شاهد رسائل الرسـول صلى الله عليه وسلم إلى ملوك عصره

[عزة عثمان]

رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ملوك عصره

أرسل رسول الإسلام محمد بن عبد الله إلى الملوك والرؤساء رسائل يدعوهم للإسلام تحقيقا لعالمية الإسلام كما جاء في قول القرآن: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} سورة الفرقان:1، ثم توالت الآيات في السور المكية تؤكد عالمية الإسلام كقول القرآن: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا}سورة سبأ:28، كما جاءت في معنى عالمية الإسلام آيات في سورة الأنبياء والأعراف وإبراهيم وبناء على هذه العالمية أرسل رسائله إلى ملوك عصره وأمراء عهده، وتمتاز هذه الرسائل بالنقاط التالية:

1. تجاهل الرسول تماما التوسعات الاستعمارية التي كان يقوم بها الروم والفرس ضد بعض المناطق المحيطه بجزيره العرب وكتب صلوات الله وسلامه عليه لولاة هذه المناطق مباشرة فكتب لوالى الروم على دمشق والمقوقس والى مصر، وكتب إلى باذان والى الفرس على اليمن، وتعتبر هذه الخطوة رائعة ذات مغزى عظيم في الدلالة على عظمة الدعوة.

2. صيغت كتب رسول الإسلام بمنتهى الحكمة والبراعة فالرسول فيها سمح يدعو ولا يهدد، يخاطب الملوك والروساء بألقابهم ويعترف بمكانتهم ويقرر أن سلطانهم في ظل الإسلام باق لهم، وهو بذلك يؤكد أنه ليس طالب ملك، ثم هو يذكر أن هناك زكاة في أموال الأغنياء ولكنه يؤكد أن الزكوات والصدقات لا تحل لمحمد ولا آل محمد، وإنما تؤخذ من أغنياء المسلمين وترد على فقرائهم، وهو بهذا يؤكد أنه ليس طالب مال.

3. كان عليه الصلاة والسلام يخاطب كل ملك حسب ظروفه، فإن كان من أهل الكتاب أشار إلى ما بين الأديان السماوية من روابط، وإذا كان من غيرهم أشار إلى التزام البشرية بالعودة إلى الله وترك عبادة ما سواه
.
4. اختير المبعوثون بحيث يعرف كل منهم لغة من سيرسل إليه.

5. امتدت فترة إرسال الرسل فيما بين الحديبية ووفاة الرسول.

ونذكر هنا نصوص بعض الرسائل:

رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الروم

نص رسالة الرسول إلى هرقل ملك الروم

«"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإنى أدعوك بدعوة الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم جميع الآريسيِّين". {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} آل عمران:64.»


رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس


نص رسالة الرسول إلى كسري ملك فارس

«" بسم الله الرحمن الرحيم " من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك." »

واختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السهمي، فلما قرئ الكتاب على كسرى مزقه، وقال: عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي، ولما بلغ ذلك الرسول قال: مزق الله ملكه، وقد كان كما قال،فقد مات كسرى بعد فترة من الزمن و تمزق ملكه .

رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر

نص رسالة الرسول إلى المقوقس ملك مصر

«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الإسلام إلى المقوقس عظيم القبط: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.»

وتقول الرواية: إن المقوقس لما قرأ الكتاب سأل حامله حاطب بن أبي بلتعة: ما منع صاحبك إن كان نبيا أن يدعو على من أخرجوه من بلده فيسلط الله عليهم السوء؟ فقال حاطب: وما منع عيسى أن يدعو على أولئك الذين تآمروا عليه لي***وه فيسلط الله عليهم ما يستحقون؟ قال المقوقس: أنت حكيم جئت من عند حكيم.

رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة


نص رسالة الرسول إلى النجاشي ملك الحبشة

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الإسلام إلى النجاشى ملك الحبشة: سلام عليك إنى أحمد الله إليك ،الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه كما خلق آدم بيده، وإنى أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحى، والسلام على من اتبع الهدى.

وقد أدت الرسائل كلها مهمتها خير أداء.

يا رسول الله
محبتك بقلوبنا النابضة بالإيمان
غلاك بصدورنا الفائضة بالحنان
معزتك بعيوننا التي تراك في كل مكان
يارسول الله
نحبك بكل ما لدينا من احساس ووجدان
نحبك بكل لغات العالم والأديان
أنت نور الخلق ونور الجنان
أنت الشفيع والهادي للإنسان
يارسول الله علمتنا
كيف يكون حب الإنسان لأخية الإنسان ؟
كيف تكون محبتنا للوالدان ؟
كيف تكون معزتنا للأوطان ؟
حبنا لك لا يوصف بحق القرآن
محبتك بقلوبنا أكبر من أي شيئ كان

أيا من صلى عليك الله من سبع سموات.. سلام عليك.. سلام عليك عدد الكلمات المخلوقة.. والحروف المنطوقة.. والجمل المكتوبة والمسرودة..

