مشاهدة النسخة كاملة : وقفة مع آية من كتاب الله
modym2020 26-07-2013, 02:02 AM خطر ببالي هذا الموضوع
وخاصة ونحن فى شهر كريم
شـــهـــر الـــــقــــرآن
وإن كان متأخرا = لكنه يكتمل بمشاركتكم القيمة
http://www.arabmy.com/wp-content/uploads/2012/07/news_03C81E6F-39B1-4D5B-8214-BA75FDBF231D1.jpg
كم يكون جميلا حين تضىء صيامك بتلاوة القرآن
وعلى قدر الهمة والعمل يكون الجزاء والثواب
الكثير من المسلمين يحرص على ختم القرآن فى رمضان
قد تتوقف قليلا أمام آية
تتأمل في دقة الكلمات والتعبير القرآني
أو تتوقف أمام آية فتود لو تبحث عن تفسيرها
أو كلمة وتتمنى أن تدرك معناها
هذا هو موضوعنا
modym2020 26-07-2013, 02:19 AM قال تعالى على لسان ابراهيم عليه السلام
( يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا (http://www.thanwya.com/vb/#docu)( 43 ) مريم
لفت نظرى أسلوب الإبن المؤدب مع أبيه حتى وإن كان على خطأ
فبدلا من أن يقول له أنت لا تعلم أو أنت جاهل أو أنا أكثر منك علما
يقول له : قد جاءنى من العلم مالم يأتك ...
modym2020 26-07-2013, 02:33 AM قال الله تعالى " ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون ، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار . مهطعين مقنعي رؤوسهم ، لايرتد إليهم طرفهم ، وأفئدتهم هواء " ابراهيم 42
يظهر فى الآية التهديد والوعيد
لكن أعظم ما فيها شفاء لقلوب المظلومين وتسلية لخواطرهم فكم ترتاح نفس المظلوم ويهدأ خاطره حينما يسمع هذه الآية ويعلم علم اليقين أن حقه لن يضيع وأنه سوف يأخذ حقه ممن ظلمه ولو بعد حين
modym2020 27-07-2013, 12:08 AM قال تعالى : " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " الأنعام 162-163
كلمات قليلة لكنها حسمت أمور عديدة أهمها أن الإنسان يعيش ويحيا لله
طعامه عبادة وعمله عبادة وزواجه عباده ونومه عباده وتعلمه عبادة
ولكن كل بحسب نيته فمن يعمل ذلك بنية طيبة وإيمان بالله كانت له ثوابا من الله
فمن يأكل ليتقوى على العبادة فهى نية طيبة
ومن يتزوج يريد العفاف والتقوى والذرية الصالحة فهى نية طيبة ... وهكذا
الدين هو الحياة
.
.
مستر محمد سلام 27-07-2013, 05:51 AM شكرااااااااااااااااااااااااااااااا جزيلااااااااااااااااااااااا استاذي الفاضل
خاااااااااااااااااااااااااااااالص تحيااااااااااااااااااااااتي لحضرتك
alea2009 27-07-2013, 06:17 PM جزاك الله خيرآ على هذا الموضوع الأكثر من رائع
وفى انتظار المزيد من هذا التفسير الميسر.
modym2020 28-07-2013, 01:28 AM شكرااااااااااااااااااااااااااااااا جزيلااااااااااااااااااااااا استاذي الفاضل
خاااااااااااااااااااااااااااااالص تحيااااااااااااااااااااااتي لحضرتك
جزاك الله خيرآ على هذا الموضوع الأكثر من رائع
وفى انتظار المزيد من هذا التفسير الميسر.
جزاكم الله خيرا على المشاركة فى الموضوع
http://dc10.arabsh.com/i/03252/g2mpsqxbzah6.png
modym2020 28-07-2013, 02:02 AM هل يقتصر تفسير الآيات على أسباب النزول
اشتهر ذلك بمسألة
(هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟).
( ... ) ذهب جمهور العلماء إلى أنه ما دام اللفظ عاماً فإن الحكم يتناول كل أفراد اللفظ ، سواء منها أفراد سبب النزول، وغيرها مما يمكن أن ينطبق عليه.
وأقوى دليل على ما ذهب إليه الجمهور من أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هو أن الشريعة قد نزلت عامة زماناً وأشخاصاً، دلّ على ذلك نصوص كثيرة، منها قوله تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً) سبأ/ 28، ( ...)
المصدر
أسباب النزول بين العموم والخصوص
د. نعمان
مقتبس من " طرق الكشف عن مقاصد الشارع "
modym2020 28-07-2013, 02:16 AM قال تعالى : "ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين " 46
سورة التوبة " الفاضحة " لأنها فضحت المنافقين
كذبت الآية إدعاء المنافقين بأن الذى منعهم من الخروج فى غزوة تبوك هى الأعذار بل إن الله هو الذى كره خروجهم فهم بخروجهم لن يزيدوا المؤمنين إلا تكاسلاً و لن يقدموا لهم إلا الفتنة و الشقاق
احذر أن يكون تكاسلك عن الطاعة هو أن الله كره أن تكون فى صفوف المؤمنين المتقين ..
و عليك بالأخذ بالأسباب التى تعينك على الطاعة فتلك هى العدة فإن الله لا يكلف نفسا الا وسعها
من أحب الله ورسوله ... ماذا قدمت لله ورسوله ؟؟!!
من أحب الاسلام .. ماذا قدمت لتنصر الاسلام ؟؟!!
modym2020 29-07-2013, 02:12 AM قال تعالى :" ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون " الحجر 14-15
ظاهر الآية عناد الكافرين مهما حدث أمامهم من معجزات
فالآية السابقة لها هى " لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين "
لكن يبدو أن الآية تحتاج وقفات كثيرة /
هل للسماء أبواب ... ولماذا " يعرجون "
قمت بالبحث فوجدت أن هذا النص تضمن 3 معجزات واليكم باختصار
1- ولو فتحنا عليهم باباً من السماء:
منافذ للغلاف الجوي.
قام العلماء باكتشاف أسرار الخروج خارج نطاق جاذبية الأرض ووجدوا أنالغلاف الجوي مُحَاط بحقول جاذبية ومغناطيسية وهذه المجالات يمكن أن تحرف المركبة عن مسارها لذلك لابد أن يخرجوا من أماكن محددة أو "بوابات" محددة في الغلاف الجوي ليكون إطلاق الرحلة ناجحاً.
2- فظلّوا فيه يعرجون
حركة المركبة في الفضاء يجب أن تكون حركة منحنية تعرجيه وليست مستقيمة. والسبب في ذلك لتحاشي حقول الجاذبية التي تمارسها الشمس والقمر وبقية كواكب المجموعة. فحركة المركبة الفضائية في الفضاء حساسة جداً لدرجة أن العلماء قد يضطرون لتغيير مسار المركبة وإطالة طريقها ملايين الكيلومترات تحاشياً لحقل جاذبية ما ...
3- لقالوا إنما سكّرت أبصارنا
الظلام خارج الغلاف الجوي
إن الأطباء المشرفين على سلامة روَّاد الفضاء وجدوا بأن الإنسان عندما يتحرر من الجاذبية الأرضية يتعطل العصب البصري لديه بشكل مؤقت فلا يعود يرى شيئاً وكأن بصره قد أغلق. هذا يحدث بسبب انعدام الجاذبية والذي يؤدي إلى خلل في الدورة الدموية والتفاعلات الحيوية في جسم الإنسان.
عــــــــذرا للإطالـــــــــــــــة
غزو الفضاء
كلمة لم يكن لأحد أن يتخيلها منذ 14 قرن
singer111 29-07-2013, 03:07 AM شكرا جزيلا
modym2020 30-07-2013, 01:56 AM شكرا جزيلا
جزاكم الله خيرااا
modym2020 30-07-2013, 02:04 AM قال تعالى : (http://www.thanwya.com/vb/#docu)
" ألم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ( 2 )
ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ( 3 )
.
.
modym2020 02-08-2013, 11:09 PM قال تعالي : " يخلقكم فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق فى ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأني تصرفون " الزمر 6
في تفسير الطبرى وهو قول ابن عباس :
الظلمات الثلاث: ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة"
لم يتوصل العلم إلى الكشف عن هذه الظلمات إلا مؤخراً في القرن العشرين، وبواسطة آلات التنظير الجوفي بالكشف عنها ورؤيتها.
من بين هؤلاء العلماء الدكتور "كيث مور" صاحب الكتاب الشهير (The Developing Human) - تُرجِم إلى (الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والألمانية والإيطالية واليابانية)-
http://www.najaat.com/images/para/1358.gif
حيث ذكر:
"أن الجنين ينتقل في تخلّقه من مرحلة إلى مرحلة داخل ثلاثة أغطية وهي:
أ) جدار البطن. ب) جدار الرحم. جـ) المشيمة مع أغشيتها".
modym2020 04-08-2013, 01:46 AM قال تعالي : " وقال فرعون ذروني أقتــل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أوأن يظهر في الأرض الفساد "
ربما تقف كثيرا أمام تلك الآية
فرعون القائل " أنا ربكم الأعلي " يُظهر لقومه أنه الناصح الأمين الحريص على الدين وعلى محاربة الفساد !!!!!
من يخاطبهم ؟
قال تعالى " فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين "
إذا كان هذا فعل فرعون ... فكيف بالمفسدين الذين يظهرون للناس أنهم مصلحين ويحاربون الفساد ... لكن " إن الله لا يصلح عمل المفسدين "
modym2020 06-08-2013, 02:34 AM من أجمل ما قرأت فى الدقة البلاغية القرآنية
ثلاث مواقف مع عصا موسي عليه السلام
قال تعالى مخاطبا نبى الله موسى :
و عندما ذهب موسى إلى فرعون :
لغويا .. الحية تطلق على الصغير ...بينما يطلق الثعبان على الكبير
المخيف
الموقف الأول ...
عندما كان موسى سائراً بأهله ليلاً فأبصر ناراً وجاء ليستأنس بها
فناداه الله أن يلقي عصاه :
" قال ألقها يا موسى ، فألقاها فإذا هي حية تسعي " سورة طه 20.
المطلوب أن يرى معجزة وليس المطلوب أن يخاف منها، لذلك تحولت العصا إلى حية صغيرة
الموقف الثانى
عندما ذهب موسى إلى فرعون فطلب منه فرعون الدليل على صدق
رسالته من الله تعالى فألقى موسى عصاه
قال تعالى : " فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ " الأعراف107
فالمطلوب إخافة فرعون لعله يؤمن ويستيقن بصدق
موسى...فتحولت هنا إلى ثعبان
الموقف الثالث
عندما اجتمع السَّحَرة وألقوا حبالهم وعصيّهم وسحروا أعين الناس، فألقى موسى عصاه .
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ }الأعراف117
في هذا الموقف لم يذكر ثعبان أو حية
فلماذا ؟
إذا تأملنا الآيات بدقة نجد أن السحرة أوهموا الناس بأن الحبال تتحرك وتسعى، كما قال تعالى
{ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى } طه66
هنا ليس المطلوب أن يخاف الناس بالثعبان، وليس المطلوب أن تتحول العصا إلى حية، بل المطلوب أن تتحرك العصا وتلتهم جميع الحبال والعصِيَ بشكل حقيقي، لإقناع السحرة والناس بأن حبالهم تمثل السحر والباطل، وعصا موسى تمثل الحق والصدق
و لذلك يقول تعالى
فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{118} فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ{119} وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{120} قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ{121} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{ 122
:
حقا لا يمكن احلال كلمة مكان أخرى فى القرآن ..
modym2020 06-08-2013, 11:52 PM قال تعالى:" فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا "
الاستغفار يجمع من الفضائل ربما مالا تعد أو تحصى منها :
طاعة لله
سبب لمغفرة الذنوب
نزول الأمطار وسعة الرزق
الإمداد بالأموال والبنين
دخول الجنات
زيادة القوة بكل معانيها
المتاع الحسن
دفع البلاء
modym2020 09-08-2013, 11:51 PM قال تعالى :
"وللآخرة خير لك من الأولي .ولسوف يعطيك ربك فترضي "
alea2009 10-08-2013, 10:37 AM http://im42.gulfup.com/9MN01.jpg (http://www.gulfup.com/?8TvNVE)
modym2020 11-08-2013, 08:47 AM http://im42.gulfup.com/9MN01.jpg (http://http://im42.gulfup.com/9MN01.jpg)
بارك الله فيكم على المرور الطيب
http://www.alawfa.com/AyatImages/39_23.gif
modym2020 11-08-2013, 09:01 AM لا تهجر القرآن بعد رمضان
http://forums.way2allah.com/images/avatars/msn0084.gif
قال تعالى: " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ "
سورة ص: 29
قال تعالى : ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾
http://islamroses.com/zeenah_images/f7.gif
modym2020 11-08-2013, 09:09 AM قال تعالى على لسان نبيه يعقوب :
" إنما أشكو بثى وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون "
يوسف 86
أي أشكو همي وما أنا فيه إلى الله وحده - ولا أحد غيره وأرجو منه كل خير
إنها دعوة ممن بيده ملك السماوات والأرض أن تشكو اليه ما تريد وأن تستغنى برب الناس عن الناس ...
