![]() |
عودة الذئب [رواية] من أروع ما قرأت
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مقدمة: (عاصفة هوجاء تهبّ، فيخاف منها الناس والحيوانات، فتدمّر العاصفة كلّ شيء حتى لا يجد الناس مكانًا يجتمعون فيه، فالشجر قد اقـتـلع من جذوره، والبيوت قد تهدّمت، ويبقى ذئب وحيدا يقف بشموخ على صخرة ناظرًا إلى العاصفة، فيتشبث الذئب بمكانه دون حراك، حتى عندما ينسلخ جلده يبقى صامدًا لا يتحرّك ، ولا يصرخ عند الموت, ويبقى محدقًا بعدوّه إلى أن يموت. هكذا نحن..... سنبقى على الجبل, ننظر إلى الموت المحيط بنا دون أن نخاف منه ) : : رواية من أروع الرويات التي قرأتها بل هي أروعها على الإطلاق [ عودة الذئب ] من تأليف/ أ. سامية أحمد عبارة عن مشهدين يرويان معًا في نفس الوقت ليس لهما علاقة ببعضهما إلى أن يلتقيان و ... أترككم مع الحلقة الأولى |
(1) |
اقتباس:
مش فاهمة :huh: يعني فين الرواية ؟؟؟؟ :unsure: |
اقتباس:
بنزلها على حلقات تابعينا وإن شاء الله تعجبكم |
(2) دق محمد باب منزل فتحيه أم سلطان وعندما فتح الباب فوجد عمر أمامه ينظر اليه باستغراب وعيناه تمتلئ بالريبة عمر : مش انت اللى كنت قاعد مع جاد الله القهوجى ؟؟ قال محمد بجديه وهدوء : السلام عليكم ..أريد التحدث الى السيده فتحيه أم سلطان عمر بريبه : نقول لها مين؟ محمد : صديق للدكتور صابر عبد التواب جلس محمد ينتظر السيده فتحيه على الأريكه البلديه فى وسط الصاله الضيقه فى بيتها الصغير القديم الذى ينضح الفقر من جدرانه المتهالكه الممتلئه بالشقوق, وجلس أمامه الأسطى بسيونى الذى قدم مسرعا عندما ناداه عمر من دكانه الذى يقع فى آخر الحاره جلست السيده فتحيه بعد أن قامت بنفسها بتقديم واجب الضيافه للضيف الذى بدأ يتحدث اليهم قاطعا كل نظرات التساؤل والشك فى العيون : أنا محمد ...صديق الدكتور صابر عبد التواب تعرفت الى الدكتور صابر عندما كان مكلفا من قبل نقابة الأطباء المصريه بمهمه انسانيه طبيه فى بلادى وتصادقنا كأعز الأصدقاء...وقبل سفره قدم لى الدعوه لزيارته فى مصر , وغادر بلادى ولم أراه منذ سبعة عشر عاما وطوال هذه المده لم تتح لى الفرصه لزيارة مصر..وعندما تحسنت الأحوال واستطعت الحضور الى مصر , ذهبت لزيارته ولم أجده فتحيه بأسى وهى تمصمص شفتيها: يا حول الله يارب (لا يجوز قول يا حول الله أو لا حول الله والصحيح قول لا حول ولا قوة إلا بالله) بسيونى : البوليس قبض عليه من 17 سنه ومحدش يعرف له طريق جره محمد بدهشه : لماذا ؟؟ بسيونى : والله ما حد عارف, أهم بيقولوا سياسه , وناس بتقول انه كان مع الجماعات تجهش فتحيه بالبكاء : دا كان راجل سكره, ما يستحقش اللى جراله, الله يجازى اللى كان السبب هز محمد رأسه بأسف وتنهد بحزن بسيونى : انما ولا مؤاخذه حضرتك بتتكلم عربى كويس؟ محمد يلتفت اليه : أنا أزهرى, تعلمت فى الأزهر, وقضيت فى مصر فترة شبابى التفت محمد الى عمر الجالس قبالته على كرسى خشبى قديم ونظر فى عينيه وهو يقول : أنت عمر؟ عمر بريبه : ايه! انت تعرفنى؟ يظهر شبح ابتسامه على زاوية فمه وتطل من عينيه نظره غريبه وهو يقول : أنت الذئب ينظر اليه الجميع فى صمت والدهشة تطل من عيونهم بقوة عــــــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــــــــ ر شق المكان صوت صراخ رهيب قادم من الحارة أفزع كل من فى البيت جرى عمر الى النافذة : ايه ....فيه ايه يا ريس فرغلى؟ فرغلى بغضب : انزلى هنا يابن الديابه لا أطلع أشرحك عمر بغضب : ايييييه انت هاتشتغلى؟ طب أنا نازلك.... يخرج من المنزل جريا وهو يهتف : جرى ايه؟ واقف تسيحلى فى وسط الحاره؟حصل ايه فرغلى يمسكه من ملابسه : فين ايراد الورشه يا (...) يا حرامى؟ من ساعة ما اصطبحت بوشك وانا بقول اليوم ده مش هايعدى على خير عمر يدفع يده بغضب : ماتشتمش....وانا مالى أنا ومال ايراد الورشه؟ هو أنا جيت جنبك؟ماتشوف مين اللى دخل الورشه النهارده مفيش حرامى وابن (...) فى الحاره غيرك..ودينى اما قبيت بإيراد الورشه لأبيتك متفشفش فى أحمد ماهر حووووووده...كتفه يحيط به صبيان الورشه ويمسكوا بيديه عمر بغضب : هى دى المرجله ؟ بتخليهم يكتفونى؟ يبدأ فرغلى بالضرب فيه بوحشيه وهو يقول : فين ايراد الورشه ..انطق يا حرامى يتجمع كل من فى الحاره ويقفوا متفرجين الا من بعض التعليقات : مش حرام ..كلكوا عليه؟ أحسن يستاهل...دا حرامى يصرخ عمر من الألم ويسب فرغلى الذى رفع يده لتنزل على وجه عمر... لكنها لم تنزل.... لأن يدا أخرى أشد قوة اعترضتها التفت فرغلى بغيظ الى الشخص الطويل الممسك بيده ليصطدم بعينين يملؤهما غضب مخيف وصوت صارم يقول : يكفى هذا ارتبك فرغلى بشده, لكنه قال : محدش يتدخل بينى وبين ابن ( ...) ده...دا سرق ايراد الورشه عمر وهو يبكى : والله ما سرقت حاجه...هو انتوا ماعندوكوش حرامى غيرى؟ محمد بصرامه : كم المبلغ؟ ينظر اليه فرغلى بدهشة : 200 جنيه يعطيه محمد المبلغ ببساطه وهو يقول محذرا: خذ المبلغ ولا تلمسه ينتهى الموقف وينفض الجمع وهم بين مذهول ومتعجب من هذا الغريب الذى يدفع مالا لرجل لا يعرفه من أجل انقاذ لص لا يعرفه مسح عمر دموعه فى كمه وهو ينظر بدهشة لهذا الغريب الغريب قال محمد باقتضاب : تعالى, أريد أن أتحدث اليك نهض عمر من الأرض, وانطلق خلفه بصمت وفضول لا مثيل له حتى وصلا الى حيث ترك السيارة فتح محمد باب السياره وهو يشير الى الباب المقابل ويقول بلهجه آمره : اركب تردد عمر ونظر اليه بارتياب قال محمد منهيا تردده : هل تحب أن تكسب مالا؟ اتسعت عينا عمر بلهفة : أنا خدامك محمد بصرامه : اذا اركب ركب عمر بجواره, وانطلق محمد بالسياره ليدور بينهما حديث طويل .................................................. عمر : انت مين يا عم الشيخ محمد : أخبرتك من قبل...أناصديق للدكتور صابر عبد التواب عمر : لكن ماقولتليش..هاتدينى فلوس ليه؟ محمد : سأعرض عليك عرض...ما رأيك أن تعمل معى ؟ عمر بتردد : ماشى ...تحت أمرك..بس..... لامؤاخذه ازاى هاتشغلنى معاك وانت عارف انى حرامى؟ قال محمد فى هدوء : لأننى اعتدت عدم الحكم على الناس الا من خلال تصرفاتهم...وحتى الآن لم يبدر منك ما يجعلنى أرفضك عمر : طب وكلام الناس؟ محمد : أنا أرى الأشخاص بعينى وعقلى ...لا بكلام الناس عمر بدهشه: يااااه...انت بتفكر غير الناس كلها!! محمد باهتمام : لماذا طردت من المدرسه؟ عمر : لا..أنا محدش يقدر يطردنى ..أنا اللى سبتها بمزاجى محمد : لماذا؟ عمر : بصراحه زهقت منهم ..أصل المدارس مابتكسبش فلوس ..أنا كده أحسن محمد : كان بإمكانك العمل والدراسه معا عمر : الصراحه قرفت من المدرسه باللى فيها كنت ماشى كويس وميت فل و14 ..لحد أولى اعدادى..لحد ما الواد شوقى ابن الأسطى فرغلى ما اتنقل الفصل بتاعى أكمل بسخريه مريره : أبوه راح للمٌدرّسه وقال لها ..الواد ده مايقعدش جنب ابنى, أصله ابن ( ... )..ومن يومها بقى الفصل كله يبعد عنى زى ما أكون جربان, أما شوقى بقى, كان كل ماتضيع منه حاجه يلزقها فيا..ويشتكى للمٌدرّسه انى سرقته. مع انهم كلهم عارفنى من سنين... ومن يومها وكل حاجه اتشقلبت هز محمد رأسه بتفهم : وكلما ضاع شئ أو سرق شئ .. فالسارق دائما موجود عمر بسخريه : عليك نور ...بس ... وعنها وسبتلهم المدرسه مطربقه على دماغتهم... وده كمان ريح عم بسيونى, ايه اللى يزنقه يصرف على عيل مش من عياله؟ محمد يهز رأسه بأسف : وأنت لم تدخر جهدا لتؤكد لهم الصوره التى فى ذهنهم عنك .... صورة اللص عمر بمراره : لو كنت عمالتلهم قرد, برده هافضل فى نظرهم ابن (...) وادينى خدتها من قصيرها وبقيت حرامى ... آل ضربوا لأعور على عينه, قال خسرانه خسرانه محمد : ما رأيك فى من يمنحك فرصه تثبت بها عكس ما يظنونه.. تثبت جدارتك فى مكان آخر لا يعرفك فيه أحد, فى مكان لا يقيّم فيه الإنسان الا بعمله عمر : ايدى على كتفك محمد محذرا : ولكن احذرك فستسافر الى بلاد بعيده للغايه... والعمل هناك شاق تماما وقد لا تتحمله عمر : ياعم خليها على الله ...أنا بعون الله أفوت فى الحديد... وبعدين مش انتوا هاتدونى أجرى؟؟ خلاص .. قالوا ايش بلدك يا جحا؟ .قال اللى فيها الفلوس...هاهاهاها محمد بجدية : حسنا ...فلتجهز حاجياتك, ولتعود لتودع أهلك... فقد يطول السفر الى سنوات عمر : يا عم قول يا باسط...