سلامٌ عليك عدد النجوم التي خُلقت.. وعدد السحابات التي سَبَحت في السماء.. وعدد حبات الرمل في البيادي والصحراء.. وعدد الحصى والحجر الذي يُسبح ويُكبر لله..

سلامٌ عليك ورحمة من عند الله الواحد الأحد الذي اصطفاك حبيبا بارئ النسم.. سلامٌ عليك يا أطهر من مشى على الأرض… وأشرف جميع الخلق… يا من ليس قبله ولا بعده بشر يوازيه ولا إنسان يساويه…

إشتقتُ إليك يا رسول الله… أي والله إشتقت إليك…

إشتقتُ أن ترى عيناي بديع جمال آياته المنثورة في وجهك الشريف.. وإلى التطلع إلى تقاسيمه وتفاصيله.. وأنت تضحك باسمًا لدى رؤية الحق.. أو وأنت تعبس لدى رؤية الباطل..

إشتقتُ أن أرى النور المتناثر على صفحات جبهتك.. المتلألئ كحبات اللؤلؤ.. وسط وجهك المنير كالبدر الذي يلوح للناظر.. سبحانه من سواك فأحسن خلقك.. سبحانه من صورك في أحسن الصور..

جُلنا في صفحات الكتب التي تروي سيرتك الشريفة.. وعِشنا أيامكم ولياليكم وطُفنا معكم في المعارك وراقبناكم في الغزوات، وانتظرنا عودتكم مظفرين بالنصر مع المنتظرين… فاشتممنا رائحة السّعادة تنبع من بيوتكم .. وتمنينا لو طوقناكم بسواعد الحُبور…ونقلنا إليكم بعض ما نحمل لكم من اشتياق وسُرور..

زُرناك بأرواحنا عديد المرات وأنت بين شوارع مكّة والمدينة… تتحدث لهذا… وتنصح ذاك وتسأل عن البعيد والقريب.. الكبير والصغير…

تسألُ أحبّتك فجرًا عمّا رأوا من رؤيا.. فتستبشر بها.. وتُفسّر.. تسأل عمّن صام يوما.. وصلى نافلة… وأعطى صدقة… ومنح مِنْحة.. فتشجعُ وتُقوي العزيمة لفعل الخيرات..

تـُعزي المفقود… وتساعد المكروب… وتدعو للضائق ..

وتخللتْ قلوبَنا مشاعر الغيرة من هؤلاء.. ممن أكلوا معك الطعام.. وممن تبادلوا معك الكلام.. وممن ارتوت صدورهم بعذب حديثك.. ومن إطمئنت قلوبهم بروائح وطيب نُصحك..

نصرتَ المظلوم.. ونصحتَ الظالم.. دعوتَ للمكروب.. وأرشدتَ التائه.. من صلى في صفك فاز.. ومن أكل معك الطعام نال البركة.. ومن مَسَحْتَ ضُره زال ضُره.. والبركة حلت وهلت بتواجدك معهم وبدعواتك لهم.. فصلى الله عليك وسلم وبارك يا حبيبي يا رسول الله..

أطمعُ في رحمة قلبك التي أغدق الله عليك بها.. وفي عطفك وحنانك اللذان حباكهما الله وحدك.. حتى أشكو إليك ما بي.. وبغيري من ضر.. حتى تحمل بعضه عنا..

أوَ ترى ما حل بحياتنا من كروب.. أو ترى ما حل من خراب الدين في القلوب.. أو ترى ما حل بأمتك من بعدك يا رسول الله..

أصبحَ الدين يتحلل من قلوب العباد.. والفضيلة تتلاشى من صدور هؤلاء.. وأصبحت الأخلاق تتحلل بين البشر..

كلّ يقول نفسي.. نفسي.. كل ضائع.. تائه في نفسه.. لا يدري هل ما يفعله هو الصواب..

صارت الرذائل تُمارس علنا.. وما من قلب يتحرك..

هذي الأرض قد تعرّت من الحياء.. وهذي الدنيا قد اكتست لون الضلال.. والخشية أن نستقبل يوما ما غروب شمس الإسلام.. فيعود غريبا.. كما أتى.. إلا من رحم ربي.. من هؤلاء الغرباء.. الذين سيعُضُون على الدين بالنواجذ..

