اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-01-2011, 06:35 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

لحد دلوقتى مفيش جديد..........
على العموم هانزل شوية حاجات على ما حاجة تظهر
__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #2  
قديم 26-01-2011, 06:48 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

فن التامل

بسم الله الرحمن الرحيم











هل تفكرت يوماً في حقيقة وجودك، كيف حملتكأمك ثم ولدتك، فجئت الى هذا العالم ولم تكن من قبل شيئاً؟
هل تأملت يوماً كيف تنبت تلك الأزهارالمزروعة في أحواض غرفة الجلوس من قلب تراب أسود فاحم موحل بألوان زاهية وشذىًعطر؟
هل شغلك انزعاجك من طيران البعوض حولك عنالتفكر كيف انها تحرك أجنحتها بسرعة فائقة تجعلك غير قادر على رؤيتها؟
هل تفكّرت يوماً بأن قشور الفاكهة المهملة هيفي حقيقتها أغلفة حافظة عالية الجودة، وبأن هذه الفاكهة - كالموز والبطيخ والبرتقالمثلاً- موضبة في داخلها بطريقة تحفظ طعمها وشذاها؟
هل تدبّرت يوماً كيف يمضي العمر حثيثاً،فتذكرت أنك سوف تشيخ وتصبح ضعيفاً وتفقد جمالك وصحتك وقوتك؟
هل فكرت في ذلك اليوم الذي سوف يرسل الله فيهملائكة الموت لترحل معهم عن هذا العالم؟
هل تساءلت يوماً لماذا يتعلق الناس بدنيافانية فيما هم بحاجة ماسة الى المجاهدة من أجل الفوز بالآخرة؟
ان الانسان هو المخلوق الذي أنعم الله عليهبملكة التفكير، ومع ذلك فإن معظم الناس لا يستخدمون هذه الملكة المهمة كما يجب، حتىأن بعض الناس يكاد لا يتفكر أبداً!..
في الحقيقة كل انسان يمتلك قدرة على التفكرهو نفسه ليس على دراية بمداها، وما ان يبدأ الانسان باستكشاف قدرته هذه واستخدامها،حتى يتبدى له الكثير من الحقائق التي لم يستطع أن يسبر أغوارها من قبل. وهذا الأمرفي متناول أي شخص، وكلما استغرق الانسان في تأمل الحقائق، كلما تعززت قدرته علىالتفكر. ولا يحتاج الانسان في حياته سوى هذا التفكر الملي والمجاهدة الدؤوبة منبعده..
إن الهدف من هذا الكتاب هو دعوة الناس الى" التفكير كما ينبغي"، وإبراز الوسائل التي تساعدهم على ذلك. فالانسان الذي لا يتفكريبقى بعيداً كليّاً عن إدراك الحقائق ويعيش حياةً قوامها الإثم وخداع الذات،وبالتالي فإنه لن يتوصل الى مراد الله من خلق الكون، ولن يدرك سبب وجوده علىالأرض.. فالله سبحانه وتعالى خلق كل شيء لسبب، وهذه حقيقة ذكرها عز وجل في القرآنالكريم بقوله: ?وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين. ما خلقناهما الابالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون? الدخان: ]38-39[. وقوله:?أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاًوأنكم الينا لا ترجعون?] المؤمنون: 115[
اذاً على كل انسان أن يتفكر في الغاية منخلقه لأن ذلك له علاقة مباشرة به أولاً، وبكل ما يراه حوله في الكون وكل ما يعرض لهفي حياته تالياً. ان الانسان الذي لا يتفكر، لا يدرك الحقائق الا بعد الموت حين يقفبين يدي ربه ليلقى حسابه، وحينها يكون الأوان قد فات. والله تعالى يذكر في محكمكتابه إن كل الناس سوف يتفكرون عندما يعاينون الحقيقة في يوم الحساب ?وجيء يومئذبجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنّى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي? ]الفجر: 23-24 [
لقد أعطانا الله جلّ وعلا الفرصة للتفكرواستخلاص العبر ورؤية الحقائق في هذه الحياة الدنيا لنفوز فوزاً عظيماً في الآخرة،فأنزل الكتب السماوية، وأرسل الرسل داعياً الناس عبرهم للتفكر في أنفسهم وفي خلقالكون من حولهم.?أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهماإلا بالحق وأجل مسمى، وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون? الروم:8
الفصل الأول
معظم الناس يظن أن "التفكر العميق" يقتضي منالانسان أن يعتزل المجتمع ويقطع علاقاته بالناس ثم ينسحب الى غرفة خالية ويضع رأسهبين يديه و... إنهم يصنعون من التفكر العميق قضية صعبة جداً، تجعلهم يخلصون الىالقول بأن الأمر سمة خاصة بالفلاسفة فقط.. مع أن القضية أبسط من ذلك بكثير، فكماذكرنا في المقدمة فإن الله تعالى يدعو جميع عباده ليتفكروا ويتدبروا خاصة في آياتالقرآن الكريم الذي أنزله الله لهذا الغرض. يقول جل وعلا:? كتاب أنزلناه اليك مباركليدّبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب? ]ص:29 [، ويمتدح الله تعالى عباده الذينيقودهم تدبّرهم وتفكّرهم الى إدراك الحقيقة وبالتالي الى مخافته سبحانه. فالمهم فيالأمر كله اذاً أن يستطيع الانسان تطوير ملكة التفكر عنده وتعميقها أكثر فأكثر.
ان الانسان الذي لا يبذل جهده في التفكروالتدبر والتذكر يعيش في حالة دائمة من الغفلة، وحالة الغفلة التي يعيشها أولئكالذين لا يتفكرون، بما توحيه كلمة الغفلة من التجاهل مع عدم النسيان والانغماس فيالشهوات والوقوع في الاثم والاستخفاف والاهمال، هي نتيجة من نتائج تجاهلهم وتناسيهمللغاية من خلقهم ولكل الحقائق التي يعلمهم اياها الدين، وهذا الأمر عظيم وخطيرومؤداه في النهاية الى نار جهنم؛ لذلك حذرنا القرآن الكريم أن نكون من الغافلين،فقال تعالى:?واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصالولا تكن من الغافلين?] الأعراف:205 [وقال:?وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم فيغفلة وهم لا يؤمنون? ]مريم:39 [.
ويبين الله تعالى زيغ الذين يتبعون ما ألفواعليه آباءهم اتباعاً أعمى دون أن يفكروا بما يحمله التقليد من ضلال، ولو نوقشوا فيأمرهم لأجابوا فوراً بأنهم مؤمنون بالله ملتزمون بتعاليمه، لكن بما انهم لم يعقلوافيتفكروا ويتدبروا ويتّعظوا فإن ايمانهم هذا لم يؤدّ بهم الى الصلاح وبالتالي الىمخافة الله الحقة.ان عقلية هؤلاء البشر تظهر بوضوح من خلال الآيات التالية:?قل لمنالأرض ومن فيها ان كنتم تعلمون. سيقولون لله قل أفلا تذكرون. قل من رب السمواتالسبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون . قل من بيده ملكوت كل شيء وهويجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون. سيقولون لله قل فأنّى تسحرون? ]المؤمنون: 84-90[
في الآيات السابقة يسائل اللهتعالى الناس?قل فأنّى تسحرون? تسحرون في الآية الكريمة تعني حالة من الجمود العقليتسيطر بشكل كامل على بعض الناس، فيغشى بصر من يصاب بها ويتصرف وكأنه لا يرى الحقائقأمام عينيه، وتضعف قدرته على التمييز والحكم على الأمور، ويصبح عير قادر على ادراكالحقائق المبسطة، كما يغفل عن ما يدور حوله من أمور غير اعتيادية وتخفى عنه دقائقالأحداث. هذا الجمود العقلي هو الذي أدى الى أن يعيش البشر منذ آلاف السنين حياةالغفلة بعيدين كلياً عن التفكر والتدبر والاعتبار. ويمكن لهذا المثال الذي سنذكرهالآن أن يوضح لنا تأثير هذا السحر الذي حل بشكل جماعي على الأمم:
كلنا يعرف أن هناك طبقة أرضيةتسمى "الصهارة" تحتوي مواد مذابة على درجة عالية جداً من الغليان تكمن مباشرة تحتالقشرة الأرضية؛ وبما أن القشرة الأرضية رقيقة جداً ويمكن مقارنة سماكتها بالنسبةالى الكرة الأرضية ككل بسماكة قشرة التفاحة بالنسبة الى التفاحة كلها، فإننا قريبونجداً من الانفجار الذي قد يحدث لهذه الطبقة، فهو تقريباً تحت أقدامنا، ومع ذلكفمعظم الناس لا يتدبرون هذا الأمر، تماماً كما ان أهلهم وإخوانهم وأقاربهموأصدقاءهم، وجميع وسائل الاعلام ومنتجي البرامج التلفزيونية، وأساتذة الجامعات، لايتنبهون الى هذا الأمر. ولكن لو افترضنا أن شخصاً مصاباً بفقدان الذاكرة الكلي،يحاول إعادة بناء ذاكرته والاستعلام عن محيطه عبر طرح الاسئلة على الناس من حوله،فمن المفترض أن أول سؤال سوف يتبادر الى ذهنه، أين أنا؟ ماذا لو قيل له انه يقف علىعالم من النار الملتهبة، وأن هذا اللهب يمكن أن يتفجر على سطح الأرض فيما لو حدثتأية هزة أرضية أو ثورة بركانية.
ولو افترضنا أن نفس الشخص أخبربأن هذا العالم الذي يعيش فيه مجرد كوكب يسبح في فجوة مظلمة مترامية الأطراف تسمىالفضاء، وهذا الفضاء يختزن هو الآخر طبقة ملتهبة أعظم خطراً من تلك الكامنة تحت سطحالأرض، تتحرك فيها -على سبيل المثال- آلاف الأطنان من النيازك الحارقة بحرية تامةوليس هناك ما يمنعها أن تحيد عن مسارها وتصطدم بالأرض، بتأثير جاذبي من كوكب آخر -مثلاً- أو لأي سبب آخر.
إزاء كل هذه الحقائق لن يستطيعهذا الشخص أن ينسى خطورة الوضع الذي يعيش فيه، ولسوف يبدأ بالتساؤل: كيف يمكن للناسأن يعيشوا في هذا المحيط، مع كل ما يكتنفه من مخاطر، ويتمسكوا به ويعضّواعليهبالنواجذ؟! لكنه سوف يدرك فيما بعد ان هناك نظاماً متكاملاً قد أخذ حيّزه منالوجود. فرغم الخطر الكامن داخل الكوكب الذي يعيش فيه، هناك توازن دقيق يمنع هذاالخطر من إلحاق الضرر بالناس، إلا في ظروف استثنائية، وهذا الادراك سيجعله يفهم أنالارض ومن عليها من مخلوقات انما تستمد وجودها وتعيش بأمان بإرادة الله تعالى وحدهالذي أوجد هذا النظام المتكامل للحياة.
هذا واحد من ملايين، بل بلايين،الامثلة التي يجب أن يتفكر فيها البشر. ولعل إعطاء مثال آخر يساعدنا على أن ندرك كمتؤثر الغفلة على قدرة الناس على التفكر وتحد من قدراتهم العقلية.
يعلم الناس أن الحياة الدنيافانية وأن العمر يمضي حثيثاُ ومع ذلك فإنهم يتصرفون وكأنهم لن يبارحوا هذا العالموأنهم مخلدون. وهذا في الحقيقة نوع من السحر تعاقبت على حمله الأجيال، وله تأثيربالغ عليهم لدرجة أنه عندما يتحدث شخص ما عن الموت فإن الناس يقفلون الموضوع مباشرةلأنهم يخافون أن يبطل هذا الحديث السحر عنهم ويضعهم في مواجهة الحقائق.
أولئك الناس الذين بددوا حياتهمكلها في شراء سيارة ومنزل جميل وآخر لقضاء العطلة الصيفية والبحث عن مدارس ذاتمستوى ليرسلوا أبناءهم اليها، تناسوا أنهم سوف يموتون في يوم من الأيام ويخلّفواوراءهم البيوت والسيارات والأولاد، وتركوا التفكير بما يجب أن يقدموا للحياةالحقيقية بعد الموت. ان الموت قادم لا محالة، وكل الناس سوف يموتون حتماً عاجلاً أمآجلا ، واحداً تلو الآخر، سواء صدقوا ذلك أم لا، وبعد ذلك تبدأ الحياة الأبدية لكلمنا، إما الى الجنة أو الى النار، فالأمر يعتمد على ما أسلف الانسان في هذه الحياةالقصيرة. ومع أن هذه الحقائق واضحة كعين الشمس، فإن السبب الوحيد الذي يجعل الناسيتعاملون مع الموت وكأنه غير موجود، هو ذلك السحر الذي سيطر عليهم لأنهم أعرضوا عنالتفكر.
ان الذين لا يؤدي بهم التفكر الىإنقاذ أنفسهم من هذا السحر وبالتالي من حياة الغفلة سوف يفهمون الحقائق عندمايرونها رأي العين بعد الموت، قال تعالى:? لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءكفبصرك اليوم حديد? ]ق:22[
فكما يقول الله تعالى في الآيةالكريمة فإن البصر الذي تكتنفه الغشاوة في الحياة الدنيا بسبب عدم التفكر، ولكنهسيكون حاداً عندما يحاسب الانسان في الآخرة بعد الموت.
وجدير بالذكر في هذا المقام أنالناس هم الذين يفرضون على أنفسهم هذا النوع من السحر بملء إرادتهم لأنهم يظنونانهم بهذه الطريقة سوف يعيشون حياة رغد واسترخاء. لكن من السهل جداً اتخاذقرارالتخلص من الجمود العقلي وعيش الحياة بوعي وإدراك، فلقد قدم الله تعالى الحلولللناس، فالذين يتفكرون يستطيعون بكل سهولة أن يبطلوا عن أنفسهم هذا السحر فيما همعلى قيد الحياة، ويفهموا كل ما يدور حولهم من الأحداث والغاية منها ودقائق معانيها،والحكمة مما يقضيه الله من أمور في كل لحظة.
ان التفكر والتدبر لا يستدعيانمكاناً أو زماناً أو شروطاً محددة، فاانسان يمكن أن يتفكر ويتدبر خلال المشي فيالشارع، عند توجهه الى مكتبه، خلال قيادته لسيارته، أو خلال عمله أمام شاشةالكومبيوتر، أو خلال جلسات السمر مع أصدقائه، وربما خلال مشاهدة التلفزيون أو حتىخلال تناول الطعام.
فخلال قيادة السيارة مثلاً يمكنيمكن رؤية مئات الأشخاص في الشوارع، وعندما ينظر الانسان الى هؤلاء الأشخاص يمكنهأن يتفكر في أمور شتى، فلربما انصرف ذهنه الى الاختلاف الكامل في المظهر بين هؤلاءالناس، فليس هناك واحد منهم يشبه الآخر! كم هو مذهل هذا الاختلاف في المظهر بينالناس الذين لديهم نفس الأعضاء من العيون الى الحواجب الى الرموش والأكف والأياديوالأرجل والأفواه والأنوف.. ولو استغرق الانسان في التفكير أكثر لتذكر أن الله قدخلق الالوف من البشر عبر بلايين السنين وكل واحد منهم مختلف عن الآخر، وما ذلك الادليل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى. والذي يراقب كل هؤلاء الناس يحثّون الخطى؛تتجاذبه أفكار شتى، فللوهلة الأولى يبدو أن كل واحد من هؤلاء هو نسيجوحده، لهعالمه الخاص وأمنياته ومشاريعه وذوقه وأسلوبه في العيش، وأمور تفرحه وأخرى تحزنه.. ولكن هذه الخلافات بين البشر ليست أساسية، فبشكل عام كل انسان يولد ويكبر ويتعلم ثميتزوج وينجب الأولاد ويزوجهم فيصبح جدّاً أو جدة ثم يتوفى في النهاية.. من هذهالناحية ليس هناك اختلاف كبيرفي حياة الناس، سواء كانوا يعيشون في حي في استانبولأو في مدينة في المكسيك، فإن ذلك لن يغير شيئاً ، فكل هؤلاء الناس سوف يموتون وربمابعد قرن من الزمان لن يبقى منهم أحد على قيد الحياة. ومن يدرك هذه الحقائق لا بد أنيسأل نفسه: بما أننا في يوم من الأيام سوف نموت جميعاً لماذا يتصرف الناس وكأننا لننبارح هذا العالم؟ ولماذا يتصرف من أدرك حتمية موته وكأن هذه الحياة الدنيا لنتنتهي في حين يجدر به أن يجاهد من أجل الفوز بالآخرة؟!
وفي حين أن غالبية الناس لاتتفكر بهذه الأمور فإن من توصل الى التفكر بها سيخلص الى نتائج حاسمة. فلو سئل معظمالناس بشكل مفاجىء: بماذا تفكرون في هذه اللحظة؟ سوف يظهر بوضوح انهم يفكرون بأمورليست ذات بال ولا تعود عليهم بالنفع. وعلى كل حال، فإن كل انسان يمكن أن يتفكربحكمة في أمور مهمة وذات قيمة ومعنى ويتدبرها ويخلص الى نتائج من وراء ذلك. ويعلمناالقرآن الكريم أن من صفات المؤمنين أنهم يتفكرون ويتدبرون ليخلصوا الى النتائج التيتعود بالنفع عليهم.?إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأوليالألباب، الذي يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السمواتوالأرض ربنا م اخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار? آل عمران: 190-191 فكماتخبرنا الآيتان الكريمتان فإن تفكر المؤمنين مكّنهم من رؤية جانب الإعجاز في الخلقوتمجيد حكمة الله وعلمه وقدرته.
من أجل أن يعود التفكر بالنفععلى الانسان ويهديه الى جادة الحق، يجب عليه أن يفكر دائماً بطريقة إيجابية. هناكفرق كبير بين من ينظر الى شخص حباه الله بحسن الهيئة من منظار عقدة النقص الناشئةعن عدم التكافؤ في المظهر الخارجي بينهما، فيشعر بالغيرة ويؤدي به تفكره الى ما لايرضي الله، وبين من يسعى الى مرضاة الله فينظر الى هذا الشخص على أنه جمال من خلقالله، ويعتبر حسن هيئته برهاناً على كمال الله في خلقه، فيشعر بسعادة غامرة ويدعوالله أن يزيد هذا الانسان جمالاً في الآخرة، كما يدعو لنفسه أن يرزقه الله الجمالالأبدي في دار الخلود، ويفهم أن الانسان لا يمكن أن يكون كاملاً في الحياة الدنيا،لأن حياتنا هذه خلقت غير كاملة كجزء من ابتلائنا فيها، وبذلك كله يزيد توقه وتطلعهالى الفوز بالجنة. وهذا كله مثال واحد على الإخلاص في التفكر، ولسوف يعرض للإنسانالكثير من الأمثلة المشابهة في حياته، خاصة وأنه في امتحان دائم ليرى ان كان سيسلكسلوكاً حسناً ويفكر بأسلوب يرضي الله.
إن نجاح الانسان في امتحانالتفكر، وكون التفكر سيعود عليه بالنفع في الآخرة يعتمد على التدبر والاعتبار منالدروس والتحذيرات التي يستخلصها أثناء تفكره، ولذلك فإن من الضرورة بمكان أن يتفكرالانسان بصدق دائماً. قال تعالى:?هو الذي يريكم آياته وينزّل من السماء رزقاً ومايتذكر إلا من ينيب? ]غافر:13[.
الفصل الثاني
ذكرنا سابقاً أن الناس لايتفكّرون ولا يطوّرون قدرتهم على التفكر، وبالإضافة الى ذلك يجب توضيح نقطة هامة. بالطبع هناك أسياء كثيرة تخطر على بال الانسان في كل لحظة من لحظات حياته، فبالكادتمر دقيقة يكون عقل الانسان فبها خالياً، باستثناء ساعات النوم. لكن معظم هذهالأفكار عديم الفائدة ولا طائل تحته وغير ضروري؛ فهي لا تنفع في الآخرة ولا تؤديالى أي مكان ولا تقدم أية منفعة.
فإذا حاول الانسان أن يتذكربماذا فكر خلال النهار ثم سجّله ليراجعه في آخر النهار سيدرك كم أن معظم أفكاره لاجدوى لها، وحتى لو وجد بعضها نافعاً فمن الأرجح أن يكون مخطئاً في تقديره. فبشكلعام الأفكار التي تبدو صحيحة قد لا يكون لها أي نفع في الآخرة.
وتماماً كما يضيّع الناس أوقاتهمفي حياتهم اليومية بمعالجة أمور تافهة، فإنهم كذلك يمضون يومهم في اللغو منجرفين فيأفكار غير ذات جدوى. وفي قوله تعالى:?قد أفلح المؤمنون.. والذين هم عن اللغومعرضون? ]المؤمنون:3[ ينصح الله تعالى الناس أن يكونوا أقوياء العزيمة في اعراضهمهذا. وبالتأكيد فإن أمر الله هذا يصح أيضاً على أفكار الناس. هذا لأننا إذا لمنسيطر على أفكارنا بوعي فإنها سوف تظل تنساب في عقولنا بشكل متواصل، فيقفز الإنساندون وعي من فكرة إلى أخرى. فمثلاً، خلال التفكير بالأشياء التي سوف يتسوّقها فيطريقه إلى البيت يجد نفسه فجأة يفكّر بأشياء أخبره بها صديق قبل سنة أو سنتين: هذهالأفكار غير المضبوطة وغير النافعة قد تستمر دون اعتراض خلال النهار كله.
الا أن السيطرة على التفكيرممكنة. فكل منا يمتلك القدرة على التفكير بأشياء تفيده وتفيد إيمانه، وعقله، وتحسّنكياسته وإحاطته بالأمور.
وفي هذا الفصل سوف نذكر كل أنواعالأفكار التي يفكّر بها الغافلون بشكل عام. والغاية من ذكر هذه الموضوعات بالتفصيلان يتنبّه الذين يقرأون هذا الكتاب فوراً عندما تمر أشياء مماثلة في أذهانهم - حينيكونون في طريقهم إلى العمل أو المدرسة أو حين يزاولون أعمالهم اليومية - فوراً إلىأنهم يفكّرون بأمور غير مجدية فيسيطروا على أفكارهم ويتفكّروا في أمور تعود عليهمبالنفع حقيقة.
عندما يفشل الإنسان في السيطرةعلى أفكاره وتوجيهها نحو البلوغ به إلى حسن الختام، فإنه قد يشعر بالتخوف من شرورمرتقبة أو يتعامل مع الأحداث التي لم تحصل وكأنها حصلت بالفعل، فيقوده ضلاله إلىالحزن والكرب والخوف والقلق.
فمن عنده شاب يدرس لامتحانجامعي، مثلاً، قد يخترع سيناريوهات لما قد يحصل فيما لو رسب ولده في الامتحان قبلأن تجري الامتحانات: "إذا رسب ابني في الامتحان، فإنه لن يستطيع أن يجد وظيفة جيدةفي المستقبل يكسب منها ما يكفي من المال، ولن يكون قادراً على الزواج، ولو تزوجسيستطيع تحمل مصاريف حفل الزفاف؟.. إذا فشل في الإمتحان فإن كل ما صرف من مال علىالفصول التحضيرية سوف يذهب هباء، وفوق هذا سوف نكون محتقرين في أعين الناس... ماذالو نجح ابن صاحبي ورسب ابني..."
وسوء الفهم هذا سوف يستمرويستمر، مع ان ابن هذا الشخص لم يخضع للامتحان بعد. وخلال حياته كلها لا يمكنللإنسان البعيد عن الدين أن يقاوم مثل هذه المخاوف التي لا ضرورة لها، وهذابالتأكيد له سببه. ففي القرآن ذكر السبب الذي يجعل الناس غير قادرين على التحرر منهذا القلق هو أنهم يعيرون سمعاً لوساوس الشيطان، إذ يقول الشيطان?ولأضلنّهمولأمنينّهم..? ]النساء:119 [ .
وكما يرى في الآية أعلاه فإن منيشغل نفسه بمخاوف لا جدوى منها، وينسى الله تعالى ولا يفكّر بصفاء، يكون دائماًعرضة لوساوس الشيطان. وبكلمات أخرى إذا كان الإنسان مخدوعاً بهذه الحياة الدنيا لايستعمل قوة إرادته ويتصرف بوعي، وإذا سمح لنفسه بالانجراف بمجرى الأحداث فإنه يصبحتحت سيطرة الشيطان بشكل كامل. فإقلاق
ولذلك فإن التشاؤم وسوء الفهموالمخاوف المتحكمة في الذهن مثل "ماذا سأفعل إذا حصل كذا وكذا" سببها وساوسالشيطان.
والله سبحانه وتعالى يعلم الناسالطرق التي تقيهم من هذا الوضع. ففي القرآن ينصح الله الناس باللجوء إليه إذا نزغهممن الشيطان نزغ فيقول:"إن الذين اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هممبصرون. وإخوانهم يمدّونهم في الغيّ ثم لا يقصرون? ]الأعراف 201 - 202[ .
وكما هو مذكور في الآية فإن منيتفكّر يدرك الصواب ومن لا يتفكّر يمضي إلى حيث يجره الشيطان. المهم ان نعرف أن هذهالأفكار لن تنفع الإنسان بل على العكس سوف تمنعه من التفكير بالحقيقة، والتفكربأمور مهمة وبالتالي تطهير ذهنه من الأفكار غير المجدية. فلا يمكن للإنسان انيتفكّر بطريقة صائبة إلا إذا حرر ذهنه من الأفكار التافهة. وبهذه الطريقة "يعرض عناللغو" كما يأمر الله تعالى في القرآن.
الفصل الثالث