أهل مين؟أنا ماليش أهل, دى حاره غجر, وكمان ماليش حاجات, أهه على فيض الكريم عقد محمد حاجبيه وقال بدهشة : وماذا عن أمك التى أرضعتك ؟ وأباك الذى رباك؟ عمر بلا مبالاه : أبا بسيونى , ما هايصدق, دا مش عاوز يشوف وشى , وأمى مابتحبش المشاكل دى الحاره كلها هاتفرح وتزغرد علشان ارتاحوا منى صمت عمر قليلا, ثم قال بعد تردد : بس ..ليا سؤال.... انت بتعمل كده ليه؟ محمد : أخبرتك من قبل, من أجل صديقى الدكتور صابر.. فأنا مدين له بالكثير كما أنى أريد أن أثبت لك أن هناك من يعاملون الناس بتعاليم الإسلام لا بنظرتهم الضيقة للحياة ان من ينظر للحياه من خلال الإسلام, يجدها أكبر بكثير مما يعتقد الناس عمر بريبه : لاموآخذه الكلام ده مش داخل دماغى يعنى ...طب مافيه ألف واحد غيرى واحسن منى كمان ومعاهم شهادات ويستحقوا المساعده أكتر منى يصمت قليلا ثم يقول : انت كنت تعرف أبويا؟ محمد ينظر اليه باعجاب بذكاءه ويقول ببساطه : ربما دهش محمد عندما لم يتلقى أى رد أوكلمه أو حتى انفعال من عمر عقد حاجبيه بدهشة وسأله: ألا يهمك أن تعرف انك لست ابن زنى؟ عمر يفتعل اللامبالاه وهو ينظر بشرود الى الطريق :ماتفرقش كتير.. بالعكس ..كده أحسن, خلاص اتعودت وبعدين مش يمكن لو عرفت مين أهلى أقع فى مصايب وقواضى؟ أمال يعنى ايه اللى يخليهم يرمونى الا اذا كانوا واقعين فى مصيبه؟ سوق يا عم سوق خلينا نشوف أكل عيشنا, بلا أهل بلا هم خلينا فى السفر والفلوس وسافر عمر مع محمد بعيدا... الى أين؟ الى عالم مجهول, وحياه جديدة, لا يعرف ما ينتظره فيها .................................................. .. تابعونـــــــا |
انا بصراحه لقيت الموضوع طويل وعايز قاعده
وبقرأ ف الاول مفهمتش المقدمه :d طيب حضرتك تقصدي ايه بـ اقتباس:
|
اقتباس:
هو طويل آه بس مشوق لدرجة إني قريت الرواية كاملة على مرتين ^^ اممم .. تابع معانا وهتفهم المقصد .. أنا مش عايزة أحرقها وبالنسبة للمقدمة أنا مكنتش هحطها، بس حطتها في الآخر بعد ما كتبت الموضوع بس ممكن احذفها مادام مشوشة على أفكاركم سعيدة بمتابعتكم ومتأكدة إن الرواية هتعجبكم بإذن الله وهتفيدكم جدا جدا |
مواضيعك كلها حلوة حبيبتى دايما متابعة معاكى ان شاء الله
جزاكِ الله خيرا وبارك الله فيكِ على المجهود :) |
انا قريتها قبل كده :d
جميله جداً جداً فعلا ومشوقه مكنتش متوقعه اللي هيحصل في الاخر ! نهايتها مش زي منا متعوده فـ الرواياات :d جزيتي الجنه ^_^ |
اقتباس:
شكرًا حببيتي :") وأسعد بمتابعتك .. جزانا الله وإياكِ =) اقتباس:
قوليلهم بقى قد إيه الرواية جميلة ^^ طيب تابعي معانا تاني بقى جزانا وإياكِ حبيبتي :") |
(3) نجحت المهمه..... أحضرناه |
روايه جميلة تحتاج قراءة بتمعن ان شاء الله متابعة يسلمووو غلااتى بالتوفيق |
اقتباس:
معاكِ بإذن الرحمن ^_^ هتابع فـ صمت مش هحرقلك النهايه :d |
اقتباس:
أسعد بمتابعتك :") سلمك الله من كل شر .. اقتباس:
أهلًا بيكِ في أي وقت .. بس احنا مابنتهددش على فكرة d: نورتِ، وسعيدة بمتابعتك > من غير ما تحرقي الرواية =) |
(4) لا........لا...... مستحيل هتف الأسير بغضب : لن تنالوا ما تريدون أبدا لن تستطيعوا العودة أبدا, سنسحقكم سحقا لسنا وحدنا هذه المرة...الجميع يؤيدوننا القائد بصوت مخيف : نعم ...تحالف اللصوص الجبناء.... تغضون الطرف عما يفعلونه هناك, ليغضوا الطرف عما تفعلونه هنا والمصلحه مشتركه......القضاء علينا جميعا هنا وهناك الأسير بتكبر وغرور : هل علمتم الآن أنكم أضعف منا بكثير القائد بسخريه لاذعه : لازلتم تكررون نفس العبارات الهزيلة المعتقة, يبدو أنكم تكذبون الكذبة ثم تصدقونها أليس لديكم جديد تقولونه ؟ ألم تصلكم نتائج المعارك التى خضناها ضدكم حتى الآن؟ ألا تعرف أعداد القـتـلى والجرحى من جانبكم؟ أم أنكم تخدعون قادتكم كما تخدعون شعبكم ؟ أم أن قادتكم هم الذين يخدعونكم , ويوهمونكم بالنصر المنتظر ؟ صرخ الأسير بمقت شديد : أنتم شرذمة ضئيلة وسنسحقكم سحقا بأحذيتنا, تماما كالحشرات ضحك القائد ضحكة قصيرة متهكمة شديدة السخرية : نعم كما كنا منذ سنوات ليست بعيدة, وظل الوحش المرعب يردد بصوته الجهورى الأجوف بأنه سيسحقنا و 7000 من جنودكم محاصرين فى العاصمة , يأكلهم اليأس ليعودوا فى النهايه الى أحضان أمهاتهم وسراويلهم مبتلة من الرعب, مخلفين وراءهم أسلحتهم وعتادهم , وحتى أحذيتهم نهض واقفا ونظر فى عينى الجنرال الصامت يرتجف غضبا وأكمل ببرود : فلتستمتع بقوتك فى سجننا أيها الجنرال وأنت تنتظر قادتك المغاوير ليبادلوك برجالى وسنرى من منا يستطيع الصمود أكثر.. سنظل نقاتل ونقاتل حتى ترضخوا وتأتوا الينا صاغرين, ثم أردف بلهجه ذات مغزى : كما حدث من قبل رحل القائد....... وتركه يغرق فى بحور من المشاعر المرتبكه والأعصاب المحترقه .................................................. ......... مضت فتره طويله من الصمت ..الى أن استطاع عمر أخيرا أن ينطق : شـ ..شـ..شيشان !! أنا!!! من الشيشان؟؟ هز محمد رأسه ببطء وهو يقول : نعم أنت ابن خالد ديساروف أعظم مجاهد شيشانى عرفته فى حياتى كنت وأباك أصدقاء وأخوة فى الجهاد, وأقارب أيضا ..فزوجته من أغلى انسانه على قلبى .. أختى خديجه تنهد محمد بعمق وهو يقول : كان والدك طبيبا, عرفنى على صديقه الطبيب صابر عبد التواب الذى جاء الى هنا فى بعثة طبية تابعة للجنة الإغاثه الإنسانية المصرية... استضافه خالد فى منزله عدة أشهر .. كنا كأعز الأصدقاء...حتى.... قامت القوات الروسيه بمهاجمة العاصمة ..جروزنى استدعاه مدير البعثة الطبية وأبلغه بضرورة الرحيل الفورى عن العاصمة .. عاد مسرعا ليودع خالد ....لكن................ اتسعت عينا عمر اثارة, وقال متعجلا محمد ليعرف ما حدث : لكن ايه؟ أكمل محمد وقد كسا صوته حزن عميق : وجد البيت محطم وجميع من فيه قـتـلى... كان الجنود الروس يبحثون عن أباك .. وقدر الله أن يكون موجود فى البيت فى هذا الوقت لكن ...سبحان الله ... استطاعت أمك أن تحميك وانت رضيع..أخفتك فى مخبأ عجز الجنود عن الوصول اليه وبقيت نائما حتى رحلوا وعندما وصل الدكتور صابر وسمع صوت بكائك لم يدرى أين يذهب بك, والبلد كلها فى حالة من الجنون والفوضى..؟ أخذك معه على متن الطائرة المغادرة, وأدخلك الى مصر بطريقة لا يعلمها أحد غيره ويبدو أنه كان يعلم مسبقا أنه سوف يعتقل, فتركك عند خادمته الأمينه ضاقت عينا عمر بشك : ياسلام؟!!!!!! وازاى عرفتوا انى سافرت على مصر؟ محمد : ترك لى الدكتور صابر رسالة مع أحد معارفى الذين كانوا يرافقون البعثه الطبيه عمر غير مصدق : وسبتونى 17 سنه؟ محمد بأسى : الإجتياح الروسى لم يترك أخضر ولا يابس.... لقد غادر المجاهدون جروزنى الى الجبال تاركين كل شئ ودارت معارك طاحنة لإستردادها, ولم يكن باستطاعتنا ترك مواقعنا كجنود والذهاب لأى مكان, ولا يمكن أن نحضرك الى هنا وسط آتون الحرب المشتعلة ... كنت صغيرا للغاية.. وبعد أن أخرجنا الروس من جروزنى, لم يكن معنا ما يكفى من مال يغطى تكاليف الرحلة الى مصر واعادتك الى هنا ناهيك عن الحصار الإقتصادى الذى فرض علينا, والتحرشات الروسية المستمرة, وتهديداتهم المستمرة بالإعتداء علينا وبعد عدة سنوات حدث الإجتياح الثانى للشيشان ..وانخرطنا معهم فى حرب ضروس استنزفتنا تماما... والآن تغيرت الظروف , أصبحت رجلا وخرج الروس من جروزنى من بضعة أشهر فقط, وعادت الحياه تسير ابتلع عمر ريقه بصعوبه وصمت طويلا يحاول استيعاب ذلك الكم الهائل من المفاجآت , ثم نظر الى محمد وقال : وانتوا عاوزين منى ايه دلوقتى؟؟أنا مش فاهم محمد بود هادئ : نحن أهلك ..يجب أن تعيش معنا هنا, فى وطنك انتفض عمر من مكانه بعـنـف وقال فى ثوره : فين؟؟ هنا؟ أنا..أعيش هنا؟؟ محمد بصرامه : لقد وافقت من قبل ...هل تذكر؟ عمر بانفعال : لاااااا ..دا كان زمان..لما كان فيه شغل وفلوس وميه بتجرى....انما انت عاوزنى أعيش هنا؟ وسط البرد والتلج والحرب !!! وفى بلد ما اعرفهاش, وسط ناس ماعرفهمش ولا أعرف بيرطنوا بأنهى لسان !! لا يا عم ..أنا مروح بلدنا, ومتشكرين قوى على واجب الضيافه محمد بغضب : هؤلاء الناس هم أهلك, وأنت منهم, أنت هنا عزيز كريم بينهم زفر بضيق وهو يكمل : أفهم تماما مشاعرك, لقد ملء الوهن قلبك, استسغت الحياة تحت الشمس الدافئه, واستطعمت الأمان والراحة وأصبحا همك الأكبر, حتى لو ضحيت فى سبيلهما بنخوتك ورجولتك وابتلعت الذل والعار..لتنعم بالدنيا ضغط أسنانه بقوة وهو يقول بغضب مكتوم : لن ..أسمح ..لك ..أبدا أهل هذه البلاد لا يتنازلون عن أبناءهم مهما حدث ينفعل عمر بشدة ويصرخ : محروقه بلدكوا عاللى فيها...فاكرنى هاقعد هنا ...لاااا فايت هالكوا مخضّره, أنا مش ابنكوا أنا ابن ( ... ) سامع...ابن ( ... ) فجأه ....اصطدم عمر باعصار غاضب عنيف انقض محمد عليه بقبضته ليكسر أنفه ويسقطه أرضا بعـنـف ويبدأ عمر بالصراخ والعويل فيزيد من غضب محمد ويسحبه من ملابسه ويلكمه بعـنـف ويأتى كل من فى البيت على صوته لينقذوه من محمد وتمسك زوجته بيديه لتمنعه من ضرب عمر ويساعد مالك عمرعلى النهوض محمد بغضب مخيف : اياك أن تنطق بهذه الكلمات أمامى اياك أن تسب أباك أو أمك والا قـتلتك يستعيد بعضا من هدوءه ويكسو صوته الحزن وهو يقول : لن تفهم أبدا ماذا يعنى أن تفقد أغلى الأصدقاء |
