اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 10-11-2011, 11:15 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الصلاة خلاصة أصول العقيدة الإسلامية، والمضيئة لطريق المسلمين، والمرشدة إلى المسؤوليات والتكاليف والطرق والنتائج.
الصلاة دعوة للمسلم في مطلع النهار، وفي أثنائه، وعند الليل، وإفهامه على لسانه للأسس والطريق والهدف والنتيجة ودفعه إلى العمل بقوة معنوية. هذه هي الصلاة، إنّها تأخذ بالإنسان خطوة فخطوة ودرجة فدرجة حتى تصل به إلى قمة الإيمان، والعمل الكامل، وتجعل منه عنصراً ذا قيمة ومسلماً سوياً. أجل، الصلاة هي معراج المؤمن.
إنّ أمام الإنسان طريق طويل وشاق يؤدي به إلى الاستقامة والواقعية، ويوصله إلى ذلك الهدف الذي وجد من أجله، ولكن هذا الطريق ليس هو الوحيد الذي وضع أمام البشر، فهناك أيضاً الكثير من الطرق الملتوية والمنحرفة والخطرة تعتري طريقه الرئيسي، وأحياناً تكون هذه الطرق خلاّبة جداً بحيث توقع المجتاز في حيرة وتردد في تمييز الطريق الصحيح.
فلابد ــ لأجل التخلص من هذه الحيرة ــ من الحفاظ على الموجّه الصحيح نحو الهدف والمقصود النهائي، أي نحو الله، وأن نمتلك مخططاً للطريق والمسار؛ وما الصلاة إلاّ موجّه دائم نحو الله ومخطط إجمالي للطريق الأصلي. إذن الصلاة هي المؤمِّن للارتباط الدائم والاتصال الدائب للمؤمن بالله، وقد أدرج ضمنها مجمل التفكير الإسلامي.
وبذلك تتضح علة توزيع الصلاة على هذه الأوقات الخمسة ومدى أهميته، إنّه كتوزيع وجبات الطعام على أوقات الليل والنهار المختلفة.
ومع غضّ النظر عن احتواء الصلاة على خلاصة أهداف الإسلام وغاياته، وأنّ تلاوة القرآن أيضاً من الأعمال الواجبة في الصلاة، لأنّها تعرّف المصلي ببعض مضامين القرآن وتعوّده التفكير في مفاهيم القرآن والارتباط به فكرياً[1]، فالصلاة أساساً بمجموع حركاتها تعدّ مظهراً ومثالاً مصغراً للإسلام.
الإسلام في صميم الأمّة يحث الجسم والفكر والروح الإنسانية على العمل، ويستخدم هذه الثلاثة بأجمعها لإسعادها، والصلاة أيضاً تصنع هذا الشيء نفسه مع الفرد، إذ إنّه عند الصلاة يكون كلّ من جسمه وروحه وفكره في حال العمل والفعالية:
الجسم: بحركات اليدين والرجلين واللسان والركوع والجلوس والسجود.
الفكر: بالتفكر في مضامين ألفاظ الصلاة التي تشير عموماً إلى الأهداف والوسائل واجتياز دورة من التأمل والرؤية الإسلامية بشكل مجمل.
الروح: بذكر الله والتحليق في جوّ من المعنويات الروحية، ومنع القلب من الركون إلى التفاهات والفراغ، وغرس بذرة الخشوع وخشية الله في الروح.
قالوا: إنّ الصلاة في كل دين هي خلاصة ذلك الدين، وصلاة الإسلام كذلك تماماً.. الجمع بين الروح والجسم، بين المادة والمعنى، بين الدنيا والآخرة، سواء في اللّفظ أو في المحتوى أو في الحركات، من خصوصيات الصلاة الإسلامية.
كذلك المسلم في الصلاة عندما يقيمها بشكل كامل فإنّه يعمل جميع طاقاته في طريق تعاليه، يعني أنّه يستعمل في آن واحد جميع امكانياتها الجسمية والفكرية والروحية في هذا الأمر.
إنّ مقيم الصلاة كما أنه يوظف جميع قواه بحثاً عن طريق الله، فإنه يميت جميع بواعث الشر والفساد والانحطاط في ذاته.
في عدّة آيات من القرآن عدّت إقامة الصلاة من علامات التدين، واستند في أكثر الآيات إلى إقامة الصلاة.
يظهر أنّ إقامة الصلاة شيء أكثر من امتثالها، أي أنّها ليست فقط أن يقوم الشخص بامتثال الصلاة وأدائها، بل هناك أيضاً الاسترسال نحو الجهة والناحية التي تدعو إليها الصلاة، وبعث الآخرين نحوها. قالوا: إقامة الصلاة، أن يعيش المصلي ومن حوله أجواء المصلين، أي الباحثين عن الله وعبادته، ويحيا الجميع في خط الصلاة وجهتها.
فالمؤمن ــ إذن ــ والأمة المؤمنة بإقامتها للصلاة تحرق جذور الانحطاط والمعاصي والفساد في النفس والمحيط الاجتماعي، وتميت النزوع إلى ارتكاب المعاصي وبواعثه الداخلية والخارجية (العوامل النفسية والبيئيّة). حقّاً إنّ الصلاة تحول بين الفرد والمجتمع وممارسة الأعمال الصالحة والرذيلة: {إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}[2].
في ساحة النزاع وصراع الحياة، هناك حيث استعدت جميع قوى الشر بجميع ما لديها من مكائد، لكي تعدم بواعث الصلاح والاحسان في كل مكان وفي كل شخص، فإن أول سد يقوم بصد الهجوم وتدميره هو قوّة العزم والقدرات النفسية للبشر، إذ بتحطيم هذا السدّ المنيع يغدو من اليسير احتلال قلعة شخصية الإنسان ونهب كنوزها التي تحفظ فيها أصالة الإنسان الذاتية ومدخراتها من القيم والمعارف والعلوم.
وأولئك الذين يحملون هتافاً جديداً ومخططات بديعة للزمان وللتاريخ، هم أكثر من غيرهم عرضة لهجوم قوى الشر، وهم بحاجة أكثر من غيرهم إلى حفظ هذا الحصن الفولاذي، حصن العزم والإرادة التي لا تقهر.
إنّ صلاة الإسلام بما فيها من تلقين وتكرار لذكر الله، تربط الإنسان الضعيف والمحدود بالله المطلق المسيطر، وتجعله مستعيناً به؛ وعن طريق ربط الإنسان بمدبر العالم، يصنع منه قدرة غير محدودة ولا زائلة. ويجب عدها أفضل علاج لضعف الإنسان، وأنفع دواء للعزم والإرادة.
إنّ الرسول الأكرم (ص) الذي كان يشعر بثقل المسؤولية في مجال التغيير الإسلامي العظيم أمام الجاهلية المستشرية، أمِر بالصلاة في منتصف الليل {يا أيّها المزّمّل * قم الليل إلاّ قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلاً * إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً}[3].
ندخل الآن في بيان محتوى الصلاة، ودون أن نخرج عن محتوى الترجمة الواسعة، نسعى للإقتراب من هدف الصلاة من الناحية التربوية.
تبدأ الصلاة باسم الله، وذكر عظمته وسعة ذاته، وأنّها أسمى من كل ما يتصوره الإنسان.
[1] إنّما أمر الناس بالصلاة وأن يقرأوا القرآن فيها لئلاّ يكون القرآن مهجوراً مضيّعاً، وليكون مدروساً فلا يضمحل ولا يجهل.

[2] سورة العنكبوت، الآية: 45.

[3] سورة المزّمّل، الآيات: 1 ــ 5.
__________________
  #32  
قديم 10-11-2011, 11:19 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أهداف الصلاة

1_إقرار الروبوبيه لله عز وجل

أي أن الإنسان يعترف أن الذي رباه هو الله

(الحمد لله رب العالمين )

2 - خلع الأنداد

(إياك نعبد وإياك نستعين)

أي هو وحدة الذي يستحق العبادة ليس له ند ولا شريك

فهناك نوعان من الأنداد

النوع الأول:أنداد خارجية

كعبادة الصخور والظواهر الطبيعية وغيرها

النوع الثاني:أنداد داخليه

كأتباع الهوى والعصبية

3- ليطلب الإنسان من ربه ويعطيه

أن الله عز وجل يحب من عباده أن يسألوه ويعطيهم

فعندما يقول الإنسان (أهدنا الصراط المستقيم)فالإنسان يطلب من الله

فالوقوف والطلب من الله عز وجل عزة وليس بذل

4- إن الإنسان يقف بالذل والمسكنة بين يدي الجبار

فالجبار هو الذي لا يعتريه ذل ولا حاجة فالكبرياء والعظمة لا تليق إلا لله عز وجل

5- السجود على التراب تواضعا لله لنشعر أن هذا الخد لا يليق له أن يكون مصعر فمصيره إلى التراب

وحتى يشعر الإنسان أن العزيز الذي لا يذل هو الله الباقي إذ لا باقي غيرة

(وكل من عليها فان *ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )


__________________
  #33  
قديم 10-11-2011, 11:24 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الأبعاد التربوية للحج
د. حمدي شعيب