لا تسألـــنّ بني آدم حاجةً .... واسأل الذي أبوابه لا تحجبُ
الله يغضب إن تركت سؤاله .... وبني آدم حين يُسأل يغضبُ
AmirBassio777 15-08-2013, 02:28 PM جزاكم الله خيراً
AmirBassio777 15-08-2013, 03:01 PM جزاكم الله كل خير
modym2020 05-10-2013, 11:40 PM بسم الله الرحمن الرحيم
"وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴿٣٦﴾ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٣٧﴾ سورة الزخرف
الذي يعيش حياته بعيدا عن القرآن وما فيه من تشريعات وقوانين وأحكام وأوامر ونواهي يجعل الله له شيطان في الدنيا يغويه جزاءا له عن إعراضه عن كتاب الله وما فيه ويصدونهم عن ما شرع الله للبشر و يجعلهم يعتقدون أنهم على دين الله مسلمون
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
:rolleyes:
modym2020 08-11-2013, 10:03 PM جزاكم الله كل خير
شكرا جزيلا
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
جزاك الله خيرا
modym2020 08-11-2013, 10:19 PM قال تعالى فى قصة أصحاب الكهف
﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (25)﴾ (سورة الكهف)
اثبت العلم الحديث أن :
كل مائة سنة تزيد ثلاث سنوات،
300 سنة شمسية = 309 قمرية
إلى التفاصيل :
من إعجاز القرآن العلمي أن السنة الشمسية التي تسمى بالسنة الإنقلابية هي مدة تنقضي بين مروريين متتاليين للشمس في نقطة اعتدال واحد، مقدار هذه السنة
365.1422يوم
هذه السنة الشمسية بالدقة، بمرورها يحدث الصيف والخريف والشتاء والربيع،أما السنة القمرية تتكون من
354.36780يوم
وهي المدة بين كسوفين متواليين مقسومة على عدد الحركات القمرية الدائرية،
والفرق بين السنة الشمسية والقمرية
10.875137يوم
وبذلك يقع في كل ثلاث وثلاثين سنة فرق قدره 358 يوماً، أو نحو سنة تقريباً،
وعلى ذلك فإن كل مائة سنة تزيد ثلاث سنوات،
أى أن 300 سنة شمسية = 309 قمرية
هذا حساب الفلكيين الدقيق، ست أرقام بعد الفاصلة، وهذه الحقيقة الكونية ثابتة التي اطمأن إليها العلم الحديث واستقر عليها، سبق إليها القرآن في سرده لقصة أصحاب الكهف
شيء دقيق جداً، بحسابات دقيقة بمراصد عملاقة، بحسابات فلكية بالغة الدقة بستة أرقام بعد الفاصلة، بعد الحساب الدقيق الثلاثمائة سنة الشمسية تساوي ثلاثمائة وتسع سنوات قمرية
سبحانك ربنا شهدنا أنك الحق لا اله الا أنت
طلال سلومه 09-11-2013, 12:22 PM مثل هذه الموضوعات القيمة والمفيدة لا ينبغى أن تمر مرور الكرام علينا .. بل يجب أن نقرأها ونتمعن فيها ونتدبرها لما تحمله من وجبة ثقافية مفيدة .. لذلك وبأذن الله تعالى سأتابع معك الموضوع لأنه بالفعل يستحق المتابعة
شكرا لك وبارك الله فيك وجزاك خيراً بما تقدمه لنا
وجعل الله مجهودك هذا فى سجل حسناتك
modym2020 14-11-2013, 10:08 PM مثل هذه الموضوعات القيمة والمفيدة لا ينبغى أن تمر مرور الكرام علينا .. بل يجب أن نقرأها ونتمعن فيها ونتدبرها لما تحمله من وجبة ثقافية مفيدة .. لذلك وبأذن الله تعالى سأتابع معك الموضوع لأنه بالفعل يستحق المتابعة
شكرا لك وبارك الله فيك وجزاك خيراً بما تقدمه لنا
وجعل الله مجهودك هذا فى سجل حسناتك
شكرا جزيلا لمرورك الطيب واشكر لك المشاركة فى الموضوع
فعلا كلام الله تعالى لا يجب أن يمر مرور الكرام فكل آية تحمل الكثير
نسأل الله أن يكون القرآن شاهدا لنا لا علينا ولا نكون ممن قال الله فيهم
" وقال الرسول يا رب ان قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا "
جزاك الله خيرا وأشكر لك متابعتك
modym2020 24-12-2013, 09:51 PM { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ {} قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ {} قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {} سورة المؤمنون.
يسْألُ الأشقياء في النار : كم بقيتم في الدنيا من السنين؟ وكم ضيَّعتم فيها من طاعة الله ؟
قالوا لِهول الموقف وشدة العذاب : بقينا فيها يومًا أو بعض يوم، فاسأل الذين يعدُّون الشهور والأيام.
قال لهم: ما لبثتم إلا وقتًا قليلا لو صبرتم فيه على طاعة الله لفزتم بالجنة ،وذلك لأن مدة مكثهم في الدنيا قليلة جدا بالنسبة إلى طول مدتهم خالدين في النار.
modym2020 24-12-2013, 09:55 PM قال تعالى :
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ {} فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ {} المؤمنون
أفحسبتم- أيها الخلق- أنما خلقناكم مهملين, لا أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب، وأنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للحساب والجزاء ؟
فتعالى الله الملك المتصرف في كل شيء، الذي هو حق، ووعده حق، ووعيده حق، وكل شيء منه حق، وتَقَدَّس عن أن يخلق شيئًا عبثًا أو سفهًا، لا إله غيره ربُّ العرشِ الكريمِ، الذي هو أعظم المخلوقات.
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
modym2020 27-12-2013, 07:56 PM قال تعالى " وَالـَّذِيـنَ آمـَنــُوا أَشَـــدُّ حـُبـــّاً لِــلــَّهِ "
البقرة:165
إن كل صاحب هوى تجده متعلقا بما يهوى ويستعذب العذاب من أجله..
ويستعذب البذل في سبيله .. ويستعذب التعب من أجله ! !
فهل محبتنا لله جل ربنا وتعالى وتقدس تصل بنا إلى هذه
الحرارة التي تجعلنا في حالة قلق طلــبا لرضـــا الله ؟!
قال الامام الشافعى
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه ... إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة ...منه وأنت لشكر ذلك مضيع
نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ويتجاوز عنا ويرحمنا
ويرزقنا حبه وحب من يحبه وحب ما يقرب إلى حبه
modym2020 31-12-2013, 10:20 PM قال الله تعالى" وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ " سورة الاعراف
نلاحظ أن أهل القرية كانوا على ثلاث فرق :
الفريق الأول: هم المعتدين الذين خالفوا أمر الله .
الفريق الثاني: هم الساكتون الذين سكتوا عن عدوان المعتدين، وتوجهوا باللوم والإنكار على الصالحين الدعاة، بحجة أنه لا فائدة، من نصح ووعظ قوم هالكين معذبين .
الفريق الثالث : هم الصالحون الدعاة، قاموا بواجبهم في الدعوة إلى الله، وأنكروا على المتحايلين على أوامر الله
فلما وقع عذاب الله بالمعتدين مسخهم الله قردة خاسئين، وكان المسخ حقيقياً، وأنجى الله من ذلك العذاب، فريق المصلحين الدعاة، وسكت القرآن عن مصير فريق الساكتين.
فالله أعلم بمصيرهم.
هل سكت عنهم لهوانهم على الله، ولأنهم سكتوا عن إنكار المنكر؟؟؟
أم أنهم كانوا مع الهالكين ؟
لنا أمام هذه القصة وقفة .... فتأمل
محمد رافع 52 30-01-2014, 02:10 AM بسم الله الرحمن الرحيم
( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُأَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) )
سورة هود ,, ص 231
( أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ? ). .
أجد حقيقته في نفسي وأستيقن أنه هو يوحي إلي ويأمرني بما أبلغكم إياه .
وعن هذه البينة الواضحة في نفسي , أصدر واثقا مستيقنا .
( ورزقني منه رزقا حسنا ). .
ومنه الثروة التي أتعامل مع الناس مثلكم فيها .
( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ). .
فأنهاكم ثم أذهب من خلفكم فأفعل ما نهيتكم عنه لأحقق لنفسي نفعا به !
( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ). .
الإصلاح العام للحياة والمجتمع الذي يعود صلاحه بالخير على كل فرد وكل جماعة فيه ;
وإن خيل إلى بعضهم أن إتباع العقيدة والخلق يفوت بعض الكسب الشخصي ,
ويضيع بعض الفرص . فإنما يفوت الكسب الخبيث ويضيع الفرص القذرة ;
ويعوض عنهما كسبا طيبا ورزقا حلالا , ومجتمعا متضامنا متعاونا
لا حقد فيه ولا غدر ولا خصام !
( وما توفيقي إلا بالله ). .
فهو القادر على إنجاح مسعاي في الإصلاح بما يعلم من نيتي , وبما يجزي على جهدي .
( عليه توكلت ). .
عليه وحده لا اعتمد على غيره .
( وإليه أنيب ). .
إليه وحده أرجع فيما يحزبني من الأمور , وإليه وحده أتوجه بنيتي وعملي ومسعاي .
محمد رافع 52 30-01-2014, 02:45 AM وقفة مع آية :( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ,ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ...) (http://alfrasha.maktoob.com/alfrasha67/thread1654273/)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ «45» ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ «46»
نقف أمام اللفتة الصادقة العميقة في قوله تعالى عن المتقين :
(إن المتقين في جنات وعيون . ادخلوها بسلام آمنين .
ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين .). .
إن هذا الدين لا يحاول تغيير طبيعة البشر في هذه الأرض ; ولا تحويلهم خلقا آخر .
ومن ثم يعترف لهم بأنه كان في صدورهم غل في الدنيا ;
وبأن هذا من طبيعة بشريتهم التي لا يذهب بها الإيمان والإسلام من جذورها ;
ولكنه يعالجها فقط لتخف حدتها , ويتسامى بها لتنصرف إلى الحب
في الله والكره في الله - وهل الإيمان إلا الحب والبغض ? - ولكنهم في الجنة –
وقد وصلت بشريتهم إلى منتهى رقيها وأدت كذلك دورها في الحياة الدنيا
- ينزع أصل الإحساس بالغل من صدورهم ; ولا تكون إلا الأخوة الصافية الودود . .
إنها درجة أهل الجنة . . فمن وجدها في نفسه غالبة في هذه الأرض ,
فليستبشر بأنه من أهلها , مادام ذلك وهو مؤمن , فهذا هو الشرط الذي لا تقوم بغيره الأعمال ...
http://l.yimg.com/qn/alfrasha/up/6200028571033075118.png
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود والمغيرةب ن شعبة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : "آخر من يدخل الجنة :رجل فهو يمشي على الصراط مرة ، ويكبو مرة ،
وتسفعه النار مرة ، فإذا جاوزها التفت إليها ، فقال :
تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً منا لأولين والآخرين.
فترتفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها
فيقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها ؟
فيقول : لا يا رب ، ويعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره ، لأنه يرى مالا صبر له عليه ،
فيدنيه منها فيستظل بظلها ،ويشرب من مائها.
ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول: يا رب أدنني من هذه لأشرب من مائها ،
وأستظل بظلها لا أسألك غيرها
فيقول : يا ابن آدم ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ؟
فيقول:لعلي إن أدنيتك منها أن تسألني غيرها ، فيعاهده أن لايسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له
عليه فيدنيه منها ، فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها
ثم ترفع له شجرة عند بابالجنة هي أحسن من الأوليين
فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرةلأستظلَّ بظلها وأشربَ من مائها لا أسألك غيرها
فيقول : يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لاتسألني غيرها ؟
قال : بلى يا رب ، هذه لا أسألك غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له
عليه فيدنيه منها ، فإذا أدناه منها سمعأصوات أهل الجنة
فيقول: يا رب أدخلنيها
فيقال له : ادخل الجنة فيقول : رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم
فيقول الله : يا ابن آدم ما يرضيك مني ؟!
أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟
فيقول :رضيت رب
فيقول : لك ذلك ومثله ، ومثله ،ومثله ، ومثله
فيقول في الخامسة : رضيت رب
فيقول الله تعالى : لك ذلك وعشرة أمثاله ، ولك مااشتهت نفسك ولذّت عينك
ثم يقول الله تعالى له : تمن ،فيتمنى ،
ويذكرهالله:سل كذا وكذا ، فإذا انقطعت به الأماني
ثم يدخل بيته ويدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فيقولان :
الحمد لله الذي أحيا كلنا وأحيانا لك
فيقول:ماأعطى أحد مثلما أعطيت .
قال ( يعني موسى عليه السلام ) :
رب فأعلاهم منزلة ؟
قال : أولئك الذين أردت غرس كرامتهم بيدي وختمت عليها
فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر,,
فـسبحان من غرست يداه جنةا لفردوس عند تكامل البنيان
ويداه أيضا أتقنت لبنائهافتبارك الرحمن أعظم بان,,
اللهم اجعلنا من المتقين الأبرار، وأسكنا معهم في دارالقرار،
ولا تجعلنا من المخالفين الفجار ،
وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة،
وقنا عذاب النار، يا من لم يزل ينعم ويجود ، برحمتك …
محمد رافع 52 30-01-2014, 02:49 AM وقفة مع آية :( لَا تَحْزَن إِن الْلَّه مَعَنَا ,,, ) (http://alfrasha.maktoob.com/alfrasha67/thread1650504/)
بسم الله الرحمن الرحيم ..
http://l.yimg.com/lo/api/res/1.2/WgkchPlbgffW_GnIKy11ag--/YXBwaWQ9bWtihttp://www.awda-dawa.com/image3/from-3-23-tahzan.jpg
(( إِلَا تَنْصُرُوْه فَقَد نَصَرَه الْلَّه إِذ أَخْرَجَه الَّذِيْن كَفَرُوَا ثَانِي اثْنَيْن إِذ هُمَا فِي الْغَار
إِذ يَقُوْل لِصَاحِبِه لَا تَحْزَن إِن الْلَّه مَعَنَا فَأَنْزَل الْلَّه سَكِيْنَتَه عَلَيْه
وَأَيَّدَه بِجُنُوْد لَّم تَرَوْهَا وَجَعَل كَلِمَة الَّذِيْن كَفَرُوَا الْسُّفْلَى
وَكَلِمَة الْلَّه هِي الْعُلْيَا وَاللَّه عَزِيْز حَكِيْم (40))
سورة التوبة ,, ص 193
ذلك حين ضاقت قريش بمحمد ذرعا ,كما تضيق القوه الغاشمة دائما بكلمه الحق ,
لا تملك لها دفع , فأطلعه الله على ما ائتمرت , وأوحى إليه با لخروج , فخرج وحيدا إلا م صاحبه الصديق لاجيش ولا عده ,
وأعداؤه كثر , وقوتهم إلى قوته ظاهره . والسياق يرسم مشهد الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وصاحبه : ((إِذ هُمَا فِي الْغَار)) والقوم على إثرهما يتعقبون ,
والصديق _ رضي الله عنه _ يجزع_ لا على نفسه ولكن على صاحبه _ أن يطلعوا عليهما فيخلصوا إلى صاحبه الحبيب ,
يقول له :لو إن احدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه والرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وقد انزل الله سكينته على قلبه ,
يهدئ من روعه ويطمئن من قلبه فيقول له :(( يا أبا بكر ما ظنك با ثنين الله ثالثهما ؟ )) . ثم ماذا كانت العاقبة , والقوه المادية كلها في جانب ,
والرسول _ صلى الله عليه وسلم _مع صاحبه منها وكانت الهزيمة للذين كفروا والذل والصغار :
(( وجعل كلمه الذين كفروا السفلى وظلت كلمه الله في مكانها العالي
منتصرة قويه نافذة :((وكلمه الله هي العليا ))
والله يقدر النصر في حينه لمن ستحقه .
http://l.yimg.com/qn/alfrasha/up/13753746852037033702.png
الـــــــوقفة :
سأقف هنآ على جزء من الآية:
( لَا تَحْزَن إِن الْلَّه مَعَنَا )
كلمة .. تزن جبال الأرض بل تزيد !!! إذا حل الإيمان في القلب تهون الدنيا في العين
من هذا الموقف
نعلم أن الله مع المؤمن بقدر مافي قلبه من الإيمان والتصديق والتوحيد ..
