|
#1
|
||||
|
||||
![]()
(صلى الله علالدعوة سرًا
عن أدران الجاهلية، وحماقاتها المتعددة، ومساوئها المختلفة، نأي مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) وابتعد، ليس بروحه الطاهرة فحسب، بل بجسده أيضًا. إذ كان يمكث الليالي ذوات العدد في غار حراء متعبدًا لربه ومتقربًا. ودون تأهب منه أو توقع؛ فوجئ (صلي الله عليه وسلم) بنزول الوحي إليه، وتبليغه برسالات ربه. وما كان علي النبي الأمين (صلي الله عليه وسلم)، إلا أن يبلغ النور الذي يحمله إلي الناس من حوله، فظل يبلغ الدعوة سرًا طوال ثلاثة أعوام، ينتقي من يلتمس فيه صلاحًا، فيسمعه القرآن المنزل عليه، ويجمعه مع إخوانه الذين سبقوه لدين الله، منتظرًا ومتهيئًا نزول أمر الله بالجهر بدعوته. الدعوة جهرًا ما إن نزل أمر الحق تبارك وتعالي لرسوله (صلي الله عليه وسلم) بالجهر بالدعوة، حتى قام النبي علي جبل الصفا؛ يعلن علي الملأ حقيقة رسالته. لكن الآذان التي لم تتعود سماع الحق، والعقول التي ألفت الدعة والنوم، والنفوس التي عشقت الضلال حتى أدمنته، لم ترض لنور الله أن يسطع بين حنايا مكة؛ حتى يكون لها في منعه دور ونصيب. وقد تحمل النبي (صلي الله عليه وسلم)، وعصبته المؤمنة مخاطر وألم المواجهة والإيذاء، وسطروا بدمائهم وأرواحهم أروع آيات الصبر والثبات. وهم إن عدموا ملجأ يحتمون به في دروب مكة ودورها علي تعددها واتساعها فقد وجدوا في دار أخيهم الأرقم النائية بعض الأمن وبعض الجزاء، فبين جدران هذه الدار المباركة كانوا يتعلمون أحكام دينهم، ويتربون علي قيمه السامية، ثم كان في الهجرة إلي الحبشة بعد اشتداد الإيذاء الحماية والمنعة، في بلد عُرِفَ ملكها بالعدل والإنصاف. أما مسلمو مكة ممن لم يهاجروا إلي الحبشة، فقد قويت شوكتهم بإسلام حمزة وعمر (رضي الله عنهما). ولما أيست قريش من أساليب المواجهة والإيذاء لجأت لأساليب المساومة والإغراء، لكن هيهات لمن رأي النور الحق أن يخدع ببريق الشهوات. وعلي حمية الجوار جمع أبو طالب بني هاشم وبني المطلب، لنصرة ابن أخيه، وهنا لم يبق لقريش إلا أن تعلن المقاطعة العامة للمسلمين وأنصارهم، وكما صبر المسلمون علي ألم الإيذاء، وفتنة الإغراء، مشوا بأقدامهم علي أشواك هذه المقاطعة ليصلوا إلي هدفهم النبيل. وكمحاولة يائسة حيري أخيرة أرسلت قريش وفدًا منها إلي أبي طالب، ليعاود المفاوضة، ولم يعد إلا بما استحقه: خفَّي حنين. وفي العام العاشر للنبوة ألمت برسول الله والمسلمين مصيبتان: وفاة أبي طالب، ووفاة خديجة (رضي الله عنها)، فسُمِّي هذا العام بعام الحزن. الجهر بالدعوة أنزل الله سبحانه وتعالي علي نبيه العظيم (صلي الله عليه وسلم) سورة الشعراء، فقص عليه وعلي المؤمنين بها قصة موسي (عليه السلام)، بفصولها المتتالية: من نبوة، وهجرة، ومواجهة، ونجاة لهم، وهلاك لفرعون ومن معه؛ لتكون هذه السورة أنموذجًا للمسلمين، وأورد الله بها نهايات المكذبين من قوم نوح، وعاد، وثمود، وغيرهم، ثم أنزل الله تعالي بها قوله الكريم: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، فكان ذلك تكليفًا لمُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ومن آمن معه بالجهر بدعوتهم، وبدأ النبي الكريم بدعوة الأقربين كما أمر، ثم كانت جولته الثانية علي جبل الصفا، منذرًا بطون قريش قاطبة، ومحذرًا إياهم نار الآخرة التي لا تفني، حتي أنزل الله تعالي أمره: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) فكان الصدع بالحق دأبه وديدنه، لا