اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-01-2019, 07:32 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New مواجهة الإعلام المضلل


الإعلام الذي يتعمد الكذب والتضليل، ويحترف نشر الأكاذيب والأباطيل، ويجتهد في تشويه كل ما هو إسلامي، ويسعى لتدمير العقول والمشاعر، والأخلاق والضمائر اجتهاد الجيوش الغازية في تدمير العمران وسفْك الدماء، وإزهاق الأرواح.
هذا النوع من الإعلام قديم بقدم الرسالة، أو حتى الرسالات، وقد وجد هذا الإعلام بقوة في عهد الدعوة الإسلامية الأولى مع بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وشهِد ذلك العهد معركة كان للإعلام فيها دور مشابه للدور الذي يقوم به الآن، وكان يمضي على ذات المحاور التي يمضي عليها الآن، وإلى ذات الغاية التي يتغياها، ولكن الاختلاف فقط في الآليات والأدوات والأمور التقنية الفنية، فلا شك أنها كانت بسيطة ببساطة الحياة آنذاك. ولهذا يجب أن نأخذ من طريقة تعامل النبي مع أحداثه العبرة والعظة وكيف واجه النبي وصحابته والخلفاء الراشدون من بعده خطر هذا الجهاز الخطير؟

القرآن في المواجهة
من تأمَّل القرآن الكريم وهو يواجه الحرب الضَّروس التي شنَّتها الجاهلية ضد النبي - صلى الله عليه وسلم- ودعوته، علِم كم كان خطر الإعلام يومها، وكم كانت ضَراوته، فمنذ اللحظة الأولى للجهر بالدعوة، تناول القصف الإعلامي شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودعوته بالتجريح والتشكيك، والطعن والافتراء، فقالوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي نشأ فيهم، وعرَفوا صِدقه وأمانته، قالوا عنه: ساحر، شاعر، كذاب، مجنون، وقالوا عن القرآن: سحر يُؤثر، شعر، أساطير الأولين، واستجابة وتجوبًا مع صيحة الملأ: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}[ص:6].

انطلقت الآلة الإعلامية تفتري الكذب وتنشره في الآفاق:*{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ}(الفرقان:4)،*{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الفرقان:5]،*{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ}(الفرقان:7)،*{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}[الطور:30]،*{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ}[الطور:33]،*{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}[الزخرف:31].

إعلام اليهود والمنافقين
ولما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وصارت له دولة وقوة، لم يسلم من كيد الإعلام، بل إن الواقع يشهد بأن القصف الإعلامي تضاعف، بسبب انضمام إعلام يهود وإعلام ابن سلول لإعلام قريش، وانطلق الإعلام يمارس دوره على ذات المحاور التي يمارس عليها الإعلام المعاصر ذات الدور، فلم يقتصر دور الإعلام على التشكيك والافتراء، والطعن والتجريح، وخلخلة الثوابت، حتى تعداها إلى الإرجاف وإشاعة الفاحشة، وتمزيق المجتمع؛ لذلك - وعلى أثر إرجافهم في غزوة الأحزاب وقولهم: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا - أنزل الله قوله محذرًا من قرار حاسم يمكن أن يُتَّخذ ضدهم من القيادة السياسية: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}[الأحزاب:60].

ولدى عودة الجيش الإسلامي من غزوة المريسيع، وقعت حادثة أساء إعلام ابن أُبي استغلالها، وذلك حين تنازع اثنان من المسلمين على الماء؛ أحدهما من المهاجرين، والآخر من الأنصار، حتى على صوتهما بصيحة الجاهلية: يا للمهاجرين يا للأنصار، فلعب إعلام ابن سلول على وتر العصبية، وأراد غرس الفتنة والفرقة، وراح يذيع في الأنصار: أنتم الذين أسكنتموهم دياركم، وقاسَمتموهم أموالكم، ما نحسبنا وإياهم إلا كما قال الأول سمِّن كلبك، يأكلك، والله لئن أمسكتُم عنهم ما بأيديكم، لتحوَّلوا إلى غير داركم؛ مما كان سببًا لنزول الآيات:*{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[المنافقون:7 - 8].

ولم يكن حديث الإفك الذي زلزل بيت النبوة، وكاد أن يقوض الكِيان الاجتماعي للمدينة، إلا أثرًا من آثار إعلام ابن أُبي؛ مما استدعى نزول سورة تبرئ فراش النبوة مما نُسِب إليه كذبًا، وتضع جملة من الآداب الاجتماعية العالية، كان منها أدب يعد تحصينًا للمجتمع من كيد الإعلام، وهو أدبُ حسن الظن، وعدم اتباع الأكاذيب، أو ترويجها على من عُرفوا بالفضل: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}[النور:12]، {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}[النور:16].

ضوابط لمقاومة الإعلام المضلل
والسؤال الأهم هنا: ما هي الوسائل التي نقاوم بها خطر الإعلام؟
والإجابة على هذا السؤال غاية في الوضوح، إذا ما عدنا إلى الكتاب والسنة وعمل النبي - صلى الله عليه وسلم- وصحابته وخلفائه الراشدين.
الوسيلة الأولى: لمواجهة الخطر الإعلامي هي أن يتربَّى المسلم على ألا يكون سماعًا؛ أي: يسمع الفِرية، فيبتلعها، ويُركن إليها، وتتسلَّل إلى نخاع عقله ولُب قلبه، دون نظرٍ أو تدبُّر، وعلى أن يتعوَّد ردَّ الأمر إلى أهله، بدلاً من إذاعته وإشاعته، وعلى عدم ترديد ما يقال في وسائل الإعلام؛ قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}[التوبة:47].*{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء: 83]،*{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}[النور:15]، {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}[النور:16].

وقصة الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدوسي مثلٌ بارز، فقد استمر التأثير الإعلامي لقريش يلح عليه حتى حشا أُذنيه بالكُرسف، ولكنه عندما سمع بعض ما يقرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد الحرام، قال لنفسه: واثكل أُمي، إني لرجل شاعر لبيبٌ، لا يخفى عليّ الحسن من القبيح من الكلام، ونزع الكُرسف وانطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فاستمع منه، وأسلم على يديه.

الوسيلة الثانية: ردُّ الشبهات ودحض المفتريات، لا سيما ما له رَواج على الناس وتأثير في العامة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما وقع من سرية عبدالله بن جحش حين ***وا رجلاً من المشركين في الشهر الحرام، فاستغل إعلام قريش هذا الحدث واستثمره في تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدى قبائل العرب، قائلين: كيف يدعي محمد أنه على دين إبراهيم، ثم ي*** في الشهر الحرام مخالفًا بذلك دين إبراهيم، فنزل القرآن للردّ ولتعليم المسلمين كيف يكون الرد على مثل هذه الشبهات التي لها أصل تَمَّ تضخيمه وإذاعته، فقال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}[البقرة:217].