فالمؤمن لايحزن على حطام دنيا فانية .. لايحزن على حياة ذكر الله أنها متاع قليل وغرور ..
المؤمن يحزن على طاعةٍ فاتته .. أو صدقة لم يقدمها أو قيام ليل غفل عنه ...
أو أي أمر ينفعه في الاخرة أما الدنيا..فلا يحزن عليها
.واجعلي -شعارك ومبدأك دائما وأبدا " لَا تَحْزَن إِن الْلَّه مَعَنَا "
لاتحزن فالله معنا .. بتوفيقة وحفظة
لاتحزن فالله معنا .. بنصره وتأييده
لاتحزن فالله معنا .. بعونة وتسديده
محمد رافع 52 30-01-2014, 02:54 AM وقفة مع آية :( قل هو الله أحد ... ) (http://alfrasha.maktoob.com/alfrasha67/thread1651475/)
بسم الله الرحمن الرحيم..
http://l.yimg.com/lo/api/res/1.2/wg9dh.rKPXMs_D3dBS0VnA--/YXBwaWQ9bWtihttp://3.bp.blogspot.com/-Yc8iIa-_mlQ/Tc1nNkq_ioI/AAAAAAAAABw/q7vKXeCqJ3Y/s1600/%25D8%25B3%25D9%2588%25D8%25B1%25D8%25A9+%25D8%25A 7%25D9%2584%25D8%25A5%25D8%25AE%25D9%2584%25D8%25A 7%25D8%25B5.jpg
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ( 1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
إنها أحديه الوجود .. فليس هناك حقيقة لا حقيقته .
وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده . كل موجود آخر ,
فإنما يستمد وجوده من ذلك وجود الحقيقي ,
ويستمد حققته من تلك الحقيقة الذاتية .
ومعنى أن الله احد : انه الصمد . وانه لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا احد. .
ولكن القران يذكر هذه التعريفات لزيارة التقرير وإلا يضاح: (( الله الصمد)) ..
ومعنى الصمد اللغوي : السيد المقصود الذي لا يقضى أمر إلا بإذنه .
والله _ سبحانه_ هو السيد الذي لا سيد غيره , فهو احد في إلوهيته والكل له عبيد .
وهو المقصود وحده بالحاجات , المجيب وحده من كونه الفرد الأحد .
(( لم يلد ولم يولد)) .. فحقيقة الله ثابت هابديه أزليه,
لا تعتور ها حال بعد حال . صفتها الكمال المطلق في جميع الأحوال.
الولادة انبثاق وامتداد , ووجود زائد بعد نقص أو عدم ,
وهو على الله محال. ثم هي تقتصي ومن ثم فان صفه (( احد)) تتضمن نفي الوالد والوالد ..
((ولم يكن له كفوا احد ))..أي لم يوجد لهه مماثل أو مكافئ .
لا في حقيقة الوجود , ولا في حقيقة الفاعلية ,ولا في أيه صفه من الصفات الذاتية.
http://l.yimg.com/qn/alfrasha/up/1054104339291114241.png
عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه :
( أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ ) فشق ذلك عليهم
وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟
فقال : ( الله الواحدالصمد ثلث القرآن ) .
وقال صلى الله عليه وسلم " من قرأ ( قل هو الله أحد ) حتى يختمها عشر مرات ,
بنى الله له قصرا فى الجنه "
محمد رافع 52 30-01-2014, 01:04 PM وقفة مع آية :(وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ ... )
بسم الله الرحمن الرحيم ,,
(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) )
سورة هود ,, ص 231
( أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ? ). .
أجد حقيقته في نفسي وأستيقن أنه هو يوحي إلي ويأمرني بما أبلغكم إياه .
وعن هذه البينة الواضحة في نفسي , أصدر واثقا مستيقنا .
( ورزقني منه رزقا حسنا ). .
ومنه الثروة التي أتعامل مع الناس مثلكم فيها .
( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ). .
فأنهاكم ثم أذهب من خلفكم فأفعل ما نهيتكم عنه لأحقق لنفسي نفعا به !
( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ). .
الإصلاح العام للحياة والمجتمع الذي يعود صلاحه بالخير على كل فرد وكل جماعة فيه ;
وإن خيل إلى بعضهم أن إتباع العقيدة والخلق يفوت بعض الكسب الشخصي ,
ويضيع بعض الفرص . فإنما يفوت الكسب الخبيث ويضيع الفرص القذرة ;
ويعوض عنهما كسبا طيبا ورزقا حلالا , ومجتمعا متضامنا متعاونا
لا حقد فيه ولا غدر ولا خصام !
( وما توفيقي إلا بالله ). .
فهو القادر على إنجاح مسعاي في الإصلاح بما يعلم من نيتي , وبما يجزي على جهدي .
( عليه توكلت ). .
عليه وحده لا اعتمد على غيره .
( وإليه أنيب ). .
إليه وحده أرجع فيما يحزبني من الأمور , وإليه وحده أتوجه بنيتي وعملي ومسعاي .
http://l.yimg.com/qn/alfrasha/up/13753746852037033702.png
الــــــــــــــــــــــــــــــــوقفة /
توفيق الله للعبد أن لايكله إلى نفسسه
الله تعالى هو الذي يسدد الخطى
الإنسآن لايتسنى له أن ينطلق من نجاحات إلى نجاحات
إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى
محمد رافع 52 30-01-2014, 01:10 PM وقفة مع آية :( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ... ) (http://alfrasha.maktoob.com/alfrasha67/thread1649633/)
بسم الله الرحمن الرحيم..
http://l.yimg.com/lo/api/res/1.2/umlA3migwwbCSA5yDdmDTQ--/YXBwaWQ9bWtihttp://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/203523_113141425438413_4891972_n.jpg
(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (132) )
سورة آل عمرآن ,, ص 67
الأمر بالمسارعة إلى المغفرة , وإلى جنة عرضها السماوات والأرض (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )
(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ,, (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ)
سارعوا فهي : المغفرة
والجنة : أعدت للمتقين
أمر الرب جل في علاه بالمسارعة إلى شيئين الأول مغفرة ذنوبهم وذلك
بالتوبة النصوح ، والثاني دخول الجنة التي وصفها لهم ، بعد التوبة النصوح
تكون النفوس حضرت وهيئت للمتقين والمسارعة إلى الجنة هي المسارعة
إلى موجبات دخولها وهي الإِيمان والعمل الصالح إذ بهما تزكوا الروح وتطيب
فتكون أهلاً لدخول الجنة .
فمن سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير كان في الآخرة من السابقين
إلى الكرامة ، فإن الجزاء من *** العمل وكما تدين تُدان ،
http://l.yimg.com/qn/alfrasha/up/6200028571033075118.png
الـــــــــوقفة /
ما أرحمك يالله
اللهم اغفر لنا جميعا وأرزقنا الجنة بلا حسآب ولا عقآب
modym2020 30-01-2014, 11:37 PM موضوع رائع وقيم
جزاك الله خيرا على المتابعة
محمد رافع 52 31-01-2014, 07:46 PM موضوع رائع وقيم
جزاك الله خيرا على المتابعة
ربنا يبارك فيك ويرضى عنك
محمد رافع 52 02-02-2014, 09:04 PM وقفة مع معالم قرآنية في الصراع مع اليهود
أ. د. مصطفى مسلم
وقفة مع معالم قرآنية في الصراع مع اليهود
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجاً، وجعله الدستور الخالد للمؤمنين إلى يوم الدين، وجعل العزة والسيادة والفلاح لمن تمسك به واهتدى به، فهو الصراط المستقيم لا يضل سالكه، والحبل المتين لا ينقطع بالمعتصم به بل يوصله إلى دار النعيم.
والصلاة والسلام على من أنزل عليه القرآن ليكون للعالمين نذيراً، وداعياً بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما يجازي رسولاً عن أمته.
ورضي الله تعالى عن الآل والصحب الكرام الذين نقلوا إلينا هذا الدين ونافحوا عنه بالحجة والبرهان وناضلوا عن بيضته بالسيف والسنان وعن التابعين لهم بإحسان.
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد:
فقد كنت أتأمل آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الأمم السابقة ومواقفها من رسلها وأنبيائها ودعاة الحق فيها، وكنت أحاول أن أتلمس طبائع النفس البشرية من خلال الحوار الذي يدور بين الأمم وأنبيائهم، وأن أتعرف على سنن الله في المجتمعات الإنسانية من خلاله.
فلم أجد أمة من الأمم السابقة تناول القرآن الكريم تفصيل نشأتها وتاريخ تكوينها وبيان أحوالها ودقائق مواقفها ودخائل نفوس أفرادها وخصائص شخصيتها ... مثل أمة اليهود.
وتساءلت كثيراً عن الحكمة في أن يحتل الحديث عن اليهود هذه المساحة الشاسعة من آيات القرآن الكريم.
فأوّل ما يبدأ الحديث عن البشر بعد هبوط آدم من الجنة في سورة البقرة يبدأ عن بني إسرائيل ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40].
ويستمر الحديث عنهم في نيف وثمانين آية، وأول سورة بعد فاتحة الكتاب تسمى سورة البقرة، وهي بقرة بني إسرائيل، وتأتي السورة الثالثة سورة آل عمران، وآل عمران أسرة من أسر بني إسرائيل.
والسورة الرابعة تسمى سورة [المائدة] وهي المائدة التي طلبها بنو إسرائيل.
وخصصت سورة باسمهم هي سورة الإسراء التي تسمى سورة [بني إسرائيل] أيضاً. وتكرر قصصهم في أكثر من ثلث سور القرآن، بسطاً وإجمالاً وتصريحاً وتلميحاً. بل نكرر في صلواتنا يومياً الالتجاء إلى الله أن لا يسلك بنا سبيلهم وهم ﴿ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ فما السر وراء هذا الاهتمام بهؤلاء القوم. علما أن تعدادهم في العالم لا يؤبه به منذ أن وجدوا على ظهر الأرض وإلى يومنا هذا ولم يكن لهم كيان عند بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كان الحال لغيرهم كالفرس والروم والدول الوثنية الأخرى.
• فيا ترى أكان جوارهم لمهبط الوحي وشدة احتكاكهم بالعرب أولاً ثم بحملة رسالة الإسلام ثانياً السبب في شدة الاهتمام بأمورهم؟
• أم النموذج الإنساني الذي يمثله بنو إسرائيل اقتضى تفصيل أحوالهم ليكون المؤمنون على بينة من أمرهم فلا ينحرفوا مثل انحرافاتهم؟
• أم كتابهم المنزل عليهم (التوراة) فيه من العقائد والأحكام التشريعية التي تضبط سلوك متبعيه وعقائدهم بحيث ينشئ أمة ويكوّن سلطة ودولة فكان موقف بني إسرائيل من شرائع التوراة مجالاً لبيان الحق والصواب فيها؟
• قد يكون كل ما تقدم من الأسباب وراء هذا الاهتمام، ولعل أمراً آخر وراء ذلك - ولعله الأهم - ألا وهو أن الصراع بين اليهود والمسلمين سيبقى إلى يوم القيامة. وكلما خمدت جذوة الصراع في منطقة أو في عصر من العصور سيتجدد في مكان آخر وفي أزمنة متلاحقة وفي صور شتى إلى أن تكون الملاحم والمعارك الفاصلة قبيل قيام الساعة (حتى يقاتل المسلمون اليهود فينادي الحجر والشجر يا مسلم يا عبدالله إن خلفي يهودياً فتعال فا***ه إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)[1] (http://www.alukah.net/Web/Muslim/0/58803/#_ftn1).
إن أمماً كثيرة وجدت وحكمت وكانت لها صولات وجولات وحضارات في التاريخ، ولكنها اندثرت واندثرت معها حضارتها ومبادئها وعقائدها ولم يبق إلا الحديث عنها، وقلما اندثرت حضارة ثم تجددت وقامت على الأسس السابقة فتية نشطة إلا حضارة المسلمين فإن الله تكفل لهم البقاء وأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أن الله يبعث لهم من يجدد لهم أمر دينهم على رأس كل قرن"[2] (http://www.alukah.net/Web/Muslim/0/58803/#_ftn2).
وإلا أمة اليهود فقد دلت النصوص على أن حضارتهم ستتجدد بين الحين والآخر ولكنها حضارة ذات مواصفات خاصة وأهداف خاصة باليهود.
إن قضية الصراع بين اليهود والمسلمين صراع ممتد إلى قيام الساعة وسنة الله في التدافع بين الحضارتين بارزة لا تخفى على من تتبع آيات القرآن الكريم وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
هذا السبب دفعني أن أقوم بهذه الدراسة القرآنية بعنوان [معالم قرآنية في الصراع مع اليهود].
والموضوع متشعب الأبعاد في تصوري إلا أنني لن أطيل النفس في الجوانب التاريخية القديمة بل أحاول التركيز على المزايا والخصائص العامة التي نستنبطها من تاريخهم القديم، لنستشف من خلالها ما ينير لنا الطريق في يومنا هذا وفي مستقبل الأيام وبخاصة ونحن على أبواب عهد جديد في الصراع مع اليهود يحاول بعض من ينتسب إلى الإسلام أن يغير حقائق القرآن في اليهود، ويزيل من نفس المسلم ذاك الانطباع الذي يصبغه به القرآن منذ نعومة أظفاره وهو يتلو آيات القرآن الكريم ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82] ويتلو قوله تعالى عنهم: ﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64].
