اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-07-2017, 01:39 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp بيت المقدس والمسجد الأقصى يحفظه الله جل جلاله (خطبة)


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
*
﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
*
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
*
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.
*
عباد الله؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 114].
*
وقد قرن الله سبحانه وتعالى المسجد الأقصى بالمسجد الحرام فقال جلَّ جلاله: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾* [الإسراء: 1].
*
فالمساجدُ بيوتُ الله سبحانه وتعالى، وأوَّلُ بيت وضع للناس، المسجدُ الحرام، في مكَّةَ المكرمةِ المشرفةِ المقدسة، حفظها الله سبحانه وتعالى، رغم تعرضِها لاعتداءات من البشر، ورغم تعرضها لسيولٍ من المطر، حفظها الله سبحانه وتعالى، وليس شرطًا حفظُ الحجارة، لكنْ حفظُ المكان والمكانة؛ حاول أبرهةُ أن يهدمَها فهُزِم، وحاول غيره أن ينقضها فلم يفلح.
*
وكذلك المسجد الأقصى، المسجد الذي كان أولى القبلتين، وثاني مسجد وضع للناس في الأرض بعد المسجد الحرام، وثالث مسجد تشد الرحال إليه، فالصلاة في المسجدِ الحرام بمائة ألف صلاة، وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بألف صلاة، والمسجد الأقصى الصلاة فيه بخمسمائة صلاة، والأصح مائتين وخمسين صلاة.
*
والمسجد الأقصى تعرَّض عبرَ التاريخ لاعتداءاتٍ من الكنعانيين الكافرين، العربِ الذين سكنوا بلاد الشام قديما، وتعرض المسجد الأقصى أيضا إلى اعتداءات من الفرس، بقيادة نبوخذ نصر أو بخت نصر، ثم بعد ذلك؛ ولوجود الفساد والإفساد في هذا البلد يهلك الله المفسدين، ويستبدلهم الله بخير منهم ويبقى الأقصى، فالأقصى لا يقبل أهل الفساد، ويلفظ أهل الإفساد.
*
الأقصى، بيت المقدس، الأرض المباركة، أرضُ الشام، والأرض لا تقدِّس أحدا، فإذا جاء من يفسد فيها ويسفك الدماء أزاحه الله سبحانه وتعالى واستبدله، طالت مدة الاعتداء أم قصرت.
*
ثم سلَّمه الله سبحانه وتعالى في كل مرة، حتى جاء دور المسلمين، وصار المسجد الأقصى إليهم، وبقي في أيديهم من عهد عمرَ رضي الله تعالى عنه إلى عشراتِ أو مئات السنين، ثم تلهَّى المسلمون بالدنيا، وانشغلوا بالشهوات وجمعِ الأموال فسُلب منهم، سلبه الصليبيون، وبقي معهم ما يقرب من تسعةِ عقود، حتى استخلصه القائد السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى.
*
ورجع إلى المسلمين مرة أخرى ثم سُلب منهم، قبل عشرات السنين، في الـ (48م) إلى يومنا هذا، وفي هذا الزمان الذي نعيشه؛ ترون بني صهيون واليهود والإسرائيليون ماذا يفعلون؟
وربما جماعاتٌ من المسلمين والمسلماتِ، توجهوا إلى الصلاة الآن في هذه الساعة وهذه اللحظات إلى المسجد الأقصى، ولكنهم وهذه هي الحقيقة محبوسون خارج أسوار المسجد، ممنوعون من الدخول، وممنوعون من الصلاة، ومعرضون للضرب أو ال*** أو السجن، أو الاعتداء عليهم بالسبّ والشتم...، هذا إن كانوا قد فتحوا لأحدٍ ليدخل، فقد أغلقوه قبل ذلك، وفتحوه وأغلقوه، وهكذا، هذه الأفعال المشينة تحدث من عشرات السنين وهو بين أيديهم، وهم يعيثون في الأرض الفساد.