هناك عوامل عديدةتمنع الناس منالتفكر، مجموع هذه العوامل أو بعض منها، أو حتى واحد فقط قد يعيق تفكر الإنسانويمنعه من ادراك الحقائق. لذلك يجب عليه أن يحدد العوامل التي تؤثر فيه سلباًليتخلص منها، وإلا فإنه لن يستطيع أن يرى الوجه الحقيقي لهذه الحياة الدنيا، فيخسرخسراناً مبيناً في الآخرة.
والله سبحانه ينبئنا عن حالأولئك الذين تعوّدوا أن يفكروا بسطحية، فيقول تعالى?يعلمون ظاهراً من الحياة الدنياوهم عن الآخرة هم غافلون. أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض ومابينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيراً من الناس بلقاىء ربهم لكافرون? ]الروم: 7-8[.
وفيما يلي بعض العوامل التي تمنعالناس من التفكر:
اعتقاد الناس أن ما تفعلهالأكثرية بينهم هو الصحيح، من أهم الأسباب التي تؤدي الى الضلال. فالإنسان عادةيفضل قبول ما تعلمه من الناس من حوله على البحث عن الحقيقة عبر التفكر، ويرى أنالأشياء التي تبدو غريبة للوهلة الأولى، يعتبرها الناس عادية لدرجة أنهم لا يتنبهوناليها، لذلك فإنه بعد فترة يبدأ بالاعتياد عليها. مثال على ذلك: كثير من الناسحولنا لا يسلّم بأننا سنموت في يوم من الأيام، حتى انهم لا يسمحون لأحد بالتحدث عنهذا الموضوع كي لا يذكرهم بالموت. وعندما ينظر المرء حوله ويرى كيف يتصرف الناسفإنه يقول في نفسه: بما أن هذا حال كل الناس، لن يضيرني أن أتصرف بنفس الطريقة،فيعيش حياته دون أن يتذكر الموت أبداً، ولو أن الناس من حوله خافوا الله وجاهدوا فيسبيل الفوز بالآخرة حق جهاد، لكان في أغلب الظن غيّر تصرفه.
مثال آخر على ذلك: تنقل الصحفوالتلفزيونات يومياً مئات الأخبار عن الكوارث والظلم والاضطهاد وغياب العدالة، وعنالجرائم وحالات الانتحار، كما تغطي حوادث السرقة وتأتي على ذكر أحوال آلاف المعوزينمن البشر؛ ومع ذلك فإن كثيراً من الناس يطوون صفحات الجريدة، ويطفئون جهاز التلفازوهم بشعرون بسكينة داخلية، وبشكل عام فإن الناس لا يتساءلون لماذا هذا الكم الهائلمن تلك الأنباء، وماذا يجب فعله إزاء هذا الواقع؟ وما سبل الوقاية التي يجب اتخاذهالمنع وقوع مثل هذه الأمور؟ وماذا يمكنهم أن يفعلوا إزاء هذه المعضلات؟ بل ان معظمهمينحو باللائمة على غيره متبعاُ مبدأ: "هل يتوقف عليّ إنقاذ العالم؟"
التكاسل الذهنيِ
التكاسل هو العامل الذي يمنعأغلبية الناس عن التفكر، وبسبب التكاسل الذهني يقوم الناس بأعمالهم بالطريقة التيتعوّدوا أن يروها دائماً دون تغيير. ولإعطاء مثال من خضم حيااتنا اليومية، فإن رباتالبيوت ينظفن بيوتهن بنفس الطريقة التي شاهدن والداتهن يقمن بها، وهنّ بشكل عام لايتساءلن كيف يمكن إنجاز الأعمال بشكل أنظف وطريقة عملية أكثر، والأمر نفسه بالنسبةالى الرجال، فلو احتاج شيء ما الى إصلاح فإنهم يصلحونه بنفس الطريقة التي تعلموهامنذ طفولتهم، ومعظمهم يرغب عن تطبيق أسلوب عملي جديد أكثر فاعلية. وأسلوب هذا النوعمن الناس متشابه أيضاً، فالمحاسب مثلاً يتكلم بنفس الطريقة التي تكلم بها محاسب ماقابله في حياته.. والأمر كذلك بالنسبة الى الأطباء والمصرفيين ومندوبي المبيعات.. وغيرهم من الناس الذين تجمعهم طبقة اجتماعية معينة فتكون لهم طريقة معينة في التحدثولا يكلفون أنفسهم عناء التفكير للبحث عن طرق أفضل وأحسن وأصوب، إنما يقلدون ماسمعوه فقط!
كما أن الحلول المبتكرة للمشاكلتعكس كسلهم الذهني. فمثلاً، حارس مبنى ما يعالج مشكلة النفايات فيه تماماً كما كانيفعل من كان قبله، وعمدة مدينة ما يحاول حل مشكلة زحمة المرور عبر مراجعة ما فعلهمن كان قبله. وفي حالات كثيرة عدم التفكير يجعل صاحب المشكلة غير قادر على إيجادحل.
طبعاً الأمثلة المذكورة أعلاه هيأمور يعاني منها الناس في حياتهم اليومية، ولكن هناك قضية أهم من ذلك وأعمق بكثيرلو أخفق الناس في التفكير فيها، فقد يؤدي بهم ذلك الى الخسران الأبدي المبين،والمقصود من هذا الكلام إخفاق المرء في التفكر في الغاية من وجوده في هذه الدنيا،وتجاهله لحقيقة أن الموت لا يمكن تفاديه، وأننا حتماً سنبعث بعد الموت. ففي القرآنيدعونا الله الى التفكر في هذه الحقائق فيقول جلّ وعلا:? أولئك الذين خسروا أنفسهموضلّ عنهم ما كانوا يفترون. لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون. إن الذين آمنواوعملوا الصالحات وأخبتوا الى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون? ]هود: 21-24[ ويقول أيضاً:?أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكّرون? ]النحل:17[.
هناك قناعة سائدة في المجتمعاتأن التفكير العميق مضر! فتجد الناس يحذر بعضهم بعضاًَ بالقول: " لا تفكر كثيراً،والا فقدت صوابك"! وهذه بالطبع ليست الا خرافة ابتدعها من نأوا بجانبهم عن الدين. ليس على الناس ان يتجنبوا التفكير ولكن عليهم أن يتجنبوا السلبية أو الانجراف فيالوسوسة المبالغ فيها وسوء الفهم
ولأن أولئك الذين لا يؤمنونبالله واليوم الآخر يتفكرون دون أن يلزموأ أنفسهم بالخير والصلاح، فيتفكرون، ولكنبطريقة سلبية، فإنهم يخرجون من تأملاتهم بخلاصات لا تعود عليهم بأي نفع. فمثلاً، هميتفكرون في كون الحياة الدنيا مؤقتة، وفي حتمية الموت في يوم من الأيام، ولكن هذاالأمر يثير لديهم الكثير من التشاؤم، بعضهم يتشاءم لأنه يعلم أنه يمضي هذه الحياةالمؤقتة في معصية الله، ويحضر نفسه لنهاية بائسة في الآخرة، وبعضهم الآخر يتشاءملأنه يعتقد أن أثره سيتلاشى كلياً بعد الموت.
أما الشخص الحكيم الذي يؤمنبالله واليوم الآخر فإنه يخرج بنتائج مختلفة تماماً عندما يتدبر في حقيقة هذهالدنيا الفانية.. فقبل كل شيء إدراكه لكون الحياة مؤقته يدفعه الى المجاهدة بشدّةمن أجل حياته الحقيقية الأبدية في الآخرة. وبما أنه يعرف أن هذه الحياة سوف تنتهيعاجلاً أم آجلاً، فإنه لا ينجرف في طلب شهوات ومتاع الحياة الدنيا، بل على العكس منذلك، فإنه يعرض عنها الى أبعد الحدود.. لا شيء في هذه الدنيا الفانية يزعجه فهودائماً راضً عمّا قسمه الله له من نعم وجمال، لأنه يعلّق آماله على الفوز بالحياةالأبدية المرضية. فقد خلق الله تعالى هذه الحياة الدنيا غير كاملة ليبتلي الناس،والمرء الذكي يفكر: إذا كان هذا العالم غير الكامل فيه هذا الكم من الجمال الذييسعد الانسان، فلا بد أن جمال الجنة فاتن الى درجة تفوق الخيال، فتراه يأمل أنيعاين في الدار الآخرة منبع كل جمال يشاهده في هذه الدنيا. وهذه القناعات كلها لاتتأتى لديه إلا عبر التفكر العميق.
ولذلك فمن الخسارة بمكان قلقالانسان من ان يصيبه التشاؤم إذا ما وصل الى الحقيقة ، وبالتالي تفاديه التفكر، لأنالانسان الذي يفكر دائماً بإيجابية، ويعلل النفس بالرجاء بفضل إيمانه بالله، ما منأمر يقوده الى التشاؤم.
يظن معظم الناس أن بإمكانهمالتملص من مختلف المسؤوليات عبر تفادي اللتفكر وتشغيل ذهنهم بقضايا معينة، وهميحسبون أنهم إن فعلوا ذلك فسوف ينجحون بإبعاد أنفسهم عن كثير من الموضوعات. فواحدةمن الطرق التي تخدع الناس تكمن في افتراضهم أن بإمكانهم التهرب من مسؤولياتهم تجاهربهم عبر عدم التفكر، وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل الناس لا يتفكرون بالموتوالبعث من بعده. أذا تفكر المرء أنه سيموت في يوم ما، وتذكر أن هناك حياة أبدية بعدالموت، فإنه بالضرورة سيجاهد بشدة لحياته بعد الموت.. لكن مع ذلك، ترى بعض النفسيخدع نفسه خداعاً عظيماً بافتراضه أنه تخلص من هذه المسؤولية عندما لا يتفكر فيوجود الآخرة، فإذا لم يحرز الإنسان الحقيقة في هذه الحياة الدنيا فإنه سوف يفهمهاعندما يدركه الموت الذي لا مهرب منه ?وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد. ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد? ]ق:19-20[ .
غالبية الناس يقضون حياتهم كلهافي" عجلة"، فعندما يصلون الى سن معينة يتوجب عليهم العمل والاعتناء بأنفسهموبأسرهم. ويسمون ما يفعلونه"كفاحاً من أجل الحياة" ويشكون من عدم وجود وقت لديهمليفعلوا أي شيء إذ عليهم أن يندفعوا في سبيل كفاحهم هذا. وفي غمرة "ضيق الوقت" يصبحالتفكر من الأشياء التي لا يمكنهم تخصيص أي وقت لها. ولذلك فإنهم ينجرفون الى أيمكان يسحبهم اليه تيار الحياة اليومية. وبطريقة العيش هذه يفقدون الاحسلس بالأمورالتي تجري حولهم.
وعلى كل حال لا يجب أن يكون هدفالانسن تبديد الوقت بالاستعجال من مكان الى آخر. فالمهم أن يكون الاناسن قادراً علىرؤية الوجه الحقيقي لهذه الحياة واتخاذ أسلوب للعيش وفقه. ولا يجب أن تقتصر غاياتالانسان على كسب المال، أو الذهاب الى العمل أو الدراسة في الجامعة أو شراء منزل.. فقد يحتاج الانسن باتأكيد الى القيام بهذه الأشياء، ولكن عليه عند القبام بها أنيضع نصب عينيه دائماً أن هدف وجوده هو أن يكون عبداً لله وأن يسعى لاكتساب مرضاتهورحمته ودخول جنته، وباقي الأعمال تنفع كوسائل تعين الانسان على الوصول الى غايتهالحقيقية. أما اتخاذ هذه الوسائل كغايات حقيقية وأهداف محددة فإنه خداع كبير يضل بهالشيطان الانسان.
ومن يعيش دون أن يتفكر قد يجعلمن هذه الوسئل غايته الحقيقية بكل سهولة. ويمكننا أن نضرب مثالاً على ذلك من حياتنااليومية. فمما لا شك فيه أنه من الحسن أن يعمل وينتج أشياء ذات منفعة لمجتمعه. والمؤمن بالله ينجز مثل هذه الأعمال بحماس ويرجو الثواب من الله تعالى في الحياةبعد الموت. أما إذا قام إنسان بنفس العمل دون أن يذكر الله ولأساب دنيوية فقط مثلالسعي وراءالمنصب أو تقدير الناس فإنه يرتكب خطأً، لأنه حوّل أمراً ما من وسيلةلكسب مرضاة الله الى غاية. وسوف يندم على فعلته عندما يواجه الحقائق في الآخرة. وفيالآية التالية يشير الله سبحانه وتعالى الى أولئك الذين ينغمسون في هذه التصرفات فيالحياة الدنيا بما يلي:?كالذين كانوا من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّة وأكثر أموالاًوأولاداً فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذي من قبلكم بخلاقهموخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون? ]التوبة:69[
عندما يصادف الناس أموراً معينةللمرة الأولى قد يفهمون طبيعتها الاستثنائية مما قد يحفزهم على التحري أكثر عمايرونه. ويعد فترة تنشأ لديهم مقاومة اعتيادية لهذه الأشياء فلا تعود تؤثر بهم.
وبالتحديد فإن الأشياء والأحداثالتي يلاقونها كل يوم تصبح عادية بالنسبة لهم.
فعلى سبيل المثال قد يتأثر منيدرس الطب تأثراً بالغاً عندما يرى جثة للمرة الأولى أو في المرة الأولى التي يموتفيها أحد مرضاه. مما يجعلهم يتأملون ملياً. ويمكن ان يكون السبب أنهم يواجهونانساناً بلا حياة أشبه بالبضاعة، كان منذ دقائق مليئاً بالحياة يضحك ويخطط ويتكلمويستمتع وتلمع عيناه بالحياة.. وعندما توضع الجثة أمامهم للتشريح للمرة الأولىفإنهم يتفكرون في كل شيء في هذه الجثة, يتفكرون بأن الجسد يفنى بسرعة كبيرة, وأنهتفوح منه رائحة نتنة، والشعر الذي كان جميلاً فيهما مضى يصبح غير جميل ولا يود أحدلمسه.. وبعد ذلك يتفكرون في أن مكونات كل الأجسام هي نفسها وكل واحد منا سيلاقي نفسالنهاية, وأنهم هم أيضاً سينتهون الى هذا الشكل.
ولكن بعد رؤية بضع جثث أو فقدانبضعة مرضى ينشأ لدى هؤلاء الناس مقاومة اعتيادية لأشياء محددة فيبدأون بالتعامل معالجثث وحتى المرض وكأنهم أشياء.
وبالتأكيد هذا الوضع لا يصدق علىالأطباء وحدهم, فغالبية الناس ينطبق عليها هذا الوضع في مناحي مختلفة من حياتهم. فمثلاً ينعم الله على انسان يعيش في ظروف صعبة برغد العيش فإنه يفهم ان كل مايمتلكه رحمة له. فسريره أصبح أكثر، ولبيته منظر جميل, ويمكنه ان يشتري ما يريدويمكنه أن يدفئ منزله في الشتاء كما يرغب، وبإمكانه التنقل بسهولة بسيارة.. وغيرهامن النعم كلها التي قسمت لهذا الانسان، وبالنظر بوضعه السابق فإنه يبتهج بكل واحدةمنها، ولكن من يمتلك هذه الأشياء منذ نعومة أظافره قد لا يتفكر في قيمتهاكثيراً.ولا يمكنه تقدير هذه النعم إلا إذا أعاد التفكر فيها.
ومن الناحية المقابلة فالإنسانالذي يتفكر لا فرق عنده إذا سواء كان امتلاكه لهذه النعم منذ ولادته أو أنه أحرزهافيما بعد. فهو لا ينظر إلى ممتلكاته بطريقة اعتيادية إذ انه يعلم ان أي شيء يملكهقد خلقه الله وأن الله قادر على استرجاعه منه لو شاء. فمثلاً يدعو المؤمنون بالدعاءالتالي عندما يركبون دوابهم, وهي السيارات في أيامنا هذه:? لتستووا على ظهوره ثمتذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا لهمقرنين وإنّا الى ربنا لمنقلبون ? ]الزخرف:13 [
وفي أية أخرى، يتعلم المؤمنون أنيقولوا إذا ما دخلوا حدائقهم: ما شاء الله لا قوة إلا بالله ]الكهف: 31[ وكلمادخلوها يتذكرون ان الله خلقها وهو يمدها بأسباب الحياة. أما بالنسبة للإنسان الذيلا يتفكر قد يتأثر عندما يرى جمال الحدائق ولكنها فيما بعد تصبح مكاناً عادياًبالنسبة له, ويتلاشى تقديره لجمالها.كما ان بعض الناس لا يلاحظون النعم أبداً لأنهملا يتفكرون فيها، فهم يعتبرونها أموراً عادية من المفروض وجودها، ولذلك فإنهم لايستطيعون استشفاف المتعة من جمالها.
كما ذكرنا سابقاً فإن كون معظمالناس لا يتفكرون ويعيشون غافلين عن الحقيقة ليس عذراً كافياً لعدم التفكر. فكلإنسان هو فرد مستقل بنفسه ومسؤول أمام الله عن نفسه فقط. ومن المهم جداً أن نضع نصبأعيننا أن الله يبتلي الناس في هذه الحياة الدنيا، وعدم اهتمام الآخرين وكونهم منالناس الذين لا يتفكّرون ولا يعقلون ولا يرون الحقيقة هو جزء من ابتلائنا في معظمالأحيان. ومن يتفكر بصدق لا يقول:" إن معظم الناس لا يتفكرون وليسوا على اطلاع بهذهلأمور فلماذا يجب عليّ أن أتفكر وحدي؟" بل على العكس من ذلك فإنه يأخذ حذره من خلالتفكره في غفلة هؤلاء الناس ويلجأ الى الله كي لا يكون واحداً منهم. فمن الواضح أنوضع هؤلاء الناس لا يمكن أن يكون عذراً له. وفي القرآن الكريم يعلمنا الله فيالكثير من الآيات أن أكثر الغافلين لا يؤمنون.?وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين?] يوسف:103 [
?آلمر، تلك آيات الكتاب والذيأنزل اليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ? ]الرعد:1[
?وأقسموا بالله جهد أيمانهم لايبعث الله من يموت بلى وعداً عليه حقاً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ?] النحل:38 [
?ولقد صرّفناه بينهم ليذّكروافأبى أكثر الناس إلا كفوراّ ?] الفرقان:50 [
وفي آيات أخرى يبلغنا اللهبنهاية هؤلاء الذي ضلّوا لأنهم اتبعوا الأغلبية ففشلوا في اطاعة أوامره لأنهم نسواالغاية من خلقهم ? وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل،أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير?
]فاطر:37[
لهذا السبب يجب على كل انسان أنيتخلص من الأسباب التي تمنعه من التفكر، وأن يتفكر بصدق وإخلاص ويستخلص العبروالتحذيرات من تفكره.
وفي الفصل التالي سوف نناقش مايمكن أن يتفكر فيه الانسان من أحداث ومخلوقات يصادفها في حياته اليومية، وهدفنا أنتؤمن هذه الموضوعات لقراء هذا الكتاب أرشاداً يساعدهم على قضاء ما تبقى من حياتهمكأشخاص يتفكرون ويستخلصون العبر مما يتفكرون فيه.
الفصل الرابع
من بداية هذا الكتاب، أشرنا الىأهمية التفكر، والمنافع التي يجلبها للإنسان، والى كونه ملكةً مهمة جداً تميّزالانسان عن غيره من المخلوقات. كما ذكرنا أيضاً الأسباب التي تمنع الناس من التفكر. والهدف الرئيسي من ذلك كله تشجيع الناس على التفكر ومساعدتهم على إدراك الغاية منخلقهم وتعظيم قدرة الله وعلمه اللا محدودين.
في الصفحات التي تلي سوف نحاولان نصوّر بماذا يمكن للإنسان المؤمن بالله أن يتفكرمن خلال ما يمر به من اشياءيومياً، وما هي العبر التي يمكن أن يستخلصها من الأحداث التي يشهدها، وكيف يجب عليهأن يشكر الله ويتقرب اليه عندما يعاين علمه وإبداعه -سبحانه وتعالى- في كل شيء.
بطبيعة الحال ما سنذكره هنا لايغطي الا قسماً صغيراً من قدرة الإنسان على التفكر، فالإنسان عنده القابلية للتفكرفي كل لحظة (ليس في كل ساعة ولا دقيقة ولا ثانية، بل في كل لحظة) من حياته. ومدىقدرته على التفكر واسع لدرجة يستحيل معها وضع حدود أو ضوابط له. والهدف مما سنذكرههو مجرد فتح الأبواب أمام الناس للاستفادة من ملكة التفكيرعندهم كما يجب.
يجب أن تتولد في الذهن القناعةبأن الأشخاص الذين يتفكرون هم وحدهم القادرون على فهم وتقدير مختلف الأمور. وقد ذكرالله في الآيات الكريمة التالية حال أولئك الذين لا يبصرون الأمور الاعجازية منحولهم فلا يستطيعون التفكر فيها، فقال تعالى:?ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بمالا يسمع إلا دعاءً ونداءً، صمُّ بكمُ عميُ فهم لا يعقلون?]البقرة: 171[ ?... لهمقلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها، أولئككالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون? ]الأعراف:179 [?أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أويعقلون إن هم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً? ] الفرقان:44[ .
ان الذين يتفكرون يرون آيات اللهوالجوانب الإعجازية في المخلوقات وفي الأحداث، فيفهمون، وأمثالهم هم القادرون علىاستخلاص العبر من كل شيء حولهم، كبيراً كان أم صغيراً.
لا يحتاج المرء الى شروط خاصةللبدء بالتفكر، فمن اللحظة التي نستيقظ فيها من النوم، تجد الكثير من الأفكارطريقها الينا، فهناك يوم كامل يمتد أمامنا، قلما نشعر خلاله بالتعب أو النعاس،ونكون على استعداد لمعاودة كل الأمور مرة أخرى. والتفكر بهذا يذكرنا بقوله تعالى:? وهو الذي جعل لكم الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهارنشوراً?]الفرقان:47[.
عندما نغسل وجوهنا أو نستحمنستجمع قوانا ونستعيد رشدنا بشكل كامل، وعندها نصبح على استعداد للتفكر في أشياءمفيدة، فهناك شؤون التفكر فيها أهم بكثير من التفكير ماذا سنتناول كفطور، أو في أيساعة سنغادر المنزل! فقبل كل شيء كوننا استطعنا أن نستيقظ في الصباح معجزة عظيمة فيحد ذاتها، فرغم كوننا فاقدي الوعي كلياً خلال النوم فإننا في الصباح نستعيد وعيناووجودنا، وتخفق قلوبنا، ونتمكن من التنفس، والكلام والرؤية والمشي.. مع أنه ليسهناك ما يضمن أن هذه النعم ستعود الينا في الصباح، أو اننا لن تصيبنا أي مصيبة خلالالليل. فلربما أدّى شرود أحد الجيران الى تسرب غازي، فيوقظنا حدوث انفجار كبير، أوقد تحدث كارثة في المنطقة التي نعيش فيها نخسر على إثرها أرواحنا..وقد نتعرض لمشاكلأخرى في أجسامنا، فقد نستيقظ مصابين بآلام مبرحة في الكلى، أو الرأس ، ومع ذلك، لميحدث شيء من هذا واستيقظنا في الصباح آمنين مطمئنين.. التفكر بهذه الأمور يجعلنانشكر الله على رحمته بنا وحفظه لنا. فاستهلال النهار بصحة جيدة معناه أن اللهيعطينا فرصة أخرى لتحقيق المزيد من أجل آخرتنا.
لذلك، فإن أفضل ما نفعله أن نمضييومنا في مرضاته سبحانه وتعالى، ونجعلها قبل كل شيء، فنخطط لإبقاء أذهاننا مشغولةبمثل ما ذكرناه من أفكار. ونقطة البداية في تحصيل مرضاة الله، سؤله أن يعيننا فيأمرنا هذا، ودعاء سيدنا سليمان عليه السلام مثال جيد لكل المؤمنين:?ربّ أوزعني أنأشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك فيعبادك الصالحين?]النمل:19[.
ملاحظة مدى ضعفنا عندما نستيقظمن الفراش يدفعنا الى البدء بالتفكر، وعندما نستحم أو نغسل وجوهنا وننظف أسناننا كلصباح نستغرق في التفكير بأشياء أخرى تدل على ضعفنا، فالطبقة الجلدية في جسمنا تخفيتحتها مشهداً رهيباً، وأجسادنا عرضة للالتهابات بأنواعها، ولا أحد منا يستطيعاحتمال عدم النوم أو الصبر على الجوع والعطش، وهذه كلها من دلائل ضعفنا.
وإذا كان من ينظر في المرآةمسناً، فقد تخطر على باله أفكار أخرى، فأولى علامات الشيخوخة تظهر في الوجه بعدالعقد الثاني من العمر، إذ في الثلاثينيات تبدأ التجاعيد بالظهور تحت العينين وحولالفم ولا يعود الجلد متورداً، ومع تقدم العمر يبدأ الجسم بالذبول، ويتحول لون الشعرالى الأبيض وتظهر الشيخوخة حتى على اليدين.
عندما نتفكر في هذه الأمور نجدأن الشيخوخة من أهم الوقائع التي تكشف الطبيعة المؤقتة لهذه الحياة الدنيا. فمنيشيخ يشعر بأن العد العكسي لحياته قد بدأ، وفي الحقيقة فإن ما يشيخ وما يجري عليهالعد العكسي هو الجسد ، الذي يذبل شيئاً فشيئاً ، أما الروح فلا تشيخ.
ومعظم الناس يتأثر في شبابهبكونه حسن الهيئة أو غير جذاب، فيجنح أصحاب الهيئة الحسنة الى التعجرف، أما من همأقل منهم حظاً في الجمال، فيشعرون بعقدة النقص وعدم السعادة، فتأتي الشيخوخة لتظهرأن الجمال والقبح أمران مؤقتان، وأن ما ينفع عند الله وما يقبل عنده أعمال الانسانالصالحة والتزامه بأوامر الله وحسن خلقه.
