|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#61
|
||||
|
||||
![]()
ماشي لؤلؤه
من عنيا نورتي الموضوع |
#62
|
||||
|
||||
![]()
ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ
اللهم إني أستخيرك بعلمك و أستقدرك بقدرتك، و أسألك بفضلك العظيم فإنك تعلم و لا أعلم و تقدر و لا أقدر، و أنت علام الغيوب اللهم إن كان في هذا الأمر خير لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري فاقدره لي و يسره لي ثم بارك لي فيه و إن كان فيه شر لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري، عاجله و آجله فاصرفه عني و اصرفني عنه و اكتب لي الخير حيث كان ثم رضني به... انتهيت من صلاة الاستخارة... تناولت المصحف من على الرف و جلست على سجادتي أتلو بعض آيات من ذكر الله الحكيم... كنت أحس براحة و سكينة تتسللان إلى قلبي... اللهم إني فوضت أمري كله إليك، و أنت على كل شيء قدير... سرحت لبضع لحظات... تذكرت زيارة دالية و أمها لنا منذ أيام قليلة مضت... كانت الأمسية رائعة بالفعل... أم حسام كانت في غاية اللطف و الرقة... و دالية أضفت على الجو طابعا مرحا و مسليا، يا لجمال روحها الطفولية! و كم تحدثت أمه عنه بفخر! نعم، من حقها أن تفخر بابن مثله... خفق قلبي في نشوة... و من حقي أن أفخر بأنه سيكون لي... تنهدت و خرجت آهة من صدري... يا رب! غدا أذهب إلى الطبيبة من جديد... لم أعد قلقة مثلما كنت في البداية، لكنني منقبضة بعض الشيء... أتساءل لم اخترت أن أكون طبيبة و قلبي ينقبض عند التفكير في الذهاب إلى طبيب! بل أن سيرة الأطباء لا تعني إلا الهموم و الأمراض و الابتلاءات الصحية و الأزمات النفسية ووو... لكنها مهنة إنسانية... تتطلب الكثير من التضحيات و حسا عاليا بالمسؤولية. ابتسمت و أنا أتخيل نفسي طبيبة تمارس مهنتها... كان الله في عونك يا مرام، حتى تحافظي على ابتسامتك مع كل مريض، و تتحلي بالصبر و تواصلي إتقان عملك من الصباح إلى المساء... عدت من الكلية مسرعة، كانت أمي ترتدي ملابسها فاستعجلتها ـ هيا يا أمي... حان موعد الذهاب... هل أخرجت السيارة؟ جاءني صوتها من الغرفة الداخلية : ـ حالا يا حبيبتي... لا تخافي سنكون في الموعد... ثم إننا كالعادة سنجد أصحاب المواعيد السابقة في قاعة الانتظار! كان الله في عون الدكتورة فكل مريض عندها يأخذ أكثر من وقته... رن جرس الهاتف فرفعت السماعة : ـ السلام عليكم و رحمة الله... ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته... كيف حالك يا مرام؟ إنها دالية... ـ الحمد لله... لدي موعد مع الطبيبة الآن... سنخرج بعد لحظات... قالت مشجعة : ـ سيكون كل شيء على ما يرام، لا شيء يستحق القلق... تنهدت فقالت : ـ على فكرة، هناك من يسأل عنك باستمرار... و يبلغك سلامه... لم أره منذ أيام... لم يعد يأتي إلى الكلية كثيرا، فهو يقوم بتربص في الوقت الحالي. ابتسمت و لم أعلق فواصلت... ـ و هو يقول لك بأن تتحلي بالثقة في الله... (صمتت لبضع لحظات ثم واصلت كأن هنالك من يلقنها ما تقول!) و أن الله يبتلي من يحبه... فاثبتي و احتسبي كل لحظة ألم... اسمعي، سأمرره لك! سمعت احتجاجا من الطرف الآخر من الخط و كلمات قليلة لم يصلني إلا صداها... ابتسمت حين جاءني صوته أخيرا في أدب و حياء جمييييل : ـ السلام عليكم و رحمة الله... ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته... ـ كيف أنت يا مرام؟ ـ الحمد لله بخير و عافية... كيف يسير تربصك؟ ـ بخير و الحمد لله... شكرا على سؤالك... كيف معنوياتك؟ ـ مرتفعة إن شاء الله... ـ رائع... أردت فقط أن أسلم عليك... و أقول لك لا تنسي أن الله معك... و أنني لن أتخلى عنك... ـ شكرا لك... يا حسام... كانت المرة الأولى أنطق فيها باسمه... لو لم يكن على الهاتف لما قدرت أن أنطق بها... اسم أحس له بوقع خاص على لساني... و يحمر وجهي بمجرد النطق به، كأنه من لغة غريبة محرمة علي... و أتجاوز حدودي إن تكلمتها! و أحسست بنفس وقع الكلمة على أذنيه... فقال بعد صمت قصير : ـ انتبهي إلى نفسك... و إن شاء الله أسمع منك أخبارا سارة هذا المساء... ـ إن شاء الله... ـ السلام عليكم و رحمة الله... ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته. وضعت السماعة و تنفست في ارتياح. كانت أمي تنظر إلي و على شفتبها ابتسامة حانية : ـ هيا بنا يا عزيزتي... فحصتني الطبيبة كالعادة و ملامح وجهها خالية من أي تعبير يجيب عن تساؤلاتي ثم قالت طرحت علي بضع أسئلة حول تطور الأعراض في الفترة الماضية : ـ ستقومين ببضع صور بالأشعة... ثم تعودين إلي... خرجنا إلى مخبر الأشعة... و عدنا بعد زهاء الساعة إلى العيادة من جديد... كنت قد بدأت أقلق. ما لزوم صور الأشعة إن كان كل شيء على ما يرام؟ يا رب رحمتك! لم أكن متأكدة من قدرتي على قراءة صور الأشعة لكنني أخرجت الصور و رحت أقلبها باحثة عن أي علامة تطمئنني... أو تؤيد مخاوفي... لكن دون فائدة... و أمي تنظر إلي ضاحكة : ـ هااا... إلى ماذا توصلت طبيبتنا الصغيرة؟ أعدت الصور إلى مكانها و أنا أزفر في قلق : ـ لا شيء... أخيرا دخلنا ثانية على الطبيبة... تناولت الصور و تابعتها بعيون متيقظة و هي تتأمل الصور واحدة إثر الأخرى باهتمام, ثم نظرت إلي و قد ارتسمت على وجهها ابتسامة... أخيرا! ـ الحمد لله على سلامتك... إن شاء الله تكونين قد شفيت تماما! لم أتوقع أن يؤتي العلاج مفعوله بهذه السرعة... لكن جميع الأعراض اختفت فأردت أن أتأكد بالصور... و الحمد لله، كل شيء على ما يرام... تنهدت في ارتياح... و أردت أن أقول لها : ليس العلاج يا عزيزتي ما يمنح الشفاء... إنما هو من الأخذ بالأسباب... لكن الصحة نعمة من الله تعالى يمنحها من يشاء و يحرمها من يشاء... تمت الحلقة الخامسة بحمد الله
|
#63
|
||||
|
||||
![]() تعليق : جميلة أوي مرام ، جميلة بأدبها ، بحياءها ، بتوكلها على الله ، بمناجاتها لله ، بروحها الطيبة المرحة ، بجد جميلة جدا ، وبحبها جدا جدا ، ولا أخفيكم سرا إنها أثرت في جدا وفي شخصيتي.