في هذا الوقت العصيب الذي تمر به أمة الإسلام، وقد ادلهمت الخطوب من حولها واشتدت وطأة الأعداء عليها من كل جانب، وبدأت مخططات الأعداء من اليهود والنصارى والوثنيين والملاحدة تنفذ بأيدي أبناء المسلمين ممن يحملون أسماء المسلمين ويتكلمون بلغتهم ويحملون ألوان بشرتهم وسحن وجوههم، ولكن قلوبهم مغلفة مجخية[3] (http://www.alukah.net/Web/Muslim/0/58803/#_ftn3) لا يصل إليها نور الإيمان وقد أشربت حب الكفر وأهله ولقنت عداء الإسلام وأهله. فأصبحوا سياطاً لاهبة على أجساد المسلمين. ووصل الأعداء عن طريقهم إلى ما لم يصل إليه العدو نفسه وبدأت الخطوط العريضة للمؤامرة اليهودية تتضح معالمها، وبدأ قتم العاصفة يلوح في الأفق وبدأت أشباح فرسان المؤامرة تظهر، فكانت الشعارات واللافتات سريعة التقلب حسب المراحل التي تقتضيها رسوم القضية وتضاريس ألوانها وأصبغة الوجوه على القائمين بأدوارهم ولعل أبرز هذه المراحل تتضح من خلال:
• إبعاد قضية الوجود اليهودي في المنطقة من أيدي المخلصين من أبناء المسلمين.
• إيجاد الدويلات الهزيلة المحيطة بإسرائيل ليتولّوا حماية حدودها[4] (http://www.alukah.net/Web/Muslim/0/58803/#_ftn4).
• تسليط حكام الدويلات تلك على المسلمين وإذاقتهم ألوان العذاب كلما ارتفع لهم صوت ضد اليهود.
• بعد إلحاق الهزائم المتكررة بالجيوش العربية التي كانت ولا زالت تدار بأيدي سماسرة السياسة الذين يتلقون أوامرهم من أعداء الإسلام، أدخلوا اليأس في قلوب المسلمين من الحل العسكري وأن لا قدرة على مواجهة إسرائيل.
• الدخول في المفاوضات الاستسلامية مع إسرائيل ابتداء من كامب ديفيد إلى مدريد إلى جولات واشنطن إلى المفاوضات السرية في أوسلو. ليتم الاعتراف بإسرائيل. وتعطى الصك الشرعي بامتلاك إسرائيل لكامل تربة فلسطين وإلى الأبد. ولكن إسرائيل تدرك أن حفنة الحكام هؤلاء لا يمثلون شعوبهم وأن الكلمة النهائية للمسلمين، فلا تقبل هذه التنازلات منهم ولا تعترف بتواقيعهم على صكوك الاستسلام. وإنما تريد التطبيع مع الشعوب وأن يقبلها الناس كل الناس كإحدى دول المنطقة، واقترحت الخطوات التنفيذية في ذلك مثل توجيه الإعلام إلى عدم ذكر كلمة العدو الإسرائيلي، وإلغاء المقاطعة الاقتصادية، وتبادل التمثيل الدبلوماسي، وإلغاء النصوص التي تطعن في اليهود في مناهج التعليم ولو كانت هذه النصوص من القرآن والحديث النبوي، وتسخير أقلام الأدباء والمفكرين لذكر المنافع الاقتصادية من تطبيع العلاقات مع إسرائيل... إلخ المقترحات التي لا نهاية لها.
وقد بدأ التنفيذ فعلاً...
ولكن إن لهذا الدين رباً يحميه، ولا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم. وعلى رأسهم العلماء العاملون الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق ليبينوا للناس ما أنزله في كتابه. وأن لا تأخذهم في الحق لومة لائم.
والأصوات ترتفع من أنحاء العالم الإسلامي مستنكرة محتجة، ولكن هذه الأصوات تخبت ولا تستطيع للآن أن تشكل هديراً مدوياً يعم آذان المتآمرين ولا تستطيع أن تحيل الدوي إلى زلزال يهز الأرض تحت أقدام المأجورين فكانت هذه الدراسة مساهمة لتأصيل هذه الصرخات وتقوية هذا التيار، وبيان سنن الله الاجتماعية، في هذا الصراع الذي سيستمر إلى قيام الساعة مع اليهود.
[1] (http://www.alukah.net/Web/Muslim/0/58803/#_ftnref1) صحيح مسلم: كتاب الفتن 8/188، صحيح البخاري، كتاب المناقب 4/175 ومسند الإمام أحمد 2/67.
[2] (http://www.alukah.net/Web/Muslim/0/58803/#_ftnref2) انظر مختصر سنن أبي داود، كتاب الملاحم 6/163.
[3] (http://www.alukah.net/Web/Muslim/0/58803/#_ftnref3) المراد بمجخية: المجخيّ: هو المائل عن الاستقامة والاعتدال، انظر النهاية لابن الأثير 1/242.
[4] (http://www.alukah.net/Web/Muslim/0/58803/#_ftnref4) انظر المخطط الإسرائيلي لهذه الدويلات في كتاب خنجر إسرائيل وهو تقرير سري نشر في الخمسينيات الميلادية من هذا القرن وتسرب إلى الإعلام.
محمد رافع 52 02-02-2014, 09:55 PM وقفة مع قوله تعالى:
{يا أَيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وَأهليكمْ نارا}
د. أمين بن عبدالله (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/450/)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعدُ:
فإنَّ الله أنْزَلَ هذا القرآنَ العظيم؛ لتدبُّرِه والعملِ به، قال - تعالى -: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29].
وعملاً بهذه الآية الكريمة؛ فلْنستمعْ إلى آيةٍ من كتاب الله - تعالى - ولْنتدبَّر ما فيها من العِظات والحِكَم، قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
قوله - تعالى -: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}؛ قال أميرُ المؤمنين عليٌّ - رضي الله عنه -: "أدِّبوهم وعلِّموهمُ الخيرَ"[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn1)، وقال قتادةُ - رحمه الله -: "تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله، وتأمرهم به، وتساعدهم عليه، فإذا رأيتَ لله معصية؛ زجرتَهم عنها"[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn2).
وقوله: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}؛ أي: حطبُها الذي يُلقَى فيها جثثُ بني آدمَ والحجارةُ، قال ابن مسعود: "هي حجارةٌ من الكِبريت الأسود"[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn3).
وقوله: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ}، قال الشيخ ابن سعدي: "أي: غليظةٌ أخلاقُهم، شديدٌ انتهارُهم، يفزعون بأصواتهم، ويُخيفون بمرآهم، ويُهينون أصحابَ النار بقوَّتهم، ويَمتثلون فيهم أمرَ الله الذي حتَّم عليهم العذاب، وأوجب عليهم شدةَ العقاب" ا هـ[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn4).
وقوله: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، هذا مدحٌ للملائكة، وانقيادهم لأمر الله، وطاعتهم له في كلِّ ما أمرهم به.
ومن فوائد الآية الكريمة:
1- أنه يجب على الرجل أن يأمر أهلَه بالمعروف، ويحثَّهم عليه، وينهاهم عن المنكر، ويزجرَهم عنه؛ فيأمرُهم بالصلاة، والزكاة، والصيام، وسائرِ فرائض الإسلام، ويحثُّهم على الأخلاق الجميلة، والآداب الحسنة، ويرغِّبُهم في فضائل الأعمال، كقراءة القرآن، وتعلُّم العلوم النافعة، قال - تعالى - لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]، وقال عن إسماعيل - عليه السلام -: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 55].
عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبعِ سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين، وفرِّقوا بينهم في المضاجِع))[5] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn5).
وكذلك يجب عليه أن ينهاهم عن كلِّ ما يُغضِب اللهَ من الأقوال والأفعال، فينهاهم عن الفواحش والآثام، ما ظهر منها وما بطن، وعن قول الزُّور، وينهى نساءَه وبناتِه عن التبرُّج والسُّفور، والخروج إلى الأسواق ومواقع الرِّيَب، وينهى جميعَ أهله ومَن تحت يده عن مصاحبة الأشرار ومخالطتهم، والتشبُّه بالكفَّار والفسَّاق، ويقطع عنهم الوسائلَ المُفْضِيَة إلى غضب الله وسَخَطِه، المُشْغِلَةَ عن رضاه وطاعته، كالقنوات الفضائية، والتِّلفاز، ونحوها من الوسائل التي تدعو إلى الرَّذائل ورديء الأخلاق.
عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنِ ابتُلِيَ مِن هذه البنات بشيءٍ، كُنَّ له سِتْرًا من النار))[6] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn6).
2- عِظَم ما أعدَّ الله لأعدائه من العذاب والنَّكال، ففي هذه الآية أخْبَرَ - تعالى - أن حطب النار التي توقَد بها: جُثَثُ بني آدم، وحجارةٌ من الكِبريت الأسود، وأخبر في آيةٍ أخرى عن هَوْلِها وشدَّة عذابها، فقال: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج: 15 - 18]، وقال أيضًا: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدثر: 27 - 29]، وقال - تعالى -: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30].
عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((يُؤتى بجهنَّمَ يومئذٍ، لها سبعون ألفَ زمام، مع كلِّ زمامٍ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يجرُّونها))[7] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn7).
وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((نارُكُم هذه التي يوقِدُ ابنُ آدم - جزءٌ من سبعينَ جزءًا من حَرِّ جهنمَ))، قالوا: "واللهِ إن كانت لكافيةً يا رسول الله!"، قال: ((فإنها فُضِّلَتْ عليها تسعةً وستين جزءًا، كلُّها مثلُ حَرِّها))[8] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn8).
3- إثبات وُجُود الملائكة، وأنه يجب الإيمان بهم، وأنهم أصناف؛ فمنهم: خَزَنَة النار، الموكَّلون ب***** أهل النار وإهانتهم، وأنَّ عددَهم كما ذكر الله - عزَّ وجلَّ - تسعةَ عشرَ، قال - تعالى -: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: 30]، وأن كبير هؤلاء الملائكة مَلَكٌ كريمٌ، اسمُه مالِك، قال - تعالى -: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77]، وأن الإيمانَ بالملائكة، وأنهم عباد مُكْرَمُون، لا يَعصُون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون - ركنٌ من أركان الإيمان الستَّة، قال - تعالى -: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
4- أن على المؤمن أن يَقِيَ نفسَه من عذاب الله، وهذه الوقاية تكون ولو بأقل القليل من فعل الخير، عن عديِّ بن حاتم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما منكم من أحدٍ إلا سيكلِّمه الله، ليس بينه وبينه تُرجُمانٌ، فينظر أيمنَ منه، فلا يَرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأمَ منه، فلا يَرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه، فلا يرى إلا النارَ تِلقاءَ وجهه، فاتَّقوا النار ولو بِشِقِّ تمرةٍ))[9] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftn9).
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref1) "تفسير ابن كثير" (4/391).
[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref2) "تفسير ابن كثير" (4/391).
[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref3) "تفسير ابن كثير" (4/391).
[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref4) "تفسير ابن سعدي" (ص874).
[5] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref5) "سنن أبي داود" (1/133)، برقم (495).
[6] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref6) "صحيح البخاري" (1/438)، برقم (1418)، و"صحيح مسلم" (4/2027)، برقم (2629).
[7] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref7) "صحيح مسلم" (4/2184)، برقم (2842).
[8] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref8) "صحيح البخاري" (2/436)، برقم (3265)، و"صحيح مسلم" (4/2184)، برقم (2843).
[9] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8653/#_ftnref9) "صحيح مسلم" (2/704)، برقم (1016).
محمد رافع 52 02-02-2014, 09:57 PM وقفة مع آية من كتاب الله (1)
د. أمين بن عبدالله الشقاوي (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/450/)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
قال تعالى في سياق قصَّة آدم مع عدوِّ الله إبليس: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه: 123 - 124].
ذكر الله سبحانه في هذه الآيات حالَ مَنِ اتَّبع هُداهُ، وما له من الرَّغَد وطيب الحياة في معاشه ومعاده؛ فقال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى}، فتكفَّل الله لمَنْ حفظ عهده علمًا وعملاً أن يحيِيَه حياةً طيبةً، ويجزيه أجره في الآخِرة؛ فقال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
وقال سبحانه: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62: 64].
ثم بيَّن سبحانه حال الفريق الآخَر؛ فقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي}؛ أي: كتابي، ولم يتَّبِعْه ويعمل بما فيه - فإن له معيشة ضنكًا.
قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي: في الدنيا، فلا طُمأنينة له ولا انشراح لصدره؛ بل صدره ضيِّقٌ حَرَجٌ لضلاله، وإن تنعَّم ظاهرُه، ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء - فإن قلبه ما لم يَخْلُص إلى اليقين والهدى، فهو في قلقٍ وحيْرةٍ وشكٍّ، فلا يزال في ريبةٍ يتردَّد، فهذا من ضنك المعيشة)[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4905/#_ftn1). اهـ.
قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "وفُسِّرت هذه المعيشة بعذاب البرزخ، والصحيح: أنها تتناول معيشته في الدنيا، وحاله في البرزخ، فإنه يكون في ضنكٍ في الداريَنْ، وهو شدَّةٌ وجهدٌ وضيقٌ، وفي الآخِرة يُنْسَى في العذاب، وهذا عكس أهل السعادة والفلاح؛ فإن حياتهم في الدنيا أطيب الحياة، ولهم في البرزخ وفي الآخِرة أفضل الثَّواب"[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4905/#_ftn2).
وقوله: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}: اختلف المفسِّرون في ذلك، هل هو من عَمَى البصيرة أو من عمى البَصَر، فمن قال إنه من عمى البصيرة، استدلَّ بقوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا} [الفرقان: 22]، وقوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]، وغير ذلك من الآيات التي أثبتت لهم الرؤية في الآخِرة.
والذين قالوا إنه من عمى البَصَر؛ استدلوا بقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: 97].
وقد فصَّل في ذلك العلامة ابن القيِّم، وخلص إلى أن الحشر ينقسم إلى قسمَيْن:
الأول من القبور إلى الموقِف، والثاني من الموقف إلى النار.
