اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > التنمية البشرية

التنمية البشرية يختص ببناء الانسان و توسيع قدراته التعليمية للارتقاء بنفسه و مجتمه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24-05-2015, 02:30 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي وقل رب زدني علمًا


وقل رب زدني علمًا


زوزان صالح اليوسفي



المحتوى:
المقدمة.
تعريف القراءة.
أهداف القراءة.
أهمية القراءة والتعليم.
الكتابة والقراءة.
تاريخ القراءة.
القراءة والمبدعون.
أبناؤنا والقراءة.
واقع المطالعة في المجتمعات العربية.
إرشادات للتحفيز على القراءة.
أنواع القراءة
بعض العبارات الملهمة والمحفزة على التعلم والقراءة.

المقدمة:
بدأ الوحيُ من جبريل عليه السلام، بأمر من الله سبحانه وتعالى - في كلامه للرسول الكريم - بأمرٍ صريح وواضح في كلمة واحدة تحمل منهج حياةٍ لأمتنا جمعاء؛ ألا وهي كلمة (اقرأ)؛ قال الله جلَّ جلاله في كتابه الكريم في سورة العلق: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5][1]، بما أن القرآن يَزيد على سبع وسبعين ألفَ كلمة، نرى مِن بين هذا السَّيل من الكلمات نزلت كلمة (اقرأ) من خلال أول سورة، وأول آية على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي، وبما أن القرآن يَشمل آلافًا من الأوامر، ومن بين كل تلك الأوامر نزَل أول أمر: (اقرأ)، فهذا أكبر دليلٍ من الله جل جلاله على أهمية القراءة.

وإلى جانب هذه الحقيقة تَبرز أيضًا حقيقة تَعليم الإنسان بالقلم؛ حيث إن القلم كان - ولا يَزال - أبرز أدوات التعليم في حياة الإنسان، وإن الله جلَّت قدرته يعلِّم قيمة القلم؛ لذا أشار إليه في أول كلمة من كلمات رسالته للبشرية؛ حيث منه يَستمدُّ الإنسانُ العلم والمعرفة.

أما بالنسبة للآية الثانية من سورة العلق، فإنها تشير إلى موضوع خلق الإنسان، وما يشتمل عليه من العقل والحواسِّ المسؤولان عن تعلم الإنسان، وقد ميَّز الله جلت قدرته الإنسانَ على سائر المخلوقات بالعقل؛ حيث هو مركز التفكير، وهذه السورة توضِّح أن الله تعالى يطلب ويأمر جميع عباده بتعلُّم القراءة.

وقد ساوى الله بين جميع البشر بنعمة العقل، ودعاهم إلى توظيفه في حياتهم؛ باعتبارها أداةً للتعلم والتطور، وهناك العديد من الآيات التي تحفز على التعلم والقراءة كما جاء في سورة (القلم) وهي السورة الثانية التي نزَلَت على رسولنا الكريم حسب تسَلسُل نزول السور؛ فسبحان الله حينما نرى من بين 114 سورةً نزلَت على رسولنا، كانت أول سورتين هما: (العلق)، (القلم) اللَّتَين تأمران وتُقسِمان على القراءة والتعلم.

قال الله سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم: 1][2].

أقسَم الله سبحانه وتعالى في سورة القلم بالقلمِ وما يَسطُرون لِما يُكتَب به، وهو القلم؛ لأهميتهما، ولأنَّ بهما تعمُّ المعرفة والعلم، وتتهذب النفوس، وتترقَّى الأمم، فاختارَهما بالقسَم ليفتَح للناس منافذ القراءة والتعليم بما جاء في سورة القلم.
كما أقسم الله سبحانه وتعالى بالكتاب؛ لأهميته الكبيرة في السورة الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ﴾ [الطور: 1 - 3][3]؛ فالله عزَّ وجل يبيِّن لنا أهمية القلم والكتاب حينما أقسم بهما!

كما أن هناك العديدَ من الآيات البينات التي تحفِّز على العلم والتعلم، وتنبه إلى القدرات الكبيرة للعقل، ومن هذه الآيات: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9][4].

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85][5]، وإذا نظَرنا إلى هذه الآية الكريمة من سورة الإسراء، نرى فيها إشارة واضحة إلى أن مجال العلم واسعٌ أمام الإنسان لتعلُّم المزيد، كما أنها دعوةٌ واضحة لمواصَلة البحث والتعلم، والبحثُ والتعلُّم لا يأتي إلا بالمزيد من القراءة والبحث، والتعليمُ ليست لفئةٍ معيَّنة، وإنما هي لجميع البشر في كلِّ زمان ومكان.