في كل مرة نواجه فيها ضعفنا ندركأن الكمال والتنزه عن النقص هما لله وحده، مما يدفعنا الى تمجيد عظمة الله. فاللهتعالى خلق كل ضعف في الانسان لهدف، ومن هذه الأهداف مساعدة الناس على عدم التعلقبالحياة الدنيا، وعدم البغي فيما أوتوا. ومن أدرك هذا عبر التفكر فإنه سيدعو اللهأن يعيد خلقه في الآخرة خالياً من الضعف.
شيء آخر يلفت النظر في أمر ضعفناندعو أولئك الناس المغرورين والمتعجرفين الى تدبّره والاعتبار منه: انظروا الىالوردة تنبت من تراب أسود موحل، بشذى صافٍ نظيف، فيما تفوح من البشر رائحة لا تحتملإذا لم نعتن بنظافتنا كما يجب!..
ولا يقتصر التفكّر عند النظر فيالملرآة على ما ذكرناه، فقد تخطر على بالنا أشياء كثيرة لم نتفكر فيها من قبل، مثلرموش عيوننا وحواجبنا، وكيف أن أسناننا وعظامنا تتوقف عن النمو عندما تصل إلى طولمعين فيما يستمر الشعر بالنمو. وبكلمات أخرى كيف أن أعضاء الجسم التي يسبب نموهاالزائد مساوئ وقبحا ًتتوقف عن النمو، وتستمر الأخرى التي تضفي على الإنسان جمالاً - كالشعر مثلاً- بالنمو، هذا مع ملاحظة التكامل والتناسق التام في نمو العظام. فلاتنمو الأطراف العليا من الأيدي والأرجل بدون فائدة جاعلة الجسم يبدو دون الحجمبالنسبة لها.. فنمو العظام يتوقف في الوقت المناسب، كما لو أن كل عظمة تعرف المقدارالذي يجب أن تصل إليه.
صحيح أن الأمور التي ذكرناهاتحدث كنتيجة لتفاعلات كيميائية معينة في الجسم، ولكن الإنسان الذي ينظر اليهل لا بدأن يتساءل: كيف تحدث هذه التفاعلات الكيميائية، ومن الذي قدر الكميات المحددةللهرمونات في أنزيمات الجسم، لتنظم النمو في جميع أنحائه؟ ومن يضبط كمية إفرازاتهذه الهرمونات؟ بدون شك من المستحيل الادعاء أن هذه الأشياء تحدث بمحض الصدفة، ومنالمستحيل أيضاً للخلايا التي يتأسس منها جسم الإنسان والذرات غير العاقلة التيتتألف منها الخلايا أن تتخذ مثل هذه القرارات ، لذلك فإن من الواضح أن كل ما ذكرناههو من إبداع الله تعالى الذي خلقنا في أحسن تقويم.
مباشرة بعد الاستيقاظ من النومصباحاً والاستعداد يمضي معظم الناس في شؤونهم فمنهم من يتوجه إلى عمله ومنهم منيذهب إلى المدرسة، ومنهم من يمضي لتسوية بعض الأمور في مكان ما في هذا العالمالرحب. بالنسبة للمؤمن هذه الرحلة القصيرة هي نقطة البداية للقيام بالأعمال الصالحةالتي ترضي الله سبحانه وتعالى. فعندما نستيقظ نشكر المولى تعالى الذي وهبنا يوماًآخر نكسب فيه من رزقه، والآن وقد مضينا في أمرنا، فقد بدأت الرحلة التي يمكن أننكسب من خلالها هذا الرزق وعندما نتفكر في هذا الأمر لا بد أن نذكر قوله تعالى ?وجعلنا النهار معاشا?[النبأ:11]. ووفقاً لهذه الآية يجب علينا أن نخطط كيف سنمضييومنا في أعمال ذات نفع للعباد ترضي الله سبحانه وتعالى.
وعندما نترك المنزل نمر بشكلتلقائي بالكثير من الأمور التي يجب أن نتفكر فيها، فهناك الآلآف من الناس والسياراتوالأشجار الكبيرة والصغيرة، والتفاصيل التي لا تعد ولا تحصى من حولنا، وبالطبع فإنتوجهات المؤمن محددة، فسوف نحاول الاستفادة لأقصى الحدود مما نراه حولنا ونتفكر فيالأحداث والأسباب. فما يمر بنا من مشاهد إنما يمر بعلم الله وإرادته، ولا بد أنيكون هناك سبب من وراء ذلك فبما أن الله جعلنا نخرج، ووضع هذه المشاهد أمامنا، فلابد أن فيها ما يجب أن نراه ونتدبره.
وحين نصل إلى سيارتنا أو أيوسيلة نقل أخرى. وفي خلدنا كل هذه الأفكار. نشكر الله مرة أخرى، إذ مهما كانتالمسافات طويلة فقد سخر لنا الله وسيلة للوصول، وكما هو معلوم، فقد خلق الله للناسالكثير من الوسائل ليستعينوا بها فيالسفر. وقدّم التطور التكنلوجي إمكانيات جديدةمثل السيارات والقطارات والطائرات والسفن والمروحيات والحافلات وغيرها. وعند يتدبّرهذا الأمر يتذكر الإنسان أن الله تعالى هو الذي سخّر التكنولوجيا في خدمة البشرية. ففي كل يوم يخرج العلماء باكتشافات واختراعات جديدة تسهل علينا حياتنا، وهميصلوناليها جميعاً بالوسائل التي خلقها الله على الأرض. ومن يتفكر، يتابع رحلته شاكراًالمولى تعلى الذي سخر لخدمتنا كل هذه الأمور.
وفيما نمضي في وجهتنا حاملين مثلهذه الأفكار فإن كومة نفايات، أو رائحة كريهة أو أماكن معتمة نمر بها تثير فيأذهاننا أفكاراً متعددة.
فقد خلق الله في هذا العالمأماكن ومشاهد تجعلنا قادرين على تصور الجنة والنار، أو التخمين من خلال المقارنةكيف ستكونان. فأكوام النفايات والروائح الكريهة والأماكن الضيقة المعتمة القذرةتسبب كرباً كبيراً لأرواحنا ! ولا أحد يود أن يكون في مثل هذه الأماكن، وكل هذهالخصائص تذكر الإنسان بجهنم، وكل من يلتقي بهذه المشاهد يتذكر الآيات التي تتحدث عنالنار: فالله سبحانه وتعالى يصف لنا ظلمة وقذارة وكراهة المشاهد في جهنم.
?وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال. في سموم وحميم. وظل من يحموم. لا بارد ولا كريم?[الواقعة:41-44].
?وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاًمقرنين دعوا هنالك ثبورا. لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراًكثيرا?[الفرقان:13-14].
وعند تذكر هذه الآيات القرآنيةندعو الله أن يجيرنا من نار جهنم ونسأله أن يغفر لنا ذنوبنا.
ومن زاوية أخرى فإن الإنسان الذيلا يوظف أفكاره بهذه الطريقة سوف يمضي نهاره متذمراً قلقاً، باحثاً عمّا يغضب في كلحدث، فيستشيط غاضباً من الناس الذين يلقون نفاياتهم ومن البلدية التي تتاخر فيجمعها، ويشغل ذهنه طوال النهار بأفكار غير مجدية لا تنفعه في آخرته، مثل زحمة السيرالناجمة عن الحفر في الطرقات، وكيف أصابه البلل نتيجة توقعات خاطئة لخبراء الأرصادالجوية، وكيف حصل علاوة على ذلك على توبيخ غير منصف من رب العمل. وهذه الأفكارالتافهة لا تنفع في الآخرة، وقد يتوقف الإنسان عن التفكير فيما إذا كان عليه انيتخلى عن مثل هذه الأفكار المتعددة، والغريب ان الكثير من الناس يدّعون أن السببالحقيقي الذي يشغلهم عن التفكر هو الكفاح الذي عليهم أن يخوضوه في هذا العالم،فيتعللون بالمشاكل الصحية وتأمين ضروريات الحياة والطعام وغيرها.. وهذه ليست سوىأعذار، فمسؤوليات المرء وأوضاعه لا علاقة لها بالتفكير فمن يحاول أن يفكر لينال رضىالله سوف يجد أن الله في عونه، وسوف يرى الأمور التي كانت بالنسبة له مشاكل قد حلتواحدة واحدة وفي كل يوم يمر سوف يكون قادر على تخصيص المزيد من الوقت للتفكر وهذاأمر مفهوم ومجرب فقط من قبل المؤمنين.
خلال متابعة رحلتنا نحاول أننراقب ما حولنا من آيات الله وإعجازه في خلقه فنقدّره سبحانه وتعالى حق قدره عندمانتفكر فيها.
عندما ننظر من شباك السيارةيطالعنا عالم متعدد الألوان، فنتساءل: لو لم يكن هذا العالم متعدد الألوان كيف كانسيبدو كل شيء فيه؟
أنظروا في الصورة في أسفل الصفحةوتفكروا : هل ستكون بهجة المناظر الطبيعية من جبال وبحار وحقول وأزهار هي نفسها دونألوان؟ وأي متعة سنستقيها من مشاهد السماء والفاكهة والفراشات والثياب ووجوه الناسبغياب الألوان؟
فضل من ربنا تعالى أننا نعيش فيعالم متعدد الألوان نابض بالحياة . فمهرجان الألوان الذي نشاهده في العالم، وهذاالتناسق الكامل في ألوان الكائنات الحية آيات شاهدة على إبداع الله الذي لا يضاهىوتفرده في الخلق .
لا شيء من مشاهد الطبيعة يؤذيالعينين، فالتفاعل الدقيق بين الألوان، وتناسق الألوان في الكائنات الحية من أزهاروطيور وبحار وسماوات وأشجار وغيرها يورث السكينة في النفس ويعطي الراحة للعينين. وكل هذا يدل على الكمال في خلق الله.
ومن خلال التفكر في هذه الأمورنفهم أن كل ما نراه حولنا هو نتاج علم الله وقدرته اللامحدودين.
وفي مقابل هذه النعم التي منحناإياها الله علينا أن نخافه سبحانه وتعالى ونسأله أن لا يجعلنا من الكافرين بأنعمه. والله سبحانه وتعالى يذكرنا في القرآن الكريم بوجود الألوان، ويذكر أنه لا يخشاهتعالى من عباده إلا العلماء، كما يبين سبحانه وتعالى أن المؤمنين يتفكرون ويتدبروندائماً، ويستخدمون ألبابهم في الاكتشاف واستخلاص العبر والنتائج.
?ألم تر أن الله أنزل من السماءماء فأخرج به من الثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانهاوغرابيب سود. ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى اللهَ منعباده العلماء إن الله عزيز غفور?[فاطر:27-28]
ومن يمضي لشأنه مستعجلاً قدتعترض طريقه فجأه عربة نقل الموتى، وفي هذه الصدفة فرصة للمرء ليلتقط أنفاسه. فهذاالمشهد الذي قد يلتقيه سيذكره بحتفه. فيوماً ما هو أيضاً سوف يكون في عربة نقلالموتى. ومهما حاول الانسان تفادي الموت فإنه ملاقيه لا محالة، عاجلاً أم آجلاً،سواء كان في سريره أو في طريقه أو في إجازة فإنه سوف يغادر هذا العالم قطعاً،فالموت حقيقة لا يمكن تفاديها.
في تلك اللحظة يتذكر الانسانالمؤمن الآيات التالية:? كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون. والذين آمنوا وعملواالصالحات لنبوّئنهم من الجنة غرفاً تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجرالعاملين. الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون? ]العنكبوت: 57-59[ .
وبالطبع فإن تفكرالإنسان أن جسدهسوف يوضع في كفن، ويواريه أقاربه الثرى، وأن اسمه وشهرته سوف يحفران على شاهد قبره،يزيل تعلّقه بالدنيا. ومن يفكر بهذه الأمور بإخلاص وصدق يكتشف كم من الحماقةالاستجابة لمتطلبات جسد سوف يفنى في التراب.
في الآيات من سورة العنكبوت يبشرالله عباده الصابرين والمتوكلين عليه بمباهج الجنة بعد الموت، ولهذا عندما يتفكرالمؤمنون في أنهم سيموتون في يوم من الأيام، يحاولون العيش مخلصي النية لله ملتزمينحسن الخلق وصالح الأعمال التي أمر الله بها للفوز بالجنة. وكلما تذكروا قرب الأجلتزداد عزيمتهم ويحاولون التخلّق بأسمى القيم والاستزادة منها أكثر فأكثر خلالحياتهم.وعلى العكس منهم فإن الذي يعطون الأولوية لغير هذه الأفكار ويمضون حياتهم فيقلق لا طائل تحته، لا يتذكرون أن الموت واقع بهم حتى لو مروا بعربة نقل الموتى أوالمقبرة نفسها، وحتى لو توفي أحد أحبائهم.
في مواجهة كل الأحداث التي يمربها خلال النهار لا يبرح المؤمن يتفكر في آيات الله محاولاً إيجاد تفسير لدقائقالأمور.
والمؤمن يتلقى كل نعمة أو ابتلاءبالقبول الحسن الذي يرضي الله سبحانه وتعالى. وليس لاختلاف الأماكن أهمية كبرى عندالمؤمن، فهو يتدبر كون الله خالق كل شيء، ويحاول أن يبحث عن الغايات الكامنة وراءما قدر الله من أحداث وما خلق من محاسن، سواء كان في المدرسة أو العمل أو السوق. فالمؤمن يعيش حياته مهتدياً بآيات الله، وتصرف المؤمنين هذا مستمد من الآيتينالتاليتين:
?رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيععن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار. ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغيرحساب?[النور:37-38].
قد يتعرض الإنسان لمختلفالصعوبات في النهار. ولكن مهما كانت هذه الصعوبات عليه أن يضع ثقته بالله ويتذكر أنالله يمتحننا بكل شيء نفعله ونفكر فيه في هذه الحياة الدنيا. وهذه حقيقة مهمة جداًيجب أن لا نغض الطرف عنها ولو للحظات، ولذلك إذا واجهتنا صعوبات فيما نفعله أوفكرنا بأن الأمور لا تسير في وجهتها الصحيحة، لا يجب أن ننسى أبداً أن هذه الأمورقد قدّرت علينا كجزء من امتحاننا، وهذه الأفكار التي تمر في ذهن الانسان تصح علىالأمور الأساسية والفرعية التي تعترضنا خلال يومنا، فمثلاً قد نتكلف مبالغ إضافيةنتيجة الإهمال أو سوء الفهم، وقد نخسر ملفاً في الكمبيوتر أمضيناساعات في إعدادهنتيجة لانقطاع التيار الكهربائي، وقد يرسب الطالب في امتحان جامعي مع أنه بذلمجهوداً في الدرس وقد يمضي نهارنا ونحن واقفون في صف طويل نظراً لتأخر تقدم عمل مابسبب الإجراءات البيروقراطية، وقد نخطئ في عملنا نتيجة نقص في الملفات وقد يفوتالإنسان الطائرة أو الحافلة في طريقه إلى مكان من الضروري أن يصل إليه.
وهناك عدد كبير من أمثال هذهالصعوبات أو المشاكل التي قد تعترض- أو انها قطعاً- سوف تعترض الإنسان خلالحياته.
في كل هذه الأحداث الإنسان الذييحمل الإيمان يجزم بأن الله يبتليه في إيمانه وفي صبره، ومن الحماقة بمكان بالنسبةللإنسان الذي سيموت ويحاسب في الآخرة أن ينجرف في مثل هذه الأحداث وأن يضيع الوقتفي القلق بشأنها. فالمؤمن يعلم أن هناك خيراً وراء كل هذه الأحداث. فهو لا يقولواحسرتاه لأي حدث ويسأل الله أن يسهل له أموره ويحسن به الظن في جميع الأمور.
وعندما يتبع اليسر المصاعب ندركأن هناك استجابة لدعائنا وأن الله سميع مجيب الدعوات. فنشكره سبحانه وتعالى.
وبتمضية النهار ونحن نتفكر فيهذه الأفكار لا يفقد الانسان الأمل ولا يقلق ولا يشعر بالأسف أو اليأس مهما مر به.. فنحن نعلم أن الله خلق كل هذه الأمور لخيرنا وان هناك رحمة فيها.وفوق ذلك علينا أننفكر بهذه الطريقة ليس في الأمور الأساسية التي تقع لنا، وإنما أيضاً في الفاصيلكبيرها وصغيرها التي نقابلها خلال حياتنا اليومية كما ذكرنا من قبل.
فكروا بإنسان لا يستطيع أن يسويأمراً بالطريقة التي يتمناها أو يتعرض لمشاكل جدية وهو على وشك الوصول إلى هدفه. هذا الشخص يصبح فجأة غاضباً حزيناً ومكروباً وباختصار تتكون لديه جميع أنواعالمشاعر السلبية، ولكن من يتذكر بأن هناك خيراً في كل أمر، يحاول البحث عن الغايةالخفية في هذا الحدث الذي أظهره الله.
فقد يفكر بأن الله قد لفتانتباهه كي يحسب لأمره هذا حسابات أدق. فيقول ربما ساعدني ما حصل على تجنب ضررأعظم.
فمن تفوته الحافلة وهو يحاولالوصول إلى موعد معين قد يفكر أنه ربما قد وقي بتأخره من التعرض لحادث في الحافلة،أو لضرر أكبر من ذلك. وهذه فقط أمثلة قليلة، فقد يفكر الإنسان أيضاً بأن هناكالكثير من الغايات الكامنة وراء تأخره هذا، وهذه الأمثلة قد تتضاعف في حياةالإنسان. والمهم في هذا كله أن مشاريعنا قد لا تحل بالطريقة التي نتمناها. فقد نجدأنفسنا في وضع مختلف تماماً عن الذي خططنا له. وفي مثل هذه الظروف فإن يسلّم ويبحثعن الخير في الأحداث المعينة التي يواجهها يفوز، يقول الله تعالى:
?كتب عليكم القتال وهو كره لكموعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتملا تعلمون?[البقرة:216].
فكما يذكر الله تعالى في هذهالآيات، فنحن لا نعلم ولكن الله هو الذي يعلم ما هو خير لنا وما هو شر لنا. وممايورث الإنسان السكينة أن يتخذ الله اللطيف الرحيم ولياً ويسلم له تمام التسليم.
من المهم خلال القيام بعمل ما أنلا ندع أذهاننا تفرغ، وأن نفكر دائماً بالخير. فالعقل البشري قادر على القيام بأكثرمن عمل في نفس الوقت. فالإنسان الذي يقود سيارته أو ينظف بيته أو يمشي في الشارعيمكنه أيضاً التفكير في أعمال الخير في نفس الوقت، فخلال تنظيف المنزل يشكر الإنسانالله الذي منّ عليه بالوسائل اليومية مثل الماء والمنظفات. ومعرفة أن الله يحبالطهارة والمتطهرين تجعله ينظر إلى الأمر الذي يقوم به كنوع من العبادة نأمل أنتنال رضى الله . بالإضافة إلى ذلك فإنه يسعد فيتأمين مكان مريح لغيره من الناس عبرتنظيف المكان الذي يعيش فيه.
ومن يعمل في وظيفة ما يمكنهدائماً أن يدعو الله في سره فيسأله أن يسهل له عمله، ويفكر بأنه لا يمكن أن ينجح فيأي شيء دون إرادة الله. ونرى من خلال القرآن أن الأنبياء الذين هم قدوة لنا كانوايتوجهون باستمرار إلى الله في سرهم. ويتفكرون في الله خلال عملهم، وواحد من هؤلاءالأنبياء الكرام وهو سيدنا موسى عليه السلام. فبعد مساعدته لامرأتين التقاهما فيسقاية قطيعهما توجه إلى الله بالكلمات التالية:
?ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمةمن الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدرالرعاء وأبونا شيخ كبير. فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليَّمن خير فقيرٌ?[القصص:23-24].
مثال آخر نراه في القرآن عن هذاالموضوع هو مثال النبي إبراهيم والنبي إسماعيل عليهما السلام. فالله تعالى يذكر أنهذين النبيين تذكروا المؤمنين بالخير عندما كانا يعملان معاً فتوجها إلى الله تعالىبالدعاء حول عملهما.
?وإذ يرفع إبراهيم القواعد منالبيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومنذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. ربنا وابعثفيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيزالحكيم?[البقرة:127-129].
هناك أشياء كثيرة يمكن أن يتفكرفيها الإنسان الذي يمضي نهاره في المنزل. فمثلاً، خلال التنظيف قد يرى عنكبوتاً قدنسج شبكته في إحدى زوايا المنزل. ولو أدرك أن عليه التفكر في هذا المخلوق الذي لايهم أحداً عادة، سوف يرى أن آفاقاً جديدة فتحت له. فهذه الحشرة الصغيرة التي يراهاأمامه هي معجزة في التصميم. فهناك تناسق في الشبكة التي ينسجها العنكبوت، وإذا حصلوتسائل كيف يمكن لحشرة صغيرة أن تنجز مثل هذا التصميم الكامل المدهش فأجرى بحثاًسريعاً فسوف يصادف حقائق أخرى استثنائية. فالخيوط التي يستخدمه العنكبون مرنةثلاثين بالمائة أكثر من خيوط المطاط ذات السماكة نفسها. والخيوط التي ينتجهاالعنكبوت تضاهي بجودتها العالية الخيوط التي يستخدمها الإنسان في تصنيع البزاتالواقية من الرصاص. فعجباً لتلك المادة التي يعتبرها الناس مجرد شبكة عنكبوت بسيطةفيما هي واحدة من أفضل مواد التصنيع في العالم.
ولو استمر الإٌنسان في التفكربعد أن عاين هذا التصميم المتكامل لإحدى الكائنات الحية من حوله، فإنه سوف يصادفالمزيد من الحقائق المدهشة. فلو تفحص الذبابة التي يلتقي بها باستمرار دون أنيعيرها إنتباهه والتي تغضبه فيحاول قتلها، سوف يرى أن لديها عادة تنظيف نفسها بشكلتفصيلي متقن. فالذبابة تحط بشكل متكرر في أماكن مختلفة لتنظيف أطرافها الأماميةوالخلفية كل على حدة، ثم تمسح بعناية الغبار عن جناحيها ورأسها عبر أطرافهاالأمامية والخلفية، وتستمر بهذه العملية حتى تتأكد من نظافتها. وكل أنواع الذبابوالحشرات تنظيف نفسها بطريقة مشابهة وبنفس الانتباه والدقة والتفصيل. وهذا يدل علىأن الله المتفرد في الخلق هو الذي علمها كيف تنظف نفسها.
والذبابة نفسها تخفق بجناحيهاخلال الطيران خمسمائة مرة في الثانية تقريباً. وفي الواقع ليس هناك آلة من صنعالإنسان تستطيع أن تعمل بمثل هذه السرعة لأنها سوف تتحطم وتحترق نتيجة الاحتكاك. فيحين أن عضلات الذبابة ومفاصلها وأجنحتها لا تتأذى.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار اتجاهوسرعة الريح . فإن الذبابة تستطيع الطيران في اي اتجاه دون أن تنحرف، في حين أنهحتى مع وجود التكنولوجيا الحالية، فإن الإنسان بعيد عن إنتاج اختراع يتمتع بهذهالميزات غير العادية ، وبتقنيات طيران مثل هذه. ومن الواضح أن الذبابة لا تفعل كلذلك بفضل قدرتها وذكائها، فالله هو الذي أعطى الذبابة هذه الخصائص والقدراتالرائعة.
وفي كل مكان نلمحه حولنا هناكحياة مرئية وأخرى غير مرئية إذ ليس هناك سنتمتر مربع على الأرض لا حياة فيه، فالبشروالنباتات والحيوانات مخلوقات يمكن للإنسان أن يراها، ولكن هناك أيضاً مخلوقات لايمكنه رؤيتها ولكنه على دراية بوجودها، فعلى سبيل المثال، البيوت التي نعيش فيهامليئة بمخلوقات مجهرية تسمى "العث" وفي الهواء الذي نستنشقه عدد لا يحصى منالفيروسات، وكمية البكتيريا التي تعيش في تربة حديقتنا كبيرة بشكل مدهش، ومن يتفكرفي كل هذا التنوع المدهش الذي تزخر به الحياة على الأرض، يتذكر النظام المتكامللجميع المخلوقات. فكل واحد من المخلوقات التي نراها علامة على إبداع الله، تماماًكما تكمن في المخلوقات المجهرية معجزاته العظيمة. فلكل من الفيروسات والبكتيرياوالعث غير المرئية بالنسبة لنا، آليات جسدية خاصة، فقد خلق الله لها بيئتها وجعللها أنظمة في التغذية، وأجهزة تناسل وأنظمة مناعة، ومن يتدبر هذه الأمور يتذكرالآية التالية:
?وكأيّن من دابة لا تحمل رزقهاالله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم?[العنكبوت:60].
الإنسان مخلوق يتميز بالكثير مننقاط الضعف، وعليه أن يبذل مجهوداً مستمراً لمعالجة نقائصه. والمرض يكشف بشكل واضحضعف الإنسان، لذلك عندما نمرض أو يمرض أحد أصدقائنا يجب علينا التفكير في الغاياتالكامنة في المرض.