الحلقة الأولى
اسـتـعـرض الـكـاتــب في الحلقـة الأولى رحلة الحج مستنبطاً من مسيرتها الدروس والعبر، وإشــارات للـسـاري في طـريــق المــلــة الحنيفـية، وقد ختم الحلقة بدور المرأة في المشروع الحضاري عندما توقف عند ركن السعي والرمل بـيـن الصفا والمروة؛ حيث ذكرنا بهاجر ـ عليها السلام ـ. وفي هذه الحلقة يتابع الكاتب نظراته التربوية في مسيرة الحج وما يستفاد منها في المشروع الحضاري لأمتنا الإسلامية.
ـ البيان ـ
أ - أما بالنسبة للقضايا الفرعية:
فأولها:
عندما يتأمل الحاج أنه قد كُتب عـلـيه السعي على النهج نفسه وبالخطوات التي قامت بها أم إسماعيل ـ عليهما السلام ـ نرى أن الله ـ عز وجل ـ يريد أن يذكِّر كل مسلم، أن هــذه الأمة واحدة؛ لأنها تملك كل مقومات هذه الوحدة: من جذور تاريخية، وأرض، وأفكار موحدة، وأنها تتجذر في التاريخ عمقاً يربطها بأبي البشر آدم وأبي الأنبياء إبراهيم ـ عليهما السلام ـ أوائل من بنوا البيت، وأنـهـــا كذلك تتجذر في التاريخ عرضاً لتضم كل الأمم وكل أجناس الأرض؛ فهي أمة واحدة ورسالتها واحدة.
ثانيها:
كيف أن الماء الذي كان في سقاء هاجر ـ علـيـهــا السلام ـ قـد نـفـــد لتتعرض هي ووليدها الحبيب لهذه المحنة العظيمة التي تضطرها لهذا السعي والركض الشاق والمتكرر، وهو الملمح الذي يبين أنه قد كتب على ابن آدم عامة حظه من الكد والـنـصـــب، تحقيقاً لسنته ـ سبحانه ـ أن حياة هذا المخلوق هي سلسلة من الكد والتعب: ((لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي كَبَدٍ)) [ البلد: 4]، وأن الإنسان مخلــوق مبتلى: ((إنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً)) [الإنسان: 2].
وكتب كذلك على الدعاة وحاملي الأفكار النبيلة خاصة تحقيقاً لسنته ـ سبحانه ـ: ((الّـم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ )) [العنكبوت: 1، 2].
إذن لا بد من الجهد والمحنة من أجل الاختبار والتمحيص، ومن أجل التمييز والانتقاء: ((مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)) [آل عمران: 179].
وهذا المـبـدأ ـ مـبــدأ الابتلاء ـ لم يُستثن منه أحد حتى هاجر الصابرة الممتحنة ووليدها ـ عليهما السلام ـ بل كل الأنبياء ـ عليهم الـسـلام ـ والصالحون والمصلحون على دربهم.
ثالثها:
تدبر وصف الحديث الشريف لحال هاجر ـ عليها السلام ـ: "فانطلقت كراهية أن تنظر إليه" أي كان هـنـالك شـعــور داخلي عارم يدفعها للعمل والبذل إحساساً بالمسؤولية والإيجابية لعمل شيءٍ مَّا لتدفــع به تلك المحنة، ولم تقعد وتولول تواكلاً وكسلاً وأن هذا شيء مقدر؛ بل نستشعر من طريـقـة سـعـيها ـ عليها السلام ـ معنى التصميم والعزم، وهو الشعور الذي يغيب عن بعض الدعاة؛ الشعور الداخلي بالمسؤولية لعمل شيء مَّا من أجـــل الفكرة التي يحملونها.
رابعاً:
كانت هاجر ـ عليها السلام ـ تسعى وتركض، ولا تريد أن تعود حتى تحصل على بغيتها حتى إنها كررت سعيها سبع مرات! أي كان هنالك تصميم وثبات وعدم يأس من تحقيق بغيتها. ولقد كان بإمكانها أن تعذر إلى الله ـ سبحانه ـ بأن تسعى مرة أو مرتين.
وهو الملمح الذي يذكِّر الدعاة بطرْق أبواب الخير مرات ومرات حتى تفتح، وأحــرى لـمـن
داوم على قرع الباب أن يُفتح له.
فالداعية صاحب قضية، وهو دوماً يتطلع إلى المعالي، ولا تعوقه مغريات الأرض، ولا ثقلة الطين حتى يتحقق هدفه العظيم، كما قال أحمد محمد الصديق:
يتعالى عــن أراجـيــف الثــرى نافضـــاً عنــه غـبارَ التهــــــم
مـــن تكــن عينــاه للأرض فلن يتسامــــــــى أبــداً للأنجــــم
خامسها:
بعد هذا المجهود المتكرر، والسعي الشاق المضني، والأخذ بكل الأسباب لا يسفر ذلك عن شيء، حتى كان الفرج بيده ـ سبحانه ـ المطَّلع على هذا الأمر، فأرسل جبريل ـ عليــه السلام ـ ليضــرب بعقبـه أو بجناحه الأرض فتتفجر زمزم.
وهو الملمح الذي يذكِّر الدعــاة بالفقــه الجيــد لقضية التوكل على الله؛ وذلك بأن يسـعـوا في الأسباب ـ وبأفضل الأسباب ـ مع القناعة الداخلية بعدم الركون إليها، ثم مـع الـيـقـين فيما عنده ـ سبحانه ـ: ((مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ومَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ)) [النحل: 96]
والـفـرج بـيــده ـ سـبـحـانــه ـ وحــده مالك الملك، ومقدِّر الأقدار؛ لذا فإن الجوارح تعمل
بالأسباب، والقلب يناجي رب هذه الأسباب: ((بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)). [آل عمران: 26].
وثمرة هذه القضية هو الخلوص والتجرد للحق ـ سبحانه ـ ((وظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلاَّ إلَيْهِ)). [التوبة: 118].
ب - أمـا بالـنـسـبة للقضية الكبرى والمغزى العظيم من ركن السعي
؛ فإن هذا العمل الذي يقوم به كل حـــاج ومعتمر يكاد يكون بكل دقائقه هو ما قامت به هاجر ـ عليها السلام ـ نفسه، وكأنها رســمت الخُطا للاَّحقين في كل عصر وفي كل جيل؛ فلا تتم لهم عمرة ولا حج إلا به، ثم لـيـتـدبروا بعض الدروس التربوية منه. ولا يكاد يخلو هذا المكان من ساع ومهرول في أي لـحـظــــة، من اليوم والنهار، وكأننا بالحق ـ سبحانه ـ يريد أن تظل تلك القضية ودروسها حية دوماً في وجـدان الأمـــة حتى يرث الأرض ومن عليها؛ عرفاناً بدور هاجر ـ عليها السلام ـ وتذكيراً للأمة، ورداً على أباطيل أعدائها وشبهاتهم.
وعندما نتدبر هذا الركن من خلال زاوية دراستنا نجد أنه رد عملي، وبرهان جلي، حول قضية طالما أثار حولها المــعـارضــــــــون للمشروع الحضاري الإسلامي الكثير من الشبهات والاتهامات؛ بل العجب في الأمر أنه قد يـُـشــارك بـعــض المسلمين في إثارة الغبار حولها بحسن نية، أو بجهل، أو بهما معاً! وهي قــضــيـة مــكـانة المرأة في الإسلام، ودورها في المشروع الحضاري.
ويكفينا في هذا المقام أن نقتطف بعض ما جاء في الــرأي الـشـامـل الجامع والراقي للحركة الإسلامية المعاصرة حول هذه القضية؛ فالمرأة (هي الأم التي ورد في شأنها الأثر الكريم: أن الجنة تحت أقدامها، والتي قدمها الله ـ تعــالى ـ على كل من عداها في حق صحبة الأبناء لها، وأنهن شقائق الرجال. والمرأة هي نصف المجتـمـع ونصف الأمة والقائمة على تنشئة الأجيال. ومسؤولية المرأة الإيمانية كالرجل سواءاً بسواء؛ فهي مأمورة ـ كالرجل ـ بالإيمان بالله، وبالعمل بالأركان، وعليها ما على الرجل من واجـــب التفقه في الدين. والحدودُ في الشريعة واحدة بالنسبة للرجل والمرأة، ونفس المرأة في القصــاص كنفس الرجل. وهي أول من آمن، وأول من استشــهد في سبيل الله. ولقد شاركت في الجهـاد والغزوات. ولا يصــح زواج في الشـــريعة إلا بموافقتها ورضاها وإجازتها، ولا يجوز شرعاً إجبارهـا علـى الزواج ممن لا ترضاه. وللمــرأة ذمة مالية كاملة لا تنقص شيئاً عن ذمة الرجل المالية. ونقصها في الدين ليس نقصاً في الإيمان ولا لأنها مخلوق متدنٍّ غير أهل للرقي، بـل لـرفـــع العبادات عنها في أوقات معينة. ونقص الحظ هو في بعض أنصبة الميراث فقط. أما نقص العـقــل فهو مـحـــدد بالشهادة على أمور معينة أهمها الدَّيْن أي القرض، وعقود البيع والحدود. أمـــا قوامة الـرجــل عليها فلا يجوز أن تُفهَم على أنها مطلقة في كل الأمور ولعامة الرجال، بل إن هذه القوامة خاصة بالأسرة فقط، وفيما يتعلق بالأمور المشتركة بين الزوج والزوجة.
ورياسة الرجـــــل لـيـسـت ريـاســـة قهر وتحكم واستبداد، ولكنها تراحم وتواد ومعاشرة بالحسنى، وتقوم على التشاور؛ فالأصل هو المساواة، ولكن الاستثناءات ترد منه ـ سبحانه ـ. وقد وردت النصوص بأن جسد المــرأة كله عورة، ولا يجوز أن يظهر منه لغير محارمها سوى الوجه والكفين، وأن خلوة المرأة بالرجل غيـر المحرم لها غير جائزة. وللمرأة وظيفة أساسية هامة وسامية خصها ـ ســبـحـانـه ـ بهــا وهي وظيفة الحمل والأمومة، وهي ربة البيت وملكته. وللمرأة حق المشاركة في انتخاب أعضاء المجالس النيابية وما ماثلها. ولها الحق في تولي مهام عضوية المجالس النيابية وما يماثلها. والوظيفة المتفق على عدم جوازها لها هي الولاية العامة، أي رئاسة الدولة. أما القـضاء فقد اختلف الفقهاء بشأن توليها له، وهذا يحكمه فقه الموازنات والترجيح. أما ما عدا ذلك من الوظائف فما دام أن للمرأة شرعاً أن تعمل فيما هو حلال لم يرد فيه نص بتحريمه. وهذه الحقوق وكيفية استعمالها تحكمها ظروف وأخلاقيات كل مجتمع)
(1).
وهـكـــذا فــإن ركـــن السعي يفتح أفقاً رحيباً للمشاركين في المشروع الحضاري حول قضية المشارِكــات ودورهــن، فـلا يـبـخـسـن، ولا يُهـمـلن. ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم سماهن: الشقائق.