فعند الحشر الأول: يسمعون ويبصِرون ويجادِلون ويتكلَّمون، وعند الحشر الثاني: يُحْشَرون على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا، فلكل موقِفٍ حالٌ يَليق به، ويقتضيه عَدْلُ الربِّ تعالى وحكمته، والقرآن يصدِّق بعضه بعضًا[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4905/#_ftn3): {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].
ثم أخبر سبحانه عن حال هذا المعرِض يوم القيامة، وأنه يغشاه الذلُّ والهوان، فيتألم ويضجر من هذه الحال، فيقول: ربِّ، لمَ حشرتني أعمى، فيُجاب: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه: 126]؛ أي: أن هذا هو عين عملِكَ، والجزاء من *** العمل، وكما تدين تدان، فكما عمِيتَ عن ذكر ربِّك، ونسيته، ونسيت حظَّك منه - أعمى الله بصرك في الآخِرة، وتركك في العذاب.
ومن فوائد الآيات الكريمات:
- بيان حال مَنْ أعرض عن ذِكْر الله في الدنيا، وأنه يعيش في ضلالٍ وظلامٍ، ويتخبَّط في الجهالة، وهو مع هذه الحالة يحسب أنه من المهتدين.
وبسبب إعراضه عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله؛ عاقبه بأن قيَّض له شيطانًا يصاحبه فيصدَّه عن الحقِّ، ويزيِّن له طرقَ الضَّلال؛ قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف: 36: 37]، حتى إذا وافى ربَّه يوم القيامة مع قرينه وعاين هلاكه، ندم[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4905/#_ftn4) فقال: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: 38].
ومنها: أنَّ مَنْ تَمَسَّك بهذا الذِّكْر - وهو القرآن - فإنه يسعد في الدنيا والآخِرة، وتحصُل له الطُّمأنينة، وانشراح الصدر، والشِّفاء من أمراض الأبدان والقلوب، والهداية إلى صراط الله المستقيم؛ قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82]، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44]، وقال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4905/#_ftnref1) تفسير ابن كثير (3/168).
[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4905/#_ftnref2) الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص79).
[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4905/#_ftnref3) تفسير ابن القيم (ص363).
[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4905/#_ftnref4) تفسير ابن القيم (ص359).
محمد رافع 52 02-02-2014, 10:00 PM وقفة مع آية من كتاب الله (2)
د. أمين بن عبدالله الشقاوي (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/450/)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:
قال - تعالى -: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنك لأحبُّ إليَّ من نفسي، وإنك لأحبُّ إليَّ من أهلي ومالي، وأحبُّ إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكركَ، فما أصبر حتى آتيكَ فأنظر إليكَ، وإذا ذكرتُ موتي وموتكَ عرفتُ أنَّكَ إذا دخلتَ الجنَّة رُفِعْتَ مع النبيِّين، وأنِّي إذا دخلتُ الجنَّة خشيتُ ألاَّ أراكَ، فلم يرُدَّ عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم – شيئًا؛ حتى نزل جبريل - عليه السلام - بهذه الآية: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ....} [1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn1).
وقوله: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ....}:
قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي: مَنْ عمل بما أمره الله ورسوله، وترك ما نهاه الله ورسوله، فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يُسْكِنُه دارَ كرامته، ويجعله مرافقًا للأنبياء، ثم لمَنْ بعدهم في الرُّتبة وهم الصدِّيقون، ثم الشهداء، ثم عموم المؤمنين، وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم، ثم أثنى الله عليهم بقوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn2).
وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنه لم يُقْبَضْ نبيٌّ حتى يرى مقعدَه من الجنَّة، ثم يخيَّر))، فلما اشتكى وحضره القَبْضُ، غُشِيَ عليه، فلما أفاق شَخَصَ بصره إلى السماء، ثم قال: ((مع الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى))، قالت عائشةُ: "فعلِمتُ أنه يخيَّر"[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn3).
قال ابن حجر: "الرفيق الأعلى: هم المذكورون في سورة النساء، في قوله: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم....} الآية"[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn4).
وعن عَمْرو بن مرة الجُهَني قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنَّك رسول الله، وصلَّيْتُ الصلوات الخمس، وأدَّيْتُ الزكاة، وصُمْتُ رمضان وقُمْتُه، فمِمَّنْ أنا؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((من الصدِّيقين والشهداء))[5] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn5).
وعن ربيعة بن مالك الأسلمي - رضي الله عنه - قال: كنت أبيتُ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فآتيه بوَضوئه وحاجته، فقال لي: ((سَلْ))، فقلتُ: يا رسول الله، أسألُكَ مرافقتكَ في الجنَّة، فقال: ((أوَغيرُ ذلك؟))، قلتُ: هو ذاكَ، قال: ((فأعِنِّي على نفسِكَ بكثرة السُّجود))[6] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn6).
قال ابن كثير: "وأعظم من هذا كلِّه: ما ثبت في "الصحيح" و"المسانيد" وغيرها من طرقٍ متواتِرة، عن جمعٍ من الصحابة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الرَّجل يحبُّ القومَ ولمَّا يَلْحَقْ بهم، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((المرءُ مع مَنْ أحبَّ))، قال أنس: "فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث"[7] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn7)[8] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn8).
وعن أبي سعيد الخُدْرِيّ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أهل الجنة ليتراءَوْنَ أهل الغُرَفِ من فوقهم، كما تتراءون الكوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغابرَ من الأفق، من المشرق أو المغرب، لتفاضُل ما بينهم))، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم، قال: ((بلى، والذي نفسي بيده، رجالٌ آمنوا بالله، وصدَّقوا المرسَلين))[9] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftn9).
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref1) معجم الطبراني الصغير (1/26)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/7): رجاله رجال الصحيح إلا عبد الله بن عمران، وهو ثقة وله شاهد من حديث ابن عباس؛ كما في "المجمع" (7/7)، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
قال الشيخ مقبل الوادعي في كتابه "الصحيح المسند من أسباب النزول" (ص70-71): وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/240) و (8/125)، والواحدي في "أسباب النزول" بهذا السند، وقال الشوكاني: إن المقدسي حسنه، وله شواهد كما في تفسير ابن كثير (1/523) تزيده قوة.
[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref2) تفسير ابن كثير (1/522).
[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref3) صحيح البخاري (3/182) برقم (4435)، وصحيح مسلم (4/1893) برقم (2444).
[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref4) فتح الباري (8/138).
[5] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref5) صحيح ابن حبان (5/184) برقم (3429).
[6] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref6) صحيح مسلم (1/353) برقم (489).
[7] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref7) تفسير ابن كثير (1/523).
[8] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref8) صحيح البخاري (4/123) برقم (6169)، وصحيح مسلم (4/2034) برقم (2640).
[9] (http://www.alukah.net/Sharia/0/4966/#_ftnref9) صحيح البخاري (2/434) برقم (3256)، وصحيح مسلم (4/2177) برقم (2831).
محمد رافع 52 02-02-2014, 10:03 PM وقفة مع آية
{إن تبدوا الصدقات فنعما هي}
د. أمين بن (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/450/)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فقد قال الله - تعالى -: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 271].
قال القُرطبيُّ: "ذهب جمهور المفسِّرين إلى أن هذه الآية في صَدَقَة التطوُّع؛ لأن الإخفاء فيها أفضلُ من الإظهار، وكذلك سائر العبادات، الإخفاءُ أفضل في تطوُّعها؛ لانتفاء الرِّياء عنها، وليس كذلك الواجبات"[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn1)؛اهـ.
قال ابنُ كثيرٍ: "وفي الآية دلالةٌ على أن إسرار الصَّدَقة أفضل من إظهارها؛ لأنَّه أَبْعَدُ عن الرِّياء، إلاَّ أن يترتَّب على الإظهار مصلحةٌ راجحةٌ، من اقتداء الناس به؛ فيكون أفضل من هذه الحَيْثِيَّة، وإلا فالإِسرار أفضلُ"[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn2)؛اهـ.
قال القُرطبيُّ: "وهذا - أي: إظهار الصَّدَقة - لِمَن قَوِيَتْ حالتُه، وحَسُنَتْ نِيَّتُه، وأَمِنَ من الرِّياء، وأما مَن ضَعُفَ عن هذه الرُّتْبَة؛ فالسِّرُّ له أفضلُ"[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn3)؛ اهـ.
وقوله - تعالى -: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُكُمْ} [البقرة: 271].
قال ابن القيم: "وتأمَّل تقييده - تعالى - الإخفاءَ بإيتاء الفقراء خاصةً، ولم يَقُلْ: وإن تُخفوها فهو خيرٌ لكم، فإنَّ من الصَّدَقة ما لا يُمكن إخفاؤه، كتجهيز جيشٍ، وبناء قنطرةٍ، وإجراء نهرٍ، أو غير ذلك، وأما إيتاؤها الفقراء، ففي إخفائها من الفوائد: الستر عليه، وعدم تَخْجِيلِه بين الناس، وإقامته مقامَ الفضيحة، وأن يرى النَّاس أنَّ يده هي اليد السُّفلى، وأنَّه لا شيءَ له؛ فيزهدون في معاملته ومعاوَضته، وهذا قدرٌ زائدٌ من الإحسان إليه لمجرد الصَّدَقة، مع تضمُّنه الإخلاص..."؛ إلى آخر ما قال[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn4).
وقد مَدَحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَة السِّرِّ، وأثنى على فاعِلِها، وأَخْبَرَ أنه أحدُ السَّبْعَةِ الذين يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّه يوم القيامة؛ ولهذا جعله - سبحانه - خيرًا للمُنْفِق، وأخبر أنه يُكَفَّر عنه بذلك الإنفاق من سيئاته؛ ولا تخفى عليه - سبحانه - أعمالُكم ولا نيَّاتُكم؛ فإنه بما تعملون خبيرٌ.
Ÿ عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبعةٌ يُظِلُّهُم الله في ظِلِّه، يومَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّه))، وذكر منهم: ((رجلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم شِمالُه ما تُنفِقُ يَمينُه))[5] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn5).
Ÿ وذَكَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صِنْفًا آخَرَ يستحقُّ ذلك التَّكريم، وهو الذي ذَكَرَ اللهَ خاليًا ففاضت عينَاهُ.
Ÿ وعن معاذٍ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الجاهِرُ بالقرآن كالجَاهِرِ بالصَّدَقَة، والمُسِرُّ بالقرآن كالمُسِرِّ بالصَّدَقَة))[6] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn6).
Ÿ وعن عبدالله بن جعفر، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غضبَ الرَّبِّ))[7] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn7).
قال العِزُّ بنُ عبدالسَّلام في تفاوُتِ فضلِ الإسرار والإعلان بالطَّاعات: "فإن قيل: هلِ الإخفاءُ أفضلُ من الإعلان؛ لما فيه من اجتناب الرِّياء، أو لا؟
فالجوابُ: أن الطَّاعات ثلاثةُ أَضْرُبٍ:
أحدها: ما شُرِعَ مجهورًا، كالأذان والإقامة والتَّكبير، والجَهْر بالقراءة في الصَّلاة والخُطَبِ الشرعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الجمعة والجماعات، وغير ذلك، فهذا لا يُمكن إخفاؤه، فإن خاف فاعِلُه الرِّياءَ؛ جاهَدَ نفسَهُ في دَفْعِهِ إلى أن تحضره نيَّةُ الإخلاص، فيأتي به مُخْلَصًا كما شُرِعَ؛ فيَحْصُل على أَجْرِ ذلك الفعل، وعلى أَجْرِ المُجاهِد؛ لما فيه من المصلحة المتعدِّية.الثاني: ما يكون إسرارُهُ خيرًا من إعلانه، كإسرار القراءة في الصلاة، وإسرار أَذْكارها، فهذا إسرارُهُ خيرٌ من إعلانه.الثالث: ما يُخفَى تارةً ويُظهَرُ أخرى، كالصَّدَقات، فإن خاف على نفسه الرِّياء، أو عَرَفَ ذلك من نفسه، كان الإخفاء أفضلَ من الإبداء؛ لقوله - تعالى -: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُكُمْ} [البقرة: 271]..."؛ إلى آخر ما قال[8] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn8).
وممَّا تَقدَّم مِن الآيات والأحاديث يتبيَّن أنه ينبغي للمؤمِن أن يُخفيَ أعماله الصالحة عن الخَلْق، إلاَّ التي يشرع إعلانها، فإنَّ الذي يعمل لأجلِه لا تَخفى عليه أعماله، وسيجزيه عليها أَوْفَر الجزاء؛ قال - تعالى -: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 105]، ولْيعلمِ العبدُ أنه لا ينفعه اطِّلاعُ النَّاس على ما يعمله؛ بل قد يَضُرُّهُ إذا أحبَّ ذلك.
وقد كان هَدْيُ السَّلَف الصَّالِح الحرصَ على إخفاء الأعمال؛ وذلك لِكَمال إخلاصهم، وصفاء نِيَّاتِهم.
فعن أبي قتادة - رضي الله عنه -: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: ((مررتُ بكَ وأنت تُصلِّي، تخفضُ من صَوْتِكَ))، فقال: "إني قد أَسْمَعْتُ مَنْ ناجَيْتُ يا رسول الله"[9] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn9).
ونقل الذَّهبيُّ في "سِيَر أعلام النبلاء": أنَّ عليَّ بن الحسين كان يَحْمِل الخبزَ باللَّيْل على ظَهْرِه، يتبع به المساكين في الظُّلْمَة، ويقول: "إنَّ الصَّدَقة في سواد الليل تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ".
وقال محمد بن إسحاق: "كان ناسٌ من المدينة يعيشون، لا يدرون من أين معاشُهُم، فلمَّا مات عليُّ بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يُؤتَوْن بالليل"، وقال بعضهم: "ما فقدْنا صَدَقَةَ السِّرِّ حتى توفِّيَ عليٌّ"[10] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn10).
ونقل المُنذِرُ بن سعيد عن جاريةٍ للرَّبيع: "إنَّه كان يدخل عليه الدَّاخِل وفي حِجْرِهِ المصحف فيغطيه"[11] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn11).