وعندما نتفكر نجد أنه حتى الزكامالذي يعتبر مرضاً بسيطاً يعطينا دروساً وتحذيرات. فعندما نلتقط مثل هذا المرض نفكرفيما يلي: أولاً المسبب الرئيس للزكام هو فيروس دقيق جداً غير مرئي بالعين المجردة،ومع ذلك فإن هذا الكائن الصغير كافٍ لإفقاد رجل يتراوح وزنه بين 60 و 70 كيلوغراماً قوته، وجعله مرهقاً لدرجة تمنعه من المشي أو الكلام، ومعظم الأحيان لا تجديالأدوية أو الأطعمة التي نتناولها نفعاً، وكل ما نستطيعه هو أخذ قسط من الراحةوالانتظار. داخل الجسد تدور رحى حرب لا يمكننا التدخل فيها، فنحن مقيدو الأيديوالأرجل من قبل كائن حي دقيق. وفي مثل هذا الوضع يجدر بنا أن نتذكر الآيات القرآنيةوما فيها من الكلمات قالها نبي الله إبراهيم عليه السلام:
?والذي هو يطعمني ويسقين. وإذامرضت فهو يشفين. والذي يميتني ثم يحيين. والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين. رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين?[الشعراء:79-83].
وعلى الإنسان الذي يصاب بأي نوعمن الأمراض أن يقارن بين تصرفه عندما كان في صحة جيدة وتصرفة خلال مرضه ويتفكر فيالأمر. وعليه أن يتذكر حاله المتواضع أثناء مرضه وكيف أدرك بقوة كم هو بحاجة إلىالله تعالى، وكم دعا ربه مخلصاً عندما كان متوجهاً لإجراء عملية جراحية مثلاً..
وعندما نعاين مرض أحد غيرناعلينا فوراً أن نشكر الله عندما نتذكر صحتنا الجيدة، فعندما يرى المؤمن إنساناًبرجل عرجاء عليه أن يتذكر كم أن رجليه نعمتان أساسيتان ومهمتان بالنسبة له: فيفهمأن كونه قادراً على المشي إلى أي مكان يريده، حالما يستيقظ في الصباح وكونه قادراًعلى الركض عند الضرورة، وقدرته على الاعتناء بنفسه دون حاجته إلى أحد، بحد ذاتهافضائل عظيمة من الله تعالى، وعندما يتفكر ويقارن، يتفهم أكثر قيمة ما منح مننِعم.
خلال النهار، سواء كنا في المكتبأو المدرسة، يصادف المرء أنواعاً مختلفة من الناس، وقد لا يكون كل هؤلاء الناس منذوي الطباع الحسنة وممن يخافون الله. والمؤمن الذي يقابل مثل هؤلاء الأشخاص لايتأثر بهم بل يظل متمسكاً بالسلوك الذي أمر الله به، فهو يعلم أن ميزة سوء الخلقعند هؤلاء الأشخاص سببها افتقارهم إلى الايمان بالله، وعدم تصديقهم بالآخرة. فيخطرعلى باله ما يلي: يحذر الله سبحانه وتعالى الناس من كرب الجحيم، ويسألهم أن يفكروافي العذاب الذي لا نهاية له وأن يحسنوا أخلاقهم في الحياة الدنيا ويتواضعوا للهويلتزموا بالدين بإخلاص. ولو أدرك الإنسان أنه في مواجهة تهديد خطير كهذا، فإنهبالتأكيد سوف يأخذ احتياطاته لتجنبه. ولكن أولئك الذين لا يتفكرون في الأمر ولايستوعبون خطورته يتصرفون وكأنه لا نار ولا عذاب يعدّان لهم.
ومن يكون على دراية بهذه الحقائقيتذكر اموراً أخرى مهمة جداً، فعند الانتظار على شفير نار جهنم، تتغير أخلاق كلواحد من هؤلاء الناس بشكل كامل . فإذا قبض يوم الفصل على من كان لا يتردد اليوم فيإظهار أخلاق ملؤها الدلال والوقاحة ٍوالتعجرف، خالية من كل إيمان بالله ثم أحضروسيق أمام حفرة الجحيم وسحب على الأرض وتعرض لخزي مستمر، فإن تعابير وجهه وتصرفاتهوطريقة كلامه والألفاظ التي يستعملها لن تكون هي نفسها التي كانت من قبل. وإذا سيقالكافر المتغطرس العنيف الذي ارتكب الجرائم ولم يعد لديه أي مظهر من مظاهرالإنسانية إلى شفير نار جهنم فإنه سوف يحس بالندم الأبدي عندما يعاين عذابها.
ومن يختلق كل أنواع الأعذارليبرر عدم التزامه بالدين وعدم عبادته لله في الحياة الدنيا لن يكون قادراً علىاختلاق نفس الأعذار عندما ينتظر على مشارف جهنم. في ذلك الوقت لن تكون التوبة ممكنةحتى لو أراد الكافر أن يفي بها ولن تكون الدعوات مستجابة رغم أن الكافر يجدّ حينهافي الدعاء.
إن من يخاف الله لا ينسى هذهالأمور البتة فيتفكر في نار جهنم وبفضل تفكره يدرك ما هي التصرفات الحقيقية وما هيالكلمات الصحيحة وما هي الأخلاق الحميدة. وبما أن عنده إيمان قوي بوجود جهنم فإنهيتفكر فيها باستمرار، ويتصرف دائماً وكأنه قريب من نارها، ولا يني يتفكر بأنه سوفيدعى للمحاسبة عن كل ما قام به.
والله يدعو الناس للتفكر فيالنار وفي يوم الفصل.
?يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرمحضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسهوالله رؤوف بالعباد?[آل عمران:30].
?الله الذي جعل لكم الأرض قراراًوالسماء بناءً وصوّركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك اللهرب العالمين?[غافر:64].
لقد وهب الله الناس في هذهالحياة ألواناً من الطعام والشراب مختلفة، صافية، لذيذة،... وكل هذه الأطعمةوالأشربة مظاهر لفضل الله الذي لا ينتهي ورحمته بالعباد، فالناس يستطيعون أن يعيشوابخير على لون واحد من الطعام والشراب ولكن الله تعالى وهبهم نعماً لا تحصى منالخضار والفاكهة، وأنواع مختلفة من اللحوم وغيرها..
والمؤمن الذي يعرف أن كل هذهالنعم من الله تعالى يتفكر فيها ويشكر الله في كل مرة يجلس فيها لتناول وجبةطعام.
في آيات كثيرة من القرآن، يذكرالله تعلى أنه أنعم على الناس بأنواع كثيرة من الطعام وهذه الأطعمة تكون موجودةأمام أي شخص يجلس لتناول وجبة. فطاولة الطعام تمتلئ بمختلف أنواع الخضرواتالمزروعة، والعديد من المنتجات الحيوانية، والإنسان بطبيعته مفطولر على حب التمتعبهذه الأطعمة، فكل واحد منها ألذ من الآخر، وهي في نفس الوقت ضرورية للبقاء على قيدالحياة، فلتتفكر فيما لو أن هذه الأطعمة المغذية والضرورية للبقاء على قيد الحياةكانت بدون نكهة أو كان طعمها رديئاً. أو لو كانت مضرة بالرغم من طعمها الطيب، أو لوكان هناك عدد قليل من الأطعمة نتغذى بها فقط من أجل البقاء على قيد الحياة.. انرحمة الله هي السبب الوحيد الذي امام أطعمة بهذا الشكل الذي نشاهده على المائدةوليس امام طعام وشراب غير ذي نكهة.
حتى لو فكر الإنسان بالفاكهةوحدها سوف يدرك النعم العظيمة التي تظهر لنا. والإنسان الحي الضمير الذي يرىأنواعاً كثيرة من الفاكهة على طاولة الطعام سيفكر فيما يلي:
" بأنه من قلب تراب داكن تنبتفاكهة بألون متعددة وشذى متنوع، ومحتويات نظيفة تماماً وكل واحد منها له طعم طيب. وهذا فضل عظيم منحه الله للناس.
" وبأن الموز والتنغرينوالبرتقال والبطيخ بنوعيه الأصفر والأحمر، وغيرها من الفواكه كلها مخلوقة فيأغلفتها الخاصة بها، فقشرتها تحميها من التلف والفناء. وتحفظ لها شذاها، فبعد فترةقصيرة من تقشيرها تتحول الفاكهة إلى اللون الأسود وتفسد.
" عند تفحصها واحدة واحدة يظهرأن كل نوع من أنواع الفاكهة له ميزة دقيقة. فالبرتقال والتنغرين مثلاً مقطعة. لأنهالو كانت قطعة واحدة لكان من الصعب تناول مثل هذه الفاكهة الكثيرة العصارة. لكن اللهتعالى قد شكلها على هيئة شرائح من أجل راحة الناس. ومما لا جدال فيه أن هذا التصميمالرائع الخالي من النقائص الذي يلبي حاجاتنا آية من خلق الله العليم سبحانهوتعالى.
" والفراولة على سبيل المثال،فاكهة مميزة جداً بطعمها وشكلها. فبالأشكال التي عليها تبدو وكأنها صممت تصميماًفائق الدقة، وبلونها الأحمر المنعش المتوّج بأوراق خضراء تشكل الفراولة واحدة منأسمى آيات الإبداع الرباني.. وحلاوة شذاها وطعمها ولكونها خالية من البذور الكبيرةولا قشرة لها مما يسهل أكلها، فإنها تذكر الإنسان بفاكهة الجنة وفي كونها تنبتبمعظم أجزائها في التراب ثم يكون لها هذا اللون الجميل الملفت، دلالة عظيمة مناللهتعالى الذي خلقها فأظهر إبداعه وحكمته وعلمه فيما خلق.
" ووجود أنواع مختلفة من الفاكهةفي كل موسم موضوع آخر حري أن نتفكر فيه ففضل ونعمة من الله للناس أنه في فصل الشتاءالذي يكون الناس فيه بأمس الحاجة إلى فيتامين ج توجد فاكهة الغنية بهذا الفيتامينمثل التنغرين والبرتقال والغريب_فروت فيما تتوفر في الصيف أنواع الفواكه التي تطفئالعطش مثل البطيخ بنوعيه الأحمر والأصفر، والدراق والكرز.
وقد أهدانا الله سبحانه وتعالىتلك الصورة الخلابة للفاكهة على أغصانها أو حيثما زرعت. فمنظر المئات من حباتالفاكهة على غصن جاف أشبه بالعظمة وهي مربوطة اليه بإحكام ومملوءة بالعصارة منداخلها، وما يظهر منها وكأنه جرى تلميعه بشكل خاص دليل آخر أن كل واحد من أنواعهاقد خلقها الله . فعلى سبيل المثال عناقيد العنب تبدو وكأنها قد وضعت على أغصانالدوالي واحدة واحدة. والله تعالى قد خلق كل واحدة منها بشكل فريد وشكّل لها مظهراًعلى الأغصان يجعلها تروق للناس. ولهذا السبب خلال وصف الجنة في القرآن يذكر الله أنالفاكهة فيها تكون جاهزة للقطاف، وذلك في قوله تعالى: ?ودانية عليهم ظلالها وذللتقطوفها تذليلا?[الإنسان:14].
وبالطبع ما ذكر هنا هو غيض منفيض، فنعم الله أكثر من أن تحصى، ومن يدرك ذلك على مائدة الطعام يتذكر آية كريمةأخرى:?أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون. وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إن اللهلغفور رحيم?[النحل:17-18].
وإذا استمرّينا في التفكر، نصلالى إدراك المحاسن والدقائق في خلق الله أكثر. وخلال التأمل ملياً في هذه الأمورفإن الانسان الحي الضمير يعي أيضاً أن كونه قادراً على على استمداد المتعة مماأنعمه الله عليه فضل كبير من الله سبحانه وتعالى، ويتذكر أن حاستي الشم والتذوقتساعداننا على الإحاطة بالكثير من الجمال الكائن في هذه الدنيا. فيستمر الانسانبالتفكير:لو لم يكن لدينا حاسة الشم لما استطعنا أن نستمتع بالورود والفواكهوالمشاوي كما نستمتع الآن. ولو لم يكن لدينا حاسة التذوق لما تعرّفنا على الطعمالفريد للشوكولا والحلوى واللحوم والفراولة وغيرها من النعم.
يجب ألايغيب عن بالنا أنه لو لميتفضل الله سبحانه وتعالى علينا بكل هذه النعم لكنّا الآن نعيش في عالم ليس فيه لونأو طعم أو رائحة. ولولا فضله سبحانه وتعالى علينا لما استطعنا اكتساب أي من هذهالنعم بأي حال من الأحوال. ولكن الله تعالى قد أنعم على الناس فخلق النكهاتوالروائح، تماماً كما خلق لنا الجهاز العصبي كي نحيط بها.
إن من يؤمن بالله يسبّحه على مايراه من جمال في الطبيعة، فهو على علم ودراية بأن الله هو خالق كل ما يوجد من جمال،وأن كل هذه المحاسن هي ملك لله، وتجلّيات لما يختص به سبحانه وتعالى من جمال.
خلال التنزه في الطبيعة، يصادفالإنسان المزيد من الجمال، فمن القشة إلى الأقحوان الأصفر، ومن الطيور إلى النمل.. كل شيء مفعم بالتفاصيل التي تحتاج إلى التفكير فيها. وحينما يتفكر الناس فيها يصلونإلى فهم قوة وقدرة الله.
فالفراشات مثلاً ذات جمال بديعجداً، فبأجنحتها المتساوقة وتصاميمها المزكرشة بتماثل تام وكأنها مرسومة باليدوألوانها الفوسفورية، تشكل الفراشات دليلاً على إبداع الله وقدرته العظيمة علىالخلق.
وبشكل مماثل فإن النباتات التيلا تعد ولا تحصى، وأنواع الأشجار على الأرض هي من المحاسن التي خلقها الله، وقد خلقالله الأزهار بألوانها والأشجار بأشكالها المختلفة كي تضفي على حياة الإنسان بهجةكبيرة.
والمؤمن يتفكر كيف أن الورودوالأزهار، مثل البنفسج والأقحوان والزنبق والقرنفل والأوركيد ناعمة الملمس تنبت منبذورها ملساء تماماً دون تجاعيد وكأنها مكوية!
ومن العجائب الأخرى التي خلقهاالله تعالى شذى هذه الأزهار، فالوردة مثلاً لها عبير قوي دائم التجدد، ورغم أحدثالتطورات التكنلوجية لم يستطع العلماء أن يصنعوا رائحة تضاهي تماماً عبير الورود،فالأبحاث المخبرية التي تحاول تقليد هذا العبير لم تثمر عن نتائج مرضية .
فبشكل عام فالعطور التي صنعتأساساً برائحة الورود حادة ومزعجة في حين أن رائحة الوردة الأصلية لا تزعج!
ومن يؤمن بالله يعلم أن كلاً منهذه النباتات خلق له ليُسَبِّح الله، وليبرز له إبداع الله وعلمه في ما خلقه سبحانهوتعالى منجمال ، ولذلك فإن من يرى هذا الجمال حينما يتنزه في الحديقة يمجد اللهفيقول ?ما شاء الله ولا قوة إلا بالله?[الكهف:39]. ويتذكر أن الله قد سخر هذاالجمال لخدمة الإنسان وأنه سوف يمنح المؤمنين نعماً ممتازة لا تقارن في الآخرةفيزداد حبه لله تعالى.
الناس بشكل عام لا يدركون أيمعنى للتفكير في الكائنات الحية التي يرونها في محيطهم. ولا يتخيّلون ان هذهالكائنات الحية التي يصادفونها كل يوم لها ميزات مثيرة للاهتمام. أما بالنسبةللمؤمن فإن كل كائن حي خلقه الله يحمل آثار الكمال في خلقه، والنمل بعض هذهالمخلوقات.
فالمؤمن الذي لا يعمي عينه عنالنمل الذي يراه حين يتنزه في الحديقة يشهد الكمال في خلق الله من خلال رؤيتهلميزاتها المدهشة.
فحتى مشاهدة تحركات النملة تستحثالعقل فهي تحرك أرجلها المتناهية الدقة بأسلوب متتال منتظم إلى أبعد حد، فهي تعرفتمام المعرفة أي رجل يجب أن تقوم بالخطوة الأولى وأيها تقوم بالخطوة التالية،وتتحرك بسرعة دون ترنّح.
وهذه الحشرة الصغيرة ترفع فتاتاًأكبر بكثير من جسمها، وتحمله إلى وكرها بقلبها وروحها، وتسافر مسافات طويلةبالمقارنة مع جسمها الضئيل.
وبكل سهولة تستطيع أن تجد وكرهافي الأرض التي لا معالم تميزها دون أن يكون هناك مرشد في خدمتها. ورغم أن مدخلالوكر صغير لدرجة لا نستطيع معها نحن أنفسنا أن نجده، لا تختلط عليها الأمورفتجدهأينما كان.
عندما يرى الإنسان هذه النملاتفي الحديقة وهي مصطفة في خط الواحدة تلو الأخرى، تكدح بحماس لتحمل الطعام إلى وكرهالا يمكنه التوقف عن التساؤل عن طبيعة هذا التصميم على العمل بكد الذي تملكه هذهالحشرات الصغيرة جداً،.
ثم يدرك الإنسان أن النملة لاتحمل الطعام لنفسها فقط ولكن أيضاً لأعضاء أخر في المستعمرة، للملكة، ولصغارالنمل.
وما يحتاج الإنسان أن يتفكر بههو كيف يمكن لهذه الحشرة الصغيرة جداً التي لا تمتلك دماغاً متطوراً أن تعرفالاجتهاد والنظام والتضحية بالنفس. وبعد التأمل ملياً بهذه الحقائق يصل الإنسان إلىالخلاصة التالية: النمل مثله مثل باقي الكائنات الحية تعمل بإلهام من الله، ولاتأتمر الا بأمره سبحانه وتعالى.
والمؤمن عندما يتنزه في الحديقة،يتفكر أيضاً بنتة اللبلاب (نبتة متعرشة) التي يصادفها، وهي من أجمل ما خلق اللهتعالى. فبالنسبة لمن يتفكر هناك دائماً آيات يتعلمها من كل شيء حي.
فعلى سبيل المثال، في لف نبتةاللبلاب نفسها حول غصن ما أو أي شيء، أمر يحتاج الإنسان للتفكر فيه بدقة. ولو أنمراحل نمو هذه النبتة صوّرت، ثم أعيد عرض الشريط بسرعة لرأينا أن هذه النبتة تتحرككما لو أنها كائن مدرك. فكأنها ترى أن هناك غصناً أمامها فتمد نفسها باتجاهه وتوثقهإليه وكأنها تحكم الخناق حوله. وأحياناً تلتف حول الغصن عدة مرات لتثبت نفسها، ثمتنمو بسرعة بهذه الطريقة، وتنشيء لنفسها طريقاً جديداً أما بالعودة أو التقدم إلىالأسفل عندما يصل ممرها إلى نهايته.
والمؤمن الذي يشهد كل هذه الأموريدرك مرة أخرى أن الله سبحانه وتعالى خلق كل الكائنات الحية بأنظمة فريدة خالية منالخلل.
وفيما يستمر المرء بمراقبةتحركات نبتة اللبلاب فإنه يشهد معلماً آخر مهماً من معالم هذه النبتة، حيث يرى أنهذه النبتة تلصق نفسها بإحكام بالسطح الذي تتموقع عليه عبر تمديد أذرع إلى جوانبه،كما تفرز هذه النبتة "غير المدركة" مادة دبقة قوية لدرجة قد تنزع الدهان عن الحائطإذا حاول الإنسان إزالتها.
وجود مثل هذه النبتة يظهر للمؤمنالذي يتفكر في هذه الأمور القدرة الكلية لله خالقها.
نشاهد الأشجار في كل يوم وكلمكان، ولكن مع ذلك هل تفكرتم يوماً كيف يصل الماء إلى أبعد ورقة في أعلى غصن فيالشجرة الباسقة؟
يمكننا أن نمتلك فهماً أفضلللطبيعة غير العادية لهذا الأمر عن طريق المقارنة. فمن المستحيل أن يرتفع الماء منالخزان الكائن في قبو المبنى الذي نسكن فيه، إلى الطوابق الأعلى دون محرك دفع مائي،أو غيره من المحركات القوية. إذ لا يمكن حتى ضخ المياه إلى الطابق الأول ، وهذايعني أنه يجب أن يكون هناك نظام ضخ في الأشجار شبيه بمحرك الدفع المائي، وإلا إذالم يستطيع الماء الوصول إلى جذع الشجرة وأغصانها فإن الشجرة تموت سريعاً. لقد خلقالله كل شجرة مزودة بكل المعدات الضرورية، وعلاوة على ذلك فإن نظام الدفع المائي فيالكثير من الأشجار أرفع من أن يقارن بذلك الموجود في المباني التي نعيش فيها؛ وماذكرناه واحد من الموضوعات التي يتفكر فيها من ينظر إلى كل الأشياء بعين البصيرة،عندما يشاهد النباتات.
وهناك موضوع آخر له علاقة بأوراقالأشجار. فمن يتفكر في الأشياء التي يشاهدها، لا يعتبر، حين ينظر إلى الأشجار،أوراقها أشكالاً عادية ألف مشاهدتها. فهو يتفكر في أمورمختلفة لا تخطر لمعظم الناس،فمثلاً، مع أن أوراق الأشجار رقيقة جداً، فإنها لا تجف بفعل الحر الشديد، ولو أنإنساناً بقي في الخارج ولو لوقت قصير في حرارة تبلغ أربعين درجة مئوية، فإن لو جلدهيتغير، ويعاني من الجفاف، في حين تستطيع أوراق الأشجار أن تبقى خضراء لأيام وحتىشهور في الحر الشديد دون أن تحترق، على الرغم من ضآلة كميات المياه التي تجري فيأوعيتها الشبيهة بالخيوط؛ وهذه معجزة في الخلق تبين أن الله خلق كل شيء بعلم منقطعالنظير. وبالتفكر في معجزة الخلق هذه يرى المؤمن عظمة الله ويذكره سبحانهوتعالى.
يتابع الناس الأخبار في الجريدةاليومية وعبر التلفاز أما خلال النهار أو حين يعودون إلى بيتهم في المساء. وفي هذهالتقارير الكثير من القضايا التي يمكن أن يتفكر فيها الإنسان الحي الضمير ويأخذحذره منها ويرى فيها آيات الله.
في كل يوم على الصفحات المحليةللأخبار في الجرائد والنشرات الأخبارية، تطالعنا تقارير عديدة عن القتل والجرح،واللصوصية والسرقات والسلب والانتحار. وتكرر وقوع هذه الأحداث والعدد الكبيرللأشخاص الميالين جداً إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم يشير إلى الضرر الذي يعاني منهالناس الذين لا يؤمنون بالله. فخطف شخص ما لطفل صغير من أجل الفدية مسبباً له خوفاًعظيماً، أو حتى قتله، وتصويب شخص أخر مسدساً في وجه رجل وقتله، دون تردد، وقبولثالث الرشوة، أو القيام بسلب الأموال أو الانتحار.. كلها تشير إلى أن هؤلاء الأشخاصلا يخافون الله ولا يؤمنون بالآخرة. فمن يخاف الله ويعرف أنه سيحاسب في الآخرة لايفعل هذه الأمور أبداً. كل هذه الأفعال عقوبتها في الآخرة نار جهنم إذا لم يتب عنهامرتبكها وإذا لم يسامحه الله ويرحمه.
وقد يقول أحدهم:"أنا ملحد لاأؤمن بالله ومع ذلك فأنا لا أقبل الرشوة". ولكن هذا التعبير من إنسان لا يؤمن باللهغير مقنع أبداً. فمن المحتمل جداً أن يخل هذا الشخص بوعده إذا تبدلت الظروف، فعلىسبيل المثال إذا اضطر هذا الإنسان إلى إيجاد المال لسبب طارئ، وصودف أن كان في وضعفيه فرصة للسرقة أو قبول الرشوة، فمن غير المتوقع أن يكون عند كلمته عندما تكونحياته على المحك. ومع أن هذا الشخص قد يتجنب قبض الرشوة في الظروف الصعبة، فإنه قديميل إلى ارتكاب غيرها من المحظورات، أما المؤمن فلا يقوم بأي عمل لا يستطيع أنيتحمل عاقبته في الآخرة.
إذاً، فإن سبب هذه الأحداث التيتجعلنا من المعترضين بأصواتنا في الجرائد والتلفزيونات وفي حياتنا الاجتماعية،وتدفعنا إلى أن نصرخ بقوة: "ماذا حصل لهذا المجتمع" هو في الحقيقة، قلة التدين. والمؤمن الذي يرى هذه التقارير لا يعمي عينيه عنها بل يفكر بأن الحل الوحيد بالتحدثبدعوة الناس الى الدين، وإحياء قيمه.. ففي المجتمع الذي يتكون من أناس يخافون اللهويعلمون أنهم سيحاسبون في الآخرة من المستحيل لهذه الأحداث أن تقع بهذه الدرجة التيتقع فيها في أوقاتنا هذه. ففي مثل هذا المجتمع سوف يعيش الناس في أعلى درجات الأمنوالسلام.
تشكل برامج النقاش التي تذاع علىالتلفاز مادة أخرى للتفكر فيها لمن يتابع التفكر في الأمور من حوله.
وبرامج النقاش هذه تستضيفالأشخاص الأكثر إلماماً بموضوع الساعة والأكثر علماً به. فيناقش هؤلاء موضوعاً مالساعات من غير أن يكون أحد منهم قادراً على إيجاد حل أو الوصول إلى استنتاج ما، معأن هؤلاء الذين يشاركون في هذه البرامج يعتبرون مؤهلين لحل هذه القضايا.
وبالفعل، فإن حلول معظم هذهالقضايا واضح بما فيه الكفاية ومع ذلك فإن مصالح الناس الشخصية، وبقاؤهم تحت تأثيرنفوذهم الحالي وسعيهم لإظهار انفسهم بدل البحث بإخلاص عن الحلول يوصلهم إلى مأزقوطريق مسدود.
والإنسان الحي الضمير الذي يشهدكل هذايجزم بأن سبب هذه الأحداث يكمن في بعد المجتمع عن دين الله، فمن يؤمن باللهلا يظهر منه أي تصرف أخرق، لا مسؤول أو فارغ. فهو يعلم أن هناك خيراً في كل حادثيعرّضه الله له، وأنه في امتحان دائم في هذه الحياة، وعليه أن يستخدم رشده وعلمهوقوته بطريقة ترضي الله.
بالإضافة إلى ذلك، عندما يشاهدالمؤمن هذه البرامج يتذكر قوله تعالى: ?...وكان الإنسان أكثر شيءٍجدلا?[الكهف:54].
ان وجود مثل هذه البرنامج يكشفعن طبيعة الناس المولعة بالجدل والخصام. وهذا ما يؤدي بهم في معظم الأوقات إلىالفشل في فهم المطلوب، فهوسهم بما سيقولون، ومحاولتهم قوله أولاً، ومقاطعتهم بعضهمبعضاً ورفعهم أصواتهم بسهولة وانفعالهم الشديد بلمحة، ومباشرتهم بكيل الشتائملبعضهم، تكشف بوضوح الجوانب السلبية لذوي الثقافات الرفيعة ظاهرياً الذين ينقصهمالإيمان بالله.