__________________
  #34  
قديم 10-11-2011, 11:29 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

مع المؤتمرين!
فـضـــل الجماعية وأهميتها: ثم بعد طلوع الشمس من يوم عرفة يتوجه الحاج من منى إلى عــرفــــة، وهو يلبي ويكبر: "الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد". ويرفع بها صوته. ويـكـره له الصيام في هذا اليوم. ومن السنَّة النزول في نمرة إلى الزوال إن أمكن. فإذا زالت الشـمس سُنَّ للإمام أو نائبه أن يخطب خطبة تناسب الحال، ويبين للحاج ما يشرع في هذا الـيـوم وبـعده. وبعدها يصلي الظهر والعصر جمع تقديم وقصراً؛ وذلك ليطول وقت الوقوف والدعاء بـعـد الـصـــلاة؛ حيث يتفرغ للذكر والدعاء والتضرع إلى الله، ويدعو بما أحب من خيري الدنيا والآخـــرة، وليس لعرفة دعاء مخصوص، ويستحب أن يرفع يديه حال الدعاء، ويستقبل القبلة. والأفضل أن يجعل الجبل بينه وبين القبلة، إن تيسر ذلك.
ووقت الوقوف يمتد إلى طلوع الفجر من يوم العيد. وعليه أن يتثبت من كونه داخل عرفة، ولا يخرج من عرفة إلا بعد غروب الشمس.
وبتأمل أعمال هذا اليوم العظيم نقـتـطـف بـعـض الـملامح التربوية؛ وذلك من منظور دوره
ركيزةً من ركائز المشروع الحضاري:
أ -
"الحـج عـرفـة"(2) بـهـاتـين الكلمتين وضح صلى الله عليه وسلم أهمية هذا الركن من أعمال الحج، ولقد أجمع العلماء على أن الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؛ فهو اليوم الذي يجتمع فيه كل الحجيج في مكان واحد، وفي يوم واحد، وإن امتد وقت الوقوف.
وكأن المقصود هو اجتماع ممثلي الأمـــة من كل جنس ولون، ومن كل أرض وصقع، وكأنه مؤتمر سنوي يناقش هموم الأمة، ويعطي الدليل على كيفية اجتماعها.
وعندما نتدبر مغزى حديثه صلى الله عـلـيـه وسلم أن الحج الصحيح هو من أدرك الوقوف يوم عرفة فإننا نستشعر أن جمع الأمة على هــذه الـصـيـغـة مــن الأهمية العظيمة بمكان، ويبرهن أيضاً على أن حضور هذا المؤتمر السنوي الكبير يجب ألاَّ يتخـلـف عـنه أحد ممن حضر من ممثلي الأمة.
وكـم هـــو منهج عظيم عندما يدعو في كل مناسبة إلى الوحدة، ويشيد بالجماعية وبركتها، وينبذ أفكار التشتت والتشرذم!
ب - في توجه الحجيج إلى عرفات تحت راية التكبير والتوحيد والتهليل يفهم منه أهمية الفكرة الربـانـيـة ودورهــــا أن ركيزة التجميع لهذه الأمة هي كلمة التوحيد؛ فهي الفكرة الربانية التي رشحها الحــق ـ سبحانه ـ لأن تجتمع عليها الأمة ـ كل الأمة ـ وهي الراية التي من الممكن أن يتجمع حـولـهـا كــل الـنـاس؛ فـتـنـطلق بهم إلى سيادة الدنيا، وسعادة الآخرة.
ونحن في هـذا المقام نضيف دليلاً آخر يؤكد ما قلناه؛ وهو ما أورده (ابن خلدون) في مقدمته ( أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجـمـلــــة؛ والسبب في ذلك أنهم ـ لخُلُق التوحش الذي فيهم ـ أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض. فإذا كان فيهم النبي أو الولي الذي يبعثهم على القيام بأمر الله يذهب عنهم مذمومات الأخــلاق، ويـأخـذهـم بمحمودها، ويؤلف كلمتهم لإظهار الحق ـ تم اجتماعهم وحصل لهم التغلب والملك، وهم مع ذلك أسرع الناس قبولاً للحق والهدى والسلامة)
(3).
ج- وفي قصر الصلاة وجمعها نسـتـشـعـر مــنـه وكـأن الـمقـصـــود أن يطـول وقت الوقوف والتضـرع إلى الله ـ عز وجل ـ وذلك من شأنه أن يحقق الهدف الثاني من أهــداف ركــــن الـحـج وهو قطف ثمرته الروحية من ذكر ودعاء واستغفار؛ فهو فرصة سانحة لا تتكرر إلا كل عـام، ولمن سعدوا بحضورها؛ حيث تبدو سويعات الوقوف وكأنها دورة تربوية روحية مركَّزة قدَّرها ـ سبحانه وتعالى ـ لمعالجة بعض جوانب تلك الحالة الاعتلالية التي تحدثنا عنها في (ظاهرة التآكل الروحي)؛ حيث تتسرب إلى بعض النفوس.
وتدبر كيف أن المربي العظيم صلى الله عليه وسلم قد عمم الترغيب في آثار الحج الروحية عموماً، ثم خصص أهمية يوم عرفة، من ذلك: "من حج هذا البيت؛ فلم يرفث، ولم يفسق رجع كـيـوم ولـدتـــه أمه"
(4)، "العمرة إلى العمرة كفارة لم بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"(5)، "مــا مـن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ـ عز وجل ـ ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟"(6).
د - في هذا اليوم، وفي أثناء فــرحــة الحـجـيـج بموقفهم، وبمؤتمرهم الجليل، وبينما هذا الجمع الطيب مشغول في دورته الروحية كان مــن الفقه العميق أن يُعرِّج الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى التحذير من العدو المبين ذلك الذي يـتـأذَّى حـسـداً وحقداً من مجرد سجود المؤمن وطاعته لربه، فما بالك بهذا الموقف العظيم؟!
عـن أبـي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما رُئِيَ الشيطان يوماً هو فيه أصغر، ولا أدحر ـ أي أذل وأهون ـ ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تَنَزُّل الرحمة، وتجاوُزِ الله عن الذنوب العظام، إلا ما أري من يوم بدر. قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: أما إنه رأى جبريل يَزَع ـ أي يقود ـ الملائكة"
(7).
وهو العدو الذي لا ينام، ولا يغفل عن الدس والوسوسة. قال رجل للحسن: يا أبا سعيد! أينام الشيطان؟! فتبسم وقال: لو نام لاسترحنا
(8).
وهذه اللمحة النبوية العظيمة تذكرنا بباب عظيم من الفقه ألا وهو علم الشر، وسبل الوقاية منه، وهــــو الباب الذي لا يغني عنه ولا ينفي أهميته أن نفقه علم الخير، وسبل الوصول إليه.
__________________
  #35  
قديم 10-11-2011, 11:33 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

مع السائرين!
تـنـمـية الجوانب الأخلاقية: بعد غروب شمس يوم عرفة تبدأ الإفاضة، فينطلق الحاج إلى مزدلفـة بهدوء وسكينة، مهللاً ومكبراً وملبياً، ثم يُصلي المغرب والعشاء قصراً وجمعاً بأذان واحد وإقـامـتـيــن. ثـم يوتر ويبيت بمزدلفة. فإذا تبين الفجر صلى مبكراً، ثم قصد المشعر الحرام فوحَّد الله وكــبَّـر واستقـبل القبلة، ثم دعا بما أحب حتى يُسفر جداً، أو يدعو في مكانه إن لم يتيسر له. ثم يلتقط حـصـيـات مــــن مزدلفة ليرمي جمرة العقبة، ثم بعد ذلك يتجه إلى منى. وإذا وصل إلى وادي محسر ـ وهو بين مزدلفة ومنى ـ استحب له الإسراع.
وعندما نتأمل هذه المسيرة من خلال بُعدها التربـــوي وما ترمز إليه نستشعر بعض الوقفات واللمحات التربوية التي تدور حول بعض الأخلاقـيات الـمـنـشـودة للسائرين على درب المشروع الحضاري:
أ -
كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يوصي بالسكينة والهدوء فيقول: "أيها الناس! عـلـيـكـم بالـسـكـينة؛ فإن البر ليــس بالإيــضاع ـ أي بالإسراع ـ"(9) وكان صلى الله عليه وسلم يسير العَنَق ـ أي سيراً رفيقاً ـ فإذا وجد فجوة ـ أي مكاناً متسعاً غير مزدحم ـ نَصَّ ـ أي أسرع ـ "(10).
والأمــــر بالسـكـيـنـة وصية يُستشعر منها معانٍ عظيمة منها: الهدوء، والنظام، والطاعة، ومراعاة حقوق الآخــر، ومراعاة جلال الموقف؛ وذلك من خلال سمات المنهج الذي يربي أتباعه على النظام والطاعــة، وعدم التخلق بأخلاقيات الغوغائيين التي تبرز دوماً مع أي تجمعات كبيرة.
ب - كان من هديه صلى الله عليه وسلم أثناء الإفاضة أن يستمر الذِّكر والتهليل والتكبير والتلبية والاستغفار حتى تُرمى جمرة العقبة.
وكـذلك كـانــت توجيهات الحق ـ سبحانه ـ: (( فَإذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الـحَـــــرَامِ واذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وإن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الـــضَّـالِّــيـنَ . ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حـَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ واسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . فَإذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً )). [البقرة: 198 - 200].
وهذا الهدي وتلك التوجيهات تـوحــي بـأهـمـية المتابعة والاستمرار على الحالة الروحية الرفيعة المكتسبة من الدورة الروحية العظيمة أثـناء الوقوف بعرفات، وكذلك نستشعر معها أهمية المحافظة على المكتسبات الربانية، والـثـمـــرة الروحية للحج؛ فلا تذهب مع مشقة المسير. كما نستشعر مدى عمق التحذير الإلهي من خطر العودة إلى الضلال السابق؛ فالموفق من تذكَّر ماضيه وقارنه بالحالة الربانية التي هو فــيـهـــا، فـشكر الله ـ عز وجل ـ ظاهراً بالمتابعة والاستمراريـــة، وباطناً بالخوف من خطــر النكــوص والارتكـاس، والانتكـاس.
ونـسـأل الله ـ سـبـحـانه ـ العفو والعافية، لا نحصي ثناءاً عليه ـ سبحانه ـ، هو كما أثنى على نفسه.
ج -
في وصـفــه ـ ســبحانه ـ لحالة الذِّكر المنشودة: ((فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً)) [البقرة: 200] نسـتـشـعر مدى أهمية تنقية النية وتصفيتها؛ فإذا كانت الغاية هي الله ـ سبحانه ـ فيجب ألاَّ تختلط بغايات أو رايات أخرى.
كذلك يتبين لنا أهمية وجود العقلية المسلمة المرتبة التي تفقه أولوياتها؛ فمن كان همه رضا خالقه ـ سبحانه ـ فينبغي ألاَّ تـعـيـقـه أي اهتمامات أخرى حتى وإن كان الوالد أو الولد؛ ففي تلك المواقف يصبح الاهتمام بالموروثــــــات القبلية مثل مجد الآباء والأجداد، والفخر بالأبناء والأموال من قبيل النزول من القمة إلى السفح، ومن الاهتمام والتمحور حول الأفكار والمبادئ إلى التفاخر بالـوســائل الماديــة كالأرض والطين. والحـق ـ سبحانه ـ يحب معالي الأمور.
د -
ثم يبين الحق ـ سبحانه ـ خلقاً آخر يوصي به السائرين(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)) [البقرة: 199]. هذا وإن كــانت هذه وصيته ـ سبحانه ـ بأن تلتزم قريش بالوقوف مع الناس، وعدم التمايز المكاني؛ فقد كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ـ وكانوا يُسَمَّوْن: الحُمْس ـ وسائر العرب يقـفــون بعرفات؛ فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، ثم يقف بها؛ ثم يفيض منها؛ فذلك قوله: ((مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ))"(11).
ولكننا نستشعر هنا المعنى التربوي البعيد للنص؛ حيث يدعو السائرين في كل درب وفي كل مجال إلى التخلق بخلق المساواة والعــدل والتسوية بين الأفراد وعدم التمايز الذي من شأنه أن يمنع تولد الحقد والبغضاء والحـســـد داخل أي تجمع؛ فما بالك بالسائرين على درب المشروع الحضاري؟!
ولقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يتتبع هذا الخلق في كل مجال.
وتـدبَّـرْ هذا السلوك النبوي التربــوي الرفيع؛ فعــن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ "أن أباه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي.
فقال رســـول الله صلى الله عليه وسلم: أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه". وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفعلت هـــذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقــوا الله واعدلــوا في أولادكــم. فرجـع أبي فـردَّ الصدقة". وفـي روايــة: فـقال رســول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بشير! ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. قال: أكلـهـم وهـبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تُشهدني إذاً؛ فإني لا أشهد على جَوْر. ثم قال: أيسرُّك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى! قال: فلا إذاً"
(12).
وكــذلـك كان شعور كل فرد من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، وكأنه هو المقرب والمفضل عنده صلى الله عليه وسلم.
ويستشعر الداعية أيضاً كيف أن بعضاً من داخل أي مؤسسة ـ خاصة المؤسسات الدعوية ـ قد يصـيـبـه حالة اعتلالية يرى فيها نفسه فوق الآخرين، فينظر إلى موقعه التنظيمي ويقيِّم الآخرين على أساس تقدمه عليهم، ولا يفيض في الحركة الدعوية من حيث أفاض الناس، وهي (ظاهــرة الغرور التنظيمي)، ولو تدبر قليلاً لوجد الرد الإلهي واضحاً في سورة عبس؛ وهي السورة التي وضعت أساسات وموازين تقييم الناس.
هـ - وفي قـولــه ـ سبحانه ـ: ((فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا ومَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ . ومِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ . أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا واللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ)) [البقرة: 200 - 202].
(إن هناك فريقين: فريقاً همه الدنيا، فهو حريص عليها مشغول بها، ويذكرها حتى حين يتوجه إلى الله بالـدعــــاء؛ لأنها هي التي تشغله، وتملأ فراغ نفسه، وتحيط عالمه وتغلقه عليه. هؤلاء قد يعطيهم الله نصيبهم في الدنيا ـ إذا قدر العطاء ـ ولا نصيب لهم في الآخرة على الإطلاق. وفريقاً أفــســــح أفقاً وأكبر نفساً؛ لأنه موصول بالله يريد الحسنة في الدنيا ولكنه لا ينسى نصيبه في الآخـــرة؛ فهم يطلبون من الله الحسنة في الدارين، ولا يحددون نوع الحسنة، بــل يَدَعون اختيارها لله، والله يختار لهم ما يراه حسنة وهم باختياره لهم راضون. وهؤلاء لهم نصيب مضمون لا يبطئ عليهم؛ فالله سريع الحساب)
(13).
ونـحـن نــدور مــع الـبـعـد التربوي البعيد للنص، وهو التركيز على علاج (ظاهرة القصور الفكري) التي تصيب بعضاً من اللحظيين ذوي النظرة المحدودة التقدير القاصرة القريبة من حواسهم ضيقي الأفق؛ فلا يدركون الأبعاد البعيدة للقضايا والأمور.
وعلاجها يتم بضرورة تشجيع ذوي النظرة المستقبلية للأمور البعيدة التقدير، والاستشرافية للقضايا.
وكم من مكاسب عظيمة أضاعها المحدوديون! ولم يكن لهم نصيب في فقه سراقه بن مالك ـ رضـي الله عـنـه ـ عـنـدمــا تـنـاقش مع الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء مطاردته له في الـهـجـرة، ونـظـر إلى المكاســب العـظـيـمـة البعيدة التي تفوق جائزة قريش، فكسب نعمة الإسلام، والنجاة في الآخرة، وفوق هذا حصل على الوعد بسواري كسرى بعد سنوات أثناء حكم الفاروق ـ رضوان الله عليه ـ.
__________________
  #36  
قديم 10-11-2011, 11:39 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

