اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #61  
قديم 18-05-2012, 08:36 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdoelged12 مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا
بارك الله فيكم
__________________
  #62  
قديم 25-07-2012, 08:03 PM
الصورة الرمزية Mohamed..Gamal
Mohamed..Gamal Mohamed..Gamal غير متواجد حالياً
عــــــ رسول الله ـــــــــــاشق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 368
معدل تقييم المستوى: 13
Mohamed..Gamal is on a distinguished road
افتراضي

بارك الله فيكم
علي هذا الطرح الرائع
__________________
  #63  
قديم 26-07-2012, 12:12 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohamed765 مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكم
علي هذا الطرح الرائع
بارك الله فيك ورضى عنك
__________________
  #64  
قديم 31-07-2012, 03:25 PM
الصورة الرمزية نسيــــــم الجنـــــــــة
نسيــــــم الجنـــــــــة نسيــــــم الجنـــــــــة غير متواجد حالياً
عضو مميز 2013
العضو المميز لقسم التنمية البشرية لعام 2014
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
العمر: 43
المشاركات: 3,487
معدل تقييم المستوى: 16
نسيــــــم الجنـــــــــة is a jewel in the rough
Icon114

جزاكم الله خيرا


طرح اكثر من راااائع
__________________

أستغفرك ربى
حتى ترضى ....... حتى تغفر
حتى تطيب لنا الحياة



  #65  
قديم 31-07-2012, 05:07 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسماء خضر مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا




طرح اكثر من راااائع


بارك الله فيك وفى والديك
__________________
  #66  
قديم 01-08-2012, 02:45 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

من المقاصد التربوية للصيام

عبد العزيز كحيل
رمضان مدرسة تربوية إيمانية فذه لتخريج الربانيين والربانيات إذا صام المسلمون أيامه وقاموا لياليه وتخلقوا بالأخلاق المناسبة له وفقا للأحكام والضوابط الشرعية ، بعيدا عن الرتابة التي تبلّد الحس وتلغي المقاصد
ومازال الشهر الفضيل في حاجة إلى اقتراب مقاصدي يوازي الطرح الشعائري القائم على تناول الجزيئات الفقهية والأخلاقية ليخوض في آفاق الغايات الكبرى ويبرز الأهداف التربوية للفرد والمجتمع والإنسانية كلها،ومعلوم أن الكتابات في المجال ألمقاصدي نادرة بالمقارنة للأبحاث الفقهية المستفيضة لا تتعدى بعض مؤلفات ابن تيمية وابن القيم والعز بن عبد السلام والشاطبي وولي الله الدهولي والطاهر بن عاشور و حسن البنا وأحمد الريسوني وجماعة من أمثالهم من القدامى والمحدثين، لذلك يبذل العلماء الراسخون في عصرنا جهودا كبيرة لاستدراك النقص ودراسة شرائع الإسلام وشعائره وأخلاقه_ ومنها الصوم _ليس دراسة فقهية أو حديثية فحسب وقد أشبعت بحثا من هذه الناحية عبر القرون وإنما دراسة علمية أصولية مقاصدية في إطار البناء الديني المتكامل الجامع بين الالتزام الفردي والمنظومة الاجتماعية وصناعة الحياة في ضوء المرجعية الإسلامية.
وأتناول في هذا المقال المختصر أمثلة من مسائل متعلقة بالصيام نعرفها من ونمارسها لكن من غير أن نعنى بمقاصدها التربوية إلا قليلا.
فتصفيد الشياطين في شهر رمضان - مثلا - مسألة غيبية تثير الجدل لكن يتعلم منها المسلمون أن رمضان فرصة مواتية للدعوة فينشطون في استمالة القلوب وتفتيق الأذهان وكسب النفوس إلى صف الحق بعد أن خف ضغط الشياطين وتوفرت الأجواء الإيمانية ، وبعبارة أخرى يكون داعي الشر خلال هذا الشهر في حالة تراجع مما يتيح لداعية الخير أن يكر ويهاجم ويدمغ الباطل ويرفع راية الهداية
وأما تفطير الصائم الذي يترتب عليه أجر كبير فما ينبغي أن نقصره على مجرد الفعل الفردي الكمالي بل يجب تناوله في إطار العمل التضامني الواعي الذي يستهدف محاربة الفاقة وإشاعة روح الأخوة من خلال تقاسم الأعباء المعيشية ولا يكون ذلك إلا بالتغلب على هوى النفس والتحرر من حظوظها ،وفهم الحديث النبوي بمثل هذه الكيفية يحقق القيمة الأخلاقية وفي الوقت نفسه يعطي صورة من صور البديل الإسلامي في المجالين الاقتصادي والاجتماعي،وعندما تفقه هذا المعنى جماهير الأمة المتعطشة لنيل الثواب فإنها تكون أكثر بذلا وعطاء وينعكس ذلك إيجابيا على المجتمع وينوّع أساليب الدعوة ويبرز للرأي العام وجها آخر من محاسن الإسلام الكفيلة بأن تجعله يدخل القلوب بغير استئذان.
وإذا انتقلنا إلى مثال ثالث نقف عند عبارة "اللهم إني صائم" التي لا تبرح في الغالب الميدان الفردي الجزئي الضيق بل والشعاراتي أيضا رغم أنها تشكل ضمن النسق الإسلامي العام قاعدة دينية وكلية اجتماعية ودافعا دعويا تعصم المسلمين الواعين من الاستدراج على كل المستويات بحيث يتربون ليس على رد الفعل السريع الأهوج وإنما على رد الفعل المدروس الهادئ ومعاني الحلم والمسامحة والتحكم في العواطف مهما كانت الاستفزازات ، فيكتب لهم الفوز أخلاقيا ودعويا وسياسيا وحضاريا.
أما صلاة التراويح فهي لقاء سنوي حي مع دستور المسلم الأكبر ودليل حياته – القرآن الكريم – في رحلة تتجاوز عدد الركعات لتكون تلقيا مباشرا غضا طريا لكلام الله تعالى وكأنه يتنزّل للتو على المؤمن يخاطب قلبه وعقله وحواسه لتكتمل العبودية لله ويتجدد الإيمان فتدمع العين ويقشعرّ الجلد ثم يطمئنّ القلب لذكر الله وتنتشر بين المسلمين معاني الأخوة والمحبة والرحمة فيزداد ارتباطهم بخالقهم وببعضهم
هذه أربعة أمثلة من قيم رمضانية كان يمكن تجسيدها في أبعادها المقاصدية لمعالجة أدواء الأمة وتكوين الفرد الفعال الصالح وبناء المجتمع المنشود،غير أن الذهنية المتسمة بالشعائرية والجزئية والسلبية اكتفت بالنظر السطحي وفوتت علينا قطف ثمار الصيام الطيبة – وعلى رأسها التقوى كما ورد في آية الصيام " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " - وقد كرس هذه الذهنية الموروثة عن عصور الانحطاط كثير من الدروس المسجدية والإذاعية والتلفزيونية ونحوها التي لا تلتفت إلى رمضان إلا من خلال كلام متكرر يحشد الفروع بدون رابط بينها تضيع في خضمها المقاصد الشرعية والأهداف التربوية ،ولنا أن نقارن بين هذه الدروس- التي تبقى ضرورية من غير شك لتعليم الناس أمور دينهم - وتلك التي يلقيها علماء ودعاةأفذاذ يربطون الفروع بالأصول والجزئيات بالمقاصد فيثلجون الصدور ويحببون الصيام- والإسلام كله -للعباد باعتباره عبادة لله من جهة ومدرسة تربوية سلوكية من جهة أخرى،وهذا هو التناول التربوي الواعي الذي ننشده لدفع الشبهات وإلجام الشهوات ، وإذا لم ندرك نحن ذلك فقد أدركه المتحكمون في الإعلام والتوجيه التربوي والاجتماعي من العلمانيين فعملوا على تقزيم الحصص الدينية في الإذاعة والتلفزيون والمدرسة ليفرغوا الصيام – والشعائر كلها – من الشحنة الإيمانية التي تغير الإنسان وتدفعه نحو الأفضل... إنها دعوة لفقه مقاصد الصيام وغيره من شعائر الإسلام لإصلاح النفوس وبناء المجتمع واستلهام النبع القرآني أكثر ضمن عملية دعوية واعية،وهذا هو الرجوع إلى القرآن والسنة عينه و هو خطوة ضرورية لتكوين القاعدة الصلبة وإيجاد الربانيين واستئناف الحياة الإسلامية.
__________________
  #67  
قديم 01-08-2012, 02:53 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ملامح الفكر التربوي عند الإمام البخاري، علي إبراهيم سعود العجين
يُعدُّ "الجامع الصحيح" للإمام محمد بن إسماعيل البخاري أصحَّ كتاب بعد كتاب الله تعالى، وأجمعت الأمة على تلقيه بالقبول، ولم يلق كتاب –بعد كتاب الله- العناية التي أولتها الأمة لهذا الكتاب، من حفظ ونشر وشرح وتدريس وتلخيص ودراسة. وبالرّغم من اتفاق الأمة على مكانة "الجامع الصحيح"، وعلى إمامة البخاري، إلا أننا لا نجد عناية واضحة في استجلاء الفكر التربوي للإمام البخاري من خلال جامعه الصحيح، ولا سيّما أنه استقى فكره من صحيح حديث النبي
وتأتي هذه الدراسة لتجلية الفكر التربويّ لدى هذا الإمام الجليل، والبحث في آراء البخاري وتصوّراته التربوية في كتاب "العلم".
فقد ذكر بعض شرّاح كتاب البخاري ودارسيه الجوانبَ التربوية المستنبطة من تراجم "الجامع الصحيح" والأحاديث الواردة فيه. ولم يقف الباحث –حسب اطلاعه- على دراسة متخصصة في بيان الفكر التربوي عند الإمام البخاري. وثمة دراستان تناولتا بشيء من التخصص بعض الجوانب التربوية في "الجامع الصحيح"؛ دون أن تبين الفكر التربوي للإمام البخاري بوجه عام؛ درست إحداهما الجوانب التعليمية في كتاب العلم من صحيح البخاري، ودرست الثانية دلالات الفقه التربوي في بعض تراجم صحيح البخاري.
أولاً: الفكر التربوي عند الإمام البخاري: مفهومه ومصادره وميزاته
__________________
  #68  
قديم 01-08-2012, 02:54 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

