|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() تتمه
" أنا تعيسة جدا " كان هذا جوابي على سؤال دانة التي أتتني بقلق لتطمئن علي.. دانة جلست إلى جواري على السرير و أخذت تواسيني.. إلا أن شيئا لا يمكنه مواساتي في الصاعقة التي أحلّت بي... " أرجوك يا رغد.. كفى عزيزتي.. ألن تودّعينني ؟ إنني راحلة عنك للأبد ! " و جاءت جملتها قاصمة لظهري... " لا ! لا تذهبي و تتركيني ! سأكون وحيدة ! أريد أمي .. أريد أمي..." و بكيت بتهيج.. " يكفي يا رغد ستجعلينني أبكي و أنا عروس في ليلة زفافي التعسة ! " انتبهت لنفسي أخيرا.. كيف سمحت لنفسي بإتعاس أختي العروس في أهم ليالي عمرها؟ ألا يكفي أنها حرمت من حفل الزفاف الضخم الذي كانت تعد له منذ شهور... و خسرت كل ملابسها و حليها و أغراض زفافها.. و احترق فستان العرس تحت أنقاب المدينة المدمّرة !؟ طردت بسرعة الدموع المتطفلة على وجهي، و أظهرت ابتسامة مفتعلة لا أساس لها من الصحة و قلت : " عزيزتي سأفتقدك ! ألف مبروك دانة " تعانقنا عناقا طويلا.. عناق الفراق.. فبعد أكثر من 15 عاما من الملازمة المستمرة 30 يوما في الشهر، نفترق..و دموعنا مختلطة مع القبل... قدم سامر.. و قال : " هيا دانة .. " صافحتها و قبلتها للمرة الأخيرة... ثم جاء دور سامر، و من ثمّ الرجل الضخم الذي كان يقف في الخارج عند الباب مباشرة... لم استطع أن ألقي عليه و لا نظرة واحدة.. لم أشأ أن أنهار من جديد.. اضطجعت على سريري، و سحبت الغطاء حتى أخفيت وجهي أسفل منه... سمعت سامر يقول : " سآخذهما للفندق و أعود مباشرة.. وليد و خطيبته سيبقيان معك " و لم تهز في ّ هذه الجملة شعرة واحدة ، بل أغمضت عيني و أنا أقول : " سأنام.." أحسست بالجميع يغادرون الغرفة و يغلقون الباب، ثم اختفت الأصوات و الحركات.. لقد غادر جميع الضيوف.. و في الشقة لم يبق إلا أنا.. و وليد.. و الأجنبية الدخيلة... دخلت في نوم عميق أشبه بالغيبوبة.. إلا أنني في لحظة ما..أحسست بدخول شخص ما إلى الغرفة.. و اقترابه مني.. ثم شعرت بيد تمتد إلى لحافي فتضبطه فوقي، ثم تمسح على رأسي من فوق حجابي الذي لم أنزعه، ثم توهمت سماع همس في أذني ... " أحلام سعيدة يا حبيبتي" و ابتعد المجهول.. و سمعت صوت انغلاق الباب.. فتحت عيني الآن فوجدت الغرفة غارقة في السكون و الظلام.. هل كان ذلك وهما؟؟ هل كان تهيؤا ؟؟ حلما؟؟ لست أكيدة.. و إن كان حقيقة ، فالشيء الذي سأكون أكيدة منه ، هو أن الشخص كان سامر... ~ ~ ~ ~ ~ ~ استخدمت غرفتي السابقة بينما جعلت أروى تستعمل غرفة العروس، للمبيت تلك الليلة... لقد كنت شديد القلق على صغيرتي .. و لم أنم كما يجب.. كنا قد قررنا البقاء ليومين قبل معاودة الرحيل، و كان هذان اليومان من أسوأ أيام حياتي ! رغد كانت مريضة جدا و ملازمة للفراش، و سامر كان يمنعني من الدخول إلى غرفتها أغلب المرات، و في المرات القليلة التي سمح لي بإلقاء نظرة، كنت أرى رغد شاحبة جدا و مكتئبة للغاية ، ترفض الحديث معي و تطلب منا تركها بمفردها ضاق صدري للحالة التي كانت عليها و سألت سامر: " ماذا حدث لها ؟ هل حدث شيء تخفونه عني؟ لم هي كئيبة هكذا؟؟ هل آذاها أحد بشيء ؟؟ " قال سامر : " إنها كئيبة لفراق دانة ، فكما تعرف كانت تلازمها كالظل... " " لكن ليس لهذا الحد.. أنا أشعر بأن في الأمر سر ما.. " نظر إلي شقيقي نظرة ارتياب و قال : " أي سر؟؟ " قلت : " ليتني أعرف... " كنا خلال هذين اليومين نتناول وجباتنا أنا و أروى في المطاعم، و في الليلة الأخيرة، عندما عدنا من المطعم ، وجدنا رغد و سامر في غرفة المائدة يتناولان العشاء... فرحت كثيرا، فهي علامة جيدة مشيرة إلى تحسّن الصغيرة.. قلت : " صغيرتي.. حمدا لله على سلامتك، أتشعرين بتحسّن ؟؟ " رغد نظرت نحوي بجمود ، ثم نحو أروى ، ثم وقفت ، و غادرت الغرفة ذاهبة إلى غرفة نومها... وقف سامر الآن و نظر إلي بعصبية : " أ هذا جيّد؟ ما كدت أصدق أنها قبلت أخيرا تناول وجبة.. " قلت ُ بانزعاج : " هذه حال لا يصبر عليها، لسوف آخذها إلى الطبيب.. " و سرت ُ مسرعا نحو غرفتها ، فأقبل شقيقي من بعدي مسرعا : " هيه أنت.. إلي أين ؟؟ " التفت ُ إليه و قلت : "سآخذ الفتاة للمستشفى " قال بغيظ : " من تظن نفسك؟ ألا تراني أمامك؟؟ خطيبتك هي تلك و ليست هذه " قلت مزمجرا : " قبل أن تكون خطيبتك هي ابنة عمّي ، و إن كنت نسيت فأذكرك بأنها ستنفصل عنك، و لتعلم إن كنت جاهلا بأن أمورها كلها تهمني و أنا مسؤول عنها كليا ، مثل والدي تماما " و هممت بمد يدي لطرق الباب و من ثم فتحه ، إلا أن سامر ثار... و أمسك بيدي و أبعدها بقوة.. تحررت من مسكته و هممت بفتح الباب ألا أنه صرخ : " ابتعد " و قرن الصرخة بانقضاض على ذراعي، و سحب لي بقوة... دفعت به بعيدا عني فارتطم بالجدار، ثم ارتد إلي و لكمني بقبضته في بطني لكمة عنيفة... اشتعلت المعركة فيما بيننا و دخلنا في دوامة جنونية من الضرب و الركل و اللطم و الرفس.. أتت في غير أوانها ! أروى واقفة تنظر إلينا بذهول.. و باب غرفة رغد انفتح .. و ظهرت منه رغد مفزوعة تنظر إلينا باستنكار و توتّر " سامر... وليد... يكفي ... " إلا أن أحدنا لم يتوقّف... في العراك السابق كان سامر يستسلم لضرباتي .. أما الآن ، فأجده شانا الهجوم علي و يضربني بغيظ و بغض.. كأن بداخله ثأرا يود اقتصاصه مني... بعد لحظات من العراك، و يد الغلبة لي، و أنا ممسك بذراع أخي ألويها للوراء و أؤلمه ، جاءت رغد تركض نحوي صارخة : " أترك خطيبي أيها المتوحّش " و رأيت يديها تمتدان إلي ، تحاولان تخليص سامر من بين يدي... أمسكت بذراعي و شدّتني بقوة، فحررت أخي من قبضتي و استدرت لأواجهها... صرخت بوجهي : " وحش.. مجرم.. قاتل.. أكرهك.. أكرهك.. أكرهك " و بقبضتيها كلتيهما راحت تضربني على صدري بانفعال ضربة بعد ضربة بعد ضربة... و أنا واقف كالجبل بلا حراك.. أشاهد.. و اسمع.. و أحس.. و أتألم.. و أحترق... و أتزلزل ... و أموت..
__________________
لو صرخت الدنيا ف وشي اكيد هعلي حسي ... لو كان ده وقت الانهيار انا حاطه روحي ع كفي ... لو كان ده وقت الانفجار .. اكيد ملغمه نفسي ...!! * ** فى حياة كل منا ذكرى تمنى الا يمر بها ولكن لولا ألمها لارتكب المزيد من الاخطاء فى حق نفسه وفى حق الاخرين* ** الحمدلله ![]() ![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|