اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-03-2013, 02:21 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New كُنْ أبا خيثمة


خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمحاربة الروم في رجب من العام التاسع الهجري، في غزوة سميت بغزوة تبوك نسبة إلى عين ماء يقال لها تبوك، وعرفت كذلك بغزوة العُسْرة، لصعوبة وشدة الظروف التي وقعت فيها، من شدة الحر، وقلة الماء، وبُعْد المكان، وقلة المال والدواب، ويصف عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ذلك فيقول: " خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلاً وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعتصر فرثه فيشربه "، وقال الله تعالى عن هذه الغزوة: { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ } (التوبة: 117) .

ورغم صعوبة وشدة هذه الغزوة فقد استجاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ، فنفروا للجهاد مسرعين، يسيرون في الصحراء المترامية، بين الحر الشديد ووعورة الطريق، لا يكترثون بوعثاء السفر، ولا يثنيهم عن غايتهم ما يحيط بهم من المتاعب، بل يَجدون في طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم ـ ما يذهب كل ألم ويزيل كل مشقة.
ومع ذلك فقد تخلف عن الخروج مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعض المسلمين عن غير شك ولا ارتياب، منهم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية .
وهناك الذين فترت - أول الأمر- هممهم، فلما جدّ الرحيل وانطلق الجيش أحسوا خطر التخلف على إيمانهم، فنهضوا يدركون ما يوشك أن يفوتهم، منهم : أبو خيثمة،قال ابن إسحاق عنهم : " نفر صدق لا يُتهم في إسلامهم، غير أن أبا خيثمة لحق برسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ في تبوك " .

روى البيهقي في الدلائل، والطبراني، والواقدي، وابن كثير، وابن إسحاق في قصة أبي خيثمة ـ رضي الله عنه ـ: " .. ثم إن أبا خيثمة رجع بعد أن سار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيامًا إلى أهله في يوم حارّ، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائطه (بستانه) قد رشت كل واحدة منهما عريشها، وبردت له فيه ماء، وهيأت له فيه طعامًا, فلما دخل قام على باب العريش، فنظر إلى امرأتيه، وما صنعتا له، فقال: رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الضح (الشمس) والريح والحر، وأبو خيثمة في ظل بارد، وطعام مهيأ, وامرأة حسناء في ماله مقيم؟!، ما هذا بالنَصَف (العدل)، ثم قال: والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فهيِّئا لي زادًا، ففعلتا، ثم قدم ناضحه (جمله) فارتحله، ثم خرج في طلب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أدركه حين نزل تبوك، وقد كان أدرك أبا خيثمة عميرُ بن وهب الجمحي في الطريق، يطلب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فترافقا، حتى إذا دنوا من تبوك، قال أبو خيثمة لعمير بن وهب: إن لي ذنبًا، فلا عليك أن تخلف عني حتى آتي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ففعل حتى إذا دنا من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو نازل بتبوك، قال الناس: هذا راكب على الطريق مقبل، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كن أبا خيثمة ) , فقالوا: يا رسول الله, هو – والله - أبو خيثمة، فلما أناخ أقبل فسلم على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أوْلى لك يا أبا خيثمة، ثم أخبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخبر، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خيرًا، ودعا له بخير ) " .
قال ابن هشام: وقال أبو خيثمة في ذلك شعرًا, واسمه مالك بن قيس :

لما رأيت الناس في الدين نافقوا أتيت التي كانت أعفَّ وأكرما
وبايعت باليمنى يدي لمحمد فلم أكتسب إثما ولم أغش محرما
تركت خضيبا في العريش وصرمة صفايا كرامًا يسرها قد تحمما
وكنت إذا شك المنافق أسمحت إلى الدين نفسي شطره حيث يمما

خضيبا : المرأة، وصرمة : جماعة النخل، صفايا : كثيرة الثمر، تحمما :اسود وطاب، أسمحت : انقادت .

هذه القصة فيها الكثير من الدلالات والعبر أهمها :

ـ حكمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقوله: ( كن أبا خيثمة ) يدل على معرفته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأصحابه، ومعرفة خصال الرجال ومعادنهم .
ـ الدلالة على حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه، وحرصه عليهم، فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قال عنه ربه ـ عز وجل ـ : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ }(التوبة:128) .
ـ توجيه صاحب الخطأ إذا أخطأ، إذ قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي خيثمة: ( أوْلى لك يا أبا خيثمة )، وهي كلمة فيها عتاب وتربية، ومعناها: دنوتَ من الهلكة، وكان الأجدر بك ألا تفعل ذلك، وهذا منهج نبوي كريم في تعليم القادة والمُرَبِّين عدم السكوت على الخطأ، لأن ذلك يضر صاحبه ويلحق الضرر بغيره، مع توجيه المخطيء برفق وحب ..