فال*** في الشهر الحرام كبيرة بلا جدال ولا لجاج، ويجب أن نعترف بذلك، لكن على الجانب الآخر نجد أن هذا الخطأ الاجتهادي من المسلمين قابلته خطايا من المشركين، تمثَّلت في الكفر بالله والصد عن سبيله وعن المسجد الحرام، وهذه أكبر بكثير.

ولَمَّا نزل الأمر بتحويل القبلة، تحرَّكت الآلة الإعلامية لليهود مثيرة للجدل والشكوك: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}[البقرة:142]. وراحت تُسفسط حول الحدث بما يشبه التحليل العلمي - وما هو من العلم في شيء - بإثارة هذه الإشكاليات: لئن كانت صلاتكم بالأمس إلى بيت المقدس هي الصحيحة، فصلاتكم اليوم إلى المسجد الحرام باطلة، وإن كانت صلاتكم إلى المسجد الحرام هي الصحيحة، فصلاتكم من قبلُ إلى بيت المقس باطلة، وكان جواب القرآن على هذه التحكمات المفتعلة حاسمًا وصريحًا: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة:115].

وإذا كان أثر الإعلام قد تعدَّى العقول والأفكار إلى القلوب والمشاعر، فعلى أهل الشأن أن يزيلوا تلك الآثار، ومن أمثلة ذلك ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم- عندما نجح الإعلام في شحن قلوب الأنصار بشيء من الحفيظة والغضب، عندما أعطى غنائم حُنين لرجال من قريش تأليفًا لقلوبهم، ولم يعط منها الأنصار شيئًا، فاستدعاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال لهم: [أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا، تألفت بها قومًا ليُسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم؟! أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رحالكم]، فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسمًا وحظًّا".

الوسيلة الثالثة: ألا نقف موقفًا يعطي الإعلام فرصة للنيل من الحق وأهله، ومن أمثلة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم- رفض أن ي*** عبدالله بن أُبي عندما قال ما قال في أثناء العودة من المريسيع، وبين لعمر - الذي انبرى ل***ه وأراد استصدار أمر من النبي بذلك - أن الإعلام سيذيع عنه أنه بدأ ي*** في أصحابه، وقال: [دَعْه؛ لا يتحدث الناس أن محمدًا ي*** أصحابه](متفق عليه).

وبعد أن فتح مكة ودانت له القبائل وأسلست له بطون مكة قيادها، أراد أن يهدم الكعبة، ويعيد بناءها على قواعد إبراهيم، فيدخل فيها حجر إسماعيل، ويوسعها ويجعل لها بابين، ولكنه بعد أن همَّ تراجع خشية أن يكدر عليه الإعلام الرأي العام في بيئة حديثة عهد بجاهلية، وقال لعائشة: [لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية، لنقضت الكعبة وأقمتها على قواعد إبراهيم](رواه مسلم).

الوسيلة الرابعة: أن نحسن استغلال الإعلام في توجيه ضربة عكسية للمعارضين المستخدمين له، وهذا عمل احترافي لا يُحسنه إلا الحُذَّاق من الساسة الكبار، ولنضرب مثلاً لذلك بسيد الأحابيش عندما جاء ساعيًا بين قريش ومحمد في الحديبية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: "إن هذا من قوم يتألَّهون، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه" (رواه أحمد).
فلما فعلوا ذلك ورأى الرجل الهدي معكوفًا أن يبلغ محله تأثر جدًّا، وانطلق وهو بوق إعلامي إلى قريش موبخًا وناشرًا لمساوئها.

وأخيرًا أحب أن أزف البشرى لأهل الحق الذين ظلمهم الإعلام الرديء، فإن واقعنا يثبت أن منتج الإعلام الذي تناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لو كان نال منه، ما وصل إلينا الإسلام ولا بلغنا شيء من الحق؛ بل ذهب كله*هباء كما*سيذهب*إن شاء الله المنتج الإعلامي الحالي كله؛ ليبقى الحق كما بقِي من قبلُ: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}[الرعد: 17].
ولكن هذا مشروط بمدافعة أهل الحق لأهل الباطل؛ حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً:*{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}[الشعراء: 227].

د.عطية عدلان (بتصرف)

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-01-2019, 08:10 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

وهنا سوف نتعرف على عدة ضوابط إعلامية من القرآن الكريم لكون المقام لا يسمح بإحاطة الموضوع والتوسع فيه بشكل كامل في مقال واحد، ولكنها ومضات نستمدها من الإسلوب القرآني، والذي نستمد منه ضوابط الإعلام الإسلامي الهادف.

وبما أن الاعلام رسالة نبيلة وأمانة كبيرة في أعناق أولئك الذين يبذلون جهوداً كبيرة وجبارة لإيصال الحقيقة مجردة إلى الناس، فحفظ هذه الأمانة داخل في أمر الله تعالى لنا في تأدية الأمانات وإيصالها إلى أهلها فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا...) .

وفي جانب أخر وصورة إعلامية راقية وضابط مهم في تحري الحقيقة وتفحص الأخبار المنقولة قبل اتخاذ القرارات بشأنها، وقبل أن يضع النظام العالمي الحديث ضوابطه لهذه المهنة، قد ذكرها القرآن الكريم قبل أكثر من ألف وأربعمئة سنة، فقد أمرنا الله تعالى أن نتبين ونتأكد من أي خبر منقول قبل الحكم عليه، أو نقله وإذاعته فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ), وفي آية أخرى يقول الله سبحانه: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).

أدب وخلق عظيم ربانا الله تعالى عليه في نقل الأخبار أو استقبالها، فعلى المراسلين الإعلاميين أو من اشتغل في هذا الميدان، فضلاً عن بقية أفراد الأمة في تعاملاتهم اليومية، وتحقيقا للأمانة التي أمرنا الله بها، وانصياعاً لمراد الله تعالى في هذه الآيات، الالتزام بضوابط نقل الخبر واستقباله، بخاصة تلك الأخبار التي تخص أمن الناس في دينهم ودنياهم

وهو أمر في غاية الخطورة إذا ما نظرنا إلى واقعنا الحالي، نجد أن المحاكم في بلداننا تعج بآلاف إن لم تكن ملايين الدعاوى الكيدية بسبب نقل الأخبار الكاذبة أو استقبالها على حد سواء، والوشايات المغرضة والحقد والعداوات، فسفكت الدماء المعصومة وانقطعت بسببها صلة الرحم وغُيب آخرون في سجون الظالمين، كما هو حال كثير من علماء الأمة المخلصين، ولنفس السبب طلقت كثير من النساء، فتركن خلفهن أولادهن وبناتهن وكان هذا الأمر سبباً رئيسياً في انحرافهم والله المستعان.



