اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #2  
قديم 14-07-2017, 08:11 AM
سراج منير سراج منير غير متواجد حالياً
عضو خبير
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
العمر: 15
المشاركات: 707
معدل تقييم المستوى: 9
سراج منير is on a distinguished road
افتراضي


حج المرأة



يجب على المرأة الحج ، كما يجب على الرجل ، سواء بسواء ، إذا استوفت شرائط الوجوب التي تقدم ذكرها ، ويزاد عليها بالنسبة للمرأة أن يصحبها زوج أو محرم ( 1 ) . )

قال الحافظ في الفتح : وضابط المحرم عند العلماء : من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها ، فخرج بالتأبيد : أخت الزوجة وعمتها ، وبالمباح : أم الموطوءة بشبهة وبنتها ، وبحرمتها : الملاعنة

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل ، فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة وكذا وكذا فقال : " انطلق فحج ( 2 ) مع امرأتك " رواه البخاري ومسلم ، واللفظ لمسلم .

( 2 ) هذا الامر للندب ، فإنه لا يلزم الزوج أو المحرم السفر مع المرأة ، إذا لم يوجد غيره ، لما في الحج من المشقة ، ولانه لا يجب على أحد بذل منافع نفسه ، ليحصل غيره ما يجب عليه .

وعن يحيى بن عباد قال : كتبت امرأة من أهل الري إلى إبراهيم النخعي : إني لم أحج حجة الاسلام ، وأنا موسرة ، ليس لي ذو محرم ، فكتب إليها : " إنك ممن لم يجعل الله له سبيلا " .

وإلى اشتراط هذا الشرط ، وجعله من جملة الاستطاعة ، ذهب أبو حنيفة وأصحابه ، والنخعي ، والحسن ، والثوري ، وأحمد ، وإسحق . قال الحافظ : والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات ، وفي قول : تكفي امرأة واحدة ثقة ، وفي قول - نقله الكرابيسي وصححه في المهذب - تسافر وحدها ، إذا كان الطريق آمنا . وهذا كله في الواجب من حج أو عمرة .

وفي " سبل السلام " : قال جماعة من الائمة : يجوز للعجوز السفر من غير محرم . وقد استدل المجيزون لسفر المرأة من غير محرم ولازوج - إذا وجدت رفقة مأمونة ، أو كان الطريق آمنا - بماروه البخاري عن عدي بن حاتم قال : " بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل ، فقال : " يا عدي هل رأيت الحيرة (" قرية قريبة من الكوفة ) " قال : قلت : لم أرها ، وقد أنبئت عنها .

قال : " فإن طالت بك حياة لترين الظعينة (" أي الهودج فيه امرأة أم لا ) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ، لا تخاف إلا الله " .


واستدلوا أيضا بأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم حججن بعد أن أذن لهن عمر في آخر حجة حجها ، وبعث معهن عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن ابن عوف . وكان عثمان ينادي : ألا لا يدنو أحد منهن ، ولا ينظر إليهن ، وهن في الهوادج على الابل . وإذا خالفت المرأة وحجت ، دون أن يكون معها زوج أو محرم ، صح حجها .


وفي سبل السلام قال ابن تيمية : إنه يصح الحج من المرأة بغير محرم ، ومن غير المستطيع . وحاصله : أن من لم يجب عليه الحج لعدم الاستطاعة ، مثل المريض ، والفقير ، والمعضوب ، والمقطوع طريقه ، والمرأة بغير محرم ، وغير ذلك ، إذا تكلفوا شهود المشاهد ، أجزأهم الحج . ثم منهم من هو محسن في ذلك ، كالذي يحج ماشيا ، ومنهم من هو مسئ في ذلك ، كالذي يحج بالمسألة ، والمرأة تحج بغير محرم . وإنما أجزأهم ، لان الاهلية تامة ، والمعصية إن وقعت ، في الطريق ، لا في نفس المقصود

وفي المغني : لو تجشم غير المستطيع المشقة ، سار بغير زاد وراحلة فحج ، كان حجه صحيحا مجزئا .



