|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() |
#2
|
||||
|
||||
![]() منزلتها عند النَّبي صلَّى الله عليه وسلم كان لعائشة رضي الله عنها مكانة خاصة في قلب النَّبي صلَّ الله عليه وسلم؛ وذلك لأنَّا كانت ابنة صاحبه الأكبر أبي بكر الصِّدِّيق، وكانت أيضًا أحبَّ زوجاته إليه. وقد كان صلَّ الله عليه وسلم يظهر حبَّه لعائشة رضي الله عنها، ولا يخفيه، حتى أنَّ عمرو بن العاص رضي الله عنه، سأله فقال: ((أيُّ النَّاس أحبُّ إليك؟ قال: عائشة. قال: مِن الرجال؟ قال: أبوها)). وهذا الحديث فيه منقبة ظاهرة لأُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي أنَّا كانت أحبَّ النَّاس إلى النَّبي صلَّ الله عليه وسلَّم. فعمرو بن العاص رضي الله عنه، يلقي السؤال بين يدي النَّبي صلَّ الله عليه وسلَّم: مَن أحبُّ النَّاس إليك؟ فيُكسى هذا العموم في كلمة (الناس) كسوة الخصوصية في قلب النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، فيجيب: عائشة. وكم في هذا التخصيص من دلالة على منزلة أُمِّنا عند نبينا أبي القاسم صلَّ الله عليه وسلم! وكم في مبادرته بالجواب قبل البحث عن المقصود بالناس هنا، من إشارة إلى حبِّه لها صلَّ الله عليه وسلم، وكأنَّ لفظة الحبِّ إذا انصرفت، فإنما هي المقصودة رضي الله عنها! فلما قال له: فمِن الرجال؟ لم يغادر الجواب البيان الأول، فعبَّ عن الصِّدِّيق رضي الله عنه، تعبيرًا يصله بأُمِّنا الصِّدِّيقة، فقال: أبوها، ولم يقل: أبو بكر. فكأنَّ في أطواء شهادته بالحبِّ لأبي بكر شهادةً أخرى لأُمِّنا بالحبِّ، وكان في التعبير عن صِدِّيق الأمة بصفته أبًا لعائشة، وليس باسمه، ما فيه من الروعة البيانية عن منزلة أُمِّنا رضي الله عنها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء! وكان النَّبي صلَّ الله عليه وسلم يعلن هذا الحبَّ الشديد لأُمِّنا عائشة، كما قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي رحمه الله: (وأحبَّها حبًّا شديدًا كان يتظاهر به) .وبلغ من حبِّه لها وخوفه عليها أنَّه كان يأمرها أن تسترقي من العين، فعن عائشة قالت: ((كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين)). وكان صلَّ الله عليه وسلم يفسح لها المجال للَّعِب، ولم يحرمها من هذه المتعة، بل إنَّه كان يفرح بلعبها، ويضحك حتى تُرى نواجذه، فعنها رضي الله عنها قالت: ((كنت ألعب بالبنات عند النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يَلعبنَ معي، فكان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم إذا دخل يتقمَّعْنَ منه، فيُسَّربهنَّإليَّ فيلعبنَ معي)).وكان صلَّ الله عليه وسلم دائمً يحبُّ أن يُدخل الفرح والبهجة على قلبها، فيحملها على عاتقه؛ لتشاهد الحبشة وهم يلعبون، فعنها قالت: ((والله، لقد رأيت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم، في مسجد رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، يسترني بردائه، لكي أنظر إلى لعبهم، ثمَّ يقوم من أجلي، حتى أكون أنا التي أنصرف . ولا يكون إطلالها على هذا المشهد الطريف، إلا وهي مسندة رأسها على كتف النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، ما بين أذنه وعاتقه، وهي تطيل الوقوف، لا استزادة من النظر، بل إظهارًا لمكانتها عند النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، فتقول أُمُّنا: ((فقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: حسبك، فقلت: يا رسول الله، لا تعجل، فقام لي، ثمَّ قال: حسبك. فقلت: لا تعجل يارسول الله. قالت: وما بي حبُّ النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي، ومكاني منه)).
آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 08-11-2013 الساعة 12:18 AM |
#3
|
||||
|
||||
![]() ففي هيئة الوقوف ما فيها من حنان النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، وحبِّه لها، وقد كان بوسعه أن يجعلها تشاهد المشهد وحدها، بتهيئة مكان تطلُّ منه على لعب الحبشة بالحراب، وقد كان ممكنًا أن يقف إلى جوارها، دون أن يجعل من كتفه الكريم موئلً لرأسها، تستند عليه وتطلُّ على المشهد من خلاله، وقد كان ممكنًا أيضًا أن لا يقف معها حتى تنتهي- وقد أطالت- بل كان مقبولً أن يقف قليلً ثمَّ ينصرف لشأنه، وقد حمل ما حمل من أعباء الدعوة وأمر الأمة! لكن هذا الإمكان كله منفي في حقِّ الصِّدِّيقة، ففي إفساحه الوقت لها، شاهد حبٍّ لا يتلعثم، وفي إطالة الوقوف شاهد آخر، وفي هيئة الوقوف شاهدٌ ثالث، وفي احتماله إطالة الوقوف شاهد رابع، وفي رعايته لحداثة سنها، وصبره الودود، ولطفه الحاني، شاهدٌ وشاهدٌ، فهو موقف زاخر بشواهد الفضل - التي لا تنتهي - على عظيم مكانة أُمِّنا الصِّدِّيقة عند خير الخلق صلَّ الله عليه وسلم. كما كان صلَّ الله عليه وسلم يسمح لها بالترفيه عن نفسها يوم العيد، ويشاركها في مرحها، فعنها رضي الله عنها قالت: ((دخل النَّبي صلَّ الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش وحَوَّل وجهه، فدخل أبو بكر رضي الله عنه فانتهرني وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله صلَّ الله عليه وسلم؟ فأقبل عليه رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وقال: دعهما. فلما غفل غمزتُما فخَرَجتا)). وكان صلَّ الله عليه وسلم من شدة حبِّه لها ينزل إلى رغباتها، ويشاركها في لعبها، فعنها رضي الله عنها: ((أنَّا كانت مع النَّبي صلَّ الله عليه وسلم في سفرٍ، قالتْ: فسابقتُه فسبقْتُه على رجلي، فلما حمَلتُ اللحمسابقتُه فسبقني، فقال: هذه بتلك السبقة)). وكان صلى الله عليه وسلم حريصًا على تطييب خاطرها، ومراعاة مشاعرها، تقول عائشة رضي الله عنها: ((خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلَّ الحج، فلما جئنا سرِف طمثتُ، فدخل عليَّ النبىُّ صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما يبكيك؟ قلت: لوددت والله أنِّ لم أحجَّ العام. قال: لعلك نفست؟ قلت: نعم. قال: فإنَّ ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاجُّ، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. وفي رواية أنَّه قال لها: ((فلا يضرُّكِ، فكوني في حجِّك، فعسى الله أن يرزقكيها)). فلما طهرت وطافت قالت عائشة رضي الله عنها: ((يا رسول الله، أتنطلقون بحجة وعمرة، وأنطلق بحجة؟ قال: ثم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق أن ينطلق معها إلى التنعيم، فاعتمرت عمرة في ذي الحجة بعد أيام الحج)). وفي رواية: ((وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلً سهلً، إذا هويتْ الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع عبدالرحمن بن أبي بكر، فأهلَّت بعمرة من التنعيم)). وقد وجعتْ يومًا فقالت: ((وارأساه. فقال النَّبي صلَّ الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه)). قال بدر الدين الزركشي رحمه الله: (فيه إشارة للغاية في الموافقة حتى تألَّ بألمها، فكأنَّه أخبرها بصدق محبته حتى واساها في الألم). |
#4
|
||||
|
||||
![]() وقال ابن القيم: (قول النَّبي صلَّ الله عليه وسلم: لما قالت عائشة: وارأساه! فقال: ((بل أنا وارأساه)) . أي: الوجع القوي بي أنا دونك، فتأسَّىْ بي فلا تشتكي، ويلوح لي فيه معنًى آخر، وهو أنَّا كانت حبيبة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، بل كانت أحبَّ النساء إليه على الإطلاق، فلمَّ اشتكت إليه رأسها، أخبرها أنَّ بمُحبِّها من الألم مثل الَّذي بها، وهذا غاية الموافقة من المحبِّ ومحبوبه؛ يتألَّ بتألمه، ويُسرُّ بسروره، حتى إذا آلمه عضو من أعضائه آلم المحبَّ ذلك العضو بعينه، وهذا من صدق المحبة وصفاء المودة. فالمعنى الأول: يُفهم أنك لا تشتكي واصبري، فبي من الوجع مثل ما بك، فتأسَّىْ بي في الصبر وعدم الشكوى. والمعنى الثاني: يُفهم إعلامها بصدق محبته لها، أي: انظري قوة محبتي لك، كيف واسيتُك في ألمك ووجع رأسك، فلِمَ تكوني متوجعة، وأنا سليم من الوجع، بل يُؤلمني ما يُؤلمك، كما يسرُّني ما يسرُّكِ، كما قيل: وإنَّ أوْلَى البرايَا أنْ تُواسِيَه *** عندَ السُّورِ الَّذي واسَاكَ في الحزنِ)) وكان صلَّ الله عليه وسلم ربَّما جلس يستمع إلى حديثها لا يملُّ منه، كما في حديث أُمِّ زرع الطويل، الَّذي حكت فيه عائشة أحوال إحدى عشرة امرأة مع أزواجهنَّ. ثم قال لها في آخره: ((كنِتُ لك كأبي زرع لأُمِّ زرع)). قال النووي: (قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((كنت لك كأبي زرع لأم زرع)). قال العلماء: هو تطييب لنفسها، وإيضاح لحسن عشرته إياها، ومعناه أنا لك كأبي زرع )).