أفهم تماما مشاعرك, لقد ملء الوهن قلبك, استسغت الحياة تحت الشمس الدافئه, واستطعمت الأمان والراحة وأصبحا همك الأكبر, حتى لو ضحيت فى سبيلهما بنخوتك ورجولتك وابتلعت الذل والعار..لتنعم بالدنيا
|
شكر وتحية لصاحب هذا الإبداع
|
بصراحة افضل راوية
|
اقتباس:
اقتباس:
شكرًا لكم وأدعوكم لمتابعة الرواية للنهاية جزاكم الله خيرًا على المرور |
انا قرأت الرواية قبل كده
بس رائعة وبتحيى قضية المعظم ناسيها جزيت خيرا اقتراح ممكن بعد ما تخلصها تكتب معلومات عن الشيشان تأكيدا للمعلومات اللى وردت فى الرواية بوركت |
اقتباس:
صحيح .. وده الشيء اللي جذبني فيها إن الناس ناسية الشيشان أصلًا، ومعلومات معظمنا مايعرفهاش المعلومات صحيحة .. على موقع قصة الإسلام لـ د. راغب السرجاني هبقى انزلها في النهاية إن شاء الله سعدت بمرورك أختي وباقتراحك جزانا الله وإياكِ كل خير ، وفيكِ بارك الله |
تابع (4) فى الأيام التاليه ................... استقر الحال بعمر فى بيت خاله ولم تدخر العائلة جهدا للإشعاره بأنه فى وطنه كان الجميع يتعامل معه بلطف وحنان من أول السيدة الطيبة زوجة محمد التى كانت تمرضه وترعاه ...ومالك الظريف الذى كان يحاول التخفيف عنه بكل وسيلة, الى زهرة الرقيقة التى كانت تسأل عنه من وقت لآخر... حتى الصغير خالد ..كان يحبه لكن عمر كان لديه شعور دائم بالغضب والتمرد تزداد حدته ويظهر جليا كلما رأى خاله محمد أو احتك به دخل عمر حجرة المعيشه بخطوات ملوله بطيئه ..فوجد العائلة كلها هناك.. الأب والأم والصغيران يشاهدون التلفاز, ومالك يجلس الى منضدة فى أحد أركان الحجرة يستذكر دروسه, وزهرة تجلس فى الركن الآخر تقرأ اتجه عمر الى المنضدة التى يجلس اليها مالك وجلس على مقعد أمامه مالك : مرحبا عمر ...سأنهى دروسى وأخلو اليك حالا... كيف حال أنفك؟؟ عمر بغيظ : اسأل أبوك...ياااااااااسااااااتر ...ايه ده ؟؟ (لايجوز قول يا ساتر لأنها ليست اسمًا من أسماء الله عز وجل والصحيح أن نقول يا ستير) تصدق بالله ... أنا كلت علق بعدد شعر راسى, وانضربت كتير وقليل ... الا أبوك ..ده عليه ايد.. مرزبه! شايلها ازاى ده ؟ يبتسم مالك وهو يقول بمرحه المعتاد : أبى مجاهد, ويجيد فنون القتال يزفر عمر بضيق وملل : اف ..ايه ده ... معندكوش هنا حاجه نتسلى بيها؟ مالك بمرح : اطلب أى شئ تريده عمر بصوت خافت : معاك سيجاره ؟ مالك بدهشه : ماذا؟؟ عمر : سيجاره مالك يبلع ريقه ويقول بصوت منخفض هو الآخر : لا...لا أحد هنا يدخن السجائر عمر بتأفف : طب مفيش كوتشينه؟؟ مالك : ماذا قلت ؟؟... لا أستطيع فهم أغلب كلماتك عمر بضيق : يابنى هو أنا بتكلم عبرى؟؟ كوتشينه يابنى ..كوتشينه...ورق ...ورق.. مالك يهز رأسه بفهم : نعم ...فهمت .. لا ...لاأحد هنا يلعب الورق عمر : ياساتر ...انتوا عايشين ازاى! (لايجوز قول يا ساتر لأنها ليست اسمًا من أسماء الله عز وجل والصحيح أن نقول يا ستير) مالك يبتسم : انتظر حتى أنهى ما فى يدى وسأجد ما يسلينا يسند عمر مرفقه الى المنضدة ويريح خده على كف يده ويتثاءب بكسل ملول حتى تقع عينه على زهرة وهى تنهض من مكانها وتتجه الى المكتبة الكبيرة فى آخر الحجرة لتبحث عن كتاب تطاردها عيناه ويستدير وجهه خلفها فجأه ينهض مالك ويرتكز بمرفقيه الى المنضدة ويميل بجزعه ويقترب من عمر ويمسك وجهه بين أصابعه وينظر فى عينيه مباشرة وهو يقول بابتسامة مفتعلة : كن حذرا ..بعض أنواع التسليه قد تكون خطيرة ومؤلمة للغاية يشيح عمر بيده : خلاص ياعم آسف, انت هاتعلق لى المشنقة؟ مالك ببساطه : فقط أحببت أن أنبهك ..فزهرة ليست فتاة عادية ستفهم ذلك فيما بعد عمر بلهجة معتذرة : ماشى يا عم.مسموح بالكلام ولا ده كمان ممنوع؟؟ يعود مالك الى مرحه : ولم لا ..انها أختك كما هى أختى ينهض عمر ببطء وينظر حوله ثم يتجه الى المنضدة التى تجلس اليها زهرة التى شعرت به فرفعت عينيها من الكتاب وهى تقول بود وابتسامة هادئة على شفتيها : مرحبا عمر ...كيف حالك؟ عمر يجلس الى المنضدة وينظر للكتاب الذى بين يديها: الحمد لله.... ايه ده؟؟...كل ده كتااااااااب؟ انتى بتذاكرى ولا حد بينتقم منك؟؟ تبسمت ضاحكة : لا لقد أنهيت دروسى منذ قليل عمر بدهشة : : أمال بتعملى ايه بالكتاب ده؟؟ زهرة : هذا كتاب تاريخ ..... عمر بعجب : بتقرى ده كله؟؟ زهرة : لا....بل أحفظه عمر بذهول : ليه ؟؟ مين اللى بيعذبك كده؟؟ يشير بابهامه خلفه بتساؤل دون أن يتكلم زهرة ضاحكة : لا ...ليس هو ... بل أنا التى أريد ذلك ....أريد أن أشارك فى حفظ تاريخ هذا البلد عمر ببلاهه : مش فاهم ؟؟ يعنى ايه تحفظى كتاب عشروميت صفحه؟.. ايه اللى يزنقك على كده ؟؟ زهرة بهدوء : لقد قاربت على الإنتهاء من حفظ ربعه الأمر ليس صعبا كما تتصور .... هذا ان أردت أن تفعله عمر : : ماشى....لكن مش هو مكتوب فى الكتاب؟ والكتاب فى المكتبة؟ بتحفظيه ليه؟؟ زهرة : حتى أساعد فى انقاذه عندما يتكرر ما حدث فى الماضى .................................................. .. انهم يحرقونها........ قال القائد بألم شديد وهو ينظر هناك بعيدا من خلال المنظار المكبر ترك المنظار وجلس مستندا الى صخرة وارتسم على وجهه الغضب ممزوجا بالألم وردد ثانية : انهم يحرقونها....يحرقونها... أحمد بغضب : أصبحوا كالكلاب المسعورة منذ اختطفنا جنرالهم جوهر : هزيمتهم الفادحة فى معركة دبيورت أشعلت جنونهم لقد قــتل منهم أكثر من 800 خلاف الآليات والأسلحه التى غنمناها منهم لهذا يصبون حقدهم وغضبهم على جروزنى القائد : سيدمرونها عن آخرها ان لم نتصرف بسرعه يحرقونها أو يدمرونها ....انها لا تهمهم فى شئ جوهر بهدوء : سوف يتوقفون قريبا ... القائد بغضب : لا لن يتوقفوا الا عندما ترتوى نزعتهم الساديه لن أقف مكتوف الأيدى وأتركها تحترق لن أتركهم يدمرونها أبلغ بقية الكتيبة بالإستعداد ... ارتسمت فى عينيه نظره مرعبه وهو يكمل : سيكون الرد مزلزلا .................................................. ........... مش فاااااهم ...قالها عمر بضجر شديد مالى أنا ومال ايفان الرهيب والشيخ منصور ولا شامل ده كمان تنهدت زهرة وفكرت قليلا ثم قالت : حسنا سأحاول أن أشرح لك بطريقه مختلفة نحّت الكتاب جانبا وأحضرت من المكتبه رقعة شطرنج رصت عليها القطع بطريقة معينه وعمر يراقبها باهتمام شديد, وبعد قليل انضم اليهما مالك بعد أن أنهى ما فى يده وأخذ يستمع لزهرة بشغف زهرة : القطع البيضاء الكثيرة تمثل روسيا ..والسوداء تمثل المقاومة الشيشانية وهى على الرغم من قلتها العدديه أمام الأسلحه والإمكانيات الروسية الا أنها لم تهدأ أبدا فى أى فترة من الفترات على مدار التاريخ قدمت قطعة سوداء للأمام وهى تقول : الشيخ منصور أوشورما وحد العشائر الشيشانيه (جمعت بيديها القطع السوداء كلها معا) وأعلن الجهاد ضد الروس...