استئذان المرأة زوجها :


يستحب للمرأة أن تستأذن زوجها في الخروج إلى الحج الفرض ، فإن أذن لها خرجت ، وإن لم يأذن لها خرجت بغير إذنه ، لانه ليس للرجل منع امرأته من حج الفريضة ، لانها عبادة وجبت عليها ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولها أن تعجل به لتبرئ ذمتها ، كمالها أن تصلي أول الوقت ، وليس له منعها ، ويليق به الحج المنذور ، لانه واجب عليه كحجة الاسلام . وأما حج التطوع فله منعها منه . لما رواه الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - في امرأة كان لها زوج ولها مال ، فلا يأذن لها في الحج - قال : " ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها " .



12-من مات وعليه حج


من مات وعليه حجة الاسلام ، أو حجة كان قد نذرها وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من ماله ، كما أن عليه قضاء ديونه . فعن ابن عباس رضي الله عنهما ان امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ان أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت ، أفأحج عنها ؟ قال :

" نعم ، حجي عنها . أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء " رواه البخاري .

وفي الحديث دليل على وجوب الحج عن الميت ، سواء أوصى أم لم يوص ، لان الدين يجب قضاؤه مطلقا ، وكذا سائر الحقوق المالية من كفارة ، أو زكاة ، أو نذر . وإلى هذا ذهب ابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، والشافعي ، ويجب إخراج الاجرة من رأس المال عندهم . وظاهر أنه يقدم على دين الآدمي إذا كانت التركة لا تتسع للحج والدين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " فالله أحق بالوفاء " .



وقال مالك : إنما يحج عنه إذا أوصى . أما إذا لم يوص فلا يحج عنه ، لان الحج عبادة غلب فيه جانب البدنية ، فلا يقبل النيابة . وإذا أوصى حج من الثلث . لحج عن الغير من استطاع السبيل إلى الحج ثم عجز عنه ، بمرض أو شيخوخة ، لزمه إحجاج غيره عنه ، لانه أيس من الحج بنفسه لعجزه ، فصار كالميت فينوب عنه غيره .

ولحديث الفضل بن عباس : أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج ، أدركت أبي شيخا كبيرا لايستطيع أن يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : " نعم " وذلك في حجة الوداع : رواه الجماعة ، وقال الترمذي : حسن صحيح .


وقال الترمذي أيضا : وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غير حديث ، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، يرون أن يحج عن الميت . وبه يقول الثوري ، وابن المبارك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحق . وقال مالك : إذا أوصى أن يحج عنه ، حج عنه . وقد رخص بعضهم أن يحج عن الحي إذا كان كبيرا وبحال لا يقدر أن يحج ، وهو قول ابن المبارك والشافعي . (وهذا قول أحمد والاحناف )


وفي الحديث دليل على أن المرأة يجوز لها أن تحج عن الرجل والمرأة ، والرجل يجوز له أن يحج عن الرجل والمرأة ، ولم يأت نص يخالف ذلك . إذا عوفي المعضوب (الزمن الذي لاحراك له . ) إذا عوفي المريض بعد أن حج عنه نائبه فإنه‌يسقط الفرض عنه ولا تلزم

الاعادة ، لئلا تقضي إلى إيجاب حجتين ، وهذا مذهب أحمد . وقال الجمهور : لايجزئه ، لانه تبين أنه لم يكن ميئوسا منه ، وأن العبرة بالانتهاء . ورجح ابن حزم الرأي الاول ، فقال : إذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحج عمن لايستطيع الحج ، راكبا ، ولا ماشيا ، وأخبر أن دين الله يقضى عنه ، فقد تأدى الدين بلاشك وأجزأ عنه . وبلا شك إن ما سقط وتأدى فلا يجوز أن يعود فرضه بذلك إلا بنص . ولا نص ههنا أصلا بعودته . ولو كان ذلك عائدا لبين عليه الصلاة والسلام ذلك . إذ قد يقوى الشيخ فيطيق الركوب . فإذا لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلا يجوز عودة الفرض عليه بعد صحة تأديته عنه .



13- شرط الحج عن الغير



يشترط فيمن يحج عن غيره ، أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه . لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة ، فقال : أحججت عن نفسك ؟ قال : لا . قال : " فحج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة " رواه أبو داود ، وابن ماجه . قال البيهقي : هذا إسناد صحيح ليس في الباب أصح منه . قال ابن تيمية : إن أحمد حكم - في رواية ابنه صالح عنه - أنه مرفوع على أنه وإن كان موقوفا فليس لابن عباس فيه مخالف . وهذا قول أكثر أهل العلم : أنه لا يصح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه مطلقا ، مستطيعا كان أولا ، لان ترك الاستفصال ، والتفريق في حكاية الاحوال ، دال على العموم من حج لنذر وعليه حجة الاسلام أفتى ابن عباس وعكرمة ، بأن من حج لوفاء نذر عليه ولم يكن حج حجة الاسلام أنه يجزئ عنهما .


وأفتى ابن عمر ، وعطاء : بأنه يبدأ بفريضة الحج ، ثم يفي بنذره . لاصرورة في الاسلام عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لاصرورة في الاسلام " رواه أحمد وأبو داود . قال الخطابي : الصرورة تفسير تفسيرين .


( أحدهما ) أن الصرورة ، هو الرجل الذي قد انقطع عن النكاح وتبتل ، على مذهب رهبانية النصارى ، ومنه قول النابغة : لو أنها عرضت الاشمط راهب - عبد الاله صرورة متعبد أدنا لبهجتها وحسن حديثها - ولخالها رشدا وإن لم يرشد ( والوجه الآخر ) أن الصرورة هو الرجل الذي لم يحج . فمعناه على هذا : أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج ، فلا يكون صرورة في الاسلام . وقد يستدل به من يزعم أن الصرورة لا يجوز له أن يحج عن غيره . وتقدير الكلام عنده أن الصرورة إذا شرع في الحج عن غيره صار الحج عنه ، وانقلب عن فرضه ليحصل معنى النفي ، فلا يكون صرورة . وهذا مذهب الاوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق . وقال مالك والثوري : حجه على مانواه . وإليه ذهب أصحاب الرأي . وقد روي ذلك عن الحسن البصري ، وعطاء ، والنخعي .


14- الاقتراض للحج


عن عبد الله بن أبي أوفى قال : سألت رسول الله صلى الله‌عليه وسلم عن الرجل لم يحج ، أو يستقرض للحج ؟ قال : " لا " ، رواه البيهقي .


15-الحج من مال حرام



ويجزئ الحج وإن كان المال حراما ويأثم عند الاكثر من العلماء . وقال الامام أحمد : لايجزئ ، وهو الاصح لما جاء في الحديث الصحيح : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا "

. وروى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة (حلال) ، ووضع رجله في الغرز (ركاب من جلد يعتمد عليه الراكب حين يركب) فنادى : لبيك اللهم ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك (: أجاب الله حجك إجابة بعد إجابة) زادك حلال ، وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور (: مقبول ، لا يخالطه وزر . مأزور : جالب للوزر والاثم) وإذاخرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز ، فنادى : لبيك ، ناداه مناد من السماء : لالبيك ولاسعد يك ، زادك حرام ، ونفقتك حرام ، وحجك مأزور غير مأجور " . قال المنذري : رواه الطبراني في الاوسط ، ورواه الاصبهاني من حديث أسلم مولى عمر بن الخطاب مرسلا مختصرا .





16- أيهما أفضل في الحج : الركوب أم المشي ؟



قال الحافظ في الفتح : قال ابن المنذر : اختلف في الركوب والمشي للحجاج أيهما أفضل ؟ قال الجمهور : الركوب أفضل ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكونه أعون على الدعاء والابتهال ، ولما فيه من المنفعة . وقال إسحق بن راهويه : المشي أفضل لما فيه من التعب . ويحتمل أن يقال : يختلف باختلاف الاحوال والاشخاص . روى البخاري عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخا يهادى (: يعتمد عليهما في المشي ) بين ابنيه فقال : " ما بال هذا ؟ قالوا : نذر أن يمشي ، قال :إن الله عزوجل عن ***** هذا نفسه لغني ، وأمره أن يركب " .



