|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
الأنعام {91} وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ "وَمَا قَدَرُوا" أَيْ الْيَهُود "اللَّه حَقّ قَدْره" أَيْ مَا عَظَّمُوهُ حَقّ عَظَمَته أَوْ مَا عَرَفُوهُ حَقّ مَعْرِفَته "إذْ قَالُوا" لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ خَاصَمُوهُ فِي الْقُرْآن "مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَر مِنْ شَيْء قُلْ" لَهُمْ "مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ يَجْعَلُونَهُ" بِالْيَاءِ وَالتَّاء فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة "قَرَاطِيس" أَيْ يَكْتُبُونَهُ فِي دَفَاتِر مُقَطَّعَة "يُبْدُونَهَا" أَيْ مَا يُحِبُّونَ إبْدَاءَهُ مِنْهَا . "وَيُخْفُونَ كَثِيرًا" مِمَّا فِيهَا كَنَعْتِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَعَلِمْتُمْ" أَيّهَا الْيَهُود فِي الْقُرْآن "مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ" مِنْ التَّوْرَاة بِبَيَانِ مَا الْتَبَسَ عَلَيْكُمْ وَاخْتَلَفْتُمْ فِيهِ "قُلْ اللَّه" أَنْزَلَهُ إنْ لَمْ يَقُولُوهُ لَا جَوَاب غَيْره "ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضهمْ" بَاطِلهمْ {92} وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ "وَهَذَا" الْقُرْآن "كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَك مُصَدِّق الَّذِي بَيْن يَدَيْهِ" قَبْله مِنْ الْكُتُب "وَلِتُنْذِر" بِالتَّاءِ وَالْيَاء عُطِفَ عَلَى مَعْنَى مَا قَبْله أَيْ أَنْزَلْنَاهُ لِلْبَرَكَةِ وَالتَّصْدِيق وَلِتُنْذِر بِهِ "أُمّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلهَا" أَيْ أَهْل مَكَّة وَسَائِر النَّاس "وَاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتهمْ يُحَافِظُونَ" خَوْفًا مِنْ عِقَابهَا {93} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ "وَمَنْ" أَيْ لَا أَحَد "أَظْلَم مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا" بِادِّعَاءِ النُّبُوَّة وَلَمْ يُنَبَّأ "أَوْ قَالَ أُوحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْء" نَزَلَتْ فِي مُسَيْلِمَة "وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْل مَا أَنْزَلَ اللَّه" وَهُمْ الْمُسْتَهْزِئُونَ قَالُوا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْل هَذَا "وَلَوْ تَرَى" يَا مُحَمَّد "إذْ الظَّالِمُونَ" الْمَذْكُورُونَ "فِي غَمَرَات" سَكَرَات "الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة بَاسِطُوا أَيْدِيهمْ" إلَيْهِمْ بِالضَّرْبِ وَالتَّعْذِيب يَقُولُونَ لَهُمْ تَعْنِيفًا "أَخْرِجُوا أَنْفُسكُمْ" إلَيْنَا لِنَقْبِضهَا "الْيَوْم تُجْزَوْنَ عَذَاب الْهُون" الْهَوَان "بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّه غَيْر الْحَقّ" بِدَعْوَى النُّبُوَّة وَالْإِيحَاء كَذِبًا "وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاته تَسْتَكْبِرُونَ" تَتَكَبَّرُونَ عَنْ الْإِيمَان بِهَا وَجَوَاب لَوْ رَأَيْت أَمْرًا فَظِيعًا {94} وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ "و" يُقَال لَهُمْ إذَا بُعِثُوا "لَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى" مُنْفَرِدِينَ عَنْ الْأَهْل وَالْمَال وَالْوَلَد "كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّل مَرَّة" أَيْ حُفَاة عُرَاة غُرْلًا "وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ" أَعْطَيْنَاكُمْ مِنْ الْأَمْوَال "وَرَاء ظُهُوركُمْ" فِي الدُّنْيَا بِغَيْرِ اخْتِيَاركُمْ "و" يُقَال لَهُمْ تَوْبِيخًا "مَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ" الْأَصْنَام "الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ" أَيْ فِي اسْتِحْقَاق عِبَادَتكُمْ "شُرَكَاء" لِلَّهِ "لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنكُمْ" وَصْلكُمْ أَيْ تَشَتَّتَ جَمْعكُمْ وَفِي قِرَاءَة بِالنَّصْبِ ظَرْف أَيْ وَصْلكُمْ بَيْنكُمْ "وَضَلَّ" ذَهَبَ "عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ" فِي الدُّنْيَا مِنْ شَفَاعَتهَا |
