اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم

علوم القرآن الكريم هنا أن شاء الله كل حاجة عن القرآن الكريم من مسموع ومرئي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-12-2014, 11:53 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ...



قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43].

سكارى: جمع سكران، السُّكر: حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما يستعمل في ذلك الشراب، وقد يعتري من الغضب والعشق[1].

والسكر: كل ما يسكر من خمر وشراب، ونقيع التمر الذي لم تمسه النار؛ (المعجم الوجيز).

الغائط: أصل الغائط المطمئنُّ من الأرض الواسع، وكان الرجل إذا أراد أن يقضي حاجته أتى الغائط وقضى حاجته، فقيل لكل مَن قضى حاجته: قد أتى الغائط، يكنَّى به عن العذرة، وقد (تغوط) وبال؛ (مختار الصحاح).

الصَّعيد: يقال لوجه الأرض، ويقال للغبار الذي يصعد من الصعود، ولهذا لا بد للمتيمم أن يعلق بيده غبار؛ (المفردات في غريب القرآن؛ للأصفهاني)؛ والطيِّب؛ أي: الطاهر.

الاغتسال أو الغسل: بضم الغين أو فتحها هو فعل الاغتسال، أو الماء الذي يغتسل به، وبالكسر ما يُغسَل به من صابون ونحوه.

والغسل لغةً: سيلان الماء على الشيء.

وشرعًا: إفاضة الماء الطهور على جميع البدن على وجه مخصوص[2].

التيمم لغةً: القصد.

واصطلاحًا: التعبد لله تعالى بقصد الصعيد الطيب لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها[3].

قال الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى -:
ينهَى الله تعالى عباده المؤمنين أن يقربوا الصلاة وهم سكارى؛ حتى يعلموا ما يقولون، وهذا شامل لقربان موضع الصلاة كالمسجد، فإنه لا يُمكَّن السكران من دخوله، وشامل لنفس الصلاة، فإنه لا يجوز للسكران صلاةٌ ولا عبادة؛ لاختلاط عقله، وعدم علمه بما يقول؛ ولهذا حدَّد تعالى ذلك إلى وجود العلم بما يقول السكران، وهذه الآية الكريمة منسوخة بتحريم الخمر مطلقًا، فإن الخمر في أول الأمر كان غير محرَّم، ثم إن الله تعالى عرض لعباده بقوله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 219]، ثم إنه تعالى نهاهم عن الخمر عند حضور الصلاة كما في هذه الآية، ثم إنه تعالى حرَّمه على الإطلاق في جميع الأوقات في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ [المائدة: 90] الآية، ومع هذا فإنه يشتد تحريمه وقت حضور الصلاة؛ لتضمُّنه هذه المفسدة العظيمة؛ بُعد حصول مقصود الصلاة الذي هو روحها ولبها، وهو الخشوع وحضور القلب؛ فإن الخمر يسكر القلب، ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة.

ويؤخذ من المعنى منع الدخول في الصلاة في حال النعاس المفرط الذي لا يشعر صاحبه بما يقول ويفعل، بل لعل فيه إشارة إلى أنه ينبغي لمن أراد الصلاة أن يقطع عنه كلَّ شاغل يشغل فكره؛ كمدافعة الأخبثينِ، والتوق لطعام، ونحوه، كما ورد في الحديث الصحيح[4].

وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ... ﴾ [النساء: 43].

أما المرض المبيح للتيمم، فهو الذي يخاف معه من استعمال الماء فوات عضو، أو شينه، أو تطويل البُرء، ومن العلماء مَن جوَّز التيمم بمجرد المرض؛ لعموم الآية.

قال مجاهد: نزلت في رجل من الأنصار كان مريضًا، فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ، ولم يكن له خادم فيناوله، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكر له، فأنزل الله هذه الآية.

والسفر معروف، لا فرق بين الطويل والقصير.

والغائط هو المكان المطمئن من الأرض كنَّى بذلك عن التغوُّط، وهو الحدث الأصغر.

وأما قوله: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾، فقُرِئ (لمستم) و(لامستم)، واختلف المفسرون في معنى ذلك على قولين:
أحدهما: أن ذلك كناية عن الجماع.