كما جاء في سورة الرحمن: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 1 - 4][6]، في هذه الآيات دلالة واضحة من الله جل جلاله على العلم والتعليم، وهذا يأتي كله عن طريق القراءة.

وقال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114][7].

وفي قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11][8]، وهذه الآيات الكريمة من أعظم الأدلَّة على شرف العلم والتعلم.

كما أوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: ((طلبُ العِلم فَريضةٌ على كلِّ مُسلمٍ ومسلمة)).

فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من الأسرى المشركين خلال الحروب؛ مَن يريد فكَّ أسرِه فعليه بتعليم عشَرة من المسلمين القراءة والكتابة! من خلال ذلك نرى كم ركَّز الرسول على أهمية القراءة والتعليم في ذلك الزمن الذي انتشرت فيه الأمية، وجعَلها من الاحتياجات الضرورية لأمته؛ لتتقدم وترتقي.

هناك وسائلُ كثيرة لنَيل العلم والمعرفة، وأبرزُها مواصلة البحث والقراءة بصورة مستمرة، بالإضافة إلى الوسائل الأخرى؛ كالسماع والخبرة والتجربة، ونرى أن الله سبحانه وتعالى وضَّح لنا في كتابه الكريم أنه مهما تعدَّدت وسائلُ التعلم فلا بد لنا من القراءة المستمرة، علينا إذًا الاستمرار الدائم والمنظَّم في القراءة؛ في سبيل الحصول على المزيد من المعرفة وتوسيع مداركنا، ويجب أن يكون رغبتنا في القراءة من أجل أهداف معينة ونافعة، وذات فائدة؛ لاكتساب الخبرة والعلم، فالقراءة هي الوجه الحقيقي لحقيقة وجود البشرية المتحضرة، وهو أساس التعليم بمعناه المعروف، وهو باب المعارف والخبرات، فالقراءة والإنسان هيكلان متوازيان في البناء الحضاري التطوري، تحتشد حولهما كلُّ قيم ومقاييس التطور لأية أمة، وبهذه الدرجة أو تلك فإنهما معًا يشكلان المقياس الزئبقي الموضوعي لجوهر تقدم البشرية، والسبيل إلى المعرفة الحقة للتطور الحضاري إنما يكون بالقراءة والمعرفة؛ حيث يعكس التقدم الفكريَّ والثقافي، والتلاحم الحضاري.

والقراءة ضرورةٌ للمجتمع كضرورتها للفرد؛ فالمجتمع الذي يَقرأ ويتبادل أفرادُه الأفكار والآراء عن طريق قراءة كل مجتمع لما ينتجه غيره من كتب وإصدارات، فستَكون هذه المجتمعات قادرةً على اكتساب الخبرات والمعرفة الأوسع في الحياة، وستكون قادرةً على التقدم والازدهار في الحياة؛ لأنَّ الصِّلة الفكرية بين المجتمعات تقودُهم حتمًا إلى نوع من الانسجام والوئام، واكتساب الخبرات الجديدة وتبادل المصالح، بالإضافة إلى أنها أداةٌ للاطلاع على التراث الثقافي الذي يعتبر بمثابة هوية لكلِّ أمة، فتعتز وتفتخر بماضيها وتاريخها، بالإضافة إلى أن القراءة هي أداة من أدوات التواصل الاجتماعي بين الأمم؛ إذ تَربِط الفرد بعالمه وبما فيه.

أما المجتمعات التي تنعدم أو تضعف فيها هذه الرابطة الفكرية أو التواصل فيما بينها أو تنعزل ويتباعد أفرادها بعضهم من بعض، أو يجهل كل منها خبرة وأفكار الآخر، فلن يستطيع أيٌّ من هذه المجتمعات أن يرى عمله على ضوء عمل غيره، ولا يستفيد من آراء وأفكار الآخرين وخبراتهم، وفي مثل هذه الحالة يصيب المجتمعَ حالةٌ من الضعف والاضمحلال والرُّكود لا محالة!

فهل هناك مَن قرأ في مجتمعه وحلَّل واقعه؟ ومن الذي اتَّعظ بما قرأ واستفاد منه، ونشر أفكاره وآراءه حول ذلك؟ ومن قرأ وكتَب ووثَّق كل ما يحدث في مجتمعه وخارجه؟!

