مطابقة الفعل والعمل للقول من اّداب الحوار والمناقشة والنقد والتقويم فى الاسلام

[د.السيد العزازى]

ونقصد من وراء ذالك أن على القائم بالنقد والتقويم والذى يوطن نفسه فى الحوار والمناقشة .أن يكون أولا من أهل القدوة الحسنة لغيره.وهذا يتتطلب أن يكون أولا رقيبا على نفسه قبل أن يكون رقيبا على الاخرين .مطابقا فعله قوله.متصلا بذاته القيام على الفرائض والواجبات .والمواظبة على سنن النبى صلى الله عليه وسلم .وجميع سنن الشرع ومستحباته..فان ذالك أزيد فى توقيره .وأكثر استجابة لقوله.وأنفى للطعن فى عقيدته .لأنه وكما قال الدكتور محمود عماره :اذا كانت الوقاية من السيئات سبيلا الى الفوز برحمة الله تعالى .فان الوصول بالناس الى هذا الفوز العظيم يحتم سلامة القاعدة التى ينطلق منها الارشاد.. ونستند فى ذالك الى ما يلى :

---------------من القران الكريم----------------

-قوله تعالى: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون )...

والمعنى:أى تدعون الناس الى الخير وتتركون أنفسكم أفلا تفعلون الخير .من الكلم الطيب .وحسن الأسلوب..والاستفهام هنا للتوبيخ والتقريع .وعبر هنا وكما قال الدكتور الصابونى فى تفسيره :عن ترك الفعل بالنسيان مبالغة فى الترك فكأنه لا يجرى لهم على بال .وعلقه بالأنفس توكيدا للمبالغة فى الغفلة المفرطة ..

2-قوله تعالى: ياأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون.)..

والمعنى :أى ياأيهاالذين صدقوا الله ورسوله لم تقولون بألسنتكم شيئا ولا تفعلونه ..ولأى شيىء تقولون نفعل مالا تفعلونه من الخير والمعروف.وهو أيضا وكما قال القرطبى :استفهام على جهة الانكار والتوبيخ. وقال ابن كثير :هذا الانكار على من يعد وعدا أو يقول قولا لا يفى به ..

-----------من السنة النبوية الشريفة ---------------

نذكر منها :
1-ما روى عن أنس رضى الله عنه قال : قال :رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليلة أسرى بى مررت على ناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت :يا جبريل من هؤلاء قال :هؤلاء الخطباء من أهل الدنيا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون)..وفى رواية : (أتيت ليلة أسرى بى على قوم تقرض شفاهم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت .قلت :من هؤلاء يا جبريل قال :هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ولا يفعلون ويقرأون كتاب الله ولا يعملون )..القرطبى ص 406--..6746...

2-ما روى أن أسامة بن زيد-رضى الله عنه -قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى فى النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع عليه أهل النار فيقولون يا فلان مالك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى قد كنت اّمر بالمعروف ولا اّتيه وأنهى عن المنكر واّتيه.)..ّّصحيح.شرح مسلم..

بل ان الصحابة -رضوان الله عليهم -كانوا يتحرجون من الدعوة الى الله. وتعليم الغير .والنصح والتوجيه..والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر..قبل أن يحاسبوا.. أنفسهم.. وأولادهم.. وأهليهم..فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه -قبل أن يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر يجمع أهل بيته ويقول لهم أما بعد فانى سأدعوا الناس الى كذا وكذا وأنهاهم عن كذا وكذا .وانى أقسم بالله العظيم لا يبلغنى عن أحد منكم أنه فعل ما نهيت الناس عنه .أو ترك ما أمرت الناس به الا نكلت به نكالا شديدا .)..الطبقات الكبرى لابن سعد..........
ثم يخرج فيدعوا الناس فما يتأخر أحد عن السمع والطاعة....

بل ان الامام أحمد -رحمه الله -سئل عن الرجل يكثر من كتابة الحديث وطلبه أيسوغ له ذالك فقال ينبغى أن يكثر العمل به على قدر زيادته فى الطلب ..

وأخيرا لا أملك الا أن أقول:هذا ديننا..هذا ديننا..الذى قاد العالم أجمع منذ بعث النبى صلى الله عليه وسلم والى يومنا هذا..والى يوم القيامة..لكننا وللأسف الشديد عطلنا العمل به..وأخذنا نبحث عن تراث الغير الردىء بل ونتمسك به ..ليقود جميع سلوكياتنا فى كل مواقع العمل والانتاج ...

ويالها من أمة اّخذة فى تضيع الحقوق والواجبات..وتبغى العزة من عند غيرها..وعندها العزيز الأعز(ما فرطنا فى الكتاب من شيىء )..وخبر (تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى..)...

ويالها من أمة تعمل جاهدة فى الاكثار ..الاكثار ..فى الطلب ولا تعمل ..بل ولا تقدم جديدا فى الفعل والعمل.. الأمم من حولها تعمل جاهدة رجالا ونساءا من أجل التقدم والرقى ..وأبناؤها فلاسفة فى الخوض فى الباطل ..وبطر الحق ..

-----------------أعتقد أن الرسلة قد وصلت لزملائى وزميلاتى..والى بنى وطنى..والى كل أبناء الأمة والعروبة والاسلام....فهيا جميعا نعمل ونخلص فى العمل ..من أجل صدقة جارية تنفعنا جميعا فى الدنيا والاّخرة..ومصرنا العزيزة..وأزهرنا الشريف....

----------------ونسالكم الدعاء... وشكرا--