عوائق.. وتضحيات:
أهـمـيـة مـعـــرفة عوائق الطريق: ثم نأتي إلى اليوم العظيم، يوم النحر؛ يوم العيد؛ حيث ينطلق الحاج قبل طلوع الشمس إلى منى ملبياً وعليه السكينة، ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات مـتـعـاقـبـات، ويكبر مع كل حصاة، ويقطع التلبية عندها، ثم يذبح الهدي، ثم يحلق أو يقصر. وبـذلك يـتـحـلل التحلل الأول، فيلبس الثوب ويتطيب، ويحل له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، ثـم يـذهــب إلى مكة لطواف الإفاضة بدون رَمَل. ثم يصلي ركعتي الطواف، ويسعى المتمتع والقارن أو المـفـرد الـذي لـم يـسـع. وبذلك يتحلل التحلل الكامل. ويشرب من زمزم، ويصلي الظهر ـ إن أمكن ـ، ويكبر، ثم يـذهـب للمبيت في منى باقي الليالي.
وحول الأبعاد التـربـويـة لأعمال يوم النحر نقتطف بعض هذه الملامح التي ترمز إلى معرفة السائر لعوائق الطريق، وتصميمه على الانتصار عليها:
أ -
عـنـدمـــا يـبتدأ الحاج بالرمي فإنما هو من باب دخول البيوت من أبوابها؛ حيث إن الرمي هو تحية منى.
وكذلك هو من باب الـبـدايــة بالأصل الكبير في كل قضية؛ فبعد سفر طويل وتعبئة كبرى، وشحن داخلي يتجه الحاج إلى العدو الأول، ذلك الذي حذره منه الحبيب صلى الله عليه وسلم فعرَّفه عليه ليتجنبه؛ كـيـف لا وهــو عينه ذلك العدو الذي لم يَرُقْهُ جلال سويعات الوقوف بعرفات، وكان في أغيظ مواقفه؟!
وعندما يرمي الحاج سبعاً من الحصيات فإنه يبدو كأنه تصميم على جدية المواجهة ضـــد شبهات الشيطان وشهواته.
وفي دعاء الحاج ربه عقيب الرمي يتبين أهمية سلاح الدعاء في كل موقف، وكذلك يتـبـيـن معنى فقر العبد دوماً إليه ـ سبحانه ـ؛ فبعونه ـ عز وجل ـ تأتي القوة والمنعة والـنـصـر في معركته ضد عدو الله وعدوه.
وبتدبر البعد التربوي الشامل للرمي نستشعر أن أصل كل معركة أن تعرف من هو الـعــدو الحقيقي، فتواجهه.
فمن العوائق الرئيسة عدم معرفة العدو، وعدم معرفة أسلحته، ونقط ضعفه، ومعرفة كيفية التغلب عليه.
ب -
وفي الـنـحــر دلالات عـظـيـمـة للسائر: فهو يرمز إلى أن السائر الذي يعرف طريقه، ويعرف هدفه، ويعرف أيضاً عدوه، وأن عـلـيه ألاَّ تعيقه أي تضحيات في سبيل تحقيق ما خطط له.
يتأمل الداعية ذلك وهو يتذكر رواده على الـطـريـق، يتذكر الخليل ـ عليه السلام ـ وكيف أنه ضحى بولده الوحيد الحبيب ـ عليه السلام ـ وذلك في سبيل رضاه ـ سبحانه ـ وامتثال أمره.
والله ـ عز وجل ـ لا يريد العنت بعباده، وإنما يـريــد لهم تجربة واقعية تثبت وتبرهن أن الـعـبـــد قد رتب أولوياته جيداً، وعندما يثبت ذلك للعبد نفسه وليس للحق ـ سبحانه ـ الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، عند ذلك فقط يكون النجاح في الاختبار.
كيف لا والحق ـ سـبحانه ـ قد أخبر أن إبراهيم وولده ـ عليهما السلام ـ قد نجحا بالرغم من عدم ذبح إسماعـيـل ـ عليه السلام ـ؟ فالقضية لم تك هي الذبح، بل هو مجرد اختبار واقعي لجدية الاستعــداد للتضحية: ((ونَادَيْنَاهُ أَن يَا إبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّءْيَا إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ)).[ الصافات: 104، 105].
والموفق هو من يعرف عـوائق طريقه، فيتـغـلب عليها مضحياً في سبيل هدفه الأسمى، وهذا هو الفيصل والفارق: ((ومِـنَ الـنَّـاسِ مَـــن يَـتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباً لِّلَّهِ)). [البقرة: 165].
فرحم الله من أرى أعداء الله مـنـه قـوة، ورحــم الله من أظهر لربه منه جدية وبذلاً وحباً وتضحية، وترتيباً صحيحاً لأولوياته.
ج -
وفي ذهاب الحاج إلى مكة لطواف الإفــاضــة أبعاد تربوية عظيمة منها أنه تأكيد على أن السائر لم يزل على عهده، ولم تزل القضية المحورية التي يدور حولها وبها ومعها هي شغله الشاغل.
ومنها أيضاً أنه فوق كونه تجديداً للعهد، فـهـو تجديد للزاد الذي من شأنه أن يقويه على أي عقبة في الطريق.
ومـنـهـا أهـمـيـة تـذكـير الأمة بضرورة توحيد الغاية والهدف والهموم لتكون أشبه بمحور تطوف كل فئات الأمة حوله حتى تتجمع القوى حول الأهداف العظام، ولا تتفرق.
فمن عوائق الطريق الـتـشرذم تحت رايات متعددة، والتمحور حول أفكار غير موحدة؛ لأن من أهم ركائز المشروع الحضاري الإسلامي هو الحركة الجماعية المنظمة والمتوافقة.
د -
وعندما ينهي الـحـاج أعـمـــال يوم النحر بالحلق أو التقصير، وهو من باب استعداد الحاج لأعمال منى، التي ستكون أشبه باللجان المصغرة التي تعقد ورش عمل لمتابعة أعمال
المؤتمر السنوي الذي عقد في عرفة.
وعندما يقرر صلى الله عليه وسلم صـحـة كلٍ من الحلق والتقصير، ثم يرتب الحلق ويفضله على التقصير فإنما هو من باب يسر المـنـهج ومرونته، وكذلك له مغزى تربوي آخر وهو من ركائز المشــروع الحضاري ألا وهــو قـبـول الآخـــر، أو بمعنى أشمل هو من باب التعددية الـفـكـريــة والمـذهـبـية؛ وذلك كما بينا ذلك عند الحديث عن أهمية إعادة صياغة العقلية المسلمة على أصول منها: قضية تعدد الصواب.
فمـن عوائق الطريق وجــود بعض من ذوي الاعتلالات التربوية والحــركية بل والفكريــة، فلا يرى إلا رأيه، ولا يستمع للآخر، بل يبلغ به الأمر إلى أن يسفه رأي الآخر، ويتمادى به الاعتلال حتى يسفه الآخر نفسه.
وقـديـمـــــاً من وراء السنين أنصفنا المربون عندما حملوا لنا نصيحة الشافعي ـ رحمه الله ـ عندما وضــــع قـاعــدة ذهبية من قواعد حرية الفكر: "رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب".
بل إن الحق ـ سبحانـه ـ ذم رائد هؤلاء (الدكتاتوريين) عندما وضع قاعة بغيضة من قواعد كبت الفكر: ((قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلاَّ مَا أَرَى ومَا أَهْدِيكُمْ إلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ)) [ غافر:29].
__________________
  #37  
قديم 10-11-2011, 11:42 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