تعريف القراءة:
تعتبر القراءة وسيلة للتفكير والفَهم والإبداع، وهناك عدةُ تعاريفَ للقراءة؛ منها مفسَّرة، ومنها مختصرة، وجميعها توضح لنا نفس الغاية والهدف، وباختصار فالقراءة هي تلك العملية المعرفية الإدراكية التي يتم فيها استخدام العقل، والتي تبدأ بخطوات عدَّة، تقوم على ربط مجموعة من الكلمات والنصوص والرموز بعضها ببعض، وتخزينها في الذاكرة، وإدراك الرموز المكتوبة والنطق بها، ثم استيعابها وترجمتها إلى أفكار، والقيام بفَهمها وتحليلها وتفسيرها حسب موضوعها، مع تفاعل الفرد مع ما يقرأ.

والقارئ يؤدي هذا النشاط باستعمال العديد من حواسِّه ومهارته؛ كحاسة البصر، والاستجابة لما تُمليه عليه هذه الرموز التي أمامَه في النص الذي يقرؤه؛ عن طريق النظر وحاسة النطق في بعض الأحيان إن كانت القراءة جهريَّة[9]، بالإضافة إلى استفادة الفرد من خبراته الشخصية في أداء هذا النشاط، الذي يدخل فيه الكثير من العوامل التي تهدف في أساسها إلى ربط لغة التحدث بلغة الكتابة، وتتطلب هذه العملية فَهْم المعاني، والقراءة تستلزم تدخُّل الإنسان بكل جوارحه بُغية تفسير المعاني، والروابط والاستنتاج والنقد، والحكم على ما يقرأ.

إذًا فالقراءة عملية ديناميكيَّة يشترك في أدائها الفرد بكلِّ جوارحه، وتتطلب منا توازنًا عقليًّا ونفسيًّا وجسميًّا.

وقد تطوَّر مفهوم القراءة عبر الأجيال؛ حيث كان مفهومُ القراءة في البداية يتمثَّل في تمكين المتعلِّم من المقدرة على التعرف على الحروف والكلمات، وكيفية نطقها بالوجه الصحيح، وتكون القراءة بهذا المعنى عمليةً إدراكية، وبصريَّة صوتية، ثم تَغيَّر مفهومُها نتيجةَ البحوث التربوية فأصبح مفهومُ القراءة هو التعرف على الرموز ونطقها، وترجمة هذه الرموز إلى ما تدل عليه من معانٍ وأفكار؛ فأصبحت القراءة عملية فكرية تَرمي إلى الفَهم والمعرفة، وبعدها أخذ يتَّجه إلى نقد المقروء والتأثر به، ثم اتجه إلى استخلاص الأفكار والانتفاع بها في مواقفَ عدة، وعلى هذا الأساس أصبح للقراءة أثرها على الأفكار والسلوك، ثم تطور هذا المفهوم مع ظهور وقت الفراغ، فأصبح يَحمل الاستمتاعَ للقارئ فيما يقرأ.

كما تسهِم القراءة في تكوين الشخصية الفردية النامية المبدِعة، وتعتبر القراءة من أهم وسائل استثارة قدرات المتعلم، وإثراء خبراته، وزيادة معلوماته، وتمكينه من تحصيل المواد الدراسية - حسب رغبته الشخصية - نحو هدفه المعين، وتعد العامل الأهمَّ في تشكيل عقل المتعلِّم، وتكسبه القدرة على الفَهم والتعبير، وتنمِّي اتجاهات الأفراد الفكرية لخدمة المجتمع وتنميته، فهي تعتبر قاعدة لكل علم، ومفتاحًا يفتح للقارئ ممتلكاتِ الفكر الغنيَّة، فلا شك أن القراءة هي إحدى الطرق المثلى لاكتساب العلوم والمعارف والثقافة العامة، فكما نعرف العلوم والمعارف المتنوعة مدوَّنة في الكتب، ولكي يتم معرفة هذه العلوم والمعارف لا بد من القراءة؛ فعن طريقها يتحقق التقدم والازدهار.

أهداف القراءة:
تعتبر القراءة غذاءً للعقل، وراحةً للنفس، وتصفيةً للذهن، ومتعةً لمن يُقدِّر أهميتها، بالإضافة إلى أنها تدريبٌ وتمرين وممارسة على تعلم الكلام الفصيح والبليغ، وتوسيع المدارك في الاطلاع على الكلمات والمعاني الجديدة، أو الاطلاع على حياة وحضارات وعادات وتقاليد الأمم والبلدان، وهي أيضًا وسيلة من الوسائل المهمة في الترويح عن النفس ومَلْء الفراغ بشيء نافع ومهم.