وفي انتظار تعليقاتكم إخوتي على اليوميه ،،، أترككم في رعاية الله |
#64
|
|||
|
|||
![]()
جزاكى الله خيرا يا سارة على اليوميات
بس انا كنت نفسى تخلصيها قبل الكلية لانى للاسف ايام الدراسة مش هعرف اكمل |
#65
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
جزانا الله وإياكي أختي الغاليه بس الحقيقه والله صعب جدا إنها تكمل الوقتي لإن لسه ليها حلقات كتير بس هحاول انزل كذا حلقه |
#66
|
||||
|
||||
![]() الحلــــــــــقة الســــــــــــــادسة ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ ما أن انفردت بي راوية بعد المحاضرة حتى بادرتني و ابتسامة خبيثة على شفتيها : ـ هاااا... كيف تسير الأمور؟ نظرت إليها في استغراب و أنا أتصنع عدم الفهم : ـ مادا تقصدين؟ عن أية أمور تتحدثين؟ رفعت حاجبيها دهشة و هتفت : ـ مرااااام!!! هل ستخفين عني أخبارك مع حسام؟! و أنا صديقتك المقربة منذ زمن بعيد!؟ ابتسمت و قلت : ـ كان يجب أن توضحي سؤالك منذ البداية... ما أدراني أنك تتكلمين عن حسام!... على أية حال... لا شيء جدير بالذكر... سكتت للحظات قصيرة ثم أردفت : ـ غير أنه... تم تحديد موعد مع والدي... هتفت راوية في استنكار : ـ و تقولين لا شيء جدير بالذكر؟!! ألف مبروك يا حبيبتي!! في تلك اللحظة رن هاتفي الجوال... تناولته، و نظرت إلى الرقم الغريب الذي ظهر على الشاشة ـ من يكون يا ترى؟ ـ أجيبي و ستعرفين... أجبت في هدوء : ـ السلام عليكم و رحمة الله... فوجئت حين أجابني صوت رجل من الطرف الآخر هاتفا : ـ هاااي مرام! كيف حالك؟ ارتسمت علامات الحيرة و الجفول على وجهي، فتطلعت إلي راوية متسائلة فقلت في تشكك : ـ عذرا... من المتحدث؟ ـ أوووو مرام! ألم تعرفيني؟ أنا طارق! لم يبد لي للوهلة الأولى أن الاسم مألوف لدي ... ثم تذكرت أن لي ابن عمة اسمه طارق... سافرت عائلته إلى أمريكا منذ سنوات، و انقطعت علاقتي به تقريبا إلا من مكالمات قصيرة مع عمتي في الأعياد و المناسبات... ـ طارق؟!... طارق ابن عمتي سهام؟؟ جاءتني ضحكته عالية مستهترة : ـ نعم... هو بعينه! جيد أنك تذكرتني أخيرا! اتصلت بمنزلكم و أخذت رقمك من والدتك... ما رأيك في هذه المفاجأة؟! ابتسمت على مضض و قلت : ـ جميل منك أن تفكر في مكالمتي... ثم انتبهت إلى نقطة أثارت استغرابي فاستطردت : ـ لكن الرقم الذي تتصل منه ليس من أمريكا! ارتفعت ضحكته في أذني بصفة منفرة و هو يقول : ـ ذاك النصف الثاني من المفاجأة... فقد عدت لقضاء بضعة أيام في البلد... وصلت اليوم صباحا... سأكون عندكم هذا المساء... ـ هل عمتي سهام و بقية العائلة معك؟ ـ لا لا! جئت بمفردي و سأقضي بضعة أيام عندكم... إن قبلتم استضافتي بالطبع! و انفجر ضاحكا مرة أخرى! ـ اشتقت إليك كثيرا يا عزيزتي... أراك هذا المساء... و لك عندي نصيب آخر من المفاجآت ... باي!!! أغلقت الخط و على وجهي علامات دهشة و استنكار واضحة، فاستفسرت راوية : ـ ما الأمر؟ ما بك منزعجة؟ تنهدت و أنا أقول : ـ إنه ابن عمتي... كنا صديقين حميمين قبل سنوات، قبل التزامي يعني... و هو يكبرني بثلاث سنوات... سافر مع عائلته إلى أمريكا، و لم نتكلم منذ زمن طويل، و هو الآن قادم لقضاء بضعة أيام عندنا... يبدو أن كلانا تغير... لكن في اتجاهات متعاكسة! |
#67
|
||||
|
||||
![]() ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ دخلت من الباب الحديقة... فتناهت إلي أصوات صاخبة، ميزت من بينها صوت أخي ماهر. قطعت الممشى في خطى وئيدة ثم ارتقيت الدرج و قد أخذت الأصوات تتضح أكثر... يبدو أن طارق قد وصل! اقتربت من غرفة الجلوس... ـ السلام عليكم و رحمة الله... ألقيت التحية فالتفت إلي الحضور. كان طارق يجلس مع كل من أمي و أخي الصغير ماهر الذي يبلغ من العمر 18 سنة... وقف طارق و نظر إلي مطولا : ـ مرام؟! واااو... ما الذي فعلته بنفسك؟! لقد تغيرت فعلا... كان ينظر إلى تنّورتي الواسعة و سترتي الفضفاضة و حجابي الذي يغطي كتفي في شيء كبير من العجب... تأملت بدوري قميصه المزركش و سرواله الجينز "المرقّع" و قصّة شعره العجيبة و قلت : ـ أنت أيضا تغيرت كثيرا! كان قد قطع منتصف المسافة التي تفصلنا عندما سمع صوتي أبادر بالتحية، لكنه توقف حائرا ثم قال : ـ أتوقع أنك أصبحت لا تصافحين مثل أمك خالتي زينب... ابتسمت و هززت رأسي موافقة و لوحت له من بعيد... الحمد لله أنه استوعب الدرس دون متاعب! كنا نتفق كثيرا في فترة الطفولة و بداية الشباب، و نفهم بعضنا جيدا... يبدو أنه حافظ على البعض من قدرته على فهم ما يدور برأسي! عاد إلى أريكته و هو لايزال يهز رأسه و يمط شفتيه متعجبا : ـ لم أتوقع أن تتحجبي بهذه السرعة! فأنت مازالت في بداية شبابك و أمامك الفرصة للانطلاق و التمتع بجمالك... شعرك جميل جدا و طويل على ما أذكر... طأطأت رأسي في خجل... فقد كنت أتباهى كثيرا بجمال شعري و طوله خاصة في المناسبات العائلية... اللهم اغفر لي... بادرته أمي قائلة : ـ ألا تحدثنا عن أحوالكم هناك... كيف أمك و أخواتك؟ ـ بخير و الحمد لله... شكرا على سؤالك يا خالتي... سناء خطبت الشهر الماضي. تقدم لها شاب من زملائها في الشركة، أمريكي من أصل سويدي... شاب وسيم و عائلته غنية، كما أنه مهندس ممتاز... تبادلت نظرات طويلة مع أمي التي سارعت بسؤاله : ـ و هل هو مسلم؟ تكدرت ملامحه لكنه تظاهر بعدم الاهتمام و هو يقول في حرج، متحاشيا نظراتنا : ـ الحقيقة لا أعرف شيئا عن ديانته... تعرفين في أمريكا المجتمع لا يضع اعتبارا لمثل هذه الأمور! ما داما متفقين و منسجمين فذاك هو المهم... أما المعتقد فتلك حرية شخصية... اتسعت عيوننا دهشة ... لم أملك أن أعلق، لكن أمي التي بدأ وجهها يحمر سألته ثانية : ـ و ما رأي سهام و محمود في الأمر؟ ـ أمي و أبي؟ عارضا قليلا في البداية... لكن سناء تأثرت كثيرا برفضهما، فتدهورت حالتها الصحية و أضربت عن الطعام ثم حاولت الانتحار... حتى وافقا أخيرا... لم أكن أصدق ما أسمع... سناء؟! إنها تكبر أخاها بسنة واحدة... لم تكن قد ختمت تعليمها الثانوي حين سافرت عائلتها إلى أمريكا بسبب حصول عمي محمود على عقد عمل مغري هناك... كانت فتاة غاية في الجمال... مشاكسة و منطلقة. و أذكر أن مراهقتها لم تمر بهدوء حين كانت في البلد... لكن يبدو أن حالتها ازدادت تعقيدا هناك! فقد انقطعت عن الدراسة بعد أن أتمت بصعوبة بالغة دراستها الثانوية، و التحقت بالعمل كسكرتيرة في شركة مهمة هناك... سألته أنا هاته المرة : ـ و كيف حال سارة؟ ـ سارة... إنها متعبة حقا! بعد كل هذه السنين ترفض التأقلم مع الجو في أمريكا، فهي انطوائية و منعزلة عن أقرانها... و قد لبست الحجاب مؤخرا! مثلك... العيش في أمريكا يستوجب الكثير من المرونة للاندماج في المجتمع و بدء حياة جديدة... و إلا فمشاكل كثيرة ستكون في الانتظار! تنفست الصعداء... الحمد لله أن سارة لم تتغير و حافظت على دينها هناك! فهي أيضا كانت صديقة مقربة لي. يا حبيبتي يا سارة... لم تستطع أن تتعود على نمط العيش الذي لم يناسب طبعها الرقيق و الخجول... التفت إلي ثانية و قال : ـ كنت قد أحضرت لك بعض الهدايا... انظري... جذب حقيبته و أخرج مغلفا خاصا و مدني به. فتحته و العيون تتابعني... كان يحتوي عددا من القمصان الضيقة بدون أكمام ذات الألوان الصاخبة، و سروالا ذا شكل عجيب لا يمت إلى ما أعتبره "الذوق السليم" بصلة! و عددا آخرا من الإكسسوارات... أقراط و أدوات لتزيين الشعر... نظرت إليه مبتسمة، فبادرني قائلا : ـ أردت أن أفاجئك بآخر التقليعات الأمريكية في عالم الأزياء... لكن يبدو أنك لا تريدينها، أو بالأحرى لا أظنها مناسبة "للوكك" الجديد... أعدت إليه المغلف فتسلمه متضاحكا و قال : ـ لا بأس... يبدو أنه ليس من نصيبك! كان يبدو عليه الحزن و الأسف لأن مفاجأته لم ترق لي فقلت مغيرة الموضوع : ـ المهم، طمنا عنك... كيف تسير الأمور معك؟ انشرحت أساريره و هو يقول : ـ لقد تخرجت منذ سنة تقريبا من كلية التجارة... و قد فتحت مؤخرا مكتبا مع بعض أصدقائي للاستيراد و التصدير... و الأمور تسير بشكل مرض و الحمد لله... مرت السهرة في أحاديث عائلية ممتعة و قد استعدنا الكثير من الذكريات المشتركة التي تضحكنا و تسلينا... لكن قلبي كان منقبضا جراء ما وصلت إليه حال أبناء عمتي من أثر التغرب و محاولة الاندماج في مجتمع قيمه مختلفة و أسلوب حياته مختلف... في الصباح استيقظت كالعادة، و استعددت للذهاب إلى الكلية... ظننت أنني كنت أولى المستيقظين، لكن حين دخلت إلى المطبخ وجدت طارق يتناول إفطاره و أمي تقوم بتحضير إفطاري... رفعت حاجبي دهشة و أنا أحييهما فقال : ـ تعودت على الاستيقاظ باكرا مذ بدأت العمل... فعلي اغتنام كل لحظة فيما ينفع! نظرت إليه في إعجاب، ثم تناولت إفطاري على عجل و قمت مغادرة فلحقني قائلا : ـ انتظريني سآتي معك... التفتت إليه مستغربة فقال : ـ أعلم أنك ذاهبة إلى الكلية، سأوصلك ثم أتمشى قليلا في المدينة... نظرت إلى أمي التي هزت رأسها مشجعة و قالت : ـ يوما سعيدا لكما... يا إلهي... كيف سأخرج معه وحدنا و هو ليس من محارمي؟!! |
#68
|
||||
|
||||
![]() ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ خرجت من المنزل في خطوات واسعة و عريضة... أحث السير و أنا لا ألوي على شيء و طارق على إثري يحاول اللحاق بي في سباقي :