وكان صلَّ الله عليه وسلم يتبادل معها أطراف الحديث بعد الفراغ من تهجُّده صلَّ الله عليه وسلم، قالت رضي الله عنها: ((كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر، فإن كنتُ مستيقظة تحدَّث معي، وإلا اضطجع حتى يؤذَّن بالصلاة))وفي رواية: ((اضطجع على شِقِّه الأيمن)). وكذلك في أسفاره كان يتجاذب معها الحديث خاصة إذا جنَّ الليل، فعن عائشة رضي الله عنها: ((أنَّ النَّبي صلَّ الله عليه وسلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النَّبي صلَّ الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدَّث. وكان يُدنيها منه صلَّ الله عليه وسلم، ويبسط عليها من حنانه ورحمته، ويُترجم قوله إلى فعل شريف، تأنس به أُمُّنا رضي الله عنها، فيتتبع مواضع طعامها وشرابها ليشرب منه، فتقول رضي الله عنها: ((كنت أشرب وأنا حائض، ثم أُناوله النبي ص لىالله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فيَّ فيشرب، وأتعرَّق العَرْق، وأنا حائض، ثم أُناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فيَّ)). ويلطف لها الخطاب، فيقول صلَّ الله عليه وسلم: ((إنِّ لأعلم إذا كنت عني راضيةً، وإذا كنت عليَّ غضبى. فتقول رضي الله عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنتِ عنِّي راضيةً، فإنَّك تقولين: لا، وربِّ محمدٍ، وإذا كنت عليَّ غضبى، قلت: لا، وربِّ إبراهيم، قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك)).. فبادلته حبًّا بحبٍّ ولطفًا بلطف، صلَّ الله عليه وسلم. ويوم أن همَّ بها والدها الصِّدِّيق رضي الله عنه حين سماع ارتفاع صوتها، وهي تتحدَّث مع رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في بيتهما، فتناولها ليلطمها، وقال: ((ألا أراكِ ترفعين صوتك على رسول الله صلَّ الله عليه وسلم - وفي رواية: يا بنت فلانة، ترفعين صوتك على رسول الله صلَّ الله عليه وسلم - فجعل النَّبي صلَّ الله عليه وسلم يحجزه، وخرج أبو بكر مغضبًا، فقال النَّبي صلَّ الله عليه وسلم حين خرج أبو بكر: كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟ قال: فمكث أبو بكر أيامًا ثمَّ استأذن على رسول الله صلَّ الله عليه وسلم فوجدهما قد اصطلحا، -وفي رواية: فسمع تضاحكهما-، فقال: لهما أدخلاني في سِلمكما، كما أدخلتماني في حربكما. فقال النَّبي صلَّ الله عليه وسلم: قد فعلنا قد فعلنا)). فقد قطع عنها النَّبي صلَّ الله عليه وسلم ما يؤذيها، ولو من والدها حميةً لها،وجعل يترضَّاها ويُلاطفها تطييبًا لخاطرها، وإسعادًا لنفسها، وفي هذا ما فيه من حبِّه لها رضي الله عنها. ولم يكن يرضى بأن ينالها أمرٌ ولو من أبيها رضي الله عنه، فعن عائشة: ((أنَّ النَّبي صلَّ الله عليه وسلم استعذر أبا بكر عن عائشة، ولم يظنَّ النَّبي صلَّ الله عليه وسلم أن ينالها بالذي نالها، فرفع أبو بكر يده فلطمها، وصكَّ في صدرها، فوجد من ذلك النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، وقال: يا أبا بكر، ما أنا بمستعذرك منها بعدها أبدًا)). ومن دلائل هذه المحبة أيضًا ما جرى في قصة التخيير، تقول عائشة: ((لمَّ أُمر رسول الله صلَّ الله عليه وسلم بتخيير أزواجه، بدأ بي، فقال: إنِّ ذاكرٌ لك أمرًا، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك. قالت: قد علم أنَّ أبويَّ لم يكونا ليأمراني بفراقه...)). قال القرطبي: (العلماء: وأمَّا أمر النبَّي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تشاور أبويها؛ لأنَّه كان يحبُّها، وكان يخاف أن يحملها فرط الشباب على أن تختار فراقه، ويعلم من أبويها أنَّما لا يُشيران عليها بفراقه). آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 08-11-2013 الساعة 12:57 AM |
