|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
|
||||
|
||||
![]() وجوب الترتيب في الوضوء والرد على من قال بعدمه
قال رحمه الله: [والترتيب]. يقال: رتَّبَ الأشياء إذا جعل كل شيء منها في موضعه وجعلها تِلْو بعضها.والترتيب: أن يوقع الغَسل والمسح على الترتيب الذي جاءت به آية المائدة، فيبدأ بغسل وجهه، ثم غسل يديه، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجليه، فلو قدَّم مسح الرأس على غسل الوجه لم يُجزئه، ولو قدَّم غسل الرجلين على مسح الرأس لم يجزئه، وهكذا.وهذا الترتيب دل عليه دليل الكتاب، فإن الله عز وجل أمر بغسل الوجه، ثم أتبع الوجه باليدين، ثم أتبعهما بمسح الرأس، ثم أتبع الجميع بغسل الرجلين، والواو هنا يُفهم منها الترتيب لقرينه، فإن الواو في لغة العرب لا تقتضي الترتيب إلا عند وجود القرائن، فإذا قلت -مثلاً-: جاء محمد وعلي، فلا يستلزم ذلك أن يكون محمد جاء أولاً ثم مِن بعده علي، إذ يجوز أن تقول: جاء محمد وعلي، مع أن علياً هو الذي جاء أولاً، ويجوز أن تقول: جاء محمد وعلي، وقد جاءا مع بعضهما لا يسبق أحدهما الآخر.إذاً: الواو في قوله: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
#32
|
||||
|
||||
![]() حقيقة الموالاة في الوضوء
قال رحمه الله: [والموالاة].وهي: أن تقع هذه الفروض على الولاء، بعضُها يلي بعضاً، دون وجود فاصل مؤثر.وتوضيح ذلك: أن يغسل وجهَه، ثم يقوم بغسل يديه قبل أن ينشف وجهُه، ثم يمسح رأسه قبل أن تنشف يداه، ثم يغسل رجليه قبل أن ينشف الماء الذي مَسح به رأسَه، هذا مراد العلماء بالموالاة، ولذلك قال العلماء: ضابطها: أن لا ينشف العضو المفروض قبل أن يبدأ بالفرض الذي يليه، مثال ذلك: لو أن إنساناً توضأ في بيته، وكان قد غسل وجهه، وقبل أن يغسل يديه انقطع الماء أو انتهى الماء الذي عنده، فقام من موضعه إلى موضع آخر فيه الماء، ومشى حتى بلغ الماء، فحينئذٍ ننظر: فإن كان الفاصل الذي بين انقطاع الماء وغَسله للعضو الثاني فاصلاً مؤثراً بحيث ينشف العضو الأول فيه، وذلك في الزمان المعتدل الذي هو ليس بشديد البرد ولا بشديد الحر؛ لأن الحر فيه نوع من الرطوبة، خاصةً إذا كان الإنسان في الظل فيبقى العضو طرياً إلى أمد أكثر، والبرد مع الهواء والريح ينشف العضو بسرعة، فلو قُدِّر أن العضو في الزمان المعتدل ينشف إلى سبع دقائق فنقول: إذا مضت سبع دقائق ما بين غَسله لوجهه وغسله ليديه بعد عثوره على الماء بطل وضوءه، وإن كان دون ذلك صح وضوءه ولم يؤثر وجود هذا الفاصل. والولاء أصل في ظاهر الآية لأمور:الأمر الأول: أن الله عز وجل أمر بغسل ومسح الأعضاء في الوضوء، وهذا يقتضي أن تكون في موضع واحد.الأمر الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى على رِجْلِ الرَّجُل قدر لمعة لم يصبها الماء أمره صلوات الله وسلامه عليه أن يعيد وضوءَه، فدل هذا على أن الولاء شرط؛ لأن أمره بإعادة الوضوء إنما هو مبني على وجود فاصل الوقت، فدل على أن الولاء معتبر.وهذا هو الذي يعبر عنه العلماء بقولهم: تجب الموالاة، أي: يلزم المكلف أن يوقع غسل ومسح هذه الأعضاء على الولاء.والله تعالى أعلم.قال رحمه الله: [وهي أن لا يؤخر غَسل عضوٍ حتى ينشف الذي قبلَه].هذا تعريف الموالاة، وقد يسميه بعض العلماء: ضابط الموالاة.يعني: كأن سائلاً سأل: ما هي الموالاة؟ فقال: (هي أن لا يؤخر غَسل عضوٍ حتى ينشف الذي قبله).وهذا كما قلنا: إن الضابط الذي ذكرناه هو أن لا يؤخر غَسل عضوٍ أو مسح عضوٍ من الأعضاء التي أُمِر بمسحها حتى ينشف الذي قبلَه.إذاً: العبرة بنَشَاف العضو. ![]() |
