|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]()
>> سيف الرحبي >> ترانزيت
ترانزيت من أين جاءتها تلك التأتأةُ في الكلام.. كانت على شرفة المطار تنظرُ في فراغ مدلهمّ في نجوم الظهيرة الساطعة. كانت قريبةَ من نفسها أكثر من اللازم لم تلتفت كثيراً لتلوّح بأناملَ أو محرمةٍ كانت تقفُ هكذ من غير شموخٍ أو ذلً أو ربما من غير تأملٍ.. .......... .......... لم يبقَ منها، عدا ظلّها محفوراً على الحائط وعدا رائحةً تنتشرُ باستمرار في أرجاء المنزل.
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#2
|
||||
|
||||
![]()
>> سيف الرحبي >> منازل
منازل إلى ابي تمام منازلُ كبيرةٌ يرتادُها الفتى منازلُ مبعثرةٌ في قارات ومدنٍ وعلى منعطفات حروبٍ وجبال منازلُ تضيئُها الشموعُ وأخرى تعطسُ فيها الحيتان تمتدُ من قصبة الجزائر حتى القطب الغامض وبلاد الغال. منازلُ تدحرجُ سكّانها في الأحلام وترعى قطعان الماشية في حقولٍ جافة. لا تستوي على الهضبات، إلا حين تضيئها عيونُ الثعالب القادمة من التلال. منازلُ الهاوياتِ المشطورة بأقمارٍ غزيرةٍ. نحن الذين خَبرنا غرفها وغيابها الأكيد لا نستطيعُ الذهاب في الكلام، أبعد من القول: مرّت قوافلُ من هنا أو سالت بطاحٌ، أو نتحدثُ عن معركة الجيرانِ وغزوة الذئاب وذلك الجراد، الذي بدأت طلائعُه مع فجرٍ شتائي ومع غجرٍ عابرين. نحن الذين خبرنا غيابها وأرواح موتاها وحيواناتها مدفوعين بفتنة الأسحارِ، وهي تودّعُ آخر زائريها وسكّانها. في الماضي كانت لنا منازلُ كانت لأجدادنا منازلُهُم تلك التي بنوْها من صوفِ الماعز ومن الطينِ الطين الذي غرقت فيه ثيرانُ القرية لحظة هياج. كانت لنا منازلُ نأتيها في المساء لننام أو (وهذا ما يحدثُ غالباً) نأتيها في الصباحات ونحن نتهاوى من السُكر مستغيثين برحمة الحائط من صخب الليل من مخلوقات العنف العاري ووحشة الطريق التي تسيلُ في أوردتنا ورؤوسنا دماءً وذكريات.
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#3
|
||||
|
||||
![]()
>> سيف الرحبي >> سفر
سفر في هذه البقاع القصيّة هذه البقاع المهجورة حتى من عواء الذئب أسرجُ ضوء الشمعة وأسافر
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#4
|
||||
|
||||
![]()
>> سيف الرحبي >> طائر
طائر طائر كبير كبيرٌ يقفُ على السطح طائرٌ يشبه ممحاة سحابٍ وإذ حدقتُ فيه قليلاً نأى بجناحيه العريضين خلف أفقٍ من ضباب.
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#5
|
||||
|
||||
![]()
>> سيف الرحبي >> حكاية هذا الصباح
حكاية هذا الصباح كان الراعي متكئاً على ذراعه قرب أشجار الغاف. أغنامٌ تثغو وآفاقٌ تنكسر وثمّة رعودٌ في رأسه تقرعُ بوابة الشعاب الشعاب التي شهدت ولادته مع المراعي والضباع. كان الراعي، حفيدُ الأنبياء وآخرُ صولجان السلالة في تلك الأصقاعِ متكئاً على ذراعه، ذاهباً في نومه الأبدي.
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#6
|
||||
|
||||
![]()
>> نزار قباني >> قراءه ثانيه فى مقدمة ابن خلدون
قراءه ثانيه فى مقدمة ابن خلدون وكل ما سمعت عن حروبنا المظفرة وكرّنا.. و فرّنا.. وأرضنا المحررة.. ليس سوى تلفيق.. هذا هو التاريخ, يا صديقتي فنحن منذ أن توفى الرسول سائرون في جنازة.. ونحن, منذ مصرع الحسين, سائرون في جنازة.. ونحن, من يوم تخاصمنا على البلدان.. والنسوان.. والغلمان.. في غرناطة موتى, ولكن ما لهم جنازة !! لا تثقي, بما روى التاريخ, يا صديقتي فنصفه هلوسة.. ونصفه خطابة.