لكنه هزم فى معركة نهر السونجا واعتقل ومات فى السجن عام 1793 (أسقطت القطعه السوداء ثم أزاحتها من الرقعه وقدمت قطعه أخرى) ثم ظهر الإمام شامل وأسس دولة اسلامية فى الشيشان وداغستان معا (رسمت دائره وهميه بإصبعها حول القطع السوداء) وهو من أعظم العلماء المسلمين المجاهدين الذين نعتز بتاريخهم ألتفت حوله قبائل الشراكسة والشيشان , وكل علماء القوقاز والتركستان ,وقاد حرب أستنزاف فى شعاب المنطقة ووديانها وجبالها أستمرت ثلاثين سنة وإستنزفت قوا إثنين من القياصرة هما نيقولا الأول (1825 –1855 م)(وألكسندر الثانى 1855 –1881م) لكنها انتهت بهزيمة المقاومة عام 1864 م ووقع الشيخ المجاهد فى الأسر (أسقطت القطعه الثانيه وازاحتها خارج الرقعة) عمر بدهشة : ومات فى السجن ؟؟ زهرة بجدية : لا...بل أعدم .... وتعتبر هذة الثورة الإسلامية أعظم ثورة فى تاريخ صراعنا مع روسيا القيصرية لكنها للأسف لم تمتد طويلا فالصراع دائما كان بين شعب ضعيف الإمكانيات وإمبراطورية تملك إمكانيات كبيرة وتتلقى الدعم من القوى المجاورة .. وبعدها بخمس سنوات فقط قام الروس بقـتـل 4000 شيشانى فى منطقة سالى محاولين اخماد الإنتفاضه ... لكن الإنتفاضه لم تهدأ أبدا وعندما ظهر الحاج أذن(قدمت قطعه جديدة) لم تمض ثمانى سنوات حتى أعلن امارة شمال القوقاز ولكن فى عام 1925 تم سحق الإنتفاضة وأعلنوا الحرب على الشيشان واتهموهم بالإرهاب والتمرد عمر بسخريه مريره : بقى كل ده وماكانوش لسه أعلنوا الحرب؟؟!! زهرة : عام, 1944م أسس ستالين جمهورية الشيشان ذات الحكم الذاتى ولكنه فى عام 1945 غدر بهم, وقامت قواته بابعاد ونفى قرابة مليون مسلم من ست جـنـسيات مختلفه الى سيبريا وكان نصفهم من الشيشان وداغستان عمر بدهشة شديدة : ياااااااربنا!! مليون!!ونقلوهم ازاى دول؟ تغيرت لهجة زهرة وظهر الحزن عميقا فى صوتها : كانوا ...كانوا يقومون بشحن المواطنين داخل عربات الشحن بالسكك الحديديه كالبهائم.... لم يرحموا المرضى ولا العجزه كبار السن وترك المبعدون خلفهم كل ما يملكون من متاع وأغراض وأراض لتكون غنيمه للمستوطنين الروس القادمين الى الشيشان ليس هذا وحسب... لقد مات نصف عدد المبعدين فى الطريق من وباء التيفوس نتيجة الإزدحام الرهيب فى عربات الشحن .. كما مات آخرون فى معسكرات العمل فى كازاخستان تلك الفترة كانت من أشد الفترات التى مرت علينا قسوة نظر عمر حوله فوجد العائلة كلها قد التفت حول المائدة تستمع لزهرة وهى تحكى بأسلوبها الجذاب الشيق : وعاد الشيشانيون الى بلدهم عام 1957 ليجدوا أرضهم أصبحت ملكا لسكان جدد شكلوا ربع عدد سكان الشيشان . تنهد عمر بعمق وهز رأسه غير مصدق : علشان كده بتحفظى التاريخ؟ زهرة : ليس هذا فحسب ..أنا أريد أن أكون من حراس التاريخ الروس يحاولون باستماته طمس تاريخنا ومحو هويتنا( ففى حرب القوقاز الأولى قاموا بإلقاء كل المخطوطات فى بحيرة (كازن ـ ام) لكن الإمام شامل الكبير أمر كل كبار رجال العشائر بإعادة كتابة التاريخ وكل ما حدث حتى يورث للأجيال ثم حاولوها ثانية أثناء حملة الإبعاد لكننا أنقذنا مخطوطاتنا بأعجوبه ولن يكفوا عن ذلك ...سوف يعودون مرة بعد مرة ..لهذا لابد أن نستعد لهم...علينا أن نحافظ على تاريخنا بأرواحنا فهو الكنز الثمين الذى نورثه لأبناءنا وأحفادنا من بعدنا.ولن ندعهم يسلبونه منهم أسند عمر ظهره الى المقعد وهو يتأمل رقعة الشطرنج بتفكير : رموا الكتب فى البحر ؟؟ الروس ولا التتار؟؟ ابتسمت زهرة وقالت : أظنك الآن قد بدأت تفهم .................................................. .. يتبع............................. |
(5) فى صباح يوم مشرق جميل خرج عمر الى الفناء على صوت مالك الشجى وهو يغنى وهو يقطع الأخشاب في ليلة مولد الذئــــب خرجــنا إلي الدنـــــيا وعند زئير الأسد في الصباح سمونا بأسمائنا وعندما شاهده مالك, قطع أغنيته وحياه بحرارة.. اقترب منه عمر وقال : بتعمل ايه؟؟ مالك : أقطع الأخشاب واجهزها لأضعها فى المخزن للشتاء القادم عمر بدهشه : ليه يابنى كده ...انت غاوى شقا؟؟ ماانتوا عندكوا ولا 60 دفايه جوه, اللى بالكهربا واللى بالغاز مالك : اننا نفعل هذا كل عام، تحسبا لأى هجوم مباغت من الروس عمر : يادى النيله.. أنا كان ايه اللى رمانى الرميه السوده دى مالك يضحك من كلماته ويقول ببساطة : ان أول ما يقذفونه, هو شبكات الغاز والكهرباء والماء ليصيبوا الحياه فى البلاد بالشلل ويتركونا نعانى من البرد ونقص الماء والكهرباء عمر بضيق: ياساتر ....عاوزين يعذبوكوا! (لايجوز قول يا ساتر لأنها ليست اسمًا من أسماء الله عز وجل والصحيح أن نقول يا ستير) قال مالك بمنتهى الثقة وعلى وجهه ابتسامة واسعة: لا................. بل يريدون ابادتنا لم يعلق عمر ...لكن أثر الصدمة ظهر واضحا على وجهه مالك بمرح : تريد أن تجرب ؟ اقترب عمر منه وامسك بآلة تقطيع الأخشاب وحاول أن يقلد مالك لكنه لم يكن بمثل مهارته ..فأخفق مرتين ضحك مالك بمرح وبدأ يعلمه كيف يقطع الأخشاب وقضيا وقت ممتع معا يحوطهما الود والمرح الذى كان يضفيه مالك بشخصيته المرحه اللذيذة وبعد أن انتهيا ..إتجه مالك الى المخزن ليضع فيه الأخشاب ... أما عمر فقد جلس فى الفناء يتأمل الباب الخارجى ورأسه يمتلئ بأفكار كثيرة (أعلم تماما ما يدور برأسك..) انتفض عمر عندما سمع الصوت الآتى من خلفه محمد : مهما حاولت ..لن تستطيع الهرب تقدم محمد وجلس بجانبه عمر بضيق ساخر: ماكنتش عارف انى معتقل هنا محمد بهدوء : على العكس ..أنت حر تماما, وتستطيع الذهاب الى أى مكان فى أى وقت ... ولكن.... خذ حذرك ..فالجو متوتر جدا هذه الأيام ولن يسرنى أن يعتقد الناس أن أحد أفراد عائلتى خائن أو جبان ولن أستطيع الدفاع عنك اذا ما قرروا شنقك جحظت عينا عمر ووضع يده حول عنقه وهو يبتلع ريقه بصعوبه أكمل محمد بهدوء وهو يمد يده اليه بمفاتيح السيارة : اذا أردت الخروج فمن الأفضل أن تأخذ السيارة..هل تجيد القياده؟ أطبق عمر يده على المفاتيح وهو يهز رأسه بالإيجاب, وعيناه تتأملان محمد بمزيج من الدهشة والتحدى فى آن واحد قال محمد وهو ينهض : احرص على ألا يضيع منك الطريق تركه ودخل الى المنزل وظل عمر جالس يفكر فى كلماته لبعض الوقت ثم نهض واتجه الى السيارة وفتح بابها عــــمـــــــر... التفت خلفه فوجد مالك وزهرة قادمان من المنزل مالك : هل ستخرج بالسياة ؟ هز رأسه بالإيجاب, فأكمل مالك : هلا أوصلتنا فى طريقك الى السوق ؟ تحتاج أمى لبعض المشتروات وصلت السيارة الى السوق ونزل منها مالك وزهرة مالك : يمكنك الذهاب الى غايتك, سنتدبر نحن أمر العودة عمر : أنا ماكنتش رايح فى حته, هالف شويه أتفرج على السوق ونتقابل عند العربيه افترق الثلاثه ...وسار عمر متمهلا واقترب من أحد البائعين يلتف حوله الناس, وأخذ يتأمل البضائع المعروضة لكنه مال على البضائع فأسقط بعضها وأخذ يلملم ما سقط بسرعه وارتباك وهو يعتذر للبائع الذى وقف بجواره يلملم بضاعته وهو لا يفهم شيئا مما يقوله عمر سار عمر فى طريقه وعندما ابتعد عن البائع, وضع يده فى جيبه واطمأن على ما فيه وهو يبتسم بخبث : حلو...كلها 6 ,7 محافظ متختخه زى دى, ونرجع على بلدنا...آل عمر ديساروف آل سار يصفر ويدندن : وانا كل ماجول التوبه يا بويا..ترمينى الماجادير ياعين عـــــــــمـــــــــــروف.. التفت خلفه, فوجد زهرة تناديه من بعيد وعندما اقتربت منه, قالت ببساطة وهى تبتسم: أعطنى الحافظة التى وجدتها عمر بارتباك : نعم؟؟أنهى حا ..حافظه؟ زهرة : لقد رأيتك وانت تلتقطها........ من الأرض قالت الكلمه الأخيره بلهجه ذات مغذى خاص نظر اليها لحظات بصمت ثم ضحك بمرح مفتعل وقال : آآآآآآه شوف ازاى..دانا كنت لسه هادورعلى صاحبها علشان أرجعهاله قالت ببساطه وهى تبتسم : دع لى هذه المهمة سأقوم أنا بها حتى لا تقع فى مأزق نظر اليها بدهشة واستنكار فأكملت مفسرة : اللغة ...لن تستطيع التفاهم معهم هز رأسه ساهما كما لو كان غير مقتنع بتبريرها وأعطاها الحافظة فذهبت لتعيدها وعندما عادت اليه قالت : عمر ...ما رأيك أن أعلمك لغتنا حتى يكون سهل عليك أن تتفاهم مع من لا يتكلمون العربية رد عمر بحماس وقد وجدها فرصة مثالية للإقتراب من تلك المخلوقة الملائكية الجميلة للغاية : مااااشى ...بس فيه حاجه أنا مستعجب لها !! انتوا ازاى بتتكلموا عربى كده؟ زهرة وهى تسير بجواره : لا تتعجب ..لقد دخل الإسلام الشيشان قبل ألف عام عن طريق التجار العرب ونحن ...أهل هذه البلاد مستمسكون بإسلامنا القوقازيون عامة فى مختلف الجمهوريات قوم يعتزون بسمتهم القوقازي...زيهم .