#33
|
||||
|
||||
![]() الخلاف في دخول الأذنين في الرأس
السؤال: هل من الممكن أن توضحوا لنا قول المصنف رحمه الله: [ومسحُ الرأس ومنه الأُذُنان]؟ الجواب: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.أما بعد:فقوله رحمه الله: [ومسحُ الرأس ومنه الأُذُنان]: الأُذُنان: مُثَنَّى أُذُن، وهي الجارحة المعروفة، وأصل الأذن قيل: الإعلام، ومنه قوله تعالى: ![]() ![]() ![]() |
#34
|
||||
|
||||
![]() حكم البسملة في الوضوء
السؤال: هل البسملة فرضٌ من فروض الوضوء؟ وما حكم من نسيها؟ الجواب: قد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين:فمنهم من يرى لزومها ووجوبها لحديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه).وقال طائفة من العلماء وهو مذهب الجمهور: أن البسملة ليست بواجبة في الوضوء وذلك:أولاً: لأن الله تعالى لم يأمر بها، وقد أمر الله بالبسملة في الذبح فقال: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
#35
|
||||
|
||||
![]() حكم تخليل الأصابع في الوضوء
السؤال: ما حكم تخليل الأصابع في الوضوء؟ الجواب: فيه حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم خلَّل أصابعه، رآه يُخَلِّل بخنصره) ولكن الحديث مُتَكَلَّم فيه. ![]() |
#36
|
||||
|
||||
![]() معنى قاعدة الأحناف: أكثر الشيء يغني عن كله
السؤال: قاعدة الأحناف: أن أكثر الشيء يغني عن كله، فهل إذا غسل شخص ثلاثة أرباع يده يكون ذلك مجزئاً في المذهب؟ الجواب: لا، الأحناف ليسوا مغفلين حتى يستدرك عليهم مثلك، الأحناف أئمة وعلماء وجهابذة، هذا -بارك الله فيك- في المعدودات، وفي أجزاء الشيء الذي يقبل التبعيض، أما اليد فما تقبل التبعيض، والمعدودات: كأشواط الطواف بالبيت، وأشواط السعي بالمسعى.وأما بالنسبة لجزء الشيء المتحد فلا تدخله القاعدة عندهم، وإن كان بعضهم يطْرِد ذلك في مسائل في الجزء المتحد؛ لكن هذا أمر مشكل حتى عند فقهائهم، وكل قاعدة لها شواذ.على العموم: ليس مرادهم الإطلاق، وإنما مرادهم أن الأجزاء التي ورد الشرع بتجزئتها يعتبر فيها الأكثر. ![]() |
#37
|
||||
|
||||
![]() معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (يأتون غراً محجلين)
السؤال: هل ورد أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يزيد في غسل أعضائه بعد سماعه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يأتون غُرَّاً محجَّلين)؟ وما معنى: (غُرَّاً محجَّلين)؟ الجواب: نعم، ورد عنه رضي الله عنه أنه كان يبالِغ حتى يغسل كثيراً من الساق، وكثيراً من العضد، وكان يتأول قوله عليه الصلاة والسلام: (إن أمتي يُدْعون يوم القيامة غُرَّاً محجَّلين من أثر الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غُرَّته فليفعل) قيل: إن قوله: (من استطاع) مُدْرَج من كلام أبي هريرة ؛ لأنه كان يتأول ذلك.