وقال آخرون: عنى الله بذلك كلَّ لمسٍ، بيدٍ كان أو بغيرها من أعضاء الإنسان، وأوجب الوضوء على كل مَن مس بشيء من جسده شيئًا من جسدها مفضيًا إليه.

عن عبدالله بن مسعود قال: القُبلة من المس وفيها الوضوء، وروى مالك - رحمه الله - عن ابن عمر عن أبيه أنه كان يقول: قُبلة الرجل امرأته وجسه بيده من الملامسة.

قال ابن جرير: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مَن قال: عنى الله بقوله: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ الجماع، دون غيره من معاني اللمس؛ لصحة الخبر عن رسول الله أنه قبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ[5].

والذي انتهى إليه التحقيق في لمس المرأة أنه لا ينقض الوضوءَ، إلا إذا كان لشهوة وكان الملامس يعرف من نفسه أنه يخرج منه مذي باللمس، وأما إذا لم يؤدِّ اللمس إلى خروج المذي، فلا ينتقض الوضوء، والمسألة راجعة إلى حالة الملامس، فكل ما أفضى إلى الإمذاء، فهو ناقض للوضوء[6].

وقوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [النساء: 43]، استنبط كثير من الفقهاء من هذه الآية أنه لا يجوز التيمُّم لعادم الماء إلا بعد طلب الماء، فمتى طلب الماء فلم يجده، جاز له حينئذٍ التيمم، فالتيمم لغةً: القصد، والصعيد: التراب، وهو قول الشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهما، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴾ [الكهف: 40]؛ أي: ترابًا أملس طيبًا.

وقال مالك - رحمه الله -: هو كل ما صعِد على وجه الأرض؛ فيدخل فيه التراب والرمل والشجر والنبات.

وفي صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فُضِّلنا على الناس بثلاث: جُعِلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجُعِلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجُعِلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء))[7]، قالوا: فخصص الطهورية بالتراب في مقام الامتنان، والطيب ها هنا: قيل: الحلال، وقيل: الذي ليس بنجس[8].

وقوله تعالى: ﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾ [النساء: 43]، التيمم بدل عن الوضوء في التطهر به، لا أنه بدل منه في جميع أعضائه، ويكفى مسح الوجه واليدين فقط بالإجماع، واختلف الأئمة في كيفية التيمم على أقوال:
أحدها - وهو مذهب الشافعي في الجديد -: أنه يجب أن يمسح الوجه واليدين إلى المرفقين بضربتين.

والثاني: أنه يجب مسح الوجه واليدين إلى الكفَّين بضربتين، وهو قول الشافعي في القديم.

والثالث: أنه يكفي مسح الوجه والكفين بضربة واحدة؛ لِمَا رُوِي أن رجلًا أتى عمر، فقال: إني أجنبتُ فلم أجد الماء، فقال عمر: لا تصلِّ، قال عمار: "أَمَا تذكر يا أمير المؤمنين، إذ أنا وأنت في سَرية فأجنبْنا فلم نجد الماء، فأما أنت، فلم تصلِّ، وأما أنا، فتمعَّكت في التراب فصليت، فلما أتينا النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذكرتُ له ذلك، فقال ((إنما يكفيك))، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده الأرض ثم نفخ فيها ومسح وجهه وكفيه؟"[9].

وقوله تعالى: ﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]؛ أي من عفوه وغفرانه لكم أنه شرع لكم التيمم، وأباح لكل فعل الصلاة به إذا فقدتم الماء، توسعةً عليكم ورخصةً لكم، وذلك أن هذه الآية الكريمة فيها تنزيه الصلاة أن تُفعَل على هيئة ناقصة؛ مِن سُكْرٍ حتى يصحو المكلف ويعقل ما يقول، أو جنابةٍ حتى يغتسل، أو حدَثٍ حتى يتوضأ، إلا أن يكون مريضًا أو عادمًا للماء[10].