1. مفهوم الفكر التربوي عند الإمام البخاري:
يختلف تعريف التربية اصطلاحاً باختلاف المنطلقات الفلسفية التي تخضع لها النظرية التربوية. وباختلاف الطرق والوسائل التي تسلكها الجماعات الإنسانية في تدريب أجيالها وإرساء قيمها ومعتقداتها. وباختلاف الآراء في مفهوم العملية التربوية وطرقها ووسائلها.
، والتي تتصل بتربية الإنسان في جوانب شخصيته المختلفة.".والتربية الإسلامية هي: "المفاهيم والقيم والأساليب والاتجاهات المتضمنة في آيات القرآن الكريم وسنة الرسول العظيم
أما الفكر فهو "عمل الذهن تدبُّراً وتأمُّلاً في أي شأن من شؤون الحياة الدنيا أو الدين. وهو نشاط بشري أداؤه العقل، وثمراته الرأي والعلم والمعرفة."
وعلى ذلك فإن على الباحث -الذي يجهد نفسه في سبيل بيان موقف التربية الإسلامية من هذه القضية أو تلك من قضايا التربية والتعليم، من خلال كتابات المفكرين- أن يصحح عبارته وينسب الموقف إلى العالِم الذي يدْرسه، أو المدرسة الفكرية التي يبحث في فكرها. فالقول بأن موقف التربية الإسلامية هو موقف هذا أو ذاك من المفكرين، ربما لا يكون صحيحاً. فالذي يبحث عن موقف التربية الإسلامية من قضية ما، عليه أن يتجه مباشرة إلى مصدري الإسلام الأساسيين وهما: القرآن الكريم والسنة المطهرة.
وبناء عليه يُعرّف الفكر التربوي الإسلامي بأنه "مجموعة الآراء والأفكار والنظريات التي احتوتها دراسات الفقهاء والفلاسفة والعلماء المسلمين، وتتصل اتصالاً مباشراً بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية". وبذلك "فالفكر التربوي الإسلامي" هو رؤية العلماء المسلمين وتفسيراتهم للتربية الإسلامية.
وبهذا يكون الفكر التربوي المقصود في هذه الدراسة، عند الإمام البخاري: "مجموعة الآراء والنظريات التي احتواها كتاب "العلم"من "الجامع الصحيح" مما يتعلق بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية". وبذلك "فالفكر التربوي الإسلامي" هو رؤية العلماء المسلمين وتفسيراتهم للتربية الإسلامية.
وبهذا يكون الفكر التربوي المقصود في هذه الدراسة، عند الإمام البخاري: "مجموعة الآراء والنظريات التي احتواها كتاب "العلم"من "الجامع الصحيح" مما يتعلق بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية". وإنما ذكرنا كتاب "العلم" لأنه الميدان الأصيل لدراسة الجوانب التربوية، التي تمثل آراء الإمام البخاري وأفكاره. وهذا لا يعني –بأي حال من الأحوال- أن الفكر التربوي للبخاري يقتصر على ذلك، ولكن كتاب العلم يعكس ملامح هذا الفكر بشكل واضح أكثر من غيره.
يحدث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فَكَرِه ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله. قال: فإذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة." في مجلس يحدِّث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله .فعلى سبيل المثال، بَّوب البخاري أحد أبواب كتابه بـ: "باب: من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل". وأخرج فيه حديث "أبي هريرة" رضي الله عنه: "بينما النبي
قال ابن حجر تعليقاً على هذا الحديث: "محصلة التنبيه على أدب العَالِم والمتعلِّم، أما العالم فلِما تضمنه من ترك زجر السائل، بل أدَّبه بالإعراض عنه أولاً حتى استوفى ما كان فيه، ثم رجع إلى جوابه لأنه من الأعراب، وأما المتعلِّم فلِما تضمنه من أدب السائل أن لا يسأل العَالِم وهو مشتغل بغيره، لأن حق الأول مقدّم."
__________________
  #69  
قديم 01-08-2012, 02:57 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