والصحيح: أن معنى (الغُرَّة والتحجيل): هو البياض الذي يوجد في قوائم وجبين الفرس، إذاً الغُرَّة في الجبين، والتحجيل في القوائم.وهذا الوصف الذي ورد المراد به من أسبغ وضوءه، أي: دائماً يتوضأ ثلاثاً، وأيضاً يُكْثِر من الوضوء، فالذي يُكْثِر من الوضوء يَعْظُم نورُه ويَعْظُم أثرُ وضوئه، ويكون محمولاً على هذا الفضل في قوله: (إن أمتي يُدْعون يوم القيامة غُرَّاً محجَّلين) والدليل على أنه ليس المراد به الزيادة على المحل: أن قوله: (غُرَّاً محجَّلين) منحصر في الموضع، وما انحصر في الموضع لا يقبل الزيادة، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث لما توضأ وأتم وضوءه وغسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين، قال: (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي، فمن زاد فقد أساء وظلم) ولذلك لا تشرع الزيادة، وإنما يُقْتَصر على الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم. واجتهادُ أبي هريرة رضي الله عنه مأجورٌ عليه غيرُ مأزور؛ ولكن الصحيح: أن التحجيل والبياض والغُرَّة إنما تكون لمن أدمن الوضوء وحافظ عليه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) فمن فضائل الأعمال وطيِّبها وأحبها إلى الله: كثرة الوضوء، فإنه إذا أكثر من الوضوء تحاتت عنه ذنوبه، وذهب أثر المعصية من جوارحه، فكان ذلك أدعى أنه إذا بُعث وحُشر أن يدعى على أكمل ما يكون من نور وبهاء.جعلنا الله وإياكم ذلك الرجل.والله تعالى أعلم. ![]() |
#38
|
||||
|
||||
![]() حكم نسيان الترتيب في الوضوء
السؤال: على القول بأن الترتيب فرض فهل يسقط الترتيب بالسهو أو الجهل؟ الجواب: لا يسقط الترتيب بالسهو والجهل، وقد اختار الإمام مالك رحمة الله عليه -وهو اختيار بعض الفقهاء- أنه واجب عند الذكر ساقط عند النسيان، واحتجوا بقوله تعالى: ![]() ![]() ![]() |
#39
|
||||
|
||||
![]() شرح زاد المستقنع - باب الاستنجاء [2]
الأصل في الاستنجاء أن يكون بالماء، ويجوز الاستجمار بالأحجار وما في حكمها، ويشترط فيما يستجمر به أن يكون طاهراً، وهناك أشياء لا يجوز الاستجمار بها؛ إما لأنها محترمة، وإما لأنها نجسة، ويستحب أن يستجمر وتراً.والاستنجاء واجب من كل ما يخرج من السبيلين إلا الريح، ولا يصح الوضوء ولا التيمم إلا بعد الاستنجاء أو الاستجمار حتى تزول النجاسة. ما يشترط في الشيء الذي يستجمر به بسم الله الرحمن الرحيم قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويشترط للاستجمار بأحجار ونحوها أن يكون طاهراً منقياً].الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:ففي هذه العبارة يتكلم المصنف عن الأمور التي ينبغي توفرها في الشيء الذي يستجمر به، فإذا أراد الإنسان أن يقطع البول أو الغائط بالاستجمار فإنه يشترط في الشيء الذي يستجمر به شرطان:الشرط الأول: أن يكون طاهراً.والشرط الثاني: أن يكون منقياً.أما طهارة الشيء الذي يستجمر به فكأن يأخذ حجراً طاهراً وينقي به موضع البول أو موضع الغائط، أو يأخذ ورقاً أو قماشاً -ما لم يكن فيه كتابة أو شيء محترم- فينقي به الموضع.