للقراءة أهداف عامة وخاصة؛ فمن أهدافها العامة:
1- تُسهم في بناء شخصية الفرد بصورة عامة، وثقتِه بنفسه؛ عن طريق تثقيف العقل وإنضاجه، واكتساب العلم والمعرفة.

2- إمتاع القارئ وتسليته في أوقات فراغه بما تستهويه رغبته من ألوان المطالعة؛ من قصص أو قصائد، أو كتب ثقافية أو تأريخية... إلخ.

3- تعتبر القراءة أداة التعليم الأولى في الحياة الدراسية، فالشخص المتعلِّم لا يستطيع التقدم في تعلُّمه، واكتساب المهارات، إلا إذا استطاع السيطرةَ على مهارات القراءة.

4- تزويد الفرد بالأفكار والمعلومات والمهارات، وتعرفه على تراث ال*** البشري.

5- القراءة أهم وسيلة لنهوض المجتمعات وتطورها، وارتباط بعضها ببعض، عن طريق الإعلام والصحافة، والرسائل والبحوث والمؤلفات... إلخ.

6- تعتبر القراءة من أهم الوسائل التي تدعو إلى التفاهم والتقارب، وتبادل الآراء بين عناصر المجتمع.

7- الارتقاء بمستوى التعبير عن الأفكار؛ فهي تُثري حصيلة القارئ اللغويةَ، وتمكِّنه من التعبير عما يَجول بخاطره، ويعرِّف غيره عليه.

8- للقراءة دور هام في تنظيم وتطوير المجتمعات.

أما بالنسبة للأهداف الخاصة للقراءة، فمنها:
1- جودة النطق، وحسن اللفظ والأداء، وتمثيل المعنى وتوضيحه.

2- كسب المهارات القرائية المختلفة؛ كالسرعة، والاستقلال بالقراءة، والقدرة على تحصيل المعاني.

3- تنمية الميل إلى القراءة، والكسب اللغوي.

4- استخدام المكتبات بصورة سليمة والانتفاع بمحتوياتها، سواء كانت مكتبات منزلية، أو عامة، أو مدرسية.

5- الانتفاع بالقراءة من أجل المعرفة والتسلية، والمتعة والتذوق في نفس الوقت.

أهمية القراءة والتعليم:
تعتبر القراءة من أهم المهارات المكتسبة التي تحقق النجاح والمتعة لكل فرد خلال حياته؛ وذلك انطلاقًا من أن القراءة هي الجزء المكمِّل لحياتنا الشخصية والعملية، وهي مِفتاح أبواب العلوم والمعارف المتنوعة.

إذًا للقراءة أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع؛ فهي تزود الأفراد بالخبرات، وتنمي مَداركهم، وتهيِّئهم لخدمة المجتمع، وتدفعهم ليكونوا روادًا في مجتمعهم، وهي بلا شك العملية الأساسية في فَهم التراث الثقافي والوطني، والاتصال بتراث الشعوب الأخرى، ووسيلةٌ للاتصال بباقي العلوم، وعن طريقها يُشبع الفردُ حاجاته، وينمي قدراته، ويوسع آفاقه.

ويعتبر مَيدان المطالعة والتعليم في الوقت الحاضر أحدَ الميادين المهمة التي تتفاخر بها الأمم في العالم بما تُنجزه من توسُّع في مختلف مجالات الثقافة؛ من علوم وأدب بأنواعه؛ وذلك لتلبية حاجات المجتمع الكثيرة، والنهوض به ليعلب دوره الفعَّال في خدمة الحضارة الإنسانية المتطورة؛ لذلك أخذَت الدول - على اختلاف أنظمتها الاجتماعية والسياسية والثقافية - تَسعى لنشره وتوسيع قاعدته؛ لبناء أساسٍ صُلب، يكون نقطةَ انطلاق نحو التقدم الاجتماعي، والازدهار الثقافي، وارتفاع المستوى الثقافي والأدبي.