2. مصادر الفكر التربوي عند الإمام البخاري:
من تعاليم سماوية وسنة، وما عمل به وأمر صحابته والتابعين له أن يعملوا به، وأيضاً بما جاء به من بعده تنفيذاً لأوامره واجتناباً لما نهى الله عنه ورسوله، واجتهاداً في توضيح منهجه في التربية، وأسلوبه في المعاملة، الذي انطلق من تربية سماوية روحية وجسدية، كانت وما تزال منهج عبادة ومنهج فكر ومنهج عمل..ينطلق الفكر التربوي الإسلامي مما جاء به الرسول
وهذا ما سار عليه الإمام البخاري في فكره التربوي، في اعتماده القرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال الصحابة والتابعين واجتهاد الأئمة من بعدهم، وهو على النحو الآتي:
أ. القرآن الكريم:
لقد أكثر الإمام البخاري من استشهاده بالقرآن الكريم، نصاً وتفسيراً، فاعتنى في صحيحة بآيات الأحكام؛ إذ انتزع منها الدلالات البديعة، وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة.
ففي كتاب "العلم" ذكر البخاري عدداً من الآيات في عناوين الأبواب، ومن ذلك:
(الباب الأول): فضل العلم، وقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) "المجادلة: 11"، وقوله عزّ وجل: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ( طه:114)، لتحقيق دافعية المتعلم للعلم، وبيان مصدرية العلم وغايته.
(الباب السادس): باب ما جاء في العلم وقوله تعالى: وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (طه: 114).
(الباب العاشر): باب العلم قبل القول والعمل، لقوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (محمد: 19). فبدأ بالعلم، إشارة لاستناد العمل على العلم، وقال جلّ ذكره: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" (فاطر: 28)، للتذكير بغاية العلم، وقال ابن عباس: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (آل عمران: 79) علماء فقهاء، ويقال: الرباني: الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، توضيحاً لصفات العالم وأسلوب التعليم الناجح.
ب. السنة النبوية:
يتخوَّلنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا." يتخوَّلهم بالموعظة والعلم كي لا ينفِروا." وأورد فيه حديث ابن مسعود رضي الله عنه "كان النبي من المعلوم أن "الجامع الصحيح" للإمام البخاري هو أصح كتاب للسنة النبوية، وأن أي مفكر تربوي إسلامي إذا أراد أن يستدل من السنة النبوية، لا يستغني بوجه من الوجوه عن هذا الكتاب الجليل. وسنلحظ فيما يأتي أن الإمام البخاري جعل السنة النبوية أساساً لفكره التربوي. ومثاله: ما استنبطه البخاري من عدم إيقاع الملل على المتعلم. فقد عنون (الباب الحادي عشر) "ما كان النبي
ت. أقوال الصحابة رضوان الله عليهم:
أودع الإمام البخاري أقوال الصحابة في عناوين كتابه، واستدل منها على آرائه وأفكاره، ومن ذلك ما سبق أن ذكرناه من تفسير ابن عباس –رضي الله عنه- لكلمة "الربانيين".
قبل أن تجيز عليّ لأنفذتها." ففيه تحمل مسؤولية العلم والحرص والشجاعة في تبليغه. وفي (الباب العاشر): نقل عن أبي ذر رضي الله عنه: "لو وضعتم الصمصامة، أي؛ السيف، على هذه، وأشار إلى قفاه، وظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي
: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. أمّا (الباب الخمسون) فخصّصه لموضوع: الحياء في العلم، ونقل فيه عن عائشة رضي الله عنها قال
ث. أقوال التابعين والأئمة من بعدهم:
ومن ذلك ما نقله عن مجاهد في (الباب الخمسون): الحياء في العلم: "لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر." ونقل عن الإمام سفيان بن عيينة في (الباب الرابع): باب قول المحدث: حدثنا وأخبرنا وأنبأنا، قال ابن عيينة: (حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت واحداً) ليدلّل أنه أي لا فرق بين هذه الصيغ في التحديث، سواء سمع التلميذ من الشيخ أو قرأ عليه.
__________________
  #70  
قديم 01-08-2012, 02:59 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