واشترطت الطهارة لأن الشرع شرع الطهارة بالماء والحجارة لإنقاء الموضع، فإن كان الشيء الذي يتطهر به نجساً لم يحقق مقصود الشرع، فإنه يزيد الموضع نجاسة ولا ينقيه، والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى البعرة وقال: (إنها ركس) وهي لغة بعض أهل اليمن، أنهم يبدلون الجيم كافاً: ركس، والأصل: رجس، والرجس: النجس، أو الشيء المستقذر في لغة العرب، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الإنقاء بالروثة بناءً على أنها رجس، فدل على أن الشيء الذي يتطهر الإنسان به من البول والغائط ينبغي أن يكون طاهراً، وكذلك يكون منقياً، فلو كان لا ينقي الموضع فإنه لا يجزئ، مثال ذلك: لو أن إنساناً تبول فأخذ زجاجة لكي ينقي بها العضو، فإن الزجاج مادته ملساء، وتنساب النجاسة عليها ولا تشربها، فهذا لا ينقي الموضع.ولذلك نهي عن الاستجمار بالعظم، وأحد الأوجه في المنع من الاستجمار بالعظم أنه أملس، فلا يمكن معه إنقاء الموضع، فخلصنا من هذا أنه لابد من الشرطين: أن يكون طاهراً، فلا يصح الاستجمار بالنجس، وأن يكون منقياً، أي: يتمكن الإنسان به من إنقاء الموضع وتنظفيه. ...... |
#40
|
||||
|
||||
![]() ما يحرم الاستجمار به
![]() حكم الاستجمار بالعظم والروث وقوله: [غير عظم وروث]. (غير عظم): (غير) للاستثناء، والاستثناء إخراج ما يتناوله اللفظ، (غير عظم وروث) لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستجمار بهما كما في حديث سلمان وغيره..أما العظم، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنه زاد إخوانكم من الجن) ولذلك لما اجتمع النبي صلى الله عليه وسلم بالجن فسألوه الزاد قال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحماً) أي: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الطعام الذي يأكلونه فأجابهم بهذا، ولذلك نهي عن الاستجمار به.وقال بعض أهل العلم: إن العظام لا تنقي الموضع، مع كونها زاداً لإخواننا من الجن، ففرعوا على هذه العلة حكماً وهو عدم الاستجمار بشيء أملس لا ينقي الموضع كالزجاج. ![]() حكم الاستجمار بالطعام وقوله: [وطعام ومحترم ومتصل بحيوان]. (وطعام) أي: وغير طعام، فإن الطعام لا يجوز الاستجمار به؛ لما فيه من الامتهان، ولأن الطعام يحتاج إليه الإنسان، فإذا استغنى عنه الإنسان احتاج إليه الحيوان، ولذلك نصوا على أنه لا يجوز الاستجمار بالطعام، وهذا بإجماع أهل العلم، وقال بعض العلماء: إنه إذا قصد امتهان النعمة قد يكفر والعياذ بالله، كما لو وطئها بقدمه قاصداً الامتهان والكفر بالنعمة، نسأل الله السلامة والعافية. ![]() حكم الاستجمار بالمحترم وقوله: [ومحترم]. (ومحترم) أي: لا يجوز الاستجمار بالمحترمات ومنها كتب العلم، فقد أمر الله أمر بصيانتها وتعظيمها كما قال تعالى: ![]() ![]() ![]() |
#41
|
||||
|
||||
![]() حكم الاستجمار بالمتصل بالحيوان