وبسبب ارتباط التطور الاجتماعي والثقافي بعملية انتشار الثقافة الرصينة والمهارة الدقيقة - المبنية على الأسس العملية القويمة - فلا بد لكل مجتمع يريد أن يَحيا حياة سليمة أن يتعلَّم ويقرأ ويتثقف؛ لكي يجاريَ التطور الثقافي والعلمي، وحتى الأدبي الكبير الذي أصابَته البشرية في الحقبة الأخيرة من كفاحها الدائب الطويل؛ من أجل المعرفة والتثقيف، خاصة بعد الثورة الهائلة التي حدثَت في وسائل المواصلات منذ القرن العشرين، والتي اختصرَت المسافاتِ البعيدةَ بين دول العالم كافة، والثورة الأكبر من ذلك هي التطور التكنولوجي العظيم الذي حدَث في نهايات القرن العشرين بظهور عصر الإنترنت والشبكات العنكبوتية، هذه الثورة التي فجَّرَت عصرًا جديدًا من التطور الذي لم يخطر على بال؛ بحيث جعلَت أبعدَ حدث في مكانٍ ما قريبًا لنا وثيقَ الصلة بنا!

وقبل أن نَذكر ماهيَّة المطالعة والقراءة وثقافتها العصرية في وقتنا الحاضر - فإنَّ من الضروريِّ طرْحَ بعض التساؤلات؛ ومنها:
هل يا ترى ثقافة المطالعة أو التعليم في حدِّ ذاته يَسير وفقَ مخطَّط عِلمي ثقافي مدروسٍ في جميع الدول؟

وهل نهَض بواجباته الخطيرة وقام بمسؤوليَّاته الضخمة باعتباره السلاح القويَّ الذي نُشهِره في وجه الجهل والتأخر؟

وهل الكتب التي تُطبع في عصرنا الحالي جديرة بالمطالعة، وتُلاحق التطورات العلميةَ التكنولوجية، أو الأدبية المتطورة، أو التثقفية العصرية؟

وهل الكتب المتخصصة في سلك التربية والتعليم في المدارس على مراحلها كافةً تَحتوي على مناهجَ قيِّمة؟

ولكي نُجيب على هذه الأسئلة وغيرها؛ يَلزمنا التطرقُ إلى المناهج الدراسية وطرق التدريس من جهة، ثم الإشارة إلى الجهاز الذي يقوم بتنفيذ هذه العملية المهمَّة الجبارة من جهة أخرى.

والحقيقة التي لا جدال فيها هي أن التعليم في العالم بصورة عامة، وفي الوطن العربي بصورة خاصة - قطَع من ناحية التوسُّع الأفقي أشواطًا بعيدةَ المدى في السنوات الأخيرة من القرن الماضي؛ بحيث شَمِل أغلبَ أرجاء البلاد العربية، حتى وصل إلى أعماق مناطق الأرياف والقرى، واستطاع أن يحصل كلُّ فرد يَرغب في تعلم القراءة والكتابة على مقاعدَ دراسية تقريبًا، وأن تُهيَّأ الكوادر العاملة في سبيل ذلك، وأقبل الناس على التعليم باختلاف طبقاتهم، على أساس أنه حاجة ضرورية لا غنى عنه في هذا العصر الذي تقدَّمَت وتعقَّدَت فيه الحياة.

ولكن الذي لا شك فيه أن هذه النهضة لا تَسير - مع الأسف الشديد - على الطريق الذي ينبغي أن تسلكه، ومما يقلِّل من تأثيرها وفعاليتها طغيانُ الجانب الكمِّي على الجانب الكيفي[10] بشكل فظيع، وإهمالها للأساليب الحديثة والأسس العلمية الرصينة، واعتمادها بالدرجة الرئيسية على الأساليب التقليدية والنظرية ذات المفاهيم المجرَّدة من الحقائق العلمية، وهذه تعتبر من الدعوات التي تبنَّاها الاستعمار في كل مكان وطئت أقدامُه عليه؛ لكي تبقى تلك البلدان سوقًا رائجة لتصريف بضائعه، والسيطرة على كل عملية تستهدف تقدُّمَه وتطوره؛ سواء ثقافيًّا أو علميًّا أو تكنولوجيًّا.

لذلك خرجَت إلى الوجود أجيالٌ ذاتُ طابع نظري، لا حول لها ولا قوة سِوى تأدية الأعمال الكتابيَّة الروتينية، وتجمَّدَت الطاقات الهائلة من القوة البشرية والفكر الثاقب، وبقية البلاد تئن عطشى إلى العقول النيرة والمدبرة، وإلى الأيدي الفنِّية الخبيرة؛ لذلك أصبحَت عملية التعليم بمرور الزمن غايةً في حد ذاتها، وليست وسيلة للتطوير الذهني والفكري والحسِّي للفرد على نحوٍ مرموق، وصار هدفُ الطالب الأوَّلي هو الاستعداد للامتحان، وإحراز النجاح بأي ثمن كان، بغضِّ النظر عن النتائج السيئة المترتبة على ذلك، وأضحى جل اهتمام مَدارسنا منصبًّا على إعداد كادر من الموظفين النظريين الذين يَ***ون إمكاناتِهم في الأعمال الكتابية البحتة، وكان ذلك طبيعيًّا نتيجة الإهمال المدروس والمبنيِّ على حاجات البلاد واتجاهاتها المقبلة.