يترك نفسًا إلا ويسمعها من رسالة ربه ما شاء الله لها أن تسمع، آمنت بعد ذلك أم لم تؤمن. دعوة الأقربين بادر الرسول (صلي الله عليه وسلم) بتنفيذ ما كلف به بإنذار عشيرته الأقربين، فدعا بني هاشم فحضروا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، وما كاد النبي يهم بالحديث إليهم حتى عاجله أبو لهب (تبت يداه) بهجوم عاصف، توعده فيه بالهلاك علي أيدي قريش، ومن طاوعهم من العرب، ثم ختم حديثه المشئوم بقوله: فما رأيت أحدًا جاء علي بني أبيه بشرٍ مما جئت به. فسكت مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ولم يتكلم، وماذا يقول لمن يقف أمام نور الحق، فيعمي قلبه حتى لا يري شيئًا؟. وعاد النبي الكريم إلي المحاولة مرة أخري، فجمعهم ثم خاطبهم فحمد الله وأثني عليه، وأعلمهم أنه رسول الله (صلي الله عليه وسلم) إليهم خاصة، وإلي الناس عامة، وأنذرهم البعث والحساب، والجنة والنار، فأما أبو طالب فقد آزره، وأعلن إحاطته له ونصرته، وأما أبو لهب فقد حفز الناس أن يأخذوا علي يديه قبل أن تأخذ العرب، فأجابه أبو طالب قائلاً: والله لنمنعنه ما بقينا. على جبل الصفا فوجئت قريش ذات نهار بمن يصعد جبل الصفا، ثم يلح صارخًا: يا صباحاه! واجتمعت بطون قريش إليه، فإذا الصارخ مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) وإذا هو ينذرهم من بين يدي عذاب شديد، لكن قريشًا التي تعلم صدق مُحَمّد قد عقدت ألسنتها الدهشة، فما أجابه إلا عدو الله عمه أبو لهب قائلاً: تبًا لك سائر اليوم! ألهذا جمعتنا ؟، فنزلت سورة المسد. ويروي أنه تناول حجرًا ليرمي به النبي (صلي الله عليه وسلم). الصدع بالحق نزل التوجيه الإلهي إلي رسول الله (صلي الله عليه وسلم) حاسمًا قاطعًا: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)، فانطلق مُحَمّد يجوب مكة بأسرها، من أقطارها إلى أقطارها، ومن أسواقها إلي أنديتها، يوقظ النائمين في ليل الوثنية، ويصرخ بغريقي بحار الجاهلية، ويهز أفئدة المتجمدين علي دين آبائهم، ويعلن للجميع أنه لا إله إلا الله وأنه رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، فانفجرت براكين الغضب بمكة، ومادت الأرض تحت أقدام سادتها وسدنة أصنامها، أيكون الأمر لله؟! ولله وحده؟! فما يبقي لنا بعد ذاك؟! أيساوي رب مُحَمّد بيننا وبين العبيد والإماء؟! ويسمي كنز المال ظلمًا؟! ولا يصبح لقريش فضل علي من سواها؟! بل لا يصبح فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي؟! فما نعيم الدنيا بعد ذاك؟! بل وما البقاء فيها؟!!. أجمعت أفئدة الكفر بمكة علي حرب هذا النبي الجديد، وإفناء أتباعه، وإطفاء نار ثورته قبل أن تطول كل شيء، فكانت المواجهة وكان الإيذاء. المواجهة والإيذاء صارح مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) قومه بضلالهم، وواجههم بالنور الذي يحمله، لكن الأعين التي أنست الظلمة إذا واجهتها الأضواء أبت وتألمت، أعلنت مكة الحرب علي نبيها وأتباعه من اليوم الأول، شنت عليه حربًا دعائية لتصرف الناس عنه، ثم استخدمت سلاحي السخرية، وإثارة الشبهات، لتفت في عضده، وأخذت في اختراع الحيل لإشغال الناس عنه، وبين الترغيب والترهيب كان استخدامها للمساومة مرة والاضطهاد مرات أخري، وصارت تضغط بثقلها علي حاميه بمكة: عمه أبي طالب، أما المسلمون الذين آمنوا به فقد توافر لهم من عوامل الصبر والثبات ما يسّر لهم اجتياز هذه المحنة، ومن وضوح الطريق ما أعانهم علي السير في هذه الظلمة الحرب الدعائية