|
#1
|
|||
|
|||
![]() والان 000 لنوضح الاصل السابع يرحمك الله؟ الأصل السابع منهج أهل السنة والجماعة في التلقي والاستدلال 1-ومن أُصول عقيدة السلف الصالح ؛ أَهل السُّنَّة والجماعة : في منهج التلقي والاستدلال اتباعُ ما جاء في كتاب الله- عز وجل- وما صح من سنة نبيه- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ظاهرا وباطنا ، والتسليمُ لهما ، قال الله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « تَرَكْتُ فِيكُم أَمْرَيْنِ ، لَنْ تَضِلوا ما تمَسَّكْتُمْ بِهِما : كِتابَ الله وَسنةَ رَسُولِه » (صحيح المشكاة) هل هناك من هو مقدم عن الاخر؟ وأَهل السنة والجماعة :لا يقولون كتاب الله ثم سنَّة رسوله- صلى الله عليه وسلم - بل كتاب الله وسنة رسُوله معا لأن السنة مقرونة مع كتاب الله ، ولأَن الله فرض طاعة رسوله ، وسنتُهُ- صلى الله عليه وسلم - مبينة للمعنى الذي أَراده الله . وهل بعد الكتاب والسنة شئ اخر؟ ثُم- أَهل السُّنَّة والجماعة - بعد ذلك يتبعون ما كان عليه الصحابة من المهاجرين والأَنصار عموما ، والخلفاء الراشدين خصوصا ، وأَوصى النبي- صلى الله عليه وسلم - باتباع الخلفاء الراشدين خصوصا ؛ ثمَّ يتبعون الذين يلونهم من القُرون المفضَّلة الأولى ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : « عَلَيْكمْ بِسُنتي ، وَسُنةِ الخلَفَاءِ المهْدِيِّينَ الراشدين ؛ تَمَسكُوا بها ، وَعَضوا علَيْهَا بالنواجِذِ ، وَإِياكُمْ وَمُحْدَثات الأمُورِ ؛ فإِن كُلّ مُحْدَثَة بِدْعَة ، وَكُل بِدْعَةٍ ضَلاَلة » . (الصحيحة ) فما مرجعيتهم عند التنازع ؟ وعلى ذلك فإِن مرجع أَهل السنة عند التنازع ؛ هو كتاب الله ، وسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، قال الله تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } وصحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - مرجع أَهل السنة والجماعة في فهم الكتاب والسنَّة ، ولا يعارَضُ شيء عندهم من الكتاب أَو السنَّة الصحيحة ؛ بقياسٍ ، ولا ذوق ، ولا كشف ، ولا قول شيخ ، ولا إمام ؛ لأن الدين قد اكتمل في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم - ، قال الله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } مامدى توقيرهم لكتاب الله وسنة نبية؟ وأَهل السنة والجماعة :لا يقدمون على كلام الله ، وكلام رسُوله- صلى الله عليه وسلم - كلامَ أَحد من الناس ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ويعلمون بأن التقدم بَينَ يَدي الله ورسوله من القول على الله بغير علم ، وهو من تزيين الشيطان . 2-والعقل الصريح عندهم يوافق النقل الصحيح ، وعند الإِشكال يقدمون النقل ولا إِشكال ؛ لأن النقل لا يأتي بما يستحيل على العقل أَن يتقبله ، وإنما يأتي بما تحار فيه العقول ، والعقل يصدق النقل في كلِّ ما أَخبر به ولا عكس . 3-ولا يُقللون من شأن العقل ؛ فهو مناط التكليف عندهم ، ولكن يقولون : إِنَّ العقل لا يتقدم على الشرع- وإلَّا لاستغنى الخلق عن الرسل- ولكن يعمل داخل دائرته ، ولهذا سُموا أَهل السُّنَّة لاستمساكهم واتباعهم وتسليمهم المطلق لهدي النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } وما حكم الاجماع عندكم؟ 1-وأَهل السنَّة والجماعة : يأَخذون بعد الكتاب والسنَّة بما أَجمع عليه علماء الأُمة ، ويعتمدون عليه ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « إِن اللهَ لا يَجْمَعُ أمتي عَلى ضَلاَلَة ، وَيَدُ الله مع الجماعَة ، ومَنْ شَذَّ شَذَّ في النار » (الصحيحة ) فهذه الأمة معصومة من الاجتماع على باطل ، ولا يمكن أَن تجمع على ترك الحق . وهل هناك معصوم بعد رسول اله صلى الله علية وسلم؟ ولا يعتقدون العصمةَ لأَحد غير رسول الله- صلى الله عليه وسلم – وماذا عن الاجتهاد؟ ويرون الاجتهاد فيما خفي من الأَمر بقدر الضرورة ، ومع هذا لا يتعصبون لرأي أَحدٍ حتى يكون كلامه موافقا للكتاب والسُّنٌة ، ويعتقدون أَنَّ المجتهد يخطئ ويصيب ؛ فإِن أَصاب فله أَجران : أَجر الاجتهاد وأَجر الإِصابة ، وإن أَخطأ فله أَجر الاجتهاد فقط ؛ فالاختلاف عندهم في المسائل الاجتهادية ، لا يوجب العداوة ولا التهاجر بل يُحب بعضهم بعضا ، ويوالي بعضهم بعضا ، ويصلي بعضهم خلف بعض ، مع اختلافهم في بعض المسائل الفرعية . ولا يلزمونَ أَحدا من المسلمين التقيد بمذهب فقيه مُعين ، ولكن لا يرون أَيضا بأسا بذلك إِذا كان اتباعا لا تقليدا ماذا تقصد بالتقليد؟ (1) التقليد : هو (التزام المكلفِ في حكم شرعي مذهبَ مَن ليس قولهُ حجة في ذاته) أو هو قبول قول القائل من غير معرفة لدليله ، أو الرجوع إلى قول لا حُجة لقائله عليه . والمقلد : هو الذي يقلد شخصا بعينه ، في جميع أقواله أو أفعاله ، ولا يرى أَن الحق يمكن أَن يكون فيما عداه ، ومن غير أَن يعرف دليله ، ولا يخرج عن أقواله ، ولو ثبت له عكس ذلك ، ولا خلاف بين أهل العلم أن التقليد ليس بعلم ، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم . ولقد ذم الله- عز وجل- التقليد ونهى عنه في كثير من الآيات ، فقال تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئا وَلَا يَهْتَدُونَ المائدة : . وعلماء السلف والأئمة المجتهدون جميعا نهوا عن التقليد ، لأن التقليد أَحد أَسباب الضعف والتنازع بين المسلمين ، والخير في الوحدة والاتباع والرجوع في الخلاف إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولذلك لم نرَ الصحابة - رضي الله عنهم- يقلدون أحدا منهم بعينه في جميع المسائل ، وكذلك الأئمة الأربعة- رحمهم الله- لم يتعصبوا لآرائهم وكانوا يتركون آراءهم لحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وينهون غيرهم عن تقليدهم دون معرفة أدلتهم . قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله : (إِذا صح الحديث فهو مذهبي) وقال : ( لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه) . وقال الإمام مالك رحمه الله : (إِنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي ؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه) . وقال الإمام الشافعي رحمه الله : (كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أهل النقل بخلاف ما قلت ؛ فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي) . وقال الإمام أحمد رحمه الله : ( لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا) . وأقوالهم في هذا الباب كثيرة ، لأنهم كانوا يفقهون معنى قوله تعالى : اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ سورة الأعراف : الآية ، 3 . ، وعلى المسلم أَنْ ينتقل من مذهب إلي آخر لقوة الدليل ، وطالب العلم إِذا كانت عنده أَهلية يستطيع أَن يعرف بها أَدلَة الأَئَمة عليه أَن يعمل بها ، وينتقل من مذهب إِمام في مسألة إِلى مذهب إِمام آخر ، أَقوى دليلا وأَرجح فقها في مسألة أُخرى ، ولا يجوز له الأَخذ بقول أَحد دون أَن يعرف دليله ؛ لأَنهُ يصبح بذلك مقلدا ، وعليه أَن يبذل ما يستطيعه من النظر في الاختلاف حتى يترجح لديه شيء ، فإِنْ لم يمكنه الترجيح ، يصبح حكمه حكم العامِّي ؛ فيسألُ أَهل العلم . وأَن العاميَ الذي لا يحسن النظر في الدليل فلا مذهب له بل مذهبه مذهب مفتيه ؛ فالواجب عليه أَن يسأل أَهل العلم بالكتاب والسنَّة ، قال الله تبارك وتعالى : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } وما مفهوم الفقة فى الدين ؟ وأَهل السنة والجماعة : يقولون إِن الفقه في الدِّين لا يتم ولا يستقيم إِلَّا بالعلم والعمل معا ؛ فمن حصل علما كثيرا ولم يعمل به أَو لم يَهْتَدِ بهدي النبِي- صلى الله عليه وسلم - ولم يعمل بالسنة فليس بفقيه . والان ياخى 00 والهى شوقتنا الى الاصل الثامن ؟ الأصل الثامن وجوب طاعة ولاة أمر المسلمين بالمعروف 1-ومن أُصول عقيدة السلف الصالح ، أَهل السُّنَّة والجماعة : أَنَهم يرون وجوب طاعة ولاة أُمور المسلمين ما لم يأمرُوا بمعصية ؛ فإِذا أَمَرُوا بمعصية فلا تجوز طاعتهم فيها ، وتبقى طاعتهم بالمعروف في غيرها ، عملا بقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } ولقول رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « مَنْ أَطَاعَني فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى الله ، ومَنْ يُطعِ الأَميرِ فَقَدْ أَطاعَني ، ومَنْ يَعصِ الأميرَ فَقدْ عَصاني » (متفق عليه) وقوله : « اسْمَعُوا وَأَطِيْعُوا ، وإِن اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِي كأنَ رَأْسَهُ زَبِيبَة » (البخاري ) وقوله : « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ للأَمِير ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأخِذَ مَالُك ؛ فَاسمَعْ وَأَطِع » (مسلم ) وقوله : « مَنْ كَرِهَ مِن أَميرهِ شَيْئا فَلْيَصْبر عَلَيْه ، فَإِنَهُ لَيسَ أَحَد مِن الناس خَرَجَ مِن السّلْطانِ شِبْرا ، فَمَاتَ عَلَيْه ؛ إِلَّا مَاتَ مِيتَة جَاهِلية » (مسلم ) 2-فَأهل السُّنَة والجماعة : يقولون إِن طاعة أُولي الأَمر في المعروف أَصل عظيم من أُصولِ العقيدة ، ومن هنا أَدرجها أَئمَة السلف في جملة العقائد ، وقل أَن يخلو كتاب من كتب العقائد إِلا تضمن تقريرها وشرحها وبيانها ، وهي فريضة شرعية لكلِّ مسلم ؛ لأنها أَمر أَساسي لوجود الانضباط في دولة الإسلام . 3-وأَهل السنة والجماعة : يرون الصلاة والجُمَع والأَعياد خلف الأُمراء والولاة ، والأَمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والحج معهم أَبرارا كانوا أَو فجارا ، والدعاء لهم بالصلاح والاستقامة ((2) الدعاء لولاة الأمور بالصلاح والاستقامة والهداية من طريقة السلف الصالح . قال الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله : ( لو كان لي دعوة ما جعلتها إلا في السلطان ، فأمِرنا أن ندعو لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم ، وإن جاروا وظلموا ؛ لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين) . ولأن في صلاحهم صلاح الأمة . وقال الحسن البصري رحمه الله : (اعلم- عافاك الله- أن جور الملوك نقمة من نقم الله تعالى ، ونقم الله لا تلاقى بالسيوف ، وإنما تُتقى وتُستَدفع بالدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب ، إن نقم الله متى لقيت بالسيف كانت هي أقطع . وقيل : سمع الحسن رجلا يدعو على الحجاج ، فقال : لا تفعل- رحمك الله- إنكم من أنفسكم أوتيتُم ، ( إنما نخاف إِن عُزلَ الحجاجُ أو مات أن تليكم القردة والخنازير) « آداب الحسن البصري » لابن الجوزي ، ص119 . ) ، ومناصحتهم (قال الإمام النووي رحمه الله : (وأما النصيحة لأئمة المسلمين ؛ فمعاونتهم على الحق ، وطاعتهم فيه وأمرهم به ، وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف ، وإعلامهم بما غفلوا عنه) . شرح صحيح مسلم : ج 2 ، ص241) إِذا كان ظاهرهم صحيحا ، ويُحرمون الخروج عليهم بالسيف إِذا ارتكبوا مخالفة دون الكفر ، والصبر على ذلك لأَمره - صلى الله عليه وسلم - طاعتهم في غير معصية ما لم يحصل منهم كفر بواح ، وأَن لا يقاتلوا في الفتنة ، وقتال من أَراد تفريق أَمر الأُمة بعد الوحدة . قال النبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « خِيارُ أَئمتِكُمُ الذِينَ تُحِبونَهُمْ وَيُحِبونَكُمْ ، وَيُصَلونَ عَليْكُمْ وَتُصَلونَ عَلَيْهِمْ . . وَشِرارُ أئمتكُمُ الذِينَ تُبْغضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونكُم وَتَلْعَنونَهُمْ وَيَلْعَنونَكُمْ » قيل : يا رسول الله أَفلا نُنابِذُهُم بالسيف؟ فقالَ : « لا ، مَا أَقَامُوا فيكُمُ الصلاةَ ، وَإِذَا رَأَيتْمْ مِنْ ولاتِكُمْ شَيْئا تَكْرَهُونَه فَاكْرَهُوا عَمَلَه ، وَلاَ تَنزعُوا يَدا مِن طَاعَة » (مسلم ) وقال : « إنهُ يُسْتَعمَلُ عَلَيْكُمْ أمَراءُ فَتَعْرفونَ وَتنكِرُون ؛ فَمَن كَرِهَ فَقَدْ بَرئ ، وَمَنْ أَنكَرَ فَقَدْ سَلمَ ، وَلَكِنْ مَن رَضِيَ وَتابع » . قالوا : يا رسول الله! أَلا نُقاتلهم؟ قالَ : « لا ؛ مَا صلوا » (1) (1) واعلم أن من ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به ، أو غلبهم بسيفه حتى صار خليفة ، وجبت طاعته وحرم الخروج عليه . قال الإمام أحمد : (ومن غَلبَ عليهم- يعني الولاةَ- بالسيف حتى صار خليفة ، وسمي أمير المؤمنين ؛ فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيتَ ولا يراهُ إماما برا كان أو فاجرا) . « الأحكام السلطانية » ، لأبي يعلى : ص23 . وقال الحافظ في الفتح : (وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتَغلب ، والجهاد معه ، وأن طاعته خير من الخروج عليه ؛ لما في ذلك من حقنِ الدماء ، وتسكين الدهماء) ج 13 ، ص9 . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (وقل من خرج على إِمام ذي سلطان ؛ إِلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير) منهاج السنة ج 2 ص241 . وأما من عطل منهم شرع الله ولم يحكم به وحكم بغيره ؛ فهؤلاء خارجون عن طاعة المسلمين فلا طاعة لهم على الناس ؛ لأنهم ضيعوا مقاصد الإمامة التي من أجلها نُصبوا واستحقوا السمع والطاعة وعدم الخروج ، ولأن الوالي ما استحق أن يكون كذَلك إلا لقيامه بأمور المسلمين ، وحراسة الدين ونشره ، وتنفيذ الأحكام وتحصين الثغور ، وجهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة ، ويوالي المسلمين ويعادي أعداء الدين ؛ فإذا لم يحرس الدين ، أو لم يقم بأمور المسلمين ؛ فقد زال عنه حق الإمامة ووجب على الأُمة- متمثلة بأهل الحل والعقد الذين يرجع إِليهم تقدير الأمر في ذلك- خلعه ونصب أخر ممن يقوم بتحقيق مقاصد الإمامة ؛ فأهل السنة عندما لا يجوزون الخروج على الأئمة بمجرد الظلم والفسوق- لأن الفجور والظلم لا يعني تضييعهم للدين- فيقصدون الإمام الذي يحكم بشرع الله ؛ لأن السلف الصالح لم يعرفوا إمارة لا تحافظ على الدين فهذه عندهم ليست إمارة ، و( إنما الإمارة هي ما أقامت الدين ثم بعد ذلك قد تكون إمارة بَرة ، أو إِمارة فاجرة . قال علي بن أَبي طالب رضي الله عنه : « لا بد للناس ؛ من إِمارة برة كانت أو فاجرة ، قيل له : هذه البرة عرفناها فما بال الفاجرة ؟! قال : يُؤمن بها السبُل وتُقام بها الحدود ويُجاهد بها العدو ويُقسم بها الفيء) » منهاج السنة ، لابن تيمية : ج ا ص146 . أَما طاعتهم في المعصية فلا يجوز ، عملا بما جاء في السنة من النهي عن ذلك ، قال النبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « السمْعُ والطاعَةُ عَلَى المرْءِ المسْلِمِ ، فيما أَحَب وَكَرِهَ ، مَا لَمْ يُؤْمَر بِمَعْصِيَة ، فإِذَا أمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سمْع وَلاَ طَاعَة » . (البخاري) وقال : « لا طاَعَةَ في مَعْصِيَةِ اللهِ إِنما الطاعةُ في المعْروف » (متفق عليه) وما هى مواصفات الامام عندكم ؟ وعلى الإمام أَن يتقي الله في الرعية ، ويعلم أنما هو أجيرٌ استأجره الله تعالى على الأمة لرعايتها ، ولخدمة دين الله وشريعته ، ولتنفيذ حدوده على العام والخاص ، وعلى الإِمام أَن يكون قويا لا تأخذه في الله لومة لائم ، أَمينا على الأمة ، وعلى دينهم ، ودمائهم وأَموالهم ، وأعراضهم ومصالحهم ، وأمنهم ، وشأنهم ، وسلوكهم ، وأَن لا ينتقم لنفسه ، ويكون غضبه للّه تعالى . قال النَّبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « مَا مِنْ عَبْد يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعية ، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاش لِرَعيتِه ؛ إِلَّا حرمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّة » (مسلم ) وماذا عن الاصل التاسع ؟ الأصل التاسع عقيدة أهل السنة في الصحابة وآل البيت والخلافة 1-ومن أُصول عقيدة السلف الصالح ؛ أَهل السنة والجماعة : حُب أَصحاب رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وسلامة قلوبهم وأَلسنتهم تجاههم ؛ لأَنهم كانوا أكمل الناس إِيمانا ، وإحسانا ، وأَعظمهم طاعة وجهادا ، وقد اختارهم الله واصطفاهم لصحبة نبيه- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وقد امتازوا بشيء لم يستطع أَن يدركه أَحد ممن بعدهم مهما بلغ من الرفعة ؛ أَلا وهو التشرف برؤية النَّبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومعاشرته . 2-والصحابة الكرام كلهم عُدولٌ بتعديل الله ورسوله لهم ، وهم أَولياءُ الله وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه ، وهم أَفضل هذه الأُمة بعد نبيها- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال الله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } والشهادة لهم بالإيمان والفضل أَصل قطعي معلوم من الدِّين بالضرورة ، ومحبتهم دين وإيمان ، وبغضهم كفرٌ ونفاق ، وأَهلُ السنة والجماعة لا يذكرونهم إِلا بخير ؛ لأَن رَسُول الله أَحبهم وأَوصى بحبهم ، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « اللهَ اللهَ في أَصْحَابي لاَ تَتخذُوهُم غَرَضا بَعْدِي ؛ فَمَنْ أَحبهُم فَبِحبي أَحَبهُم ، ومَنْ أبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أبْغَضَهُم ، وَمَنْ آذاهُم فَقَدْ آذَانِي ، ومَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ ، ومَنْ آذَى اللهَ يُوشِكُ أَنْ يَأخُذَه » . (الصحيحة ) قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (حُب أبي بكرٍ وعمرَ ، ومعرفةُ فضلِهما من السنة) . وقال الإمام مالك رحمه الله : (كان السلف يُعلمون أولادهم حب أبي بكرٍ وعمر ؛ كما يُعلمون السورة من القرآن) ومن هو الصحابى ؟ وكل مَن رأَى رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وآمن به ومات على ذلك ؛ فهو من الصحابة ، وإن كانت صحبته سنة ، أَو شهرا ، أَو يوما ، أَو ساعة . ولا يدخل النَّار أَحد من الصحابة بايع تحت الشجرة ؛ بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأَربعمائة . قال النبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « لاَ يَدْخُل النارَ أَحَد باَيع تَحْتَ الشجَرَة » . (البخاري ) 2-وأَهل السنة والجماعة : يكفون عما شجر بينهم من نزاع (جمهور الصحابة لم يدخلوا في الفتنة ، ولما هاجت الفتنة كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرات الألوف فلم يحضرها منهم مائة ؛ بل لم يبلغوا ثلاثين . كما رواه الإمام أحمد في : « مسنده » بسند صحيح عن ابن سيرين ، وعبد الرزاق في : « المصنف » ، وابن كثير في تاريخه : « البداية والنهاية » ) ، ويوكلون أَمرهم إِلى الله ؛ فمن كان منهم مصيبا كان له أَجران ، ومن كان منهم مخطئا فله أَجر واحد ، وخطؤه مغفور له إِن شاء الله . 3-ولا يسبون أَحدا منهم ؛ بل يذكرونهم بما يستحقون من الثناء الجميل ، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « لَا تَسبوا أَصْحَابِي لَا تَسبوا أَصْحَابِي ؛ فَوَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَن أَحَدَكُم أَنْفَقَ مِثْلَ أحُد ذَهَبا مَا أَدْرَكَ مُدّ أحَدِهِم، وَلا نَصِيفَه » (مسلم) وقد وقعَ بين عُبيد الله بن عمر ، وبين المقداد كلام ؛ فشتمَ عُبيد الله المقداد ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (علي بالَحداد أقطع لسانَه لا يجترئُ أحد بعدَه فيشتم أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) . أخرجه اللالكائي في « شرح أصول اعتقاد أهل السنة » هل من ميزة لهم رضوان الله تعالى عليهم ؟ وأَهل السنة والجماعة : يعتقدون بأن الصحابة معصومون في جماعتهم من الخطأ ، وأما أَفرادهم فغير معصومين ، والعصمة عند أَهل السُّنة من الله تعالى لمن يصطفي من رسله في التبليغ ، وأَن الله تعالى حفظ مجموع الأمة عن الخطأ ؛ لا الأَفراد . قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « إِنَ الله لَا يَجْمَعُ أمَّتِي عَلَى ضَلاَلة وَيَدُ اللهِ مع الجماعَة » (3) وأَهل السُّنَّة والجماعة : يعتقدون بأن الصحابة الأَربعة : أَبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا - رضي الله عنهم- هم خير هذه الأمة بعد نبيِّها- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهم الخلفاء الراشدون المهديّون على الترتيب ، وهم مبشرون بالجنة ، وفيهم كانت خلافة النبوة ثلاثين عاما مع خلافة الحسن بن علي رضي الله عنهم ، لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - : « الخلاَفة في أمتِي ثَلاثُونَ سنة ؛ ثُمَ مُلك بَعْدَ ذَلِكَ » (متفق علية ) ويفضلون بقية العشرة المبشرين بالجنة الذين سماهم رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهم : طلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأَبو عبيدة بن الجراح أَمين هذه الأُمَّة رضي الله عنهم أَجمعين ، ثم أَهل بدر ، ثمَّ أَهل الشجرة أَهل بيعة الرضوان ، ثمَّ سائر الصحابة رضي الله عنهم ؛ فمن أَحبهم ودعا لهم ورعى حقهم وعرف فضلهم كان من الفائزين ، ومن أَبغضهم وسبهم فهو من الهالكين . 