والضابط الآخر الأخلاقي الذي ينبغي أن يتحلى به رجل الإعلام هو حفظ ما يؤتمن عليه من أسرار، وهو ما يسمى في عرف العمل الإعلامي (أسرار المهنة)، وقد جاء الأمر في الوفاء بالعهود مطلقاً في القرآن الكريم بقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولًا)، إلا إذا ترتب على كتم هذه الأسرار مفسدة عظيمة، تصيب المجتمع أو تتسبب في سفك دماء الأبرياء، عندها توجب إفشاء هذه الأسرار وتقديم المصلحة العامة على الخاصة.

فإذا كان الحفاظ على العهود والأمانات مطلوباً في كل حال، فإن الحرص على الالتزام بها يزداد في أسرار العمل والمهنة، فكم من سر مهني أذيع ترتب عليه مشاكل للوسيلة الإعلامية والعاملين فيها، وكم من سر مهني حوفظ عليه حقق السبق والتميز الإعلامي للإعلامي ووسيلته الإعلامية.

وقد ذكر الله تعالى من صفات أهل الأيمان: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) والوفاء بالعهد هو من علامات الصادقين المتقين ومن صفات الأنبياء المرسلين .

ومن ضمن الضوابط التي ينبغي أن يلتزم بها القائم بالأتصال في العملية الإعلامية سواء كان إعلامياً أو داعية أو صاحب فكرة ورسالة يريد إيصالها إلى الناس، أن يكون ملتزماً بما يقدمه للجمهور المتلقي من توجيهات وتعليمات عاملاً بها قبل غيره، فإنه إن دعاهم إلى شي ثم خالفهم فيه، فقد حكم على رسالته الإعلامية بالفشل المحقق الذريع, وقد ذم الله هذا الفعل بقوله: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).

لذا فإننا نجد الرسل صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين كانوا يؤكدون على التزامهم بما يدعون به أقوامهم فها هو نبي الله شعيب صلى الله عليه وسلم يخاطب قومه كما ذكره الله تعالى في القرآن (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أي ما أريد أن أخالفكم فارتكب أمراً نهيتكم عنه، وقد حذر الله تعالى في الآية التالية أهل الإيمان الذين يتكلمون فلا يلتزمون بما قالوا، وإنه عمل منكر لا يرضاه الله لهم، فقال سبحانه: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) وفي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه".

قال الشاعر:

لا تنهى عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إن فعلت عظيم

وقال آخر:

وغير تقي يأمر بالتقى * طبيب يداوي الناس وهو عليل

فهذه ومضات وجوانب بسيطة لضوابط الإعلام من القرآن، وإن أبقانا الله فللكلام بقية عن جوانب أخرى للإعلام في القرآن الكريم.

منقول
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15-01-2019, 08:24 PM
الصورة الرمزية ميس هدى خليفة
ميس هدى خليفة ميس هدى خليفة غير متواجد حالياً
عضو مجلس الإدارة ( الأقسام التعليمية )
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 2,324
معدل تقييم المستوى: 10
ميس هدى خليفة is an unknown quantity at this point
افتراضي

شكرا جزيلا لك


نقل قيم


كل التقدير لك
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15-01-2019, 09:07 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون. وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ}

في الآيات الكريمة بيان لسنة من السنن الربانية, سنة ماضية وجارية وباقية, سنة الصراع بين الحق والباطل, هذا الصراع الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، ويمتد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ولقد بلغ هذا الصراع ذروته في عصرنا هذا في ظل الأساليب والوسائل التي استغلها أعداء الإسلام في محاربة الحق وصد الناس عنه والتغلغل في المجتمعات الإسلامية سيما عن طريق الإعلام المضلل حيث جعل شياطين الإنس والجن من ذلك الزخم الإعلامي، سبيل غواية وإغفال، ووسيلة إضلال وانحلال، ومعولا من معاول الهدم، وعاملا من عوامل التخلف والرجعية وملهاة للشعوب وتخديرا لها، حتى تظل دائما غائبة عن وعيها، مغيبة عن واقعها منعزلة عن ماضيها، ذاهلة عن مستقبلها.

وكما استطاع إبليس اللعين بأساليبه الدِّعائية الملتوية، ووسائله ووساوسه المضلة، وطرقه الإعلامية الخادعة، دفع الأبوين إلى الأكل من الشجرة، فلقد نجح خلفاؤه وجنوده من اليهود وأشباههم وأذنابهم في استغلال أبواق الإعلام وأبوابه، وفتح نوافذه وامتطاء وسائله، وركوب متنه، لتحقيق مآربهم وإحكام سيطرتهم بأساليب فائقة، بلغت في تمويه الأضاليل الغاية، وفي تشويه الحقائق وزخرفة الأباطيل النهاية.
ولسان حالهم يعبر عن فخرهم بهذا المسلك الوعر الذي انحدروا إليه، وتلك الهُوَّة السحيقة التي انحطوا إليها، حتى يقول قائلهم:
وكنت امرءاً من جند إبليس فارتقى .. .. بي الحال حتى صار إبليس من جندي

ولعل هذا هو سر التعبير بشياطين الإنس، وتقديمهم على شياطين الجن في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}
إنه التآمر بين الفريقين والتواطؤ بينهما، حيث تفاقمت أخطارهم ـ لا سيما في هذا العصرـ حيث يبدو ذلك واضحا في ظل هذا الظهور الإعلامي الفج لشياطين الإنس، ومن وراء [الكواليس] إخوانهم من شياطين الإنس والجن بوساوسهم وتزيينهم وإلهاماتهم وإيحاءاتهم وإمدادهم لتلك الحشود من الكتاب والمخرجين ومهندسي الإضاءة والزينات [الديكور] والمنتجين والممثلين والنقاد والمحكمين والمذيعين الذين يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون، ويجرون الناس إلى المعاصي جهارا نهارا.
كما ورد عن مالك بن دينار رحمه الله: (شياطين الإنس أشد علىَّ من شياطين الجن، وذلك أني إن تعوذت بالله من شياطين الجن ذهبت عني، وشياطين الإنس تجيئني فتجرني إلى المعاصي عيانا).

قال تعالى:{يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}.
والوحي يعني الإعلام، سواء كان في العلن أم في الخفاء، بقول أو بإشارة أو إيماء.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإنس يضلونهم، قال: فيلقى شيطان الإنس شيطان الجن، فيقول هذا لهذا: أضْلِلْهُ بكذا، وأضْلِلْهُ بكذا، فهو قوله تعالى: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}.