وذكر ابن الجوزي: أنَّ داودَ بن أبي هند صام عشرين سنةً، ولم يعلم به أهله؛ كان يأخذ غدَاءَهُ ويخرج إلى السوق، فيَتَصَدَّق به في الطَّريق، فأهل السوق يظنُّون أنه قد أكل في البيت، وأهل البيت يظنُّون أنَّه قد أكل في السُّوق.
قال الشافعيُّ - رحمه الله -: "وَدِدْتُ أنَّ النَّاسَ تعلَّموا هذا العِلْم، ولم يُنْسَبْ إليَّ منه شيءٌ"[12] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn12).
وقال الحسنُ - رحمه الله -: "إنْ كان الرَّجل لَقد جَمَعَ القرآنَ وما يشعر به الناس، وإن كان الرَّجل لَقد فَقُهَ الفِقْهَ الكثيرَ وما يشعر به الناس، وإن كان الرَّجل لَيُصَلِّي الصلاةَ الطويلةَ في بيته، وعنده الزُّوَّرُ وما يشعرون به، ولقد أدركتُ أقوامًا ما كان على الأرض من عملٍ يقدرون أن يعملوه في السِّرِّ فيكون علانيةً أبدًا، لقد كان المسلمون يجتهدون في الدُّعاء وما يُسْمَعُ لهم صوتٌ، إن كان إلاَّ هَمْسًا بينهم وبين ربِّهم، وذلك أنَّ الله - تعالى - يَقُول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]"[13] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftn13).
والحمد لله ربِّ العالمين.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref1) "تفسير القرطبي" (3/332).
[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref2) "تفسير ابن كثير" (1/322).
[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref3) "تفسير القرطبي" (3/333).
[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref4) "تفسير ابن القيم" (ص:170).
[5] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref5) "صحيح البخاري"، (1/440)، برقم (1423)، و"صحيح مسلم"، (2/715)، برقم (1031).
[6] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref6) "سنن أبي داود"، (2/38)، برقم (1333).
[7] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref7) "المعجم الصغير"، للطبراني (2/95)، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع"، رقم (3759).
[8] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref8) "قواعد الأحكام"، (1/152).
[9] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref9) "سنن أبي داود"، (2/37)، برقم (1329).
[10] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref10) "سير أعلام النبلاء"، (4/386).
[11] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref11) "سير أعلام النبلاء"، (4/260).
[12] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref12) "جامع العلوم والحكم"، (1/310).
[13] (http://www.alukah.net/Sharia/0/8112/#_ftnref13) "تفسير ابن كثير"، (2/221).
محمد رافع 52 02-02-2014, 10:06 PM وقفة مع آية من كتاب الله
د. أمين بن عبدالله الشقاوي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فنقفُ وقفةً يسيرةً مع آيةٍ من كتاب الله.
قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26].
يقول تبارك وتعالى: قل يا محمَّد معظِّمًا لربِّكَ، وشاكرًا له، ومفوِّضًا إليه، ومتوكِّلاً عليه: اللهم مالِكَ المُلْك، والمُلْكُ: قيل النبوَّة، وقيل: الغَلَبَة، وقيل: المال والعبيد، والصحيحُ الذي رجَّحه بعض المفسِّرين: أنه عامٌّ لما يصدق عليه اسم المُلْك من غير تخصيص، فقوله: {تؤتي المُلْكَ مَنْ تشاءُ وتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تشاء}؛ أي: أنت المُعطي، وأنت المانِع، وأنت الذي ما شئتَ كان، وما لم تَشَأْ لم يكن، وأنت المتصرِّف في خَلْقِكَ، الفعَّال لما تُريدُ.
قال ابن كثير - رحمه الله -: "ردَّ تعالى على مَنْ يحكم عليه في أمره؛ حيث قال : وقالوا – أي: الكفار – لولا نزل هذا القرآن على رجلٍ من القريتيْن عظيم، كالوليد بن المغيرة وغيره؛ قال الله ردًّا عليهم: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} [الزخرف:32]؛ أي: أَهُمُ الخُزَّان لرحمة الله، وبيدهم تدبيرها، فيُعطون النبوَّة والرسالة مَنْ يشاؤون، ويمنعونها عمَّن يشاؤون؟! فنحن نتصرَّف فيما خَلَقْنا كما نريد، بلا مانِع ولا مُدافِع، لنا الحكمة البالغة والحُجَّةُ التامَّة، وهكذا يُعطي النبوَّة لمن يريد؛ قال سبحانه: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]". اهـ[1] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn1).
قوله تعالى: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [آل عمران :26].
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: "أي: الخير كله منكَ، ولا يأتي بالحسنات والخيرات إلا الله، وأمَّا الشرُّ، فإنَّه لا يُضاف إلى الله، لا وَصْفًا ولا اسْمًا، ولكنه يدخل في مفعولاته، ويندرج في قضائه وقدره؛ فالخير والشرُّ داخلان في القضاء والقدر، فلا يقع في مُلْكِه إلاَّ ما شاءه، ولكن لا يُضاف إلى الله، فلا يُقال: بيدكَ الخيرُ والشرُّ، ولكن بيدك الخير؛ كما قال الله وقال رسوله". اهـ[2] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn2).
جاء عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه في قيام الليل: أنه كان يقول: ((والخير كلُّه في يديْكَ، والشرُّ ليس إليْكَ))[3] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn3)؛ تَأَدُّبًا مع الله تعالى.
ومن فوائد الآيتَيْنِ الكريمتَيْنِ:
أولاً: ما نَقَلَهُ ابنُ كثيرٍ في "تفسيره": أنَّ فيها تنبيهًا وإرشادًا إلى شكر نعمة الله - تعالى - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهذه الأُمَّة؛ لأن الله - تعالى - حَوَّلَ النبوَّة من بني إسرائيل إلى النبيِّ العربيِّ القُرَشِيِّ الأُمِّيِّ المكيِّ، خاتم الأنبياء على الإطلاق، ورسول الله إلى الثَّقَلَيْن، الذي جمع الله فيه محاسِنَ مَنْ كان قَبْلَهُ، وخصَّهُ بخصائص لم يُعْطِهَا نبيًّا من الأنبياء ولا رسولاً، من العلم بالله وشريعته، وإطْلاعِه على الغيوب الماضية والآتية، وكَشْفِه له عن حقائق الآخِرة، ونشر أُمَّته في الآفاق، في مشارق الأرض ومغاربها، وإظهار دينه وشرعه على سائر الأديان والشرائع؛ فصلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدِّين، ما تعاقَب اللَّيْلُ والنَّهار"[4] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn4).
ثانيًا: أن العزة لا تطلب إلا من الله - تعالى - وهي إنما تأتي بطاعته واجتناب معصيته؛ قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].
وقال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 138- 139].
وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8].
وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيّ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال وهو يخاطب الأنصار: ((ألم تكونوا أذلَّةً فأعزَّكم الله؟))[5] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn5).
وقال عمر - رضي الله عنه -: ((نحن قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العِزَّة بغيره أَذَلَّنا اللهُ))[6] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn6).
ثالثًا: أنَّ الذُّلَّ الذي يُصيب الإنسان إنما هو بمعصيته لله ولرسوله؛ قال تعالى عن بني إسرائيل عندما عصوا الله ورسوله: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران: 112].
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بُعِثْتُ بين يَدَي الساعة بالسيف، حتى يُعبَد الله وحده لا شريك له، وجُعِلَ رزقي تحت ظلِّ رُمحي، وجُعل الذُّلُّ والصَّغارُ على مَنْ خالَف أمري، ومَنْ تشبَّه بقومٍ فهو منهم))[7] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn7).
وقال الحسنُ - رحمه الله -: "إنهم وإن طَقْطَقَتْ بهم البغال، وهَمْلَجَتْ بهم البَرَاذين، إنَّ ذُلَّ المعصية لفي قلوبهم، أَبَى الله إلاَّ أن يُذِلَّ مَنْ عصاه"[8] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn8).
قال الشَّاعرُ:
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ --- وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ --- وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيانُهَا
رابعًا: إثبات قدرة الله؛ فهو - سبحانه - القادرُ على كلِّ شيءٍ، لا يُعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء؛ ولذلك يُشرَع للمؤمن أن يسأل الله بقدرته أن يُيَسِّر له الخير، ويصرِف عنه الشرَّ؛ فعن عثمان بن أبي العاص الثَّقَفِيُّ - رضي الله عنه -: أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَجَعًا يجده في جسده منذ أسلم؛ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ضع يدكَ على الذي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وقُلْ: باسم الله ثلاثًا، وقُلْ سبعَ مرَّاتٍ: أعوذُ بالله وقدرته، من شرِّ ما أَجِدُ وأُحاذِرُ))[9] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn9).
خامسًا: فضل الدعاء وأهميته، وكان السَّلَفُ يدعون: "اللهم أعِزَّني بطاعتِكَ، ولا تُذِلَّني بمعصيتِكَ"[10] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn10)، وينبغي للمؤمن أن يسأل الله من خيرَيِ الدنيا والآخِرة؛ قال تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134].
وعن أنسٍ بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اللهم ربَّنا، آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخِرة حسنةً، وقِنَا عذابَ النَّار))[11] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftn11)، وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوةٍ دعا بها، فإذا أراد أن يدعو بدعاءٍ دعا بها فيه.
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref1) تفسير ابن كثير (1/356).
[2] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref2) تفسير ابن سعدي (ص104).
[3] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref3) صحيح مسلم (1/535) برقم (771).
[4] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref4) تفسير ابن كثير (1/356).
[5] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref5) مسند الإمام أحمد (3/57) وأصله في الصحيحين.
[6] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref6) مستدرك الحاكم (1/130).
[7] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref7) مسند الإمام أحمد (2/92).
[8] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref8) الجواب الكافي (ص53).
[9] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref9) صحيح مسلم (4/1728) برقم (2202).
[10] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref10) الجواب الكافي (ص53).
[11] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/4691/#_ftnref11) صحيح البخاري (3/201) برقم (4522)، وصحيح مسلم (4/2070) برقم (2690).
محمد رافع 52 02-02-2014, 10:09 PM وقفة مع قوله تعالى:
{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ..} الآية
د. أمين بن عبدالله الشقاوي
وقفة مع قوله تعالى:
﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا .. ﴾
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فإن الله أنزل هذا القرآن لتدبُّره والعمل به؛ قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 25].
قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا}: هنا الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - أو لكل مَنْ يتأتَّى خِطابُه، فهو مأمورٌ بالبشارة، إن كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكل مَنْ خلفه في العلم والدعوة، فإنه يمكن أن يقول هذه البشارة، وهي الإخبار بما يسر، وهنا المبشَّر هم المؤمنون الذين آمنوا وعملوا الصالحات، والمبشَّر به جنات تجري من تحتها الأنهار، والمبشِّر هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - والآمِر بالتبشير هو الله تعالى.
وقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ أي: جمعوا بين الاستسلام الباطن، - وهو الإيمان - والاستسلام الظاهر - وهو العمل الصالح - وجمعوا بين الإخلاص في القلب - وهو أمرٌ باطن - والمتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو أمرٌ ظاهر - فالبُشرى لمَنْ جمع بين الأمرَيْن.
وقوله: {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}؛ أي: بساتين جامعة للأشجار، وسمِّيت جنةً لأنها تُجِنُّ مَنْ فيها؛ أي: تستُره، لكثرة أشجارها وأغصانها.
والمراد هنا: دار النعيم التي أعدَّها الله للمتَّقين، والأنهار التي تجري من تحتها؛ أي: من أسفلها وتحت القصور والأشجار، وهي أربعة أصناف، ذكرها الله بقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15][1] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftn1).
وقوله: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة:25]؛ لأنه يشبهه في اللون والحجم، ولكنَّهم إذا طَعِمُوهُ تَبَيَّنَ لهم أنه غيره، وهذا من تمام لذَّة الآكِلين إذا أُتُوا بالطعام أو بالثمر مُتشابِهًا، ولكنه يختلف في الذَّوْق؛ حيث صار هذا من تمام اللذَّة، وكمال النِّعمة.
وقوله {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ}: قال مجاهد: "مُطَهَّرَة من الحيْض، والغائط، والبوْل، والنُّخام، والبِزاق، والمَني، والوَلَد.
عن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لَرَوْحَةٌ في سبيل الله أو غدوةٌ - خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولَقابَ قوس أحدكم من الجنة، أو موضع قيد – يعني: سوطه – خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأةً من أهل الجنة اطَّلَعَتْ إلى أهل الأرض، لأَضَاءَتْ ما بَيْنَهُما، ولَملأتْهُ رِيحًا، ولَنَصِيفُها على رأْسِها خيرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فيها))[2] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftn2).
وعن زَيْد بن أرقم - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((والذي نفس محمد بيده، إِنَّ الرجل من أهل الجنة ليُعْطَى قوَّة مائة رجلٍ في الأكل، والشُّرب، والجِماع، والشَّهوة))[3] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftn3).
وقوله {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}: هو تمام السعادة؛ فإنهم مع هذا النعيم في مقامٍ أمينٍ من الموت والانقطاع، فهو نعيمٌ سَرمَدِيٌّ أَبَدِيٌّ.
ومن فوائد الآية الكريمة:
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في كتابه "من أحكام القرآن":
أولاً: أنه ينبغي أن يبشَّر العامل بما يستحقُّ من الثَّواب؛ لأن ذلك أَبْلَغ في نشاطه ومثابرته على العمل.
ثانيًا: أن البشرى بالجنة لا تكون إلا لمَنْ آمن وعمل صالحًا، فمجرد العقيدة لا تكفي للبشارة بالجنة، بل لابد من إيمانٍ وعمل؛ ولهذا يربط الله تعالى دائمًا الإيمان بالعمل الصالح.
ثالثًا: أنَّ في الجنة أنهارًا وثمارًا، ولكنها تختلف عمَّا في الدنيا اختلافًا عظيمًا، لا يمكن أن يدركه الإنسان بحسِّه في الدنيا؛ كما قال تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17].
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله: أعددت لعبادِيَ الصالحين: ما لا عينٌ رأت، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قلب بشر؛ فاقرؤوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [ السجدة:17]))[4] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftn4).