بمشاركة أشخاص مخلصين وصادقينمائة بالمائة، ممن يخافون الله لا يمكن لهذه المناقشات المطولة وغير المثمرة أنتحدث،ف بما أن الهدف هو إيجاد الحلول الأكثر إرضاءً لله ومنفعة للناس، فإن أفضلأساليب التفكير وأكثرها ضميرية،توضع وتطبق دون تضييع الوقت، وبما أن ضمير الكل سوفيرتاح بالوصول إلى النتيجة النهائية فإن الخصام والجدل لن يقعا.
وإذا كان هناك لأي واحد اعتراضمبني على أسباب معقولة تظهر طريقة أفضل في الحل فإن اقتراحه يطبق مباشرة، وخلافاًلغيرهم، فإن من يؤمنون بالله لا يظهرون تصرفات عنيدة ومتعجرفة؟ وعندما يتذكرون قولهتعالى ?... وفوق كل ذي علم عليم?[يوسف:76]، يطبقون أفضل الخيارات التي يقدرونعليها.
هذه النقاشات التي تستمر حتىالصباح دون الوصول إلى أي حل تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار لأنها تظهر ما يمكن أنيحدث في البيئات التي لا تعيش قيم وأخلاق الدين الرفيعة.
عدم العدل بين الناس من القضاياالتي تتداول باستمرار في وسائل الإعلام، ففيما هنالك في أحد جوانب العالم بلدانمزدهرة بشكل ملحوظ تتمتع بدرجات عالية من الرفاهية، هناك في الجانب المقابل أناس لايجدون ما يأكلونه وليس لديهم دواء لعلاج حتى أبسط الأمراض و يتكرر وقوع الموت فيصفوفهم بسبب الإهمال. أول ما يكشفه هذا الوضع هو النظام الجائر السائد في العالم. من السهل جداً على البلدان الغنية إنقاذ هؤلاء الناس، فعلى سبيل المثال، قرب الأممالتي تموت من الجوع في أفريقيا هناك مجتمعات كدست الثروات من مناجم الماس، وبالتاليأنشأت "مدنية" متقدمة. ورغم أنه من السهل جداً إعادة إسكان هؤلاء الأشخاص الذينيعيشون في الفقر قريبين من المجاعة متروكين عرضة للموت ، أو تأمين الموارد التيتتوافق مع احتياجاتهم، في المناطق التي يعيشون فيه،ا فإنه لعقود من الزمن لم يتمالبحث عن حلول أساسية لمشكلتهم؛ ومع أن مساعدتهم ليست مهمة يستطيع عدد قليل منالناس القيام بها، إلا أنه من أجل إيجاد حل نحتاج الى الكثير من التضحية بالنفس،وذلك فإن عدد الأشخاص الذين يمكن الادعاء بأنهم ينكبون على محاولة حل مثل هذهالمشكلة قليل جداً.
تريليونات من الدولارات تبدد فيكل جزء من العالم لأسباب مختلفة، حتى ان بعض الناس يرمون طعامهم لأن كمية الملحالتي فيه لم تعجبهم، فيما يموت غيرهم لأنه غير قادر على إيجاد كمية كافية من الطعامليأكلها وفي هذا دليل واضح ضد نظام عالمي جائر سببه عدم تطبيق قيم الدين علىالأرض.
ومن يرى كل هذا يجزم بأن الشيءالوحيد الذي يزيل هذا الجور هو الالتزام بأوامر الله، فالناس الذين يخافون اللهويتصرفون بما تمليه عليهم ضمائرهم لا يمكن أن يسمحوا بمثل هذا الظلم والجور. وسوفيساعدون المعوزين بحلول محدودة وسريعة وطويلة الأمد، دون أن يسمحوا بأي نوع منأنواع التفاخر، وإذا اقتضت الضرورة يستثمرون جميع الإمكانيات الموجودة فيالعالم.
ويخبرنا الله في القرآن الكريمأن مساعدة الفقراء والمعوزين هي من صفات الأشخاص الذين يخافون الله واليوم الآخر ?ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريدمنكم جزاءً ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا?[الإنسان:8-10]. وعدمإطعام الفقراء من صفات الأشخاص الكافرين الذين لا يخافون الله ?خذوه فغلّوه. ثمالجحيم صلّوه. ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه. إنه كان لا يؤمن باللهالعظيم. ولا يحض على طعام المسكين. فليس له اليوم هاهنا حميم. ولا طعام إلا منغسلين. لا يأكله إلا الخاطئون?[الحاقة:30-37].
بعض التقارير التي يصادفها الناسباستمرار في الجرائد والتلفزيونات تتعلق بالكوارث، فالناس قد يتعرضون للكوارث في أيوقت. فقد تحدث هزة أرضية قوية، وقد يشب حريق وقد يحدث فيضان، ومن يرى هذه التقاريريتذكر أن الله قادر على كل شيء فباستطاعته أن يسوي مدينة ما بالأرض إذا أراد،وبالتفكر في هذا الأمر يدرك الإنسان أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، ولا مغيث إلاهو، فحتى أقوى المباني والمدن المجهزة بأحدث وسائل التكنلوجيا لا تستطيع أن تقف فيوجه قوة الله فهي الأخرى قد تفنى في لحظات.
وكل هذه المشاهد هي من أجل أنيتفكر فيها الإنسان ويعتبر، ومن يسمع تقارير الكوارث يفكر أيضاً بأن الله قد أنزلالكارثة على مدينة ما لسبب معين. ففي القرآن الكريم يذكر الله تبارك وتعالى أنهينزل العقاب بالأمم العاصية تنبيهاً لهم أو جزاءً على أفعالهم، ومن ثم فإن سبب حدوثالكوارث إما أن يكون تطبيق مجتمع ما لقيم تغضب الله، فيعاقبهم على ذلك أو امتحاناًللناس ببعض الشدة في هذه الدنيا.
وبالتفكر في هذه الإمكانيات يخافالمؤمن أن تقع به هذه الكوارث فيستغفر الله سبحانه وتعالى على أعماله.
لا يمكن لأي شخص أو أمة أنتتفادى وقوع أي كارثة إلا إذا أراد الله. ولا فرق في ذلك بين أغنى وأقوى المدن وأيمكان آخر عادي يعتبر قليل المخاطر بسبب موقعه الجغرافي، فالله تعالى يقول انه ليسهناك أمة تستطيع تفادي الكارثة عندما تحل بها.
?أفأمن أهل القرى أن يأتيهمبأسنا بياتاً وهم نائمون. أ وأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحىً وهم يلعبون. أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. أولم يهد للذين يرثونالأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون? [الأعراف:97-100]
موضوع آخر يتداول به باستمرار فيالأنباء هو التراجع الاقتصادي؛ وتحديداً هناك عدد من المواد الاخبارية السلبية تنشرعن الربا يومياً. ومن يقرأ هذه التقارير التي تذكر أن الربا أصبح خارجاً عن السيطرةوسبباً للنكماش الاقتصادي يدرك أن الله يضعف أرباح الناس جزاء على تبني مثل هذاالصنيع المحرّم والبغيض_اي الربا. وكما تذكر الآية الكريمة:? يمحق الله الربا ويربيالصدقات والله لا يحب كلّ خوّان أثيم? ] البقرة:276[ فإن الله سبحانه وتعالى يزيلالأرباح المحققة عن طريق الربا ويقلل الانتاجية. هذه الحقائق مذكورة أيضاً في آيةأخرى على الشكل التالي:? وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند اللهوما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون?] الروم:39[.
ومن يتفكر في هذه التقارير يرىفيها هي أيضاً مثالاً على ما تبينه آيات القرآن الكريم للناس.
ومن الممكن أيضاً أن نرى فيالبرامج التلفزيونية وفي المجلات والصحف الجمال الذي خلقه الله ونتفكّر فيه. فمشاهدة أو زيارة مكان ذي منظر خلاب مثل بيت جميل أو حديقة أو شاطىء بحري يمتعالجميع بالتأكيد. فقبل كل شيء هذه المشاهد تذكرنا بالجنة، ومن خلال مشاهدتها يتذكرالمؤمن مرة أخرى أن الله الذي ينعم علينا بهذه النعم ويرينا هذا الجمال الباهر سوفيخلق في أماكن لا تضاهى جمالاً في الجنة.
ومن يرى هذه المشاهد يتفكّربالتالي أيضاً: كل جمال خلق في هذه الحياة الدنيا فيه العديد من النقائص والعيوبلأن الحياة الدنيا دار اختبار. ومن يمضي بعض الوقت في أحد المنتجعات التي كان قدشاهدها قبل ذلك في التلفاز يلاحظ هذه العيوب. فشدة رطوبة الطقس وملوحة مياه البحرالمزعجة والحر المحرق والبعوض أمثلة على ذلك. بالإضافة الى ذلك فإن الكثير منالصعوبات الدنيوية قد تحدث مثل حروق الشمس، مشاكل وكالة السفر التنظيمية، والطبيعةالعصبية للأشخاص الذين يشاركهم المكان.
أما في الجنة فإن منابع كل هذاالجمال ستكون هناك. ولن يكون هناك أي شيء مزعج، ولن ينعقد أي حديث غير مرضٍ. ففي كلجمال يقابله المؤمن في هذه الحياة الدنيا يزداد توقه الى الجنة، ويشكر الله دائماًعلى نعمه التي أنعمها عليه في هذه الحياة، ويستمتع بالتفكير بأن منابع هذه الأمورالجميلة توجد في الجنة، ولا ينسى هذا أبداً بالانجراف بمفاتن الحياة الدنيا، فيعيشحياته بالطرق التي تنتهي به الى امتلاك الجمال الأبدي، وتجعله أهلاً لدخولالجنة.
ما لم يتفكر الانسان بالأشياءالتي يعرفها، فإنه لن يستطيع أن يدرك دقائقها، ولا أن يفهم ماهية هذا المحيطالاستثنائي الذي يعيش فيه.
ولهذا الاعتبار فإن المؤمن يتفكرباستمرار في الأحداث والكائنات الحية التي خلقها الله، ومع أن هذه الأمور قد تكونمعروفة لدى الكثير من الناس، إلا أن المؤمن من خلال تفكّره فيها يكون قادراً علىاستخلاص نتائج مختلفة عما يصل اليه الآخرون.
فعلى سبيل المثال من المعروفحيداً أن المكوّن الأساس لكل ما في الكون من كائنات حية وجماد هو الذرّة. فكل الناسيعلمون أن الكتاب الذي يقرأون فيه والكنبة التي يجلسون عليها والماء الذي يشسربونهوكل الأشياء التي يرونها حولهم مكوّنة من ذرّات. ولكن فقط ذوي الضمائر الحيّةيفكرون أبعد من ذلك ويشهدون على قوة الله العظيمة.
فعندما يرى مثل هؤلاء الأشخاصتقارير حول هذا الموضوع يفكرون بالتالي: الذرات مخلوقات جامدة فكيف يمكن لمادةجامدة أن تتجمع لتكوّن إنساناً متحركاً قادراً على الرؤية والسمع وتفسير ما يسمعهوالاستمتاع بالموسيقى التي يسمعها والتفكير واتخاذ القرارات، والحزن والفرح؟ وكيفيقدر الانسان على اكتساب مثل هذه السمات التي تميّزه عن غيره مما يتكوّن منالذرات؟
بالتأكيد ان الذرات الجامدة غيرالمدركة لا يمكن أن تعطي الانسان هذه الخصائص. فمن الواضح أن الله هو الذي خلقالانسان بروح قد وهبت كل هذه الخصائص، وهذا يذكّرنا بقوله تعالى:? الذي أحسن كل شيءخلقه وبدأ خلق الانسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سوّاه فنفخفيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون?]السجدة:7-9[
هل تفكرت يوماً في كون كل شيءمسخّر للإنسان وحده؟
عندما يبحث المؤمن في كل مافيالكون من أنظمة وكل ما فيه من كائنات حيّة وجماد بعينٍ يقظة، يرى أنها كلها مسخّرةللإنسان، ويفهم أنه ليس في الوجود شيء جاء بمحض الصدفة، بل خلق الله كل شيء بإتقانلخدمة الإنسان.
فمثلاً يتنفس الإنسان كل الوقتدون بذل جهد، فالهواء الذي يستنشقه لا يحرق مجرى تنفسه ولا يصيبه الدوار ولا يسببله أوجاعاً في الرأس، فنسب الغازات في الهواء ملائمة لجسم الإنسان. ومن يتفكر فيهذه الأمور يتذكر نقطة أخرى هامة جداً، فلو كان تركز الأوكسيجين في الهواء أكثرقليلاً أو أقل قليلاً فما هو عليه لاختفت الحياة في الحالتين. فيتذكر عندها الأوقاتالعصيبة التي قضاها في الأماكن الخالية من الهواء الطلق. وفيما يتابع المؤمن التفكرفي هذا الموضوع فإنه يشكر الله باستمرار لأنه يدرك بأن الغلاف الجوي للأرض كان يمكنان يتألف مما تألفت به الغلافات الجوية لباقي الكواكب، ولكن الأمر ليس كذلك فالغلافالجوي للأرض مخلوق بتوازن كامل وبترتيب يسمح للبلايين من الناس التنفس دون جهد.
ومن يستمر في التفكر في الكوكبالذي يعيش فيه، يفكر كم أن الماء الذي خلقه الله مهم لحياة الإنسان فيرد على ذهنهكون الناس بشكل عام يفهمون أهمية الماء فقط عندما يحرمون منه لفترة طويلة. فالماءمادة نحتاجها في كل لحظة من حياتنا. فعلى سبيل المثال، هناك كمية معتبرة من خلاياجسمنا ومن الدم الذي يصل إلى جميع أنحاء الجسم مكونة من الماء. ولو لم تكن كذلك فإنسيلان الدم سوف يقل ويصبح جريانه في العروق صعباً جداً. وسيلان الماء مهم ليسلأجسامنا فقط ولكن للنباتات أيضاً، حيث ان الماء يصل إلى أبعد أطراف اوراق الاشجارعبر المرور بأوعيتها الشبيهة بالخيوط.
كما ان كمية المياه الكبيرة فيالبحار هي التي تجعل أرضنا مأهولة. فلو أن نسبة البحار إلى اليابسة في الأرض كانتأصغر لتحولت اليابسة الى صحارى ولاستحالت الحياة.
والإنسان الحيّ الضمير الذييتفكر في هذه الأمور مقتنع كلياً بأن إيجاد هذا التوازن الكامل على الأرض بالتأكيدليس صدفة. وملاحظة كل هذا والتفكر فيه يظهر ان الله العظيم ومالك القدرة الأبديةخلق كل شيء لهدف.
بالاضافة إلى ذلك يتذكر هذاالإنسان ان هذه الأمثلة التي يتفكّر فيها هي غيض من فيض، وفعلاً من المستحيل إحصاءالأمثلة فيما يتعلّق بالتوازن الدقيق على الأرض، ومع ذلك فإن الإنسان الذي يتفكريستطيع ملاحظة النظام والكمال والتوازن المنتشرفي كل زاوية من زوايا الكون وبالتالييمكنه الوصول إلى خلاصة مفادها ان الله سخّر كل شيء للإنسان. ويذكر الله تعالى هذهالحقائق في القرآن الكريم بقوله:?وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منهإن في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون? ]الجاثية:13[
كل منا مطّلع على مفهم الخلود،ولكن هل تفكّرتم فيه يوماً؟
الخلود من أهم الموضوعات التييتفكر فيها من يؤمن بالله. فخلق الله للحياة الأبدية في الجنة والنار موضوع مهميحتاج كل واحد منا أن يتفكر فيه، ومن يفعل ذلك تدور في خلده الأمور التالية: الطبيعة الأبدية للجنة من أعظم النعم والمكافآت التي تمنح في الحياة بعد الموت،فإذا كان من الممكن أن يعيش الانسان في هذه الحياة الدنيا مائة عام، فإن الحياةالرائعة في الجنة لا تنتهي أبداً، فهي غير محدودة بزمن، فبالمقارنة مع بلايينيلايين العصور تبدو هذه البلايين قصيرة بالنسبة لها.
من يتذكر هذه الأمور يلاحظ أنهمن الصعوبة بمكان أن يحيط الانسان بماهية الخلود، ويمكن لهذا المثال ان يوضحالموضوع: إذا كان هناك بلايين بلايين الناس استمروا في التوالد على مدى بلايينبلايين العصور بنفس الوتيرة ليلاً نهاراً وإذا عاش كل واحد منهم بلايين بلايينالسنوات الى منتهاها فإن الرقم الذي سيصلون اليه بمجموعه يبقى صفراً بالنسبة الىالرقم الذي سيعيشونه في الحياة الأبدية.
ومن يتفكر بهذا يصل الى النتائجالتالية: إن الله عنده علم عظيم، فما هو أبدي بالنسبة للإنسان قد انتهى بالنسبةاليه، وكل الأحداث التي وقعت من اللحظة الأولى لبداية الزمان الى نهايته، بكلأشكالها وأزمنتها، فإنها قد حدثت وانتهت بعلم الله تعالى.
وبنفس الطريقة يجب أن يفكر المرءبأن جهنم هي المكان الذي سيخلد فيه الكافرون الى الأبد، وفيها أنواع العذابالمختلفة والكربات، حيث سيكون الكافرون عرضة لعذاب جسدي وروحي لا ينقطع ولا يتوقفولا يعطى المعذّب أي وقت لينام أو يرتاح. ولو كان هناك نهاية للحياة في جهنم لكانهناك أمل لأصحاب النار حتى لو كانت هذه الراحة بعد بلايين بلايين السنين، ولكنهميجزون بالعذاب الأبدي على شركهم بالله وكفرهم.?والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنهاأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون? ]الأعراف:36[
من المهم جداً أن يحاول كل فردفهم موضوع الخلود من خلال التفكر فيه، فإن هذا يزيد من سعيه الى الآخرة ويعزز فيهالخوف والرجاء معاً، ففيما يخلف من العذاب الأبدي فإنه يتعلق بالرجاء بدخول الجنةوالنعيم المقيم.
الإنسان الذي يتفكر يرى غاياتمهمة كامنة وراء وجود الأحلام. فهو يتفكر كم تبدو الأحلام التي يراها خلال نومهواقعية، حيث لا تختلف من هذه الناحية عن لحظات اليقظة. فعلى الرغم من أن الجسم يكونفي حالة استلقاء على السرير، فإن الانسان يمضي في منامه في رحلات عمل، ويلتقيأشخاصاً لم يلتق بهم من قبل، ويتناول طعام الغداء وهو يستمع الى الموسيقى، ويستمتعبنكهة طعامه، ويرقص على وقع الموسيقى، ويتحمس لما يقع من أحداث، ويفرح، ويحزن،ويخاف، ويتعب.. وقد يقود مركبة آلية لم يقدها من قبل، ودون أن يتقن فن القيادةأصلاً!
ومع أن جسده كان مستلقياً بلاحراك، وعيناه مغمضتان فإنه رأى صوراً متعددة في الأماكن التي رآها في منامه، ومع أنالغرفة كانت خالية فإنه سمع أصواتاً، مما يعني أن الذي أبصر لم تكونا العينين، وأنالذي سمع لم تكونا الأذنين، فكل شيء حدث في ذهنه، ومع ذلك كان كل شيء يبدو واقعياًوكأن كل هذه الانطباعات الذهنية لها شكل أصيل.
اذن ما الذي يشكل مثل هذه الصورالتي لا اصل لها في العالم الخارجي، فالانسان لا يستطيع أن يشكّلها خلال نومه عنوعي وقصد، ولا دماغه يستطيع أن يولّد هذه الصور من تلقاء نفسه، فالدماغ عبارة عنكتلة من اللحم مكوّنة من جزئيات بروتينية، ومن غير المنطقي أبداً الادعاء بأن هذهالمادة تستطيع تشكيل الصور بنفسها، أو تشكيل وجوه بشرية وأماكن وأصوات لم ترها أوتسمعها من قبل. فمن إذن يرينا هذه الصور في أحلامنا خلال فترة النوم؟
من يمعن التفكر في هذه الأسئلةسوف يرى الحقيقة الواضحة، وهي أن الله تعالى هو الذي يجعل الناس ينامون فيتوفىأنفسهم عندها، ثم يعيدها اليهم عندما يستيقظون، ويريهم الأحلام خلال نومهم.
ومن يعلم أن الله هو الذي يريناالأحلام، فإنه يتفكر أيضاً بالغايات والأسباب الكامنة وراء خلقها، ففي أحلامه يكونالانسان واثقاً من الناس وما يمر به من أحداث وكأنه في حالة اليقظة، ولو أن أحدهمقال لنا:"إنكم تحلمون الآن، استيقظوا.." لما صدّقناه! ومن يدرك كل ذلك سوف يتساءل: من يستطيع الادّعاء أن هذه الحياة ليست فانية، وأنها ليست شبيهة بالحلم، وأنه كمانستيقظ من أحلامنا الآن، فإننا يوماً ما سنستيقظ من هذه الحياة لنرى مشاهد مختلفةتماماً.. هي مشاهد الآخرة.
الفصل الخامس
القرآن الكريم آخر كتاب أنزلهالله على عباده، وكل إنسان يعيش فوق هذه البسيطة ملزم بتعلّم القرآن وتنفيذ الأوامرالمنزلة فيه. ومع أن معظم الناس يقرّون بأنه كتاب مقدس فإنهم لا يتدبّرون آياته،ولا يتفقّهون في ما نزل فيه، ولا يطبقون ما أمرهم الله به من خلاله ، فهم يكتفونبمعرفة القرآن من خلال المعلومات التي يحصّلونها من هنا وهناك، في حين أن أهميةتفكر الانسان في القرآن ومكانته أمر عظيم.
فقبل كل شيء، من يتدبر القرآنسيرغب في معرفة خالقه وخالق هذا الكون الذي يعيش فيه، من أعطاه الحياة عندما كانعدماً، وأنعم عليه بنعم وأمور جميلة لا تعدّ ولا تحصى، ليسلك السبيل الذي يرضيهسبحانه وتعالى. والقرآن الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلّم هو خير مرشدالى هذا السبيل. من أجل ذلك يحتاج الانسان الى معرفة الكتاب الذي أرسله اللهوالتفكر في كل آية من آياته حتى يميز الخبيث من الطيّب، وينفذ أوامر الله كما يحبسبحانه ويرضى.
ويذكر الله تبارك وتعالى الغايةمن إنزال القرآن فيقول:? كتاب أنزلناه اليك كبارك ليدّبّروا آياته وليتذكّر أولواالألباب?]ص:29[
? كلا إنه تذكرة. فمن شاء ذكره. وما يذكرون إلا أن يشاء الله، هو أهل التقوى وأهل المغفرة? ]المدثّر54-56[
كثير من الناس يقرأون القرآنولكنهم يغفلون عن أهم هدف من وراء القراءة، وهو تدبر كل آية، واستخلاص العبروالدروس منها، وتطويع سلوكنا وفقاً لما استخلصناه.. فمن يقرأ -مثلاً- قولهتعالى:?فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً?] الشرح:5-6[ ويتدبر معناه سوف يفهمان الله جعل لكل عسرٍ يسرأً، ولذلك فإنه لو مر بعسر فما عليه إلا أن يثق بأن اللهسوف يجعل معه يسراً. وإذا كان هذا وعد من الله لنا فحريّ بنا أن ندرك أن اليأسوالامتلاء بالهلع في اللحظات الصعبة إنما هو دليل على ضعفٍ في إيماننا، ولذلك يجبعلينا بعد قراءة هاتين الآيتين وتدبّر معناهما، أن نكيّف تصرفاتنا بمقتضاهما طوالحياتنا.
وفي القرآن أيضاً يذكر اللهقصصاً من حياة الرسل والأنبياء الذين عاشوا في الماضي، ليدرك الناس كيف كانت حياةوتصرفات وحديث من رضي الله عنهم، فيتخذهم قدوة. ويأمرنا الله تعالى أن نتفكّر فيقصص هؤلاء الأنبياء ونستخلص منها العبر فيقول:
?لقد كان في قصصهم عبرة لأوليالألباب...?] يوسف:111[
?وفي موسى إذ أرسلناه الى فرعونبسلطان مبين?] الذاريات:38[
? فأنجيناه وأصحاب السفينةوجعلناها آية للعالمين?] العنكبوت:15[ (النبي المشار اليه في هذه الآية هو نوح عليهالسلام.)
كما أن في القرآن ذكر للأممالغابرة، وأحوالهم والكوارث التي أنزلوها على أنفسهم. ومن الخطأ الجسيم قراءةالآيات المتعلقة بما حدث لهم من باب السرد التاريخي البحت، لأن الله تعالى أنزل هذهالآيات -كما غيرها- لنتدبّرها ونصلح أنفسنا من خلال الاتعاظ بما حل بهذه الأمم.
? ولقد أهلكنا أشياعكم فهل منمدّكر?]القمر:51[
? وحملناه على ذات ألواح ودسر. تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر. ولقد تركناها آية فهل من مدّكر. فكيف كان عذابيونذر. ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر?]القمر:13-17[
لقد أنزل الله القرآن هادياًللبشر، ولذلك فإن التفكر في آياته، والعيش بمقتضى ما في كل آية من دروس وتحذيرات هوالسبيل الوحيد الى رحمة الله وقبوله لنا ودخول جنته.
? ... وأنزلنا اليك الذكر لتبيّنللناس ما نزل اليهم ولعلّهم يتفكّرون? ]النحل:44[
في هذه الآية الكريمة -كما فيغيرها من الآيات- يدعو الله الناس الى التفكر. فالتفكر والتدبر، وإدراك الغاياتالخفية، والإعجاز في خلق الله، عبادة بحد ذاتها. فكل موضوع نتفكر فيه يعيننا أكثرعلى فهم وتعظيم قدرة الله وعلمه وإبداعه، وغيرها من صفاته سبحانه وتعالى.