{غرورا}: أى لأجل أن يغرهم بذلك, أي يخدعهم, فيصيروا لقبولهم كلامهم كالغافلين الذين شأنهم عدم التحفظ، والغرور الذي يعتقد فيه النفع وليس بنافع.
يزين بعضهم لبعض ما يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه في أحسن صورة، ليغتر به السفهاء وينقاد له الأغبياء، الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني،بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلا والباطل حقا.

قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} وفي هذا تهوين وتحقير من شأن أولئك الشياطين الذين هيمنوا على وسائل الإعلام ورد على من يهول من شأنهم وييأس من مواجهتهم ويخشى من التصدي لهم، بل وربما ينجرف في تيارهم، رغبة ورهبة وخوفا وطمعا، فيصير أداة طَيِّعة ووسيلة سهلة لتحقيق مآربهم.

{فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون} فدعهم وأعرض عنهم وعن أكاذيبهم وافتراءاتهم وتنطوي هذه العبارة القرآنية على تهديد لهم ووعيد.
وفي هذا دعوة إلى مقاطعة كل ما يسوغونه ويحيكونه من ضلالات وافتراءات، ومن ذلك وسائل إعلامهم المضللة، فينبغي الدعوة إلى هجرها بل والتصدي لها، حتى لا تقوم لها قائمة ولا تروَّج لها.

قال تعالى: {وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ}
(الإصغاء) استماع مع ميل، قال الإمام الراغب: (وأصغيت إلى فلان، ملت بسمعي نحوه)، وهذا ينطبق على هذا الإعلام الفاسد، الذي يجذب الانتباه ويخلب الأنظار ويسلب المشاعر ويأخذ بالعقول، ويستحوذ على النفوذ.

فتأمل كيف يقوم إعلام أعداء الإسلام وأذنابهم من الأدعياء على البريق الخادع، مع زخرفة الأباطيل، والسعي إلى طمس الحقائق، وإنفاق الأموال الطائلة على ذلك الطلاء الزائف والبريق الخاطف لأهل الباطل، ودعم دعواتهم الهدامة التي تنطلي على أصحاب العقول القاصرة والنفوس الضعيفة والقلوب المريضة.
وكم من كلام لا يوافقُ حكمةً .. .. لقيَ الرَّواجَ بسوقِ من لا يعلمُ

أليس أولئك الرابضون، كل يوم بالساعات الطوال أمام هذا الفسوق والضلال، هم من المغترين بالدنيا المتعلقين بأهدابها الواهية، وحبالها البالية، حين خلت قلوبهم من الإيمان باليوم الآخر ؟

أليس ذلك شأن من أصبح وأمسى في غفلة عن هذا اليوم، انشغل بدنياه الباطله فلم يبالي بإضاعة الأوقات وتعطيل الساعات، وإهدار الأعمال، وقضاء السهرات أمام الأفلام والمسلسلات ؟

{وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} ألا ينطبق هذا على الإعجاب الزائف بتلك النجوم الحالكة، نجوم العفن الفني ومن ورائهم من حشود وجنود، لنيل إعجاب الجماهير الغافلة، لأعمالهم المبطلة، والانبهار بما يقدمونه من مسلسلات هابطة وأفلام ساقطة، ومسرحيات هزلية، وبرامج عبثية، تخطف الأبصار وتؤجج المشاعر وتثير الغرائز وتهيج الشهوات، فيتحول هذا الإعجاب والرضى إلى تبعية وضلال وفساد وانحلال، وسير على نهج تلك الشياطين واتباع لسننهم {وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} فقد سلكوا طريقهم واقتفوا آثارهم مقلدين لهم حتى في مشيتهم وملابسهم ومجالسهم وأحاديثهم، مشاركين لهم حتى في أمانيهم وطموحاتهم، ورؤاهم وأحلامهم، وأفراحهم وأتراحهم.

{وليرضوه}.. قال صاحب روح البيان: ({وليرضوه} لأنفسهم بعد ما مالت إيه أفئدتهم {وليقترفوا} أي يكتسبوا بموجب ارتضائهم له {ما هم مقترفون} له من القبائح التي لا يليق ذكرها وهي ما قضي عليهم في اللوح المحفوظ.
هدى الله إعلامنا للحق ولما فيه صلاح للإسلام وللمسلمين .

محمد لبيب

__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15-01-2019, 09:18 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسولِ الله.

وبعد:
فأرْجو مِن القارئ الكريم أن يقرأَ هذه النصوصَ متدبرًا عشرَ مرَّات! (يجِب ألاَّ يكونَ لأعدائنا وسائلُ صحفيَّة يعبِّرون فيها عن آرائهم)، (يجب ألاَّ يصل طرفٌ من خبر إلى المجتمع مِن غير أنْ يحظَى بموافقتنا؛ ولذلك لا بدَّ لنا مِن السيطرة على وكالاتِ الأنباء التي تتركَّز فيها الأخبارُ مِن كلِّ أنحاء العالَم، وحينئذٍ سنضمن ألاَّ يُنشرَ مِن الأخبار إلاَّ ما نختاره نحن ونوافِق عليه)!

(يجِب أن نكونَ قادرين على إثارةِ عقل الشعْب عندما نُريد وتهدئته عندَما نُريد)

(يحب أن نُشجِّع ذوي السوابقِ الخُلقية! على تولِّي المهام الصحفيَّة الكبرى، وخاصَّة في الصحف المعارِضة لنا! فإذا تبيَّن لنا ظهورُ أية علامات للعصيان من أيٍّ منهم سارعْنا فورًا إلى الإعلان عن مخازيه الخُلُقية التي نتستر عليها! وبذلك نَقضي عليه، ونجعله عبرةً لغيره).

في المرة الأولى قدْ لا يتنبه القارئ إلى ما وراءَ السطور، ولكنَّك عندما تقرأ النصوص مرةً أخرى فسوف تكتشِف جملةً مِن الحقائق.

إنَّ أصحابَ هذه النصوص هُم اليهود الذين يقولون ويفعلون، ما دامَ أنصارُ الحق قد خذَلوه ولم ينصروه! ولقدْ أصبحتْ وسائلُ الإعلام عندنا تهدف بصورةٍ واضحة إلى هدمِ البيوت وتخريب الأخلاق ومحارَبة الفضيلة، وإشاعة الفاحِشة وتمزيق الأُسرة، وتوسيع دائِرة الجرائم!

ولأنَّنا بلدٌ مسلم فإنَّ حياتنا قد أصبحتْ متناقضةً في ظلِّ التبعية التي أصبحتْ وسائل الإعلام أسيرة لها اختيارًا لا اضطرارًا، وأصبح ما يقوله الخُطباء والعلماء على المنابِر يهدمه التلفزيون بعدَ دقائقَ معدودة.