وفي قصة أبي خيثمة درس لكل مسلم، أن لا يتخلف أو يتردد عن عملٍ يقتضيه دينه، فالراحة والسعادة لا معنى ولا طعم لهما مع مخالفة أمر الله، أو أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فالتخلف عن القيام بواجباتنا نقص في الإيمان، وخلل في الدين، لابد فيه من التوبة الصادقة مع الله، ولذلك سارع أبو خيثمة إلى إصلاح خطئه، فهذا سلوك المتقين الذين تمر عليهم لحظات ضعف يعودون بعدها أقوى إيمانا مما كانوا عليه إذا تذكروا وحاسبوا أنفسهم, وفي ذلك يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } (الأعراف: 201) ..

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-03-2013, 02:22 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New



ومن التائبين الذين كانت ذنوبهم سبباً لتوبتهم الصحابي الجليل أبو خيثمة . وقد نقل الإمام ابن قدامة توبته بالسند، وهو عالم مُحدِّث فقيه بارع كما هو معروف، ولذلك يورد القصص التي يوردها بالأسانيد إلى منتهى السند، سواء أكان إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم إلى أحد العلماء من المؤلفين، أو إلى كتب رواة الإسرائيليات، أو أخبار بني إسرائيل إن كان السند ينتهي إليهم.وكان ابن قدامة رحمه الله تعالى من الأئمة المجاهدين مع صلاح الدين الأيوبي في معاركه، ومع ذلك كتب المغني الذي هو من أعظم وأنفع كتب الفقه المقارن، وغير ذلك من المؤلفات النافعة، فذكر بإسناده إلى ابن إسحاق صاحب السيرة . يقول: تخلف أبو خيثمة أحد بني سالم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تبوك ، حتى إذا سار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجع أبو خيثمة ذات يوم إلى أهله. والتخلف عن الغزو كبيرة، قال تعالى: مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّه [التوبة:120] فاستخدم أقوى أنواع التعبير في التحذير والنهي، فلا يصح، ولا يليق أن يتخلف أحد عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يرغب بنفسه عن نفس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيذهب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل الخلق وأكرمهم على الله في الحر والرمضاء والحرب وهذا في الظل الظليل مع الأهل والبنين، وهذا هو الذي وقع فيه أبو خيثمة رضي الله عنه. فعاد إلى امرأتين له في عريشين له في حائطه -أي: في مزرعته- وقد رشت كل واحدة منهما عريشها، وبردت له فيه ماءً، وهيأت له طعاماً، فالزوجة، والعريش، والماء البارد والطعام، كلها في غاية المغريات المثبطات في زمانهم، فلما دخل قام على باب العريش ينظر، وهنا اشتعل حر الذنب، ثم قال: {رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الضحي والريح والحر -والضحي: حر الشمس قال الشاعر: ضحوت له كي أستظل بظله إذا الظل أضحى في القيامة ناقصاً - وأبو خيثمة في ظل، وماء بارد، وطعام مهيأ، وامرأة حسناء، ما هذا بالنَّصَف! } أي ليس هذا من العدل والإنصاف، ولا يليق ذلك أبداً، ولا يحق أن يكون الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذلك، وأن يتخلف عنه أبو خيثمة ويرغب بنفسه عن نفسه، ويتمتع ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تلك الحال، قال: {والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهيئا لي زاداً، ففعلتا، ثم قدم ناضحه فارتحله، ثم خرج في طلب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأدركه حين نزل تبوك ، فلما رآه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكباً من بعيد قال: كن أبا خيثمة ، فذهبوا فإذا به هو، فقالوا يا رسول الله! هو أبو خيثمة فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أولى لك أبا خيثمة ، ثم أخبره الخبر؛ فدعا له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ }. ولو أن أبا خيثمة خرج أول الأمر مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كان ليقع في قلبه من الإيمان والأثر والخوف من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والحرص على الجهاد، والرغبة فيه مثل ما وقع بعدما غلبه الضعف البشري، وتراخى وضعف، ثم ذهب الناس، وذهب هو وحده، وتصور راكباً يذهب وحده في هذه البراري، وهو مستشعر للذنب في شدة الحر، وكل أمله أن يلحق برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كيف يكون همه وحاله وشعوره في هذه الحالة؟!إذاً قام بقلبه من حقائق الإيمان، والتوبة والندم، والاستغفار، والحياء من الله تبارك وتعالى، ومحبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومحبة اللحاق به أمور عظيمة جداً، فكان في هذا الذنب، وهذا التأخر، والتخلف خير له، وفعلاً: رب معصية أورثت ذلاً وانكساراً، خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً.
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:20 AM.