ـ مرام... على مهلك... انتظريني... قلت دون أن ألتفت : ـ لدي موعد مع صديقتي أمام الكلية... أخاف أن أتأخر عليها... إن كنت تريد التنزه فلا بأس، أراك لاحقا... لحق بي بسرعة و هو يقول : ـ لا، لا... يمكنني أن أتنزه فيما بعد... لكن ظننت أنه يمكننا أن نتحدث على الطريق قليلا... ما الذي يريد أن يحدثني به؟ ألم نتحدث طوال السهرة في الليلة الماضية؟ أم لديه مفاجآت جديدة؟؟ كان يسير إلى جانبي و هو يقول : ـ ربما تغيّر كل منا في شكله... لكننا في الداخل لم نتغيّر... أليس كذلك؟ تطلع إلي و هو يبتسم... تنهدت و أنا أنظر إلى شكله الذي يثير حيرتي : ـ آمل ذلك... فإن لم تكن قد تغيّرت إلى الأفضل فمن أخف الأضرار أن لا تكون قد تغيرت... ضحك بصوت عال و هو يقول : ـ يبدو أنك حكمت علي بأنني لا يمكن أن أكون قد تحسنّت أو نضجت!! ثم أخذ يحدثني عن الشهادات التي تحصل عليها، و عن التربصات التطبيقية التي قام بها في شركات كبرى و كيف أنه اكتسب خبرة يحسد عليها في فترة وجيزة بفضل حبه لعمله و إتقانه له بل إبداعه فيه... كان يتحدث بكل حماسة كأنه يعرض علي مشروعا و أنا سأقوم بتمويله... أو كأنني رئيسته في العمل و هو يحاول إقناعي بجدواه و أهميته!!!... كنت أهز رأسي بين الفينة و الأخرى... لكنني كنت أفكر في طريقة أتخلص بها من رفقته قبل الوصول إلى الكلية! وصلت إلى محطة الحافلات فقاطعته دون أن أدري، لأنني أصلا لم أكن أصغي بانتباه تام لأحاديثه : ـ أظن أنك ستمتطي الحافلة المتجهة إلى مركز المدينة... أما أنا فكليتي في الاتجاه الآخر. لذا أظننا سنفترق هنا... ـ لا يهم... سأوصلك إلى الكلية ثم أعود، فعلى أية حال لا أظن المحلات تفتح قبل ساعة من الآن... جاءت الحافلة فصعدنا. ظل صامتا للحظات كأنه يفكر في العودة إلى حديثه عن مستقبله المهني الواعد و شركته الخاصة... لكنه عدل أخيرا عن رأيه و نظر إلي و هو يقول : ـ مرام... أنت متغيرة من ناحيتي! نظرت إليه مستنكرة : ـ أنا؟ متغيرة من ناحيتك؟؟ لم تقول هذا؟ صحيح أننا لم نلتق منذ سنوات طويلة... لذا من الطبيعي أن يكون كل منا تغير في طريقة تفكيره و نمط عيشه... أنا مثلا حياتي كلها تغيرت منذ ثلاث سنوات... انطلاقتي مع الكلية و الحجاب كانت انطلاقة جديدة... اهتماماتي لا أقول أنها شهدت انقلابا جذريا، لكنني تعمقت أكثر في الثقافة الدينية و تطوير المهارات الذاتية... من الطبيعي أنني لم أعد تلك البنت المشاغبة و التلقائية... لم تعد الروايات البوليسية تشغل كل أوقات فراغي و لا الألعاب الرياضية... و قد يكون مفاجئا أن لا يتغير الإنسان خلال أكثر من 5 سنوات... خاصة في هذه الفترة من العمر، و هي فترة النضج الفكري و العاطفي... فترة حساسة و هامة في حياة كل فرد... و من المهم أن يخرج منها و هو واع بما يريد صنعه في المستقبل... و قد حدد طريقه و أهدافه من الحياة... كان يستمع إلي في اهتمام ثم ابتسم و هو يقول في حنين : ـ كنت دائما بالنسبة إلي مرام الصغيرة التي تشاركني الدعابات و المقالب... و التي أستمتع بالحديث إليها لساعات طويلة... و كنت أتمنى أن أراك بنفس الروح... لكن يبدو أنني أخطأت التقدير... ابتسمت بدوري و أنا أقول : ـ و أنت كنت لي الأخ الأكبر الذي يفهم في كل شيء و يدهشني بأفكاره المبدعة... لكن الزمن لا يتوقف عند اللحظات التي نحبها... و إلا لما كانت الذكريات! يكفي أننا عشنا طفولة مرحة و مسلية و بقيت لنا منها ذكريات جميلة... نزلنا أمام الكلية... تلفتت باحثة عن راوية، لكن لم يكن لها أثر... ـ يبدو أن صديقتك لم تأت بعد... لا يزال أمامنا بعض الوقت حتى تبدأ المحاضرات، ما رأيك في نأخذ كأسين من القهوة في الكافيتيريا؟ هززت رأسي معارضة و أنا أدور بعيني في أنحاء الساحة علني ألمح إحدى الفتيات : ـ شكرا لك... لكن صديقتي قد تأتي في أية لحظة... هز كتفيه مستسلما : ـ كما تشائين... لم يطل صمته قبل أن يقول : ـ أتدرين... كنت طوال الوقت في الطائرة خلال رحلتي من أمريكا أحاول تخيل ملامحك أمامي... كيف تراك تصبحين بعد كل هذه السنين... ابتسمت و أنا أسأله : ـ و كيف كانت النتيجة؟ مال فجأة على أذني و همس : ـ أجمل بكثير مما توقعت... تراجعت في حركة غريزية لأبتعد عنه لكنني لم أعلق على عبارته تلك... رغم أنها لم تكن مناسبة جدا لما أعتبره "علاقة عادية بين أبناء العم"، لأنني حين استدرت لأؤنبه لمحت شخصا ما على قيد خطوات منا... لم أتوقع أن أرى حسام ذاك الصباح في الكلية ... لكن لسوء حظي كان هو من يقف على الرصيف على الجانب الآخر من الشارع... كان ينظر إلى طارق و قد عقد حاجبيه في قلق واضح... لست أدري كم مضى من الوقت على وقوفه هناك... يا إلهي ما الذي يدور برأسه في هذه اللحظات؟! انتظرت أن يقترب منا... أن يستوضح... لكنه أشاح بوجهه و ابتعد في خطوات سريعة... بات واضحا أنه لاحظ معاملة طارق الخاصة لي و التي تدل على قدر من الحميمية بيننا!! |
#69
|
||||
|
||||