وقوله: [ومتصل بحيوان].كأن يأخذ ذنب البعير أو ذنب البقرة أو نحو ذلك، أو يستجمر بظهر البعير أو البقرة، كل ذلك لا ينبغي له؛ لأنه في حكم الاستجمار بالطعام، ولما فيه من تنجيس الموضع المتصل بذلك الحيوان.لاحظوا أن هذه المستثنيات على ضربين:ضرب ورد النص به، كالعظم والروثة.وضرب عرف بأصول الشرع المنع منه، كالمحترم ونحوه.وضرب يفوت مقصود الشرع، وهو الذي لا ينقي.وبناءً على ذلك، نفهم أن الفقه تارة يؤخذ مما نص الشرع عليه، وتارة يفهم من أصول الشرع العامة، وما دلت الشريعة عليه بالعمومات أو بالأصول العامة أو كما يقولون: يفهم من مقاصد الشريعة، كأن تقول: مقصد الشريعة احترام كتب العلم وإجلالها لقوله تعالى: ![]() ![]() استحباب الاستجمار وتراً وقوله: [ويسن قطعه على وتر].أي: قطع الخارج على الوتر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث أبي هريرة في الصحيحين: (ومن استجمر فليوتر) للعلماء في قوله عليه الصلاة والسلام: (من استجمر فليوتر) قولان:القول الأول: (من استجمر) أي: قطع الخارج من بولٍ أو غائط فليوتر، وسنبين معنى ذلك.القول الثاني: (من استجمر) أي: من تطيب بالبخور فليوتر؛ لأن البخور يسمى بذلك، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في أهل الجنة -جعلنا الله وإياكم منهم- قال: (.. مجامرهم الألوة).فالاستجمار يقال: إن المراد به التطيب، وهذا قول بعض أهل اللغة، ونسب إلى إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمة الله عليه، ولذلك قالوا: يسن إذا أخذ الرجل في تطييب الناس بالبخور أن يطيبهم مرة أو ثلاثاً أو خمساً، وإذا تطيب الإنسان تطيب على وتر، هذا على القول الثاني.والأفضل أن الإنسان يجمع بين الاثنين، فإن استجمر في بول أو غائط قطع بالوتر، وإن استجمر بطيب قطع بوتر، حتى يكون من السنة على كلا القولين، وهذا هو ما ننبه عليه دائماً في المسائل الخلافية، في تفسير أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي لها فضائل للإنسان، فالمسلم يحاول أن يكسب الفضيلة ولو اختلف العلماء فيها، ويحاول أن يحصل الفضل على أتم وجوهه وأكملها.الشاهد: أن المصنف هنا قال: (يسن قطعه على وتر) فلو أن إنساناً تبول ثم أراد أن يقطع البول فأخذ الحجر الأول فاستجمر به، ثم أخذ الحجر الثاني فاستجمر به، فانقطع البول عند الحجر الثاني، فعلى القول بأن الثلاث واجبة يلزمه حجر ثالث، وحينئذٍ لا إشكال، لكن لو فرض أنه استجمر بالحجر الأول والثاني والثالث ولم ينقطع البول ثم استجمر بالرابع فانقطع، فإذا انقطع بالرابع فإنه يضيف حجراً خامساً طلباً للسنة، وهذا هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (ومن استجمر فليوتر).وكذلك أيضاً بالنسبة للغائط، يجعل حجرين لطرفي الصفحتين، وحجراً لحلقة الدبر، ثم إذا انقطع الخارج من حلقة الدبر بالثلاث فلا إشكال، لكن لو انقطع بالرابع فيضيف خامساً للحلقة. ...... |
#42
|
||||
|
||||
![]() حكم الاستنجاء من كل خارج من السبيلين