3. ميزات الفكر التربوي عند الإمام البخاري:
، وإن كان هناك من يرى جواز العمل بالأحاديث الضعيفة؛ لأنَّ القائلين بهذا الرأي قيدوا جواز ذلك في "فضائل الأعمال"، ونحن هنا نتحدث عن "التربية" و"بناء الأجيال"، وهي مسألة ليست من فضائل الأعمال، بل هي جوهر الأعمال. أ. الاعتماد على صحيح الحديث النبوي منطلقاً لفكره، فبنى فكره على أساس متين. وهذه قضية مهمَّة نحتاج الوقوف عليها في زماننا؛ إذ إن هناك من التربويين -الذين يتخذون من الإسلام أساساً لفكرهم التربوي- يبنون دعاواهم وأفكارهم على الأحاديث الضعيفة، ويؤصلون مبادئ وأسساً عليها، ثم نرى أن هذه التأصيلات غير سديدة، وتنسب -بغير حق- للنبي
ب. يعد "الفكر التربوي" للإمام البخاري، وليد تجربة تربوية حافلة، مارسها تلميذاً وشيخاً. فالميدان التعليمي هو الذي أفرز هذا الفكر وأنتج هذه التصورات من خلال ما عايشه الإمام البخاري في تجربته التعليمية، فقد طلب العلم وهو صغير السن؛ إذ سئل: "كيف كان بدء أمرك؟ فقال: أُلهمت حفظ الحديث وأنا في الكُتّاب، فقيل: كم كان سنك؟ فقال: عشر سنين."
وفي مرحلة مبكرة، نجده يقوم بدور المعلم "الشيخ"، فيجتمع عليه آلاف الطلبة طلباً للعلم على يديه، فقد كان أهل العلم من البصريين يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويُجْلِسوه في بعض الطريق، فيجتمع عليه ألوف، أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان شاباً لم يخرج وجْهُه.
في خضم هذه التجربة، تشكلت آراء البخاري التربوية، ونضجت تصوراته التعليمية. فبعض المشكلات التي كانت تواجهه في ميدان طلب العلم والتدريس، هي التي كوّنت "فكره التربوي". وهذا ما نلمحه في تبويباته وعناوينه في كتاب "العلم". فقد ناقش طرق تحمُّل الحديث كالسماع والقراءة والمناولة والكتابة، ودلَّل على مشروعيتها من السنة النبوية.
كما ذكر موضوع تحمّل الصغير للحديث هل هو صحيح أم لا، وأدرجه في (الباب الثامن عشر): (متى يصح سماع الصغير). وتطرق لمشكلة تربوية عميقة وهي: ما اتهم به رواة الحديث بأنهم نقلة أخبار من غير تدبُّر وفهم، فبوب: (الباب الرابع عشر) بـ(الفهم في العلم)، إلى غير ذلك من القضايا التربوية التي أبرزها في "كتاب العلم".
ت. ومن ميزات الفكر التربوي للإمام البخاري شموليته وترابطه؛ فالقضايا التربوية التي ناقشها الإمام البخاري، شاملة لكل جوانب العملية التعليمية بترابط محكم بين كل باب من أبواب كتاب "العلم" والكتاب الذي يليه. فهو يذكر الأهداف التربوية من خلال ما بدأ به وهو (الباب الأول): "فضل العلم"، ثم ينتقل إلى آداب العلم فيبوب بها (الباب الثاني): "من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه"، ثم يتحدث عن البيئة التعليمية الناجحة، وذلك من خلال (الباب الثالث): "من رفع صوته بالعلم". وفي هذه الأثناء يتطرق إلى مسائل متخصصة في رواية الحديث في (الباب الرابع) بقوله: "قول المحدث "حدثنا" و"أخبرنا"... . ويذكر لنا أنواع تحمّل الحديث، كما في (الباب السادس): "القراءة والعرض على المحدث" ونحوها، ثم يعود لذكر آداب العلم وأصناف المتعلمين في (الباب الثامن): "من قعد حيث ينتهي به المجلس"، ثم يذكّر بأهمية العلم بقوله في (الباب العاشر) "العلم قبل القول والعمل".
(اللهم علِّمه الكتاب)." في البحر إلى الخضر". وينتقل إلى مصدر العلم في (الباب السابع عشر): "قول النبي يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفِروا". ويتناول: أوقات التعليم في (الباب الثاني عشر): "من جعل لأهل العلم أياماً معلومة"، كما يذكّر بدافعية العلم بقوله في (الباب الثالث عشر): "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، ويربطه بموضوع الفهم؛ إذ يُعَنوِن (الباب الرابع عشر) بـ: "الفهم في العلم"، ثم بحاجة طالب العلم للرحلة في طلبه فيذكر في (الباب السادس عشر): "ما ذكر في ذهاب موسى .ويتطرق إلى البيئة التعليمية الناجحة في (الباب الحادي عشر): "ما كان النبي
وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من وراءهم".ويخصص (الباب الثامن عشر) لتعليم الصغار: "متى يصح سماع الصغير"، ويعود إلى التذكير بأصناف المتعلمين من حيث تأثرهم بالعلم في (الباب العشرين): "فضل من عَلِم وعلَّم"، محذراً بعد ذلك من خطورة رفع العلم وظهور الجهل كما في (الباب الحادي والعشرين): "رفع العلم وظهور الجهل". ثم ينتقل إلى الوسائل التعلمية بقوله في (الباب الرابع والعشرين): "من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس". ثم وجوب تبليغ العلم بقوله في (الباب الخامس والعشرون): "تحريض النبي
"..وينتقل إلى (الباب السابع والعشرين): "التناوب في العلم"، وهو مصطلح تربوي انفرد به الإمام البخاري. ويتحدث عن الغضب في التعليم عند الحاجة إليه، فيقول(الباب الثامن والعشرين): "الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره". وبعد ذلك ينتقل إلى موضوع تعليم المرأة بقوله في (الباب الحادي والثلاثين): "تعليم الرجل أَمَته وأهله، وَعِظة الإمام النساء وتعليمهن". ويذكّر بدافعية التعليم بقوله في (الباب الثالث والثلاثين) "الحرص على الحديث". ويعود إلى بيان خطورة تفشي الجهل بقوله في (الباب الرابع والثلاثين): "كيف يقبض العلم". ثم يكرر وجوب تبليغ العلم، وينتقل إلى أمر خطير ينبغي التنبّه إليه عند تبليغ العلم، وهو الكذب في العلم، فيقول في (الباب الثامن والثلاثين): "إثم من كذب على النبي
وحتى لا يقع في الخطأ والكذب في العلم يذكر أدوات العلم، فيقول في (الباب التاسع والثلاثين): "كتابة العلم". ثم يتطرق لموضوع أوقات التعليم وخاصة في الليل فيذكر في (الباب الأربعين): "العلم والعظة بالليل". ويؤكد على أدوات العلم بقوله في (الباب الثاني والأربعين): "باب حفظ العلم". ويذكر أدباً رفيعاً آخر مبيناً مصدرية العلم بقوله في (الباب الرابع والأربعين): "ما يستحب للعالم إذا سئل أي الناس أعلم فَيَكِل العلم إلى الله تعالى"، ويُذكِّر بأنه ليس من التكبّر أن يُسأل العالم وهو جالس ويكون السائل قائماً. ويعود إلى بيان مصدرية العلم بقوله في (الباب السابع والأربعين): "قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (الإسراء: 85)". ويتناول البخاري موضوع مراعاة الفروق الفردية في التعليم بقوله في (الباب الثامن والأربعين): "من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه". ويخصص (الباب التاسع والأربعين) لـ: "من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا". وينتقل إلى ذكر العوائق النفسية التي تمنع العلم بقوله في (الباب الخمسين): "الحياء في العلم"، ويذكر أماكن التعليم بقوله في (الباب الثاني والخمسين): "ذكر العلم والفتيا في المسجد". ويختم كتاب العلم بـ (الباب الثالث والخمسين) الذي خصّصه لـ: "من أجاب السائل بأكثر مما سأله، تنبيهاً على سعة العلم". وكأن لسان حاله يقول: إن العلم واسع، وهذه أسس التعليم ومبادئه قد ذكرتها في كتاب "العلم".
ومما سبق من بيان مصادر الفكر التربوي عند البخاري وميزاته، يتبين لنا انتماء الإمام البخاري إلى مدرسة الفقهاء والمحدثين التربوية، وهي المدرسة التي تتمسك بالإسلام شرعة ومنهاجاً، نظاماً وتشريعاً، وتتمحور حول الكتاب والسنة وتذود عنهما، وتفسر النص التفسير الذي تحتمله لغة الضاد، من غير سرّية ولا رمزية.
ولقد مرت هذه المدرسة بمرحلتين؛ الأولى: مرحلة الاتفاق بين المحدثين والفقهاء خلال القرن الثالث. والثانية مرحلة تباين الطرفين في الرأي في القرن الرابع. وفي المرحلة الأولى تحددت مفاهيمها التربوية المتمثّله في التزام نصوص القرآن الكريم، والسنة وما كان عليه الصحابة، فالقرآن الكريم والحديث الشريف هما المنهاج الديني، والفقه هو فهم القرآن الكريم والحديث الشريف. ويعد الإمام البخاري –رحمه الله- من رواد هذه المدرسة؛ إذ جمع بين النص والفقه، بل وتميز من غيره بالتزامه النص الصحيح من السنة النبوية، ودقة استنباطه الفقهي.
__________________
  #71  
قديم 01-08-2012, 03:01 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثانياً: الأهداف التربوية في فكر الإمام البخاري
رسم الإمام البخاري أهدافه التربوية من منطلق توحيد الله تعالى، فبوّب (الباب العاشر) تحت عنوان: "العلم قبل القول والعمل، لقوله تعالى: ": فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ "(محمد: 19)" ويمضي في تفصيل الأهداف بقوله: "ومن سلك طريقاً يطلب به علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة." ومن أهدافه العليا ما جاء في قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" (فاطر: 28)، بل العلم من أسباب النجاة من النار، فيقول الله تعالى: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (الملك: 10) فالغاية النهائية للتربية الإسلامية هي تحقيق العبودية لله في حياة الإنسان الفردية والجماعية، وهذا ما أوضحه الإمام البخاري ضمن رؤيته التربوية. ويدخل في ذلك عدد من الأهداف من أهمها:
1. العلم أساس في صحة القول والعمل: جعل البخاري (الباب العاشر) بعنوان: "العلم قبل القول أو العمل". وأراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به. لقوله تعالى": فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (محمد: 19)، فكلمة التوحيد لا تُقبل بغير العلم.
2. بين العلم والهداية، لأنَّ الهدى هو الدلالة الموصلة للمقصد، والعلم عين المدلول..العلم سبب للوصول إلى الهداية: أورد البخاري في (الباب العشرين) فضل من علِم وعلَّم؛ إذ جاء بحديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير. أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلِمَ وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به." فجمع رسول الله