عادتهم . لغتهم . الإنتماء إلى أرضهم , وحبهم الشديد للإسلام ,لكن وقوعهم تحت الإحتلال أكثر من أربعة قرون ونصف غيبهم كثيرا عن الإسلام , فى الوقت الذى نفذ فية المحتلون الروس فى العهد القيصرى والعهد الشيوعى خطة محكمة لمسخ هويتهم , وتذويبها وزرع العادات والأخلاق الذميمة فى الشباب , ومحاولة تفتيت وحدتهم بإشعال الفتن بينهم , واستغلوا تعددهم العرقى الذى يصل إلى 72 قومية فهم أشبة بالقبائل و يتحدثون أكثر من احدى عشرة لغة .. لكن الروس لم يتمكنوا من تحقيق ما أرادوا فنحن نحاول قدر ما نستطيع الحفاظ على تقاليدنا وعاداتنا القوميه ولغتنا العربية ولهذا نسعى دائما الى غرس العادات والتقاليد الإسلامية فى نفوس أبناءنا ليشبوا رجالا ويحافظوا على هويتهم... وهذا ما جعلنا نستطيع الصمود والمقاومه فى عصر ايفان الرهيب ..أول قياصرة روسيا تنهدت بحسره وقالت : لقد مر علينا وقت كنا فيه لا نتكلم ولا نكتب الا العربيه....وذلك عندما أعلن الحاج أذن امارة شمال القوقاز و جعل اللغة العربيه هى اللغه الرسميه ..وتوعد بالعقاب كل من ينسى اللغة العربية ونحن نسعى باستمرار لبناء المدارس التى تعلم الدين واللغة العربية... ولا تنس أن ابى تعلم فى الأزهر.. عمر بدهشة : يانهار أبيض ...ايه ده؟ دانتى موسوعه زهرة باسمة : ظننتك ستشعر بالملل من حكاياتى .. ففى بعض الأحيان أثرثر كالمذياع ..أظن ان هذا بسبب محاولاتى لحفظ كتب التاريخ فقد انطبع أسلوب الكتب حتى فى طريقة كلامى عمر : بالعكس داأنت بتشرحى وتبسطى المعلومه ولا أجدعها مدرس تاريخ زهرة : حقا, أتمنى أن أصبح معلمة للتاريخ فى مدرسة اسلامية صمت عمر قليلا ثم عاد يسأل : بس فيه ناس كتير هنا مابيتكلموش عربى زهرة : بالطبع ..نحن نحاول باستماته الحفاظ على اللغة العربيه جيل بعد جيل ولكن هذا لا يعنى أننا نفلح دائما...... ففى بعض الفترات ...يكون الإحتلال طاغيا ....وأول ما يفعله هو محاولة القضاء على الدين والهويه وأول خطوه لذلك هى القضاء على اللغة العربيه تماما كما حدث ايام حملات الإبعاد....فعندما عاد المبعدون الى بلدهم ...وجدوا الروس قد أغلقوا 800 مسجد وأكثر من 400 مدرسه لتعليم الدين واللغة العربية ..وبعض المساجد حولوها الى مراقص يشربون فيها الخمر وفرضوا اللغة الروسية كلغه رسميه للبلاد وجرموا أستخدام اللغة العربية و التعليم الإسلامى, بل وإقتناء المصاحف فضلا عن تجريم ممارسة الشعائر..واقتناء الكتب الإسلاميه فمن كان يضبط لديه مصحف, كانوا يسجنونه عمر بصدمه : ياخبر أبيض!! حتى المصحف؟ وطبعا ماكنتيش تقدرى تلبسى الحجاب قالت مبتسمة : لم أكن وقتها قد ولدت بعد, لقد تحسنت الأحوال كثيرا عن الماضى رفع حاجبيه, وهز رأسه كمن فهم أخيرا : آآآآه طب وايه اللى حصل بعد كده؟ أضاء وجهها الجميل ابتسامة أمل : أتدرى.. ان ما حدث كان له أكبر الأثر فى تقوية الوازع الدينى لدى الناس...وعادوا لإستكمال التعليم الدينى بشكل أقوى عن طريق الحلقات والدروس الخاصه وفى الخفاء عمر بسخريه مريره : الدنيا دى غريبه قوى .... ناس مش عاوزه تتعلم حتى لو سقوها العلام بالمعلقة ..وناس بتدفع حياتها وتتسجن علشان تتعلم زهرة بفخر: ان تاريخ هذه البلاد غنى جدا بالجهاد والنضال من أجل الحفاظ على ديننا وحريتنا.......... وكانت.............. توقفت زهرة عن السير وظهر على وجهها تعبير غريب عمر : ايه ؟؟فيه ايه؟؟ وقفتى ليه؟؟ قالت زهرة بارتباك : لا...أدرى..؟؟ أظن... أظننى ..أشعر بشئ ما؟ عمر بتوتر: ايه ؟؟حصل حاجه؟؟ نظرت فجأه الى السماء, وصرخت صرخه رهيبه : احــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذر .................................................. ....... احــــــــــــــــــــذاااااااااااااااااار انهم يضربون فوقنا مباشرة بالمروحيات صاح جوهر وهو يجرى باحثا عن مكان يحتمى به من القصف الروسى الرهيب هتف أحمد : أين القائد ؟؟؟...أنا لا أراه هتف جوهر بدهشة : ماهذا ؟؟ ..ماذا يفعل ؟؟ هل فقد عقله...انه يسير فى منطقه مكشوفه تماما عجبا ..ألا يخشى على حياته!! أحمد وهو يلهث من الإنفعال : نصحناه كثيرا لكنه يرفض دوما تجنب القصف القريب ..وحتى اذا ما أصيب ...لا يظهر ألمه أبدا لم أر أحد فى مثل تهوره جوهر :انظر ؟؟ انه يواجه المروحيه بصدر عار ....ماذا يفعل ؟؟ لا ..لايمكن أن !! صرخ بعـنـف : لاااااا ...سيقـتـلونه ..... سيـقـتلونه........ .................................................. ............... يتبع...................... |
(6) عندما صرخت زهرة...لم يتخيل عمر أبدا ما سيحدث بعدها لقد سمع صوتا قويا مرعبا أصابه بالفزع .. وقف جامدا كالتمثال للحظات ..الا أن زهرة دفعته بيديها بقوة ليجرى ناجيا بحياته فى اللحظات الأولى, لم يفهم ماذا حدث... لكنه شاهد الناس يركضون مذعورين لا يعرفون الى أين يتجهون, منهم من يفر هربا بسيارته ومنهم من يختبئ يحسب أنه فى مكان آمن, وآخر يجمع بضاعته هربا من القصف, وفى لحظات خلا السوق من الناس... وبينما عمر وزهره يركضان, سمعا صوتا ينادى عليهما التفت عمر, فوجد مالك يجرى باتجاههما, وعندما وصل اليهما صرخ : بسرعة .....الى الملجأ...يجب أن نصل الى الملجأ لكنه توقف عندما شاهد سيده عجوز كانت تبيع فى السوق ... تحاول أن تجمع بضاعتها وتجرها وراءها وهى تفر من السوق هربا من الموت ..الا أن قدميها الضعيفتان وكبر سنها يعوقها التفت مالك الى زهرة وقال : خذى أنت عمر الى الملجأ, وأنا سأساعد تلك العجوز انطلق يجرى ولم يدع لهما فرصة للإعتراض قادت زهرة عمر الى الملجأ الآمن من القصف .. جلس عمر بجانب الحائط وهو فى حالة ذهول مما يحدث حوله لم يشعر بمثل هذا الرعب فى حياته من قبل وكان كل دقيقة ينظر الى زهرة الجالسه فى ثبات وهى تتمتم بآيات القرآن والأدعيه وكأنه يحاول أن يستمد منها الأمان بعد مدة ليست بالقليلة, هدأت الأصوات الرهيبة, وانتهى القصف.. وخرج عمر وزهره من الملجأ, ومع أول خطوة ...ارتد عمر للوراء بصدمه من هول ما رأى .... البيوت والمحال مهدمة والقـتـلى والجرحى فى كل مكان.... تقدم عمر ببطء وهو ينظر حوله بذهول تام ..... فجأه ............ انتفض بشدة واقشعر بدنه, وتسمر فى مكانه عندما وقعت عينه على جثة البائع الذى كان قد سرق حافظته منذ أقل من الساعه كان الرجل ممددا على الأرض جثة هامدة ...وملقاة بجانبه حافظة نقوده التى ردتها اليه زهرة مفتوحه, والمال يخرج منها لم يعرف ماذا يفعل ...لقد شل تفكيره وتجمدت مشاعره ...كان هذا الموقف من أقسى المواقف التى قابلها فى حياته عـــــــمــــــــــــــــــر ..عــــــــــــمــــــــــــر..ساعدنى افاق على صوت زهرة .. التفت اليها فوجدها منحنية على الأرض تحاول اسعاف صبى صغير ينزف بغزارة حمل معها الصبى واتجها الى حيث تركا السيارة ... تعجب عمر فالسيارة كانت سليمة على عكس ما كان يتوقع اتجها بسرعه لمستشفى الأطفال .... وهناك... أخذ منهما الطفل أحد الأطباء, وكانت المستشفى كخلية نحل كبيرة الكل يجرى .. وبدأ الجرحى بالتوافد بكثرة, لدرجة أن الأسرة لم تكفى لكل المصابين, فاضطروا لوضع بعضهم على الأرض وكان عمر من آن لآخر ينظر الى زهرة ويتعجب من قوة ثباتها و تماسكها فى مواجهة هذا الموقف الرهيب ... لم تجزع, ولم تبكى بل كانت تجرى فى أرجاء المستشفى تساعد الممرضات, وعندما طلب الأطباء متبرعين لنقل الدم...كانت أول المتبرعات, عندها هب عمر بدلا منها كان هناك نقص كبير فى الأدوية والأطباء, وأعداد المصابين فى تزايد مستمر, حتى أن بعضهم كان يموت قبل أن يستطيع الأطباء اسعافه... طلبت زهرة من عمر مرافقتها لشراء الأدوية التى طلبها الأطباء من خارج المستشفى وفى السياره ..كان رأس عمر يدور فيه سؤال لا يستطيع الخروج على لسانه ...... أين مالك؟ هل..........؟ .................................................. .......... الـــــــــــــلـــــــــــه أكـــــــــــــبـــــــــر الــــــــــــلـــــــــــه أكــــــــــــــبـــــــــر هتف المجاهدون بسعادة بالغة والتفت جوهر الى أحمد وصرخ باعجاب : فعلها الذئب.....فعلها البطل .....أسقطها بضربة واحدة التف المجاهدون حول القائد الذى وقف ثابتا ووجهه خالى من أى تعبير والمجاهدون يهنئونه بسعادة وهو شارد كعادته لا يرد الا بكلمة واحدة ....الحمد لله كان عقله يسترجع تفاصيل ما حدث... عندما بدأ القصف الرهيب بالمروحيات والصواريخ سار الى منطقه مكشوفة, وهو يحمل فوق كتفه مدفع من طراز r. B . G ...رآه قائد احدى المروحيات وحيدا, فظنه صيد سهل مال بالمروحية مقتربا منه ...لكن الذئب لم يتحرك أبدا بل نزل على احدى ركبتيه وبمنتهى الصبر والثبات أخذ يضبط مدفعه على كتفه وقائد المروحية يقترب وهو يضحك من ذلك المجنون المتهور الذى يواجه مروحية وهو راكع على احدى ركبتيه... فهو حتما لن يستطيع اصابة مروحية حربية تناور فى الهواء صوب الطيار سلاحها الى الذئب وهم بالضغط على الزر .... لكن الذئب كان الأسبق ..... أطلق مدفعه بمنتهى الثقة والثبات وفجر الطائرة الى قطع صغيرة أمام أعين الجميع مما جعل باقى المروحيات تهرب ظنا منهم أنه كمين افاق القائد من شروده على أصوات زملائه وهم يهنئونه ولكنه أنهى الموقف بجملة واحده : وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى استعدوا .. لقد كشف العدو موقعنا, وسنضطر الى تغييره .................................................. ............... يتبع...................... |