مع لجان منى!:
أهمية بث روح المؤسـسـيـة: بعد ذلك تبدأ أيام منى أو أيام التشريق. وأعمالها تتلخص في رمي الجمرات الثلاث، والـمـبـيت بمنى، وهي أيام قال عنها المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله"(14).
وحول أيام منى والأعمال الخاصة بها نقتطف بعض الملامح التربوية؛ وذلك من باب هذه الدراسة وقيمتها وما ترمز إليه:
أ -
حول لزوم المبيت للحاج بمنى، وأن يبقى أكـثــر الليل في أوله أو آخره. وكأن من فقه المتابعة أن يشارك الحاج في حضور اجتماعات منى المصغرة والتي هي أشبه بفرق العمل أو اللجان المنبثقة عن مؤتمر عرفات السنوي الكبير، وذلك لمدارسة التوصيات.
وهذا يبين لنا أهمية المتابعة لكل أمر.
ب -
ومن أعمال منى رمي الجمرات الثلاث، كل واحـــــدة بسبع من الحصيات، ووقت الرمي مسألة خلافية، ولكن المختار أن يبتدئ من الزوال إلى الغروب.
والبعد التربوي للرمي هو أنه يبدو كأنه تأكيد على أن المجـتـمـعـيـن عليهم ألا يغفلوا عن العدو المتربص بهم، ومحاربته وصد ما يلقيه من شبهات وشهوات سواء للنفس أو الزوج أو الولد، وألا يغفلوا أيضاً عن العدو الخارجي.
ورمي كل جمرة بسبع من الحصيات هو أيضاً من باب التصميم والجدية في المعركة.
وفي اختلاف وقت الرمي؛ حيث يبدو الحجيج بين ذاكر لله ورام ودارس وطــائــف وآكل وشارب، وفي الوقت نفسه يبدو حالهم كأنه من باب تكامل الجهود وتنوع الأعمال وتوافق الوظائف، وكأنهم في حركة جماعية مؤسسية تقوم على لجان متوافقة متناسقة ومـتـكاملـة ومـتـعاضدة. وهو من باب أهمية المؤسسية في الحركة الجماعية الهادفة إلى تحقيق المشاريع الحضارية. وهو أيضاً من باب الاعتراف والتقرير بل والتقدير لكل عمل سواء قل أو عظم، ما دام يتوافق مع الحركة المؤسسية.
ج -
كــان الـقـائـد صـلـى الله عـليه وسلم في هذه الحركة الجماعية أيام منى مثالاً للقيادة الواعية؛ فعن ابن عـبـاس ـ رضــي الله عـنـهـما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: "لا حرج"(15).
وأهم سمة قيادية في مثل هذه المواقف ينبغي أن تتمثل في المرونة واليسر.
وهاتان السمتان ـ سواء المرونة القيادية، أو التخلق بخلق التيسير ـ إنما تنبثقان وتنبعان من القاعدة الربانية الكبرى للمنهج الإســــلامـي: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ)) [البقرة: 185].
وهذه السمة القيادية تبدو بارزة عند القادة الربانيين في كل المواقف.
ولـعـلـنـا نـذكـــر ذلك القائد الرباني طالوت الذي كان يتمتع بهذه المرونة القيادية، فكان رحيماً في تجربـتـه الجهاديةالتغييرية؛ عندما قال لأتباعه: ((إلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ)) [البقرة: 249].
والموفق من يكون متوازناً بين الحزم والمرونة، وبين الشدة والتيسير بشرط أن لا يخل ذلك بروح الانضباط؛ فيحافظ على شعرة معاوية.
د - ومن الـسـنـة الـصــلاة فـي مـسجد الخيف أيام التشريق؛ حيث ورد أنه صلى في هذا المسجد سبعون نبياً. وهو من باب استشعار عمق جذور الحركة الدعوية، وأصالتها في عمق التاريخ؛ فالمشروع الحضاري لــيــس بـدعـاً؛ بل هو بعث لروح الأمة وتجديد لدينها، أو بالمعنى الأبسط: هو مجرد إزالة للركام المركــب الـذي طـمس معالم المنهج سواء من جانب ضياع المفاهيم، أو من جانب سوء طريقة عرضه ومعاصرة طرحه.
أو بمعنى آخر: هو جولة حضارية تغييرية جديدة تـقــوم عـلـى مـرتـكـز عظيم وهو رصيد التجربة.
هـ - ورد عن الحبيب صلى الله عليه وسلم أن أيام منى أكل وشرب وذكر لله.
وهـذا يـشـعـرنـــا بأهـمـية تنمية الجانب الروحي، ومتابعة ذلك عند السائرين على درب المشروع الحضاري، حتى في سويعات الراحة المباحة من الأكل والشرب.
__________________
  #38  
قديم 10-11-2011, 11:44 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

وداعٌ .. وأمل:
أهـمـيـة الـحـركـــة وبث روح الأمل: ثم نأتي إلى نهاية رحلة الحج المباركة التي تنتهي بذهاب الحاج إلى مكة لطواف الوداع، وذلك قبل غروب شمس يوم الثاني عشر للمتعجل، أو يوم الثالث عشر للمتأخر، ثم بعد ذلك يعود إلى بلده مباشرة.
وحول بعض الملامح الـتـربـويـــة للنهاية الجليلة لتلك الرحلة العظيمة نقتطف بعض هذه القطوف التربوية.
لمـا كان الهدف هو حضور المؤتمر السنوي العام بعرفات، ومعرفة العدو الواحد، ثم حضور لجـان منى وفرق العمل المنبثقة عن المؤتمر العام، واستشعار روح المؤسسية، وفوق ذلك كله الـتـزود بــزاد التقوى: ((وتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) [البقرة: 197]، وبلوغ درجات رفيعة من التربية الروحية ـ كان الأصل أن يعود المؤتمرون إلى بلادهم للقاء من يمثلونهم من الأمة ومتابعتهم.
يعودون إلى حـيـث يـنـشــرون فكرتهم في أرجاء المعمورة، وكأن الانتشار بالفكرة هو الهدف المطلوب، أو أن الحركة بالفكرة هي قضية الساعة الآن.
وكذلك يدل على عالمية الرسالة؛ فهي مشروع لا يعرف حدوداً من جنس أو أرض.
ولكن قبل العودة كان لا بد من مِسك الختام فيِ الطوافِ الأخير طوافِ الوداع.
وتدبر مغزى كلمة وداع وأثرها على النفس.
وتدبر كيف كان الختام وكـأنـــــه تأكيد عملي أخير يركز على ضرورة فقه الهدف الواحد والهم الواحد الذي تطوف حوله جموع السائرين، والذي ستحمله القلوب إلى بلادها، تلك القلوب التي هوت شوقاً إلى هذا المكان، فأتت من كل فج عميق.
ولكن هذه القلوب لم يمنعها هذا الـربــاط الـروحي ولـن يمنعها من أن تعود فتنشر فكرتها، وتدعو إلى مشروعها الذي تحقق على أرض فـأصـبـح لــه مرتكز ومركز إشعاع ثابت وقاعدة صلبة توضع عليها راية التجميع ليؤوبوا إليها كل حين، ثم يعودون للانتشار من جديد.
فحركة التاريخ وناموسية التغيير الحضاري من سماتها الـتـبـديــل والحركة التي لا تعرف السكون: بين مد وجزر، أو بين امتداد وانحسار.
وكذلك الأفكار؛ فالحركة تمنع نمو جراثيم التأسُّن الفكري في العقليات.
وأيـضــــاً بالنسبة للأمم والجماعات والمؤسسات؛ فإن الحركة أيضاً تهاجم حشرات التعفن الحضاري عند الأمم.
وإن الحركة في كل تلك المجالات مثلها مثل حركة الكون التي تجري مكوناتها في ديمومة حركية، لا تهدأ حتى المستقر النهائي الذي يقرر منتهاه ومستقره العزيز العليم:((والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ)) [يس: 38].
والحركـــة الحضارية من شأنها التداول: ((وتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )) [آل عمران: 140].
وعندما يفقه الدعاة وكل من يشارك في مسيرة الدعوة إلى المشروع الحضاري تلك الإشكالية، ويدركون مــغـزى السـمـة التداولية للحركة الحضارية، ويعون الناموسية التغييرية للتاريخ فإن ذلك من شأنه أن يمدهم بزاد آخر، زاد ضروري، ألا وهو زاد الأمل.
ذلك الزاد الذي يعطي الدفعة العظيمة للسائرين، ويُضاعف روح البذل.
وخير ما ورد عن ذلك الزاد تلك البشارات التي كان يطلقها الحبيب صلى الله عليه وسلم أثناء أصعب المواقف؛ عـنـدمـا حوصرت الدعوة وجففت منابعها، وحوصر الداعية، وذلك
أثناء غزوة الأحزاب، وكان هـنـاك مــــن يسجل لنا هذا الموقف الاستشرافي العظيم للقيادة الربانية الواعية؛ كان هناك البراء ـ رضـي الله عـنـه ـ فقال: "لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فـاشـتـكـيـنـا ذلك لرسول الله صلى الله عـلـيـه وسلم، فجاء وأخذ المعول، فقال: بسم الله، ثم ضرب ضربــة، وقــال: الله أكـبـر أُعـطـيـتُ مـفـاتـيـحَ الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة. ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر أُعطِيتُ فارس، واللهِ إني لأُبصر قصر المدائن الأبيض الآن. ثم ضرب الثالثة، فقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر. فقال: الله أكبر أُعطيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني"(16).
ومرت الأحداث، وتـعـاقـبـت الأيـام، وتداولت الحركة الحضارية، واسْتَعْلت الدعوة على الحصار الشيطاني، ومكَّن الله لها فـي الأرض، وتحقــق ما بشر به القائد العظيم صلى الله عليه وسلم.
وبـعـد: فهذه لمحات متواضعة حول الأبعاد التربوية لتلك الرحلة المباركة وما تمثله من ركائز للمشروع الحضاري الإسلامي؛ وهي محاولة نرجو من الله بها القبول؛ فمنه وحده ـ سبحانه ـ التوفيق؛ وإن كان بها من الزلات فهي مني ومن الشيطان.