3-وأَهل السنة والجماعة : يحبونَ أَهلَ بيتِ النبي ؛ عملا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « أذَكِّرُكُمُ اللهَ في أَهْلِ بَيْتِي ، أذَكِّرُكُم اللهَ في أَهْلِ بَيْتِي » (مسلم ) وقوله : « إِن اللهَ اصْطَفى بَنِي إِسمَاعِيل ، وَاصْطَفى مِنْ بَني إِسْماعيل كنانَةَ وَاصطَفى مِنْ كنانَةَ قُريْشا ، وَاصْطَفى منْ قُريْشٍ بني هَاشِم وَاصْطَفاني مِنْ بَني هاشم » . (مسلم ) ومن أَهل بيته أَزواجه- رضي الله عنهُن- وهن أُمهات المؤمنين بنص القرآن ، كما قال الله تبارك وتعالى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا }{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } فمنهن : خديجة بنت خويلد ، وعائشة بنت أَبي بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وأُم حبيبة بنت أَبي سفيان ، وأُم سلمة بنت أَبي أُمية بن المغيرة ، وسودة بنت زمعة بن قيس ، وزينب بنت جحش ، وميمونة بنت الحارث ، وجويرية بنت الحارث بن أَبي ضرار ، وصفية بنت حيي بن أَخطب . ويعتقدون أَنهنَّ مطهرات مبرآت من كلِّ سوء ، وهن زوجاته في الدنيا والآخرة ؛ رضي الله عنهن أَجمعين . ويرون أَن أَفضلهن خديجة بنت خويلد ، وعائشة الصديقة بنت الصديق التي بَرأها الله في كتابه العزيز ؛ فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر ، قال النبي صلى عليه وعلى آله وسلم : « فَضْلُ عائِشَةَ عَلَى النساءِ كَفَضْلِ الثَّريدِ عَلَى سَائِر الطعام » (البخاري ) الأصل العاشر موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع 1-ومن أُصول عقيدة السَّلف الصالح ؛ أَهل السنة والجماعة : أَنهم يُبْغِضُون أَهل الأَهواء والبدع ؛ الذين أَحدثوا في الدِّين ما ليس منه ، ولا يُحبُّونهم ، ولا يَصحَبونهم ، ولا يَسمعون كلامهم ، ولا يُجالسونهم ، ولا يُجادلونهم في الدين ، ولا يُناظرونهم ، ويرون صون آذانهم عن سماع أَباطيلهم ، وبيان حالهم وشرهم ، وتحذير الأُمَّة منهم ، وتنفير الناس عنهم . قال النَّبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « مَا مِنْ نَبيّ بَعَثَهُ اللهُ في أمةٍ قَبْلي إِلَا كانَ لَهُ مِنْ أمَّتهِ حَواريون وَأَصْحَابٌ يَأخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتدُونَ بِأمْرِه ؛ ثُمَّ إِنها تَخلفُ مِن بَعدِهم خُلُوفٌ يَقُولونَ ما لا يَفْعَلُون ، وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُون ؛ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤمِن ، وَمَنْ جَاهَدَهُم بِلِسانِه فَهُوَ مُؤْمِن ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَيْسَ وَراءَ ذَلِكَ مِن الإِيمانِ حَبةُ خَرْدَل » (الصحيحة ) وقال : « سَيَكُونُ في آخِرِ أمتي أناس يُحَدثُونَكُم مَا لَمْ تَسْمَعوا أَنتُم ولا آباؤُكُم ، فَإِياكُم وَإِياهُم » (مسلم ) ماهى البدعة ؟ وأَهل السنة والجماعة : يعرِّفون البدعة بأَنها ما استحدِثَ بعد النَّبي- صلى الله عليه وآله وسلم- من الأَهواء ، وما ابتُدعَ من الدِّين بعد الكمال ، وهي كل أَمرٍ لم يأتِ على فعله دليل شَرعي من الكتاب والسُّنَّة ، وهي أَيضا ما أُحْدِثَ في الدين من طريقة تضاهي الشريعة بقصد التعَبد والتقَرب إِلى الله ولذا فالبدعة تقابل السُّنة ، غير أَن السُّنة هدى والبدعة ضلاَل . انواعها من فضلك ؟ والبدعة : عندهم نوعان 1-؛ نوع شرك وكفر ،2- ونوع معصية منافية لكمال التوحيد . والبدعة وسيلة من وسائل الشرك ، وهي قصد عبادة الله تعالى بغير ما شرع به ، والوسائل لها حكم المقاصد ، وكلُّ ذريعة إِلى الشرك في عبادة الله أَو الابتداع في الدِّين يجب سدها ؛ لأَن الدِّين قد اكتمل ، قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } وقال النبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « منْ أَحْدَثَ في أَمْرِنا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْه فَهُوَ رَد » (متفق عليه ) وقال : « مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْس عَلَيْهِ أَمْرُنا فَهُوَ رَد » (مسلم ) وقال : « فإِن خَيْرَ الحَدِيثِ كتابُ اللهِ ، وَخَيْرَ الهَدي هَدي مُحمد ، وَشَر الأمُورِ مُحْدَثاتُها ، وكُل بِدْعَة ضَلالة » (مسلم ) وما هى اول بدعة ظهرت فى الدين ؟ . أول بدعة ظهرت في الدين التفريق بين الصلاة والزكاة ، وادعاء أن الزكاة لا تؤدى إِلا للرسول- صلى الله عليه وسلم - فتصدى لهم الصديق- رضي الله عنه - وقاتلهم وقضى عليهم قبل أن يستفحل أمرهم ، ولو تركهم على ذلك لأصبحت دعواهم دينا إلى يومنا هذا ، وفي عهد عمر ظهرت بعض البدع الصغيرة فأماتها رضي الله عنه ، وفي عهد عثمان حدثت أوائل الفتنة الكبرى وهي الخروج على الإمام الحق بالسيف ، وانتهت بدعتهم بم***ه رضي الله عنه ، وكان هذا بداية فتنة الخوارج إِلى يومنا هذا ثم توالت البدع ؛ فجاءت القدرية ، والمرجئة ، والرافضة ، والزنادقة ، والفرق الباطنية ، والجهمية ، ومنكرو الأسماء والصفات . . إِلى غيرها من البدع ، وكلما ظهرت البدع كان أهل السنة لهم بالمرصاد ، ولا يزال الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل باقيا إِلى يومنا هذا وإلى يوم الدين ، وأهل السنة يكشفون اللثام في كل زمان ومكان عن كل قولٍ أو فعل يخالف القرآن والسنة وإجماع الأمة . هل البدعة على مرتبة واحدة ؟ وأَهل السُنَّة والجماعة : لا يرون أَن البدعة على مرتبة واحدة ؛ بل هي متفاوتة بعضها يُخرج من الدِّين ، وبعضها بمثابة كبائر الذنوب ، وبعضها يُعد من الصغائر ، ولكنها كلها تَشْتَرِكُ في وصف الضلالة ؛ فالبدعة الكلية عندهم ليست كالبدعة الجزئية ، والمركبة ليست كالبسيطة ، والحقيقية ليست كالإضافية ، لا في ذاتها ، ولا في حكمها ؛ كما أَن البدع مختلفة في حكمها فبعضها كفر ، وبعضها فسق ؛ فهي متفاوتة في أَحكامها ، وكذلك يتفاوت حكم فاعلها ، ومن هذا فإِن أَهل السُّنة لا يطلقون حكما واحدا على أَهل البدع ، بل يتفاوت الحكم من شخص إِلى آخر بحسب بدعته ؛ فالجاهل والمتأول ليسا كالعالم بما يدعو إِليه ، والعالم المجتهد ليس كالعالم الداعي لبدعته والمتبع للهوى ، ولذا فأهل السنَّة لا يعاملون المستتر ببدعته كما يعاملون المظهر لها ، أَو الداعي إِليها لأَن الداعي إِليها يتعدى ضرره إِلى غيره فيجب كفه ، والإِنكار عليه علانية ، ولا تبقى له غيبة ، ومعاقبته بما يردعه عن ذلك ؛ فهذه عقوبة له حتى ينتهي عن بدعته ؛ لأنه أَظهر المنكرات فاستحق العقوبة . ولذا فأهل السُّنة يقفون مع كل موقفا يختلف عن الآخر ، ويرحمون عامة أَهل البدع ومقلِّديهم ، ويدعون لهم بالهداية ، ويرجون لهم اتباع السنة والهدى ، ويبيِّنونَ لهم ذلك حتى يتوبوا ، ويحكمون عليهم بالظاهر ، ويكلون سرائرهم إِلى الله تعالى ، إِذا كانت بدعتهم غير مكفرة . علامات أَهل الأَهواء والبدع : ولأَهل الأَهواء والبدع علامات ، تظهر عليهم ويُعرفون بها ، وقد أَخبر الله عنهم في كتابه ، كما أخبر عنهم رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في سنته ، وذلك تحذيرا للأمة منهم ، ونهيا عن سلوك مسلكهم ، ومن علامتهم : 1-الجهل بمقاصد الشريعة ،2- والفرقة والتفرق3- ومفارقة الجماعة ،4- والجدل والخصومة ،5- واتباع الهوى ، 6-وتقديم العقل على النقل ،7- والجهل بالسنة ،8- والخوض في المتشابه ، 9-ومعارضة السنَّة بالقرآن ،10- والغلو في تعظيم الأشخاص ،11- والغلو في العبادة ،12- والتشبه بالكفار 13-، وإطلاق الألقاب على أَهل السُّنة ،14- وبغض أَهل الأَثر ، ومعاداتهم لحملة أَخبار النبي- صلى الله عليه وسلم - والاستخفاف بهم ، وتكفير مخالفيهم بغير دليل ، واستعانتهم على أَهل الحق بالولاة والسلاطين . وأَهل السُنَّة والجماعة : يرون أُصول البدع أَربعة : 1-الروافض ،2- والخوارج ،3- والقدرية 4-، والمرجئة ؛ ثم تشعّب من كل فرقة فرق كثيرة ؛ حتى استكملوا اثنتين وسبعين فِرقة ، كما أَخبر بذلك النبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ولأَهل السنة والجماعة : جهود محمودة في الردِّ على أَهل الأَهواء والبدع ، حيث كانوا دائما لهم بالمرصاد ، وأَقوالهم في أَهل البدع كثيرةٌ جدا ، نذكر منها ما تيسر : قال الإمام أَحمد بن سنان القطان رحمه الله تعالى : ( لَيْسَ في الدنيا مُبْتَدع ؛ إِلا وهو يُبْغضُ أَهلَ الحَديث ، فإِذا ابْتَدَعَ الرجُلُ نُزِعَتْ حَلاوَةُ الحَديثِ من قَلْبِه) وقال الإِمام أَبو حاتم الحنظلي الرازي رحمه الله تعالى : (عَلامةُ أَهلِ البدَعِ الوَقيعةُ في أَهلِ الأَثَر ، وعَلاَمةُ الزنادِقَة تَسْميَتُهُم أَهلَ الأَثَرِ حَشوية ، يُريدونَ إِبْطالَ الآثار ، وَعَلامَةُ الجهمية تَسْميَتُهم أهلَ السنة مُشبهة ، وَعَلامَةُ القَدَرية تَسْميَتُهم أَهلَ السنة مُجْبِرَة ، وعَلامَةُ المرجئَة تَسْميَتُهم أَهلَ السنة مُخالفة وَنُقصانية ، وَعَلامَةُ الرافضَة تَسْمِيَتُهِم أَهلَ السُّنَّة ناصِبَة ، ولا يَلْحقُ أَهل السنة إِلَّا اسْم وَاحِد ، ويَسْتَحِيلُ أَنْ تَجْمَعَهُمْ هَذهِ الأَسْماء وقيل للإِمام أَحمد بن حنبل رحمه الله : ذكروا لابن قتيلة بمكة أَصحاب الحديث ، فقال : أَصحاب الحديث قومُ سوء! فقام أَحمد بن حنبل وهو ينفض ثوبه ويقول : (زنْديق ، زنْديق ، زنْديق ؛ حتى دَخَلَ البَيْت) (2) والله تعالى حفظ أَهل الحديث وأَهل السنة من كلِّ هذه المعايب التي نسبت إِليهم ، وهم ليسوا إِلَّا أَهل السنة السنية ، والسِّيرة المرضية ، والسبيل السوية ، والحجة البالغة القوية ، وقد وفَّقهم الله لاتباع كتابه ، والاقتداء بسُنة نبيِّه- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وشرح صدورهم لمحبته ، ومحبة أَئمة الدِّين ، وعلماء الأُمة العاملين ومن أَحب قوما فهو منهم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَب » (البخاري ) فمن أَحب رسولَ اللهِ- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأَصحابه- رضي الله عنهم- والتابعين لهم ، وأتباع التابعين من أَئمة الهدى ، وعلماء الشريعة ، وأَهل الحديث والأثر من القرون الثلاثة الأُولى المفضلة ، ومن تبعهم إِلى يومنا هذا ؛ فاعلم أَنه صاحب سنة . (2) وماحكم الصلاة خلفهم ؟ (2) حكم الصلاة خلف أَهل البدع : اعلم أن خلاصة أقوال أهل السنة في هذه المسألة ما يلي : أن الصلاة لا تجوز خلف الكافر الأصلي والمرتد . ترك الصلاة خلف مستور الحال ومَن لم تُعرَف عقيدته ؛ بدعة لم يقل به أحد من السلف . الأصل النهي عن الصلاة خلف المبتدع تقبيحا لبدعته وتنفيرا عنه ؛ فإن وقعت صحت . حكم ترك الصلاة والترحم على أَهل البدع : إن من مات كافرا أصليا ، أو مرتدا عن دينه ، أو كُفرَ ببدعته وأقيمت عليه الحجة بعينه ؛ فإنه لا تجوز الصلاة ، ولا الترحم عليه ، وهذا مجمع عليه . من مات عاصيا ، أو متلبسا ببدعة لا تخرج من الدين ؛ فإنه يشرع للإمام ولمن يقتدي به من أهل العلم ترك الصلاة عليه زجرا للناس وتحذيرا لهم من معصيته وبدعته ، ولا يعني تحريم ذلك على الجميع ؛ بل الصلاة عليه والدعاء له فرض كفاية ، ما دام أنه لم يمت كافرا ، ولم يصر ممن يحكم عليه بالخلود في النار . مِنٍ وِصِاياٍ أئمِّةٍ اِلِسِلِفٍ فِيِ التحِذٍيرٍ مِنٍ أِهِلٍ اِلبدعِ قال أَمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (يَأتِي أنَاس يُجادلونكُم بشُبُهات القرآن ؛ خُذوهُم بالسنَنِ ؛ فإِن أَصْحابَ السّنَنِ أَعْلمُ بكتِاب اللهِ) (1) وعن عبد الله بن عمر ؛ أَنَه قال لمن سأله عن المنكرين للقدر : (إِذا لَقيتَ أولئك ؛ فأَخْيِرْهُم أَن ابنَ عُمرَ مِنْهُم بَريءٌ ، وهُم مِنْهُ بُرآء ؛ ثلاث مرات) (2) وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : (لا تجُالسْ أَهلَ الأَهواء ؛ فإِن مُجالَسَتَهُم ممرضَة للقَلْب) (3) وقال العالم الزاهد الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : (صاحبُ بدعَة لا تَأمَنْه عَلى دينِكَ ، ولاَ تُشَاورهُ في أَمْرِكَ ، ولاَ تجلس إِليه ، ومَنْ جَلَسَ إِلى صاحِبِ بدعة أَوْرثَهُ اللهُ العَمَى) يعني في قلبه (4) * وقال الإمام الحسن البصري رحمه الله تعالى : (أَبى اللهُ تبَاركَ وتَعالى أَنْ يأذَنَ لِصَاحِب هَوى بتَوبة (5) * وقال الإِمام عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى : (اللَّهُمَ لاَ تَجْعَلْ لِصَاحِبِ بِدْعَة عِنْدي يَدا ؛ فَيُحبه قَلْبِي) (6) * وقال أَمير المؤمنين في الحديث سفيان الثوري رحمه الله : (مَنْ أصغى سَمْعَهُ إِلَى صَاحب بِدْعَة وهُو يَعْلَمُ أَنهُ صاحِبُ بِدْعَةٍ ؛ نُزِعَتْ مِنْهُ العِصْمَةُ ، ووُكِل إلَى نَفْسِه (1) * وقال الإِمام الأَوزاعي رحمه الله تعالى : (لاَ تُمكنوا صاحِبَ بِدْعَةٍ منْ جَدَلٍ ؛ فَيورثَ قُلوبَكُم منْ فِتْنَتِهِ ارْتيابا) (2) * وقال محمد بن سيرين - رحمه الله- محذرا من البدع : (مَا أَحْدَثَ رَجُل بِدْعَة " ؛ فَراجَع سُنة) (3) * وقال الإِمام مالك بن أَنس رحمه الله تعالى : ( لا تُنْكِحُوا أَهلَ البِدَعِ وَلا يُنْكَحُ إِلَيْهِم وَلا يُسلّم عَلَيْهِم) . (4) * وعن الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى : أَنهُ رأَى قوما يتكلمون في شيء من الكلام ؛ فصاح ، وقال : (إِما أَنْ تُجاورونا بِخَيْر ، وَإمَا أَنْ تَقُوموا عنا) (5) * وقال إِمام أَهل السُّنَة أَحمد بن حنبل رحمه الله تعالى : (إِن أَهلَ البدَعِ والأَهْواءِ ؛ لاَ يَنْبَغي أَنْ يُسْتَعانَ بِهِم في شَيء مِنْ أمورِ المُسْلميَنَ ؛ فإن في ذَلِكَ أَعْظَم الضرر علَى الدين) ( وقال : (احذر البِدَعَ كُلَها ، ولاَ تُشاور أَحَدا مِنْ أَهلِ البِدَعِ في دينك) * وقال الإمام عبد الرحمن بن مهدى رحمه الله تعالى : (إِنه لَيْسَ في أَصْحاب الأَهْواءِ شَر مِنْ أَصْحابِ جَهم ؛ يُريدون عَلى أَنْ يَقُولوا : لَيسَ في السَماءِ شَيء : أَرى وَاللهِ أَلَّا يُنَاكَحُوا ، وَلاَ يُوَارثُوا) * وقال أَبو قلابة البصري رحمه الله تعالى : (لاَ تُجالسوا أَهلَ الأَهْواء ؛ فَإِنكم إن لَمْ تَدْخلوا فيما دَخَلوا فيه لبسوا عَلَيْكُم مَا تَعْرِفون * وقال أَيوب السختياني رحمه الله تعالى : (إِنٌ أَهلَ الأَهْواءِ أَهلُ ضلالة وَلاَ أَرى مَصيرهم إِلا النار) * وقال أَبو يوسف القاضي رحمه الله تعالى : ( لا أصلي ؛ خَلْفَ جَهميّ ، ولا رَافِضِي ، وَلاَ قَدَري) * وقد بينَ الإِمام الشافعي - رحمه الله تعالى- حكم أَهل البدع والأَهواء ، في قوله : (حُكْمي في أَصْحابِ الكَلامِ أَنْ يُضرَبوا بالجريد ، ويُحْمَلوا عَلَى الإِبلِ ، ويُطاف بهم في العشائرِ والقَبائلِ ؛ ويقال هذا جَزاءُ مَنْ تَرَك الكتابَ والسنة ، وأَخَذَ في الكَلام * وقال أَبو محمد الحسين بن مسعود ابن الفرَّاء البغوي : (قَدْ مَضىَ الصحابةُ والتابعونَ وأَتْباعُهم وعُلماءُ السُّنَةِ عَلَى معُاداةِ أَهلِ البِدَعِ ومُهاجَرَتهِم) هل هناك وصايا لأئمّة أهل السنة في الاتباع والنهي عن الابتداع ؟ وصايا وأقوال أئمّة أهل السنة في الاتباع والنهي عن الابتداع 1 - قال مُعاذ بن جبل رضي الله عنه : (أَيها النَّاس عَليكُم بالعِلْم قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ ، أَلا وإِن رَفْعَهُ ذهابُ أَهْلِه ، وَإياكُمْ وَالبِدَع والتبَدع والتنطع ، وَعَليكُم بأَمْرِكُم العَتيق) 2 - قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : (كلّ عبادة لم يَتَعبدْ بها أَصْحابُ رَسُولِ اللهِ- صلى الله عليه وآله وسلم- فلاَ تَتَعبَّدوا بها ؛ فإِن الأَوَّلَ لَمْ يَدع للآخِر مَقالا ؛ فاتَّقوا اللهَ يا مَعْشَر القرَّاء ، خُذوا طَريقَ مَنْ كان قَبلكُم) 3 - قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (مَنْ كان مُسْتنّا فَلْيَسْتن بمَنْ قَدْ مَاتَ أولئكَ أَصْحابُ مُحمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا خَيرَ هذه الأمَّة ، وأَبَرها قُلوبا ، وأَعْمقَها عِلْما ، وأَقَلّها تَكلفا ، قَوم اخْتارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَة نَبيه - صلى الله عليه وسلم - ونَقلِ دينه فَتَشبَّهوا بأَخْلاقِهِم وطَرائِقِهم ؛ فَهُمْ كانوا عَلَى الهَدْي المُستقِيم ) وقال رضي الله تعالى عنه : (اتَبعوا ولا تَبْتَدعوا فَقَدْ كُفيتُم ؛ عَلَيْكُم بالأَمرِ العَتيق) 4 - قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : (لاَ يَزالُ النَّاسُ عَلَى الطَّريقِ ؛ ما اتبَعوا الأَثَرَ) وقال : (كل بِدْعَة ضَلالَة ؛ وإِنْ رآها الناس حَسَنَة) 5 - قال الصحابي الجليل أَبو الدرداء رضي الله عنه : ( لَنْ تضل مَا أَخَذْتَ بالأَثَر) 6 - قال أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( لَو كانَ الدِّينُ بالرأْي ، لَكانَ باطنُ الخُفين أَحَقَّ بالمَسْحِ منْ ظاهِرهِما وَلَكِنْ رأَيتُ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى ظاهِرهِما) 7 - قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : (مَا ابْتُدِعَتْ بدْعَةٌ ؛ إِلا ازْدادَتْ مضيا ، وَلاَ نُزِعَت سنةٌ ؛ إِلَّا ازْدادَت هَرَبا) 8 - وعن عابس بن ربيعة ، قال : رأَيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يُقبِّلُ الحجرَ- يعني الأسود- ويقول : (إِنِّي لأَعْلَمُ أَنكَ حَجَرٌ لاَ تضر ولا تَنفع ، وَلولاَ أَنِّي رأَيْتُ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -يُقبلكَ ما قبلتُك) (متفق علية ) 9 - قال الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : (قِفْ حَيْثُ وَقَفَ القوم ، فَإِنَّهُم عَنْ عِلْم وَقَفوا ، وببَصر نافذ كفوا ، وهُم عَلَى كَشْفِها كانوا أقْوَى ، وبالفضْلِ لَو كان فيها أَحْرى ، فلئِن قُلتم : حَدَثَ بَعدَهُم ؛ فما أَحْدَثهُ إِلا مَنْ خالفَ هَدْيَهُم ، ورَغِبَ عَنْ سُنتِهم ، وَلَقَدْ وصفوا منه ما يشفي ، وتَكلَّموا منهُ بما يَكْفي ، فما فوقهُم مُحَسر وما دُونهُم مُقصر ، لقد قصرَ عَنْهُم قَومٌ فَجفَوْا وتجَاوزهُم آخرون فَغلَوْا ، وَإنهم فيما بين ذلك لَعَلى هُدى مُستقَيم) 10 - قال الإِمام الأَوزاعي رحمه الله تعالى : (عَلَيْكَ بآثارِ مَنْ سَلف وإِنْ رَفَضَكَ الناس ، وإِيَّاك وآراءَ الرجال وإِنْ زَخْرَفُوها لكَ بالقَول ؛ فإِنَ الأمْرَ يَنْجلي وأَنتَ عَلى طريقٍ مُستقيم) (2) 11 - قال أَيوب السِّخْتياني رحمه الله تعالى : (مَا ازْدَادَ صَاحِبُ بِدْعة اجْتِهادا إِلا ازْدادَ مِن اللهِ بُعْدا) 12 - قال حسان بن عطية رحمه الله تعالى : (مَا ابْتدَعَ قومٌ بِدْعةَ في دينهم إِلا نُزِعَ مِنْ سُنتِهِم مثلُها) 13 - قال محمد بن سيرين رحمه الله تعالى : (كانوا يَقولون : ما دامَ عَلَى الأَثَر ؛ فَهُوَ عَلَى الطَريقِ) 14 - قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى : (البِدْعَةُ أَحَب إِلى إِبْليسَ مِن المعصيَة ، المعصيَةُ يُتَابُ منها ، والبِدْعَةُ لا يتُابُ منها) 15 - قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى : ( لِيَكُنِ الذي تَعْتَمدُ عَليه الأَثَر ، وَخُذْ مِن الرَّأْيِ مَا يُفسّر لكَ الحديث) 16 - قال الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى : (كلُّ مَسْأَلَة تَكلّمْتُ فيها بخلافِ السنة ؛ فَأنا راجعٌ عنها ؛ في حَياتي وبَعْدَ ممَاتي) وعن الربيع بن سليمان ، قال : روى الشافعي يوما حديثا ، فقال له رجلٌ : أتأخذ بهذا يا أبا عبد الله ؛ فقال : (مَتى ما رَوَيتُ عَن رَسُولِ اللهِ- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حَديثا صحيحا ؛ فَلم آخذْ بهِ ؛ فأشهْدكُم أَن عَقلي قَدْ ذهَب) 17 - عن نوح الجامع ، قال : قلت لأبي حنيفة رحمه الله : ما تقول فيما أَحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام ؛ فقال : (مقالاتُ الفَلاسفة ، عَليكَ بالأَثرِ وطريقةِ السلفِ ، وإِياكَ وكل محدثة ؛ فإِنها بدعة) 18 - قال الإِمام مالك بن أَنس رحمه الله تعالى : (السنَّة سَفينةُ نوح مَن رَكبَها نجَا ومَن تَخَلّفَ عنَها غَرِقَ) وقال : " لو كان الكَلامُ علما لَتَكلّم فيه الصَّحابةُ والتابعُون كما تَكلموا في الأَحكامِ ؛ ولكنهُ باطل يَدُل عَلَى باطِل) وعن ابن الماجشون ، قال : سمعت مالكا يقول : (مَن ابْتَدَعَ في الإِسلام بدعة يَراها حَسَنة ؛ فَقَدْ زَعَمَ أَن مُحمّدا - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خانَ الرّسالةَ ؛ لأَن اللهَ يقولُ : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } فما لَم يَكُنْ يَوْمَئذ دينا فَلا يكُونُ اليَوْمَ دينا) 19 - قال الإِمام أَحمد بن حنبل ؛ إِمام أَهل السُّنَّة رحمه الله : (أصولُ السنَّة عنْدَنا : التمسك بما كان عَليه أَصْحاب رَسُول الله- صلى الله علَيه وعلى آله وسلَّم- والاقْتداءُ بهم ، وتَرك البدَع ، وكل بدعة فهيَ ضَلالة) 20 - وعن الحسن البصري - رحمه الله تعالى- قال : ( لو أَن رجُلا أَدركَ السلفَ الأَولَ ثم بُعثَ اليومَ ما عَرَفَ من الإِسلام شيئا- قال : ووضع يده على خدِّه ثم قال : - إِلّا هذه الصلاة- ثم قال : - أَما والله ما ذلكَ لمن عاشَ في هذه النكراء ولم يدرك هذا السلف الصالحَ ؛ فرأى مبتدعا يدعو إِلى بدعته ، ورأى صاحبَ دنيا يدعو إِلى دنياه ؛ فعصمهُ الله من ذلكَ ، وجعلَ قلبهُ يحنّ إِلى ذلك السَّلف الصالح يَسْأَلُ عن سبيلهم ، ويقتص آثارهُم ، ويَتّبعُ سبيلهُم ، ليعوض أَجرا عَظيما ؛ فكذلك فكونوا إِن شاء الله) 21 - وما أَجمل قول العالم العامل الفضيل بن عياض - رحمه الله تعالى- حيث قال : (اتبعْ طُرقَ الهُدى ولا يَضرك قلَّةُ السالكينَ ، وإِياكَ وطُرُقَ الضلالة ، ولا تغتر بكثرة الهالكين) 22 - قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- لمن سأله عن مسألةٍ ، وقال له : إِن أَباك نهى عنها : ( أأَمْرُ رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم- أَحَق أَنْ يتبعَ ، أَو أَمرُ أَبي؟!) (زاد المعاد » لابن القيم) فكان- رضي الله عنه- من أَشد الصحابة ؛ إِنكارا للبدع ، واتباعا للسنة ؛ فقد سمع رجلا عطس ، فقال : الحمد للّه ، والصلاة والسلام على رسول الله ، فقال له ابن عمر : (ما هَكذا علمنا رَسولُ اللهِ- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بل قال : « إِذا عَطَسَ أَحَدُكُمْ ؛ فَلْيَحْمد اللهَ » ولم يَقلْ : وليُصل عَلَى رَسُولِ اللهِ) 23 - وقال ابن عباس - رضي الله عنهما- لمن عارض السنة ؛ بقول أَبي بكر وعمر رضي الله عنهما : (يُوشكُ أَنْ تَنزلَ عَليكُم حِجارة من السماءِ ؛ أَقولُ لَكُم : قالَ رسولُ الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلمَّ- وتقُولونَ : قالَ أَبو بكر وعُمر ) (2) وصدق ابن عباس - رضي الله عنهما- في وصفه لأَهل السنة ، حيث قال : (النظرُ إِلى الرَّجُلِ من أَهْل السُّنة ؛ يَدْعو إِلى السنة ، ويَنهَى عن البدعةِ) 24 - قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى : (إِذا بَلغكَ عن رجُلٍ بالمشرق ؛ أَنه صَاحبُ سُنة فابعثْ إِليه بالسلام ؛ فقد قل أَهل السنَّة) 25 - قال أَيوب السختياني رحمه الله تعالى : (إِنِّي لأخْبَرُ بموتِ الرجُلِ من أَهلِ السنة ؛ فكأنِّي أَفقدُ بعضَ أَعضائي) 27 - قال إِبراهيم النخعي رحمه الله تعالى : ( لو أَن أَصْحابَ مُحمّدٍ مَسَحُوا عَلَى ظُفرٍ لما غَسَلته ؛ التماس الفضل في اتِّباعهمْ) 28 - عن عبد الله بن المبارك - رحمه الله- قال : (اعْلَمْ- أي أَخي- أَن الموتَ اليومَ كرامة لكلِّ مسلم لقيَ اللهَ عَلى السنة ، فإنا للّه وإِنَّا إِليه راجعون ؛ فإِلَى اللهِ نَشكو وَحْشتَنا ، وذهابَ الإِخوان ، وقلةَ الأعوانِ ، وظهورَ البدع ، وإِلى الله نَشكو عَظيمَ ما حل بهذهِ الأمةِ من ذهاب العلماء ، وأَهل السنة ، وظُهور البدع) 29 - قال الفضيلُ بن عياض رحمه الله تعالى : (إِنَ للّه عبادا يُحْي بهم البلادَ ؛ وهُم أَصْحابُ السنة) 30 - وما أَصدق قول الإمام الشافعي ووصفه- رحمه الله تعالى- لأَهل السُّنَّة ، وهو يقول : (إِذا رأَيتُ رَجُلا من أَصْحاب الحديث فكأَنِّي رأَيتُ رَجُلا من أَصْحاب رسُولِ الله صلَّى الله عليهَ وعلى آله سلم) 31 - ووضع الإِمام مالك - رحمه الله- قاعدة عظيمة ؛ تُلخص جميع ما ذكرناه من أَقوال الأَئمة ، وهي قوله : ( لَنْ يَصْلُحَ آخرُ هَذهِ الأمةِ إِلاَّ بما صَلُحَ بهِ أَوَّلها ؛ فَمَا لَمْ يَكُنْ يوْمئذ دينا لاَ يَكُونُ اليَوم دِينا) هذه هي أَقوال بعض أَئمة السَّلف الصالح من أَهل السُّنَّة والجماعة ، وهم أَنصح الخلق ، وأَبرهم بأُمتهم ، وأَعلمهم بما فيه صلاحهم وهدايتهم ، يوصون بالاعتصام بكتاب الله تعالى ، وسُنة رسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ويُحذِّرون من مُحدثات الأُمور والبدع ، ويخبرون- كما علمهم النبي- صلى الله عليه وسلم - بأَنَّ طريق الخلاص وسبيل النجاة ؛ هو التمسك بسنة النبي وهديه صلى الله عليه وعلى آله وسلم . الان00 وبعد ماذكرت رحمك الله00 هل من شروط وضوابط للدعوة الى عقيدة السلف الصالح ؟ شروط وضوابط الدعوة إِلى عقيدة السلف الصالح " أهل السنة والجماعة " اعلم أَخي المسلم : أَن الدعوة إِلى عقيدة السلف الصالح لا تكون إِلا بثلاثة شروط : أولا- سلامة المُعْتَقَد : أَنْ يكون اعتقادنا موافقا لاعتقاد سلف الأُمة ؛ في توحيد الربوبية ، وتوحيد الأُلوهية ، وتوحيد الأَسماء والصفات ، وفي سائر مسائل الاعتقاد ، وأَبواب الإيمان . ثانيا- سلامة المنهج : أَي : فهم الكتاب والسنة على ضوء ما أَصَّلوهُ من أُصول ، وما قعدوهُ من قواعد . ثالثا- سلامة العمل : أَي : لا نبتدع فيه ، بل يكون خالصا لوجه الله ، موافقا لشرعه سواء كان العمل اعتقاديّا ، أَم فعليّا ، أَم قوليا . وبما أَن الدعوة إِلى الله تعالى من أَشرف الأَعمال ، وأَرفع العبادات ، وهي أَخصّ خصائص الرسلِ- عليهم السلام- وأَبرز مهام الأَولياء والأَصفياء من عباده الصالحين ، قال تعالى عنهم : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } وعلمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف نحملُ الدعوة إِلى الناس ، وكيف نبلِّغها ، وفي سيرته دروس كثيرة لمن أَرادَ ذلك . فيجب على الدعاة إِلى عقيدة السَّلف أَن يتبعوا منهج النبي- صلى الله عليه وسلم - في الدعوة ، ولا شَك أَنَّ في منهجه - صلى الله عليه وسلم - بيانا صحيحا لأُسلوب الدعوة إِلى الله ؛ يُغنيهم عما أَحدثه الناس من مناهج مبتدعة ، مخالفة لمنهجه وسيرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ومن هنا يجب على الدعاة أَن يدعوا إلى الله تعالى كما كان يدعو سلفنا الصَّالح مع مراعاة فارق الزمان والمكان . وانطلاقا من هذا الفهم الصحيح اجتهدتُ بذكر بعض ضوابط أَو منطلقات للدعاة ، لعلها تكون نافعة في الإصلاح الذي ننشده . فماهى هذة الضوابط رحمك الله ؟ ضوابط ومنطلقات الدعاة 1 - الدعوة إِلى الله- سبحانه وتعالى- سبيل من سبُل النجاة في الدنيا والآخرة ؛ فـ « لأَن يهدي الله بك رجلا واحدا ، خير لك من أَن يكون لك حُمر النعَم » والأَجر يقع بمجرد الدعوة ، ولا يتوقف على الاستجابة ، والداعية ليس مطالبا بتحقيق نصرٍ للإِسلام ، فهذا أَمر الله وبيده سبحانه ؛ لكن الداعية مطالب ببذل جهده في هذا السبيل فحسب . والإعداد للداعية شرط ، والنصر من الله وعد ، والدعوةُ صورة من صُور الجهاد ، تشترك مع القتال في المقصد والنتيجة . 2 - تأْكيد منهج سلفِ هذه الأُمة المتمثل في منهج أَهل السُّنة والجماعة وتعميقه ، والمعروف بوسطيته ، وشموله ، واعتداله وبُعده عن الإِفراط والتفريط . والانطلاقُ من مُنطلقِ العلم الشرعي الملتزم بالكتاب والسنة الصحيحة : هو الحافظ بفضل الله تعالى من السقوط ، والنور لمن عزم على المسير في طريق الأَنبياء عليهم السلام . 3 - الحرص على إِيجاد جماعة المسلمين ، ووحدة كلمتهم على الحق ؛ أَخذا بالمنهج القائل : (كلمةُ التوحيدِ أَساسُ توحيد الكلمة) مع الابتعادِ عما يُمزِّقُ الجماعات الإِسلاميَّة اليوم من التحزب المذموم الذي فرق المسلمين ، وباعد بين قلوبهم . والفهم الصحيح لكلِّ تجمع في الدعوة إِلى الله تعالى : جماعة من المسلمين لا جماعة المسلمين . 4 - يجب أَنْ يكون الولاءُ للدين لا للأشخاص ؛ فالحق باق والأَشخاصُ زائلون ، واعرفِ الحق تعرفْ أَهلَه . 5 - الدعوة إِلى التعاون وإلى كلِّ ما يوصل إِليه ، والبعد عن مواطن الخلاف وكل ما يؤدِّي إِليه ، وأَن يعين بعضنا بعضا ، وينصح بعضنا لبعض فيما نختلف فيه ، مما يسع فيه الخلاف ، مع نبذ التباغض . والأَصل بين الجماعات الإسلاميَّة المعتدلة : التعامل والوحدة ؛ فإِنْ تعذر ذلك فالتعاون ، فإِنْ تعذر ذلك فالتعايش ، وإلا فالرابعة الهلاك . 6 - عدم التعصب للجماعة التي يَنتسبُ إِليها الفرد ، والترحيبُ بأَي جهد محمود يقدمه الآخرون ، ما دام موافقا للشرع ، وبعيدا عن الإفراط والتفريط . 7 - الاختلاف في فروع الشريعة يوجب النصح والحوار ، لا التخاصُم والقِتال . 8 - النقد الذاتي ، والمراجعة الدائمة ، والتقويم المستمر . 9 - تَعلم أَدب الخلاف ، وتعميق أصول الحوار ، والإِقرار بأهميتهما ، وضرورة امتلاك أَدواتهما . 10 - البعد عن التعميم في الحكم ، والحذر من آفاته ، والعدل في الحكم على الأَشخاص ، ومن الإنصاف الحكم على المعاني دون المباني . 11 - التمييز بين الغاية والوسيلة ، فمثلا : الدعوة مقصد ؛ لكن الحركة والجماعة والمركز وغيرها هي من الوسائل . 12 - الثبات في المقاصد ، والمرونة في الوسائل بحسب ما يسمح به الشرع . 