*
الأقصى هو الأقصى؛ حرره اللهم من براثن الصهاينة، هو بين أيديهم الآن، مكتّفٌ مكبَّل، يفعلون به وبالفلسطينيين ما شاءُوا؛ فقتْلُ النساء والأطفال مستمر، ربَّما بعد أن نذهب الآن بعد صلاة الجمعة إلى بيوتنا، وننظر إلى وسائل الإعلام، ننظر مَنْ جُرح؟ ونرى كم قُتل؟ ونسمع عمَّن أُسر؟
*
تَرمَّلَت كثير من نساء المسلمين، وقُتل الكثير، إن شاء اللهُ سبحانه وتعالى تكتبُ لهم جميعا الشهادة، كلّ من مات على كلمة لا إله إلا الله، تكتبُ له شهادةُ عامَّة، أو شهادةٌ خاصّة، شهادةُ دنيا وأخرى، أو شهادة دنيا فقط، أو شهادة أخرى فقط.
*
عباد الله! إذن ما المخرج من هذا؟ ما هو المطلوب منا يا عباد الله؟
أقسم باللهِ إنَ المطلوب منا ليس بكثير، وليس بالصعب أو العسير، إنه أسهلُ ما يكون، وفي الوقت نفسه؛ إنه أثمنُ ما يكون، وإنه أنفعُ ما يكون، ولكنه أقوى ما يكون، إنه التوجه إلى الله وحده لا شريك له بقلوبنا، وبالإيمان بالله وحده لا شريك له، إنه تجديدُ الإيمان، تجديدُ التوحيد لله عز وجل، تجديدُ العبادة والطاعة، جدِّدها في قلبك، لا تجعلْ العبادةَ عادةً، لكن حاول أن تحوِّلَ العادةَ إلى عبادة، الصلاة والصيام والزكاة، والخيرات والطاعات التي تقدمها عبادة لله عزّ وجل، لا تجعلْها مسألةَ عادة، اجعلْها عبادةً وذلاًّ وخضوعا لله عز وجل، لتنالَ بها الدرجات، واستجابةَ الدعوات، أصلِحْ شأنك مع الله، وأصلِحْ شأنك مع إخوانك المؤمنين المسلمين، من أهلٍ وعشيرة وجيرة، وأقاربَ ومن يعيش معك، أخوك في الدم والوطن، وأخوك العروبة والدين، تنظر إليه بعين الرحمة والأخوة والشفقة.
*
يجب أن نتعالى فيما بيننا عن الكلام البغيض؛ وما بيننا من تباغضٍ وتفرُّق، فلا شماتةَ ونتعالى عن السبٍّ أو اللعنٍ أو الشتم، لا ينبغي أن يكون بيننا مثلُ هذا، بل يجب أن يكون بيننا أمران:
التناصح فيما بيننا، وليس التفاضح.
والدعاءُ بالخير وليس بالشر.
*
إذا دعوت على أخيك الظالمِ ليلَ نهار هذا يجعله يزيد في ظلمه، لكن ادعُ له بالهداية، لا تدعُ على الظلام، هل دعاؤك يقطع ظُلْمةَ الظلام؟ لا والله! بل أوقد فيه شمعة.
*
فلن يعود لهذه الأمة مجدٌ إلا إذا مشينا وسرنا على تلك الخطى، خطى محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله تعالى عنهم، وتبدأ هذه الخطوة بما بدأ به عليه الصلاة والسلام الذي قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا". التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (9/ 282، ح (6528)، انظر: الإرواء (834)، ومشكلة الفقر (44).
*
نرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وبكلمة (لا إله إلا الله) الخالصة من القلوب، والله تهدُّ بها الحصون، وتُدكُّ بها الجدران، كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان أن المسلمين سينتصرون بالذكر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ("سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟") قَالُوا: (نَعَمْ! يَا رَسُولَ اللهِ!) قَالَ: ("لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا") -قَالَ -أحد الرواة واسمه- ثَوْرٌ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ-: ("الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا...". [1]