============
الهوامش:
(1) رسالة المرأة في المجتمع المسلم، 5/ 29 بتصرف.
(2) رواه أحمد، ح/ 58220.
(3) المقدمة: ابن خلدون بتصرف.
(4) رواه البخاري، 2/ 164، ومسلم، 4/ 107.
(5) رواه مسلم، 4/ 107.
(6) رواه مسلم، ح/ 2402.
(7) رواه مالك، ح/ 840.
(8) إحياء علوم الدين: الغزالي، 3/ 147.
(9) رواه البخاري،ح/ 1559.
(10) رواه البخاري، ح/ 1555.
(11) رواه البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، ح/ 4158.
(12) رواه مسلم، ح/ 3509.
(13) في ظلال القرآن: سيد قطب، 2/ 201 بتصرف.
(14) رواه مسلم، ح/ 1926.
(15) رواه البخاري، ح/ 1619.
(16) رواه أحمد، ح/ 17946، والنسائي، ح/ 3125..
__________________
  #39  
قديم 10-11-2011, 11:51 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الدور التربوي للحلقات القرآنية


الحمد لله الذي أعلى بالقرآن قدراً، وأعظم به أجراً، ووضع به وزراً، ورفع به ذكراً، والصلاة والسلام على أشرف من علمه، وأذكى من فهم وأفهمه، وعلى آله وصحبه الذين ترجموا القرآن واقعاً، واتخذوه إلى جميع المكرمات دافعاً، فسعدوا به في الدنيا ونهجاً في الآخرة شافعاً، أما بعد:
فما أحوج الناس اليوم إلى العودة إلى القرآن الكريم فهو النور الذي لا يخبو، والطريق الذي يسلكه لا يكبو، وهو المائدة التي تشبع من أقبل عليها وتسعد من جلس إليها، وهو الحل لكل مشكلة، والمخرج من كل معضلة، وهو طمأنينة للنفس وراحة للقلب.
كانت البشرية تعيش قبله في دروب مظلمة متخبطة، إلا جاء هذا القرآن فأضاء له الطريق، وأرشدها إلى الصراط المستقيم.

وما هي إلا سنوات قلائل حتى سار الصحابة الكرام يجوبون الفيافي ويقطعون القفار حاملين مشعل الهداية والتوحيد للبشرية .. فكانت أبدانهم ودماؤهم وأموالهم وأرواحهم ثمناً لذلك.
ثم دار الزمان دورته، وبدأت بشائر النور تلوح في الأفق، تشعر جيل الصحوة وحاملي لوائها أن نجاة الأمة وفلاحها وطريق عزها هو في العودة إلى القرآن الكريم وتدارسه وتعلمه وتعليمه.
يشهد لهذا الإقبال المتميز المتزايد على الحلقات القرآنية، وعلى الدور النسائية، وهذا يزيد من عظم المسؤولية الملقاة على عاتق المعلمين والقائمين على هذه الحلقات.

ومع هذه الشعبية المباركة لها لانريد أن ينحصر دور حلقات تحفيظ القرآن الكريم في تخريج أكبر عدد من الحفاظ فحسب ـ مع أن هذا هدف من الأهداف ، ومطلب من مطالب الحلقات القرآنية ـ بل نتمنى أن يتعدى هذا الأمر إلى تخريج أناس تمثلوا القرآن واقعاً وسلوكاً وتربية في حياتهم وإن لم يحفظوا القرآن كاملاً.
وإن معلم القرآن لا ينحصر عمله في كونه محفظاً (آلة رد)، بل هو في مكانة دينية، فعمله عبادة، والتربية عبادة، فالمعلم مؤتمن على الطالب أن يربيه على الأخلاق الفاضلة والآداب الإسلامية، فلا نريد طالباً يتخرج آله يردد ما لا يفهم.

فالقرآن الكريم جاء ليربي أمة، وينشئ مجتمعاً ويقيم نظاماً، والتربية تحتاج إلى زمن وإلى تأثير وانفعال بالكلمة، وإلى حركة تترجم التأثير والانفعال إلى واقع.
وفي هذا التحقيق سنحاول تسليط الأضواء على الدور التربوي الذي تتحمله الحلقات القرآنية ، من حيث الأهداف والغايات التربوية ، والأطراف اللازم توافرها وتظافرها لإنجاح هذا الدور المهم ، وعن المقومات التربوية لمعلم الحلقة القرآنية ، وختاماً : ماهي الأساليب والبرامج التربوية في الحلقات القرآنية .
ويشاركنا في طيات هذا التحقيق بعض المختصين والباحثين والعاملين في مجال الحلقات القرآنية .

__________________
  #40  
قديم 10-11-2011, 11:53 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الأهداف التربوية في الحلقات القرآنية:
الدكتور / أحمد محمد حسبو ( عضو جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف )
يرى تصنيف هذه الغايات والأهداف التربوية في الحلقات، ومن الحلقات، ويقول :
أ- في الحلقات:
1- انضباط في الحضور يدفعهم شوق الطير الظامئ يهفو إلى الماء.
2- جو إيماني عظيم يشعر الرائي – حقاً – أن الملائكة تحفهم، والرحمة تغشاهم والسكينة تنزل عليهم.
3- دموع تترقرق من خشية الله _عز وجل_ في هذا الجو الإيماني.
4- معلم يفيض على طلابه علماً وحلماً وخلقاً، وهم يفيضون عليه توقيراً وتبجيلاً واحتراماً وحباً.
5- تقدم في حفظ، وازدياد في إتقان، وبشائر خير بحفظة جدد.
6- أخوة تجمع الطلاب ومحبة تؤلف بينهم.
7- انصراف وقور ينطق بأثر القرآن على أهله حتى لو عادوا إلى بيوتهم.
8- آثار القرآن تبدو في سمت الطالب في أخلاقه وسلوكه وعبادته.
9- تزود بزاد العلم من أحكام وآداب إسلامية، وإضاءات من سير الأنبياء والصحابة والعلماء، إضافة إلى جوانب الثقافة الإسلامية،
ويضيف الدكتور / أحمد حسبو :
ب- والأهداف التربوية من الحلقات، هي :
1- تربية جيل مسلم على القرآن، تلاوة وأخلاقاً ومنهجاً.
2- استنقاذهم من وطأة الأخلاق الذميمة والعادات المشينة.
3- شغل الشباب بمعالي الأمور ورفيع المنازل.
4- تنمية روح الاعتزاز لدى الطالب بإسلامه وهويته وكتاب ربه.
5- فتح آفاق جديدة وواسعة أمام الشباب على معاني القرآن الآسرة، وحقائقه الفذة تفجر الطاقات الإبداعية.
6- إمداد الأمة والمجتمع بحفظة القرآن – ليبقى فيها الميزتان – حفظ الصدور، وحفظ السطور، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من أصحاب النقول إلينا جيلاً بعد جيل.
7- مداواة مرضى العقوق الذي يشكو منه الوالدان، وقد استشرى في الأمة، ودواؤه من صيدلية القرآن.
8- تقديم القرآن بطريقة مشوقة فيها أسلوب العصر وسرعته وإغراؤه، وفيها أصالة التراث الإسلامي وخلوده وعظمته،
ومن الأهداف أيضاً :
9- عمارة المساجد بتلاوة القرآن الكريم، وتعليم العلم الشرعي، وإحياء رسالة المسجد.
10- تخريج دفعات مؤهلة للتدريس والتربية على ضوء القرآن الكريم، وتولي إمامة المصلين في المساجد.
11- تقويم ألسنة الطلاب والعمل على إجادة النطق السليم للغة العربية وإثرائهم بجملة وافرة من مفرداتها وأساليبها.

__________________
  #41  
قديم 10-11-2011, 11:54 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

كيف نحقق هذه الأهداف التربوية؟
لكي نصل إلى الثمرة المرجوة، ونستطيع أن نحقق أهدافنا التربوية في الحلقات، لا بد أن تتكاتف وتتظافر أربعة أطراف يسند بعضها بعضاً، ويأخذ بعضها برقاب بعض:

(إدارة الحلقة، والمعلم ، والطالب ، ووالده) أربعة أطراف لها بصماتها المؤثرة في إنجاح الدور التربوي للحلقة القرآنية،
فلا بد أن تسعى إدارة الحلقة أولاً إلى اختيار المعلم الناجح الذي يجمع بين الكم العلمي والحس التربوي، وأن يكون الإشراف على الحلقة متكاملاً في كل النواحي، من الناحية الفنية والشكلية، وأيضاً من الناحية التربوية والعلمية التي كثيراً ما تتجاهلها إدارة الحلقة ، وأن تسعى الإدارة مع المعلم في إقامة مدارسة فكرية ونفسية تربوية للطفل والمراهق لمعرفة المدخل التربوي لكل مرحلة عمرية، ولكل نوع من الأمزجة حتى تؤتي التربية مفعولها.

وفي علاقة الإدارة مع المعلم ينبغي أن يراعى جانب التربية والكيف بالإضافة إلى الكم، وأيضاً يكون الذي يتابع المعلم أعلى رتبة علمية وتربوية من المعلم، فيكون قد عمل معلماً مدة زمنية طويلة بحيث يعرف معاناة المعلمين واحتياجاتهم.
ويأتي بعد ذلك دور المعلم التربوي المباشر في علاقته مع الطالب (الطرف الثالث) بأن يسعى إلى غرس القيم القرآنية، والعمل على تربيته تربية صادقة، يشعر فيها الطالب بأن المعلم أخ كبير له يتابع أحواله برفق ولين، ويسعى لمصلحته في كل حين.
وللمعلم المربي الناجح مقومات يلزم توفرها فيه من أجل إتمام بناء دور تربوي متماسك سنأتي على بعضها بالإيضاح.

ويأتي في الأخير دور الطرف الرابع في إتمام المسيرة التربوية، وهو (أب الطالب) حيث يسعى الأب إتمام علاقته مع جميع من سبق بدءاً من ابنه الذي استودعه في هذه الحلقة، وأيضاً مع معلمه وإدارته.
فيراقب الأب تطور ابنه التربوي، ويسعى إلى تعزيز القيم والأخلاق الفاضلة التي تلقاها في الحلقة، حتى تتكامل الثمرة وتنضج.
وينبغي أن تسعى الإدارة والمعلم إلى التواصل المستمر مع ولي أمر الطالب لمناقشة حال الطالب واطلاع الأب على المستوى الذي وصل إليه.
حين تتكامل هذه الأطراف ، ويؤدي كل طرف دوره المناط به فإنه أدعى لإنضاج الثمرة .
__________________
  #42  
قديم 10-11-2011, 11:56 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

المقومات التربوية لمعلم الحلقة:
المقومات الشخصية لمعلم الحلقة كثيرة لكن في هذا الصدد سوف نركز على المقومات التربوية لمعلم الحلقة القرآنية وهي كثيرة ، لذا سنأتي على أهمها وألصقها بالحلقات القرآنية .
فمن المقومات التربوية:
1- أن يحترم المعلم شخصية الطالب: فالمعلم الحريص على بناء شخصية قرآنية متكاملة متوازنة حفظاً وعملاً ينبغي أن يراعي جهود الطالب الكبيرة التي قدمها في الحفظ والمراجعة؛ لأن المحبة والاحترام شرط من شروط الإفادة من المربي، ومتى فُقد هذا الشرط فلا تربية ولا مربي.

2- الاتزان العاطفي: فالاعتدال والاتزان هو الذي يضفي على الجهود التربوية دفعة قوية إلى التأثير، فالنفس المحبة السمحة غير الحاقدة المتشائمة، والنفس المطمئنة الراضية، والوجه المشرق والثغر الباسم له أثر في النفوس غير الوجه البائس العابس الكئيب.