![]() ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ أخيرا ظهرت راوية! نظرت إلي من بعيد و هي تتساءل في سرها عن الشاب الذي يقف معي و هو لم يتوقف عن الحديث مذ وصلنا و أنا مشغولة عنه بالمصيبة التي حلّت بي بعد أن رآنا حسام و انصرف غاضبا... انتظرت أن تأتي إلي راوية على الفور، لكنها لعجبي الشديد، غيرت وجهتها و مضت نحو باب الكلية!! ماذا دهاها؟ ألم ترني؟! لكنها نظرت ناحيتي! مستحيل... ـ انتظرني لحظة... انطلقت إثرها دون أن أنتبه إلى أنني قاطعت طارق مرة أخرى خلال حديثه المشوق عن مغامراته في أمريكا... ـ راوية... راوية... انتظري... توقفت لتلقي التحية و أنا ألهث : ـ كنت أنتظرك... ألم تريني؟ ـ بلى و لكنك لم تكوني بمفردك فلم أشأ التدخل... ـ أنا في انتظارك كي تخلصيني من صحبته و أنت لا تريدين التدخل!!! ضحكت راوية و هي تستمع إلى قصتي مع ابن عمتي الذي أصر على مرافقتي... ـ و المصيبة أن حسام رآنا معا... و لم يشأ حتى أن يسلم علي بل انصرف غاضبا! ـ طبعا... كيف كنت ستتصرفين إن كنت لمحته رفقة فتاة أخرى بمفردهما؟ تنهدت و قلت : ـ المصيبة الأكبر هي أن طارق يعتبرني مثل أخته الصغيرة و يعاملني دون تحفظ! نظرت إلي راوية متشككة : ـ مثل أخته الصغيرة؟ هل أنت متأكدة؟! هززت رأسي بشدة و أنا أؤكد : ـ نعم يا راوية... أنت لا تصدقين؟ لقد كان طوال الطريق يحدثني عن طفولتنا و ذكرياتنا المشتركة... و كيف أنه حاول أن يتخيل كيف تغيرت... بدا على راوية عدم الاقتناع : ـ هذا لا يعني شيئا... أنت لا تعرفين شيئا عن نواياه و خبايا نفسه... ثم قالت بصوت مكتوم و هي تنظر ورائي : ـ يا أهلا و سهلا... التفتت فوجدت طارق قد اقترب منا و بادرني في عتاب : ـ أين ذهبت يا مرام؟... ثم ألا تعرفينني بصديقتك؟ عرفتهما بسرعة ثم تظاهرت بالحديث مع راوية حول أحد المراجع الذي يجب أن أمر لاستلامه من المكتبة. التفتت إلى طارق معتذرة و قلت : ـ آسفة يا طارق... أظنني سأدخل إلى المكتبة الآن... أراك لاحقا... ابتسم في تفهم : ـ حسناً... حظا موفقا... و انتبهي إلى نفسك... أراك على الغداء... هزت راوية حاجبيها و هي تقول في ثقة : ـ مرام... أنت في مأزق... نظراته إليك ليست بريئة البتة!!! التقينا دالية في ساحة الكلية فركضت نحوها لأخبرها بما حصل مع حسام. و ختمت روايتي بقولي : ـ لم أتوقع أبدا أن أرى حسام هنا اليوم... أليس يتابع تربّصه في المستشفى المركزية؟ ابتسمت دالية في أسف و قالت : ـ نعم... لكنه جاء خصيصا اليوم ليراك قبل الذهاب إلى المستشفى! يا لأخي المسكين! كان عازما على الاتصال بوالدك هذا المساء لتحديد الموعد... أحسست بالأسى للألم الذي سببته لحسام... لقد أفسدت كل شيء! هل يغير رأيه بشأن لقاء والدي في نهاية الأسبوع؟ ـ أقسم لك يا راوية أنني لم أقصد إيلامه! لا ذنب لي فيما حصل... لم أرده أصلا أن يرافقني خارج المنزل... لكنه أصر و لم أجد وسيلة للخلاص منه... أيدتني راوية قائلة : ـ أفهمي حسام أنه ابن عمتها و لم يرها منذ أكثر من خمس سنوات لذا فهو يتصرف ببعض الغرابة و ليس في قاموسه حدود شرعية للعلاقة بين الأقارب من الجنسين خاصة أنهما أصدقاء طفولة... عدت إلى المنزل بعد يوم متعب نفسيا و جسديا من المحاضرات و من التفكير في وضع حد لطارق حتى لا تتكرر حادثة اليوم في مستقبل الأيام... دخلت إلى المطبخ مباشرة حيث وجدت أمي تعد طعام العشاء ـ هل عاد طارق؟ ـ نعم... إنه مع ماهر في غرفته يجربان لعبة الفيديو التي أحضرها له من أمريكا... هل تريدين الانضمام إليهما؟ هززت رأسي نافية و أنا أقول : ـ لا أبدا... أمي، هناك مشكلة! لا أريد أن يخرج معي طارق بعد الآن! نظرت إلي أمي متعجبة : ـ لكنه ابن عمتك و هو في ضيافتنا... كما أنكما صديقان منذ طفولتكما! ـ نعم يا أمي... كناااا أصدقاء طفولة... لكننا كبرنا الآن... و كلمة صداقة لم يعد لها معنى في هذا السن بين الشاب و الفتاة... كيف يبدو شكلي و أنا أمشي في الشارع مع شاب؟! هل يجب أن أسرد على كل من يمر بي قصة حياتي و أردد : إنه صديق طفولة و لا شيء بيننا!! كما أنه تسبب في مشكلة مع حسام... ـ هل تكلما؟ ـ لا أبدا... حسام انصرف غاضبا لأنه رأى طارق يوشوش في أذني... قلت ذلك و انفجرت باكية... هرعت إلي أمي لتخفف عني فاستطردت و دموعي تسيل على خدي : ـ ما الذي يقوله عني الآن و ماذا يظن بي؟ بل ربما يغير رأيه في مسألة الارتباط برمتها! في تلك اللحظة دخل طارق إلى المطبخ و ما إن رآني باكية حتى جرى إلي و أمسك بيدي و هو يهتف : ـ مرام... حبيبتي... ما بك تبكين؟! سحبت يدي في حدة و صرخت : ـ أرجوك... ابتعد عني! |
#70
|
||||
|
||||
![]()
عاوزه كذا حلقة عشان التأخير ده
بليز كملي بسرعة ![]()
__________________
قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
|
#71
|
||||
|
||||
![]()
حاضر يا مروه من عنيا
أنا اسفه ع التأخير بس معلش الكليه هي السبب |
#72
|
||||
|
||||
![]()
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا لمروركم العطر الذي أنار موضوعي أسأل الله النفع والفائده للجميع |
#73
|
||||
|
||||