سبب نزول مشروعية التيمم:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش، انقطع عقدٌ[11] لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الْتماسِه، وأقام الناس معه وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ، فأتى الناس إلى أبي بكر، فقالوا: ألا ترى ما صنعتْ عائشة؟ أقامت برسول الله وبالناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء! فجاء أبو بكر ورسولُ الله واضعٌ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله، والناس ليسوا على ماء وليس معهم ماء؟! قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعُن بيده في خاصرتي[12]، ولا يمنعني من التحرك إلا مكانُ رأس رسول الله على فخذي، فقام رسول الله على غير ماء حين أصبح، فأنزل الله آية التيمم فتيمَّموا، فقال أُسَيد بن حُضَير: ما هي بأوَّلِ بركتِكم يا آل أبي بكر، قالت عائشة: فبعثْنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته[13].

فوائد من الآية الكريمة:
1- لفظ (الجنب) لا يؤنَّث ولا يثنَّى ولا يُجمع؛ لأنه على وزن المصدر؛ كالقرب والبعد، يقال: هو جُنُب، وهي جنب، وهم جنب، وهن جنب.

2- الإجماع على أن التيمُّم بالتراب المثبت الطاهر غير المنقول ولا المغصوب، والإجماع على عدم جواز التيمم على الذهب والفِضة والياقوت والأطعمة كالخبز واللحم وغيرها، وكذلك النجاسات.

3- تقرير مبدأ النسخ للأحكام الشرعية في القرآن والسنة؛ إذ حرمت الخمر على مراحل.

4- حرمة مكث الجنب في المسجد، وجواز العبور والاجتياز بدون مكث للحاجة.

5- وجوب الغسل على الجنب، وهو مَن قامت به جنابة، بأن احتلم فرأى الماء، أو جامع أهله فأولج ذَكَره في فرج امرأته، ولو لم ينزل ماءً (منيًّا).

روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جلس بين شُعَبِها الأربع ومسَّ الختانُ الختانَ، فقد وجب الغسل))، وعلى هذا جماهير الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة.

وكيفية الغسل:
أن يغسل كفَّيْه قائلاً: بسم الله، ناويًا رفع الحدَث الأكبر، ثم يستنجي فيغسل فرجيه وما حولهما، ثم يتوضأ فيغسل كفَّيْه ثلاثًا، ثم يتمضمض ويستنشق الماء ويستنثره ثلاثًا، ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه وأذنيه مرة واحدة، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين[14]، ثم يغمس كفَّيْه في الماء، ثم يخلل أصول شعر رأسه، ثم يحثو الماء على رأسه، يغسله بكل حثوة، ثم يفيض الماء على شقِّه الأيمن يغسله، ثم على شقه الأيسر يغسله من أعلاه إلى أسفله، ويتعهد بالماء إبْطَيه، وكل مكان من جسمه ينبو عنه الماء؛ كالسُّرَّة وتحت الركبتين.

6- إذا لم يجد المرءُ التراب لمطرٍ ونحوه، يتيمم بكل أجزاء الأرض من رمل وسبخة[15] وحجارة، والتيمم هو أن يضرب بكفَّيه الأرض، ثم يمسح وجهه وكفيه بهما؛ لحديث عمار في الصحيح.

7- بيان عفو الله وغفرانه؛ لعدم مؤاخذة مَن صلَّوا وهم سكارى[16].

ويباح للمتيمم ما يباح للمتوضئ؛ من الصلاة، والطواف، ومس المصحف، وله أن يُصلِّي ما شاء له من النوافل والفرائض، فهو كالوضوء في رفع الحدث سواء بسواء، على الراجح من أقوال أهل العلم، خلافًا للجمهور الذي قال: إن التيمم مبيح للصلاة فقط، وليس رافعًا للحدث، وكل ما ينقض الوضوء ينقض التيمم؛ لأن التيمم بدل من الوضوء، كما ينقضه وجود الماء لمن تيمم لفقده؛ لقوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾[17].

ومن انتقض وضوءه بحدثٍ أصغر يحرم عليه الصلاة، والطواف بالبيت، ومس المصحف بيده، ومَن كان مُحدِثًا حدثًا أكبر كالجنب، يحرم عليه بالإضافة إلى ما ذكر: قراءة القرآن، والمكث في المسجد، (وإن توضأ فلا بأس بالمرور لحاجة)، قال تعالى: ﴿ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ [النساء: 43].