13 - مراعاة قضية الأَولويات ، وترتيب الأُمور حسب أَهميتها ، وإذا كان لا بدَّ من قضية فرعية أَو جزئية ؛ فينبغي أَن تأتي في مكانها ، وزمانها ، وظرفها المناسب . 14 - تبادل الخبرات بين الدعاة أَمر مهم ، والبناءُ على تجاربِ مَن سَبق ، والداعية لا يبدأ من فراغ ، وليس هو أَول من تصدى لخدمة هذا الدِّين ولا يكون آخر المتصدِّين ، ولأَنه لم يوجد ولن يوجد من هو فوق النصح والإرشاد ، أَو من يحتكر الصواب كله وبالعكس . 15 - احترام علماء الأمة المعروفين بتمسكهم بالسنة وحُسن المعتقد ، وأَخذ العلم عنهم ، وتوقيرهم وعدم التطاول عليهم ، والكف عن أَعراضهم ، وعدم التشكيك في نياتهم ، وإلصاق التهم بهم ، دون التعصب لهم أَيضا ؛ إِذ كلُّ عالم يخطئ ويصيب ، والخطأُ مردود على صاحبه مع بقاء فضله وقدره ما دام مجتهدا . 16 - إِحسان الظن بالمسلمين ، وحمل كلامهم على أَحسن محامله وستر عيوبهم ، مع عدم الغفلة عن بيانها لصاحبها . 17 - إِذا غلبت محاسن الرجل لم تذكر مساوئه إِلا لمصلحة وإذا غلبت مَساوِئ الرجل لم تذكر محاسنه ؛ خشية أَن يلتبس الأَمر على العوام . 18 - استعمال الأَلفاظ الشرعية لدقتها وانضباطها ، وتجنب الأَلفاظ الدخيلة والملتوية ، مثلا : الشورى لا الديمقراطية . 19 - الموقف الصحيح من المذاهب الفقهية : هي ثروة فقهية عظيمة ، علينا أَن ندرسها ، ونستفيد منها ، ولا نتعصب لها ، ولا نردَّها على وجه الإِجمال ، ونتجنب ضعفها ، ونأْخذ منها الحق والصواب على ضوء الكتاب والسنة ، وبفهم سلف الأُمة . 20 - تحديد الموقف الصحيح من الغرب وحضارته ، بحيث نستفيد من علومهم التجريبية بضوابط ديننا العظيم وقواعده . 21 - الإِقرار بأهمية الشورى في الدعوة ، وضرورة تعلم الداعية فقه الاستشارة . 22 - القدوة الحسنة ، فالداعية مرآةُ دعوته والنموذج المعبر عنها . 23 - اتباع سبيل الحكمة والموعظة الحسنة ، وجعل قول الله تعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ميزانا للدعوة وحكمة للسير عليها . 24 - التحلِّي بالصبر ؛ لأنه من صفة الأَنبياء والمرسلين ، ومدار نجاح دعوتهم . 25 - البعد عن التشدد ، والحذر من آفاته ونتائجه السلبية ، والعمل بالتيسير والرفق ؛ في حدود ما يسمح به الشرع . 26 - المسلم طالب حق ، والشجاعة في الحق مطلب ضروري في الدعوةِ ، وإن كنتَ عاجزا عن قولِ الحق ؛ فلا تقل الباطل . 27 - الحذر من الفتور ، ونتائجه السلبية ، وعدم الغفلة عن دراسة أَسبابه ، وطرق علاجه . 28 - الحذر من الإِشاعة وترويجها ، وما يترتب عليها من آثار سيئة في المجتمع الإِسلامي . 29- مقياس التفاضل هو التقوى والعمل الصالح ، وتحاشي كلِّ العصبيات الجاهلية ؛ من التعصب للإِقليم ، أَو العشيرة ، أَو الطائفة ، أَو الجماعة . 30- المنهج الأَفضل في الدعوة هو تقديم حقائق الإِسلام ومناهجه ابتداء ، وليس إِيراد الشبهات والرد عليها ، ثمَ إِعطاء الناس ميزان الحق ، ودعوتهم إِلى أُصول الدِّين ، ومخاطبتهم على قدر عقولهم ، والتعرفُ على مداخل نفوسهم وسيلة في هدايتهم . 31- تمسكُ الدعاة والجماعات الإِسلامية بدوام الاعتصام بالله تعالى ، وتقديم الجهد البشري وطلب العون من الله تعالى ، واليقين بأَن الله هو الذي يقود ، ويوجه مسيرة الدعوة ، ويسدِّد الدعاة ، وأَن الدين والأَمر كله للّه سبحانه وتعالى . هذه الضوابط والفوائد هي ثمرة تجارب كثير من العلماء والدعاة إِلى الله تعالى ، ولنعلم يقينا أَنَّ الدعاة إِلى الله لو فقهوا هذه الضوابط ، وعملوا بها ؛ لكان في ذلك خير كثير لمسيرة الدعوة . وليعلم جميع الدعاة ، أَنَّه لا صلاح لهم ، ولا نجاح لدعوتهم إِلا بالاعتصام بالله ، والتوكل عليه في كلِّ أَمرٍ ، وسؤاله التوفيق ، وإخلاص النيَّة ، والتجرد من الهوى ، وجعل الأَمرِ كلّه للّه تعالى . مسك الختام هذه هي عقيدةُ الرعيلِ الأَول من هذه الأُمة ، وهي عقيدة صافية سليمة ، وطريقة صحيحة مستقيمة على نهج الكتاب والسنَّة وأَقوال سلف الأُمة وأَئمتها ، وهي الطريقُ التي أَحيت قلوب الأَوائل من هذه الأمَّة . فهي عقيدةُ السلف الصالح ، والفرقة الناجية ، والطائفة المنصورة وأَهل الحديث ، وأَهل السنة والجماعة ؛ وهي عقيدة الأَئمة الأَربعة أَصحاب المذاهب المتبعة ، وعقيدةُ جمهورِ الفقهاءِ ، والمحَدثين ، والعلماء العاملين ، ومن سارَ على نهجهم إِلى يومنا هذا ، والأمرُ باق إِلى يوم الدِّين . فعلينا أَن نعود بالعقيدة إِلى منبعها الصافي الذي نهل منه الأَخيارُ من سلفنا الصالح ونأخذ بما أَخذوا به ، ونسكُتَ عما سكتوا عنه ، ونؤدِّي العبادة كما أَدوْها ، ونلتزم بالكتاب والسُّنَّة ، وإجماع سلفِ الأُمةِ وأَئمتها ، وبالقياس الصحيح في الأمور المتجددة وعلى ضوء فهمهم . قال أَمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (قَدْ عَلمْتُ مَتى صَلاحُ الناس ومَتى فَسادهم! إِذا جاءَ الفقهُ من قبلِ الصغيرِ ؛ اسْتَعصى عليه الكبيرُ ، وإِذا جاءَ الفقهُ من قبلِ الكبير تابعهُ الصغيرُ ؛ فاهتديا) وقال أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (انْظُروا عمنْ تأخُذونَ هذا العلم ؛ فإنما هو الدين) وقال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( لا يَزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما أَخذوا العلمَ عن أَكابِرهِم ؛ فإِذا أَخذوهُ من أَصاغِرِهم وشرارهم هَلكوا) واعلم أَخي المسلم : هدانا الله وإياك للحق ؛ أنَّ مَن طلب الهدى من غير الكتابِ والسنَّةِ وفهم السلف الصالح ، أَو أَتى بأمرٍ زائد على ما شرعهُ الله ؛ فهو بلا شك منغمس في الضلال المبين ، متباعد عن الصراط المستقيم ، ومتبع لغير سبيل المؤمنين . فإِننا نوقن بأننا سنموت قبل أَنْ نوفي السنن كلها على أكملِ وجهها ؛ فلماذا البدعة في الدِّين . ورحم الله الإِمام مالكا ؛ فقد كان كثيرا ما ينشد : ( وخَيْرُ أمور الدينِ مَا كَانَ سُنة ... وشَرّ الأمور المُحْدَثاتُ البَدائِعُ وأَفضل المتعبدينَ بالاتفاق هو رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فكل عبادة خالفت عبادته ؛ فهي بدعة لا تُقرِّب صاحبها إِلى الله بل لا تزيده منه إِلَّا بُعدا ، قال الله تعالى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } (1) وقال : { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ } (2) وقال : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا } ومما لا شك فيه أَنَّ سبيل وحدة المسلمين هو في وحدة العقيدة ، العقيدة الصافية ، التي اعتقدها الرعيل الأَول من سلف هذهِ الأُمةِ ، وبها حكموا الدنيا بالقصد والعدل . وصفوة القول: إِنَّه لا صلاح لنا ، ولا نجاح لدعوتنا إِلا إِذا بدأنا بالأَهم قبل المهم ، وذلك بأَن ننطلق في دعوتنا من عقيدةِ التوحيد ؛ نَبْني عليها سياستنا ، وأحكامنا ، وأخلاقنا ، وآدابنا ، ومعاملتنا . وننطلق في كلِّ ذلك من هدي الكتاب والسّنة وعلى فهم سلف الأُمة ، ذلكم هو الصراط المستقيم والمنهج القويم الذي أَمرنا الله به ، فقال تعالى : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } وعقيدة السلف هي السبيل الوحيد الذي يصلح به حال الأُمة واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين |
![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|