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#7
|
||||
|
||||
![]()
>> نزار قباني >> السمفونيه الجنوبيه الخامسه
السمفونيه الجنوبيه الخامسه سَمَّيتُكَ الجنوب يا لابساً عباءةَ الحسين وشمسَ كربلاء يا شجرَ الوردِ الذي يحترفُ الفداء يا ثورةَ الأرضِ التقت بثورةِ السماء يا جسداً يطلعُ من ترابهِ قمحٌ وأنبياء *** سميّتُك الجنوب يا قمر الحُزن الذي يطلعُ ليلاً من عيونِ فاطمة يا سفنَ الصيدِ التي تحترفُ المقاومة.. يا كتب الشعر التي تحترف المقاومة.. يا ضفدع النهر الذي يقرأ طولَ الليلِ سورةَ المقاومة *** سميتك الجنوب.. سميتك الشمعَ الذي يضاءُ في الكنائس سميتك الحناء في أصابع العرائس سميتك الشعرَ البطوليَ الذي يحفظه الأطفالُ في المدارس سميتك الأقلامَ والدفاترَ الوردية سميتك الرصاصَ في أزقةِ "النبطية" سميتك النشور والقيامة سميتك الصيفَ الذي تحملهُ في ريشها الحمامة *** سميتك الجنوب سميتك النوارس البيضاء، والزوارق سميتك الأطفالَ يلعبونَ بالزنابق سميتك الرجالَ يسهرونَ حولَ النارِ والبنادق سميتك القصيدةَ الزرقاء سميتك البرقَ الذي بنارهِ تشتعلُ الأشياء سميتك المسدسَ المخبوءَ في ضفائرِ النساء سميتك الموتى الذينَ بعد أن يشيَّعوا.. يأتون للعشاء ويستريحون إلى فراشهم ويطمئنون على أطفالهم وحين يأتي الفجرُ، يرجعون للسماء *** سيذكرُ التاريخُ يوماً قريةً صغيرةً بين قرى الجنوب، تدعى "معركة" قد دافعت بصدرها عن شرفِ الأرض، وعن كرامة العروبة وحولها قبائلٌ جبانةٌ وأمةٌ مفككه *** سميتك الجنوب.. سميتكَ الأجراسَ والأعياد وضحكةَ الشمس على مرايلِ الأولاد يا أيها القديسُ، والشاعرُ والشهيد يا ايها المسكونُ بالجديد يا طلقةَ الرصاص في جبينِ أهلِ الكهف ويا نبيَّ العنف ويا الذي أطلقنا من أسرنا ويا الذي حررنا من خوف *** لم يبقَ إلا أنت تسيرُ فوق الشوكِ والزجاج والإخوة الكرام نائمون فوقَ البيضِ كالدجاج وفي زمانِ الحربِ، يهربون كالدجاج يا سيدي الجنوب: في مدنِ الملحِ التي يسكنها الطاعونُ والغبار في مدنِ الموتِ التي تخافُ أن تزورها الأمطار لم يبق إلا أنت.. تزرع في حياتنا النخيلَ، والأعنابَ والأقمار لم يبقَ إلا أنت.. إلا أنت.. إلا أنت فافتح لنا بوابةَ النهار
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#8
|
||||
|
||||
![]()
>> سوريا >> نزار قباني >> لا اعترف
لا اعترف الى متى اعتكف؟ عنها ..ولا اعترف اضلل الناس ولونى باهت منخطف وجبهتى مثلوجة ومفصلى مرتجف ,أيجحد الصدر الذى ينبع منه الصدف وهذه الغمازه الصغرى وهذا الترف تقول لى:قل لى.. فأرتد ولا اعترف وأرسم الكلمه فى الظن فيأبى الصلف. وأذبح الحرف على ثغرى فلا ينحرف ياسرها ..ماذا يهم الناس لو هم عرفوا.. لا..لن اروى كلمة عنها ..فحبى شرف لو تمنعون النور عن عينى..لا اعترف
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#9
|
||||
|
||||
![]()
سوريا >> نزار قباني >> الشجرة
الشجرة كونى.. كونى امرأة خطرة.. كى اتأكد -حين اضمك انك لست بقايا شجرة.. احكى شيئاً.. قولى شيئاً.. غنى.ابكى.عيشى.موتى. كى لايروى يوماً عنى ان حبيبة قلبى ..شجرة.. كونى السم..وكونى الافعى كونى السحر..وكونى السحرة لفى حولى.. لفى حولى.. كى اتحسس دفء الجلد,وعطر البشرة.. كى اتأكد -ياسيدتى- ان فروعك ليست خشباً.. ان جذورك ليست حطباً.. سيلى عرقاًً.. موتى غرقاً.. كى لايروى يوماً عنى انى كنت اغازل شجرة.. كونى فرساً.ياسيدتى كونى سيفاً يقطع.. كونى قبراً.. كونى حتفاً.. كونى شفة ليست تشبع كونى صيفاً افريقياً.. كونى حقل بهار يلذع.. كونى الوجع الرائع..انى اصبح رباًً..إذ أتوجع غنى.ابكى.عيشى.موتى كى لايروى يوماً عنى.. انى كنت اعانق شجرة.. كونى امرأة..ياسيدتى.. تطحن فى نهديها الشهبا كونى رعداً كونى برقاً كونى رفضاً كونى غضباً خلى شعرك يسقط فوقى.. ذهباً..ذهباً خلى جسمك فوق فراشى يكتب شعراً.. يكتب ادبا.. خلى نهدك فوق سريرى يحفر قبره كونى بشراً ياسيدتى.. كونى الارض, وكونى الثمرة.. كى لايروى يوماً عنى .. انى كنت اضاجع.. شجرة..