****************************
· مقدمة
· التفكّر العميق
· التفكر يبطل السحر عن الناس
· التفكر ممكن في أيزمان وأي مكان
إخلاص النية لله عند التفكر
· بماذا يتفكر الناسعادة؟
· مخاوف غير ذاتنفع
· ما هي الأسبابالتي تمنع الناس من التفكر؟
· اتباع الأكثريةيؤدي الى الجمود العقلي:
· كثرة التفكيرمضرّة!
· تفادي المسؤوليةالتي تترتب على التفكر
· عدم التفكر بسببالانجراف في تيارالحياة اليومية
· النظر الى كل شيءبعين العادة وبالتالي عدم رؤية أية حاجة للتفكر فيها
· خلاصة: من الضرورةأن يزيل الانسان كل الأسباب التي تمنعه من التفكر
· تلك الأشياء التييجب أن نتفكّر فيها
· عندما يستيقظالإنسان في الصباح...
· بماذا يجعلناضعفنا نتفكر؟
· بماذا تجعلنا بعضمعالم جسم الإنسان نتفكّر
· ..في الطريق
· بماذا يجعلنا هذاالعالم المتعدد الألوان نتفكر؟
· بماذا يجب أنتذكّرنا عربة نقل الموتى
· خلال النهار
· بماذا تجعلناالصعوبات التي تعترضنا نفكر؟
· أمور نتفكر فيهاخلال عملنا
· بماذا تجعلنا شبكةالعنكبوت نتفكر؟
· بماذا يجعلناالمرض نفكر؟
· بماذا يتفكرالإنسان عندما يقابل شخصاً متعجرفا،ً مددللاً، مزعجاً، سيء الطبع؟
· خلال تناولالطعام
· بماذا تجعلناالفاكهة التي تقدم خلال وجبة الطعام نتفكر؟
· بماذا تجعلناالروائح والنكهات نتفكر؟
· خلال التنزه فيالحديقة..
· بماذا تجعلنامظاهر الجمال التي نراها في الطبيعة نتفكر؟
· هل تفكرت يوماً فينملة رأيتها خلال تنزهك في الحديقة؟
· بماذا تجعلناالتحركات "المدركة" لنبتة اللبلاب نتفكر؟
· بماذا تجعلناالأشجار نتفكر؟
· خلال قراءةالجريدة أو مشاهدة التلفاز..
· بماذا يجعلنا تكررقضايا العنف والسرقة والجريمة نتفكر؟
· بماذا تجعلنابرامج النقاش التي تستمر حتىالصباح نتفكر؟
· بماذا يجعلناالفقر والمجاعة في كل زاوية من زوايا العالم نتفكر؟
· بماذا تجعلناالكوارث التي تحدث حول العالم نتفكر؟
· بماذا تجعلنامستجدات موضوع الربا نتفكّر؟
· التفكر في الأماكنالجميلة
· بماذا نتفكّرعندما نقرأ في المجلات العلمية أن حجر بناء المادة هو الذرة؟
· بعض الحقائق التييصل إليها الإنسان عبر التفكر العميق
· بماذا يجعلناالخلود نتفكّر؟
· بماذا تجعلناالأحلام نتفكّر؟
· التفكر في آياتالقرآن الكريم
· إلى ما يدعو اللهالناس للتفكر فيه من خلال القرآن الكريم؟
· الله يدعو الإنسانالى التفكّر في خلقه
· ويدعو الناس الىالتفكر في خلق الكون..
· ويدعوهم الىالتفكر بالطبيعة الفانية لهذه الحياة الدنيا
· ...والى التفكر فيما هم فيه من نعم ورحمات
· ويدعو الانسانللتفكّر في أن هذا الكون كله مسخّر له
· ويدعو الناس الىالتفكر في أنفسهم
· ويدعوهم الىالتفكر بالقيم والأعمال الصالحة
· والله يدعو الناسالى التفكر في الآخرة، والساعة ويوم الحساب.
· ويدعو الإنسان الىالتفكّر في كل ما خلقه من كائنات حية
· ويدعوه الى التفكربالعقاب الذي قد ينزل به فجأة
· .. ويدعوه الىالتفكر في القرآن
· والرسل دعوا قومهمالذين لا يفقهون الى التفكر
· والله يدعو الناسالى مقاومة تأثير الشيطان
· ..ويشجع من أرسلاليهم القرآن على التفكر بعمق
· ..ويدعو الناس الىالتفكر في الموت والأحلام
الخلاصة:
? ويقول الإنسان أءذا متّ لسوفأخرج حيّا. أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئا?]مريم:66-67[
?إن في خلق السماوات والأرضواختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله منالسماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحابالمسخر بين السماء والأرض لآياتٍ لقوم يعقلون?[البقرة:164].
?إنما مثل الحياة الدنيا كماءأنزلناه من السماء فأختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذتالأرض زخرفها وازيينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراًفجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس وكذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون?[يونس:24].
?أيود أحدكم أن تكون له جنة مننخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذريةضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكمتتفكرون?[البقرة:266].
?وهو الذي مد الأرض وجعل فيهارواسي وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلكلآيات لقوم يتفكرون?
?وفي الأرض قطع متجاورات وجناتمن أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكلإن في ذلك لآيات لقوم يعقلون?[الرعد:3و4].
?وسخر لكم ما في السماوات وما فيالأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون?[الجاثية:13].
?ينبت لكم به الزرع والزيتونوالنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون. وسخر لكم الليلوالنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون. وما ذرألكم في الأرض مختلفاً ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذّكّرون. وهو الذي سخر البحرلتأكلو منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حليةً تلبسونها وترى الفلك مواخر فيهولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهاراً وسبلاًلعلكم تهتدون. وعلامات وبالنجم هم يهتدون أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلاتتذكرون?[النحل:11-17].
?أولم يتفكروا فيأنفسهم...?[الروم:8].
?ولا تقربوا مال اليتيم إلابالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعهاوإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصّاكم به لعلكمتذكرون?[الأنعام:152].
?إن الله يأمر بالعدل والإحسانوإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكمتذكرون?[النحل:90].
?يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوابيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكمتذكرون?[النور:27].
?يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرمحضراً وما عملت من سوءٍ تود لوأن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسهوالله رؤوف بالعباد?[آل عمران:30].
?واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاقويعقوب أولو الأيدي والأبصار. إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار?[ص:45-46].
?فهل ينظرون إلا الساعة أنتأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جائتهم ذكراهم?[محمد:18].
?وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذيمن الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل بك ذللاًيخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوميتفكرون?[النحل:68-69].
?قل أرأيتكم أن أتاكم عذاب اللهأو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين?[الأنعام:40].
?قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكموأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به أنظر كيف نصرّف الآيات ثم هميصدفون?[الأنعام:46].
?قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب اللهبغتةً أو جهرةً هل يهلك إلا القوم الظالمون?[الأنعام:47].
?قل أرأيتم إن أتاكم عذابهبياتاً أو نهاراً ماذا يستعجل منه المجرمون?[يونس:50].
?أولا يرون أنهم يفتنون في كلعام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذّكّرون?[التوبة:126].
?ولقد آتينا موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدىً ورحمة لعلهم يتذكرون?[القصص:43].
?ولقد أهلكنا أشياعكم فهل منمدّكر?[القمر:51].
?ولقد أخذنا آل فرعون بالسنينونقص من الثمرات لعلهم يذّكرون?[الأعراف:130].
?أفلا يتدبرون القرآن ولو كان منعند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً?[النساء:82].
?أفلم يدّبروا القول أم جاءهم مالم يأت آبائهم الأولين?[المؤمنون:68].
?كتاب أنزلناه إليك مباركليدّبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب?[ص:29].
?فإنما يسرناه بلسانك لعلهميتذكرون?[الدخان:58].
?كلا إنه تذكرة. فمن شاءذكره?[المدثر:54-55].
?وكذلك أنزلناه قرآناً عربياًفصرّفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً?[طه:113].
?قل لا أقول لكم عندي خزائن اللهولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يتوي الأعمىوالبصر أفلا تتفكرون?[الأنعام:50].
?وحاجه قومه قال أتحاجّونّي فيالله وقد هداني ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيءٍ علماًأفلا تذكرون?[الأنعام:80].
?وإما ينزغنك من الشيطان نزغفاستعذ بالله إنه سميع عليم. إن الذين اتقوا إذا مسهم من طائف من الشيطان تذكروافإذا هم مبصرون. وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون?[الأعراف:200-202].
?إذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيافي ذكري. إذهبا إلى فرعون إنه طغى. فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أويخشى?[طه:42-44].
?الله يتوفى الأنفس حين موتهاوالتي لم تمت في منانها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إنفي ذلك لآيات لقوم يتفكرون?[الزمر:42].
إن هذا الكتاب "دعوة الى التفكر" فالحقيقة يمكن أن تقال للإنسان بطرق عديدة ويمكن إظهارها باستخدام تفاصيل، وجزئياتالأدلة وبكل الوسائل. ولكن إذا لم يتفكر الانسان بنفسه بالحقيقة بكل صدق وإخلاصمتوخياً الفهم، فكل هذه الجهود غير مجدية. لهذا السبب عندما بلّغ رسل الله رسالاتهمالى الناس، أخبروهم الحقيقة بوضوح ثم دعوهم الى التفكر فيها.
والانسان الذي يتفكر يحيط بأسرارالخلق وبحقيقة هذه الحياة الدنيا وبوجود الجنة والنار وببواطن الأمور، ويحصل علىفهم أعمق لأهمية كونه انساناً مرضياً عند الله، فيعيش الدين كما يجب ويتعرف الىصفات الله في كل ما يراه. ثم يبدأ بالتفكير بالطريقة التي تطالب بها اغلبية الناسولكن كما يأمر الله سبحانه وتعالى. ونتيجة لذلك فإنه يستمتع بالجمال أكثر بكثير ممايستمتع به غيره ولا تسبب له المخاوف التي لا أساس لها أو الأطماع الدنيويةالكرب.
وكل هذا نزر يسير من الأشياءالجميلة التي يفوز بها من يتفكر في هذه الحياة الدنيا، أما الفوز العظيم في الآخرةالذي يناله من يصل الى الحقيقة عبر التفكر فهو محبة ورضا ورحمة وجنة ربنا سبحانهوتعالى.
ومن ناحية أخرى فقد أزف اليومالذي سوف يتفكر فيه الذين يتهربون من رؤية الحقيقة عبر التفكر، بل إنهم سيتفكرونويستغرقون ويرون الحقيقة واضحة كعين الشمس. ومع ذلك فإن تفكرهم في ذلك اليوم لنينفعهم بل سيجلب لهم الحزن. والله تعالى يذكر في كتابه متى سوف يتفكر مثل هؤلاءالناس:? فإذا جاءت الطامة الكبرى. يوم يتذكر الانسان ما سعى. وبرّزت الجحيم لمنيرى? ]النازعات: 34-36[
دعوة الناس الذين يفترضون أنهميستطيعون التهرب من المسؤوليات من خلال عدم التفكر الى التفكر حتى يستطيعوا أنيدركوا النهاية التي ستحل بهم، هي بالنسبة للمؤمنين فعل عبادة. ولكن كما يقول ربناسبحانه وتعالى في القرآن الكريم:? فمن شاء ذكره? ]المدّثر:55[




