثيرة ولها جوانب سلبية كثيرة إذن نحن نتحدث عن تشكيلة واسعة جداً تشمل تنوعات وأطياف متباعدة. نحن الأكثر تدينا وتعقيبا على مداخلة مفادها أن كثيراً من القيادات الكنسية يرمون باللائمة على المسلم في تفهم الآخر، قال الشيخ سلمان : إن المسلمون في الغالب هم الأكثر تديناً والتزاماً وحضوراً وهذا واقع مشاهد، مشيرا إلى أننا لو قارنا المساجد بالكنائس من حيث حجم الحضور و المحافظة على الصلوات لوجدنا الفرق كبير، وهذا التدين يعطي آثاراً على سلوك المسلم المتدين وعلى عمله وعلى علاقته. وأضاف فضيلته: إنه بطبيعة الديانات كلها هناك فرق بين المسلم والنصراني وبين اليهودي والوثني، فليس الفرق بين الإسلام وغيره من الأديان فحسب، ولكن النصراني من منطلق كونه نصرانياً يعتقد أن من لا يدين بدينه فهو كافر في عقيدته، وهكذا اليهودي والوثني وهكذا أي مجموعة، فإن المتدين يعتقد أن من لا يعتقد بقناعاته فهو كافر وفق معاييره الدينية الذاتية. وأوضح الدكتور العودة : ولذلك فإننا نحن المسلمين نعتقد أن الإنسان الذي لا يدين بدين الإسلام هو كافر تنطبق عليه أوصاف الكفر وتشمله أحكام الكفر في الدنيا. لا علاقة له بأنفلونزا الخنازير ورداً على سؤال من مشاركة ، تقول : هل أنفلونزا الخنازير مذكورة في حديث أبو هريرة رضي الله عنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقصداً ، قال الشيخ سلمان : لا داعي للتكلف أحياناً في البحث عن نصوص تؤيّد ما يحدث ، فهذا نوع من الاستجداء الذي لايسوغ ؛ لأن الحديث لا علاقة له بأنفلونزا الخنازير وإنما هو فيه نزول عيسى عليه الصلاة والسلام وأنه يضع الجزية وي*** الخنزير ولا يقبل إلا الإسلام ، فأرى أن هذا التشابه ، هو مجرد تشابه في *** بعض الخنازير كيف نصنع إذاً بأنفلونزا الطيور ولو جاءت لنا أنفلونزا البعارين ولا غيرها لا داع لهذه الملاحقات توظيف غير المسلم ! ورداً على سؤال لأحد المتصلين عن توظيف غير المسلم وهل يمحق البركة؟ ، قال الشيخ سلمان : لا يلزم ذلك، بل إن توظيف غير المسلم ربما يكون سبباً في هدايته وإسلامه والانتفاع بعلمه .
__________________
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|