اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > القسم العلمى و الصحى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-05-2015, 11:55 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي مخاطر تلويث البيئة بالضوضاء

مخاطر تلويث البيئة بالضوضاء

نايف عبوش




مع التطور الحضاري، والتقدم الصناعي، والاكتظاظ السكاني، تتفاقم مشكلة التلوث بكل أنواعه، وتتضاعف انعكاساتها الخطيرة على صحة الإنسان والبيئة معًا.

وتتعدد مصادر تلويث البيئة، مثل عوادم المركبات، ومخلفات مياه الصرف الصناعية للمصانع، وانبعاثات الغازات الضارة منها، والمبيدات الزراعية، والمسالخ، والنفايات المنزلية، ونفايات المستشفيات، بالإضافة إلى ظاهرة تلويث سَكِينة البيئة بالضوضاء المستمرة، التي أخذت بالاستفحال في عالم اليوم، وهي أيضًا من إفرازات المدنية المعاصرة؛ فالبيئة الطبيعية السابقة كانت حاضنة هادئة، وفضاء حالِمًا للاسترخاء؛ حيث لم تكن هذه الظاهرة معروفة بهذا الشكل المزعج من قبل، والضوضاء في مصطلحات السلامة البيئية والمهنية، هي ثمة أصوات نشاز تتجاوز شدتها المعدلَ الطبيعي المسموح به للتعرض؛ حيث تصبح فوق هذا الحد مؤذية للأذن، وللصحة العامة للإنسان، ومفسدة لذائقة الحس المرهف بالطبع على قاعدة ﴿ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 19].

ولا بد من الإشارة في هذا الصدد أيضًا إلى أن مصادر الضوضاء كثيرة، منها حركة الآليات الثقيلة، والمعامل الكبيرة، وأجهزة الصوت، والمنبهات المستحدثة، وبذلك أصبح التلوث الضوضائي للبيئة، يحيط بنا من كل حدَب وصوب، سواء في الشارع، أو في الأماكن العامة، مثل المطاعم والمقاهي والأسواق؛ نتيجة الضجيج الذي تتركه وسائل النقل من المركبات، والقطارات، والطائرات، وآلات الحفر، والبناء، والمعدات الثقيلة، بالإضافة إلى ما تتركه الأجهزة الكهربائية، كالمكنسة الآلية، والغسالة، والثلاجات، ووحدات تكييف الهواء داخل البيوت من ضجيج مستولد، يخل بسكينة بيئة المنازل.

ولا شك أن هذا التلوث البيئي بالضجيج بانتشاره الواسع، وما يخلِّفه من تداعيات ضارة بالصحة العامة، مثل الطنين، وفقدان السمع الدائم - يُعَد من بين أخطر أنواع التلوثات البيئية، التي باتت تحظى باهتمامات المَعنيِّين بالصحة العامة والسلامة البيئية على حد سواء، في كل بلدان العالم.

وتشير معطيات السلامة البيئية، والصحة المهنية، أن التعرض المستمر للضوضاء بمستوى شدة صوت يزيد عن 65 ديسيبل، يؤدِّي بالإنسان إلى تداعيات الإحساس بالقلق، والتوتر، والتقلبات المزاجية، والاضطرابات العصبية، والصداع، وعدم القدرة على التركيز، واضطرابات النوم والاكتئاب على المدى البعيد.

ولا بد من الإشارة أيضًا إلى أن آثار التلوث الضجيجي باتتْ تنعكس سلبًا على مستوى إنتاجية العاملين في الشركات؛ بسبب عدم قدرتهم على التركيز، والتقلبات المزاجية لهم عند تعرضهم لمستويات عالية من التلوث الضجيجي؛ لذلك تحرص أقسام السلامة الصناعية في الشركات على الحد من هذه الظاهرة في بيئة العمل بوسائلَ متعددة لتقليل منعكساتها السلبية.

أما على المستوى الروحي والمعنوي، فإن آثار التلوث الضوضائي بإخلاله بسكينة البيئة، وما تتركه من التداعيات الضارة التي تمت الإشارة إليها، تقلِّل من فرص التأمل الحالم المستولد للإبداع، وتختزل معارجَ الخشوع عند أداء عبادة الصلاة، وتحُول دون تدبُّر القرآن بتمعُّن عند التلاوة.

وللحد من هذه الظاهرة التي باتت تتزايد بمرور الوقت، فإن الأمر يتطلب أن يأخذَ برنامجُ تخطيطِ المدن - بنظر الاعتبار - فَرْزَ مساحات خضراء واسعة، وحدائق عامة، وإبعاد المدارس، والمستشفيات، والجامعات، عن مصادر الضوضاء؛ كالمطارات، ومحطات السكك الحديدية، والشوارع الرئيسية المزدحمة بحركة السيارات، ووضع ضوابط صارمة للحد من استخدام آلات التنبيه للسيارات داخل المدن، واعتماد بناء المطارات بعيدًا عن المناطق السكنية، كما يتطلب الأمرُ اعتمادَ معايير سلامة صناعية وطنية عالية عند توريد تقنيات جديدة، تمنع نقل معدات صناعية بمستويات ضوضاء تفوق الحدود المسموح بها عند التشغيل، أما على المستوى الأسري، فإنه ينبغي العمل على تثقيف العائلة بخطورة تداعيات التلوث الضجيجي على البيئة، والصحة العامة، بقصد العمل على تحجيمه من خلال ترشيد استخدام الأجهزة الكهربائية في البيوت، والحد من أصواتها المزعجة.

وفي الدِّين الإسلامي الحنيف، أخذت البيئة اهتمامًا مركزيًّا بالحفاظ على نظافتها، وحمايتها من مخاطر التلوث المحتملة بأفعال الإنسان المستخلَف في عمارة الأرض، عندما تكون أفعالُه غير منضبطة بمقاييس التوازن الكوني لعناصر البيئة كما أرادها الخالقُ سبحانه وتعالى؛ ولذلك يصبح الحفاظ على البيئة، وحمايتها من التلوث في منهجيات التعامل الإسلامي مع عناصر بيئة الكون - وظيفةً إيمانية، قبل أن يكون مجرد حاجة صحية، وضرورة حضارية مُلِحَّة؛ حيث يحتاج الأمر عندئذٍ إلى وعي اجتماعي متقدم، يتعامل مع إشكالية الحفاظ على البيئة كمهمة اجتماعية وأخلاقية معًا على قاعدة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81]؛ حيث تظلُّ النظافة في تراثنا العربي الإسلامي من الإيمان، وبالتالي فإن تعميمها من خلال التعليم بمختلف مراحله، والترويج للحفاظ عليها بوسائل الإعلام المختلفة للارتقاء بالوعي البيئي العام للناس، سيحد - بلا شك - من خطورة التساهل في حمايتها، والتفريط في توازن مكوناتها.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:52 PM.