رواية رائعة جدا
قرات بدايتها معكى لكنى لم استطع الانتظار فاكملتها من موقع كاتبتها الاصليه بالتوفيق ليكى تقبلي مرورى ،، |
اقتباس:
أنا أيضًا حينما وجدتها قرأتها كاملة ولم انتظر الحلقات .. تشرفت بمرورك يا آية ^^.. تـابعي معنا |
تابع (6) ألقى عمر برأسه المثقل بالهموم والآلام على وسادته بعد عودته الى المنزل بعد أن انتهى أشد وأقسى يوم مر به فى حياته... أخذ يحدق فى السقف وهو يشعر بألم الدنيا يجثم فوق صدره ترك لدموعه العنان عندما اطمئن أنه وحيد و بعد أن ظلت دموعه حبيسة طوال اليوم .. شيئا فشيئا تحولت قطرات الدموع الى أنهار, وتحول البكاء الى نحيب ... لم يدرى كم مر عليه وهو يبكى, حتى أطرقت يد حانيه على كتفه, وسمع صوت مالك الحنون : عمر ...اهدأ يا عمر ...ما بك؟؟ كان مالك قد عاد الى المنزل فى وقت متأخربعد عودة عمر وزهرة بمدة طويلة كاد فيها القلق عليه ي*** كل من فى المنزل .. خاصة أمه وعندما سألوه أين كان, أجاب : كنت أساعد فى نقل الجرحى الى المستشفى العسكرى... أما الأب محمد, فقد ترك البيت منذ الغارة الروسية, ولم يعد التفت عمر الى مالك وقال وهو يبكى وقال بكلمات متقطعة : أنا ...أنا ..مش عاوز أفضل هنا ..أنا عاوز أرجع مصر ...أنا لازم أمشى ...مكانى مش هنا... مالك بتعاطف : اهدأ يا عمر, لقد مر كل شئ بسلام... تريد أن تتركنا بعد أن أحببناك؟ لقد كنت أعتبرك صديقى عمر : مالك ...خرجنى من هنا, لو بتحبنى صحيح خرجنى من هنا أنا مش عاوز أموت ...عاوز أرجع على مصر.. ساعدنى ..لو صاحبى صحيح ساعدنى مالك يفكر قليلا : ولكنى لا أعرف كيف أساعدك؟ عمر : فلوس ...عاوز فلوس ..علشان أقدر أرجع مصر مالك يظهر على وجهه الإحباط الشديد : ليتنى أستطيع مساعدتك فما لدينا من مال لن يكفى لإعادتك الى مصر عمر : ايه ؟؟ بس انتوا مش فقرا. وبعدين..طب ما أبوك راح مصر قبل كده ...اشمعنى دلوقتى؟؟ مالك بتردد : لا أدرى ماذا أقول ...ولكن ..سأخبرك ... منذ أن أعلن الرئيس الراحل جوهر دوداييف استقلال البلاد عن روسيا لأول مرة عام 1994 وهم يشنون علينا حربا شعواء لم تتوقف الى الآن, استنزفتنا استنزافا وكلما دحرناهم ورفعنا راية الإستقلال, عادوا من جديد, حدث ذلك مرات عديدة وكلما أخرجناهم من أرضنا, وعقدنا معهم الإتفاقيات والعهود بعدم الإعتداء, الا أنهم يخرقون بنود الإتفاقيه ويغيرون علينا من وقت لآخر كما رأيت اليوم... لم يعترفوا أبدا باستقلالنا ويحاولون باستمراراغتيال قادة الجهاد والزعماء الذين يختارهم الشعب بالإنتخابات الحرة ويحاولون باستمرار فرض حكام خونه موالين للحكومة الروسية مثلما اغتالوا الرئيس الشيشانى السابق سليم خان بندرباييف. وغيره كثير وهم لا يسمحون لنا بفتح مطار العاصمة, ويمنعونا من التعامل مع العالم الخارجى حتى لا نتصرف فى مواردنا الطبيعيه من نفط وغاز عمر بضجر شديد : ياعم أنا مالى ومال الكلام ده قاعد تبرم فى دماغى من الصبح بكلام مش فاهمه! أنا عاوز فلوس أرجع بيها على مصر مالك : هذا ما أحاول أن أخبرك به, البلد كلها فى حالة ارتباك اقتصادى ..وما معنا من مال لن يكفى لإعادتك الى مصر صمت قليلا ثم قال بعد تردد : لقد صرف أبى كل ماله لإحضارك الى هنا .. وليس هذا فحسب, لقد باع أرضنا واستدان ليدبر مصاريف رحلة الذهاب والعوده قد ترى تصرفه غريبا.... لكنه شيشانى........ لهذا يقول الشيشانيون (من الصعب أن تكون رجلا شيشانيا لما فى ذلك من أعباء يجب على الرجال تحملها) ان أبى يضع مبادئه وعقيدته قبل نفسه وعائلته... عمر بذهول : ليه؟ بيعمل كل ده ليه؟ وهو لا عمره شافنى ولا يعرفنى؟؟ مالك : ألم تدرك بعد ؟ لأنك ابن أخته وأعز أصدقاءه وليس هذا فحسب .. والدك أحد أبناء عمومتنا... لهذا لم يكن أبى ليتركك بعيدا عنا, فأنت أحد أفراد هذه العائله عمر بدهشة : طب وانتوا....... ازاى سبتوه يبيع أرضكوا؟؟ مالك وهو يبتسم ابتسامته الودودة البشوشه: سألنا فردا فردا .. حتى خالد الصغير ..وأجمعنا كلنا على ضرورة احضارك الى هنا لتعيش معنا صمت عمر تماما ولم يستطع أن يرد, كانت الدهشه تملأه من هذه العائلة الغريبة التى تضحى بمالها وتستدين من أجل شخص لاتعرفه ولم تره من قبل مالك : فيم تفكر؟ عمر بيأس : أمى وحشتنى قوى مالك متسائلا : أمك خديجة؟ عمر : أمى فتحية..أمى اللى ربتنى زمانها دلوقتى عامله عمايلها وقالبه البيت محزنه أصلها حنينه قوى أدرك عمر أخيرا أن عودته الى مصر ستتأجل الى ماشاء الله هذا اذا ما استطاع تدبير المال اللازم لرحلة العوده مالك بود خالص : عمر ..لقد أحببتك كثيرا وأعتبرك صديقى ... تنهد بأسى وهو يكمل : منذ استشهاد أخواى وأنا أشعر بوحدة رهيبة, لم يزيلها سوى وجودك.. أحتاج لمن أتحدث معه ويسمعنى, لقد تغيرأبى كثيرا ولم يعد لديه وقت ليسمعنى قال عمر بدهشة بعد ان استطاع مالك اخراجه من حالة الإنهيار التى اجتاحته : هو انت كان ليك أخين ماتوا؟؟ هز مالك رأسه بالإيجاب وهو يقول : خالد وشامل استشهدا أثناء الاجتياح الروسى للشيشان, و قام أبى بدفنهما فى مقابر الأسرة, بجوار أمى قفز عمرجالسا على الفراش وقال بدهشة عارمه : ايه ؟؟أمك ؟؟ هى مش اللى جوه دى أمك ؟؟ مالك : لا ..انها زوجة أبى, تزوجها بعد موت أمى لقد استشهدت أمى فى غارة مشابهه كالتى رأيتها اليوم عمر بذهول : حاجه غريبه؟؟ بس دى بتحبكوا قوى دى كانت هاتتجنن عليك لما انت اتأخرت مالك : بالطبع ..وأنا وزهرة نحبها كثيرا, فهى فى مكانة أمى عمر ومازالت الدهشه تلفه : وأبوك برده هو اللى دفنها؟؟ مالك : نعم ........دعك من هذا الآن, أريد أن أريك شيئا نهض مالك من على فراش عمر واتجه الى فراشه وأخرج من تحته صندوق كبير, أخرج منه مجموعة لوحات قربها من عمر وقال : انظر ...ما رأيك ؟؟ هل تعجبك؟؟ تأمل عمر اللوحات المرسومه وقال : انت اللى رسمتها؟ مالك بابتسامة واسعة : نعم ...هل هى جميلة؟ عمر بدهشة وهو يتأمل فى اللوحات ويقلب فيها : دى بيوت!! حلوه..بس شكلها غريب شويه مالك يعود بظهره الى الوراء ويعقد كفيه خلف رأسه مستندا الى ظهرالفراش بجانب عمر وعينيه تسافران بعيدا وابتسامة حالمة تملأ وجهه : يوما ما ....سيكون لدىّ شركة معمارية كبيرة.. وسأقوم بتصميم بيوت ستحدث انقلابا فى الطراز المعمارى فى القوقازبأكمله هتف عمر وهو ينظر اليه بدهشة : الله يخرب بيتك ...دانتوا عيله عاوزه المرستان.. انت مش داريان احنا كنا فين النهارده؟؟ وسط الموت, بين الجثث والأنقاض وانت بتحلم انك تبنى بيوت ابنى يا خويا ابنى ... وبصاروخ واحد يطربقوهالك على اللى فيها مالك ببساطه شديدة : يدمروها ..وسأبنى غيرها عمر : ياساتر عليك ...دانت كلح ..ايه يله البرود اللى انت فيه ده؟ (لايجوز قول يا ساتر لأنها ليست اسمًا من أسماء الله عز وجل والصحيح أن نقول يا ستير) اعتدل مالك وقال بحماس : أنت لا تفهم ..فعندما أصمم بيتا أكون معجبا به ولكن بعد فترة أمله, وأصمم أجمل منه, فأنا أعشق التجديد .. وعندما أستطيع أن أحول تلك الرسومات الى حقيقة ستكون فرصة حقيقية لإثبات فنى ومهارتى فى التجديد والإبتكار عمر : ياعينى عالفلسفه.. ودا ايه ده كمان ؟؟ ده جامع ؟؟ ايه ده؟؟ انت عامل له صحن ؟ مالك : نعم ...يذهلنى كثيرا الطراز القديم فى المساجد ..وخاصة المساجد المصريه ذات السقف المكشوف .. من أروع الأشياء أن يصلى الإنسان تحت النجوم, وضوء القمر الهادئ الرقيق يتسلل الى قلبه, يملأه نورا ... واذا ما أحب الجلوس فى المسجد للإعتكاف والتأمل, يقلب وجهه فى السماء يتفكر فى خلق الله... بحث فى الصندوق ثانية وأخرج منه كتيب صغير وقال لعمر : انظر ..لدى كتاب هنا عن المساجد المصريه, فيه صورة لمسجد عمرو بن العاص ومسجد طولون ...انه رائع . له مئذنة بسلم خارجى, تصميمه المعمارى مذهل حقا.. ومسجد محمد على شديد الروعه عمر بضجر: ياعم مانا عارف كل ده...وعايش طول عمرىوسط الحاجات دى ..بس المساجد دى كلها ليها صحن ..يعنى مكشوفه ..ودى بقى ماتنفعش عندكوا هنا وسط السقعه والتلج مالك بحماس : وهذا هو التحدى الحقيقى أن آخذ الفكره وأطورها وأبتكر فيها وأجعلها تتناسب مع بيئتنا... أتعلم؟؟..فكرت أن أغطيها بقبة زجاجية عمر : والله انت مجنون وهاتجننى معاك بقى بتحلم انك تبنى مساجد والبلد فى حرب؟؟ مالك وهو يشرد بعيدا ويقول بعزم : يوما ما ...سأبتكر أحجارا من مادة مضادة للقنابل والصواريخ, وتتحمل أقسى الظروف .. سأبنى بها المساجد, فأول شئ يستهدفونه المساجد..... نظرعمرالى مالك بصمت وذهول وهو يفكر فى شخصيته العجيبه التى تتحدى الدمار والموت بكل هذا الأمل والتفاؤل .................................................. ........... يتبع...................... |
رااااااائعة
|
اقتباس:
مرورك هو اللي رائع يا آية =) بتشرف بيكي دايمًا ^^ |
(7) أخيرا.......... عاد محمد الى أسرته وبيته بعد عدة أشهر قضاها فى معسكرات المجاهدين ... نظر محمد الى مالك وزهرة وعمر وكأنما يراهم لأول مرة .. لم يكن يصدق حقا أنهم نجوا من تلك المذبـحـة الرهيبة فى العاصمة لقد أطلقت القوات الروسية صواريخ بعيدة المدى وقصفت الطائرات بقذائفها على المدنيين فى الشوارع والأسواق وكانت الصواريخ تستهدف البيوت والمناطق المحيطة بالمستشفيات .. وقَتـل من جراء هذا القصف مائة من المدنيين, وجرح مائتان بعضهم مات لخطورة الإصابه وقلة الدواء..ودمرت عشرات البيوت وعدة سيارات (( المذبـحـة تتكرر كثيرا)) ولقد اتجه محمد الى معسكرات المجاهدين فور علمه بالقصف وحتى قبل أن يطمئن على أولاده, ليدبر معهم طريقة للرد على تلك الضربة الروسيه الوحشية الغادرة التى انتهكت الإتفاقية والوعود الروسية بعدم الإعتداء طوال مدة غياب محمد لم يكن عمر يعمل شئ سوى التفكير .... التفكير فى كل ما يدورحوله عجبا ...لقد ضبط نفسه يفكر.. لأول مره يفكر بهذه الطريقة وهذا العمق, لم تكن حياته السابقه تعتمد على التفكير, بل لم يكن لعقله أى دخل فى مسار حياته منذ ولادته, وكان يتعامل مع عقله وكأنه غير موجود, أو أنه عضو غير قابل للعمل, ويترك لجوارحه العمل دون أدنى تدخل من عقله كانت شخصية محمد الغريبة تثير فضوله بشده وتدفعه دفعا للتفكير فيها حتى وهو بعيد..... وبرغم حنقه الشديد عليه وغضبه منه الا أنه كان ينظر اليه على أنه رجل عجيب أتى من زمن آخر .. أو من عالم آخر...رجل يضحى بأى شئ وكل شئ بلا مقابل والأم الصابرة التى لا تشكو أبدا برغم ثقل المسؤلية وضيق الحال على الجميع, وبرغم ترك زوجها لها لفترات طويلة.. لكنها تقف صامدة , تحمل البيت بلا كلل تربى أبناءها وابناء زوجها بكل حب واخلاص ودون تفرقه أما مالك..فهو يصيبه دوما بالجنون... هو الوجه الآخر لشخصية والده, فهو عكسه تماما ..متفائل لأبعد الحدود ..ضحوك دائما, ينثر المرح فى كل مكان حوله ولايكف عن الغناء فى أى وقت .. ويردد أغنية واحدة لا تفارقه أبدا ولا يغنى غيرها وزهرة الرقيقة الهادئة...عجيبه أخرى من العجائب... تحمل عقلا أكبر بكثير من سنوات عمرها, ولديها قدرة عجيبة للتأثير فى الآخرين واقناعهم استطاعت اقناع عمر بتعلم اللغة الشيشانية وفى خلال عدة أشهر استطاع عمر اتقانها بشكل لا بأس به وكذلك بعض كلمات من اللغة الروسية والتى كانت تتقنها زهرة بمهارة وعندما انتهت الدراسة وبدأت العطله ..كان عمر يقضى معظم وقته بصحبة مالك وأصبح لدى زهرة المزيد من الوقت لتعلم عمر الكثير عن الشيشان وتاريخها كان عمر يجلس شاردا عندما سألته زهرة : فيم تفكر؟؟ عمر: أبوكى ده غريب قوى.. زهرة : لماذا؟ عمر : والله مانا عارف..دا محارب ولا تاجر ولا امام جامع ولامدرس عربى؟ ابتسمت زهرة وقالت : انه كل هؤلاء..فهو فى الحرب مجاهد .. وعند الصلاة امام, وهو تاجر يكسب قوته من عمله بالتجارة, وهو معلم اللغة العربية لمن لا يعرفها عمر : وازاى يمشى كده من غير مايقول هو رايح فين! من غير حتى ما يطمن عليكوا مالك ببساطته المعهوده وابتسامته البشوشه : لقد اعتدنا ذلك .. فى المرة السابقه غادر دون أن يخبر أحدا .. وغاب عنا عام كامل... انه لا يتأخر أبدا عن الجهاد .. أبى شجاع للغاية.. تربى فى أحضان الذئاب عمر بدهشه : نعم ؟؟ يعنى ايه؟؟ يضحك مالك : انه تعبير دارج لدينا نقوله اذا ما أردنا أن نصف أحد ما بالشجاعة أكمل بفخر : الشيشانيون مقاتلون أشداء أقوياء شجعان, ناهيك عن نبل أخلاقهم عمر بيأس : وايه الفايده من دا كله ؟؟ هاتقدروا تغلبوا الروس؟؟ دول أقوى منكوا بكتير..مافيش حل للحرب دى الا انكوا تستسلموا أطرقت زهرة تفكر بعمق ثم قالت : أفهم تماما ما تعنى... نهضت من مكانها وأحضرت كتابا من المكتبة وقلبت فيه قليلا ثم فتحته على صفحة معينة وأدارته باتجاه عمر وقالت : أترى هذه الصورة ؟ انه علمنا ..انظر اليه جيدا http://www.asianewslb.com/images/doc...00082365-b.png تأمل عمر الصورة باهتمام وهو يستمع الى زهرة وهى تقول : اللون الأخضر يرمز إلي الإسلام . عمر بتساؤل : السلام؟ زهره تهز رأسها بالنفى وتقول مصححة : الإسلام واللون الأبيض يرمز الى الشهادة واللون الأحمر يرمز الى كفاح الآباء والأجداد فى سبيل الحرية وفى الوسط صورة الذئب ينظر الى القمر أتعلم لم اخترنا الذئب رمزا لنا؟؟ هز عمر رأسه بالنفى ..فأكملت : الذئب ليس أقوى الحيوانات, لكنه من وجهة نظرنا الأنبل..فهو لا يقاتل الا الأقوياء, وليس كالأسد والنمر الذى يفترس الضعفاء لذلك, اذا ما أردنا وصف أحدهم بالشجاعة ..نطلق عليه ذئبا بدا على وجهه عدم الإقتناع فقالت : مازلت لا تصدق ؟؟ هل تذكر ما قلته لك عن معسكرات الإبعاد الجماعى والسجون فى وسط آسيا؟؟ برغم قسوة الظروف وقتها وذل الأسر والنفى ..الا أن شيشانيا واحدا لم يستسلم ولم يخضع للحكم الروسى ..بل انهم كانوا يظهرون دائما عداءهم للروس بمنتهى الشجاعة..ليس هذا كلامى....بل كلام الكاتب الروسى سول***تين الذى عاصر ما فعله ستالين بالشيشان في معسكرات الإبعاد الجماعي والسجون في وسط أسيا. لقد قال حرفيا (لك أن تكسر ظهورهم، لكن أحدا لا يستطيع أن ينال من روحهم المعنوية، فقد ظلت نفوسهم نمرا مقيدا بالسلاسل،لأنهم كانوا من الشيشان الذين لا يرهبون الموت) تنهدت بعمق وأكملت بصوت هادئ لكنه يشتعل بالحماس والفخر : اننا قد نهزم ...لكننا لا نستسلم أبدا...فالحرية لدينا أغلى من الحياة وخير شهادة, هى مايشهد بها الأعداء صمت مالك وعمر تماما ليستمعا الى حديث زهرة الممتع زهرة : قرأت مرة عن مخطوط روسى شهير عمره أكثر من مائة وثمانين عاما وهو عبارة عن رسالة بعث بها الجنرال روس أرمولوف الى قيصر الكريملين ألكسندر الأول عام 1818 يبرر فيها سبب الخسائر الكبيرة للقوات الروسية ضد الشيشانيين .. ويتعهد بأنه سوف يبيدهم عن آخرهم ........ يقول فيها : (( وأؤكد لكم يا فخامة القيصر العظيم أنه لن يرتاح لى بال طالما بقى شيشانى واحد على قيد الحياة..لأن هذا الشعب المشئوم بإمكانه تحريك روح الثورة واشعال شرارة الحرية حتى بين أكثر الناس تفانيا واخلاصا للإمبراطورية الروسيه وربما داخل الكريملين ذاته)) تنهدت وهى تقول بعزة : عمر ....نحن نؤمن تماما أننا سننتصر.. حتى لو لم نرى النصر بأعيننا فسيراه من بعدنا... لكننا فى النهايه سننتصر ظل عمر يحدق بها فترة كالتمثال, وكأن كلماتها الواثقة..قد اخترقته اختراقا فى تلك اللحظه ...دخل عليهم خالد الصغير وقال : مالك ...عمر. أبى يريدكما >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> يتبع.......... |
مثبت حتى انتهاء الرواية .