رابعًا: أن في الجنة أزواجًا مُطَهَّرَة، يتلذَّذ الإنسان بهنَّ، ويتمتَّع بهنَّ؛ كما قال تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} [يس: 55 - 58]، وقال تعالى في سورة الرحمن: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن: 54 - 56].
وهذا يدلُّ على أنهم يتلذَّذون بهذه الزَّوجات في الجلوس على الأرائك والاتِّكاء عليها، مع تقديم الفواكه مِن الوِلْدان والخَدَم.
خامسًا: أنَّ أهل الجنة خالدون فيها، وقد بيَّنت الآية الأخرى أن هذا الخلود خلودٌ أبديٌّ؛ قال تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا} [الكهف: 108][5] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftn5).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftnref1) من أحكام القرآن للشيخ ابن عثيمين (ص128).
[2] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftnref2) صحيح البخاري (2/305) برقم (2796)، وصحيح مسلم (3/1499) برقم (1880).
[3] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftnref3) سنن الدارمي (2/431) برقم (2825)، وقال الألباني في "المشكاة" رقم (5636) سنده صحيح.
[4] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftnref4) صحيح البخاري (2/432) برقم (3244)، وصحيح مسلم (4/2174) برقم (2824).
[5] (http://www.alukah.net/Web/Shigawi/0/5214/#_ftnref5) أحكام القرآن للشيخ ابن عثيمين (ص 130-134).
عمران جابر مهني 02-02-2014, 10:36 PM نور الله طريقك بالايمان والمغفرة
محمد رافع 52 03-02-2014, 06:37 PM نور الله طريقك بالايمان والمغفرة
اللهم آمين
واياكم اخى الكريم
محمد رافع 52 03-02-2014, 06:44 PM وقفة مع " بسم الله الرحمن الرحيم "
الشيخ محمد حامد الفقي (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/3935/)
أدب الله تعالى ذكره، وتقدست أسماؤه، نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله؛ وأن يجعلها بين يدي كل مهماته، وجعل الله تعالى ذلك لجميع خلقه سنة يستنون بها؛ وسبيلاً يتبعونه عليها، في افتتاح أوائل منطقهم، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل "بسم الله" على ما بطن من مراده، وذلك أن "البا" من "بسم الله" مقتضية فعلا يكون لها جالباً، وليس معها فعل ظاهر، فأغنت تلك الباء السامع عن حاجته أن يذكر القائل مراده، إذ كان كل ناطق بجملة "بسم الله" عند افتتاحه أمراً قد أحضر منطقه به: إما معه، وأما قبله، بلا فصل -: ما قد أغنى سامعه من دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله نظير استغنائه إذا سمع قائلا، قيل له: ما أكلت؟ فقال: تفاحًا - مثلاً - فإنّ في تقدم السؤال على هذه الصورة ما يغنيه عن أن يقول: أكلت تفاحًا.
فمعقول إذن أن قول القائل "بسم الله الرحمن الرحيم" ثم يأخذ في تلاوة السورة: منبئ أن معناه: أتلو بسم الله الرحمن الرحيم، أو أقرأ بسم الله الخ، وكذلك قوله "بسم الله" فقط عند نهوضه للقيام، أو أخذه في أي آخر من سائر أفعاله: منبئ عن مراده بقوله "بسم الله" أنه أراد: أقوم بسم الله، أو أقعد بسم الله.
وليس المراد من هذا الفعل الدلالة على البداءة فقط في الشيء الذي سيبدأ فيه: من قراءة، أو قيام، أو أكل، أو نحو ذلك، بل هناك معنى آخر يقصد إليه البادئ بالبسملة في القراءة، أو بذكر الله في الأكل أو القيام؛ أو نحوه وهو -: الاستعانة بالله سبحانه وتعالى على القيام حق القيام بما هو قاصد إلى فعله من ذكر وعبادة، وطلب المدد منه جل ذكره وتقدست أسماؤه في المعونة والتوفيق لما هو بسبيله من عمل ديني أو دنيوي، بل هذا هو المقصود الأول من قول القارئ "بسم الله الرحمن الرحيم" وقول غيره من كل بادئ في عمل "بسم الله".
وليس يبعد أن يقصد قائل "بسم الله الرحمن الرحيم" قبل قراءته لسورة من الذكر الحكيم: أن يشعر نفسه والسامع ما لهذا القرآن من عظمة وجلال، وما على النفس المؤمنة أن تشعر به حين تلاوته وسماعه من الإصغاء إليه والسكون والخشوع عنده، والانقياد له، والطاعة الخالصة لهدايته. فإنه المرسوم الإلهي الأكرم. المنزل من عند الله العزيز الحميد ﴿ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 6].
فكأن "بسم الله الرحمن الرحيم" هي عنوان ذلك المرسوم الإلهي: والتصدير الذي يطلب إلى التالي والسامع السكون والإصغاء ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].
ولفظ "الله" هو العلم لرب العالمين، خالق السموات والأرض وما بينهما وما فيهما وهو علم على الذات الأقدس، وبقية الأسماء الحسنى دوال على الصفات العلية، وقد أبعد - فيما أعلم - من قال أنه مشتق من مادة "أ ل ه" فإن "الإله" قد استعمل في القرآن وغيره من كلام العرب في الحق والباطل، و "الله" لم يطلق إلا على الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
واختص هذه الجملة الكريمة بصفتي "الرحمن الرحيم" إشعاراً بأن مبعث هذه الشرائع السماوية كلها؛ ومصدرها هو صفة الرحمة، فينبغي للعباد أن يتقبلوها القبول الحسن، وأن يفتحوا قلوبهم لها، وأن يردوا مناهلها العذبة، فإنهم في أشد الحاجة إليها وأعظم الضرورة لخيرها ونفعها، وهي غيث القلوب ينزل به الوحي من فوق السموات العلي. فطوبى لقلب تلقاها فرحاً مسروراً مغتبطاً، وهي أعظم بركة على الأرض وأهلها من غيث الماء الذي يحمله السحاب من السماء الدنيا، ولقد وصف الله غيث المطر بالرحمة فقال ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28] ووصف بها غيث العلوم والهداية، فقال في غير آية ﴿ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ﴾ فكان أجمل الجمال، وأكمل الإعجاز: وصف الله تعالى نفسه في هذه الجملة بهاتين الصفتين "بسم الله الرحمن الرحيم".
ما أبدعها من جملة، وما أبركها من كلمة، وما أحلاها في لسان المؤمن وسمعه وقلبه، وكذلك كل القرآن ﴿ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].
وما أعجب لشيء عجبي لزعم من زعم أنها ليست من القرآن، فإنك إن أردت الحق والعلم الصحيح تجد البراهين القاطعة آخذة برقاب بعضها آية بينة على أن "بسم الله الرحمن الرحيم" من القرآن الكريم، ويكفي أنها نقلت في المصاحف من يوم الصحابة إلى يومك هذا، وإلى ما بعده مع ما نقل من القرآن تواتراً قطعياً لا مرية فيه، ولا شبهة عند كل عاقل منصف، مع العلم القطعي أن الصحابة كانوا أحرص على تجريد القرآن من كل مغاير له، أمانة في التحمل، وأمانة في الأداء لم يعهد لها نظير في أي أمة، وحفظاً وصياناً من الله الذي أخذ على نفسه تعالت أسماؤه أن يكون أبداً حافظاً لهذا القرآن الكريم، لأنه حجته القائمة على خلقه إلى أن تقوم الساعة، الماحي لكل ما قبله، والخاتم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وأنت كذلك إذا أمعنت النظر- منصفاً مبرأ من العصبية - في مختلف الروايات التي جاءت في (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة، خلص لك من ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقرؤها في أول الفاتحة، وأول كل سورة، غير أنه كان يقرؤها سراً، لا جهراً مع الفاتحة، وقل إن كان يجهر بها، كما كان يجهر في بعض الأحايين بالتعوذ والاستفتاح والتسبيح على سبيل التعليم والإرشاد.
وذلك دال عندي - والله أعلم - على أنها ليست من الفاتحة ولا من كل سورة، بل إنها سورة مستقلة تقرأ في مفتتح كل سورة، إلا سورة (براءة) التي لم يأمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل البسملة في مفتتحها، وذلك طبعاً غيرها في سورة النمل؛ فإنه لا يشك مسلم أنها آية منها.
والذي أعرف من السنة ومختلف أقوال السلف فيها: أنها إنما تقرأ - كما سبق - في مفتتح السورة لا في وسطها؛ ولا عند تلاوة أي آية من القرآن؛ إلا سورة النمل فأعتقد - والله أعلم - أن الصواب: أن يفتتح القارئ لشيء من بعض السورة بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقط؛ ويقتصر على ذلك، ولا يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) إلا إذا كان سيقرأ من أول السورة.
وعجب من قرائنا أن يقرؤوها عند تلاوتهم (مثلا) بعض آي من سورة الأنفال؛ فإذا ختموها وأرادوا قراءة سورة براءة لم يقرؤوا (بسم الله الرحمن الرحيم) فلماذا هذا؟ فإن قالوا: إنه غير وارد قراءتها في أول براءة، قلنا: نعم، وهذا حق، وكذلك غير وارد قراءتها في وسط السورة، فكذلك فكونوا أبداً مع الوارد ولا تتعدوه، فخير الهدى هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وليس عندهم في ذلك إلا عادة غلبت على بعض حفظة القرآن، وقارئيه في المحافل و المجتمعات، وقلدهم في ذلك بعض من لم يعتن بتحقيق المسألة من الجهة العلمية. هدانا الله وإياهم إلى الصراط المستقيم.
وقد صنف الإمام المحقق الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري المتوفى سنة 463 في البسملة كتاب (الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف) مطبوع في الرسائل المنيرية (ج 2 ص 153 - 194) جمع فيه كل ما ورد في موضوع البسملة من الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين والعلماء رضي الله عنهم أجمعين.
وقد ذكر من حجج من أسقط بسم الله الرحمن الرحيم من أول فاتحة الكتاب في الصلاة وكره قراءتها فيها ولم يعدها آية - حديث أبي الجوزاء عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين" ثم ساقه من طريق آخر إلى أبي الجوزاء عن عائشة قالت "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالتكبير؛ والقراءة بالحمد لله رب العالمين، ويختمها بالتسليم" قال أبو عمر: رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم، لا يختلف في ذلك إلا أنهم يقولون: إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة وحديثه عنها إرسال.
وأما الفقهاء فيقولون: إن هذا الحديث لا حجة فيه لمن يرى إسقاط بسم الله الرحمن الرحيم من فاتحة الكتاب؛ وإنما فيه الحجة على من رأى أن فاتحة الكتاب وغيرها سواء؛ وأنه جائز قراءتها وقراءة غيرها دونها في الصلاة؛ ويجيز أن يفتتح الصلاة بغيرها من القرآن. فهذا الحديث حجة على من قال ذلك؛ وأما من قال: إن الصلاة لا تجزئ إلا بأم القرآن، وأنها يفتتح بها القراءة في الصلوات دون ما سواها من القرآن، وأن ما سواها من القرآن إنما يقرأ في الصلاة بعد، فلا حجة عليه بهذا الحديث ولا بما كان مثله.
قالوا: وإنما قول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين، تعنى دون غيرها من القرآن، و"الحمد لله رب العالمين" اسم لسورة أم القرآن، وفاتحة الكتب اسم أيضاً لها. وإنما قالت عائشة "يفتتح بالحمد لله رب العالمين" ولم تقل "دون بسم الله الرحمن الرحيم" لأنه لم يفد السامع فائدة، لأن بسم الله الرحمن الرحيم في أول كل سورة مثبتة في المصحف، وقد اختلفوا فيها: هل هي آية من أول كل سورة أو آية مفردة في أوائل السورة؟ كاختلافهم هل هي آية من الفاتحة على ما تقدم ذكره.
وإنما قصدت عائشة رحمها الله إلى الإعلام بالسورة التي يفتتح بها الصلاة، وأخبرت بأي السور يفتتح قراءة الصلاة بكلام رفعت به الإشكال، فقصدت إلى ما في فاتحة الكتاب مما ليس في غيرها، لأن بسم الله الرحمن الرحيم في غيرها، فكان قولها "بالحمد لله رب العالمين" كما لو قال قائل: كان يفتتح الصلاة "ببراءة من الله ورسوله" ولم يقل بسورة التوبة، أو قال "بألم، أحسب الناس" ولم يقل بالعنكبوت، أو بق أو بيس ومثل هذا كثير، فكذلك قول عائشة: كان - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين ولم تقل بأم القرآن ولا بفاتحة الكتاب، لأنها قصدت إلى إعلام السامع بالسورة التي يفتتح بها قراءة الصلاة فسمتها بذلك، وليس فيه ما يسقط بسم الله الرحمن الرحيم ولا ما يثبتها.
ثم ساق حجة من يسقط بسم الله الرحمن الرحيم: حديث أبي هريرة "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" وساق كل طرقه وألفاظه، وتكلم عليه متناً وإسناداً ثم قال: وأما من رأى إثبات بسم الله الرحمن الرحيم في أول فاتحة الكتاب فقالوا لا يجوز أن يحال اسم الصلاة إلى القراءة إلا بما لا إشكال فيه من المجاز أو بالدليل الذي لا يحتمل التأويل. قالوا: ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - عن الله تبارك وتعالى "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين" أن الصلاة دعاء وعبادة، فمن العبد الدعاء ومن الله الإجابة، ومن العبد الطاعة بالركوع والسجود والقيام والقعود، ومن الله الإجابة والجزاء بالمغفرة والهدى. قالوا فهذا معنى قسم الصلاة بين العبد وبين ربه على ظاهر الكلام دون إحالة اللفظ والله أعلم.
وعلى هذا التأويل يكون المعنى في ابتدائه القراءة بالحمد لله رب العالمين بمعنى ما تقدم ذكره في حديث عائشة وغيره من الابتداء بالحمد لله رب العالمين.
ثم ساق حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في هذا؛ واستوعب كل طرقه، وتكلم عليها متناً وإسناداً.
والخلاصة التي تطمئن إليها النفس بعد قراءة هذه الرسالة وغيرها: أن القول في بسم الله الرحمن الرحيم أنها تقرأ أول كل سورة إلا براءة، وأنها تقرأ في الصلاة سراً لا جهراً، وهذا مذهب أهل الحديث وكثير من الفقهاء، والله سبحانه وتعالى أعلم.