والأعجبُ مِن ذلك: أنَّ التلفزيون والمحطات الإذاعيَّة - عدا إذاعة القرآن الكريم - تفتح برامجها بتلاوةِ آياتٍ مِن القرآن الكريم تهكُّمًا واستهزًاء، أو خداعًا وتضليلاً، كالذي يذكُر الله وهو في طريقِه إلى السرقةِ أو القتْل!

وبعبارة مختصرة فإنَّ (رسالة الإعلام في مصر هي هدمُ وتدمير رسالة المسجِد)، فهُما نقيضان لا يجتمعان!

وقدَّمتِ الصحافة -كما ذكَر أحدُ الكتَّاب المعاصرين - قصصَ الجريمة وقصصَ الجِنس، وأفاضتْ في نشْر تفاصيل الأحداث، وأولتْ جوانب الفساد فيها اهتمامًا كبيرًا، وعُنيت بلفْتِ النظر إلى الوسائلِ والأساليب التي قام بها المجرِمون في سرقةِ البيوت أو ترصُّد الناس.

وعمدتْ إلى الاهتمامِ بنشْر أساليبِ الفساد، وكشفتْ للشباب والفتيات طُرق الاتِّصال بأصحابِ الأهواء.

وعملتْ على إعلاءِ شأن الرَّاقِصات والمغنين والمغنيات، والعاملين في مجالِ الفاحشة والإثم بإطلاقِ وصْف الفنَّانين عليهم، ثم أذاعوا أنَّ هذا الفنَّ شيءٌ مقدَّس له أصوله وقِيَمه وله حدودُه، فلا يُمكن لأحدٍ أن يهاجمَ الفن بينما يُمكِنه أن يهاجمَ القرآن! بدعوى حريَّة الكلمة.

ولقدْ أصبحْنا نرَى للفنِّ أعيادًا يُكرَّم فيها أهلُ الفاحشة الذين توعَّدهم الله بالعذاب الأليم في الدنيا والآخِرة إن لم يتوبوا.

ولك أن تقارنَ أيُّها القارئ الكريم بين حال الفنَّانة قبلَ التوبة وبعدَها!

إنَّها قبلَ التوبة مكرَّمة عندَهم، يُشار إليها بالبنان، قد رصدتْ لها الهدايا والمكافآت مع عباراتِ الثَّناء والمدح، حيث إنَّها تقوم بواجبِها في نشْر الرذيلة وإشاعة الفاحِشة وتدمير الفضيلة كما يُريد اليهود! وأمَّا بعدَ التوبة فإنَّهم يُشكِّكون في صِدقها، ويلصقون بها التُّهَم.

والدافِع مِن وراء ذلك كله معلومٌ لا يخفَى على أحد.

وننتقل الآن إلى عَرْض جملة مِن الحقائق التي تحتاج إلى مزيدٍ مِن التدبُّر وإرْجاع البصر.

الحقيقة الأولى:
تقوم وسائلُ الإعلام بإشاعةِ الفاحشة في الذين آمنوا، مِن خلال نشْر متعمّد لأخبار الحوادث، وتشهير واضحٍ بمرتكبِ الفاحِشة إنْ كان مِن المؤمنين، وتغطِّي عينيه بشريط لاصِق إنْ كان مِن الفاسقين!

والهدف: تشجيع الفواحِش والتحريض عليها والدعوةِ إليها مع ارتداءِ ثوبِ المحذِّر منها!

الحقيقة الثانية:
وسائلُ الإعلام إمَّا أن تحجبَ أخبار المسلمين في أنحاءِ العالَم عن الرأي العام، أو تنقُل طرفًا منها بصورةٍ مشوشة.

مِن أقوى الأمثلة على ذلك: أخبار المسلمين في الجمهوريَّات الإسلاميَّة بآسيا الوُسطى (الاتحاد السوفيتي سابقًا)؛ وذلك تمشيًا مع الإعلام الغربي الذي يهدف إلى التعتيمِ عمَّا يَجْري للمسلمين مِن تدميرٍ و***** في شتَّى بِقاع الأرض.

وأمَّا القاعدة التي تحكُمهم فهي ما نشرتْه الصُّحف الأمريكيَّة في سنة 1979 تحتَ عنوان لا تفاهمَ مع الإسلام إلا بلُغة الحديد والنار، وجاء تحتَ هذا العنوان: (إنَّ الشيوعيَّة أفضلُ مِن الإسلام؛ لأنَّها في الأصل فكرةٌ غربية يُمكن الالتقاء والتفاهُم معها، أمَّا الإسلام فلا التقاءَ ولا تفاهمَ معه إلا بلُغة الحديد والنار)!

وهم ينفذون ذلك الآن في طاجكستان والبوسنة، والفلبِّين وفلسطين، وكثيرٍ مِن بلاد المسلمين بأيديهم أو بأيدي أعوانِهم!

الحقيقة الثالثة:
وسائل الإعلام تَسلُك كلَّ الوسائل التي مِن شأنها إبعادُ الشعب عنِ الإسلام!

ولذلك نلاحِظ أنَّ الناس كلَّما أقبلوا على التوبةِ والرجوع والإنابة نشرتْ وسائل الإعلام مزيدًا مِن الأفلام الهابطة، وتَسير في شوارعِ القاهرة عاصمةِ دولة العِلم والإيمان وبلَد الأزهر، فتجد الأدلةَ القاطعةَ والبرهان الساطع على أنَّنا نسيرُ في عكس الاتِّجاه الصحيح.

الحقيقة الرابعة:
عِبادة الكُرة!

لقدْ نجحتْ وسائلُ الإعلام مجتمعةً في تحويلِ قطاع مِن الجماهير المسلِمة إلى عبادة الكرة بدلاً مِن عبادة الله!

تنظُر إلى أحدِهم فتراه لا يَغار على دِينه، ولا يغار عِرْضه، ولكنَّه يغار على فريقه وناديه المفضَّل!

إنَّه يقدِّس كلامَ اللاعبين ولا يعرِف آثار الصحابة والصالحين، بل إنَّه يقوم الليل إلاَّ قليلاً في مشاهدةِ مباريات كأس العالَم!

إنَّها حقيقة مؤلِمة ومريرة.

لقد تركت الصلاة لأجلِ الكرة، وضاعتْ معالِم الدِّين وضُيِّعت حدوده لأجْلها.

ويَتعجَّب العقلاءُ من ذلك كله، ويبحثون عن السبب؟! ويُشير أحد الباحثين الأجانب إلى ظاهرةِ الكرة وسرِّ انتشارها، فيقول:
"إنَّ رياضةَ الكرة مثل رياضة مصارعة الثيران والوحوش أيَّام الرومان، فقد قامتْ هذه الرياضة وازدهرتْ في عهد طغيان القياصرة الذين سَلَبوا الشعبَ حريَّاته، وبلغتْ أوجَها في عهد القياصرة الذين أرادوا أن يُوجِدوا شيئًا يُلهِي الناسَ عن حريَّاتهم المفقودة، فأقاموا تلك المبارياتِ التي كان ينزل إليها رجالٌ ضخام الجثث مفتولو العضلات يُصارعون الأسودَ وهي تنطلِق مِن أقفاصها، وقد يفتك اللاعبُ بالأسد، ويشقُّ شدقيه بيديه العاتيتين، وقد يلتهمُ الأسد هذا اللاعبَ الضخم، ويمزِّقه إربًا إربًا أمامَ الناس الذين يفقدون صوابَهم وهم يُصيحون ويَصرخون لا فرحًا ولا غضبًا ولا ألَمًا، ولكن في هوسٍ وجنون، وقد نَسُوا أنهم فقدوا أهمَّ شيء وهو حريتَهم، وأنَّه قد حِيل بينهم وبين حقوقِهم الضائِعة".

الحقيقة الخامسة:
لم يَعُدْ للأزهر رقابة على هذه الوسائل، فقد مُنِع من ذلك، بل ولم يُفسحِ المجال لكثيرٍ من علمائه المخلِصين؛ لينشروا أو يقولوا كلمةَ الحق.

وتحرَّرتْ وسائلُ الإعلام مِن ميزان الشرع، وخضعتْ لميزان الهوَى، ممَّا جعلها مصدرًا خطيرًا مِن مصادر التطرُّف التي يجِب أن يُصحَّح مسارها، وأنْ يُوقَف فسادُها وشرُّها.

وإلاَّ خرَج بسببها جيلٌ يتمرَّد على الواقع الفاسد الأليم، ويكون حربًا على بلدِه وأمَّته على النحوِ الذي نعيشه الآن ونُعاني منه.

فهل تجِد هذه الكلماتُ طريقًا إلى آذانِ العُقلاء؟

نسأل الله القَبول.
وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمَّد وآله وصحْبه.


الشيخ صفوت الشوادفي
__________________
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15-01-2019, 09:27 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

الإسلاموفوبيا وثقافة الترهيب والتضليل

كلما ظهرت أعمال إرهابية وجماعات إرهابية جديدة زادت نسبة الاعتداءات على المسلمين في بلاد الغرب وزادت درجة الحقد والكراهية وارتفع حجم التضليل والتشويه والتزييف. فمنذ ظهور "داعش" وانتشار الأعمال الإرهابية في مختلف أرجاء المعمورة، تحركت الآلة الإعلامية الغربية والجماعات العنصرية المتطرفة للنيل من الإسلام والمسلمين والرعايا العرب في مختلف الدول الغربية. ما يؤدي عادة إلى زيادة وارتفاع حملات التفتيش والاعتقالات والمضايقات ضد العرب والمسلمين الزائرين والمقيمين في العديد من الدول الغربية من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة بسبب و بدون سبب. فمنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 أصبحت العمليات الإرهابية والجرائم مقترنة بالعرب والمسلمين وانتشرت بذلك ثقافة الخوف من الإسلام. هذا الدين الذي تم تصويره وتقديمه للرأي العام من قبل الصناعات الإعلامية والثقافية العالمية على أنه دين ال*** وال*** والإقصاء وعلى أنه دين غير متسامح ولا يؤمن بالآخر. كما استهدفت حملات إعلامية ودعائية مغرضة ومضللة عديدة الدين الإسلامي من خلال التخويف من الإسلام والمسلمين والتحريض ضدهم *مطالبة أجهزة الأمن من تكثيف حملات الاعتقالات والتدخل في تفاصيل الحياة الشخصية للمسلمين المقيمين في الدول الغربية ومراقبة تنقلاتهم و نشاطهم وحتى تصرفاتهم اليومية. وهكذا انتشرت صناعة الخوف وتفننت فيها بعض الدول والجهات التي تستهدف كل ما هو عربي ومسلم. لقد اهتزت صورة الإسلام والعرب في السنوات الأخيرة في الرأي العام الدولي بصورة خطرة جدا ساهمت في العديد من المرات في اتخاذ مواقف معادية وسلبية ضد الشعوب العربية والإسلامية. وكنتيجة لهذه الحملات المنهجية * *والتشويه والتضليل المنظم أصبح الرأي العام في الدول الغربية معاد ومتخوف من الإسلام والمسلمين والعرب وأصبح ووفق الصور النمطية التي قدمت له يؤمن بصراع الحضارات وصدامها. والأخطر من هذا فإن قادة الرأي وصناع القرار والساسة وحتى نسبة كبيرة من المثقفين انضموا إلى قافلة التهجم على الإسلام واستهدافه وتشويهه. وأصبح العديد ينّظر ويفسر في شؤون الإسلام والمسلمين والحضارة الإسلامية عن جهل و بثقافة الحقد والكراهية والانتقام.
* * *في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد أحداث 11سبتمبر 2001 عانت وتعاني الجالية المسلمة المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، معاناة شديدة من الممارسات والمضايقات العديدة التي تقوم بها أجهزة أمنية عديدة ومختلفة. فهناك درجة كبيرة من الإهانة والتعدي على الحريات الفردية وعلى حقوق الإنسان والنتيجة الحتمية لكل هذا هو انتشار الحقد والعنصرية والكراهية ضد الإسلام والمسلمين. والمشكل هنا يُطرح على مستويين، المستوى الأول هو الصورة المشوهة والمضللة للإسلام، والتي تفننت في صناعتها جهات عديدة من خلال وسائل الإعلام والصناعات الثقافية المختلفة. أما المستوى الثاني فهو الضعف الكبير والغياب شبه التام للمخرجات الإعلامية والصناعات الثقافية العربية *والإسلامية التي تقدم الإسلام للآخر وتسوّق صورة الحضارة الإسلامية والمسلمين على حقيقتها. من جهة أخرى فشلت وسائل الإعلام العربية والنخبة المثقفة في احتواء الصور النمطية والآراء المشوهة والمضللة للإسلام والمسلمين وتفنيدها بالأدلة والحجج والبراهين والمنطق وبلغة الآخر ومنطقه وإطاره المرجعي.*
* * *الإشكال المطروح هو هل استطاع المسلمون تقديم الإسلام إلى الآخر بشكل علمي منهجي مدروس وفعال؟ ماذا قدم الإعلام العربي و الإسلامي وأين هي الصناعات الإعلامية والثقافية العربية من رسالة تقديم الدين الحنيف والحضارة الإسلامية للآخر. ماذا عن الإنجازات و الإنتاج العلمي والفكري والحضاري.*
** *كشفت أحداث 11 سبتمبر 2001 عن الإرهاب الفكري الذي تمارسه الآلة الإعلامية الغربية على عقول الناس والبشر والرأي العام، حيث أصبحت كلمة العرب والمسلمين مرادفة للإرهاب والجهل والتعصب وإقصاء الآخر، وأصبحت وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأنواعها تنسج وتبني صورا نمطية وأنظمة فكرية ومعتقدات تجعل من العربي ومن المسلم معاديا للإنسانية وللبشرية وللأخلاق وللقيم السامية. والغريب في الأمر أن الآلة الإعلامية الغربية لم تطرح أسئلة جوهرية في تعاملها مع أحداث نيويورك وواشنطن، أسئلة هامة ومحورية لو طرحت ستساعد من دون شك في اكتمال الصورة الحقيقية لخلفيات الأحداث وتداعياتها. لماذا ضرب الإرهاب أمريكا دون سواها؟ لماذا لم تتحرك الآلة الأمريكية الغربية عندما كانت دول مثل بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا تؤوي إرهابيين من مختلف الدول والجنسيات تحت ستار اللجوء السياسي وحقوق الإنسان وحرية التعبير وغير ذلك؟ لماذا لم تتفاعل الآلة الإعلامية الغربية مع إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان الصهيوني يوميا على الشعب الفلسطيني؟ وهل تستطيع أمريكا اجتثاث الإرهاب والقضاء عليه بال*** وال*** وفرض وجهة نظرها على باقي شعوب العالم كما يحلو لها. هل الحل الأمثل لمعالجة الإرهاب هو ال*** والقوة؟ هل تطرقت الآلة الإعلامية الغربية للأسباب الحقيقية للإرهاب؟ هل تساءلت الآلة الإعلامية الغربية عن من هو الذي صنع بن لادن والأفغان العرب و"المجاهدين" والجماعات الإسلامية المسلحة و"الأمراء" وغيرهم؟ وهل هؤلاء يمثلون الإسلام والمسلمين؟ هل ناقشت وسائل الإعلام التناقضات الموجودة على مستوى العلاقات الدولية السياسية منها والاقتصادية؟ كيف تجرؤ هذه الآلة الإعلامية العالمية على تفريغ قضايا وأحداث ومشاكل من محتواها الحقيقي ومن جوهرها وتركز على الشكل والقشور فقط؟ إلى متى تبقى وسائل الإعلام العالمية تتلاعب بعقول الناس وبمصيرهم؟ إلى متى تبقى هذه الوسائل تفبرك الواقع وتبث الرعب والخوف في نفوس البشر في مختلف أنحاء المعمورة؟ قال والتر ليبمان قبل أكثر من 90 سنة "أن وسائل الإعلام تحدد لنا ما نراه من حولنا والواقع ليس كما هو، بل كما تراه هي وتحدده".