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#10
|
||||
|
||||
![]()
>> نزار قباني >> عزفٌ منفردٌ على الطبلة
عزفٌ منفردٌ على الطبلة 1 الحاكمُ يَضْرِبُ بالطَبْلَهْ وجميعُ وزارت الإعلام تَدُقُّ على ذاتِ الطبلَهْ وجميعُ وكالاتِ الأنباء تُضَخِّمُ إيقاعَ الطَبْلَهْ والصحفُ الكُبْرى.. والصُغْرَى تعمل أيضاً راقصةً في ملهى تملكهُ الدولَهْ!. لا يُوجَدُ صَوْتٌ في المُوسيقى أردأُ من صَوْت الدولَهْ!!. مثلَ السَرْدينِ.. ومثلَ الشاي.. ومثل حُبُوب الحَمْلِ.. ومثلَ حُبُوب الضَغْطِ.. ومثلَ غيار السيّاراتْ الكّذِبُ الرسميُّ يُبثُّ على كُلِّ الموجاتْ.. وكلامُ السلطة برَّاقٌ جداً.. كثيابِ الرقَّاصاتْ... لا أحدٌ ينجُو من وصْفَات الحُكْمِ ، وأدويةِ السُلْطَهْ.. فثلاثُ ملاعقَ قَبْلَ الأكلْ وثلاثُ ملاعقَ قَبْلَ صلاة الظُهْرْ وثلاثُ ملاعقَ بَعْدَ صلاةِ العصرْ وثلاثُ ملاعقَ.. قَبْلَ مراسيم التشييع ، وقبل دُخُول القبرْ.. هل ثمّةَ قَهْرٌ في التاريخ كهذا القهرْ ؟ الطَبْلةُ تخترقُ الأعصابَ، فيا ربّي : ألْهِمْنَا الصبرْ.. 3 وتُجيدُ النَصْبَ.. تجيد الكَسْرَ.. تجيدُ الجرَّ.. لا يوجدُ شعرٌ أردأُ من شِعْرِ الدولَهْ لا يوجدُ كَذِبٌ أذكى من كَذِبِ الدولَهْ.. صُحُفٌ. أخبارٌ. تعليقاتْ خُوَذٌ لامعةٌ تحت الشمسِ، نجومٌ تبرق في الأكتافِ، بنادقُ كاذبةُ الطَلَقَاتْ.. وطنٌ مشنوقٌ فوق حبال الأنتيناتْ وطنٌ لا يعرفُ من تقنية الحرب سوى الكلماتْ وطنٌ ما زالَ يذيعُ نشيدَ النَصْر على الأمواتْ.. 4 الدولةُ منذ بداية هذا القرن تعيدُ تقاسيمَ الطبلَهْ "الشُورى – بين الناس – أساسُ الملكْ" "الشعبُ – كما نصَّ الدستورُ – أساسُ الملكْ" لا أَحَدٌ يرقُصُ بالكلمات سوى الدولَهْ.. لا أحدٌ يَزْني بالكلماتِ، سوى الدولَهْ!! "القَمْعُ أساسُ الملكْ" "شَنْقُ الإنسان أساسُ الملكْ" "حكمُ البوليس أساسُ الملكْ" "تجديدُ البَيْعَة للحكَّام أساسُ الملكْ" "وضْعُ الكلمات على الخَازُوقِ أساسُ الملكْ..." والسلطةُ تعرض فِتْنَتَها وحُلاها في سوق الجملَهْ.. لا يوجد عُرْيٌ أقبحُ من عري الدولَهْ... 5 طَبْلَه.. طَبْلَه.. وطنٌ عربي تجمعُهُ من يوم ولادته طبلَهْ.. وتفرَقُ بين قبائله طبلَهْ.. وأهلُ الذِكْر، وقاضي البلدة.. يرتعشونَ على وَقْع الطَبْلَهْ.. الطَرَبُ الرسميُّ يجيء كساعاتِ الغفلَهْ من كلِّ مكانْ.. سعرُ البرميلِ الواحدِ أغلى من سعر الإنسانْ الطربُ الرسميُّ يعادُ كأغنية الشيطانْ وعلينَا أن نهتزّ إذا غنَّى السلطانْ ونصيحَ – أمامَ رجال الشرطة – آهْ.. آهٍ .. يا آهْ.. آهٍ .. يا آهْ .. فَرَحٌ مفروضٌ بالإكراهْ موتٌ مفروضٌ بالإكراهْ آهٍ .. يا آهْ.. هل صار غناءُ الحاكم قُدْسيّاً ؟؟. فَرَحٌ مفروضٌ بالإكراهْ موتٌ مفروضٌ بالإكراهْ آهٍ .. يا آهْ.. هل صار غناءُ الحاكم قُدْسيّاً كغناء اللهْ ؟؟. طَرَبٌ مفروضٌ بالإكراهْ فَرَحٌ مفروضٌ بالإكراهْ موتٌ مفروضٌ بالإكراهْ آهٍ .. يا آهْ.. هل صار غناءُ الحاكم قُدْسيّاً كغناء اللهْ ؟؟.