يجب إعداد كادر من المربين الفعالين الذين يَستطيعون تغييرَ بِنية المجتمع من أسُسِه الفاسدة، واجتثاث الرواسب البالية الراسخة في أذهان أغلبية الناس، التي تَنخِر في كيان المجتمع، وتُعرقل مسيرته ونموَّه المطَّرِد.

التعليم هو سلاحٌ لأية دولة، تستطيع به أن تقطع مسافة كلِّ العلل الاجتماعية؛ فهناك علاقة وثيقة بين الأسرة التعليميَّة وبين الأفراد في أي مجتمع، وتأثيرها البالغ عليهم، وبالرغم من أنَّ أجهزة الأعلام الصوتية والمرئية - كالراديو أو التلفزيون أو شبكات الإنترنت - تؤثر تأثيرًا ظاهرًا في رفع مستوى الوعي لدى الأفراد في أي مجتمع؛ فإن التعليم يَبقى أعظم أثرًا وأكثر فعاليةً من أي جهاز آخر؛ لا سيما بين الطبقات منخفِضَة الثقافة؛ بسبب انعدام - أو قلَّة - وسائل الإعلام، لا سيما في مناطق القرى والأرياف النائية.

إن المربي أو المعلِّم الكُفْء والناجح قادرٌ أن يؤثر في أوساط الناس الجاهلة أكثرَ من الكاتب الذي يؤلف ويَكتب بأسلوب علمي رائق؛ لأن الذي يَعيش في أوساط الناس ويخاطبهم بلُغتِهم التي يفهمونها، ويرشدهم إلى الطريق السليم - يؤثِّر أكثر بكثير من محاضرة تذاع عبر الأثير أو من خلال برنامج تلفزيوني؛ فهو يستطيع بسهولة مثلاً أن يبين للفلاحين بأن الولاء للدولة والوطن أفضلُ من الولاء لشيخ القبيلة أو الإقطاعي، ويستطيع أن يوضِّح لهم أهمية تعلم القراءة والكتابة؛ باعتبارها مسألة حيوية وضرورية لمجابهة رَكْب الحضارة ومسألة مهمة وحيوية بالنسبة له وللمجتمع على حدٍّ سواء، وغير ذلك من المهمات الخطيرة التي لا يَصعب إنجازُها؛ سواء أكان ذلك في الأرياف أم في المدن.

تعتبر القراءة من ضروريات الحياة وأمرًا أساسيًّا لكل مُواطنٍ صالح، ومثقَّفٍ يريد لنفسه ومجتمعه مستقبلاً زاهرًا وحياةً أفضل، وتَكمُن أهمية القراءة في أنها تَسعى إلى تنمية الخبرة؛ فمن خلالها يطَّلع الفرد على ما يَجري حوله في مختلِف ميادين العلم والمعرفة، ومن خلالها يتعرَّف الفرد على تاريخ أمته وتراثها، وأحداثٍ سبقَت حاضره، وخبرات الأمم الأخرى، فيشكِّل له فهمًا ومعرفة لا ينضَب، يُمدُّه بالأفكار والتطلعات والتنوع وسعَة الأفق في النظر إلى الأمور ومعالجتها بالشكل الصحيح، وإن نفعَها لا يقتصر على الحاضر فقط، وإنما هي الطريق والدليل لاكتساب المجهول.

كما أن القراءة تمكِّن الفرد من الاطلاع على ما في الصحف اليومية والإعلام بأنواعها كافة؛ من أخبار وأحداث تهمُّه وتعينه، وتجعله على معرفة ودراية بكل شيء جديد يَحدث في العالم في المجالات كافة؛ سواء السياسية، أو الثقافية، أو العلمية، أو الأدبية، بل وحتى الرياضية والفنية، إضافة إلى أخبار المجتمع حوله؛ مما يساعد على توثيق علاقاته بمن يحيطون به، كما أن القراءة تمكنه من مطالعة الكتب حسب مستواه الثقافي وحسب اختصاصه أو رغبته؛ ليُشبِع حاجة نفسه.
يتبع





رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:15 PM.