فتفتح القسطنطينية بأكملها أمام المسلمين، فيقاتلون دون سلاح، وينصرهم الله دون قتال، فمتى يكون هذا؟!
أيكون ويحصل من أمة نائمةٍ عن كتابِ ربها، غير عاملة بسنةِ نبيها صلى الله عليه وسلم؟!
أمّة لا تفكِّرْ في معظمها وأغلبها إلاّ في الشهوات المحرمة، والملذات المحرمة!
أمة استُدرِجت فانشغلت بما استدرجت له!
فمِن هذه الأمة من استدرج ل*** أخيه المسلم ففعل.
ومنها من استدرج لجمع الأموال دون تفكير أمن حرام أم من حلال يجمعه!
ومنها من استدرج باللعب واللهو والرياضة فجعل كل همه فيها؛ ينام عليها ويستيقظ عليها ويحلم فيها!
ومنها من استدرج بالشبكات العنكبوتية فجواله وحاسوبه لا يغلق كلّ أربع وعشرين ساعة ساعة!
ومنها ومنها استدراجات كثيرة وقع فيها غالب الأمة!
فأين الوقت لطاعة الله؟ أين الوقت لذكر الله؟ وأين كلمة (لا إله إلا الله)؟
أين الدعوة إلى الله عز وجل؟ وإلى توحيده في بيوت الله؟
*
وأحسنُهم حالا من يفرِّغ نفسه لخطبة الجمعة، خطبة واحدةٍ في الأسبوع، في المسجد فقط، وبقية الأسبوع؛ وقتهم يقضونه على الشاشات عاكفين متفرجين ومصفِّقين، أو على الشبكات العنكبوتية وإليها بعيونهم يحدقون.
*
أمّا مآلُ المسجد الأقصى ونهايةُ بيتِ المقدسِ في آخر الزمان، فما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَفَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ خُرُوجُ الدَّجَّال» [2].
*
فهذا يثبت أن بيت المقدس سيعمر في آخر الزمان، ولن يهدم بإذن الله سبحانه وتعالى.
وثبت أن «الشام أرض المحشر والمنشر» [3].
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَنَا: «إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [4].
فالحشر إلى بيت المقدس والأرضِ المقدسةِ بالشام آخر الزمان.
*
وهذه الأحاديث في مجموعها كما في أفرادها تدل على بقاء بيت المقدس وبقاء المسجد الأقصى، رغم الأنفاق من حوله، ورغم المحاولات لهدمه، والمسجد سيبقى شامخا كما كان سابقا، حتى يقاتلَ أهلُها الدجال في آخر الزمان، قربَ قيام الساعة.
*
والمسجد الأقصى موجود وسيصلي فيه الناس، وفي آخر الزمان سيصلي فيه عيسى بن مريم عليه السلام مأموما، خلْف واحد من هذه الأمة، نبيُّ الله وكلمةُ الله، سيصلي خلف واحد من هذه الأمة، هو محمد بن عبد الله المهدي، وهو أمير المسلمين وخليفتهم في ذلك الزمان، ويرفض عيسى عليه السلام أن يصلي إماما بل يصلي مأموما، صلاةَ الصبح، تكرمة الله لهذه الأمة، ويكون هلاك الدجال ومن معه من اليهود والمنافقين على يدي عيسى عليه السلام بأمر الله سبحانه وتعالى، ويفرُّ اليهود والمنافقون، ويختبئون، حتى يقول الشجر والحجر باللغة العربية الفصحى: (يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فا***ه) [5].

وفي آخر الزمان لن يدخله الدجال أميرُ السلام الذي ينتظره اليهود، مع أن هذا الدجال معه قوة ومخاريق، ورد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("يَبْلُغُ سُلْطَانُهُ") -أي حكومته ومملكته وسلطته- ("كُلَّ مَنْهَلٍ") - أَيْ: سيصل الدجال كل مكان، ويدخل كل موضع، حتى أماكن المياه -.
*
وفي رواية: ("يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَمَنْهَلٍ") -ولكن هناك لن يقربها بإذن الله، قال عليه الصلاة والسلام:- ("وَلَا يَقْرَبُ أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: مَسْجِدَ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدَ الطُّورِ") [6].