17- التكسب والمكاري في الحج


لا بأس للحاج أن يتاجر ، ويؤاجر ويتكسب ، وهو يؤدي أعمال الحج والعمرة . قال ابن عباس : إن الناس في أول الحج (أي في الاسلام) كانوا يتبايعون بمنى وعرفة ، وسوق ذي المجاز (" موضع بجوار عرفة) ومواسم الحج ، فخافوا البيع وهم حرم . فأنزل الله تعالى : ( ليس عليكم جناح () أي لا إثم عليكم ، وإن تبتغوا فضلا من ربكم مع سفركم لتأدية ما افترضه الله عليكم من الحج ، فالاذن في التجارة رخصة ، والافضل تركها) أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ) رواه البخاري ، ومسلم ، والنسائي . وعن ابن عباس أيضا ، في قوله تعالى : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) قال : كانوا لا يتجرون بمنى فأمروا أن يتجروا إذا أفاضوا من " عرفات " رواه أبو داود : وعن أبي أمامة التيمي : أنه قال لا بن عمر : إني رجل أكري (" أكري " أي أؤجر الرواحل للركوب) في هذا الوجه وإن ناسا يقولون لي : أنه ليس لك حج فقال ابن عمر : أليس تحرم وتلبي ، وتطوف بالبيت ، وتفيض من عرفات ، وترمي الجار ، قال : قلت : بلى ، قال : فإن لك حجا ، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتني ، فسكت عنه حتى نزلت هذه الآية : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) ، فأرسل إليه وقرأ عليه هذه الآية ، وقال : " لك حج " رواه أبو داود ، وسعيد بن منصور . وقال الحافظ المنذري أبو أمامة لايعرف اسمه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رجلا سأله فقال : أؤجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك ، ألي أجر ؟ قال ابن عباس : نعم أولئك لهم نصيب مما كسبوا ، والله سريع الحساب " . رواه البيهقي ، والدراقطني .



18-حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم



روى مسلم : " دخلنا على جابر بن عبد الله رضي الله عنه فسأل عن القوم حتى انتهى إلي ؟ فقلت : أنا محمد بن علي بن حسين ، فأهوى بيده إلى رأسي ، فنزع زري الاعلى ، ثم نزع زري الاسفل ، ثم وضع كفه بين ثديي ، وأنا يومئذ غلام شاب ، فقال : مرحبا بك يا بن أخي ، سل عما شئت ؟ فسألته - وهو أعمى - وحضر وقت الصلاة ، فقام في نساجة ملتحفا بها (ثوب كالطيلسان) ، كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ، ورداؤه إلى جنبه على المشجب (: اسم لاعواد يوضع عليها الثياب ومتاع البدن " الشماعة) . فصلى بنا ،


فقلت : أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بيده : فعقد تسعا . فقال :


إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع (" مكث تسع سنين " . أي بالمدينة) سنين لم يحج ، ثم أذن في الناس في العاشرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعمل مثل عمله . فخرجنا معه حتى أتينا ذا الخليفة : فولدت " أسماء " بنت عميس محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أصنع ، قال : " اغتسلي واستثفري (أن تشد في وسطها شيئا ، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها ومن ورائها في ذلك الشدود في وسطها لمنع سيلان الدم) بثوب وأحرمي " .


فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب " القصواء " (اسم لناقة النبي صلى الله عليه وسلم .)حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، ومن خلفه مثل ذلك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، وعليه ينزل القرآن ، وهو يعرف تأويله ، وما عمل به من شئ عملنا به . فأهل ( 1 ) بالتوحيد :


" لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك "


وأهل الناس بهذا الذي يهلون به ، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه ، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته . قال جابر رضي الله عنه : لسنا ننوي إلا الحج : لسنا نعرف العمرة ، حتى إذا أتينا البيت معه ، استلم الركن ، فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا ، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام ، فقرأ " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " .


فجعل المقام بينه وبين البيت . فكان يقرأ في الركعتين " قل هو الله أحد " و " قل يأيها الكافرون " ثم رجع إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج من الباب إلى الصفا . فلما دنا من الصفا قرأ : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " أبدأ بما بدأ الله به ، فبدأ بالصفا ، فرقي عليه حتى رأى البيت ، فاستقبل القبلة ، فوحد الله وكبره وقال :


" لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شئ قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الاحزاب وحده () هزم الاحزاب وحده : معناه : هزمهم بغير قتال من الآدميين ولا بسبب من جهتهم . والمراد بالاحزاب : الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ) ، "


، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة ، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي ، سعى حتى إذا صعدنا مشى ، حتى أتى المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا . حتى إذا كان آخر طوافه على المروة ، فقال .


" لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، وجعلتها عمرة ، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل ، وليجعلها عمرة " . فقام سراقة بن مالك بن جعثم ، فقال : يا رسول الله ألعامنا هذا أم لابد ؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه ، واحدة في الاخرى ، وقال : " دخلت العمرة في الحج مرتين ، لابل لابد أبد " .