#5
|
||||
|
||||
![]() عائشة والأيام الأخيرة من حياة النَّبي صلَّى الله عليه وسلم ما أشدَّ لحظات الفراق، وما أصعبها على النفس، لولا الصبر والرضا بقضاء الله عزَّ وجلَّ، وها هي عائشة رضي الله عنها تعيش اللحظات الأخيرة من حياة حبيبها صلَّ الله عليه وسلم، بينما لم يتجاوز عمرها الثامنة عشرة. وكان ابتداء المرض برسول الله صلَّ الله عليه وسلم بوجع في رأسه؛ إذ دخل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم على عائشة فقالت: (( وارأساه، فقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه)). ومنذ ذلك الحين ابتدأ به صلَّى الله عليه وسلم وجعه، وكان وجعًا في رأسه الكريم، وكان أكثر ما يعتريه صلَّ الله عليه وسلم الصداع، فجعل مع هذا يدور على نسائه، فما أن اشتدَّ به بالمرض حتى أخذ يسأل: أين أنا غدًا؟ أين أنا غدًا؟ استبطاءً ليوم عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها. تقول عائشة رضي الله عنها: ((لما ثَقُل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم واشتدَّ به وجعه، استأذن أزواجه أن يُمرَّض في بيتي، فأذِنَّ له، فخرج وهو بين الرجلين تخطُّ رجلاه في الأرض؛ بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل آخر، قال عبيد الله: فأخبرت عبد الله بالذي قالت عائشة، فقال لي عبد الله بن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الَّذي لم تُسَمِّ عائشة؟ قال: قلت: لا. قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب. وكانت عائشة زوج النَّبي صلَّ الله عليه وسلم تُحدِّث أنَّ رسول الله صلَّ الله عليه وسلم لما دخل بيتي واشتد به وجعه قال: هَرِيقواعليَّ من سَبْع قِرَب لم تُلل أَوْكِيتهنَّلعلِّي أعهد إلى الناس، فأجلسناه في مِخْضبلحفصة زوج النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، ثمَّ طَفِقنا نَصُبُّ عليه من تلك القِرَب حتى طَفِق يشير إلينا بيده أن قد فعلتنَّ، قالت: ثمَّ خرج إلى النَّاس فصلَّى بهم وخطبهم)). وربما يفهم البعض أنَّ سبب رغبته صلَّ الله عليه وسلم في التمريض في بيت عائشة رضي الله عنها هو حبُّه لها وهو حقٌّ، ولكن لما خصَّ الله سبحانه وتعالى السيدة عائشة رضي الله عنها بكثير من الفضائل والمزايا الفطرية، ووهبها حظًّا وافرًا من كمال العقل، وقوة الذاكرة، وسرعة الفهم، والذكاء المتوقِّد، والبديهة الواعية، وقدرة التحصيل، والإحاطة بكلِّ ما يقع في متناول ذهنها، ومَلَكة في الاستنباط والاستخراج، وقوة نادرة للاجتهاد، إذًا فلا غرابة أن يكون غرض الرسول صلَّ الله عليه وسلم من التمريض في بيت عائشة، والاستقرار فيه - أن تقوم عائشة بحفظ كلِّ الأقوال والأفعال الصادرة من النَّبي صلَّ الله عليه وسلم في أيامه الأخيرة. والحقُّ الَّذي لا مِراء فيه أنَّ المسلمين قد عرفوا الكثير من أمر نبيِّهم وأمر دينهم، وأحواله صلَّ الله عليه وسلم عند الاحتضار، من أحاديث عائشة عن زوجها المحبوب عليه الصلاة والسلام. قالت عائشة رضي الله عنها: ((كان النَّبي صلَّ الله عليه وسلم يقول في مرضه الَّذي مات فيه: يا عائشة، ما أزال أجِد ألم الطعام الَّذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أَبْهَريمن ذلك السُّمِّ)). |
#6
|
||||
|
||||