![]() ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ تراجع طارق إلى الخلف و على وجهه علامات الذهول، و تسمّر في مكانه لا يبدي حراكا... غطيت وجهي بكفي و أجهشت بالبكاء من جديد و أنا أتمتم في أسف : ـ آسفة يا طارق... لم أقصد إهانتك... لكنني في ورطة، و أنت تضعني في مواقف محرجة! نظر إلي غير مصدق : ـ أنا أضعك في مواقف محرجة؟! كيف؟! صدقيني لم أقصدك إيذاءك أبدا! ربتت أمي على كتفي مهدئة ثم قالت وهي تهم بمغادرة المطبخ : ـ أترككما لتحلا سوء التفاهم الذي بينكما في هدوء... ثم ابتعدت في خطوات رشيقة... قلت دون أن أرفع رأسي إليه : ـ طارق... أنت أحرجتني... الآن حين أمسكت يدي... و في الصباح حين خرجت معي من المنزل... و أمام الكلية حين انحنيت لتوشوش في أذني... طارق نحن لم نعد أطفالا... و لم يعد بإمكاننا أن نتعامل مثل الإخوة لأننا كبرنا... و التزامي يمنعني من الخروج مع شاب أو الحديث معه على انفراد... حتى و لو كان ابن عمتي و صديق طفولتي... فالحدود الشرعية هي الحدود الشرعية و لا تقبل الاستثناءات... كانت علامات الدهشة قد اختفت و راح ينصت إلي في انتباه و تفهّم، ثم اقترب مني مجددا و همس مواسيا : ـ أفهمك يا مرام... أفهمك... و آسف حقا لأنني لم أراع مبادئك... صدقيني أنا أقدر تماما ردة فعلك... لكن لماذا لم تصارحيني بانزعاجك في الإبان؟! ظننت أننا اتفقنا على الصراحة بيننا... ابتسمت و أنا أتذكر عهودنا الطفولية... لكننا تغيرنا يا طارق و الدنيا من حولنا تغيرت... الذكريات عفا عنها الزمن و لم تعد تعني شيئا كثيرا في الوقت الحاضر... عدا كونها ذكريات! نبتسم حين نتذكرها ثم نعود إلى الحاضر... لكنك يا صديقي تتوقع أن يتجمد العالم في غيابك، فتجده كما تركته رغم مرور السنين... ربما كانت تلك أحلى سنوات حياتك فتألمت لفقدها لذلك تحاول استعادتها بأية وسيلة حتى و أنت تعلم أن ذلك من ضرب المستحيل! جلس طارق على الكرسي المجاور و هو يردف دون أن يدرك فحوى ابتسامتي التي صاحبت حواري الداخلي : ـ أنت تعلمين أنني لا يمكن أن أسبب لك أدنى أذى عن قصد... لأنك... ثم مستجمعا شجاعته : ـ لأنك... غالية على قلبي... حتى أنني كنت أنتظر اللحظة المناسبة... لأحدثك في أمر ما... أحسست بمصيبة قادمة، تحث الخطو نحوي!!! و لم أكن مستعدة لمواجهتها فقررت الدفاع فورا... و بما أن الهجوم خير وسيلة للدفاع فقد ألقيت عليه قنبلتي... دون رحمة... قاطعته قبل أن يسترسل في كلامه : ـ هنالك شيء آخر يجب أن تعلمه يا طارق... تطلع إلي مستفسرا فواصلت و أنا أتجنب نظراته : ـ هناك شاب تقدم لخطبتي... و قد وافقت عليه مبدئيا... و من المقرر أن يقابل أبي في نهاية الأسبوع... تجلت الصدمة في ملامحه و ابتلع ريقه بصعوبة و هو ينظر إلي محاولا التماسك. لكنني واصلت متجاهلة صدمته... نعم لقد أدركت ما كان ينوي قوله... أدركت أن راوية كانت على حق حين شككت في نواياه تجاهي... و يؤلمني حقا أن أصده بهذه الطريقة... لكنني لم أضع حدا في اللحظة المناسبة، فصارت الردود الرقيقة غير مجدية لأنها تبقى غير حاسمة و قابلة للتأويل... فلأكن واضحة و صريحة... ألم نكن قد اتفقنا على الصراحة؟ فليكن! كما أنها أسهل الطرق و أسلمها لي و له... حتى يتجنب كلانا الحرج الناتج عن المصارحة... و الرفض... لذا كان يجب أن أوقفه قبل أن ينطق و أن أتفادى قدر الإمكان لحظة المواجهة... و استرسلت في الكلام دون أن أواجهه لأعطيه مهلة استيعاب الأمر و تجاوز مفعول الصدمة : ـ ... لكن رؤيته لك معي هذا الصباح أثارت تحفظه... و أخشى أن يغير رأيه... أنت تفهمني يا طارق... و لأنني أعتبرك أخي الأكبر و أعلم أنك تخاف على مصلحتي فقد صارحتك بقلقي... حتى لا يتكرر الموقف و سوء الفهم... فجأة ارتفع رنين الهاتف، فوقفت بسرعة و اتجهت إلى البهو لأرد على المتصل... إنها دالية... ـ مرحبا دالية... كيف حالك؟ أجابت دالية بجدية و اهتمام : ـ اسمعي مرام... لقد تكلمت مع حسام، و هو متضايق جدا من وجود ابن عمتك معكم في البيت! إنه يقول أن أباك مخطئ بالسماح لشاب أعزب أجنبي عنكم بالإقامة عندكم! ـ لكنه ابن عمتي يا دالية... و هو ضيف عندنا و قد جاء من أمريكا لزيارتنا، فلا نملك أن نطرده! ـ نعم... أعلم، لكن الوضع غير مقبول!!! تنهدت في ضيق و هممت بأن أرد على دالية حين سمعت ضوضاء و وقع أقدام في الممر... تطلعت إلى المدخل الذي يمكنني أن أراه من حيث أقف... سمعت صوت أمي أولا : ـ و لكن يا طارق يا بني، كيف تغادرنا هكذا؟! انتظر حتى يعود خالك... ثم ألا تتناول العشاء معنا؟! ـ شكرا يا خالتي... و لكنني قد اتصلت بأيمن ابن خالتي هيام و هو ينتظرني في محطة الحافلات... يجب أن ألحق به... شكرا على ضيافتكم، قضيت معكم وقتا ممتعا... ـ أنت لست غاضبا من مرام؟! ـ لا لا أبدا يا خالتي... كان مجرد اختلاف و قد حلت المشكلة و الحمد لله... لست متضايقا منها أبدا... و آمل أن لا أكون قد ضايقتكم بزيارتي المفاجئة... ـ على الرحب و السعة... عد لزيارتنا قبل سفرك... ـ إن شاء الله يا خالتي... ثم حانت منه التفاتة إلى البهو... رآني فابتسم ابتسامة تجلت مرارتها... و حياني بيده قبل أن ينصرف و يغلق الباب خلفه... كانت علامات الحزن بادية في صوتي و أنا أقول مخاطبة دالية : ـ ها قد انصرف طارق من بيتنا... لم يعد هنالك داع للقلق... تمت الحلقة السادسة بحمد الله |
#74
|
||||
|
||||