وقدم علي من اليمن ببدن للنبي صلى الله عليه وسلم ، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ، ولبست ثيابا صبيغا ، واكتحلت ، فأنكر ذلك عليها ، فقالت : إن أبي أمرني بهذا . قال : فكان علي يقول بالعراق :

فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا (الاغراء . والمراد هنا أن يذكر له ما يقضي عتابها) على فاطمة للذي صنعت ، مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه ، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها ، فقال : " صدقت صدقت ، ماذا قلت حين فرضت الحج ؟ . " قال : قلت : " اللهم إني أهل بما أهل به رسولك " . قال : "

فإن معي الهدي فلانحل . " قال : فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن ؟ والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، مائة . قال : فحل الناس كلهم وقصروا ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن كان معه هدي .


فلما كان يوم التروية (هو اليوم الثامن من ذي الحجة) ، توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى بها الظهر والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، والفجر . ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس ، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة . فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تشك قريش ألا أنه واقف عند المشعر الحرام ، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ( 1 ) .

( 1 ) كانت قريش في الجاهلية تقف بالمشعر الحرام ، وهو جبل بالمزدلفة يقال له فرح . وقيل : إن المشعر الحرام كل المزدلفة ، وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات ، فظنت قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه . فتجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عرفات ، لان الله تعالى أمره بذلك في قوله تعالى :


" ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " أي سائر الناس العرب ، غير قريش وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لانها من الحرم ، وكانوا يقولون : نحن أهل حرم الله ، فلا نخرج منه


فأجاز (أي جاوز المزدلفة ولم يقف بها ، بل توجه إلى عرفات) رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس ، أمر بالقصواء فرحلت (أي جعل عليها الرحل) له . فأتى بطن الوادي (هو وادي عرفة) فخطب الناس ، وقال : " إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ،


وإن أول دم أضع من دمائنا ، دم ابن ربيعة بن الحارث - كان مسترضعا في بني سعد ، ف***ته هذيل - وربا الجاهلية موضوع (" أي باطل) وأول ربا أضع ربانا ، ربا عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده ، إن اعتصمتم به : كتاب الله ، وأنتم تسألون عني ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ،

فقال : بإصبعه السبابة

(" أي يقلبها و يرددها إلى الناس مشيرا إليهم .) يرفعها إلى السماء ينكتها إلى الناس ، اللهم اشهد ، اللهم فاشهد ثلاث مرات . تم أذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ( 1 )


( 1 ) " فصلى الظهر ثم قام فصلى العصر ولم يصل بينهما الخ " : فيه دليل على أنه يشرع الجمع بين الظهر والعصر هناك في ذلك اليوم ، وقد أجمعت الامة عليه ، واختلفوا في سببه : فقيل : بسبب النسك وهو مذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي ، وقال أكثر أصحاب الشافعي : هو بسبب السفر


ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل جبل المشاة (جبل المشاة " أي مجتمعهم ) بين يديه واستقبل القبلة . فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس ، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف أسامة خلفه . ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد شنق (أي ضم وضيق) للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رجله (الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه . قدام واسطة الرحل ، إذا مل من الركوب)


ويقول بيده اليمنى (أي يشير بها قائلا : الزموا السكينة . وهي الرفق والطمأنينة) :


" أيها الناس ، السكينة السكينة " كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا . ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة .


ثم ركب القصواء ، حتى أتى الشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده ، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا . فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما (" أي جميلا) فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن (جمع ظعينة - وهي البعير الذي عليه امرأة ، ثم سميت به المرأة مجازا لملابسها البعير ) يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر ، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل ، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر ، حتى أتى بطن محسر . فحرك قليلا ، ثم سلك الطريق الوسطى ( 1 )


( 1 ) قوله " ثم سلك الطريق الوسطى " فيه دليل على أن سلوك هذا الطريق في الرجوع من عرفات سنة . وهو غير الطريق الذي ذهب به إلى عرفات . وكان قد ذهب إلى عرفات من طريق " ضب " ليخالف الطريق كما كان يعمل في الخروج إلى العيدين في مخالفته طريق الذهاب والاياب .


التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الحذف ، رمى من بطن الوادي (" أي بحيث تكون " منى " و " عرفات " و " المزدلفة " عن يمينه و " مكة " عن يساره) . ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر

(فنحر ثلاثا وستين الخ " فيه دليل على استحباب تكثير الهدي وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة مائة بدنة و " غبر " أي بقي) وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة (: أي القطعة من اللحم) فجعلت في قدر ، فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها . ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،


فأفاض إلى البيت (" أي طاف بالبيت طواف الافاضة ، ثم صلى الظهر) فصلى بمكة الظهر . فأتى بني عبد الملك يسقون على زمزم ، فقال : " انزعوا (أي استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء ( الحبال) بني عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم (فلولا أن يغلبكم الناس على الخ . معناه لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج ويزدحمون عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الاستقاء ) لنزعت معكم " . فناولوه دلوا فشرب منه .


قال العلماء : واعلم أن هذا حديث عظيم مشتمل على جمل من الفوائد ، ونفائس من مهمات القواعد ، قال القاضي عياض : قد تكلم الناس على ما فيه من الفقه . وأكثروا ، وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءا كبيرا أخرج فيه من الفقه مائة ونيفا وخمسين نوعا . قال : ولو تقصى لزيد على هذا العدد قريب منه . قالوا : وفيه دلالة على أن غسل الاحرام سنة للنفساء والحائض ولغيزهما بالاولى . على استثفار الحائض والنفساء وعلى صحة إحرامهما ، وأن يكون الاحرام عقب صلاة فرض أو نفل ، وأن يرفع المحرم صوته بالتلبية ، ويستحب الاقتصار على تلبية النبي صلى الله عليه وسلم . فإذا زاد فلا بأس ، فقد زاد عمر : لبيك ذا النعماء والفضل الحسن ، لبيك مرهوبا منك ومرغوبا إليك .


وأنه ينبغي للحاج القدوم أولا إلى مكة ليطوف طواف القدوم وأن يستلم الركن - الحجر الاسود - قبل طوافه ويرمل في الثلاثة الاشواط الاولى ، والرمل أسرع المشي مع تقارب الخطا وهو الخبب ،


وهذا الرمل يفعله ما عدا الركنين اليمانيين . ثم يمشي أربعا على عادته وأنه يأتي بعد تمام طوافه مقام إبراهيم ويتلو " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " . ثم يجعل المقام بينه وبين البيت ويصلي ركعتين . ويقرأ فيهما في الاولى - بعد الفاتحة - سورة " الكافرون " وفي الثانية - بعد الفاتحة - سورة " الاخلاص " .


ودل الحديث أنه يشرع له الاستلام عند الخروج من المسجد كما فعله عند الدخول . واتفق العلماء : على أن الاستلام سنة .

وأنه يسعى بعد الطواف ويبدأ من الصفا ويرقى إلى أعلاه ويقف عليه مستقبل القبلة ويذكر الله تعالى بهذا الذكر ويدعو ثلاث مرات ويرمل في بطن الوادي وهو الذي يقال له " بين الميلين " وهو - أي الرمل - مشروع في كل مرة من السبعة الاشواط لا في الثلاثة الاول كما في طواف القدوم بالبيت ، وأنه يرقى أيضا على المروة كما رقي على الصفا ويذكر ويدعو . وبتمام ذلك تتم عمرته .


فإن حلق أو قصر صار حلالا . وهكذا فعل الصحابة الذين أمرهم صلى الله عليه وسلم بفسخ الحج إلى العمرة .


وأما من كان قارنا ، فإنه لا يحلق ولا يقصر ، ويبقى على إحرامه ثم في يوم التروية - وهو الثامن من ذي الحجة - يحرم من أراد الحج ممن حل من عمرته ويذهب هو ومن كان قارنا إلى منى ، والسنة أن يصلي بمنى الصلوات الخمس ، وأن يبيت بها هذه الليلة - وهي ليلة التاسع من ذي الحجة . ومن السنة كذلك أن لا يخرج يوم عرفة من منى إلا بعد طلوع الشمس ، ولا يدخل " عرفات " إلا بعد زوال الشمس . وبعد صلاة الظهر والعصر جميعا ب‍ " عرفات " فإنه صلى الله عليه وسلم نزل بنمرة وليست من عرفات . ولم يدخل صلى الله عليه وسلم الموقف إلا بعد الصلاتين .



ومن السنة أن يصلي بينهما شيئا ، وأن يخطب الامام الناس قبل الصلاة ، وهذه إحدى الخطب المسنونة في الحج . والثانية - أي من الخطب المسنونة - يوم السابع من ذي الحجة يخطب عند الكعبة بعد صلاة الظهر . والثالثة - أي من الخطب المسنونة - يوم النحر . والرابعة - يوم النفر الاول .
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:09 AM.