مشاهدة النسخة كاملة : الفراشة والنار ( قصة قصيرة )


abomokhtar
31-05-2013, 10:41 AM
بقلم د/ أيمن الجندي
مرت عينا الدكتور أحمد على سطور الجريدة بسرعة .. حتى توقفت عند خبر عابر لكنه كان يعنى له الكثير كان يحكى عن الظروف الصعبة التي يمر بها الممثل «....».. والذي اشتهر بدور البطولة في فيلم مهم.. ثم بأدوار ثانوية بعد ذلك يقول الخبر إن: "معاش النقابة الهزيل لا يكفيه.. وأنه اضطر في نهاية عمره إلى استجداء الناس" انتهى الخبر وتداعت الذكريات.. وراح يستعيد ذكريات عشرين عاما ً مضت كلمح البصر.
"دعاء" الشقراء الفاتنة التي رآها في حفل زفاف صديقه.. فلم يستطع أن يحول عينيه عنها.
كانت الموسيقى تصدح وقلبه يعزف ألحاناً منفردة.
اقترب من صديقه الجالس جوار عروسه سائلا ً: «من هذه الحسناء؟».
قالت العروس في حماس: "هل تقصد دعاء!! زميلتي في العمل.. مطلقة بعد زواج سريع.. هل ترغب أن تتعرف بها؟"
لم يتردد.. برغم أنه لم يتزوج من قبل!.
وأشارت العروس إلى صديقتها فأقبلت تمشى في شموخ وكبرياء.. ملكة تعرف أنها ملكة.. تتلألأ من حولها الأضواء.
أخبرتها العروس بإعجابه.. ولاحظ أنها لم ترتبك.. وسار الأمر تلقائياً بعدها.
جلسا على مائدة واحدة.. ثم اصطحبها خارج القاعة يتجولان في حديقة الفندق.
كانت تحكى له ظروف حياتها السابقة وهو شارد عنها مستغرق فيها!
ما سر هذا الحب الذي يأتينا بغتة على غير انتظار؟.
هل هو الجمال فقط ما جذبه إليها؟
نصوغ صورة في أعماقنا للمرأة الحلم .. حين نراها نعرفها.. فننجذب إليها بمغناطيس خفي.. لا نتردد في الاقتراب.
انتهت السهرة وتواعدا على اللقاء.
كان أمامها كتاب مفتوح تقرؤه بكل سهولة.. أما هي فقد شرع يكتشفها في كثير من الانزعاج.
لم تخف عليه تطلعاتها المادية التي يصعب على طبيب في مقتبل العمر تحقيقها.
ولم تكن تلك هي أحلامه التي يختزنها في رفيقة العمر!.. لكن دافعه على الصبر أنه.. أنه أحبها.
ولعدة أيام قادمة صارا يلتقيان في فنادق الخمس نجوم.. لم تقبل أن يلتقيا في مكان آخر.
وكان يشعر بالأسف كلما شاهد عينيها المنبهرتين ترمقان النزلاء في حسد وإعجاب.. فكرته عن الحياة كانت مختلفة.. الحب هو الرفقة.. احترام الذات وراحة الضمير.
وذات صباح شاهدا ذلك الممثل نصف المشهور وعرفا من النادل أنه يقيم في فندق هيلتون بصورة دائمة.. فقالت وهى تتنهد: "هذه هي الحياة".
لحظتها لم يملك أن يضع النقاط على الحروف.. شرع يروى لها ظروف حياته وتفاصيل وضعه المادي.. فقالت دون تفكير: "أنا أحلم بحياة أخرى.. ما تقوله مستحيل".
كان يحبها وكان يعلم أن الفراق آتٍ لا محالة.. قال لها في حزن:
«أنت ترين نفسك سلعة يُدفع فيها أغلى الأسعار.. أنت تريدين حياة كالتي يحياها هذا الممثل نصف المشهور.. ولكن هل ستدوم له؟! .. إنني أخشى عليك من طموحك.. كما أخشى على فراشة تندفع بلا وعى صوب النار!".
ووضع الحساب على المائدة وانصرف.. كان قلبه في مأتم وأدهشه أن النهار بهذه الكآبة.. ولم يبرأ من مرارة حبها إلا بعد أعوام وها هي «دعاء» تعود إلى ذاكرته حين قرأ النهاية المؤسفة لذلك الممثل نصف المشهور!.
دعاء!.. ترى ماذا فعلت بك الأيام يا دعاء!!