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#11
|
||||
|
||||
![]()
>> نزار قباني >> وداعاً يا صديق العمر
وداعاً يا صديق العمر اليوميات - - - (36) وداعاً .. أيها الدفترْ وداعاً يا صديق العمر، يا مصباحيَ الأخضرْ ويا صدراً بكيتُ عليه، أعواماً، ولم يضجَرْ . ويا رفْضي .. ويا سُخطي .. ويا رعْدي .. ويا برقي .. ويا ألماً تحولَ في يدي خِنْجَرْ .. تركتكَ في أمانِ الله ، يا جُرحي الذي أزهرْ فإن سرقوكَ من دُرْجي وفضُّوا خَتْمَكَ الأحْمَرْ فلن يجدوا سوى امرأةٍ مبعثرةٍ على دفترْ ....
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#12
|
||||
|
||||
![]()
نزار قباني >> مدينتنا
مدينتنا اليوميات - - - (28) مدينتنا .. تظل أثيرةً عندي. برغم جميع ما فيها.. أحبُّ نداء باعتِها أزقَّتها أغانيها مآذنها .. كنائسها سُكاراها .. مُصلِّيها .. تسامحها ، تعصّبها عبادتها لماضيها .. مدينتنا – بحمد الله – راضيةٌ بما فيها.. ومَنْ فيها .. بآلافٍ من الأموات تعلكهم مقاهيها .. لقد صاروا ، مع الأيامِ ، جزءاً من كراسيها .. صراصيرٌ محنَّطةٌ خيوطُ الشمس تُعميها مدينتنا .. وراءَ النّرْدِ ، مُنفقةٌ لياليها وراء جريدة كسلى وعابرة تُعريها .. فلا الأحداثُ تنفضُها ولا التاريخُ يعنيها .. مدينتنا .. بلا حبّ يرطب وجهها الكلسيَّ .. أو يروي صحاريها مدينتنا بلا امرأةٍ .. تذيبُ صقيعَ عزلتها وتمنحها معانيها ..
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#13
|
||||
|
||||
![]()
سوريا >> نزار قباني >> حزب الحزن
حزب الحزن إذا كان الوطنُ منفيّاً مِثْلي.. ويفكّر بشَراشِفِ أُمّهِ البيضاء مِثْلي.. وبقطّةِ البيت السوداء، مِثْلي.. إذا كان الوطنُ ممنوعاً من ارتكاب الكتابة مثلي.. وارتكاب الثقافة مِثْلي.. فلماذا لا يدخُلُ إلى المِصَحَّة التي نحنُ فيها؟ لماذا لا يكونُ عضواً في حزب الحزنْ الذي يضمُّ مئةَ مليون عربي؟؟؟ ....................مثلي
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#14
|
||||
|
||||
![]() سوريا >> نزار قباني >> من معادلات الحرية
من معادلات الحرية لو أنَّ كلَّ عصفورٍ بحاجةٍ إلى تصريحٍ من وزير الداخليَّهْ.. ليطيرْ.. ولو أنَّ كلَّ سمكةٍ بحاجة إلى تأْشِيرَةِ خروجْ لتسافرْ.. لانقرضتِ الأسْمَاكُ والعَصَافيرْ...