قال رحمه الله تعالى: [ويجب الاستنجاء لكل خارج إلا الريح].لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما حفظ عنه أنه تبول ولا تغوط صلوات الله وسلامه عليه إلا وتطهر، وكان أنس -كما جاء في الصحيحين- يحمل الإداوة معه للنبي صلى الله عليه وسلم ليستنجي بها، وكذلك أيضاً جاء في حديث سلمان وعائشة رضي الله عنهما، وغيرها من أحاديث السنن التي تدل على محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على إنقاء الموضع إما باستجمار أو باستنجاء.أما الاستنجاء فهو: أن ينقي الإنسان الموضع بالماء، كما هو الحال الموجود الآن في البيوت، فإذا فرغ الإنسان من بوله أو غائطه صب الماء على عضوه وأنقاه، وهذا يسمى استنجاء.أما الاستجمار: فهو أن يأخذ الحجارة، وهذا في الغالب يحصل للذي يكون في سفر أو في بر أو نحو ذلك، وكل منهما مشروع، ولا يجب عليه أن يستنجي بالماء، فلو أن إنساناً دخل إلى الحمام -ولو في المدن- والماء موجود، ولشدة البرد لم يرد أن يغسل عضوه فأخذ مناديله فاستجمر بها لأجزأه ذلك، وهذا بلا خلاف، بل كان بعض السلف لا يرى صب الماء ويقول: هو وضوء النساء، ولكنه قول مرجوح ومردود عليه؛ لأن أنساً حمل للنبي صلى الله عليه وسلم الإداوة، والماء أبلغ وأنظف وأنقى، وكانوا يستحبون أن يبتدئ بالحجارة حتى تنقي الموضع بحيث إذا صب الماء لا يتلطخ بالنجاسة، ثم بعد ذلك يتبعه الماء، وفيه حديث ضعيف في قوله تعالى: ![]() ![]() ![]() |
#43
|
||||
|
||||
![]() أقسام الخارج من السبيلين من حيث نقض الوضوء
وقوله: [ويجب الاستنجاء لكل خارج إلا الريح]. (كل) من صيغ العموم، وهذا أصل عند الأصوليين، أنه إذا قيل: (كل)، يفهم من ذلك عموم الدلالة، فيشمل ذلك كل ما خرج من البدن، والخارج من البدن يأتي على ضربين:الخارج المعتاد، والخارج غير المعتاد، فالخارج المعتاد: البول والغائط.والخارج الغير المعتاد: كالدم، كأن يحصل للإنسان نزيف داخلي، أو يخرج منه حصى أو دود، فهذه كلها خوارج غير معتادة، أي: خرجت على سبيل المرض، وللعلماء في الخارج أوجه:منهم من قال: لا ينقض الوضوء إلا ما كان خارجاً معتاداً في الصحة، فلا ينقضه الخارج غير المعتاد.ومنهم من قال: ينقض الوضوء كل ما خرج.فالمذهب الأول مذهب التخصيص، والمذهب الثاني مذهب التعميم.ومنهم من فصَّل، فقال: إن كان نجساً نقض، وإن كان طاهراً لم ينقض، أي: إن كان أصله النجاسة كدود البطن، فإنه يكون مختلطاً بالنجاسات؛ فإذا خرج نقض، وإن كان أصله طاهراً كالحصى فلا ينقض، وهذه أوجه العلماء رحمة الله عليهم في الخارج.فالمصنف درج على القول الذي يقول: إن كل ما خرج من البدن ينقض، ويستوي في ذلك أن يكون معتاداً أو غير معتاد، وسيأتي -إن شاء الله- بسط هذه المسألة في نواقض الوضوء.ونريد أن نحدد محل الاتفاق ومحل الخلاف في مسألة الخارج، أما الاتفاق فلو خرج البول ,أو الغائط الذي هو الخارج المعتاد أو المذي أو الودي، فإن كل هذه يجب الاستنجاء منها. ![]() |
#44
|
||||
|
||||
![]() حكم الاستنجاء من خروج المني
أما المني: ففيه وجهان مشهوران:الوجه الأول: خروج المني يوجب الاستنجاء.الوجه الثاني: لا يوجبه.والذين قالوا: إنه موجب، احتجوا بما ثبت في الصحيحين في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمهات المؤمنين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل العضو وما هنالك) قالوا: لأن المني يعتبر موجباً للاستنجاء.والذين يقولون: أنه طاهر، وخروج الطاهر لا يضر، فبناءً على الأصل الذي قرروه وهو أن يكون الخارج نجساً، قالوا: والمني طاهر وليس بخارج من المخرج المعتاد؛ لأن له عرقاً يخصه. ![]() |
