اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-04-2014, 09:59 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New التوفيق بين قوله تعالى: { إنه لا ييئس.. } وحديث المسرف على نفسه


كيف التوفيق بين قوله تعالى:

﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ

وحديث الرجل الذي أسرف على نفسه وأمر إذا مات بحرقه؟


قال الله جل في علاه: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

ظاهر هذه الآية الكريمة أن الآيِسَ من رحمة الله تعالى كافرٌ، وأنه مَن يئس من رحمة أرحم الراحمين يكون في زمرة الكافرين.

كما قال الإمام الرازي رحمه الله تعالى:
"واعلَم أن اليأس من رحمة الله تعالى لا يحصلُ إلا إذا اعتَقَد الإنسان أن الإله غيرُ قادر على الكمال، أو غير عالِم بجميع المعلومات، أو ليس بكريم، بل هو بخيل، وكل واحد من هذه الثلاثة يُوجِب الكفر، فإذا كان اليأس لا يحصلُ إلا عند حصول أحدِ هذه الثلاثة - وكلُّ واحد منها كفرٌ - ثبَت أن اليأس لا يحصل إلا لمن كان كافرًا، والله أعلم"؛ اهـ.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:
"فإنه لا يقطع الرجاء، ويقطع الإيَاس من الله إلا القوم الكافرون"؛ اهـ.

وقال العلامة السعدي رحمه الله تعالى: "فإنهم لكفرهم يستَبعِدون رحمته، ورحمتُه بعيدة منهم"؛ اهـ.

وقال الإمام الألوسي رحمه الله تعالى: "واستدل بعضُ أصحابنا بالآية على أن اليأس من رحمة الله تعالى كفرٌ"؛ اهـ.

وقد يُستَدل على هذا المعنى بقوله جل جلاله: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [العنكبوت: 23]، ففي الآية حصرُ اليأس في الكافرين؛ لأن تعريف طرَفَي الجملة من صيغ الحصر، كما هو معلوم.

لكن صح أن رجلاً بلغ به اليأس مبلغًا لا يُتصوَّر، ورغم ذلك فقد غفر الله له؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان رجلٌ يُسرِف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبَنِيه: إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذُرُّوني في الريح، فوالله لئن قدر عليَّ ربي ليُعذِّبَنِّي عذابًا ما عذَّبه أحدًا، فلما مات فُعِل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائمٌ، فقال: ما حمَلك على ما صنعتَ؟ قال: يا رب، خشيتُك، فغفر له))؛ رواه الإمام البخاري وغيره.

فكون الله تعالى غفر له يدل على أنه لم يمت كافرًا؛ إذ الكفر لا يمكن أن يُغفَر.

فكيف نُوفِّق إذًا بين الآية وهذا الحديث؟
1- قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في كتابه: "فتح الرحمن بكشف ما التبس من القرآن":
"إنما ييئَسُ من رَوح الله الكافرُ لا المؤمن، عملاً بظاهر الآية، فكل من أيِس من رَوح الله، فهو كافر حتى يعود إلى الإيمان، ولا نسلم أن صاحب القصة مات آيسًا ولم يتيسر له الرجوع عن وصيته"؛ اهـ.

وهذا الكلام الأخير من الأنصاري رحمه الله مردودٌ؛ فقد صحَّ الحديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأخبر بما سيحدث من حال ذلك الرجل يوم القيامة، فلا مناص من تصديقِه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كما قال ربنا جل جلاله: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4].

2- ومن وجوه الجمع - والله أعلم - أن اليأس الذي وقع من الرجل وكلامه - الذي ظاهره الكفر - حدث في حالة ذهول عظيم يصير الإنسانُ فيه فاقدًا للشعور.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري:
"قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه حتى ذهب بعقله لما يقول، ولم يقله قاصدًا لحقيقة معناه، بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي، الذي لا يُؤاخَذ بما يصدر منه"؛ اهـ.

3- ومن وجوه الجمع أنه لا يسلم أن الآيسَ من رحمة الله كافر، واليأس أو الإياس، وإن كان من أكبر الكبائر، فلا يصل إلى درجة الكفر، وإنما خرجت الآية مخرجَ الترهيب والتحذير من هذا الذنب العظيم، ومما يدل على أن اليأس كبيرة وليس كفرًا: قولُ النبي صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن الكبائر -: ((الكبائر: الشرك بالله، والإياس من رَوح الله، والقنوط من رحمة الله))؛ السلسلة الصحيحة، ح 8732.

4- ومن وجوه الجمع أن الآية بيَّنت صفة من صفات الكفار، وهو الإياس من رحمة الله تعالى، وليس أن مَن وقع منه يكون كافرًا.

وفي هذا المعنى يقول الإمام الألوسي فيما نقله عن الشهاب: "...ومفادُ الآية أنه - أي اليأس - من صفات الكفار، لا أن مَن ارتكبه كان كافرًا بارتكابه"؛ اهـ.

5- ومن وجوه الجمع الممكنة أن الرجل لم يقُلْ ذلك ولم يقع منه هذا اليأس الكبير، وهو مُنكِر لصفات الله من الرحمة والقدرة وغيرها، وإنما استعظم ذنبَه استعظامًا جعله يستبعد هذه الرحمة والقدرة، ويعتقد أنه لا يستحقهما، وأنه ليس أهلاً لهما.

والله أعلم وأحكم.






__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:01 PM.