![]() واشتدَّ المرض بالنَّبي صلَّ الله عليه وسلَّم على مرِّ الأيام، حتى لم يسعه أن يصلِّ بالناس في المسجد، وكانت هناك أدعية كان النَّبي صلَّ الله عليه وسلم إذا مرض نفث بها على نفسه، فعائشة رضي الله عنها كذلك كانت تنفث عليه بتلك المعوذات والأدعية، وتمسح بيده، وكان النَّاس عكوفًا ينتظرون النَّبي صلَّ الله عليه وسلم في المسجد لصلاة الصبح، فكلما ذهب لينوء أُغمي عليه، فقال: ((مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس. قالت عائشة: يا رسول الله، إنَّ أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه، فلو أمرت غير أبي بكر، قالت: والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم النَّاس بأوَّل من يقوم في مقام رسول الله صلَّ الله عليه وسلم. قالت: فراجعته مرتين أو ثلاثًا، فقال: ليصلِّ بالناس أبو بكر، فإنكنَّ صواحب يوسف)). وكان صلَّ الله عليه وسلم قد ترك شيئًا من الذهب عند عائشة رضي الله عنها قبل مرضه الَّذي مات فيه، فتذكَّره في مرضه، فقال لعائشة: ((يا عائشة، ما فعلتِ بالذهب؟ فجاءت ما بين الخمسة إلى السبعة أو الثمانية أو التسعة، فجعل يُقلِّبها بيده، ويقول: ما ظنُّ محمد بالله عزَّ وجلَّ لو لقيه وهذه عنده، أنفقيها)) وحانت اللحظة الأخيرة من حياة سيد المرسلين صلَّ الله عليه وسلم، وكانت عائشة مسندة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، تقول: ((دخل عليَّ عبد الرحمن وبيده السِّواك، وأنا مسندة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، فرأيتُه ينظر إليه، وعرَفت أنَّه يحبُّ السِّواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فتناولته، فاشتدَّ عليه، وقلت: أُليِّنه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فلَيَّنته، فأمَرَّه، وفي رواية: فاستنَّ بها كأحسن ما رأيته مستنًّا قط)). وكان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يُعَوِّذ بهذه الكلمات:(( اللهم ربَّ النَّاس، أذهب الباس، واشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سَقَمً)). تقول عائشة: ((ثقل في مرضه الَّذي مات فيه، أخذت بيده، فجعلتُ أمسحه بها وأقولها، فنزع يده من يدي، وقال: اللهم اغفر لي، وألحقني بالرفيق الأعلى. قالت: فكان هذا آخر ما سمعت من كلامه )). وكانت رضي الله عنها تقول: ((كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وهو صحيح يقول: إنَّه لم يُقبَض نبيٌّ قطُّ حتى يُرى مقعده من الجنة، ثمَّ يحيا أو يُيَّ. فلما اشتكى وحضره القبض، ورأسه على فخذ عائشة، غُشي عليه، فلما أفاق شَخَص بصرهنحو سقف البيت، ثمَّ قال: اللهمَّ في الرفيق الأعلى. فقلت: إذًا لا يجاورنا، فعرَفت أنَّه الحديث الَّذي كان يُدِّثنا وهو صحيح )) وقالت: مات النَّبي صلَّ الله عليه وسلَّم، وإنَّه لبين حاقِنَتِي وذاقِنَتِي، فلا أكره شدة الموت لأحد أبدًا بعد النَّبي صلَّ الله عليه وسلم. ومما لا شكَّ فيه أنَّ من أعظم الفضائل، وأهمِّ المناقب للسيدة عائشة رضي الله عنها، أنَّ حجرتها الشريفة كانت المسكن الأخير للنبي صلَّ الله عليه وسلم، ومكان دفنه ووفاته؛ لذا كانت عائشة رضي الله عنها تعتزُّ وتفتخر بما نالت من هذه الفضيلة والكرامة، وتقول: (إنَّ من نِعم الله تعالى عليَّ أنَّ رسول الله صلَّ الله عليه وسلم تُوُفِّ في بيتي، وفي يومي، وبين سَحْري ونَحْري، وأنَّ الله جمع بين ريقي وريقه عند موته) . |
#7
|
||||
|
||||