#45
|
||||
|
||||
![]() حكم الاستنجاء من خروج ما يُدخل في السبيلين كالآلات
وقوله: [لكل خارج].هنا مسألة عصرية تتفرع عن قول المصنف: (كل خارج)، وهي: مسألة المادة التي يحقن بها الإنسان كمواد الأشعة التي من أجل تصوير العضو لمعرفة مرضٍ فيه، فتحقن المادة في العضو ثم تبقى في نفس المجرى، ثم يصور ثم تخرج عن طريق التبول أو أنها تسحب، فإذا خرجت هل يجب الاستنجاء منها أو لا يجب، فإن قيل: العبرة بالعموم -كما درج عليه المصنف- وجب الاستنجاء بخروجها، وإن قيل: العبرة بالخارج المعتاد؛ فلا يجب الاستنجاء منها.أيضاً: المسألة القديمة التي تفرعت عليها هذه المسألة: لو أن آلة أدخلت في مجرى البول أو مجرى الغائط -كالمناظير- ثم أخرجت، هل يجب أن يستنجي الإنسان بخروجها أو لا يجب؟ من العلماء من قال بالتفصيل، فقالوا: إن خرجت وفيها أثر الرطوبة وجب الاستنجاء، وإلا لم يجب.والحقيقة أن التعبير بالعموم من حيث أصل الشرع قوي، يعني: ما درج عليه المصنف من إيجاب الاستنجاء من كل ما خرج -بلفظة (كل)- أقوى؛ لأنه مراعٍ لأصل الشرع؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم غسل من المني وهو طاهر، وكذلك غسل من بقية الخوارج، وبناء على ذلك نقول: نعتبر خروج الخارج موجباً للإنقاء.ويبقى لدينا سؤال وهو: ما دليل من قال بالتفريق بين الطاهر وغير الطاهر؟ قالوا: دليلنا الشرع، فإن الريح يخرج من البدن ولا يجب بالإجماع منا أن يستنجى منه، فلو كان كل خارج يوجب الاستنجاء لوجب الاستنجاء من الريح، فكون الشرع لا يوجب الاستنجاء من الريح يفهمنا أنه لو خرج الطاهر من قبل أو دبر أنه لا يوجب الاستنجاء.كيف نجيب عن هذا الدليل ونحن قلنا: إن الأرجح هو الوجوب؟ نقول: إن هناك فرقاً بين ما له جرم وما لا جرم له، بدليل أن الإجماع انعقد على عدم الاستنجاء من الريح، وعندنا المني وهو طاهر ويستنجى منه، ففهمنا أن هناك فرقاً بين السائل الذي له جرم والذي لا جرم له وهو الريح، وبناء على ذلك نقول: يستجمر من كل ما له جرم -جامداً أو مائعاً- إلحاقاً بالمني، ولا يجب عليه الاستجمار من الهواء كالريح، ويبقى الأصل على ما هو عليه ولا يستقيم اعتراضهم بالريح.وربما لو قلت لهم: إن المني يستنجى منه، قيل لك: هذا من باب رد المختلف فيه إلى المختلف فيه؟!فأنا لا أرى أن المني يوجب الاستنجاء منه، هذا إذا كان يقول بطهارته كما هو أحد الأوجه عند الشافعية، فلا يرى الاستنجاء من المني، أما لو كان يقول بنجاسته كالحنفية، فخروجه يوجب الغسل ملحقاً بالبول والغائط، فهذا أصل المسألة أصولياً.فالخلاصة: أنه يجب الاستنجاء من كل ما خرج من السبيلين ما عدا الريح، وشذ بعض أهل الأهواء فقالوا: إن الريح يستنجى منه وهذا قول مردود؛ لأنه لا دليل عليه، لكن ينبغي أن ينبه على أن الريح له أحوال: فتارة يكون معه سالماً من رذاذ النجس الموجود في الموضع، وتارة يكون مخلفاً لرذاذ نجس كما يذكر بعض العلماء في حالة إسهال أو نحوه، فإن صاحب هذه الريح لزج له جرم من الخارج؛ فإنه يجب إنقاء الموضع للخارج لا لذات الريح. |
العلامات المرجعية |
|
|