وذكر ابن كثير - رحمه الله - أن عائشة رضي الله عنها دخلت المسجد لحاجة وهى حائض؛ رواه مسلم، ولا بأس بالذكر والدعاء للجنب، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله في جميع أحيانه، لكن يستحب الوضوء لذكر الله وعند النوم، ولو كان جنبًا، ويندب له قبل الغسل، وتجديده - أي الوضوء - لكل صلاة، أما الحائض والنفساء، فبالإضافة إلى ما مر من محرمات الحدثين، فقد اتفقوا على أنها لا تصوم ولا تصلي، ولا يحل وطؤها ولا طلاقها حتى تطهر، والمسلم والمسلمة لا ينجس بدنهما بجنابة أو حيض أو نفاس، والجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو إعادة الجماع، وكسل عن الاغتسال، فيتوضأ، ولا بأس أن يؤخر الغسل حتى آخر الليل، والله أعلم[18].

الأغسال المستحبة:
آكدها غسل الجمعة[19]، ثم العيدين، والكسوف، والاستسقاء، والغسل من تكفين الميت، ومن الإغماء والجنون، وغسل المستحاضة لكل صلاة، وللإحرام، ودخول مكة والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، وطواف الزيارة، وطواف الوداع، وليس شيء من ذلك واجبًا[20].

فائدة:
اعلم أن قواعد الطب تدور على ثلاث قواعد، هي:
حفظ الصحة عن المؤذيات، والاستفراغ منها، والحمية عنها، وقد نبَّه الله تعالى عليها في كتابه العزيز.

أما حفظ الصحة والحمية عن المؤذي، فقد أمر بالأكل والشرب وعدم الإسراف في ذلك، وأباح للمسافر والمريض الفطر؛ حفظًا لصحتهما، باستعمال ما يصلح للبدن على وجه العدل، وحمايةً للمريض عما يضره.

وأما استفراغ المؤذي، فقد أباح الله تعالى للمحرم المتأذي برأسه أن يحلقه لإزالة الأبخرة المحتقنة فيه، ففيه تنبيه على استفراغ ما هو أولى منها من البول والغائط والقيء والمني والدم وغير ذلك، نبَّه على ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى[21].

[1] المفردات في غريب القرآن - الراغب الأصفهاني.

[2] الصلاة قرة عيون المؤمنين؛ الشيخ د/ طلعت زهران.

[3] الصلاة قرة عيون المؤمنين؛ الشيخ د/ طلعت زهران.

[4] تفسير السعدي رحمه الله تعالى.

[5] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

[6] هامش التعليق على تفسير السعدي لابن عثيمين رحمه الله تعالى.

[7] رواه مسلم وأحمد والنسائي رحمهم الله تعالى.

[8] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

[9] رواه أحمد والنسائي رحمهما الله تعالى.

[10] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

[11] العقد: خيط ينظم فيه الخرز ونحوه يحيط بالعنق.

[12] الخاصرة: ما بين رأس الورك وأسفل الأضلاع.

[13] رواه البخاري رحمه الله تعالى.

[14] الكعب: العظم الناتئ عند ملتقى الساق والقدم، جمعه: كعوب وكعاب؛ (المعجم الوجيز).

[15] سبخة: أرض ذات نز وملح، والنز: الماء الذي يتحلب منه الأرض (المعجم الوجيز).

[16] أيسر التفاسير - الجزائري.

[17] الصلاة قرة عيون المؤمنين - الشيخ د/ طلعت زهران.

[18] أصول المنهج الإسلامي - العبيد ص 152.

[19] هناك من العلماء مَن يرى وجوب غسل الجمعة؛ لحديث: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم))؛ رواه مالك، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، لكن الصحيح أنه سنة، وهو رأي الجمهور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن توضأ يوم الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغتسل فالغسل أفضل))؛ رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، والدارمي.

[20] أصول المنهج الإسلامي - العبيد ص 153.

[21] تفسير السعدي رحمه الله تعالى.