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
#15
|
||||
|
||||
![]()
سوريا >> نزار قباني >> درسٌ في الرسم
درسٌ في الرسم 1 يَضَعُ إبني ألوانه أَمامي ويطلُبُ مني أن أرسمَ لهُ عُصْفُوراً.. أغطُّ الفرشاةَ باللون الرماديّْ وأرسُمُ له مربَّعاً عليه قِفْلٌ.. وقُضْبَانْ يقولُ لي إبني، والدَهْشَةُ تملأ عينيْه: ".. ولكنَّ هذا سِجْنٌ.. ألا تعرفُ ، يا أبي ، كيف ترسُمُ عُصْفُوراً؟؟" أقول له: يا وَلَدي.. لا تُؤاخذني فقد نسيتُ شكلَ العصافيرْ... 2 يَضَعُ إبني عُلْبَةَ أقلامِهِ أمامي ويطلُبُ منّي أن أرسمَ له بَحْراً.. آخُذُ قَلَمَ الرصاصْ، وأرسُمُ له دائرةً سَوْدَاءْ.. يقولُ لي إبني: "ولكنَّ هذه دائرةٌ سوداءُ، يا أبي.. ألا تعرفُ أن ترسمَ بحراً؟ ثم ألا تعرفُ أن لونَ البحر أزْرَقْ؟.." أقولُ له: يا وَلَدي. كنتُ في زماني شاطراً في رَسْم البِحارْ أما اليومَ.. فقد أخذُوا مني الصُنَّارةَ وقاربَ الصيد.. وَمَنَعُوني من الحوار مع اللون الأزرقْ.. واصطيادِ سَمَكِ الحرّية. 3 يَضَعُ إبني كرّاسَةَ الرَسْم أمامي.. ويطلبُ منّي أن أرسُمَ له سُنبُلَة قَمحْ. أُمْسِكُ القلم.. وأرسُمُ له مسدَّساً.. يسخرُ إبني من جهلي في فنّ الرسمْ ويقولُ مستغرباً: ألا تعرف يا أبي الفرقَ بين السُنْبُلَةِ .. والمُسدَّسْ؟ أقولُ يا وَلَدي.. كنتُ أعرف في الماضي شكْل السنبلَهْ وشَكْلَ الرغيفْ وشَكْلَ الوردَهْ.. أما في هذا الزمن المعدنيّ الذي انضمَّت فيه أشجارُ الغابة إلى رجال الميليشْيَاتْ وأصبحت فيه الوردةُ تلبس الملابسَ المُرقَّطَهْ.. في زمن السنابلِ المسلَّحهْ والعصافيرِ المسلَّحهْ والديانةِ المسلّحهْ.. فلا رغيفَ أشتريه.. إلا وأجدُ في داخله مسدَّساً ولا وردةً أقطفُها من الحقل إلا وترفع سلاحَها في وجهي ولا كتابَ أشتريه من المكتبهْ إلا وينفجر بين أصابعي... 4 يجلسُ إبني على طرف سريري ويطلُبُ مني أن أسمعَهُ قصيدَهْ تسْقُطُ مني دمعةٌ على الوسادَهْ فيلتقطها مذهولاً.. ويقول: " ولكنَّ هذه دمعةٌ ، يا أبي ، وليست قصيدَهْ". أقولُ له: عندما تكبُرُ يا وَلَدي.. وتقرأُ ديوانَ الشعر العربيّْ سوفَ تعرفُ أن الكلمةَ والدمعةَ شقيقتانْ وأن القصيدةَ العربيّهْ.. ليستْ سوى دمعةٍ تخرجُ من بين الأصابعْ.. 5 يضعُ إبني أقلامَهُ ، وعلبةَ ألوانه أمامي ويطلب منّي أن أرسمَ له وَطَناً.. تهتزُّ الفرْشَاةُ في يدي.. وأَسْقُطُ باكياً...
__________________
(الحمد لله رب العالمين)
|
العلامات المرجعية |
|
|