3. إنقاذ الناس من الضلالة: جاء (الباب الرابع والثلاثين) بعنوان: "كيف يُقبض العلم"، وفيه حديثُ عبد الله بن عمرو بن العاص: "إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالماً، اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا". فانتشار العلم وبقاء العلماء يمنع من الوصول إلى هذه النتيجة: "فضلّوا وأضلّوا".
4. تحقيق الخيرية والسمو والرفعة للإنسان: جعل البخاري (الباب الثالث عشر) من كتابه بعنوان: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" وأورد حديث معاوية رضي الله عنه "من يُرد الله خيراً يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله." وتأمل في تنكير كلمة "خيراً" لتشمل الخير كله في الدين والدنيا.
5. تحقيق التقدير الذاتي للإنسان: جاء (الباب الحادي والعشرين) بعنوان: "باب رفع العلم وظهور الجهل"، ثم نقل عن ربيعة الرأي قوله: "لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه." فلا ينبغي للعالم أن يأتي بعلمه أهل الدنيا ولا يتواضع لهم إجلالاً للعلم، ومما يؤدي إليه من قلة الاشتغال بالعلم والاهتمام به لما يرى من ابتذال أهله وقلة الاحترام لهم، احتراماً للعلم الذي يحمله. ومن كان فيه فهم وقابلية للعلم لا ينبغي له أن يهمل نفسه، فيترك الاشتغال بالعلم، لئلا يؤدي ذلك إلى رفعه.
6. : "هي النخلة." لقد فهم ابن عمر أن المسؤول عنه النخلة، فالفهم فطنة يفهم بها صاحبها من الكلام ما يقترن به من قول أو فعل. وبذلك فالتربية الإسلامية تربي الفرد تربية عقلية سليمة..، فأتى بجُمّار –أي ما يكون في لب النخلة- فقال: "إن من الشجرة شجرة مَثَلُها كمَثَل المسلم. فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكتُّ. فقال النبي .التربية العقلية: كما اهتم الإمام البخاري بالبعد الديني للتربية، اعتنى بالبعد العقلي، فهو يجعل (الباب الرابع عشر) بعنوان: "باب الفهم في العلم"، وأورد فيه حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- "كنا عند النبي
7. تحقيق السيادة والريادة الفردية والجماعية: جعل البخاري (الباب الخامس عشر) بعنوان: "الاغتباط في العلم والحكمة"، وأورد فيه قول عمر رضي الله عنه: (تفقهوا قبل أن تسودوا) قال البخاري: (وبعد أن تسودوا)، قال ابن المنيّر: "مطابقة قول عمر للترجمة أنه جعل السيادة من ثمرات العلم، وأوصى الطالب باغتنام الزيادة قبل بلوغ درجة السيادة، وذلك يحقق استحقاق العلم بأن يغبط صاحبه، فإنه سبب لسيادته." وقد أدرك عمر بدقيق فقهه دور العلم في الشهود الحضاري وأثره في سيادة الأفراد والأمم وتقدمهم على الآخرين، وهذا هو سر تقدم الغرب في شتى الميادين، فما سادوا الأمم إلا بالعلم.
ملامح الفكر التربوي عند الإمام البخاري: قراءة تحليلية لكتاب "العلم" من "الجامع الصحيح"المصدر: مجلة إسلامية المعرفة "المعهد العالمي للفكر الإسلامي"
__________________
  #72  
قديم 01-08-2012, 03:10 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