![]() عائشة في عهد أبي بكر تولَّ أبو بكر رضي الله عنه الخلافة بعد رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، بعد مبايعة أصحاب النَّبي صلَّ الله عليه وسلم له. ولزمت السيدة بعد وفاة النَّبي صلَّ الله عليه وسلم حُجرتها، تُعزِّي نفسها بجواره صلَّ الله عليه وسلم. ولم يظهر للناس دورها العلمي الَّذي قامت بعد ذلك به ظهورًا بارزًا؛ نظرًا لحداثة العهد بالنبي صلَّ الله عليه وسلم، وفداحة المصيبة بموته صلَّ الله عليه وسلم، مع انشغال النَّاس بحروب الرِّدة. لكن مع ذلك لما أراد أزواج النَّبي صلَّ الله عليه وسلم أن يرسلنَ عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهنَّ من رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قالت السيدة لهنَّ: ((أوليس قد قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: لا نُورَث، ما تركناه فهو صدقة )). وكان أبو بكر رضي الله عنه يرجع إلى عائشة في الأمور الشرعية التي تخفى عليه، ومن ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث عائشة قالت: ((دخلت على أبي بكر فقال: في كم كفنتم النَّبي صلَّ الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سَحوليَّة ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها: في أيِّ يوم تُوُفِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين. قال: فأيُّ يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين)). وكانت رضي الله عنها تقوم بدورها في إجابة المستفتين في عهد أبي بكر، فيقول محمد بن أبي بكر : (كانت عائشة قد استقلَّت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وهلمَّ جرًّا، إلى أن ماتت، يرحمها الله) ولم تطل خلافة الصِّدِّيق؛ فكانت خلافته سنتين، وثلاثة أشهر، وعشر ليال. وامتدَّ المرض بأبي بكر خمسة عشر يومًا، والناس يعودونه، والسيدة تُشرف على تمريضه، وأثناء ذلك كانت تُعَزِّي نفسها؛ فتتمثَّل ببعض الأشعار، فيُنبِّهها رضي الله عنه، وهو في سياقة الموت، لتستبدلها بالآيات القرآنية، ولما حضرته الوفاة قالت رضي الله عنها كلمة من قول حاتم: لعَمْرك ما يُغني الثَّراءُ عن الفتَى *** إذا حَشْرَجتْ يومًا وضاق بها الصَّدرُ فقال: لا تقولي هكذا يا بُنيَّة، ولكن قولي: ﴿ وَجَاءٓتَ سَكۡرَة ٱلمۡوۡتِ بٱِلۡحقَۖ ذَلٰكِ مَاكُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ﴾. وأوصى أبو بكر عائشة رضي الله عنهما أن يُدفَن إلى جنب رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، فلما تُوُفِّ حُفِر له في حجرة السيدة، وجُعل رأسه عند كتفي رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، وأُلصق اللَّحْد بقبر رسول الله صلَّ الله عليه وسلم ، وجُعل قبر أبي بكر مثل قبر النَّبي صلَّ الله عليه وسلم مسطَّحًا، ورُشَّ عليه الماء. واختار أبو بكر من بين أولاده ابنته عائشة؛ لتتولَّ تنفيذ وصيته، ومنها قوله لها: قد كنت نحلتك حائطًا - بستانًا- وإنَّ في نفسي منه شيئًا، فرُدِّيه إلى الميراث. قالت: نعم، فرددته، فقال: أما إنَّا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارًا ولادرهمًا، ولكنَّا قد أكلنا من جَريشطعامهم في بطوننا، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير، إلا هذا العبد الحبشي، وهذا البعير النَّاضِح ، وجَرْد هذه القطيفة، فإذا متُّ فابعثي بهنَّ إلى عمر،وأبرئي منهنَّ. ففعلت. فلما جاء الرسولُ عمرَ بكى حتى جعلت دموعه تسيل في الأرض، ويقول: رحم الله أبا بكر، لقد أتعب من بعده؛ رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده |
#8
|
||||
|
||||
![]() عائشة في عهد عمر بدأت تظهر المكانة العلمية الكبرى لعائشة رضي الله عنها في عهد عمر رضي الله عنه، وكان عمر وغيره من كبار الصحابة إذا أشكل عليهم أمر من الأمور، لاسيما ما يتعلَّق بشؤون الإنسان الخاصة، يسألون عنه أُمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها. فعن محمود بن لَبيد قال: (كان أزواج النَّبي صلَّى الله عليه وسلم يحفظن من حديث النَّبي صلَّ الله عليه وسلم كثيرًا، ولا مثلً لعائشة وأُمِّ سلمة، وكانت عائشة تُفتي في عهد عمر وعثمان إلى أن ماتت يرحمها الله، وكان الأكابر من أصحاب رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، عمر وعثمان بعده، يرسلان إليها فيسألانها عن السنن). وكان عمر رضي الله عنه شديد الاهتمام بأُمَّهات المؤمنين ، كثير التفقُّد لأحوالهنَّ. ولما قسم خيبر خيَّ أزواج النَّبي صلَّ الله عليه وسلم بين أن يقْطَع لهنَّ من الأرض، أو يضمن لهنَّ المائة وسق كلَّ عام. وكانت عائشة وحفصة ممن اختار الأوسق. وقد بلغ من شدة اهتمامه بهنَّ، وحرصه عليهنَّ، وتعظيمه لمقامهنَّ، أنَّنَّ لما استأذنَّه بالحج أرسل معهنَّ عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وأمرهما أن يسير أحدهما بين أيديهنَّ والآخر خلفهنَّ، ولا يسايرهنَّ أحد، وقال: (فإذا نزلن فأنزلوهنَّ شِعبًا، ثمَّ كونا على باب الشعب، لا يدخلنَّ عليهنَّ أحد. ثمَّ أمرهما إذا طفن في البيت ألَّايطوف معهنَّ أحد إلا النساء). وعن عروة قال: قالت عائشة: (كان عمر بن الخطاب يبعث إلينا بأحظائنا من الأكارع، والرؤوس). وكان لعائشة رضي الله عنها عند عمر رضي الله عنه مزيد خصوصية، فقد فرض لأُمَّهات المؤمنين عشرة آلاف، وزاد عائشة ألفين، وقال: (إنَّا حبيبة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم). وأيضًا قدم دُرْج من العراق فيه جوهر إلى عمر، فقال لأصحابه: (تدرون ما ثمنه؟ قالوا: لا. ولم يدروا كيف يقسمونه، فقال: أتأذنون أن أُرسل به إلى عائشة؛ لحبِّ رسول الله إياها؟ قالوا: نعم. فبعث به إليها، فقالت: ماذا فتح الله على ابن الخطاب بعد رسول الله، اللهمَّ لا تُبقني لعطيته لقابل). وكانت عائشة رضي الله عنها تهاب عمر وتُلُّه. وفي مسندها عدد من الأحاديث ترويها عن النَّبي صلَّ الله عليه وسلم في فضائله ومناقبه. ولما أرسل عمر رضي الله عنه ولده عبد الله إلى عائشة رضي الله عنها بعدما طُعِن؛ ليستأذنها في أن يُدفن بجانب رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وأبي بكر، آثرته على نفسها وأذِنت له، وقالت:(كنت أريده لنفسي، فلأوثرنَّه اليوم على نفسي) . وتأمَّل أدب عمر مع أُمِّ المؤمنين رغم أنَّه على فراش الموت، يقول لابنه عبد الله: (انطلق إلى عائشة أُمِّ المؤمنين، فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يُدفن مع صاحبيه). فسلَّم واستأذن، ثمَّ دخل عليها، فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يُدفن مع صاحبيه. فقالت: كنتُ أريده لنفسي، ولأُوثرنَّ به اليوم على نفسي، فلما أقبل، قيل: هذا عبد الله بن عمرقد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه،لا فقال: ما لديك؟ قال: الَّذي تحبُّ يا أمير المؤمنين أذِنَتْ، قال: الحمد لله، ما كان من شيء أهمَّ إليَّ من ذلك، فإذا أنا قَضَيت فاحملوني، ثمَّ سلِّم، فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنَتْ لي فأدخلوني، وإن ردَّتني رُدُّوني إلى مقابر المسلمين.
