فهده عشرة حقوق ذكرها الله - سبحانه - في هذه الآية :
------------------------
أولها :
حق الله - سبحانه وتعالى - وكما في سورة الإسراء التي ذكر الله فيها خمسة عشر حقًّا، أولها : حق الله في قوله - تعالى - : * }لا تَجعَلْ مَعَ اللهِ إلهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا * {، إلى قوله: * }ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى في جَهَنَّمَ مَلُومًَا مَدْحُورًا *{ [الإسراء: 32]
فختم الآيات بما بدأها به، وهو حق الله على عباده أن يعبدوه، ولا يكفي هذا : أن يعبدوه، بل ولا يشركوا به شيئًا؛ لأن العبادة لا تكون عبادة إلا إذا خلصت من الشرك، أما إذا خالطها شرك؛ فإنها لا تكون عبادة لله؛ لأن الشرك يبطل العبادة، ويبطل سائر الأعمال، ولا يصحُّ معه عمل، مهما كلّف الإنسان نفسه بالعبادات، إذا كان عنده شيء من الشرك الأكبر ؛ فإن عبادته تكون هباءً منثورًا : * }كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا *{ [النور:39]
قال - تعالى - : * }وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِــنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَــنَّ عَمَلُـكَ وَلَتَكُـونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ *{ [الزمر:65] ،
وقال - تعالى - لما ذكر الأنبياء في سورة الأنعام : *} وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ * { [الأنعام : 184] إلى آخر الأنبياء الذين ذكرهم الله ، قال - جلَّ وعلا -: * }وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* { [الأنعام: 88] ، فالشرك يحبط الأعمال، ولهذا كثيرًا ما يأتي الأمر بالعبادة مقرونًا بالنهي عن الشرك : *} وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا * {[النساء:36] ، * }أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا * {[الأنعام: 151] .
وهذا هو معنى لا إله إلاَّ الله ؛ لأن لا إله إلاَّ الله تشتمل على النفي : (لا إله) ، وعلى الإثبات : (إلا الله) ، النفي : نفى الشرك ، والإثبات : إثبات التّوحيد .