النداء الحادي والعشرون للمؤمنين في القرآن


قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43].

سكارى: جمع سكران، السُّكر: حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما يستعمل في ذلك الشراب، وقد يعتري من الغضب والعشق[1].

والسكر: كل ما يسكر من خمر وشراب، ونقيع التمر الذي لم تمسه النار؛ (المعجم الوجيز).

الغائط: أصل الغائط المطمئنُّ من الأرض الواسع، وكان الرجل إذا أراد أن يقضي حاجته أتى الغائط وقضى حاجته، فقيل لكل مَن قضى حاجته: قد أتى الغائط، يكنَّى به عن العذرة، وقد (تغوط) وبال؛ (مختار الصحاح).

الصَّعيد: يقال لوجه الأرض، ويقال للغبار الذي يصعد من الصعود، ولهذا لا بد للمتيمم أن يعلق بيده غبار؛ (المفردات في غريب القرآن؛ للأصفهاني)؛ والطيِّب؛ أي: الطاهر.

الاغتسال أو الغسل: بضم الغين أو فتحها هو فعل الاغتسال، أو الماء الذي يغتسل به، وبالكسر ما يُغسَل به من صابون ونحوه.

والغسل لغةً: سيلان الماء على الشيء.

وشرعًا: إفاضة الماء الطهور على جميع البدن على وجه مخصوص[2].

التيمم لغةً: القصد.

واصطلاحًا: التعبد لله تعالى بقصد الصعيد الطيب لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها[3].

قال الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى -:
ينهَى الله تعالى عباده المؤمنين أن يقربوا الصلاة وهم سكارى؛ حتى يعلموا ما يقولون، وهذا شامل لقربان موضع الصلاة كالمسجد، فإنه لا يُمكَّن السكران من دخوله، وشامل لنفس الصلاة، فإنه لا يجوز للسكران صلاةٌ ولا عبادة؛ لاختلاط عقله، وعدم علمه بما يقول؛ ولهذا حدَّد تعالى ذلك إلى وجود العلم بما يقول السكران، وهذه الآية الكريمة منسوخة بتحريم الخمر مطلقًا، فإن الخمر في أول الأمر كان غير محرَّم، ثم إن الله تعالى عرض لعباده بقوله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 219]، ثم إنه تعالى نهاهم عن الخمر عند حضور الصلاة كما في هذه الآية، ثم إنه تعالى حرَّمه على الإطلاق في جميع الأوقات في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ [المائدة: 90] الآية، ومع هذا فإنه يشتد تحريمه وقت حضور الصلاة؛ لتضمُّنه هذه المفسدة العظيمة؛ بُعد حصول مقصود الصلاة الذي هو روحها ولبها، وهو الخشوع وحضور القلب؛ فإن الخمر يسكر القلب، ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة.

ويؤخذ من المعنى منع الدخول في الصلاة في حال النعاس المفرط الذي لا يشعر صاحبه بما يقول ويفعل، بل لعل فيه إشارة إلى أنه ينبغي لمن أراد الصلاة أن يقطع عنه كلَّ شاغل يشغل فكره؛ كمدافعة الأخبثينِ، والتوق لطعام، ونحوه، كما ورد في الحديث الصحيح[4].

وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ... ﴾ [النساء: 43].

أما المرض المبيح للتيمم، فهو الذي يخاف معه من استعمال الماء فوات عضو، أو شينه، أو تطويل البُرء، ومن العلماء مَن جوَّز التيمم بمجرد المرض؛ لعموم الآية.

قال مجاهد: نزلت في رجل من الأنصار كان مريضًا، فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ، ولم يكن له خادم فيناوله، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكر له، فأنزل الله هذه الآية.

والسفر معروف، لا فرق بين الطويل والقصير.

والغائط هو المكان المطمئن من الأرض كنَّى بذلك عن التغوُّط، وهو الحدث الأصغر.

وأما قوله: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾، فقُرِئ (لمستم) و(لامستم)، واختلف المفسرون في معنى ذلك على قولين:
أحدهما: أن ذلك كناية عن الجماع.