|
#9
|
||||
|
||||
![]() عائشة في عهد معاوية تأثَّرت السيدة عائشة رضي الله عنها بيوم الجمل كثيرًا، وكان بالنسبة لها بشكل خاص مأساة مروعة، أُصيبت فيه بخيبة أملٍ مريرةٍ، فقد خرجت تسعى لرأب صدع الأمة وإصلاحه، فازداد الصدع، واتسع الخرق، واجتلد المسلمون أمام عينها، وسفكوا دماء بعضهم بين يديها. فلزمت السيدة حجرتها، وانقطعت للعبادة، وقسَّمت ليلها ونهارها بين: صلاة، وصيام، واستغفار، وصدقات، ونشر علم، وبيان سنة. ولم تكن علاقة السيدة مع معاوية كما كانت مع الخلفاء الراشدين، إلَّ أنَّه أيضًا لم يكن بينهما قبل تولِّيه الخلافة ما يعكِّر صفو العلاقة بينهما، بل كان معاوية وغيره من الصحابة يُجِلُّون أُمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بل كان متفقًا مع عائشة رضي الله نهما في الرأي حول المطالبة بدم عثمان. ورغم أنَّ معاوية رضي الله عنه حرص حرصًا شديدًا على أن يُحسِّن علاقته مع عائشة رضي الله عنها بعد تولِّيه الخلافة، فقد حدثت عدة حوادث استوجبت تعكيرالعلاقة بينهما: - منها: *** أخيها محمد بن أبي بكر سنة ثمان وثلاثين في مصر، وقد كان واليًا عليٍّ رضي الله عنه عليها، فثار عليه الموالون لمعاوية، بزعامة معاوية بن حُدَيْج لسَّكُونِّى، وأمدَّهم معاوية بجيش كثيف، بقيادة عمرو بن العاص، فهُزم جيش محمد بن أبي بكر، ووقع أسيرًا في يد معاوية بن حديج، ف***ه، ثمَّ ألقاه في جيفة حمار فأحرقه بالنار، فلما بلغ عائشة م***ه جزعت عليه جزعًا شديدًا، وقنتت في دبر الصلاة تدعو على معاوية وعمرو، ثمَّ قبضت عيال محمد إليها، فكان القاسم بن محمد بن أبي بكرفي عيالها. ومع ما حدث من معاوية بن حُدَيج من *** أخيها، إلا أنَّ ذلك لم يمنعها من أن تثني عليه، حين بلغها حُسن معاملته لرعيته، فقد سألت عبد الرحمن بن شُماسة لما لما دخل عليها: ((ممن أنت؟ قال: رجل من أهل مصر. فقالت: كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئًا، إن كان ليموت للرجل منَّا البعير فيعطيه البعير، والعبد فيعطيه العبد، ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة. فقالت: أما إنَّه لا يمنعني الَّذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي، أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: اللهمَّ من ولي من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به. وقد قام معاوية بزيارتها؛ حرصًا منه على تحسين العلاقة التي ساءت بينهما على إثر *** أخيها محمد بن أبي بكر، فكانت تعظه وتنصحه. - ومنها: منع مروان بن الحكم وكان واليًا على المدينة مِن قِبَل معاوية أن يدفن الحسن بن عليرضي الله عنهما في الحجرة الشريفة، بعد أن أذنت أُمُّ المؤمنين عائشة بذلك. - ومنها: ما حدث بين عائشة رضي الله عنها ومروان بن الحكم، عندما أراد معاوية رضي الله عنه أن يستخلف ولده يزيد، وأن يستوثق له في ذلك، فكتب إلى مروان عامله على الحجاز، فجمع مروان الناس، فخطبهم، فذكر يزيد، ودعا إلى بيعته، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر:(أجئتم بها هِرَقليَّة تبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان: خذوه. فدخل بيت عائشة، فلم يقدِروا عليه، فقال مروان: إنَّ هذا الَّذي أنزل الله فيه: ﴿وَٱلَّذِي قَالَ لِوَلَٰدِيۡهِ أفّٖ لَّكُمَا أتعِدَاننِىِٓ..) فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري. آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 16-11-2013 الساعة 11:33 PM |
#10
|
||||
|
||||
![]() وكان معاوية يسترضيها، ويجزل لها العطايا، يقول عروة: (ما كانت عائشة تستجدُّ ثوبًا حتى تُرقع ثوبها وتنكسه، ولقد جاءها يومًا من عند معاوية ثمانون ألفًا، فما أمسى عندها درهم، قالت لها جاريتها: فهلَّ اشتريتِ لنا منه لحمً بدرهم؟ قالت: لو ذكَّرتيني لفعلتُ). وكان يُراسلها مستنصحًا؛ فقد كتب إليها: (أن اكتبي إليَّ كتابًا ولا تُكثري علي، فكتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية: سلام عليك، أما بعد؛ فإنِّ سمعت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول: ((من التمس رضاء الله بسخط الناس، كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضاء النَّاس بسخط الله، وكَلَه الله إلى الناس)). والسلام عليك). ولم نجد شيئًا يدلُّ على معارضتها تولِّ معاوية الخلافة، ولكن مع ذلك فقد أنكرت عليه بعض تصرفاته، واشتدَّ نكيرها عليه لما *** حُجْر بن عديٍّ . وقد امتدَّت مدة حكم معاوية عشرين سنة، عاشت منها عائشة رضي الله عنها ثماني عشرة سنة، وتُوُفِّيت قبل انتهاء حكمه بسنتين.
آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 16-11-2013 الساعة 11:34 PM |
#11
|
|||
|
|||
![]()
معلومات لطيفة.
|
#12
|
||||
|
||||
![]() |
#13
|
|||
|
|||
![]()
جزاك الله خيرا
__________________
سبحان الله العظيم |
#14
|
||||
|
||||
![]() |
#15
|
||||
|
||||
![]()
جزاك الله خيراً ... ورضي الله عن أم المؤمنين الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|