رمضان والمقاصد التربوية

رمضانُ مدرسةٌ تربوية إيمانية فذة لتخريج الربانيين والربانيات، إذا صام المسلمون أيامه، وقاموا لياليَه، وتخلَّقوا بالأخلاق المناسبة له، وَفقًا للأحكام والضوابط الشرعية، بعيدًا عن الرتابة التي تُبلِّد الحسَّ، وتلغي المقاصدَ.



وما زال الشهر الفضيل في حاجة إلى اقترابٍ مقاصدي يوازي الطرحَ الشعائري القائم على تناول الجزئيات الفقهية والأخلاقية، ليخوض في آفاق الغايات الكبرى، ويبرز الأهداف التربوية للفرد والمجتمع والإنسانية كلها، ومعلوم أن الكتابات في المجال المقاصدي نادرة بالمقارنة بالأبحاث الفقهية المستفيضة، لا تتعدى بعض مؤلفات ابن تيمية، وابن القيم، والعز بن عبدالسلام، والشاطبي، وولي الله الدهلوي، والطاهر بن عاشور، وجماعة من أمثالهم من القدامى والمحدَثين؛ لذلك يبذل العلماء الراسخون في عصرنا جهودًا كبيرة لاستدراك النقص، ودراسة شرائع الإسلام وشعائره وأخلاقه - ومنها الصوم - ليس دراسة فقهية أو حديثية فحسب، وقد أشبعت بحثًا من هذه الناحية عبر القرون؛ وإنما دراسة علمية أصولية مقاصدية، في إطار البناء الديني المتكامل، الجامع بين الالتزام الفردي والمنظومة الاجتماعية، وصناعة الحياة في ضوء المرجعية الإسلامية.


وأتناول في هذا المقال المختصر أمثلةً من مسائلَ متعلقةٍ بالصيام، نعرفها ونمارسها، لكن من غير أن نُعنى بمقاصدها التربوية إلا قليلاً.


فتصفيد الشياطين في شهر رمضان - مثلاً - مسألة غيبية تثير الجدل، لكن يتعلم منها المسلمون أن رمضان فرصةٌ مواتية للدعوة، فينشطون في استمالة القلوب، وتفتيق الأذهان، وكسْب النفوس إلى صف الحق، بعد أن خفَّ ضغط الشياطين، وتوفرت الأجواء الإيمانية، وبعبارة أخرى يكون داعي الشر خلال هذا الشهر في حالة تراجع، مما يتيح لداعية الخير أن يكر ويهاجم، ويدمغ الباطل، ويرفع راية الهداية.


وأما تفطير الصائم الذي يترتب عليه أجرٌ كبير، فما ينبغي أن نَقْصره على مجرد الفعل الفردي الكمالي؛ بل يجب تناوله في إطار العمل التضامني الواعي، الذي يستهدف محاربةَ الفاقة، وإشاعةَ روح الأخوة، من خلال تقاسم الأعباء المعيشية، ولا يكون ذلك إلا بالتغلب على هوى النفس، والتحررِ من حظوظها، وفهمُ الحديث النبوي بمثل هذه الكيفية يحقِّق القيمةَ الأخلاقية، وفي الوقت نفسه يعطي صورةً من صور البديل الإسلامي في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وعندما تفقه هذا المعنى جماهيرُ الأمة المتعطشة لنيل الثواب، فإنها تكون أكثر بذلاً وعطاء، وينعكس ذلك إيجابيًّا على المجتمع، وينوع أساليب الدعوة، ويُبرِز للرأي العام وجهًا آخر من محاسن الإسلام، الكفيلة بأن تجعله يدخل القلوبَ بغير استئذان.


وإذا انتقلنا إلى مثال ثالث، نقف عند عبارة: "اللهم إني صائم"، التي لا تبرح في الغالب الميدان الفردي الجزئي الضيق؛ بل والشعاراتي أيضًا، برغم أنها تشكل ضمن النسق الإسلامي العام قاعدةً دينية، وكلية اجتماعية، ودافعًا دعويًّا تعصم المسلمين الواعين من الاستدراج على كل المستويات، بحيث يتربَّوْن ليس على رد الفعل السريع الأهوج، وإنما على رد الفعل المدروس الهادئ، ومعاني الحلم والمسامحة، والتحكم في العواطف مهما كانت الاستفزازات، فيُكتب لهم الفوزُ أخلاقيًّا ودعويًّا، وسياسيًّا وحضاريًّا.


أما صلاة التراويح، فهي لقاء سنوي حي مع دستور المسلم الأكبر ودليل حياته - القرآن الكريم - في رحلة تتجاوز عدد الركعات، لتكون تلقيًا مباشرًا غضًّا طريًّا لكلام الله - تعالى - وكأنه يتنزَّل للتوِّ على المؤمن، يخاطب قلبَه وعقلَه وحواسَّه، لتكتمل العبودية لله، ويتجدد الإيمان، فتدمع العين، ويقشعرُّ الجلد، ثم يطمئنُّ القلب لذِكر الله، وتنتشر بين المسلمين معاني الأخوة والمحبة والرحمة، فيزداد ارتباطهم بخالقهم وببعضهم.



هذه أربعة أمثلة من قيم رمضانية، كان يمكن تجسيدها في أبعادها المقاصدية؛ لمعالجة أدواء الأمة، وتكوين الفرد الفعال الصالح، وبناء المجتمع المنشود، غير أن الذهنية المتسمة بالشعائرية، والجزئية، والسلبية اكتفتْ بالنظر السطحي، وفوَّتتْ علينا قطفَ ثمارِ الصيام الطيبة، وعلى رأسها التقوى؛ كما ورد في آية الصيام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، وقد كرَّس هذه الذهنيةَ الموروثة عن عصور الانحطاط كثيرٌ من الدروس المسجدية، والإذاعية، والتلفازية، ونحوها، التي لا تلتفت إلى رمضان إلا من خلال كلام متكرر، يحشد الفروع بدون رابط بينها، تضيع في خضمِّها المقاصدُ الشرعية، والأهدافُ التربويةت.