وقال آخرون: عنى الله بذلك كلَّ لمسٍ، بيدٍ كان أو بغيرها من أعضاء الإنسان، وأوجب الوضوء على كل مَن مس بشيء من جسده شيئًا من جسدها مفضيًا إليه.

عن عبدالله بن مسعود قال: القُبلة من المس وفيها الوضوء، وروى مالك - رحمه الله - عن ابن عمر عن أبيه أنه كان يقول: قُبلة الرجل امرأته وجسه بيده من الملامسة.

قال ابن جرير: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مَن قال: عنى الله بقوله: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ الجماع، دون غيره من معاني اللمس؛ لصحة الخبر عن رسول الله أنه قبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ[5].

والذي انتهى إليه التحقيق في لمس المرأة أنه لا ينقض الوضوءَ، إلا إذا كان لشهوة وكان الملامس يعرف من نفسه أنه يخرج منه مذي باللمس، وأما إذا لم يؤدِّ اللمس إلى خروج المذي، فلا ينتقض الوضوء، والمسألة راجعة إلى حالة الملامس، فكل ما أفضى إلى الإمذاء، فهو ناقض للوضوء[6].

وقوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [النساء: 43]، استنبط كثير من الفقهاء من هذه الآية أنه لا يجوز التيمُّم لعادم الماء إلا بعد طلب الماء، فمتى طلب الماء فلم يجده، جاز له حينئذٍ التيمم، فالتيمم لغةً: القصد، والصعيد: التراب، وهو قول الشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهما، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴾ [الكهف: 40]؛ أي: ترابًا أملس طيبًا.

وقال مالك - رحمه الله -: هو كل ما صعِد على وجه الأرض؛ فيدخل فيه التراب والرمل والشجر والنبات.

وفي صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فُضِّلنا على الناس بثلاث: جُعِلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجُعِلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجُعِلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء))[7]، قالوا: فخصص الطهورية بالتراب في مقام الامتنان، والطيب ها هنا: قيل: الحلال، وقيل: الذي ليس بنجس[8].

وقوله تعالى: ﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾ [النساء: 43]، التيمم بدل عن الوضوء في التطهر به، لا أنه بدل منه في جميع أعضائه، ويكفى مسح الوجه واليدين فقط بالإجماع، واختلف الأئمة في كيفية التيمم على أقوال:
أحدها - وهو مذهب الشافعي في الجديد -: أنه يجب أن يمسح الوجه واليدين إلى المرفقين بضربتين.

والثاني: أنه يجب مسح الوجه واليدين إلى الكفَّين بضربتين، وهو قول الشافعي في القديم.

والثالث: أنه يكفي مسح الوجه والكفين بضربة واحدة؛ لِمَا رُوِي أن رجلًا أتى عمر، فقال: إني أجنبتُ فلم أجد الماء، فقال عمر: لا تصلِّ، قال عمار: "أَمَا تذكر يا أمير المؤمنين، إذ أنا وأنت في سَرية فأجنبْنا فلم نجد الماء، فأما أنت، فلم تصلِّ، وأما أنا، فتمعَّكت في التراب فصليت، فلما أتينا النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذكرتُ له ذلك، فقال ((إنما يكفيك))، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده الأرض ثم نفخ فيها ومسح وجهه وكفيه؟"[9].

وقوله تعالى: ﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]؛ أي من عفوه وغفرانه لكم أنه شرع لكم التيمم، وأباح لكل فعل الصلاة به إذا فقدتم الماء، توسعةً عليكم ورخصةً لكم، وذلك أن هذه الآية الكريمة فيها تنزيه الصلاة أن تُفعَل على هيئة ناقصة؛ مِن سُكْرٍ حتى يصحو المكلف ويعقل ما يقول، أو جنابةٍ حتى يغتسل، أو حدَثٍ حتى يتوضأ، إلا أن يكون مريضًا أو عادمًا للماء[10].