|
#2
|
||||
|
||||
|
|
|
#3
|
||||
|
||||
|
الأنعام {95} إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ "إنَّ اللَّه فَالِق" شَاقّ "الْحَبّ" عَنْ النَّبَات "وَالنَّوَى" عَنْ النَّخْل "يُخْرِج الْحَيّ مِنْ الْمَيِّت" كَالْإِنْسَانِ وَالطَّائِر مِنْ النُّطْفَة وَالْبَيْضَة "وَمُخْرِج الْمَيِّت مِنْ الْحَيّ" النُّطْفَة وَالْبَيْضَة "ذَلِكُمْ" الْفَالِق الْمُخْرِج "اللَّه فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ" فَكَيْفَ تُصْرَفُونَ عَنْ الْإِيمَان مَعَ قِيَام الْبُرْهَان {96} فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ "فَالِق الْإِصْبَاح" مَصْدَر بِمَعْنَى الصُّبْح أَيْ شَاقّ عَمُود الصُّبْح وَهُوَ أَوَّل مَا يَبْدُو مِنْ نُور النَّهَار عَنْ ظُلْمَة اللَّيْل . "وَجَعَلَ اللَّيْل سَكَنًا" تَسْكُن فِيهِ الْخَلْق مِنْ التَّعَب "وَالشَّمْس وَالْقَمَر" بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَحَلّ اللَّيْل "حُسْبَانًا" حِسَابًا لِلْأَوْقَاتِ أَوْ الْبَاء مَحْذُوفَة وَهُوَ حَال مِنْ مُقَدَّر أَيْ يَجْرِيَانِ بِحُسْبَانٍ كَمَا فِي آيَة الرَّحْمَن [55 : 5] "ذَلِكَ" الْمَذْكُور "تَقْدِير الْعَزِيز" فِي مُلْكه "الْعَلِيم" بِخَلْقِهِ {97} وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُوم لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر" فِي الْأَسْفَار "قَدْ فَصَّلْنَا" بَيَّنَّا "الْآيَات" الدَّلَالَات عَلَى قُدْرَتنَا "لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" يَتَدَبَّرُونَ {98} وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ "وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ" خَلَقَكُمْ "مِنْ نَفْس وَاحِدَة" هِيَ آدَم "فَمُسْتَقَرّ" مِنْكُمْ فِي الرَّحِم "وَمُسْتَوْدَع" مِنْكُمْ فِي الصُّلْب وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْقَاف أَيْ مَكَان قَرَار لَكُمْ "قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَات لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ" مَا يُقَال لَهُمْ {99} وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا" فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغَيْبَة "بِهِ" بِالْمَاءِ "نَبَات كُلّ شَيْء" يَنْبُت "فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ" أَيْ النَّبَات شَيْئًا "خَضِرًا" بِمَعْنَى أَخْضَر "نُخْرِج مِنْهُ" مِنْ الْخَضِر "حَبًّا مُتَرَاكِبًا" يَرْكَب بَعْضه بَعْضًا كَسَنَابِل الْحِنْطَة وَنَحْوهَا "وَمِنْ النَّخْل" خَبَر وَيُبْدَل مِنْهُ "مِنْ طَلْعهَا" أَوَّل مَا يَخْرُج مِنْهَا وَالْمُبْتَدَأ "قِنْوَان" عَرَاجِين "دَانِيَة" قَرِيب بَعْضهَا مِنْ بَعْض "وَجَنَّات" أَخْرَجْنَا بِهِ بَسَاتِين "مِنْ أَعْنَاب وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان مُشْتَبِهًا" وَرَقهمَا حَال "وَغَيْر مُتَشَابِه" ثَمَرهَا "اُنْظُرُوا" يَا مُخَاطَبُونَ نَظَرَ اعْتِبَار "إلَى ثَمَره" بِفَتْحِ الثَّاء وَالْمِيم وَبِضَمِّهِمَا وَهُوَ جَمْع ثَمَرَة كَشَجَرَةٍ وَشَجَر وَخَشَبَة وَخَشَب "إذَا أَثْمَرَ" أَوَّل مَا يَبْدُو كَيْفَ هُوَ "وَيَنْعه" إلَى نُضْجه إذَا أَدْرَكَ كَيْفَ يَعُود "إنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَات" دَلَالَات عَلَى قُدْرَته تَعَالَى عَلَى الْبَعْث وَغَيْره "لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" خُصُّوا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِهَا فِي الْإِيمَان بِخِلَافِ الْكَافِرِينَ {100} وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ "وَجَعَلُوا لِلَّهِ" مَفْعُول ثَانٍ "شُرَكَاء" مَفْعُول أَوَّل وَيُبْدَل مِنْهُ "الْجِنّ" حَيْثُ أَطَاعُوهُمْ فِي عِبَادَة الْأَوْثَان "و" قَدْ "خَلَقَكُمْ" فَكَيْفَ يَكُونُوا شُرَكَاء "وَخَرَقُوا" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد أَيْ اخْتَلَقُوا "لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْرِ عِلْم" حَيْثُ قَالُوا عُزَيْر ابْن اللَّه وَالْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه "سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ "وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ" بِأَنَّ لَهُ وَلَدًا {101} بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "بَدِيع السَّمَاوَات وَالْأَرْض" هُوَ مُبْدِعهمَا مِنْ غَيْر مِثَال سَبَقَ "أَنَّى" كَيْفَ "يَكُون لَهُ وَلَد وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَة" زَوْجَة "وَخَلَقَ كُلّ شَيْء" مِنْ شَأْنه أَنْ يَخْلُق "ذَلِكُمْ اللَّه رَبّكُمْ لَا إلَه إلَّا هُوَ خَالِق كُلّ شَيْء فَاعْبُدُوهُ" وَحِّدُوهُ "وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء وَكِيل" حَفِيظ |
|
#4
|
||||
|
||||
|
|
|
#5
|
||||
|
||||
|
الأنعام
{102} ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ {103} لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ "لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار" أَيْ لَا تَرَاهُ وَهَذَا مَخْصُوص لِرُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ فِي الْآخِرَة لِقَوْلِهِ تَعَالَى : "وُجُوه يَوْمئِذٍ نَاضِرَة إلَى رَبّهَا نَاظِرَة" وَحَدِيث الشَّيْخَيْنِ "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر" وَقِيلَ الْمُرَاد لَا تُحِيط بِهِ "وَهُوَ يُدْرِك الْأَبْصَار" أَيْ يَرَاهَا وَلَا تَرَاهُ وَلَا يَجُوز فِي غَيْره أَنْ يُدْرِك الْبَصَر وَهُوَ لَا يُدْرِكهُ أَوْ يُحِيط بِهِ عِلْمًا "وَهُوَ اللَّطِيف" بِأَوْلِيَائِهِ "الْخَبِير" بِهِمْ {104} قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ قُلْ يَا مُحَمَّد لَهُمْ : "قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِر" حُجَج "مِنْ رَبّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ" فَمَنْ أَبْصَرَهَا فَآمَنَ "فَلِنَفْسِهِ" أَبْصَرَ لِأَنَّ ثَوَاب إبْصَاره لَهُ "وَمَنْ عَمِيَ" عَنْهَا فَضَلَّ "فَعَلَيْهَا" وَبَال إضْلَاله "وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ" رَقِيب لِأَعْمَالِكُمْ إنَّمَا أَنَا نَذِير {105} وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ "وَكَذَلِكَ" كَمَا بَيَّنَّا مَا ذُكِرَ "نُصَرِّف" نُبَيِّن "الْآيَات" لِيَعْتَبِرُوا "وَلِيَقُولُوا" أَيْ الْكُفَّار فِي عَاقِبَة الْأَمْر "دَرَسْت" ذَاكَرْت أَهْل الْكِتَاب وَفِي قِرَاءَة دَرَسْت أَيْ كُتُب الْمَاضِينَ وَجِئْت بِهَذَا مِنْهَا {106} اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ "اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إلَيْك مِنْ رَبّك" أَيْ الْقُرْآن {107} وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ "وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاك عَلَيْهِمْ حَفِيظًا" رَقِيبًا فَتُجَازِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ "وَمَا أَنْت عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ" فَتُجْبِرهُمْ عَلَى الْإِيمَان وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ {108} وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ" ـهُمْ "مِنْ دُون اللَّه" أَيْ الْأَصْنَام "فَيَسُبُّوا اللَّه عَدْوًا" اعْتِدَاء وَظُلْمًا "بِغَيْرِ عِلْم" أَيْ جَهْلًا مِنْهُمْ بِاَللَّهِ "كَذَلِكَ" كَمَا زَيَّنَّا لِهَؤُلَاءِ مَا هُمْ عَلَيْهِ "زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّة عَمَلهمْ" مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ فَأْتُوهُ "ثُمَّ إلَى رَبّهمْ مَرْجِعهمْ" فِي الْآخِرَة "فَيُنَبِّئهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" فَيُجَازِيهِمْ بِهِ {109} وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ "وَأَقْسَمُوا" أَيْ كُفَّار مَكَّة "بِاَللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ" أَيْ غَايَة اجْتِهَادهمْ فِيهَا "لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَة" مِمَّا اقْتَرَحُوا "لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ" لَهُمْ "إنَّمَا الْآيَات عِنْد اللَّه" يُنَزِّلهَا كَمَا يَشَاء وَإِنَّمَا أَنَا نَذِير "وَمَا يُشْعِركُمْ" يُدْرِيكُمْ بِإِيمَانِهِمْ إذَا جَاءَتْ : أَيْ أَنْتُمْ لَا تَدْرُونَ ذَلِكَ "أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ" لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِي وَفِي قِرَاءَة بِالتَّاءِ خِطَابًا لِلْكُفَّارِ وَفِي أُخْرَى بِفَتْحِ أَنَّ بِمَعْنَى لَعَلَّ أَوْ مَعْمُولَة لِمَا قَبْلهَا {110} وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ "وَنُقَلِّب أَفْئِدَتهمْ" نُحَوِّل قُلُوبهمْ عَنْ الْحَقّ فَلَا يَفْهَمُونَهُ "وَأَبْصَارهمْ" عَنْهُ فَلَا يُبْصِرُونَهُ فَلَا يُؤْمِنُونَ "كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ" أَيْ بِمَا أُنْزِلَ مِنْ الْآيَات "أَوَّل مَرَّة وَنَذَرهُمْ" نَتْرُكهُمْ "فِي طُغْيَانهمْ يَعْمَهُونَ" يَتَرَدَّدُونَ مُتَحَيَّرِينَ |
|
#6
|
||||
|
||||
|
|
|
#7
|
||||
|
||||
|
الأنعام
{111} وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ "وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى" كَمَا اقْتَرَحُوا "وَحَشَرْنَا" جَمَعْنَا "عَلَيْهِمْ كُلّ شَيْء قُبُلًا" بِضَمَّتَيْنِ جَمْع قَبِيل أَيْ فَوْجًا فَوْجًا وَبِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْح الْبَاء أَيْ مُعَايَنَة فَشَهِدُوا بِصِدْقِك "مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا" لِمَا سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه "إلَّا" لَكِنْ "أَنْ يَشَاء اللَّه" إيمَانهمْ فَيُؤْمِنُوا "وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ يَجْهَلُونَ" ذَلِكَ {112} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوًّا" كَمَا جَعَلْنَا هَؤُلَاءِ أَعْدَاءَك وَيُبْدَل مِنْهُ "شَيَاطِين" مَرَدَة "الْإِنْس وَالْجِنّ يُوحِي" يُوَسْوِس "بَعْضهمْ إلَى بَعْض زُخْرُف الْقَوْل" مُمَوَّهه مِنْ الْبَاطِل "غُرُورًا" أَيْ لِيَغُرُّوهُمْ "وَلَوْ شَاءَ رَبّك مَا فَعَلُوهُ" أَيْ الْإِيحَاء الْمَذْكُور "فَذَرْهُمْ" دَعْ الْكُفَّار "وَمَا يَفْتَرُونَ" مِنْ الْكُفْر وَغَيْره مِمَّا زُيِّنَ لَهُمْ وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ {113} وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ "وَلِتَصْغَى" عُطِفَ عَلَى غُرُورًا أَيْ تَمِيل "إلَيْهِ" أَيْ الزُّخْرُف "أَفْئِدَة" قُلُوب "الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا" يَكْتَسِبُوا "مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ" مِنْ الذُّنُوب فَيُعَاقَبُوا عَلَيْهِ {114} أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ وَنَزَلَ لَمَّا طَلَبُوا مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَل بَيْنه وَبَيْنهمْ حَكَمًا قُلْ : "أَفَغَيْر اللَّه أَبْتَغِي" أَطْلُب "حَكَمًا" قَاضِيًا بَيْنِي وَبَيْنكُمْ "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إلَيْكُمْ الْكِتَاب" الْقُرْآن "مُفَصَّلًا" مُبَيَّنًا فِيهِ الْحَقّ مِنْ الْبَاطِل "وَاَلَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب" التَّوْرَاة كَعَبْدِ اللَّه بْن سَلَام وَأَصْحَابه "يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّل" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد "مِنْ رَبّك بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَن مِنْ الْمُمْتَرِينَ" الشَّاكِّينَ فِيهِ وَالْمُرَاد بِذَلِكَ التَّقْرِير لِلْكُفَّارِ أَنَّهُ حَقّ {115} وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "وَتَمَّتْ كَلِمَة رَبّك" بِالْأَحْكَامِ وَالْمَوَاعِيد "صِدْقًا وَعَدْلًا" تَمْيِيز "لَا مُبَدِّل لِكَلِمَاتِهِ" بِنَقْصٍ أَوْ خَلْف "وَهُوَ السَّمِيع" لِمَا يُقَال "الْعَلِيم" بِمَا يُفْعَل {116} وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ "وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَر مَنْ فِي الْأَرْض" أَيْ الْكُفَّار "يُضِلُّوك عَنْ سَبِيل اللَّه" دِينه "إنْ" مَا "يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنّ" فِي مُجَادَلَتهمْ لَك فِي أَمْر الْمَيْتَة إذَا قَالُوا مَا قَتَلَ اللَّه أَحَقّ أَنْ تَأْكُلُوهُ مِمَّا قَتَلْتُمْ "وَإِنْ" مَا "هُمْ إلَّا يَخْرُصُونَ" يَكْذِبُونَ فِي ذَلِكَ {117} إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "إنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم" أَيْ عَالِم "مَنْ يَضِلّ عَنْ سَبِيله وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ" فَيُجَازِي كُلًّا مِنْهُمْ {118} فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ "فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْم اللَّه عَلَيْهِ" أَيْ ذُبِحَ عَلَى اسْمه |
|
#8
|
||||
|
||||
|
|
|
#9
|
||||
|
||||
|
الأنعام
{119} وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ "وَمَا لَكُمْ أَنْ لَا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْم اللَّه عَلَيْهِ" مِنْ الذَّبَائِح "وَقَدْ فُصِّلَ" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَلِلْفَاعِلِ فِي الْفِعْلَيْنِ "لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ" فِي آيَة "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَة" "إلَّا مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ" مِنْهُ فَهُوَ أَيْضًا حَلَال لَكُمْ - الْمَعْنَى لَا مَانِع لَكُمْ مِنْ أَكْل مَا ذُكِرَ وَقَدْ بَيَّنَ لَكُمْ الْمُحَرَّم أَكْله وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ - "وَإِنَّ كَثِيرًا لَيَضِلُّونَ" بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمّهَا "بِأَهْوَائِهِمْ" بِمَا تَهْوَاهُ أَنْفُسهمْ مِنْ تَحْلِيل الْمَيْتَة وَغَيْرهَا "بِغَيْرِ عِلْم" يَعْتَمِدُونَهُ فِي ذَلِكَ "إنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم بِالْمُعْتَدِينَ" الْمُتَجَاوِزِينَ {120} وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ "وَذَرُوا" اُتْرُكُوا "ظَاهِر الْإِثْم وَبَاطِنه" عَلَانِيَته وَسِرّه . وَالْإِثْم قِيلَ الزِّنَا وَقِيلَ كُلّ مَعْصِيَة "إنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْم سَيُجْزَوْنَ" فِي الْآخِرَة "بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ" يَكْتَسِبُونَ {121} وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ "وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَر اسْم اللَّه عَلَيْهِ" بِأَنْ مَاتَ أَوْ ذُبِحَ عَلَى اسْم غَيْره وَإِلَّا فَمَا ذَبَحَهُ الْمُسْلِم وَلَمْ يُسَمِّ فِيهِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَهُوَ حَلَال قَالَهُ ابْن عَبَّاس وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ "وَإِنَّهُ" أَيْ الْأَكْل مِنْهُ "لَفِسْق" خُرُوج عَمَّا يَحِلّ "وَإِنَّ الشَّيَاطِين لَيُوحُونَ" يُوَسْوِسُونَ "إلَى أَوْلِيَائِهِمْ" الْكُفَّار "لِيُجَادِلُوكُمْ" فِي تَحْلِيل الْمَيْتَة "وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ" فِيهِ {122} أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَنَزَلَ فِي أَبِي جَهْل وَغَيْره: "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا" بِالْكُفْرِ "فَأَحْيَيْنَاهُ" بِالْهُدَى "وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس" يَتَبَصَّر بِهِ الْحَقّ مِنْ غَيْره وَهُوَ الْإِيمَان "كَمَنْ مَثَله" مَثَل زَائِدَة أَيْ كَمَنْ هُوَ "فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا" وَهُوَ الْكَافِر ؟ لَا "كَذَلِكَ" كَمَا زَيَّنَ لِلْمُؤْمِنِينَ الْإِيمَان "زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" مِنْ الْكُفْر وَالْمَعَاصِي {123} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ "وَكَذَلِكَ" كَمَا جَعَلْنَا فُسَّاق مَكَّة أَكَابِرهَا "جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَة أَكَابِر مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا" بِالصَّدِّ عَنْ الْإِيمَان "وَمَا يَمْكُرُونَ إلَّا بِأَنْفُسِهِمْ" لِأَنَّ وَبَاله عَلَيْهِمْ "وَمَا يَشْعُرُونَ" بِذَلِكَ {124} وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ "وَإِذَا جَاءَتْهُمْ" أَيْ أَهْل مَكَّة "آيَة" عَلَى صِدْق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَالُوا لَنْ نُؤْمِن" بِهِ "حَتَّى نُؤْتَى مِثْل مَا أُوتِيَ رُسُل اللَّه" مِنْ الرِّسَالَة وَالْوَحْي إلَيْنَا لِأَنَّا أَكْثَر مَالًا وَأَكْبَر سِنًّا "اللَّه أَعْلَم حَيْثُ يَجْعَل رِسَالَته" بِالْجَمْعِ وَالْإِفْرَاد وَحَيْثُ مَفْعُول بِهِ لِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ أَعْلَم : أَيْ يَعْلَم الْمَوْضِع الصَّالِح لِوَضْعِهَا فِيهِ فَيَضَعهَا وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا أَهْلًا لَهَا "سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا" بِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ "صَغَار" ذُلّ "عِنْد اللَّه وَعَذَاب شَدِيد بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ" أَيْ بِسَبَبِ مَكْرهمْ |
|
#10
|
||||
|
||||
|
|
|
#11
|
||||
|
||||
|
الأنعام {125} فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ "فَمَنْ يُرِدْ اللَّه أَنْ يَهْدِيه يَشْرَح صَدْره لِلْإِسْلَامِ" بِأَنْ يَقْذِف فِي قَلْبه نُورًا فَيَنْفَسِح لَهُ وَيَقْبَلهُ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيث "وَمَنْ يُرِدْ" اللَّه "أَنْ يُضِلّهُ يَجْعَل صَدْره ضَيِّقًا" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد عَنْ قَبُوله "حَرَجًا" شَدِيد الضِّيق بِكَسْرِ الرَّاء صِفَة وَفَتْحهَا مَصْدَر وَصَفَ فِيهِ مُبَالَغَة "كَأَنَّمَا يَصَّعَّد" وَفِي قِرَاءَة يَصَّاعَد وَفِيهِمَا إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الصَّاد وَفِي أُخْرَى بِسُكُونِهَا "فِي السَّمَاء" إذَا كُلِّفَ الْإِيمَان لِشِدَّتِهِ عَلَيْهِ "كَذَلِكَ" الْجَعْل "يَجْعَل اللَّه الرِّجْس" الْعَذَاب أَوْ الشَّيْطَان أَيْ يُسَلِّطهُ {126} وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ "وَهَذَا" الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ يَا مُحَمَّد "صِرَاط" طَرِيق "رَبّك مُسْتَقِيمًا" لَا عِوَج فِيهِ وَنَصْبه عَلَى الْحَال الْمُؤَكِّد لِلْجُمْلَةِ وَالْعَامِل فِيهَا مَعْنَى الْإِشَارَة "قَدْ فَصَّلْنَا" بَيَّنَّا "الْآيَات لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ" فِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الذَّال أَيْ يَتَّعِظُونَ وَخُصُّوا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ {127} لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "لَهُمْ دَار السَّلَام" أَيْ السَّلَام وَهِيَ الْجَنَّة {128} وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ "وَ" وَاذْكُرْ "يَوْم" "نَحْشُرهُمْ" بِالنُّونِ وَالْيَاء أَيْ اللَّه الْخَلْق "جَمِيعًا" وَيُقَال لَهُمْ : "يَا مَعْشَر الْجِنّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الْإِنْس" بِإِغْوَائِكُمْ "وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ" الَّذِينَ أَطَاعُوهُمْ "مِنْ الْإِنْس رَبّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضنَا بِبَعْضٍ" انْتَفَعَ الْإِنْس بِتَزْيِينِ الْجِنّ لَهُمْ الشَّهَوَات وَالْجِنّ بِطَاعَةِ الْإِنْس لَهُمْ "وَبَلَغْنَا أَجَلنَا الَّذِي أَجَّلْت لَنَا" وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَهَذَا تَحَسُّر مِنْهُمْ "قَالَ" تَعَالَى لَهُمْ عَلَى لِسَان الْمَلَائِكَة "النَّار مَثْوَاكُمْ" مَأْوَاكُمْ "خَالِدِينَ فِيهَا إلَّا مَا شَاءَ اللَّه" مِنْ الْأَوْقَات الَّتِي يَخْرُجُونَ فِيهَا لِشُرْبِ الْحَمِيم فَإِنَّهُ خَارِجهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى "ثُمَّ إنَّ مَرْجِعكُمْ لَإِلَى الْجَحِيم" وَعَنْ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ فِيمَنْ عَلِمَ اللَّه أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ فَمَا بِمَعْنَى مِنْ "إنَّ رَبّك حَكِيم" فِي صُنْعه "عَلِيم" بِخَلْقِهِ {129} وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "وَكَذَلِكَ" كَمَا مَتَّعْنَا عُصَاة الْإِنْس وَالْجِنّ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ "نُولِي" مِنْ الْوِلَايَة "بَعْض الظَّالِمِينَ بَعْضًا" أَيْ عَلَى بَعْض "بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" مِنْ الْمَعَاصِي {130} يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ "يَا مَعْشَر الْجِنّ وَالْإِنْس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ" أَيْ مِنْ مَجْمُوعكُمْ أَيْ بَعْضكُمْ الصَّادِق بِالْإِنْسِ أَوْ رُسُل الْجِنّ نُذُرهمْ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلَام الرُّسُل فَيُبَلِّغُونَ قَوْمهمْ "يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسنَا" أَنْ قَدْ بَلَّغَنَا "وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاة الدُّنْيَا" فَلَمْ يُؤْمِنُوا {131} ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ "ذَلِكَ" أَيْ إرْسَال الرُّسُل "أَنَّ" اللَّام مُقَدَّرَة وَهِيَ مُخَفَّفَة أَيْ لِأَنَّهُ "لَمْ يَكُنْ رَبّك مُهْلِك الْقُرَى بِظُلْمٍ" مِنْهَا "وَأَهْلهَا غَافِلُونَ" لَمْ يُرْسَل إلَيْهِمْ رَسُول يُبَيِّن لَهُمْ ؟ |
|
#12
|
||||
|
||||
|
|
|
#13
|
||||
|
||||
|
الأنعام
{132} وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ "وَلِكُلٍّ" مِنْ الْعَامِلِينَ "دَرَجَات" جَزَاء "مِمَّا عَمِلُوا" مِنْ خَيْر وَشَرّ "وَمَا رَبّك بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" بِالْيَاءِ وَالتَّاء {133} وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ "وَرَبّك الْغَنِيّ" عَنْ خَلْقه وَعِبَادَتهمْ "ذُو الرَّحْمَة إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ" يَا أَهْل مَكَّة بِالْإِهْلَاكِ "وَيَسْتَخْلِف مِنْ بَعْدكُمْ مَا يَشَاء" مِنْ الْخَلْق "كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّة قَوْم آخَرِينَ" أَذْهَبهُمْ وَلَكِنَّهُ أَبْقَاكُمْ رَحْمَة لَكُمْ {134} إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ "إنْ مَا تُوعَدُونَ" مِنْ السَّاعَة وَالْعَذَاب "لَآتٍ" لَا مَحَالَة "وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ" فَائِتِينَ عَذَابنَا {135} قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ "قُلْ" لَهُمْ "يَا قَوْم اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتكُمْ" حَالَتكُمْ "إنِّي عَامِل" عَلَى حَالَتِي "فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ" مَوْصُولَة مَفْعُول الْعِلْم "تَكُون لَهُ عَاقِبَة الدَّار" أَيْ الْعَاقِبَة الْمَحْمُودَة فِي الدَّار الْآخِرَة أَنَحْنُ أَمْ أَنْتُمْ "إنَّهُ لَا يُفْلِح" يَسْعَد "الظَّالِمُونَ" الْكَافِرُونَ {136} وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ "وَجَعَلُوا" أَيْ كُفَّار مَكَّة "لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ" خَلَقَ "مِنْ الْحَرْث" الزَّرْع "وَالْأَنْعَام نَصِيبًا" يَصْرِفُونَهُ إلَى الضِّيفَان وَالْمَسَاكِين وَلِشُرَكَائِهِمْ نَصِيبًا يَصْرِفُونَهُ إلَى سَدَنَتهَا "فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ" بِالْفَتْحِ وَالضَّمّ "وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا" فَكَانُوا إذَا سَقَطَ فِي نَصِيب اللَّه شَيْء مِنْ نَصِيبهَا الْتَقَطُوهُ أَوْ فِي نَصِيبهَا شَيْء مِنْ نَصِيبه تَرَكُوهُ وَقَالُوا إنَّ اللَّه غَنِيّ عَنْ هَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى "فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِل إلَى اللَّه" أَيْ لِجِهَتِهِ "وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِل إلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ" بِئْسَ "مَا يَحْكُمُونَ" حُكْمهمْ هَذَا {137} وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ "وَكَذَلِكَ" كَمَا زُيِّنَ لَهُمْ مَا ذُكِرَ "زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْل أَوْلَادهمْ" بِالْوَأْدِ "شُرَكَاؤُهُمْ" مِنْ الْجِنّ بِالرَّفْعِ فَاعِل زُيِّنَ وَفِي قِرَاءَة بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ وَرَفْع قَتْل وَنَصْب الْأَوْلَاد بِهِ وَجَرّ شُرَكَائِهِمْ بِإِضَافَتِهِ وَفِيهِ الْفَصْل بَيْن الْمُضَاف وَالْمُضَاف إلَيْهِ بِالْمَفْعُولِ - وَلَا يَضُرّ - وَإِضَافَة الْقَتْل إلَى الشُّرَكَاء لِأَمْرِهِمْ بِهِ "لِيُرْدُوهُمْ" يُهْلِكُوهُمْ "وَلِيَلْبِسُوا" يَخْلِطُوا |
|
#14
|
||||
|
||||
|
|
|
#15
|
||||
|
||||
|
الأنعام {138} وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ "وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَام وَحَرْث حِجْر" حَرَام "لَا يَطْعَمهَا إلَّا مَنْ نَشَاء" مِنْ خَدَمَة الْأَوْثَان وَغَيْرهمْ "بِزَعْمِهِمْ" أَيْ لَا حُجَّة لَهُمْ فِيهِ "وَأَنْعَام حُرِّمَتْ ظُهُورهَا" فَلَا تُرْكَب كَالسَّوَائِبِ وَالْحَوَامِي "وَأَنْعَام لَا يَذْكُرُونَ اسْم اللَّه عَلَيْهَا" عِنْد ذَبْحهَا بَلْ يَذْكُرُونَ اسْم أَصْنَامهمْ وَنَسَبُوا ذَلِكَ إلَى اللَّه "افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ" عَلَيْهِ {139} وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ "وَقَالُوا مَا فِي بُطُون هَذِهِ الْأَنْعَام" الْمُحَرَّمَة وَهِيَ السَّوَائِب وَالْبَحَائِر "خَالِصَة" حَلَال "لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّم عَلَى أَزْوَاجنَا" أَيْ النِّسَاء "وَإِنْ تَكُنْ مَيْتَة" بِالرَّفْعِ وَالنَّصْب مَعَ تَأْنِيث الْفِعْل وَتَذْكِيره "فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ" اللَّه . "وَصْفَهُمْ" ذَلِكَ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيم أَيْ جَزَاءَهُ "إنَّهُ حَكِيم" فِي صُنْعه "عَلِيم" بِخَلْقِهِ {140} قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ "قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد "أَوْلَادهمْ" بِالْوَأْدِ "سَفَهًا" جَهْلًا "بِغَيْرِ عِلْم وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّه" مِمَّا ذُكِرَ {141} وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ "وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ" خَلَقَ "جَنَّات" بَسَاتِين "مَعْرُوشَات" مَبْسُوطَات عَلَى الْأَرْض كَالْبِطِّيخِ "وَغَيْر مَعْرُوشَات" بِأَنْ ارْتَفَعَتْ عَلَى سَاق كَالنَّخْلِ "وَالنَّخْل وَالزَّرْع مُخْتَلِفًا أُكُله" أَنْشَأَ ثَمَره وَحَبّه فِي الْهَيْئَة وَالطَّعْم "وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان مُتَشَابِهًا" وَرَقهمَا حَال "وَغَيْر مُتَشَابِه" طَعْمهمَا "كُلُوا مِنْ ثَمَره إذَا أَثْمَرَ" قَبْل النَّضْج "وَآتُوا حَقّه" زَكَاته "يَوْم حَصَاده" بِالْفَتْحِ وَالْكَسْر مِنْ الْعُشْر أَوْ نِصْفه "وَلَا تُسْرِفُوا" بِإِعْطَاءِ كُلّه فَلَا يَبْقَى لِعِيَالِكُمْ شَيْء "إنَّهُ لَا يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ" الْمُتَجَاوِزِينَ مَا حُدَّ لَهُمْ {142} وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ "وَ" أَنْشَأَ "مِنْ الْأَنْعَام حَمُولَة" صَالِحَة لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا كَالْإِبِلِ الْكِبَار "وَفَرْشًا" لَا تَصْلُح لَهُ كَالْإِبِلِ الصِّغَار وَالْغَنَم سُمِّيَتْ فُرُشًا لِأَنَّهَا كَالْفُرُشِ لِلْأَرْضِ لِدُنُوِّهَا مِنْهَا "كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّه وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَات الشَّيْطَان" طَرَائِقه مِنْ التَّحْرِيم وَالتَّحْلِيل "إنَّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُبِين" بَيِّن الْعَدَاوَة |
![]() |
| العلامات المرجعية |
| الكلمات الدلالية (Tags) |
| تفسير, قران |
|
|