3- التدرج في الثواب والعقاب: فلا تفرط في العقوبة؛ لأن النفس تنفر من ذلك بل وتصر على الخطأ، وفي نفس الوقت فإن تجاهل الخطأ مخالف لأمر الله، وحين يفرط المربي في العقوبة ينقلب الأمر إلى تأثير مضاد، فيندفع المتربي شعوره بأنه المظلوم إلى الإصرار على الخطأ وتبريره وينشغل بالعقوبة التي وجهت له عن الاعتناء بإصلاح الخطأ، وكثيراً ما يصر عليه ويكره الحق وأهله.

4- مراعاة أحوال النفوس المختلفة: فعلى المعلم أن يعرف مفتاح شخصية تلاميذه ليقدر على التأثير الإيجابي، فالنفس البشرية لها مسالك متشعبة ودروب وعرة، تحتاج من المعلم الواعي أن يفهم طلابه حق الفهم حتى يمكن له أن يغرس التربية والإيمان وحب القرآن وحب العلم، وأن يحرص على مراعاة النفوس المختلفة، ويعرف مداخلها ومخارجها.

5- إيجاد الدوافع ثم استخدام وسائل الحفز والتنشيط الملازمة: فالمعلم يحتاج إلى إيجاد الإقبال من المتعلم على القرآن والإسلام، ثم ينشط ويزيد من الدافعية بحوافز تزيد من حماسة للحفظ والمراجعة في دوائرها الأربع المادية والنفسية والعقلية والغيبية، فالمادي مثل الهدايا، والنفسي مثل الثناء، والعقلي مثل تحفيزه ومقارنته مع زملائه أو التحدي والمحاجة، والغيبي بتحفيزه بالأجر الأخروي لمن يحفظ ويتلو ويعمل بالقرآن.

والمقومات التربوية لمعلم الحلقة كثيرة جداً اقتصرنا على ما سبق لأهميتها وفاعليتها في إنجاح الدور التربوية داخل الحلقات القرآنية، ومن المقومات التربوية بصورة عامة: الورع، الرفق، العدل بين المتعلمين، الصبر على التعليم، والتواضع للمتعلم، وتقدير المحسن وإعانة المخطئ على تجاوز الخطأ.
وحول أثر هذه المقومات التربوية على الطالب وعلى الحلقة، يقول الأستاذ أمين صبحي جلبي (المحاضر بمعهد الإمام الشاطبي، والمدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة): المربي الذي امتلك هذه المقومات التأهيلية ليكون معلماً مربياً هو الذي يقوم بعملية التفاعل التربوي على أتم وجه، وهو الذي سوف يساهم في نشر دعوة الله _عز وجل_ وبناء جيل قرآني قوي.

__________________
  #43  
قديم 10-11-2011, 11:58 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الأساليب والبرامج التربوية في الحلقات القرآنية:
حينما يعلم ويدرك المعلم ما هي الأهداف والغايات التربوية من هذه الحلقات، وحين يأتي لدينا معلم قد استكمل مقوماته التربوية، يأتي هنا دور الأسلوب والبرنامج التربوي العملي الذي من خلاله نستطيع الدخول إلى أغوار نفس الطالب والتأثير فيها.
فمن الأساليب التربوية التي تساعد على غرس الصفات الحسنة ونزع الصفات السيئة لدى الطالب، وتساهم أيضاً في تخريج جيل قرآني قوي ما يلي:
1- التربية قدوة: نعم التربية قدوة قبل أن تكون توجيهاً، وعمل قبل أن تكون قولاً، والمربي ينبغي عليه أن يربي الناس بفعله قبل قوله، فحين يجاوز حدود ا لشرع كيف سيربي غيره على الورع والتقوى ورعاية حدود الله، والمتربي يرى المخالفة الشرعية ممن يربيه ويقتدي به؟ بل إنه بذلك قد يخرج جيلاً يتهاون بحرمات الله ويتجاوز حدوده ويقصر في أوامره في سائر ميادين الحياة.

2- الخوف والرجاء: من غرس للخوف من الله _تعالى_ لأنه شديد العقاب على العاصين لأمره التاركين لفرائضه، فقد توعد العصاة بالنار المحرقة يوم القيامة، وفي المقابل وعده للمؤمنين الطائعين المؤدين لحقوق الله بالجنة الواسعة التي فيها الأنهار والأشجار... إلى غيره مما يساعد في بناء الخوف والرجاء منه _سبحانه_.

3- القصص الهادفة، فالقصة لها تأثير على النفس، فعلى المعلمين أن يكثروا من القصص النافعة لطلابهم فهو خير عون لهم على تربية الأجيال، والقرآن والسنة يحملان في طياتهما عدداً من القصص العظيمة.

4- المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد: وذلك لربط الطالب بالمسجد وتعويده على ارتياده ليعتاد عليه كبيراً، ويسهل عليه الذهاب إليه، وهذا مما ينمي السمات الإيمانية لدى طالب الحلقة القرآنية.

5- ترغيب الطلاب في حفظ القرآن الكريم: فينبغي حث الطلاب على الحفظ، وتدعيم ذلك بالآيات والأحاديث التي فيها ذكر فضائل تلاوة القرآن وحفظه، وذكر الأجر المترتب عليه، وإيراد هدي السلف في الحفظ والتلاوة مما يشحذ الهمم ويقوي العزائم.

6- احتواء الطالب داخل الحلقة، وإشعاره بأهميته وقيمته داخل الحلقة يساعد على تغليب جانب الحلقة في حياته ومعيشته مما يجعله يقدم الحلقة على كثير من مشاغله والصوارف التي تصرفه، فلا يستطيع رفقاء الشارع التأثير عليه وانتزاعه من حضن الحلقة؛ لأنها حصن قوي يحمي كل من ينادي إليه.

7- المكافأة لمن أخطأ: فلماذا فقط المكافأة للطالب المثالي؟ أوليس الهدي النبوي أحياناً مكافأة المخطئ إغراء وإكراماً وتألفاً لقلبه؟ لماذا لا نسلكه؟ فلنجرب وسنرى عجباً.

8- الحنان الفياض: لماذا لا تمتد أيدينا لتربت على كتف طالب في حب، بدلاً من أن تمتد للضرب والمعاقبة.

9- الدعاء المبارك: لدعوة مباركة صادقة من معلم قد تكفيك كثيراً مما تعاني وتجلب لك أكثر مما ترجو.

10- النصح والتوجيه غير المباشر: وهذا له فوائد عديدة تؤثر في نفس الطالب من أنه سوف يزداد حبه للمعلم، حيث يشعر أنه يعلم أخطاءه، وأيضاً شعور الطالب بحفظ كرامته وشخصيته عند مدرسه وزملائه، كما يساعد ذلك إلى تصحيح أخطاء مشابهة للخطأ الذي وقع فيه الطالب لدى طلبة آخرين دون علم المدرس، ومن صور النصح والتوجيه غير المباشر: القصة، التعريض، تكليف من وقع منه الخطأ بكتابة موضوع مختصر عن حكم ذلك... وغيرها من الصور.

وهناك مع الأساليب التربوية داخل الحلقة برامج تربوية مساندة للدور التربوي الذي تقدمه الحلقة وهي كثيرة جداً، ولها أشكال وأنواع متعددة ( والباب فيها مفتوح على مصراعيه للإبداع والتجديد والابتكار وفق الضوابط الشرعية والتربوية )، وهذه مجموعة من البرامج التربوية المقترحة :
- البرامج التعبدية: ومنها تشجيع الطلاب على المحافظة على أداء الصلاة المفروضة في المسجد مع الجماعة، والقيام ببعض نوافل العبادات ،وتربيتهم على ذلك بهدف تدريبهم على المحافظة عليها.
- البرامج الثقافية: ومن صورها: المسابقات القرآنية التي تطرح بين الطلاب سواء في الحفظ أو في علوم القرآن، وكذلك المسابقات والأسئلة الثقافية، وكذلك إلقاء كلمات موجزة ومتنوعة على بعضهم البعض تحت إشراف معلمهم أو مشرف النشاط عليهم، وأيضاً الكتابة في بعض الموضوعات المتعلقة بالقرآن وعلومه أو أبواب العلم أو الأخلاق والأدب ونحوه، وكذلك تكليفهم بتلخيص بعض الكتب النافعة، وكذلك اصطحاب نخبة من الطلاب الجادين لحضور المحاضرات العامة والدروس لتعويدهم على جو طلب العلم، واحترام العلماء.
- البرامج الاجتماعية: وهي من أهم البرامج التي يمكن أن تقوم بها الحلقة من أجل نزع الرتابة والملل من نفوس الطلاب والترويح عنهم وإدخال السرور على نفوسهم، وتوثيق أواصر الأخوة بين بعضهم البعض ومع معلمهم.
فمن البرامج الاجتماعية المعروفة القيام برحلة (نصف يوم) بين فينة وأخرى يكون فيها بعض الفوائد والبرامج التربوية النافعة، وكذلك زيارة الأماكن التاريخية والجغرافية المختلفة، وأيضاً زيارة بعض الحلقات المميزة بالتنسيق مع الجهة المشرفة عليها والتعرف على طلابها، كذلك الزيارة الميدانية لأحد العلماء وتكون خاصة بالمتميزين في دروسهم وحلقاتهم.

ولن نطيل في تعديد البرامج التربوية؛ لأن ذلك راجع بالدور الأول إلى طبيعة الحلقة وطبيعة الطلاب ، والحرص على التجديد المواكب لتطور العصر السريع في تقديم مثل هذه البرامج التربوية .
ولطرح بعض الأسس العامة لموضوع البرامج التربوية يتحدث الأستاذ مصطفى بن خليل ( المدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف ) عن أهمية البرامج التربوية، فيقول : البرامج التربوية المتنوعة والمناسبة لمجتمع الحلقات القرآنية لها مردود إيجابي على نفوس الطلاب ، يتمثل في إقبالهم على الحلقات والاهتمام بالحفظ والمراجعة والانضباط داخل الحلقة وخارجها ؛ لأن البرامج والأنشطة التربوية تعالج قضية الرتابة والملل الذي قد يتسرب إلى نفوس الطلاب ، وتدخل السرور على نفوسهم ، وتحقق التوازن بين متطلبات الحلقة ومتطلبات النفس وحقوقها .

ويضيف الأستاذ مصطفى : إننا يمكن أن نلخص أهم أهداف البرامج التربوية في أنها تسهم في تبصير المستفيدين من البرامج بمفاهيم الدين وتعاليمه ، وتساعد على التعاون مع أولياء أمور الطلاب في استصلاح المنزل وتكوين بيئة إسلامية ، كما أنها تعطي الحلقة مكانة جيدة في مجتمعها ، وأيضاً تروح عن الطلاب وتدخل السرور عليهم وتساعد في تجديد نشاطهم ، وهي تعمل على إكساب الطالب بعض المهارات العلمية والاجتماعية والثقافية .
ويضع الأستاذ مصطفى ضوابط للأنشطة والبرامج التربوية، فيقول : ينبغي أن تكون البرامج مباحة من الناحية الشرعية ، وأن تكون مناسبة لقدرات واستعدادات الدارسين ، ويجب أن تسهم في تنمية الجوانب الروحية والعقلية والاجتماعية والعاطفية والثقافية لدى الدارسين ، ويحسن لأن توظف هذه البرامج لخدمة كتاب الله ، وأن تكون هذه البرامج شاملة للأنشطة التعبدية والثقافية والعلمية والاجتماعية والرياضية .