سبب نزول مشروعية التيمم:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش، انقطع عقدٌ[11] لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الْتماسِه، وأقام الناس معه وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ، فأتى الناس إلى أبي بكر، فقالوا: ألا ترى ما صنعتْ عائشة؟ أقامت برسول الله وبالناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء! فجاء أبو بكر ورسولُ الله واضعٌ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله، والناس ليسوا على ماء وليس معهم ماء؟! قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعُن بيده في خاصرتي[12]، ولا يمنعني من التحرك إلا مكانُ رأس رسول الله على فخذي، فقام رسول الله على غير ماء حين أصبح، فأنزل الله آية التيمم فتيمَّموا، فقال أُسَيد بن حُضَير: ما هي بأوَّلِ بركتِكم يا آل أبي بكر، قالت عائشة: فبعثْنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته[13].

فوائد من الآية الكريمة:
1- لفظ (الجنب) لا يؤنَّث ولا يثنَّى ولا يُجمع؛ لأنه على وزن المصدر؛ كالقرب والبعد، يقال: هو جُنُب، وهي جنب، وهم جنب، وهن جنب.

2- الإجماع على أن التيمُّم بالتراب المثبت الطاهر غير المنقول ولا المغصوب، والإجماع على عدم جواز التيمم على الذهب والفِضة والياقوت والأطعمة كالخبز واللحم وغيرها، وكذلك النجاسات.

3- تقرير مبدأ النسخ للأحكام الشرعية في القرآن والسنة؛ إذ حرمت الخمر على مراحل.

4- حرمة مكث الجنب في المسجد، وجواز العبور والاجتياز بدون مكث للحاجة.

5- وجوب الغسل على الجنب، وهو مَن قامت به جنابة، بأن احتلم فرأى الماء، أو جامع أهله فأولج ذَكَره في فرج امرأته، ولو لم ينزل ماءً (منيًّا).

روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جلس بين شُعَبِها الأربع ومسَّ الختانُ الختانَ، فقد وجب الغسل))، وعلى هذا جماهير الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة.

وكيفية الغسل:
أن يغسل كفَّيْه قائلاً: بسم الله، ناويًا رفع الحدَث الأكبر، ثم يستنجي فيغسل فرجيه وما حولهما، ثم يتوضأ فيغسل كفَّيْه ثلاثًا، ثم يتمضمض ويستنشق الماء ويستنثره ثلاثًا، ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه وأذنيه مرة واحدة، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين[14]، ثم يغمس كفَّيْه في الماء، ثم يخلل أصول شعر رأسه، ثم يحثو الماء على رأسه، يغسله بكل حثوة، ثم يفيض الماء على شقِّه الأيمن يغسله، ثم على شقه الأيسر يغسله من أعلاه إلى أسفله، ويتعهد بالماء إبْطَيه، وكل مكان من جسمه ينبو عنه الماء؛ كالسُّرَّة وتحت الركبتين.

6- إذا لم يجد المرءُ التراب لمطرٍ ونحوه، يتيمم بكل أجزاء الأرض من رمل وسبخة[15] وحجارة، والتيمم هو أن يضرب بكفَّيه الأرض، ثم يمسح وجهه وكفيه بهما؛ لحديث عمار في الصحيح.

7- بيان عفو الله وغفرانه؛ لعدم مؤاخذة مَن صلَّوا وهم سكارى[16].

ويباح للمتيمم ما يباح للمتوضئ؛ من الصلاة، والطواف، ومس المصحف، وله أن يُصلِّي ما شاء له من النوافل والفرائض، فهو كالوضوء في رفع الحدث سواء بسواء، على الراجح من أقوال أهل العلم، خلافًا للجمهور الذي قال: إن التيمم مبيح للصلاة فقط، وليس رافعًا للحدث، وكل ما ينقض الوضوء ينقض التيمم؛ لأن التيمم بدل من الوضوء، كما ينقضه وجود الماء لمن تيمم لفقده؛ لقوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾[17].

ومن انتقض وضوءه بحدثٍ أصغر يحرم عليه الصلاة، والطواف بالبيت، ومس المصحف بيده، ومَن كان مُحدِثًا حدثًا أكبر كالجنب، يحرم عليه بالإضافة إلى ما ذكر: قراءة القرآن، والمكث في المسجد، (وإن توضأ فلا بأس بالمرور لحاجة)، قال تعالى: ﴿ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ [النساء: 43].