__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #3  
قديم 27-01-2011, 03:35 AM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

صباح الخير
27/1/2011
ومازال المنتدى يسوده الحزن
__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #4  
قديم 27-01-2011, 07:44 AM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

القطاع الخاص» يتهم «التعليم» بـ«الردة عن الخصخصة» بعد إسناد الكتاب المدرسى لـ«مطابع حكومية»

كتب ناجى عبدالعزيز ووفاء بكرى بدر

اتهمت مطابع القطاع الخاص الدكتور أحمد زكى بدر، وزير التربية والتعليم، بـ«إهداء» طباعة الكتاب المدرسى إلى المطابع الحكومية، وحرمانها من المشاركة فى هذه العملية، مما تسبب فى إهدار استثماراتها وينذر بتكرار أزمة تأخر الكتاب المدرسى عن التسليم.
وقال أعضاء شعبة الورق باتحاد الغرف التجارية فى اجتماعهم، أمس، إن اتجاه الوزارة الجديد يعد ارتداداً عن «الخصخصة»، والتقهقر إلى ما سموه «العمعمة» مرة أخرى، أى العودة للقطاع العام.
وأضافوا أن الوزارة لم تحدد حتى الآن الشروط التى يتم على أساسها اختيار المطابع التى تتولى تنفيذ الكتاب المدرسى، معتبرين أن عمليات الإسناد جاءت مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات، من حيث إنه يعد «أمراً مباشراً» بالمخالفة للقانون.
وأشاروا إلى أن الوزارة أعدت «تقارير سرية» سيتم على ضوئها اختيار المطابع المشاركة بما يتعارض مع الشفافية ويخالف القوانين، محذرين من تسبب ذلك فى أضرار كبيرة للمطابع كما حدث هذا العام مع أزمة الكتاب الخارجى، بعد أن لجأ البعض منها إلى بيع معداتها كخردة مع تسريح العمالة.
واعتبر الأعضاء أن قصر التعامل على مطابع بعينها لم يعط مجالا للتنافس فى الجودة والتكلفة، وتسبب فى أزمة تأخر وصول الكتب فى موعدها المحدد للمدارس، فضلا عن تدنى مستوى الجودة، مناشدين رئيس الجمهورية بالتدخل لحماية ١٥ ألف أسرة من عمال المطابع.
من جانبه أكد الدكتور عادل شكرى، مستشار وزير التعليم للتطوير الإدارى، أن ممارسة العام الحالى انتهت وسيتم الإعلان عن الممارسة الجديدة للعام الدراسى المقبل قريباً، ولن «نتعمد» استبعاد مطابع القطاع الخاص.
وقال شكرى لـ«المصرى اليوم»: «لا نستطيع الاستغناء عن القطاع الخاص نهائياً ولا تفكير على الإطلاق فى عدم التعامل مع هذا القطاع، الذى يعد شريكاً فى كل المجالات وفقاً لتوجهات الدولة»، مختتماً حديثه بالقول: «اللى فات مات، والممارسة الماضية انتهت وكان لها ظروف خاصة وننتظر الجديدة».

رابط الخبر :http://www.almasry-alyoum.com/articl...3&IssueID=2027

__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #5  
قديم 27-01-2011, 07:46 AM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

عين شمس» تحيل واقعة تسريب أوراق امتحان بـ«الطب» للتحقيق

كتب أبوالسعود محمد أحال الدكتور ماجد الديب، رئيس جامعة عين شمس، واقعة امتحان مادة الكيمياء الحيوية للفرقة الثانية بكلية طب عين شمس إلى التحقيق، والتى قام فيها المسؤولون عن الامتحان بتوزيع ورقة الأسئلة مطبوعة على ورقة نماذج الإجابة.
وقالت الجامعة فى بيان صحفى إنه تبين أن أحد نماذج الأسئلة تمت طباعته على ظل نموذج لإجابة الأسئلة التى امتحن فيها الطلاب.
وأكدت الجامعة أنه تم تدارك الموضوع عن طريق رئيس قسم الكيمياء الحيوية بطب عين شمس، وهو أستاذ المادة نفسها، حيث قام بإبلاغ إدارة الكلية بالواقعة فى حينها، فقامت الإدارة بإلغاء أوراق الإجابات للمادة، ورفع الموضوع إلى رئيس الجامعة.
وأوضح الدكتور ماجد الديب، رئيس جامعة عين شمس، فى البيان - أنه تم تشكيل لجنة محايدة من أساتذة كلية الحقوق لتقصى الحقيقة فى ملابسات الواقعة.
وقال إن هذا الامتحان هو امتحان دورى ضمن درجات أعمال السنة، وليس امتحاناً من الامتحانات الرئيسية لنهاية الفصل الدراسى، مشيراً إلى أنه سوف تتم إعادة الامتحان للطلاب فى وقت لاحق بما لا يتعارض مع جدول الامتحانات الرئيسية للطلاب، حفاظا على مستقبلهم العلمى.