بقلم : محمد قيراط
__________________
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15-01-2019, 09:46 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

في حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا الذي رواه مسلم في صحيحه، أَنَّ ضِمَادًا قَدِمَ مَكَّةَ، وَكَانَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ – أي الجنِ- ، فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ، فَقَالَ: (لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ)، فَلَقِيَهُ فَقَالَ: (يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ فَهَلْ لَكَ؟).
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. أَمَّا بَعْدُ)
فَقَالَ: (أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ)، فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
فَقَالَ : (لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ، وَلَقَدْ بَلَغْنَ قَامُوسَ الْبَحْرِ – أي وَسَطَهُ و لُجَّتَهُ-) .. هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَبَايَعَهُ.
أيها الأحبة: إن الحروبَ الإعلاميةَ كانت ولا زالتْ من أعظمِ الوسائلِ المُستخدمةِ في تشويهِ الإسلامِ والمسلمينَ. ولما كانت وسائلُ الإعلامِ في ذلك الزمانِ هو الناسُ وما يتناقلونَه من الأخبارِ. فلم يكنْ عندَ ضمادٍ وهو الرجلُ العاقلُ شكٌ في جنونِ النبيِ صلى اللهُ عليه وسلمَ بسببِ ما سمعَه من سفهاءِ مكةَ، حتى أنه أشفقَ عليه وجاءَ ليرقيَّه مع أنه لم يرَه من قبلُ. ولم يسمعْ منه شيئاً. فهل رأيتُم تأثيرَ الإعلامِ على العقولِ؟.
ولقد تعددتْ وسائلُ كفارِ قريشٍ في تشويهِ صورةِ النبيِ عليه الصلاةُ والسلامِ حتى لا ينتشرَ الخيرُ الذي جاءَ به. فمنهم من قالَ إنه كاهنٌ. ومنهم من قالَ إنه مجنونٌ. ومنهم من قالَ إنه شاعرٌ. كما قالَ تعالى: (فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِن وَلاَ مَجْنُون* أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ). ومنهم من قالَ إنه ساحرٌ. ومنهم من قالَ إنه كذّابٌ. (وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ). وحيثُ إن هذا الخلافَ قد يُضعفُ أثرَ هذا التشويهِ. كان لا بُدَّ من عقدِ مؤتمرٍ إعلاميٍ لتوحيدِ التُهمةِ حتى يُصدِّقَها الناسُ. فعَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة اِجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانَ ذَا شَرَفٍ فِيهِمْ وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمُ –أي الحجُ-، فَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ هَذَا الْمَوْسِمُ، وَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ سَتَقْدَمُ عَلَيْكُمْ فِيهِ وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ هَذَا فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا وَاحِدًا، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَيُكَذِّبَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَيَرُدَّ قَوْلُكُمْ بَعْضُه بَعْضًا. فَقَالُوا: وَأَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ فَقُلْ وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا نَقُول بِهِ. قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ قُولُوا لِأَسْمَعَ. قَالُوا: نَقُولُ كَاهِنٌ .. قَالَ: مَا هُوَ بِكَاهِنٍ. قَالُوا: فَنَقُولُ مَجْنُونٌ. قَالَ: مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ. قَالُوا: فَنَقُولُ شَاعِرٌ. قَالَ: مَا هُوَ بِشَاعِرٍ. قَالُوا: فَنَقُولُ سَاحِرٌ. قَالَ مَا هُوَ بِسَاحِرٍ. قَالُوا: فَمَاذَا نَقُولُ؟. قَالَ: وَاَللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ لَحَلَاوَة، فَمَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إِلَّا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ أَنْ تَقُولُوا هُوَ سَاحِرٌ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ(راجع سيرة ابن هشام والبداية والنهاية لابن كثير).
يا أهلَ الإيمانِ: إن الحربَ الإعلاميةَ قد يكونُ أثرُها أشدُ من الحربِ بالسلاحِ؛ لأنها تُغيرُ الأفكارَ والقناعات، وتُثيرُ الفتنَ والشُبهاتِ. فكم قلَّبتْ من حقائقَ. وكم زيّفتْ من وقائعَ. حتى كأننا نرى فيها مصداقَ قولِه عليه الصلاةُ والسلامُ: (إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ)رواه أحمد والبيهقي وصححه الشيخ شاكر وغيره.
ويكثرُ في أزمنةِ الفتنِ تحريفُ الأخبارِ، والطعنُ في الأخيارِ، والحَمَلاتُ الآثمةُ من المنافقينَ والكفارِ. كما قالَ تعالى: (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ).
بل قد يتعدى الأمرُ إلى أكبرِ من ذلك، وهو أن يتظاهرَ البعضُ بالإسلامِ والبعضُ بالاستقامةِ والصلاحِ. ثُم يرتّدُ الكفارُ .. وينتكسُ المنافقونَ .. ليُشككوا الناسَ في الدينِ. وأنه لولا خللٌ فيه لما رجعَ هؤلاءِ المُثَقفونَ والمفكرونَ. وصدقَ اللهُ تعالى: (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) .. فلا تتخيلُ بعدَ ذلك تلك الهالةُ الإعلاميةُ. من لقاءاتٍ فضائيةٍ. ومقابلاتٍ صحفيةٍ .. في الانتقاداتِ والعيوبِ التي يزعمونَ أنهم نقموها على الدينِ وأهلِه.