فالأقصى محفوظ في القديم من الرومان وفارس، والكنعانيين والصليبيين، حفظه الله في ذاك الزمان، وهو محفوظ الآن، -إن شاء الله- ومحفوظ إلى أن يشاء الله عز وجل، وعندما تأتي أقوى قوة خارقة وهو الدجال عندما يريد اقتحام الأقصى يقود اليهود، ويقود المنافقين من هذه الأمة؛ أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم، فستنهزم قوتهم ولن يدخلوا الأقصى.
*
الآن أغلقوه عنا؛ أغلق الله عليهم مواضع تنفُّسِهم، وجعل طعامَهم غصَّةً في حلوقهم، وجمَّد الدم في عروقهم، فمنعونا من شد الرحال إليه، فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدٍ؛ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى" [7].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
*
الخطبة الثانية
الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين، أما بعدك
اعلموا عبادا الله! أن سنةَ الله في خلقة الرفعُ والخفض، والابتلاءُ بالخير والشر، بالنصر والهزيمة، قال الله تعالى: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 140]
*
وقد اقتضت سنة الله الكونية أن الأيامَ دُوَلٌ، ولذلك دولةُ الباطلِ والظلم ساعة، مهما طالت هي ساعة، ودولةُ الحقِّ والعدل إلى قيام الساعة.
*
فإذا ما أخذ المسلمون بهدى القرآن الكريم والسنن النبوية؛ أيَّدهم الله بمقتضى سننه الكونية، بل أخضعها لهم، وكما قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139].
*
وقد سُمِّيَتْ الدولةُ (دولةً)؛ لأنها تدولُ وتضمحلُّ. وهذا هو قانونُ عمرانِ الدول، فهي أشبه بالإنسان؛ يولد ضعيفاً، ثم يشتدُّ عودُه، ثم يضعف، ثم يضمحلُّ ويتلاشى، فأين فارس والروم؟ وأين دولة الخلافة والدولة الأموية، والعباسية والعثمانية؟ ودول اليوم الكبرى والصغرى مصيرها إلى زوال.
*
والآن دولةُ اليهودِ وما يشايعُها من الدول، ومن يناصرها من الناس، لابدَّ أن تضمحلَّ، فقد بلغت حدَّ العلوِّ، ووصلت إلى نهاية الفسادِ والإفساد، ولكن حينما تُفْسِدُ الإفسادةَ الأخيرةَ والكبيرة على مستوى العالم الكبير، والتاريخِ البشريِّ، وأن يكونَ ذلك في الأرض المقدسةِ ببيت المقدس، فهذا هو سببُ انهيارها المباشر، ومفتاحُ نصرِ الإسلامِ والمسلمين إن شاء الله تعالى.
*
وهاهم من فسادهم وإفسادهم؛ يمنعون المسلمين من الصلاة فيه حرمهم الله الصحةَ والعافية، والأمنَ والأمان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله تعالى عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليه السلام مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللهَ عز وجل") -أي جدّد باءه؛ لأنه كان مبنيا قبل ذلك فسَأَلَ اللهَ عز وجل- ("خِلَالًا ثَلَاثَةً: سَأَلَ اللهَ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، فَأَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ")، ("وَسَأَلَ اللهَ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ")، ("وَأَلَّا يَأتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ") -المسجد الأقصى- ("أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَلَاةَ فِيهِ")، ("أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ")، ("وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ") [8].

قلوب كثير من المسلمين تتوق لزيارته، وشد الرحال إليه، بل هل أتى الوقت الذي يتمنى فيه أهله والقاطنون حوله يتمنون رؤيته ولو من بعيد؟!
*
نستمع إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَلَاةِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ؟ أَوِ الصَلَاةُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟!) فَقَالَ: ("صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ")، -ومعلوم أن الصلاة في مسجد النبي بألف، فالصلاة في المسجد النبوي بأربع صلوات في المسجد الأقصى- ("وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى فِي أَرْضِ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ، وَلَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَقَيْدُ") -أي مسافة- ("سَوْطٍ")، -أي عصا تضرب بها الدابة- أَوْ قَالَ: ("قَوْسُ الرَّجُلِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ")، -في الرؤية فقط عن بعد، بعد هذه المسافة- ("خَيْرٌ لَهُ، أَوْ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا" [9].
*
لكن؛ أبشروا! فإن بَيْت الْمَقْدِسِ سيكونُ عَاصِمَةً لخِلَافَةِ الْمَهْدِيّ في آخر الزمان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (وَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأسِي)، ثُمَّ قَالَ: ("يَا ابْنَ حَوَالَةَ! إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ") -أَيْ: خِلَافَةُ النُّبُوَّة-. ("قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ") -أَيْ: انْتَقَلَتْ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى أَرْضِ الشَّام. [10].
*
("فَقَدْ دَنَتْ") -أَيْ: قَرُبَتْ- ("الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا، وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأسِكَ") [11].

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: أَغْزَى مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه -أي أرسل للغزو- النَّاسَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ رضي الله عنه: (إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ) [12].

عباد الله! ولغفرانِ الذنوبِ والخطايا والآثام، وذهابِ الهمومِ والغموم وتخفيفِ الأوجاعِ والآلام، أكثروا من الصلاةِ والسلام، على خير الأنام؛ نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، يعظمْ اللهُ لكم بها أجراً، ويمحو عنكم بها وزرا، فامتثلوا أمر الله تعالى في قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
*
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، اللهم ارزقنا اتباعه ومحبتَه، ظاهراً وباطناً، اللهم توفَّنا على ملَّتِه، اللهم احشرنا في زُمرته، اللهم أوردنا حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جناتِ النعيم، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
*
اللهم ارضَ عن الخلفاء الأربعة: أبي بكر وعمر، وعثمان وعليّ، أفضلِ أتباعِ المرسلين، وآله المكرمين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنا معهم بمنِّك وكرمك يا أرحم الراحمين، اللهم أصلح ولاةَ أمور المسلمين، وأصلحْ بطانتَهم، وأصلح رعاياهم يا رب العالمين.
*
اللهم حرر الأقصى وسائر بلادنا فلسطين من قبضة اليهود المغتصبين الظالمين المعتدين، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم ادفع عنَّا البلاء والوباء، والربا والزنا واللواط، والزلازل والمحن، وسوءَ الفتن، ما ظهر منها وما بطن؛ عن بلدنا هذا خاصة وعن بلاد المسلمين عامة، يا رب العالمين، ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ (الحشر: 10)
*
عباد الله! ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 90، 91]
*
وأقم الصلاة؛ ﴿ ... إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

[1] (م) (2920).
[2] رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وحسنه مشكاة المصابيح (3/ 1494، رقم 5424).
[3] صحيح الجامع (3726).
[4] رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُ الطَّبَرَانِيِّ حَسَنٌ. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (10/ 343).
[5] انظر (خ) (2925)، (م) 79- (2921).
[6] (حم) 14997، 23733، انظر الصَّحِيحَة: 2934، وقال الأرناءوط: إسناده صحيح.
[7] (خ) (1132)، (م) (1397).
[8] (جة) 1408، (س) 693، (حم) 6644، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح. صَحِيح الْجَامِع: 2090، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1178).
[9] (هب) 4145، وصححه الألباني في تمام المنة ص294، وصَحِيح التَّرْغِيبِ (1179).
[10] عون المعبود (5/ 432).
[11] (حم) (22540)، (د) (2435)، انظر صَحِيح الْجَامِع (7838).
[12] (حم) 17769، (ك) 8425، انظر صحيح موارد الظمآن 1592، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-07-2017, 01:54 PM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
مشرف ادارى الركن الدينى
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,321
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

جزاكم الله خيرا
__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:23 AM.