![]() الحلــــــــــقة الســـــــــــــابعة ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ استيقظت مبكرة اليوم على غير العادة... جهزت نفسي بسرعة ثم جلست إلى المكتب أقوم بمراجعة أخيرة للدروس التي استغرقت أياما و ليالي طويلة لفهمها و حفظها. ليس بإمكاني أن أراجع كل شيء فوقتي الضيق لا يسمح إطلاقا بالعودة إلى المراجع الكثيرة المكومة على مكتبي... لكنني رحت أقرأ في بضع وريقات دونت عليها ما تعسر علي استيعابه... لكنني لم أستطع التركيز، فقد راح بصري ينتقل بصفة دورية بين الورقة و ساعة الحائط التي تعلن مرور الدقائق سريعا، مما يزيد من توتري... رفعت رأسي و تنهدت اللهم إني أسألك فهم النبيين و حفظ الملائكة المقربين و عدت ألتهم الأسطر التهاما... لم يبق الكثير من الوقت... يجب أن أذهب الآن... طويت وريقاتي و وضعتها في محفظتي. ربما تمكنت من المراجعة لاحقا إذا توفرت لدي بضع دقائق قبل دخول قاعة الامتحان. وصلت إلى الكلية فوجدت راوية صحبة بعض الزميلات يراجعن معا نظام عمل الخلية. استمعت إليهن قليلا... جيد، يمكنني الإجابة بسهولة على هذا الجزء من الدرس. فلأعد إلى أوراقي... أخرجت دفتري و أبحرت فيه قبل أن يوقظني صوت راوية و هي تنظر في الورقة التي بين يدي : ـ اممم... يبدو أنك قد راجعت جيدا... فأنا لم أملك الوقت حتى لأتم الأجزاء الأكثر أهمية من الدرس... فما بالك بالحالات الاستثنائية و التفاصيل الثانوية!!! ابتسمت و أن أهز رأسي : ـ الحمد لله، لقد بدأت المراجعة باكرا... لكن حجم المادة الدراسية ضخم للغاية و لا يمكن الإلمام به مهما حاولت!! فكما ترين، أجد صعوبة مع الكثير من النظريات... وقلبت الأوراق أمامها ثم هززت كتفي في لامبالاة و استطردت : ـ على أية حال، كل منا سيدخل الامتحان بما استقر في رأسه... كثر أم قلّ... و لا سبيل إلى التحسر الآن! نظرت إلي راوية في تمعن ثم ابتسمت قائلة : ـ مرام... هل تجلسين إلى جانبي؟ قلت في غير اكتراث : ـ طيب... فقالت مستفسرة : ـ ماذا راجعت أيضا؟ كي أعلم في أي الأجزاء يمكنني أن أعتمد عليك... نظرت إليها مستغربة ثم ابتسمت و قد أدركت أنها تمزح : ـ قولي أنت أولا! فيم يمكنك مساعدتي... فأنا لا أقدم الخدمات دون مقابل!! قالت في حركة مسرحية : ـ كل معلوماتي تحت أمرك و ملك يدك... يكفي أن ترضي عنا يا آنستي! ثم أردفت ضاحكة : ـ و تعاونوا على البر و التقوى! شاركتها الضحك، ثم دخلنا القاعة سوية. جلسنا في مقعدين متقاربين و أخذنا نستعد... أخرجت الورق و القلم و حفظت الدفتر في الحقيبة. بعد لحظات دخل المشرفون على الامتحان و شرعوا في توزيع أسئلة الامتحان. أغمضت عيني و رحت أستذكر أدعية الامتحان اللهم أدخلني مدخل صدق و أخرجني مخرج صدق و اجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله... تنفست بعمق ثم نظرت إلي راوية التي بادلتني ابتسامة واثقة و همست كل منا للأخرى : ـ وفقك الله... ثم تناولت الورقة و بدأت العمل... مرت الدقائق تلو الدقائق و أنا لا أكاد أرفع رأسي عن الورقة. الاختبار طويل و الوقت ضيق و كل دقيقة ضائعة تحسب عليّ! توقفت عند سؤال استعصى علي... اللهم علمني ما جهلت و ذكرني ما نسيت... كنت أحاول التركيز قدر الإمكان و استرجاع الدرس في ذاكرتي رويدا رويدا علني أعثر على النقطة التي تدلني على الحل... فجأة تناهى إلي همس خافت... رفعت رأسي فوجدت راوية تناديني! التفتت إليها مستغربة. كانت تمد إلي ورقتها مشيرة إلى السؤال الذي أعياني البحث فيه. لم أفهم قصدها في البداية... لكنها كانت تعرض علي المساعدة! أشرت إليها بأن ترجع ورقتها قبل أن يتفطن المراقب و يمسكها متلبسة! هزت كتفيها و كأنها تقول : كما تشائين... عدت إلى ورقتي من جديد و قد بدأت الرؤية تتضح أمامي و لم ألبث أن وجدت الحل فكتبته في سرعة و على شفتي ابسامة جذلى و انتقلت إلى السؤال الموالي. لم ألبث أن سمعت همسا من جديد... إنها راوية ثانية! كانت تشير إلى سؤال تعسر عليها الإجابة عنها... و لكن... هل تتوقع مني أن أمرر إليها ورقتي لتنقل منها الأجابة؟! إنها بالفعل تطلب الورقة! ـ لا تقلقي سألقي نظرة و أعيدها قريبا... تلفتت فإذا المراقب في ركن بعيد لا يمكنه رؤيتنا منه... يا إلهي ماذا أفعل؟!!! |
#75
|
||||
|
||||