ولنا أن نقارن بين هذه الدروس- التي تبقى ضرورية من غير شك لتعليم الناس أمورَ دينهم - وتلك التي يلقيها علماء ودعاة أفذاذ يربطون الفروع بالأصول، والجزئيات بالمقاصد، فيثلجون الصدور، ويحببون الصيام - والإسلامَ كله - للعباد، باعتباره عبادة لله من جهة، ومدرسة تربوية سلوكية من جهة أخرى، وهذا هو التناول التربوي الواعي الذي ننشده لدفع الشبهات، وإلجام الشهوات، وإذا لم ندرك نحن ذلك، فقد أدركه المتحكمون في الإعلام والتوجيه التربوي والاجتماعي من العلمانيين، فعملوا على تقزيم الحصص الدينية في الإذاعة والتلفاز والمدرسة؛ ليفرغوا الصيام - والشعائر كلها - من الشحنة الإيمانية التي تغيِّر الإنسان وتدفعه نحو الأفضل.


إنها دعوة لفقه مقاصد الصيام وغيره من شعائر الإسلام؛ لإصلاح النفوس، وبناء المجتمع، واستلهام النبع القرآني أكثر ضمن عملية دعوية واعية، وهذا هو الرجوع إلى القرآن والسنة عينُه، وهو خطوة ضرورية لتكوين القاعدة الصلبة، وإيجاد الربانيين، واستئناف الحياة الإسلامية.



__________________
  #73  
قديم 01-08-2012, 03:16 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

رمضان... البُعد التّربوي
لا شكَّ أنَّ رسالة الإسلام في غاياتها النّهائيَّة، ترمي إلى بناء الإنسان تربويّاً وأخلاقيّاً، وهي أتت لتنقل الإنسان من عبادة الشّهوات والعباد، إلى عبادة الله تعالى، بما تعنيه من عزّةٍ وكرامةٍ وسموٍّ وكمال، وإذا تعمَّقنا في المنظومة العباديَّة أكثر، لوجدنا أنَّ هدفها المحوريَّ هو بناء شخصيَّةٍ عنوانها الصَّلاح والتَّقوى، لتزكية النَّفس وتربيتها على أعمال الخير، لتحقِّق وجودها وتسير في كمالها. والصّيام كعبادةٍ يهدف فيما يهدف إلى تزكية النَّفس وتصفيتها مما علق فيها من المفاسد والمهلكات والشَّهوات الّتي تعيق سير النَّفس في خطّ الصّلاح والتّقوى.. لذا علينا أن ننتبه إلى هذا الهدف.. فهل نحن في خطّ الصّلاح والتقوى؟ وهل نحن نعمل على تزكية أنفسنا وتربيتها لتحقّق العبادة أهدافها التربويّة؟
سؤال يطرح نفسه بقوّة على الصّائمين، فالمسألة في هذا الشّهر هي كم حقّقت لنفسك من مكاسب معنويّة تسهم في تقوية صلاحها وتربيتها وتهذيبها، وليست المسألة مجرّد تقطيع الوقت وانتظار الموائد، وكأنّنا تحوّلنا إلى آلاتٍ وعدّاداتٍ لحساب الوقت، فلا مكاشفة ولا مصارحة مع الذَّات، لنرى كم من التّقوى والصَّلاح حصَّلت وسلكت!!
علينا الالتفات ولو قليلاً إلى الأهداف التّربويَّة الحقيقيَّة للصّيام، وعدم الاستغراق في المظاهر الّتي تعمل على سلب روحيَّة الصَّوم وإطفاء جذوته الرّوحيّة، فتحوّلنا إلى الشّكليّات الفارغة من العبادة، على عكس ما هي عليه من حقيقةٍ يفترض أن نحافظ على أهدافها...
فأين نحن اليوم من دروس الصّوم وأهدافه؟ وهل هناك من بيئة تربويّة تتغيير فيها أخلاقنا وسلوكيّاتنا أكثر من هذا الشّهر المبارك؛ شهر الهدى والقرآن؟ إنّ علينا أن نعيش الهداية لنبصر طريقنا بوضوح، لنعرف أين نحن سائرون، فرمضان المبارك كان ولا يزال مدرسة الإسلام العليا في تربية النفس وتزكيتها، إن أحسنّا العمل والالتفات إلى رسالتها، لننتبه إلى أوضاعنا الفرديّة والجماعيّة، ونعمل على تصويبها ما أمكن، في زمنٍ كثرت فيه التحدّيات على كافّة الصّعد..
فالإنسان مهدّدٌ في وجوده الأخلاقيّ والرّوحيّ، وعليه أن يحافظ على توازنه في وجه تلك العواصف، وليس هناك أفضل من هذه الأوقات المباركة ليثبت قيمه الرّوحيّة والأخلاقيّة والإيمانيّة ويرسّخها كي لا يسقط...
فهلاّ توقّفنا ولو يسيراً مع أنفسنا، في عمليّة تأمّلٍ ومصارحة، لنرى هل إنّنا نؤدّي زكاة أنفسنا؟
فالعمل على تهذيب النَّفس وتزكيتها هو الدَّرس الأوَّل والأخير لمدرسة رمضان التّربويَّة، فإذا لم يكن الأمر كذلك، فنحن من الرّاسبين في امتحان هذا الشّهر، وبالتّالي نسقط في امتحان الحياة...
__________________
  #74  
قديم 18-09-2012, 11:19 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