__________________
  #44  
قديم 11-11-2011, 12:00 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الأساليب والبرامج التربوية في الحلقات القرآنية:
حينما يعلم ويدرك المعلم ما هي الأهداف والغايات التربوية من هذه الحلقات، وحين يأتي لدينا معلم قد استكمل مقوماته التربوية، يأتي هنا دور الأسلوب والبرنامج التربوي العملي الذي من خلاله نستطيع الدخول إلى أغوار نفس الطالب والتأثير فيها.
فمن الأساليب التربوية التي تساعد على غرس الصفات الحسنة ونزع الصفات السيئة لدى الطالب، وتساهم أيضاً في تخريج جيل قرآني قوي ما يلي:
1- التربية قدوة: نعم التربية قدوة قبل أن تكون توجيهاً، وعمل قبل أن تكون قولاً، والمربي ينبغي عليه أن يربي الناس بفعله قبل قوله، فحين يجاوز حدود ا لشرع كيف سيربي غيره على الورع والتقوى ورعاية حدود الله، والمتربي يرى المخالفة الشرعية ممن يربيه ويقتدي به؟ بل إنه بذلك قد يخرج جيلاً يتهاون بحرمات الله ويتجاوز حدوده ويقصر في أوامره في سائر ميادين الحياة.

2- الخوف والرجاء: من غرس للخوف من الله _تعالى_ لأنه شديد العقاب على العاصين لأمره التاركين لفرائضه، فقد توعد العصاة بالنار المحرقة يوم القيامة، وفي المقابل وعده للمؤمنين الطائعين المؤدين لحقوق الله بالجنة الواسعة التي فيها الأنهار والأشجار... إلى غيره مما يساعد في بناء الخوف والرجاء منه _سبحانه_.

3- القصص الهادفة، فالقصة لها تأثير على النفس، فعلى المعلمين أن يكثروا من القصص النافعة لطلابهم فهو خير عون لهم على تربية الأجيال، والقرآن والسنة يحملان في طياتهما عدداً من القصص العظيمة.

4- المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد: وذلك لربط الطالب بالمسجد وتعويده على ارتياده ليعتاد عليه كبيراً، ويسهل عليه الذهاب إليه، وهذا مما ينمي السمات الإيمانية لدى طالب الحلقة القرآنية.

5- ترغيب الطلاب في حفظ القرآن الكريم: فينبغي حث الطلاب على الحفظ، وتدعيم ذلك بالآيات والأحاديث التي فيها ذكر فضائل تلاوة القرآن وحفظه، وذكر الأجر المترتب عليه، وإيراد هدي السلف في الحفظ والتلاوة مما يشحذ الهمم ويقوي العزائم.

6- احتواء الطالب داخل الحلقة، وإشعاره بأهميته وقيمته داخل الحلقة يساعد على تغليب جانب الحلقة في حياته ومعيشته مما يجعله يقدم الحلقة على كثير من مشاغله والصوارف التي تصرفه، فلا يستطيع رفقاء الشارع التأثير عليه وانتزاعه من حضن الحلقة؛ لأنها حصن قوي يحمي كل من ينادي إليه.

7- المكافأة لمن أخطأ: فلماذا فقط المكافأة للطالب المثالي؟ أوليس الهدي النبوي أحياناً مكافأة المخطئ إغراء وإكراماً وتألفاً لقلبه؟ لماذا لا نسلكه؟ فلنجرب وسنرى عجباً.

8- الحنان الفياض: لماذا لا تمتد أيدينا لتربت على كتف طالب في حب، بدلاً من أن تمتد للضرب والمعاقبة.

9- الدعاء المبارك: لدعوة مباركة صادقة من معلم قد تكفيك كثيراً مما تعاني وتجلب لك أكثر مما ترجو.

10- النصح والتوجيه غير المباشر: وهذا له فوائد عديدة تؤثر في نفس الطالب من أنه سوف يزداد حبه للمعلم، حيث يشعر أنه يعلم أخطاءه، وأيضاً شعور الطالب بحفظ كرامته وشخصيته عند مدرسه وزملائه، كما يساعد ذلك إلى تصحيح أخطاء مشابهة للخطأ الذي وقع فيه الطالب لدى طلبة آخرين دون علم المدرس، ومن صور النصح والتوجيه غير المباشر: القصة، التعريض، تكليف من وقع منه الخطأ بكتابة موضوع مختصر عن حكم ذلك... وغيرها من الصور.

وهناك مع الأساليب التربوية داخل الحلقة برامج تربوية مساندة للدور التربوي الذي تقدمه الحلقة وهي كثيرة جداً، ولها أشكال وأنواع متعددة ( والباب فيها مفتوح على مصراعيه للإبداع والتجديد والابتكار وفق الضوابط الشرعية والتربوية )، وهذه مجموعة من البرامج التربوية المقترحة :
- البرامج التعبدية: ومنها تشجيع الطلاب على المحافظة على أداء الصلاة المفروضة في المسجد مع الجماعة، والقيام ببعض نوافل العبادات ،وتربيتهم على ذلك بهدف تدريبهم على المحافظة عليها.
- البرامج الثقافية: ومن صورها: المسابقات القرآنية التي تطرح بين الطلاب سواء في الحفظ أو في علوم القرآن، وكذلك المسابقات والأسئلة الثقافية، وكذلك إلقاء كلمات موجزة ومتنوعة على بعضهم البعض تحت إشراف معلمهم أو مشرف النشاط عليهم، وأيضاً الكتابة في بعض الموضوعات المتعلقة بالقرآن وعلومه أو أبواب العلم أو الأخلاق والأدب ونحوه، وكذلك تكليفهم بتلخيص بعض الكتب النافعة، وكذلك اصطحاب نخبة من الطلاب الجادين لحضور المحاضرات العامة والدروس لتعويدهم على جو طلب العلم، واحترام العلماء.
- البرامج الاجتماعية: وهي من أهم البرامج التي يمكن أن تقوم بها الحلقة من أجل نزع الرتابة والملل من نفوس الطلاب والترويح عنهم وإدخال السرور على نفوسهم، وتوثيق أواصر الأخوة بين بعضهم البعض ومع معلمهم.
فمن البرامج الاجتماعية المعروفة القيام برحلة (نصف يوم) بين فينة وأخرى يكون فيها بعض الفوائد والبرامج التربوية النافعة، وكذلك زيارة الأماكن التاريخية والجغرافية المختلفة، وأيضاً زيارة بعض الحلقات المميزة بالتنسيق مع الجهة المشرفة عليها والتعرف على طلابها، كذلك الزيارة الميدانية لأحد العلماء وتكون خاصة بالمتميزين في دروسهم وحلقاتهم.

ولن نطيل في تعديد البرامج التربوية؛ لأن ذلك راجع بالدور الأول إلى طبيعة الحلقة وطبيعة الطلاب ، والحرص على التجديد المواكب لتطور العصر السريع في تقديم مثل هذه البرامج التربوية .
ولطرح بعض الأسس العامة لموضوع البرامج التربوية يتحدث الأستاذ مصطفى بن خليل ( المدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف ) عن أهمية البرامج التربوية، فيقول : البرامج التربوية المتنوعة والمناسبة لمجتمع الحلقات القرآنية لها مردود إيجابي على نفوس الطلاب ، يتمثل في إقبالهم على الحلقات والاهتمام بالحفظ والمراجعة والانضباط داخل الحلقة وخارجها ؛ لأن البرامج والأنشطة التربوية تعالج قضية الرتابة والملل الذي قد يتسرب إلى نفوس الطلاب ، وتدخل السرور على نفوسهم ، وتحقق التوازن بين متطلبات الحلقة ومتطلبات النفس وحقوقها .

ويضيف الأستاذ مصطفى : إننا يمكن أن نلخص أهم أهداف البرامج التربوية في أنها تسهم في تبصير المستفيدين من البرامج بمفاهيم الدين وتعاليمه ، وتساعد على التعاون مع أولياء أمور الطلاب في استصلاح المنزل وتكوين بيئة إسلامية ، كما أنها تعطي الحلقة مكانة جيدة في مجتمعها ، وأيضاً تروح عن الطلاب وتدخل السرور عليهم وتساعد في تجديد نشاطهم ، وهي تعمل على إكساب الطالب بعض المهارات العلمية والاجتماعية والثقافية .
ويضع الأستاذ مصطفى ضوابط للأنشطة والبرامج التربوية، فيقول : ينبغي أن تكون البرامج مباحة من الناحية الشرعية ، وأن تكون مناسبة لقدرات واستعدادات الدارسين ، ويجب أن تسهم في تنمية الجوانب الروحية والعقلية والاجتماعية والعاطفية والثقافية لدى الدارسين ، ويحسن لأن توظف هذه البرامج لخدمة كتاب الله ، وأن تكون هذه البرامج شاملة للأنشطة التعبدية والثقافية والعلمية والاجتماعية والرياضية .

__________________
  #45  
قديم 11-11-2011, 12:03 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

خاتمة .. الدور التربوي يفيض:
لا يعني مما سبق أن يقتصر الدور التربوي فقط داخل الحلقة وفي نطاقها زمنياً ومكانياً، بل الذي تمليه الأهداف والوسائل التربوية هو تهيئة الجو ليفيض الدور التربوي للحلقات إلى خارجها، ويحمله طلابها.
فأهالي الطلاب، وجماعة المسجد، يترقبون هذا العطاء الذي ستقدمه لهم هذه الحلقات القرآنية، ويستعجلون الثمرة التي يريدون أن يروها بأعينهم في ذويهم.

فهناك أنشطة يحسن أن يقوم بها طلاب الحلقة خدمة لأهالي الطلاب، ويكون دور المعلم توجيه الطالب وإفادته حول هذا العمل ليتقنه ويقوم به على بصيرة، فمن ذلك:
1- تلقين سورة الفاتحة وبعض سور القرآن لمن لا يجيد ذلك.
2- تعليم الكيفية الشرعية للوضوء والغسل والصلاة لمن يجهلها.
3- دعوة أفراد الأسرة لحضور بعض أنشطة الحلقة التي تقيمها كالدروس والمحاضرات العامة، وحفلات التكريم.
4- توجيه الطالب ليكون قدوة حسنة لإخوانه وذويه في بر الوالدين وصلة الرحم والالتزام بالسلوك الإسلامي الحميد في سائر تصرفاته.
إنها إشارات وتدريبات تمهد لدوره التربوي القادم -بإذن الله- في المجتمع .

المصدر : موقع المسلم

__________________
 

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الاثار النفسية, الروحية, العبادات


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:55 PM.