رابط الخبر :http://www.almasry-alyoum.com/articl...1&IssueID=2027
__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #6  
قديم 27-01-2011, 08:24 AM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

غزالة" قرية الوزراء والنواب بالشرقية
التعليم 99% .. ومدرستها تحولت.. مأوي للكلاب الضالة والقمامة منذ 3 سنوات



تحقيق: أحمد عسلة
"غزالة".. احدي قري محافظة الشرقية. أنجبت العديد من الرموز والقادة والأعلام والرواد من بينهم الباشا دسوقي أباظة.. "كوكتيل" مناصب وزارية وبرلمانية تقلد 14 منصبا وزارياً حيث عين علي سبيل المثال وزيراً للشئون الاجتماعية ووزيراً للأوقاف ووزيراً للخارجية في وزارات حسين سري باشا ووزيراً للمواصلات في وزارة النقراشي باشا ووزيراً للمواصلات في وزارتي أحمد ماهر باشا واسماعيل صدقي باشا. ووزيراً للأوقاف في وزارة إبراهيم عبدالهادي باشا ووكيل مجلس النواب رغم انه كان معارضاً!!
وكان سكرتيراً لحزب الأحرار الدستوريين وامتاز بمواقفه الوطنية. فعندما كان مأموراً للضبط بالجيزة نشر فضائح الإنجليز في قري الجيزة. وعندما داهموا منزله للحصول علي أصول التحقيقات عن فضائحهم أنقذه صالح أبوعرابي شيخ خفراء القرية والذي قام بوضعها داخل "سيفون" دورة المياه حتي لا تصل إليها أيدي المجرمين.. القرية أنجبت أيضا ثروت أباظة رئيس تحرير مجلة الاذاعة والتليفزيون. ورئيس اتحاد كتاب مصر ووكيل نادي القلم الدولي ووكيل بمجلس الشوري حتي وفاته وصاحب الرواية الشهيرة "شيء من الخوف" التي ألهبت حماس الشعب المصري وبثت فيه روح الوطنية حتي أن المظلومين والمهمومين يستخدمون جملته الشهيرة "جواز عتريس من فؤادة باطل" التي وردت في الرواية للتعبير عن رفضهم للظلم وتأكيدهم علي أن الظلم أبداً لن يدوم وأنجبت أيضا الدكتورشامل أباظة أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية من فرنسا وعضو مجلس الشعب الأسبق والذي اعترض علي قيام الرئيس السادات بالذهاب إلي إسرائيل من أجل مبادرة السلام. وأحمد عبدالمجيد الغزالي سكرتير مكتب عبداللطيف البغدادي نائب رئيس الجمهورية في عهد الرئيس جمال عبدالناصر والعميد أحمد اسماعيل الزيني قائد سرية بالفرقة 16 والذي قام بتحرير احدي نقاط خط بارليف في حرب اكتوبر واللواء يحيي الزيني خبير الحرب الاليكترونية الأول في مصر ومستشار وزيرالدفاع والمستشار سليمان أباظة أول رئيس لمحكمة استئناف القاهرة والذي سمي أحد شوارع المهندسين باسمه والمستشار عصام أباظة مساعد وزير العدل الأسبق والدكتور محمد عبدالله الشوربجي عميد كلية التربية بالزقازيق ورئيس هيئة التدريس بالجامعة الأسبق الذي كانت له مواقف وطنية وأحدث حراكاً بالجامعة أيام تولي الدكتور رمزي الشاعر رئاسة الجامعة ولطفي الديب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق بالشرقية والدكتور علي عبدالحميد فرج عميد كلية طب دمياط والداعية الإسلامي المعروف والذي قام بنشر الإسلام في جنوب أفريقيا والهند والدكتور سيد أحمد سيد أحمد خليل أستاذ الصحة العامة بجامعة الأزهر والذي رفض تولي عمادة الكلية للتفرغ للعلم والدكتور حسام علم وكيل كلية الدراسات الإسلامية بالديدامون والشيخان علي بطاح وحفني من علماء الدين الثقاة في عصرهم والدكتورمحمد حسيني موسي أستاذ العقيدة والفلسفة ورئيس مجمع البحوث الإسلامية بالشرقية.
99% تعليم
تتميز القرية بزيادة نسبة التعليم بها والتي تتجاوز ال99 في المائة لوجود 6 معاهد دينية أقيمت كلها بالجهود الذاتية والمعهد السابع في الطريق ومدرسة ثانوية كما أقيمت علي أرضها العديد من المصالح الحكومية والأهلية نظراً لوجود أراضي شاسعة تابعة للدولة. كما أن أهلها "عشريين" حيث يجد فيها أصحاب الظروف المعيشية الصعبة من أبناء القري الأخري ضالتهم. فمن يسكنها منهم لا يغادرها حتي بعد أن يفتح الله عليه ويصبح مثلاً من أصحاب العزب والضياع والقصور ولتميزها وتفردها يطلق عليها أبناء الشرقية بلد العلم والإيمان والأمان والاستقرار. ولكن كغيرها من القري اعتراها وطرأ عليها مؤخراً العديد من التغيرات وحاصرتها المشاكل والهموم.
"الجمهورية الأسبوعي" عايشت الأهالي مشاكلهم وأحلامهم..
مدرسة الكلاب الضالة والقمامة
مهندس محمد إبراهيم خاطر أمين الحزب الوطني بالقرية وعضو مجلس محلي المركز قال: رغم ان القرية تضم العديد من القادة والرموز والأعلام إلا انها تعاني من أهم مشكلة وهي المدارس حيث صدر قرار إزالة للمدرسة الاعدادية بالقرية منذ 3 سنوات رغم أنه لم يمض علي انشائها 15 عاماً ومنذ إزالتها تحولت إلي مأوي للكلاب الضالة والحيوانات ومقالب زبالة وجراجاً للسيارات بعد أن كانت منارة علمية وقد تم نقل تلاميذها للمدرسة الابتدائية رقم 2 في نفس الوقت تم نقل تلاميذ المدرسة الابتدائية رقم 1 للابتدائية رقم 2 أيضا للدراسة جنباً إلي جنب مع تلاميذ الاعدادي كفترة ثانية لقيام الأبنية بتشريكها هي الأخري لأنها مبنية بالطوب اللبن وأصبح أبناؤنا معرضين لأمراض العصر.
يطالب خاطر .. وزير التعليم الدكتور أحمد زكي بدر.. بالأمر بسرعة بناء المدرستين من أجل انتظام العملية التعليمية ولحماية أبنائنا من الأمراض.
طريق المصيدة لسيارات النقل والبشر
محاسب محمد عيسي عبدالعظيم .. أشار إلي و جود طريق دولي يمر أمام القرية علي بحر أبوالأخضر يربط بين الزقازيق وأبوحماد وبلبيس والقاهرة ومحافظات القناة بطول 4 كيلومترات مخصص للنقل الثقيل لمنع دخول هذه السيارات داخل عواصم المحافظات ومع ذلك الطريق "مهمش" من جانب هيئة الطرق حيث تكثر به الحفر والمطبات والأرض دائمة الهبوط إلي جانب التعدي عليه من قبل الأهالي مما يتسبب في حدوث حوادث شبه يومية وكثيراً ما نجد أبناءنا إما صرعي علي الطريق أو غرقي في البحر. وكان آخر هؤلاء الضحايا محمد محمد عبدالله المجيدي الابن الوحيد لوالدته الذي غرق في البحر أثناء عودته من عمله بالعاشر من رمضان.
يناشد محمد عيسي.. المستشار يحيي عبدالمجيد محافظ الشرقية.. الأمر بتدبيش الطريق ومعرفة سبب هبوطه وإعادة رصفه وتوسعته حتي يمكنه استيعاب مرور السيارات العملاقة عليه أيضا ضرورة تخصيص عسكري مرور له وعمل مطبات أمام مدخل القرية للحد من السرعة الجنونية.
مشكلة مزدوجة
يقول السيد جبر بكهرباء الشرقية: هناك مشكلة مزدوجة تتمثل في القيام بتغطية جزء من المصرف المار بالقرية وعدم تغطية الجزء الأكبر منه في نفس الوقت قام المقاول المنفذ للعملية بغلق مصبات الصرف المغطي بالمصرف ونتج عن ذلك توقف شبكة الصرف المغطي بالأراضي الزراعية عن العمل. الأمر الذي تسبب في خفض انتاجية الفدان وحدوث تصحر في بعض الأراضي بسبب تراكم المياه الزائدة في باطن الأرض.
يناشد جبر المسئولين بالمحافظة والري عمل معاينة علي الطبيعة لهذه المشكلة الحيوية حتي تعود للأرض خصوبتها مع سرعة تغطية الجزء المتبقي من المصرف.
خطر داهم
يشير حسن عبده الزيني عضو مجلس محلي المركز إلي وجود عملية قرصنة قامت بها احدي شركات الغاز التي تمكنت من الحصول علي 6 أفدنة ناتجة من ردم جزء كبير من بحر أبوالأخضر القديم حيث تم تعديل مجري المصب. مما خلف أرضاً صالحة لعمل مشروعات عليها وبدلاً من تخصيصها لعمل مشروعات ومنافع للقرية أو الدولة أو حتي إقامة ملاعب لشباب القرية والقري المجاورة فوجئنا بتخصيصها فجأة وبدون موافقة الجهات المسئولة من القرية وبقرار سيادي من المحافظ السابق حامد شتلة لصالح شركة غاز والتي قامت بإنشاء محطة "ريحة" غاز عليها مما جعل القرية في خطر داهم باستمرار ومعرضة للهلاك في أي وقت في حالة اشتعال حريق بالمحطة أو بسبب استنشاق الأهالي الدائم للغازات السامة المنبعثة من هذه المحطة.
نقل محطة الخطر للصحراء
يضيف حسن الزيني .. ان المسئولين عن المحطة لم يكتفوا بما أخذوه من أراض بل قاموا بردم ترعة فرعية للقرية مارة أمام المحطة وأدخلوها ضمن المحطة. مما أدي إلي ضيق الطريق وعدم ازدواجه مطالبا بضرورة وضع حل لهذه المأساة ونقل المحطة إلي الصحراء وحماية القرية والقري المجاورة من الهلاك والأخطار الجسيمة.
الدائرة العنكبوتية
يقول السيد أحمد علي مدير بنك التنمية سابقا: رغم اننا كنا نمثل دائماً بمرشح في مجلس الشعب والمسمي سابقا بمجلس النواب وكانت دائرتنا تسمي "دائرة بردين" وكان يمثلنا وقتها الباشا دسوقي أباظة وغيره. ثم تطور الأمر بعد اتساع نطاق مدينة الزقازيق وتقسيمها إلي حي أول وثان تم تسمية الدائرة باسم "الدائرة الأولي" وجعلوا مقرها الزقازيق حيث تبعد قريتنا عنها ب3 كيلومترات فقط ومع ذلك فاز بالمقعد وقتها الدكتور شامل أباظة بعد أن اكتسح الدكتور طلبه عويضة منشيء ومؤسس جامعة الزقازيق وأول رئيس لها وفجأة بعدما حدث ما لم يكن في الحسبان حيث رأي القائمون علي تنظيم الدوائر والمنافسون لقريتنا أن غزالة لابد أن تختفي من المشهد السياسي مستقبلا حيث قاموا بفصل الوحدة المحلية بشوبك بسطة التابع لها قريتنا وضموها للدائرة الثانية ومقرها القنايات ونظراً لتداخل الدائرة مع دوائر أخري وتفرعها يطلق عليها الاعلام اسم "الدائرة العنكبوتية".
اعادة الوحدة المحلية بالشوبك للدائرة الأولي
يلتقط أطراف الحديث مهدي قطب مطالباً بضرورة مناقشة اعادة القرية والوحدة المحلية بشوبك بسطة إلي الدائرة الأولي. كما كانت حتي ننعم من جديد بالخدمات بعد ان نسيها المسئولون وبعد أن ساءت المرافق بالقرية.
يقول محمد رفعت لطفي: هناك مشكلة خطيرة تتمثل في قيادة الصبية لميكروباصات أهلية بدون رخص وقيامهم بالتحكم في سيرها حسب هواهم وكثيراً ما يتركون الركاب علي الأرض دون القيام بإعادتهم وتوصيلهم إلي القرية بدعاوي عديدة منها أن السيارة معطلة أو رغبة في زيادة الأجرة أو لتغيير خط السير وهو ما يتسبب في نزول الركاب فجأة وتدافعهم وهو ما يؤدي إلي حدوث حوادث لهم مطالبا بضرورة قيام المحافظة بتخصيص ميكروباصات لأبناء القرية لنقلهم في أمان إلي أعمالهم وجامعاتهم. خاصة ان نسبة التعليم بالقرية تتجاوز 99 في المائة مع وضع رقابة عليهم وتوفير الأمن والأمان لهم.
المخدرات عيني عينك !
يحذر محمد رفعت من ظاهرة انتشار البلطجة واللصوص سواء في موقف السيارات الموجود بالقرية أو الموجود تحت الكوبري الجديد بالزقازيق.. أيضا قيام الصبية ببيع المخدرات عيني عينك في الموقفين. مؤكداً علي ضرورة تكاتف الأهالي مع الجهود الأمنية المبذولة من قبل رجال الشرطة للتصدي لهذه الظواهر الشاذة وغير المألوفة في قرية العلم والإيمان.
ارتفاع المنسوب الجوفي
يشير محمد البوهي إلي مشكلة ارتفاع المياه الجوفية نتيجة تهالك شبكة الصرف الصحي القديمة. والتي مر علي انشائها أكثر من 30 عاماً ورغم قيام الدولة مشكورة بالقيام بعمل مشروع متكامل للصرف بالقرية والذي يتم تنفيذه حاليا إلا انه يسير بسرعة السلحفاة مطالباً المستشار يحيي عبدالمجيد المحافظ الأمر بسرعة الانتهاء من المشروع.
انفجارات مواسير المياه
يوضح محمد البوهي أن هناك انفجارات كثيرة تحدث في مواسير مياه الشرب والتي تغرق الشوارع ولا نجد من يسعفنا لإصلاحها ونظل محرومين من المياه لعدة أيام حتي يتم إصلاحها نظراً لقيام مرفق المياه بعمل محبس رئيسي علي رأس القرية دون عمل محابس فرعية لكل مربع أو شارع بالقرية مما يصعب التحكم في اعادة قفل أو ضخ المياه لبعض المربعات مطالباً بضرورة عمل محابس فرعية لكل شارع ومربع.
سور لمركز الشباب
يقول حسن محمد حسن بالأزهر: إن مركز الشباب بالقرية مقام علي أحدث طراز ومع ذلك بدون سور. وهو ما يتسبب في حدوث مشاكل ومشاجرات يومية بين الشباب وأصحاب الأراضي الزراعية والمنازل المجاورة له.



رابط الخبر :http://www.algomhuria.net.eg/algomhu...v/detail00.asp


__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #7  
قديم 27-01-2011, 09:17 AM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

عودة الحياة لمنتدى المعلم المساعد
صباح الخير
__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #8  
قديم 27-01-2011, 09:23 AM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

تكنولوجيا الاتصالات" ندوة بمعهد الأهرام للصحافة

الخميس، 27 يناير 2011 - 07:50
الدكتور عبد المنعم سعيد
كتبت شيماء حمدى

يعقد معهد الأهرام الإقليمى للصحافة، ندوة بعنوان "استخدامات الجيل الثالث للاتصالات وتنمية المجتمع"، وذلك يوم الاثنين 31 يناير الجارى بقاعة إبراهيم نافع.

وتناقش الندوة، عددا من المحاور، مثل دور الاتصالات الحديثة فى خدمة المجتمع والبيئة، وأهمية التقنية فى مجال قطاع الصحة العامة.

يحضر الندوة، الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام، وشريف التوكالى من الصندوق الإنمائى للأمم المتحدة. ورؤساء بعض شركات المحمول خبراء فى مجال الاتصالات.

رابط الخبر:http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=344460&SecID=97
__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #9  
قديم 27-01-2011, 01:52 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

حسام كامل" يقرر إخلاء جامعة القاهرة من الطلاب


في ظل استمرار الاحتجاجات وسط القاهرة في يوم الغضب قرر د. حسام كامل رئيس جامعة القاهرة،، إخلاء الجامعة من جميع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس تحسبا لوقوع مظاهرات احتجاجية داخل الحرم الجامعي.

رابط الخبر:http://www.manshet.com/link_view.aspx?PageLink=52


__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #10  
قديم 27-01-2011, 01:58 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي



أنباء قوية عن تغيير وزارى خلال ساعات


الخميس، 27 يناير 2011 - 13:43

د. أحمد نظيف
كتب دندراوى الهوارى

ترددت أنباء قوية عن تغيير وزارى خلال ساعات، وأشارت أنباء إلى أن التغيير يشمل عدداً كبيراً من الحقائب الوزارية المختلفة والمهمة، كما ربطت الشائعات بين التغيير الوزارى المرتقب وبين اجتماع قيادات الحزب الوطنى اليوم فى هذا الصدد، وذلك لبحث مطالب المتظاهرين ووضع حلول عاجلة حول العديد من القضايا.

يذكر أن الشائعات انتشرت بقوة بين الأوساط السياسية وجدران عدد من أحزاب المعارضة الكبيرة وهناك اتصالات مكثفة بين عدد من القيادات المسئولة وبين قيادات فى الأحزاب المهمة وذلك لإعلانهم عن التغيير الوزارى وتهدئة الأوضاع فى الشارع.


رابط الخبر:http://www.manshet.com/link_view.aspx?PageLink=39
__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #11  
قديم 27-01-2011, 02:01 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي



جامعة القاهرة تؤجل حلقة نقاشية بسبب المظاهرات


الخميس، 27 يناير 2011 - 13:39

جامعة القاهرة
كتبت شيماء حمدى

قرر برنامج الدراسات البرلمانية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة القاهرة تأجيل الحلقة النقاشية الني كان مقرر إقامتها مساء اليوم الخميس تحت عنوان "تطوير النظام الانتخابى فى مصر: لماذا هناك انتخابات وكيف تجرى؟" وذلك بسبب استمرار المظاهرات التى تشهدها مصر.

واعتذر البرنامج عن هذه الحلقة النقاشية فى رسالة بعث بها للمشاركين وقال فيها "إنه نظرا للظروف الطارئة التى تمر بها البلد تم تأجيل الحلقة على أن يتم عقدها فى أقرب وقت وسوف نقوم بإبلاغكم بها فور تحديد الميعاد".


رابط الخبر:http://www.manshet.com/link_view.aspx?PageLink=39
__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #12  
قديم 27-01-2011, 02:03 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي



قيادى عمالى يتوقع زيادة الأجور بعد المظاهرات


الخميس، 27 يناير 2011 - 13:34

الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء
كتب أشرف عزوز

توقع ناجى رشاد، القيادى العمالى، وصاحب دعوى الحد الأدنى للأجور، رضوخ الحكومة لمطالب المتظاهرين الذين خرجوا خلال اليومين الماضين فى مسيرات بوسط البلد وعدد من المحافظات رافعين عددًا من الشعارات من بينها الدعوة لزيادة الحد الأدنى للأجور.

وقال رشاد "لليوم السابع" إن القيادات الحكومية وكوادر الحزب الوطنى غيرت من لهجة تصريحاتها بعد هذه الاحتجاجات، مضيفًا أن الحكومة ستقوم بزيادة الحد الأدنى للأجور قبل الانتخابات الرئاسية وإصدار تعليمات إلى اتحاد العمال بحل جميع المشاكل العمالية، وهو ما حدث بالفعل مع عدد من قيادات غزل المحلة، حيث اجتمع بهم حسين مجاور رئيس الاتحاد أخبرهم بحل جميع مشاكلهم.

وأشار رشاد إلى أنه صدرت تعليمات للعمال والموظفين بعدم المشاركة فى مظاهرات الغضب، حيث تم تشديد العقوبات والخصومات على أيام الغياب خلال الأسبوع الحالى منذ بدايته.




رابط الخبر:http://www.manshet.com/link_view.aspx?PageLink=39


__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #13  
قديم 27-01-2011, 02:05 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي



وزارة الإعلام: محمود سعد فى إجازة مفتوحة من "مصر النهارده"


الخميس، 27 يناير 2011 - 13:24

محمود سعد
كتب ريمون فرنسيس

أكد أحمد طه مستشار وزير الإعلام والمشرف العام على برنامج مصر النهارده، أن الإعلامى محمود سعد فى إجازة مفتوحة من البرنامج بسبب خلافات مع عمرو الخياط رئيس تحرير البرنامج حول الخطوط العريضة لسياسة البرنامج الإعلامية.

وأضاف طه أن الخلافات بدأت بين سعد والخياط منذ الانتخابات البرلمانية وبعدها قام سعد بإجازة لمدة أسبوعين ثم عاد إلى البرنامج، وبداية من أحداث تونس محمود سعد فى إجازة مفتوحة لحين الوصول لصيغة تفاهم مع رئيس التحرير، وأوضح طه أن أسباب الخلاف بين محمود سعد وعمرو الخياط ترجع إلى الخلاف على رؤية البرنامج، حيث يصر الخياط على أن يركز البرنامج على أحوال المواطن بحيادية دون الانحياز لفئة على حساب أخرى، بينما يريد محمود سعد إضفاء جانب سياسى على المسألة.




رابط الخبر:http://www.manshet.com/link_view.aspx?PageLink=39


__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #14  
قديم 27-01-2011, 02:44 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

طالبان مصريان من أفضل مبرمجي العالم




كتب- خـالد جـودة














حصل طالبان مصريان علي جائزتين عالميتين في الأوليمبياد الدولي الثاني والعشرين للمعلوماتية الذي عقد بمدينة ووترلو بكندا بمشاركة عدد كبير من طلاب المدارس علي مستوي العالم‏.‏


وقال الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال تكريم الطالبين وهما عماد فرج وليم الفائز بالميدالية الفضية وعمر أحمد العزازي الفائز بالميدالية البرونزية‏,‏ إن المسابقة تعد أهم حدث عالمي في مجال البرمجة‏,‏ كما تعد هذه هي المرة الأولي التي تفوز فيها مصر بميدالية فضية علي مدي مشاركتها في فعاليات الأوليمبياد الدولي للمعلوماتية‏.‏ وقال الدكتور إكرام فتحي كبير مستشاري وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورئيس الأوليمبياد المصري للمعلوماتية إن مسابقة الأوليمبياد الدولي للمعلوماتية العالمية في البرمجة تقام سنويا‏,‏ وتستضيفها احدي الدول المتقدمة التي يتم اختيارها من قبل اللجنة الدولية للمسابقة‏.‏ ويمر المتسابقون بعدد من المراحل المختلفة للمسابقة يتعرضون خلالها لمجموعة من الأسئلة والمشكلات التي تعتمد في حلها علي التفكير المنهجي واستخدام المبادئ الأساسية لخوارزميات الحاسب‏,‏ لوضع خطوات وطرق الحل السليمة‏

رابط الخبر :http://www.ahram.org.eg/425/2011/01/27/16/60529.aspx
__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
  #15  
قديم 27-01-2011, 02:50 PM
الصورة الرمزية اميمة طه
اميمة طه اميمة طه غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 2,770
معدل تقييم المستوى: 20
اميمة طه is on a distinguished road
افتراضي

بعد إلغاء قرار تحويلها إلى مدارس تجريبية

المدارس القومية بالإسكندرية تؤجل احتفالاتها بقرار "بدر"


الخميس، 27 يناير 2011 - 13:50

د. أحمد زكى بدر وزير التربية والتعليم
الإسكندرية ـ جاكلين منير

أعرب أولياء أمور وطلاب المدارس القومية الثلاث بالإسكندرية، عن فرحتهم العارمة فور سماع قرار الدكتور أحمد زكى بدر وزير التربية والتعليم، بإلغاء قرار تحويل المدارس القومية إلى تجريبية.

وقرر أولياء الأمور إلغاء وقفتين احتجاجيتين كان من المزمع تنظيمها، اليوم الخميس، تحت عنوان "وقفة نص العام بالشموع"، وأشار أولياء الأمور إلى أنهم قرروا تأجيل الاحتفال بهذا القرار، نظرا للظروف التى تمر بها مصر حاليا من مظاهرات ومسيرات تعم أرجاء المحافظات.




رابط الخبر:http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=344668&SecID=97


__________________
اللهم اغفر لوالدى ووالدتى
واصلح حالى وحال جميع المسلمين
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:05 PM.