العبادة تجلب للعبد الولاية :
ينبغي أن نعلم بأننا إذا أخلصنا العبادة لله سبحانه و تعالى نفوز بمحبته و نعيش في كنفه و حفظه و هذا ما جاء جليا في الحديث القدسي قال رب العزة : " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله الذي يمشي عليها و لئن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعيذنه " البخاري و مسلم .
* أخي القاريء أعتذر إليك عن الإطالة في هذه الرسالة و لكني وددت أن أسطر لك هذه الأهداف الجوهرية المجملة لنعبد الله عز وجل و نحن على يقين بأننا سنجني أغلى الثمار من العبادة .
فالعبادة يا أخي تحمي العقيدة و تقوي الجانب الروحي في الإنسان و تجعله ثابتا في معارك الحياة و تنمي عنده شعور المراقبة لله و هي وسيلة شكر و اعتراف بعميم فضل الله تعالي .
*و العبادة تجعل المسلم شخصية إنسانية متكاملة متوازنة عندما تحقق فيه الكمال البشري فهي تطهره ذاته و تقوي روح الإرادة فيه و تجعله يشعر بالعزة و الاستعلاء و التميز فتحمي الفرد و المجتمع من القلق و الأمراض النفسية .
*و لي هنا سؤال : كيف يقلق من يكون دائم الصلة بالله و يلتجيء إليه و يستمد العون منه سبحانه و تعالى ؟
*و العبادة طريق إلى التحلي بالفضيلة و التخلي عن الرذيلة و طريق إلى إصلاح النفس و تزكيتها و ترسيخ مباديء الإسلام في حياة المسلم و تعمل على إيجاد مجتمع متحاب غير متباغض .
*و العبادة تعمل على صيانة قيم الحياة و المساواة و التعاون و التوحيد و تعمل على احترام النظام و احترام الوقت فالوقت هو الحياة .
كما أن للعبادات آثارا طيبة على جسم الإنسان و صحته ففي الغسل و الوضوء و الصوم و الركوع و السجود الشيء الكثير .
و لأهداف العبادة تفصيل لا أتطرق إليه .
*و أخشى عليك أخي القاريء من الملل و السأم فهذا قليل من كثير و أسأل الله أن أكون قد وفقت ، و أسأل الله أن نكون جميعا من الذين يعلمون فيتعلمون و يعملون فيخلصون فلقد ذم الله أقواما فقال في حقهم " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " الصف 2،3.
وقال في حق آخرين " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون " البقرة44.
و الله تعالى من وراء القصد
الفقير إلي عفو ربه
عبد المجيد دومة

__________________
  #75  
قديم 18-09-2012, 11:24 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اهداف العبادات في الاسلام
ايها الإحبة : يقول الله تعالى في القرآن الكريم { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
هذه العبادة لا يحتاج الله اليها ، فالله ليس بحاجة الى عبادتك ، ولكن عبادتك هي بمثابة دورة تدريبية لك حتى تكون رجل أو امرأة صالحا ، لتنظيم علاقتك بالأخرين ، بأخيك ، بجارك ، بوالدك ، بابنك ، بزوجك ، بزوجتك .
النبي صلى الله عليه وسلم يقول { بعت لأتمم مكارم الأخلاق } فالغاية من عباداتك والهدف منه أن تكون رجل صالحا ، صالحاً لنفسك ، صالحاً في معاملاتك وعلاقاتك مع الأخرين .
قصة الكوجر والشيخ معشوق هذه الكتب تقول كن رجل جيداً .
وهكذا هي العبادات كلها لكي تعلمك هذا الخلق الحسن ، لنأخذ مثالأً :
أنت رجل مسلم ؟ . نعم ، طيب لماذا تصلي ، الله فرضها علي ، طيب ما غاية الصلاة ، ما الذي فعله الصلاة في نفسك ، والله لا شيء ، يعني احنا بنصلي ساعات ، وساعات أخرى نبحث عن ملاذات انفسنا ، هنا خلل .
الله تعالى يقول في القرآن الكريم { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } [ العنكبوت: 45 ] ، معناها ، إذاً أنت مسلم بتصلي يجب أن يعلمك صلاتك كيف تكون رجلاً جيداً ، يجب أن تنهاك صلاتك عن الفحشاء والمنكر والاعمال الخسيسة ، اذا لم تمنعك صلاتك عن الافعال الخسيسة ولم تحثك على الاعمال الفاضلة فاعلم ان صلاتك مردودة عليك ، بل إن صلاتك تدعوا عليك فتقول ضيعك الله كما ضيعتني .
نحن الآن في شهر فضيل ، شهر الصوم ، تصوم رمضان لما تصوم ، والله ما اعرف لما هذا الصوم نجوع ونعطش وما اعلم ما الفائدة منها اعرف انها ركن من اركان الاسلام فقط ولذلك اصوم لكن لا افهمها ، هذا خطأ ، نعم اصوم امتثالاً لأمر الله لكن للصوم هدف وغاية ، هي دورة تدريبية تؤهلك حتى تمتنع عن الحرام و كيف تمتنع عن الحرام ، كيف ، انت في رمضان تمتنع عن الاكل والشرب وال*** الحلال فيامن استطعت عن تمتنع عن الحلال ثلاثين يوم امسك عن الحرام .
إذا لم يمنعك صومك من ارتكاب الفحشاء ومن الخداع والكذب والحيل فصيامك مردود ، وهكذا كل العبادات لابد أن تفهمها وتتعرف على اهدافها وتتعلم منها كيف تكون رجلا صالحاً ، وحالما اصبحت عباداتك كاعمال روتينية تؤديها دون هدفه فاعلم انك متعب نفسك ، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لامثال هؤلاء
{ رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ، ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر والتعب } .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه } رواه البخاري
إذا غاية العبادات وهدفها هو لتكون رجلا صالحا وينظم علاقتك مع الآخرين ، وإلا فليس الله بحاجة الى تدع طعامك وشرابك ولن تفيدك اعمالك ، اسمع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقول :
يقول : { في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بينما بغي من بغايا بني إسرائيل تمشي، فمرت على بئر ماء فشربت، وبينما هي كذلك مر بها كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فعادت إلى بئر الماء؛ فملأت موقها، -أي: خفها- ماءً، فسقت الكلب فغفر الله لها) كلب عطشان، وهي امرأة زانية، لكنها رحمته فغفر الله لها }
ويقول : { في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دخلت امرأة النار في هرة)، أي: في قطة. انظر! بغي تدخل الجنة في كلب، وامرأة تدخل النار في قطة، لماذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: (حبستها -أي: حبست القطة- فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)، حبستها، فلم تقدم لها الطعام والشراب، ولم تطلقها لتأكل من رزق الله في أرض الله جل وعلا؛ فدخلت النار } .
ويقول : { عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ !إِنَّ فُلَانَةَ - يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا - غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ : هِيَ فِي النَّارِ .
قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَإِنَّ فُلَانَةَ - يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا - وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ : هِيَ فِي الْجَنَّةِ ) رواه أحمد
وروى مسلم من حديث أبى هريرة – رضى الله عنه- قالوا- المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال صلى الله عليه وسم : ولكن المفلس من أمتى من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج، ويأتى وقد شتم هذا وقذف هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى عليه أخذ من سيئات من ظلمهم ثم طرحت عليه فطرح فى النار } .
__________________
 

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الاثار النفسية, الروحية, العبادات


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:15 AM.