لم تزل الدعاية منذ فجر التاريخ سلاح كل قوة في الأرض، خيرًا أرادت هذه القوة أم شرًا ابتغت، ومشركو مكة -علي سذاجتهم البدوية- لم يغب عنهم ذاك السلاح، خصوصًا وقد علموا أن مُحَمّدا -صلي الله عليه وسلم- سابقهم إليه، فأفواج الحجيج علي أبواب مكة، وإن سمعوا للمسلمين ونبيهم؛ انتشرت الدعوة الوليدة في أرجاء الجزيرة بأسرها. سارعت قريش للاجتماع بالوليد بن المغيرة، وعزموا أن يوحدوا كلمتهم أمام العرب، فلا يكون اختلاف قولهم سببًا لتكذيبهم، واقترحوا لذلك أمورًا عدة، فمرة يقولون كاهن، وأخري يقولون شاعر، ثم مجنون أو ساحر، كل ذلك وابن المغيرة لا يعجبه الرأي، فسمت مُحَمّد وصفاته سيكذبان افتراءاتهم الباهتة، وأخذ الوليد يقلب فكره ساعة، لكن يبدو أن حيرته تلك لم توصله إلي شيء فقد وافقهم أخيًرا علي هذا الوصف حين قال لهم: لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم. إلا أن شيطانه قد هداه إلي تشبيه ما جاء به -صلي الله عليه وسلم- بالسحر لأنه يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته. وما كادت قريش تصل إلي هذه التسوية المقيتة حتي تفرقت علي ذلك، ثم سارت في كل طريق بمكة تدعو بدعوتها الباطلة، يتزعمهم أبو لهب -الذي كان يقتفي أثر الرسول -صلي الله عليه وسلم- قائلاً: لا تطيعوه فإنه صابئ كاذب. لكن كما تقول العرب: فعلي نفسها جنت براقش؛ لأن الحجيج قد تركوا مكة لا يتحدثون إلا عن هذا النبي الذي يكذبه قومه، فانتشر ذكره -صلي الله عليه وسلم- في بلاد العرب كلها. يتبعيه وسلم
__________________
Mr.Ahmed El Nemr
English Teacher Elsalehyia Elgidida |
#2
|
||||
|
||||
![]()
مجهود رائع مستر احمد
و لكن لابد من توخى الحذر و الدقة شكرا لك
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله خيراً ![]() ![]() ![]() ![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]()
لا اله الا الله
__________________
Mr.Ahmed El Nemr
English Teacher Elsalehyia Elgidida |
#5
|
||||
|
||||
![]()
جزااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااكم الله خيرا ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اخي الفاضل
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]()
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
|
#7
|
||||
|
||||
![]()
جزاك الله خيرا
|
#8
|
|||
|
|||
![]()
كيف تضع اسمك كخلفية بعلامة مائية لصفحات المصحف بصيغة الوورد ؟؟؟؟
استغفر الله واحذفها
__________________
علمت أن رزقى لن يأخذه غيرى فاطمأن قلبى |
#9
|
|||
|
|||
![]()
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
|
#10
|
|||
|
|||
![]()
اشكركم جدا على هذا المجهود واللة يوفكم على الدوام
|
#11
|
|||
|
|||
![]()
اخى الكريم
ارجو ان تسأل احد العلماء فى جواز وضع اسمك كخلفية بعلامة مائية لصفحات كتاب الله لن تتعب كثيراً فى معرفة الحكم الدينى فى ذلك
__________________
علمت أن رزقى لن يأخذه غيرى فاطمأن قلبى |
#12
|
|||
|
|||
![]()
جزاك الله خيرا
|
#13
|
|||
|
|||
![]()
جعله الله في ميزان حسناتك
|
#14
|
|||
|
|||
![]()
ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررروعةةةةة ةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة
|
#15
|
|||
|
|||
![]()
رررررررررررررررررررررررررررررررروعةةةةةةةةةةةةةةةة ةةةةةةةة
|
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|