الوحشة أصابتنا في هذه الحياة.. والغربة قد لمتنا في عالم صار تائها عن الدين.. بعيدا عما حملتَه إلينا يا نبينا الحبيب..

صرتُ أحسّ بالوحشة لما أسير بالشوارع.. لما أرى بنات حواء وقد غلّفهن زيّ غريب عن أمة الإسلام.. وقد اختلطت لهجاتهن بقبيح الكلام.. ما دعى إليه حُسنُ الإسلام يوما.. فأتساءل أين فاطمة.. أين خديجة.. أين أسماء..

صرتُ أحسُ بالغُربة.. لما أرى *** بني آدم.. وما أصابه من عدوى التقليد.. شعر شائك وموسيقى في الآذان.. وعيون زائغة هنا وهناك.. وأتساءل أين أبو بكر.. أين عمر.. أين علي..


صارت الأخلاق تتلاشى يوما بعد يوم.. الكذب صار هواية.. والنفاق صار رفيقا.. والأدبُ صار غريبا.. غاب التآلف والتكاثف والاتحاد بين الناس.. واتضحت معالم القسوة والجمود والتنافر والأنانية التي غطت البشر.. وصار الناس غرباء فيما بينهم..

مجتمعاتنا غلّفتها الآفات.. رشوات.. ومحسوبيات.. وسرقات.. وظلم في وضح النهار..

وبُلداننا صارت تحمل كل يوم نعش شهيد يُقدمُ على طبق من الدموع والآهات.. والناس تُقلب قنوات التلفاز ولا حيلة لها سوى التأفف.. والتذمر..

انتفاضاتٌ لا تجلب نتائج لأحد.. وشعاراتٌ لا تتعدى كونها حبرا على ورق.. واستهزاءٌ بمن صرخت يوما وامعتصماه.. لتُجيبها طفلة بأنشودة حزينة.. لا معتصمٌ فينا لبّى.. فعليكم بهم يا الله..

فأين أنت يا رسول الله لترى ما حل بأمة الإسلام..

اشتقنا أن تكون خطواتك بيننا.. اشتقنا أن نتنفس معك نفس الهواء.. اشتقنا أن نتبع خطواتك بعد الزلل.. اشتقنا إلى عطفك ورأفتك بنا.. اشتقنا أن تحضننا بحضن الإسلام.. وأن تُغدق علينا بكل الحنان.. يا أحن البشر.. يا ألطف البشر.. يا محمد يا حبيبي.. يا رسول الله..

نحتاج إلى دويّ صوتك بين صفوف أمتنا.. حتى نستفيق من السّكرات.. ونُعيد من جديد رسم الحياة..

أخاف أن يزيد وهن الأمة.. أخاف أن لا تزول عنا الغمة.. أخاف من يوم نسير فيه غرباء.. ويغدو فيه مُتبعوك يُعدّون على أصابع اليدين..

كنتُ في أيام الصغر أسمع عن بعض العلامات التي ستلحق بدنيا الفناء.. فأستبعدها.. وأراها بعيدة عنا بعد المشرقين والمغربين.. لكنا اليوم صرنا نقرب كل يوم آية منها وعلامة من علاماتها.. وصارت الأيام التي تأتي تحمل معها كل يوم فتنة جديدة.. صارت كل خطوة إلى الأمام بثقة.. تتحوّلُ في الغد إلى غير مسارها.. وتعود بنا للوراء..

ما يُعزينا هو سحابة حبّك التي ضللتنا حتى وأنت بعيدٌ عنا.. يوم قلتَ لصحابتك أنك اشتقت إلينا نحن الذين آمنا بك دون أن نراك...

ونحن كذلك اشتقنا إليك.. ومحبتك وصلت يا حبيب الله.. ونبادلك بأضعاف مقدارها.. عساك تشفع لنا يوم العرض.. ثم نشرب من يدك الطيبة الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا.. وقد يجمعنا ظل عرش الرحمن.. بإذن الرحمن.. وتلك أكبر الغايات.. وكل المنى.. والأمنيات..

هذا عزاؤنا الوحيد.. يُخفف من نار اشتياقنا.. ويبعث فينا أمل اللقاء بك .. ويعطينا جلدًا وصبرًا على نكبات الزمان..

فصلى الله وسلم وبارك عليك وعلى جميع صحبك ومن اتبعك إلى يوم الدين.

[عزة عثمان]

[عزة عثمان]

[عزة عثمان]

[عزة عثمان]

[عزة عثمان]

[M/hamad]

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