ويبقى البعضُ في صفوفِ الصالحينَ ليطعنَ فيهم. ويعيبَ عليهم. فيعتقدُ من يسمعَه أنه أعلمُ الناسِ بهم. وأنه المطلّعُ على خفاياهم.
قالَ رجُلٌ في غَزْوَةِ تَبوك: مَا رَأَيْنا مِثْلَ قُرّائِنا هَؤلاءِ أرغَبَ بُطوناً، ولا أَكْذَبَ ألَسُناً، ولا أجْبَنَ عندَ اللِّقاءِ -يَعني الرسولَ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأَصْحَابَهُ القُرَّاءَ-، فقالَ له عَوْفُ بنُ مالكٍ: كَذَبْتَ ولَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لأُخْبِرَنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .. فَذَهبَ عوْفٌ إلى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ فَوجَدَ القُرْآنَ قَدْ سَبَقَهُ .. (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)سورة التوبة. فَجَاءَ ذَلَكَ الرَّجُلُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ارْتَحَلَ وَرَكِبَ ناقَتَهُ. فقالَ: يا رَسُولَ اللهِ إنَّما كُنَّا نَخُوضُ ونَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ نَقْطَعُ بِهِ عَناءَ الطَّرِيقِ، قالَ ابْنُ عُمَر: (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ متعلِّقاً بِنِسْعَةِ ناقَةِ رَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ –أي زمامِها- وإِنَّ الحِجَارةَ تَنْكُبُ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، فيقولُ لَهُ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرتُمْ بعْدَ إيمَانِكُم) ما يَلْتَفِتُ إِليْهِ وما يَزيدُهُ عَلَيْهِ (رواه الطبري والطبراني وغيرهما مرفوعا وموقوفا، وضعفه عدد من العلماء).
ومما يُلاحظُ في وسائلِ الإعلامِ وله الأثرُ الكبيرُ على تغييرِ وِجهةِ نظرِ المجتمعاتِ. هو إظهارُ بعضِ الصورةِ. وذكرُ جُزءٍ من الخبرِ. مما يفهمُه الناسُ على الجانبِ السيءِ. كما حدثَ في زمنِ الخليفةِ الراشدِ عثمانَ بنِ عفانَ رضيَ اللهُ عنه. جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ، فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا. فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ، فَقَالُوا: هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَمَنْ الشَّيْخُ فِيهِمْ؟، قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ؟، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟، قَالَ نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. (رواه البخاري).
*هذا هو الجانبُ السيءُ الذي نشرَه المنافقونَ لتشويهِ صورةِ الخليفةِ ويُثيروا الناسَ عليه. فما هو الجزءُ الثاني من الصورةِ؟ .. وما هو الجانبُ الآخرُ من الخبرِ؟
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ، أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ). وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ. وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ: هَذِهِ لِعُثْمَانَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ).
ولقد أدركَ فرعونُ أهميةَ الإعلامِ في صدِ الناسِ عن دعوةِ موسى عليه الصلاةُ والسلامُ. فبدأ بتصريحٍ كاذبٍ للملأِ يتهمُ فيه موسى باتهاماتٍ باطلةٍ. قالَ (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ).
ثُم أرادَ أن يُثبتَ للناسِ زيفَ دعوةِ موسى عليه السلامُ بما اعتادَ من استخدامِ السحرةِ وسحرِ أعينِ الناسِ عن الحقيقةِ .. فقالَ لموسى: (فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى) سورة طه 58.. فأجابَه موسى: (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)سورة طه 59. (فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ). ولكم أن تتخيلوا أيُ كيدٍ كانَ تحتَ يدِ فرعونَ. فجمعَه كلَه بما فيهم السحرةُ لأجلِ القضاءِ على موسى ودعوتِه على مرأى ومسمعٍ من الناسِ الذين اجتمعوا ليروا هذا البثَ المباشرَ في الصراعِ بين الخيرِ والشرِ. وبينَ الحقِ والباطلِ .. فما الذي حصلَ؟
(وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ) سورة الأعراف113. فاحتفى فرعونُ بالسحرةِ وأكرمَهم. (قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ)؟ .. (قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ). وعندما اجتمعَ الناسُ (قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)سورة الأعراف115.
وهكذا بعضُ وسائلِ الإعلامِ في هذا الزمانِ، يسحرونَ أعينَ الناسِ بما يبثونَه من معلوماتٍ مكذوبةٍ . وحقائقَ مقلوبةٍ . وصورٍ مقطوعةٍ. ومقاطعَ مغلوطةٍ. لتشويِه صورةِ الحقِ وأهلِه. وصدقَ اللهُ تعالى: (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ) سورة طه.. فالحذرَ .. الحذرَ .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) سورة الحجرات.

هلال بن سلطان
__________________
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08-05-2019, 08:54 PM
محمد مصطفى سراج محمد مصطفى سراج غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 58
معدل تقييم المستوى: 10
محمد مصطفى سراج is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرًا
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:30 PM.