محمد رافع 52 03-02-2014, 06:46 PM في ذكر البسملة وفضائلها العظيمة وفوائدها
نايف بن محمد بن سعد الراجحي (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/5807/)
أخي المسلم وأختي المسلمة: إن (بسم الله الرحمن الرحيم) أمرها عظيم، وفضلها كبير، وأجرها كثير، ولا شك أن لها منزلة عظيمة، فيها كل خير وبركة، وقد افتتح بها الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كتاب الله تبارك وتعالى.
وقد اتفق العلماء أنها بعض آية من سورة النمل، قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ﴾ [النَّمل: 30]، واختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة أو من كل سورة كتبت في أولها، أو أنها بعض آية من كل سورة، أو أنها آية في فاتحة الكتاب دون غيرها، أو أنها كتبت للفصل بين السور لا أنها آية، إلى آخر ما جاء في أقوال العلماء سلفاً وخلفاً رحمهم الله تعالى.
أما ما جاء في فضلها وبركتها وما يستفاد منها ففي السنة النبوية المطهرة فهو ما يلي:
أولاً: تستحب عند دخول الخلاء حسب ما ورد في الحديث: "بسم اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" أي (الشياطين والشيطانات)، وهذا هو الستر والحجاب بين المسلمين وبين عدوهم الشيطان الرجيم.
ثانيًا: تستحب البسملة في أول الوضوء كما جاء في الحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه".
ثالثاً: تستحب عند قراءة القرآن، والحديث، ومجالس الذكر.
رابعاً: تجب عند ال***.
خامساً: تستحب عند الأكل لما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة: "يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك". وهذا توجيه نبوي عظيم وأدب من آداب النبوة أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لاتباعه والعمل به.
سادساً: تستحب عند الجماع لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً".
وأسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا جميعاً للعمل بذلك والمحافظة عليه، وتعليمه لأمة الإسلام؛ وأن يجعل فيه الخير والبركة وحفظ النفس والذرية في الحاضر والمستقبل من الشيطان الرجيم، وتنشئة الأجيال على القرآن والسنة، والفوز بالأجر العظيم، وأن نحفظ أنفسنا وذرياتنا من الشيطان الرجيم.
سابعاً: إنما شرعت البسملة لذكر الله العلي العظيم قياماً أو قعوداً أو قرآناً أو صلاة أو وضوءاً أو أكلاً أو شرباً، فذكر الله سبحانه وتعالى في الشروع بها تبركاً وتيمناً واستعانة على إتمام العمل، وطلب القبول والإخلاص لله تعالى في الأقوال والأعمال فيه الخير والبركة، وينبغي للمسلمين عموماً قول ذلك وفعله، والحرص عليه، والبسملة لا تزيد المسلم إلا كل خير وبر وبركة وحفظ ورعاية وعناية من الله سبحانه وتعالى، فنسأل الله العلي العظيم أن يرزقنا الاستقامة على دينه، ويهدينا صراطه المستقيم، ويجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم آمين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد رافع 52 03-02-2014, 06:53 PM في الاستعاذة والبسملة
الشيخ إسماعيل الشرقاوي (http://www.thanwya.com/Authors/View/Sharia/6076/)
أولًا: الاستعاذة:
قال الله -تعالى-: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98].
حكمها:
مستحبة قبل قراءة القرآن، وقيل: واجبة؛ أخذًا بظاهر الأمر في الآية، والصحيح أنها مستحبة، وهو قول جمهور العلماء؛ قال الإمام الجصاص - رحمه الله - [1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftn1): "والاستعاذة ليست بفرض؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعلمها الأعرابي حين علمه الصلاة[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftn2)، ولو كانت فرضًا لم يخله من تعليمها"، وقال الإمام ابن الجزري - رحمه الله -:http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَاسْتُحِبَّ تَعَوُّذٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبْ[3] (http://www.alukah.net/#_ftn3) http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ألفاظ الاستعاذة:
(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، أو (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه)[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftn4)، أو (أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم)، أو (أعوذ بالله من الشيطان)، وهناك ألفاظ أخرى، واللفظ الأول مقدم؛ لورود الآية بمقتضاه، وفيما سبق قال الإمام الشاطبي - رضي الله عنه -:
إِذَا مَا أَرَدْتَ الدَّهْرَ تَقْرَأُ فَاسْتَعِذْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif--- جِهَارًا مِنَ الشَّيْطَانِ بِاللَّهِ مُسْجَلاَ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عَلَى مَا أَتَى فِي النَّحْلِ يُسْرًا وَإِنْ تَزِدْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif--- لِرَبِّكَ تَنْزِيهًا فَلَسْتَ مُجَهَّلاَ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَقَدْ ذَكَرُوا لَفْظَ الرَّسُولِ فَلَمْ يَزِدْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif--- وَلَوْ صَحَّ هَذَا النَّقْلُ لَمْ يَبْقَ مُجْمَلاَ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أوقات الإسرار وأوقات الجهر بالاستعاذة:
يُسَرُّ بالاستعاذة عند القراءة سرًّا، وعند القراءة خاليًا، سواء أَقَرَأَ القارئ سرًّا أم جهرًا، وفي الصلاة سريةً كانت أم جهرية، وإن كان القارئ وسط قوم يتدارسون القرآن ولم يكن القارئُ المبتدئَ بالقراءة.
ويستحب الجهر بالاستعاذة إذا كان القارئ يقرأ جهرًا، وكان هناك من يستمع إليه، وفي حالة التعليم والمدارسة عندما يكون القارئ المبتدئَ بالقراءة[5] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftn5).
ثانيًا: البسملة:
حكمها:
البسملة قد تكون واجبة، وقد تكون ممنوعة، وقد تكون مستحبة.
أولًا: الوجوب:
البسملة نص قرآني يجب قراءته في موضعين من القرآن العظيم:
الموضع الأول: وهو أول آية في سورة الفاتحة.
الموضع الثاني: في سورة النمل في قوله -تعالى-: ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [النمل: 30].
ويجب الإتيان بالبسملة أيضًا في أوائل السور، عدا سورة التوبة؛ اتباعًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قراءتها، وتبركًا بتلاوتها على أنها ليست آية من القرآن العظيم.
قال الإمام الشاطبي - رضي الله عنه -:
وَلاَ بُدَّ مِنْهَا فِي ابْتِدَائِكَ سُورَةً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif--- سِوَاهَا وَفِي الْأَجْزَاءِ خَيِّرَ مَنْ تَلاَ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثانيًا: المنع:
ولا يصح قراءةُ البسملة في أول سورة التوبة؛ ذلك أنَّها لم تكتب في المصحف على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقيل: لأن سورة براءة نزلت بالسيف.
قال الإمام الشاطبي - رضي الله عنه -:
وَمَهْمَا تَصِلْهَا أَوْ بَدَأْتَ بَرَاءَةً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif--- لِتَنْزِيلِهَا بِالسَّيْفِ لَسْتَ مُبَسْمِلاَ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثالثًا: الاستحباب:
ذهب بعض العلماء إلى استحباب قراءة البسملة داخل أي سورة، ولو بعد أولها بآية واحدة وإن كانت سورة التوبة[6] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftn6).
باب أوجه الاستعاذة مع البسملة عند أوائل السور
وللاستعاذة مع البسملة عند أول كل سورة، ما عدا سورة التوبة أربعة أوجه:
الوجه الأول: قطع الجميع.
أي: قطع الاستعاذة عن البسملة، وقطع البسملة عن أول السورة، فيقرأ الاستعاذة، ثم يتوقف، ثم يقرأ البسملة، ثم يتوقف، ثم يقرأ أول السورة.
الوجه الثاني: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث.
أي: قطع الاستعاذة عن البسملة، ثم وصل البسملة مع أول السورة، فيقرأ الاستعاذة، ثم يتوقف، ثم يقرأ البسملة ويصلها بأول السورة.
الوجه الثالث: وصل الأول بالثاني وقطع الثالث.
أي: وصل الاستعاذة بالبسملة، ثم يتوقف، ثم يقرأ أول السورة.
الوجه الرابع: وصل الجميع.
أي: وصل الاستعاذة بالبسملة مع وصل البسملة مع أول السورة بغير توقف.
باب أوجه البسملة بين السورتين
الوجه الأول: قطع الجميع.
أي: قطع آخر السورة عن البسملة، وقطع البسملة عن أول السورة الأخرى، فيقرأ آخر السورة، ثم يتوقف، ثم يقرأ البسملة، ثم يتوقف، ثم يقرأ أول السورة الأخرى.
الوجه الثاني: قطع الأول، ووصل الثاني بالثالث.
أي: قطع آخر السورة عن البسملة، ثم وصل البسملة مع أول السورة الأخرى، فيقرأ آخر السورة، ثم يتوقف، ثم يقرأ البسملة ويصلها بأول السورة الأخرى.
الوجه الثالث: وصل الجميع.
أي: وصل آخر السورة بالبسملة مع وصل البسملة مع أول السورة الأخرى بغير توقف.
قال الإمام الشاطبي - رضي الله عنه -:
وَبَسْمَلَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ بِسُنَّةٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif--- رِجَالٌ نَمَوْهَا دِرْيَةً وَتَحَمُّلاَ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَوَصْلُكَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فَصَاحَةٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif--- وَصِلْ وَاسْكُتَنْ كُلٌّ جَلاَياَهُ حَصَّلاَ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هذا ويمتنع وصل الأول والثاني وقطع الثالث؛ أي: يمتنع وصل آخر السورة بالبسملة، ثم قراءة أول السورة الأخرى مقطوعًا عمَّا قبله؛ لأنَّ البسملة للافتتاح لا للاختتام، فيستثقل فعل هذا عند أئمة القراء، كما قال الإمام الشاطبي - رضي الله عنه -:
وَمَهْمَا تَصِلْهَا مَعْ أَوَاخِرِ سُورَةٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif--- فَلاَ تَقِفَنَّ الدَّهْرَ فِيهَا فَتُثْقَلاَ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأما عن سورة التوبة براءة، فيبتدأ بها بأحد وجهين:
الأول: قراءة الاستعاذة وقطعها عن أول السورة.
والثاني: وصل الاستعاذة بأول السورة، وأما عن حال سورة التوبة براءة مع آخر السورة التي قبلها سورة الأنفال، ففيها ثلاثة أوجه:
الأول: قطع آخر سورة الأنفال عن أول سورة التوبة.
والثاني: وصل آخر الأنفال بأول التوبة.
والثالث: السكت سكتة لطيفة على آخر الأنفال، ثم الوصل بأول التوبة.
------------
[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftnref1) (ج 5 ص 13 من أحكام القرآن).
[2] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftnref2) يعني حديث المسيء صلاته، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً دخل المسجد ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - جالس في ناحية المسجد، فصلى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وعليك السلام، ارجع فصلِّ، فإنك لم تصلِّ))، فرجع فصلى ثم جاء فسلم، فقال: ((وعليك السلام، فارجع فصل، فإنك لم تصل))، فقال في الثانية أو في التي بعدها: علمني يا رسول الله فقال: ((إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تستوي قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها))؛ صحيح رواه البخاري (5897) (5/2307)، (760) (1/274)، (724) (1/263)، (6290) (6/2455)، ومسلم (397) (1/298).
[3] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftnref3) كذا علق الشيخ محمود بن أمين طنطاوي - حفظه الله.
[4] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftnref4) صح الحديث بهذه الصيغة ورواه الترمذي (242) (2/9)، وأبو داود (775) (1/265)، وابن ماجه (807) (1/265)، والدارمي (1239) (1/310)، وابن خزيمة (467) (1/238)، وابن حبان (1779) (5/78)، (2601) (6/336)، والدارقطني في سننه (4) (1/298)، والطبراني في الكبير (1569، 1570) (2/134، 135)، وفي مسند الشاميين (1343) (2/281)، وأبو يعلى (1108) (2/358)، (4994) (8/411)، (5077) (9/10)، (5380) (9/258)، وعبدالرزاق (2580) (2/84)، وابن أبي شيبة (2396) (1/209)، (2460) (1/215)، (29123) (6/17)، (29142) (6/19)، والبيهقي في الكبرى (2179) (2/34)، (2184، 2185) (2/35)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1073) (1/197)، وأحمد (25266) (6/156) بسند صحيح وفيه: قالوا يا رسول الله وما همزه ونفخه ونفثه؟ قال: ((أما همزه فهذه الموتة التي تأخذ بني آدم، وأما نفخه فالكبر، وأما نفثه فالشعر)).
[5] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftnref5) هكذا قال العلامة الشيخ رزق خليل حبة شيخ المقارئ المصرية - عليه من الله سحائب الرحمة - وأشار إلى ذلك الشيخ محمد بن صادق قمحاوي في البرهان، (ص 8).
[6] (http://www.alukah.net/Sharia/0/44366/#_ftnref6) قال الحافظ السيوطي: فإن قرأ (البسملة) من أثناء سورة استحبت له أيضًا؛ نص عليه الشافعي فيما نقله العبادي، قال القراء: ويتأكد عند قراءة نحو: ﴿ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ [فصلت: 47]، و﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ ﴾ [الأنعام: 141]؛ لما ذكر في ذلك بعد الاستعاذة من البشاعة وإيهام رجوع الضمير إلى الشيطان؛ انتهى؛ الإتقان في علوم القرآن (1/308)، وانظر: النشر لابن الجزري (1/266)، وقال الشيخ الضباع شارحًا لقول الشاطبي: (وَفِي الْأَجْزَاءِ خَيِّرَ مَنْ تَلاَ): وأما الأجزاء والمراد بها ما بعد أوائل السورة ولو بكلمة، فالقارئ مخير بين البسملة وتركها، وعلى اختيار البسملة جمهور العراقيين، وعلى اختيار تركها جمهور المغاربة؛ (إرشاد المريد ص32 طبعة مكتبة صبيح).
دّقْـــةُ قْـــلِـــبّـ 03-02-2014, 09:19 PM جزاكم الله خيرا وجعله الله في ميزان حسناتكم
محمد رافع 52 03-02-2014, 10:04 PM جزاكم الله خيرا وجعله الله في ميزان حسناتكم
اشكرك بارك الله فيك
|