![]() ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ كانت راوية تنتظر ردي أو أن أمد إليها ورقتي... لا يمكن أن أفعل هذا مهما حصل! حتى لو كان المراقب بعيدا عنا فعين الله ترقبنا! صحيح أنني لست من يحاول الغش، لكنني أكون قد ساعدت على الغش! يجب أن أفهم راوية الأمر حتى لا تتكرر الحادثة... لكن الآن... ما العمل؟! ستغضب مني إن تجاهلتها أو رفضته... كما أنه ليس الوقت و لا المكان المناسب لتقديم المواعظ... عقدت حاجبي و نظرت إلى راوية مستفسرة و قد بدا على وجهي علامات عدم فهم قصدها... استمرت تحاول التفسير مشيرة إلى الورقة و محاولة توضيح رقم السؤال بأصابعها... هززت رأسي و كأنني أقول : لا أفهم شيئا من إشاراتك!!! ثم أشحت بوجهي و عدت إلى ورقتي حين لمحت المراقب يقترب... بعد بضع دقائق عادت همسات راوية... لكنني كنت قد قررت تجاهلها تماما، كأنني لم أسمع شيئا... لكنني في نفس الوقت لم أستطع التركيز على الأسئلة التي أمامي، فقد كنت أشفق على راوية التي لم تستطع مراجعة كل الدروس بسبب زفاف أختها... لكن ما حيلتي! اقترب وقت الاختبار على الانتهاء و كانت راوية قد يئست مني و توقفت عن مناداتي منذ زمن... أعلن المراقب انتهاء الاختبار فوقفت لتسليم و رقتي. كانت راوية لا تزال تعصر أفكارها محاولة الإجابة على الأسئلة المتبقية. سلمت ورقتي و خرجت من القاعة و كان عدد من قليل من الطلبة لم يغادر القاعة بعد في محاولات أخيرة يائسة لإيجاد الحل الدي عجز عنه في ساعات في ثواني!! مع تصاعد التوتر من نداء المراقب و تهديده بمغادرة القاعة و حركة المجيئة و الذهاب من طرف الطلبة الذين يسلمون أوراقهم و يجمعون أدواتهم و يتحدثون بصوت عال... وقفت خارج القاعة في انتظار راوية... و أخيرا رأيتها مقبلة و هي تزفر في قلق. توجهت نحوها مبتسمة : ـ و أخيرا خرجت... ألم... بترت عبارتي حين وجدتها تشيح بوجهها تبتعد عني في خطوات سريعة!! تسمرت في مكاني من الدهشة... ما الذي حل بها؟! لحقت بها و أنا أناديها : ـ راوية... راوية... انتظري! لكنها تجاهلتني و بات من الواضح أنها غاضبة مني فعلا! أسرعت و أنا على وشك الركض في الساحة و أمسكت بذراعها لأوقفها : ـ ماذا دهاك؟! توقفي و كلميني! التفتت إلي و قد بدت عيناها محمرتان و هي على وشك البكاء : ـ اتركيني الآن... لست مستعدة للكلام مع أحد! أفلتت ذراعها و قلت بعد تردد قصير : ـ راوية... أنا آسفة بالنسبة للامتحان... لم يكن بإمكاني أن... قاطعتني في شبه صراخ : ـ قلت لا أريد أن أسمع شيئا! كانت تتنفس بسرعة و عصبية... استطردت بعد لحظات : ـ أنت تجاهلتني... و رفضت مساعدتي، مع أنك تعلمين أنني في أمس الحاجة إلى تقدير هذه المادة... هل هذه هي الصداقة في نظرك؟! أمسكت يدها في توسل و شفقة : ـ و لكن يا راوية هذا اسمه غش... هتفت غاضبة : ـ الضرورات تبيح المحظورات!!! ثم ركضت مبتعدة... لم أملك أن ألحق بها ثانية... فلأتركها لتهدأ، ثم سنتحدث باتزان... لمحت دالية أمام الكلية، حييتها بيدي من بعيد فاقتربت مني مبتسمة و هتفت : ـ كنت أبحث عنك... كيف سار الامتحان اليوم؟ ـ الحمد لله... بخير إن شاء الله ـ الحمد لله... أنا أيضا متفائلة بما قدمت... المهم... أنا هنا في مهمة! ثم غمزتني ضاحكة... فتسارعت دقات قلبي... ـ احم احم... الدكتور حسام سيزوركم مساء الغد على الساعة السادسة... و قد كلفني بالقيام ببعض التحريات... ـ تحريات؟! ـ نعم... فهو يريد أن يعرف إن كان والدك على علم بكل التفاصيل، و إن كان يعتبر هذه الزيارة لمجرد التعارف أم أنه ينتظر منه الحديث في موضوع الخطبة مباشرة؟ سكتت قليلا مفكرة : ـ المفروض أن أمي أعلمت أبي بكل التفاصيل... تقريبا... لكن لا أدري إن كان يريد الدخول في لب الموضوع مباشرة قبل أن يتعرف على حسام و يسأل عنه... ضحكت دالية و هي تقول : ـ المشكلة أنه يجهل تماما ما يجب فعله و قوله في مثل هذه المناسبات!! ـ فليسأل والدك! ـ أنت تعلمين أن العادات تتغير من جيل إلى آخر... كما أن والدي مسافر هذه الأيام ـ أليس له صديق خطب مؤخرا؟ قولي له أن يحضر معه أحد أصدقائه أو أقاربه حتى لا يحس بالحرج بمفرده ـ لا أظن... هو لا يريد أن يعرف أحد بالقصة قبل أن تتم الخطبة رسميا... فقد قرر أن يذهب بمفرده! لكن عنده سؤال آخر... هل قاعة الجلوس عندكم مفتوحة أم منفصلة عن بقية الغرف؟ نظرت إليها في دهشة ثم انفجرت ضاحكة : ـ هل يخشى أن ينصت إلى حديثه أحد ما؟! ـ بل قولي يتمنى أن يأتي لنجدته أحد ما إن لم يستطع السيطرة على الموقف!! ضحكنا في مرح و قلت : ـ قولي له أن قاعة الجلوس منفصلة... لكن من يرغب في استراق السمع يمكنه الوقوف في الحديقة أمام إحدى النوافذ أو في الممر... ـ سؤال أخير... هل سيكون هنالك أحد آخر غير والدك في استقباله؟ ـ امم... لست أدري إن كان أخي ماهر سيقحم نفسه في الموضوع... لكن ربما حضر عمي... لست متأكدة... ـ إذن لا يمكنك المساعدة في شيء!! جميع الإجابات لا أدري!! سيقول عني أنني متحرية فاشلة!! ضحكنا من جديد ثم افترقنا قريبا من بيتنا... كنت أفكر في راوية... كيف سأسترضيها؟ دخلت غرفتي و استلقيت على ظهري و غفوت قليلا... اسيقظت بعد فترة وجيزة منتفضة بعد أن رأيت كابوسا مزعجا!! كيف أنام مرتاحة البال و صديقتي المقربة غاضبة مني؟! وقفت بسرعة و طلبت رقمها على الهاتف الجوال... انتظرت لحظات قبل أن يفاجئني صوت أمها!! ـ مرحبا مرام... كيف حالك و كيف حال والدتك؟ راوية متعبة قليلا و قد طلبت مني أن أجيب على الهاتف... ـ سلامتها... هل هي بخير؟ ـ لا تقلقي... مجرد تعب سيزول قريبا... وضعت السماعة في أسف... راوية لا تريد أن تكلمني!! |
العلامات المرجعية |
|
|