وذكر ابن كثير - رحمه الله - أن عائشة رضي الله عنها دخلت المسجد لحاجة وهى حائض؛ رواه مسلم، ولا بأس بالذكر والدعاء للجنب، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله في جميع أحيانه، لكن يستحب الوضوء لذكر الله وعند النوم، ولو كان جنبًا، ويندب له قبل الغسل، وتجديده - أي الوضوء - لكل صلاة، أما الحائض والنفساء، فبالإضافة إلى ما مر من محرمات الحدثين، فقد اتفقوا على أنها لا تصوم ولا تصلي، ولا يحل وطؤها ولا طلاقها حتى تطهر، والمسلم والمسلمة لا ينجس بدنهما بجنابة أو حيض أو نفاس، والجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو إعادة الجماع، وكسل عن الاغتسال، فيتوضأ، ولا بأس أن يؤخر الغسل حتى آخر الليل، والله أعلم[18].

الأغسال المستحبة:
آكدها غسل الجمعة[19]، ثم العيدين، والكسوف، والاستسقاء، والغسل من تكفين الميت، ومن الإغماء والجنون، وغسل المستحاضة لكل صلاة، وللإحرام، ودخول مكة والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، وطواف الزيارة، وطواف الوداع، وليس شيء من ذلك واجبًا[20].

فائدة:
اعلم أن قواعد الطب تدور على ثلاث قواعد، هي:
حفظ الصحة عن المؤذيات، والاستفراغ منها، والحمية عنها، وقد نبَّه الله تعالى عليها في كتابه العزيز.

أما حفظ الصحة والحمية عن المؤذي، فقد أمر بالأكل والشرب وعدم الإسراف في ذلك، وأباح للمسافر والمريض الفطر؛ حفظًا لصحتهما، باستعمال ما يصلح للبدن على وجه العدل، وحمايةً للمريض عما يضره.

وأما استفراغ المؤذي، فقد أباح الله تعالى للمحرم المتأذي برأسه أن يحلقه لإزالة الأبخرة المحتقنة فيه، ففيه تنبيه على استفراغ ما هو أولى منها من البول والغائط والقيء والمني والدم وغير ذلك، نبَّه على ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى[21].

[1] المفردات في غريب القرآن - الراغب الأصفهاني.

[2] الصلاة قرة عيون المؤمنين؛ الشيخ د/ طلعت زهران.

[3] الصلاة قرة عيون المؤمنين؛ الشيخ د/ طلعت زهران.

[4] تفسير السعدي رحمه الله تعالى.

[5] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

[6] هامش التعليق على تفسير السعدي لابن عثيمين رحمه الله تعالى.

[7] رواه مسلم وأحمد والنسائي رحمهم الله تعالى.

[8] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

[9] رواه أحمد والنسائي رحمهما الله تعالى.

[10] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

[11] العقد: خيط ينظم فيه الخرز ونحوه يحيط بالعنق.

[12] الخاصرة: ما بين رأس الورك وأسفل الأضلاع.

[13] رواه البخاري رحمه الله تعالى.

[14] الكعب: العظم الناتئ عند ملتقى الساق والقدم، جمعه: كعوب وكعاب؛ (المعجم الوجيز).

[15] سبخة: أرض ذات نز وملح، والنز: الماء الذي يتحلب منه الأرض (المعجم الوجيز).

[16] أيسر التفاسير - الجزائري.

[17] الصلاة قرة عيون المؤمنين - الشيخ د/ طلعت زهران.

[18] أصول المنهج الإسلامي - العبيد ص 152.

[19] هناك من العلماء مَن يرى وجوب غسل الجمعة؛ لحديث: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم))؛ رواه مالك، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، لكن الصحيح أنه سنة، وهو رأي الجمهور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن توضأ يوم الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغتسل فالغسل أفضل))؛ رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، والدارمي.

[20] أصول المنهج الإسلامي - العبيد ص 153.

[21] تفسير السعدي رحمه الله تعالى.




__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-12-2014, 01:45 PM
دودو دول دودو دول غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 127
معدل تقييم المستوى: 10
دودو دول is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرااا
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:45 AM.