بالتوفيق ، |
اقتباس:
شكرًا على التثبيت =) جزاكِ الله خيرًأ |
تابع (7) نعم......!!!!!!!!!! هب عمر من مقعده صارخا بدهشة وغضب مقاطعا محمد الجالس أمامه تماما : بقى انت جايبنى هنا عشان كده؟ عاوز تزود عدد جيشكم نفر! عاوزنى أحارب معاكوا؟ دانا مدخلتش الجيش فى مصر, هادخله هنا!! عاوزنى أموت؟ قال محمد وهو يحاول الإحتفاظ بهدوءه : ليس الأمر هكذا ...انه مجرد معسكر تدريبى للتدريب على فنون القتال واستعمال الأسلحه كما أنك لن تكون وحيدا...سيكون معك مالك...المفروض أن تفرح لأنك ستصبح رجلا... عمر بانفعال وهو يشيح بيديه: لا لا الكلام الكبير ده مايجبش معايا أنا..... أنا لا هاروح معسكرات, ولا هاتدرب, ولا هاحارب, ولا ليا دعوة بالموال ده كله قال محمد وقد بدا الغضب واضحا فى صوته : أمازلت حقا لا تصدق أنك من أهل هذا البلد؟؟ قرب وجهه من وجه عمر وهو يقول بصرامه : أنت ذئب شيشانى ولا بد أن تعيش كالذئاب.. لايغرنك أننا الآن فى حالة هدوء نسبى مع الروس, ففى لحظة واحدة قد يتحول ذلك الهدوء الى جحيم مستعر لقد بدأت تظهر نواياهم الخبيثة ومايبيتونه لنا الم ترى بعينيك مافعلوه بنا ؟ هذه البلاد فى حالة حرب وكل أبناءها القادرين على حمل السلاح يجب أن يكونوا مستعدين للدفاع عنها فى أى وقت ثم أنك لن تحارب..انه معسكر تدريبى ستذهب للتدريب على القتال ..لا الحرب عمر وقد استشاط غضبا : لو كنت عارف من الأول انك جايبنى هنا عشان ترمينى فى الحرب ..ماكنتش جيت اييييييه..انت عاوز منى ايه؟ عاوز تنتقم منى ليه؟ عملتلك ايه؟ أنا مش هاحارب ...مش عاوز أموت... مش عاوز أموت... قال محمد بصوت كالرعد والغضب يقطر من كلماته : كن رجلا وتحدث كالرجال..أنا لا أفعل هذا بسبب عداء شخصى بينى وبينك فإبنى سيذهب قبلك...أنا أريد أن أصنع منك رجلا ... كل انسان هنا مسئول عن هذه الأرض ..فهى أمانة فى أعناقنا سيسألنا الله عنها ..لابد أن ندافع عنها حتى آخر قطرة دم فى عروقنا وحتى آخر رجل منا عمر بعناد شديد : أنا مش من البلد دى, ومش ممكن هاعيش هنا ابدا...أنا راجع مصر ومش هاتقدر تمنعنى...أنا راجع, راجع .. تفجر محمد بالغضب وهم أن يهجم على عمر ...لكن زهرة التى أتت مسرعة من الحجرة المجاورة على صوت النقاش الحاد وقفت أمامه وحالت بينه وبين عمر وهى تقول برجاء : أبى أرجوك ...هل تسمح لى بكلمه؟ أكملت بسرعة دون انتظاررده: لا يمكننا اجباره على الذهاب للمعسكر دون ارادته, لقد تربى فى بيئة غير بيئتنا وهو غير مؤهل نفسيا ولا جسمانيا ليعيش حياتنا, كما أن قضيتنا مازالت بعيدة تماما عن تفكيره الأب بعناد وهو ينظر فى عينى عمر بقوة : عندما يعيش بين المجاهدين سيتربى ويتعلم كيف يكون رجلا زهرة برقة : أبى ....انه غير مستعد نفسيا لفكرة الجهاد ... مشاعره غير مؤهله لإستيعاب الأمر والإيمان بالقضيه لو ذهب الى هناك الآن بالتأكيد سيفشل صمت الأب طويلا ..وأطال النظر فى عينى زهرة الجميلتين وهو يفكر بعمق ... أما عمر ..فقد ظل ينقل عينيه بينهما وبداخله بركان يغلى بمشاعر كثيره متناقضه بعد قليل ...لان وجه محمد ونظر الى عمر وقال بصرامه: حسنا ... فليذهب مالك وحده ..ولتبق أنت هنا ....وحدك...حتى تتعلم كيف تكون رجلا لم يدر عمر لم لم يفرح؟؟ رغم أن هذا هو ما كان يريده...بل العكس ..لقد أصابه كلام محمد بصدمة ....أو كلام زهرة ..؟؟ لم يدرى أيهما أثاره أكثر...حتى عندما ذهب مع مالك الى حجرتهما, كان صامتا تماما ومالك يتحدث بحماس وهو يجمع أغراضه ويستعد للذهاب للمعسكر : أتعلم ...أنا سعيد لأنك ستبقى هنا... أول الأمر شعرت بالضيق, لأننى سأكون وحيدا هناك, لكنى أدركت أهمية وجودك هنا, فأنا لن أكون موجودا .. وأبى ..ربما اضطرته الظروف للرحيل كما حدث من قبل... فمن سيعتنى بأمى واخوتى ؟؟ أوصيك بهم خيرا ... ان وجود رجل فى البيت فى مثل هذه الظروف التى تمر بها البلاد أمر ضرورى رجل ..!!!!!!!!! رنت الكلمه بقوة فى أذن عمر وكأنه يسمعها لأول مرة وقضى عمر الليلة وهو يتقلب فى فراش من الشوك.. لا يدرى ما الذى أصابه .... كانت كلمات محمد وزهرة تدور فى رأسه وتمنعه من النوم.. ما الذى دهاه ؟؟.. ولماذا يشعر بكل هذا الضيق ولماذا تأثر بهذه الكلمات رغم أنه سمع مثلها بل وأكثر منها من قبل.... شعر بجسده يكاد ينصهر من الحرارة, وروحه تكاد تزهق من الإختناق, دفع الغطاء بضيق وهب جالسا فى فراشه.. مسح بعض حبات العرق عن جبينه وهو يفكر أخذ نفس عميق وغادر الفراش وبخطوات خفيفة اتجه الى حجرة المعيشه ... سمع صوت محمد وهو يترنم بآيات القرآن الكريم بصوته الندى الجميل....اقترب منه وهو يصلى فى خشوع, وألقى بنظره الى الساعة المعلقه على الحائط, كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بكثير ... ظل يدور فى أرجاء الغرفة بنفاذ صبر منتظرا أن ينهى محمد صلاته عندما انتهى محمد من الصلاة, اقترب منه عمر وقال بتردد : أنا ...أنا ..عاوز أروح مع مالك .. التفت محمد اليه وتنهد وهو يهز رأسه : أتظن أن هذا هو الوقت المناسب لإدعاء الشجاعه؟؟ عمر بغضب : لا ...أنا مش جبان, دانا بعون الله كنت بقفل شوارع فى مصر وأبيتهم من المغرب خفض رأسه وتردد قليلا وهو يكمل : أنا...أنا ..رايح المعسكر .............................................. يتبع...................... |
رواية رائعة ،،
تسجيل متابعة ،،، جزاكم الله خيرا |
اقتباس:
أسعد بمتابعتكم .. جزانا الله وإياكم كل خير |
(8) فى الطريق الى المعسكر......... شعر عمر بندم شديد وتمنى لو لم يكن استسلم لغضبه وشعوره بالإهانه من كلمات محمد ...وزهرة على وجه الخصوص وخوفه من أن تظنه جبانا عمر........لم أنت شارد هكذا؟؟ التفت الى مالك الجالس بجواره فى السيارة حاملة الجنود التى تقلهما مع مجموعة كبيرة من أقرانهما الى المعسكر الذى سيقضيان فيه فترة التدريب وقال بشرود : مش عارف يا أخى..حاسس كده بحاجه غريبة, زى ما أكون كلت قفا جامد قوى مالك بدهشه : ماذا؟؟ عمر : قصدى ..زى ما يكون حد ادانى شلوط , أو مقلب حرامية نظر الى مالك والدهشة والذهول على وجهه, ففسر قائلا : يعنى, زى ماتقول كده حد ضحك عليا, خدنى على خوانه قولى بصراحة..هى أختك زهرة كانت تقصد ايه بالكلام اللى قالته لأبوك؟ مالك ببساطه : أظنها كانت تريد أن تخلصك من الموقف وتبعدك عن غضب أبى. زهرة هى الإنسان الوحيد القادر على اقناع أبى واذابة غضبه فى لحظات قليله..فهو يحبها أكثر من أى شئ آخر فى العالم عمر يتنهد بضيق : كانت تقصد كده صحيح؟ ولا كانت بتستفزنى علشان أعمل اللى أبوك عاوزه؟ ضحك مالك بمرح : ليس هذا ببعيد ..فزهرة الجبل تخفى فى رأسها أكثر بكثير مما تبديه, كما أنها يمكن أن توصلك ببساطة وهدوء الى الجنون, كما كانت تفعل معى ونحن صغار عمر بدهشه : بتقول ايه؟؟ زهرة الجبل ؟؟ اسمها زهرة الجبل؟؟ هز مالك رأسه بالإيجاب وهو يبتسم عمر : وده اسم ده؟؟ ..اسم غريب قوى... مالك وهو يضحك: ألا تعلم ؟؟ ان أجمل وأندر الزهور هى التى تنبت فى أحضان الجبل وفوق القمم, وهى تمتاز بقوة تحمل لا مثيل لها , فهى تقاوم الرياح والثلوج وتتغلب على قسوة الشتاء ثم تعود لتتجدد فيها الحياة مرة أخرى, انها مثال رائع على تجدد الحياة والصمود فى وجه أقسى الظروف كان مالك يتحدث بحماس شديد وهو يرسم بقلمه على ورقة صغيرة أخرجها من جيبه, وبعد أن انتهى ..ناول الورقه لعمر الذى ما ان نظر فيها حتى أصابته دهشة شديدة... لقد كانت تحمل رسما تخطيطيا لزهرة نادرة شديدة الجمال والروعه تأمل الزهرة طويلا ثم نظر الى مالك وهز رأسه وابتسم بعجب ...................................... لم يستطع عمر اغماض جفنه لحظة واحده فى أول ليلة له فى المعسكر من شدة البرد. كان البرد قارسا بصورة لم يشهد لها مثيل وكان ينام هو ومالك داخل خيمة فى المعسكر مع أربعة آخرين ولم تفلح الأغطية الثقيلة فى التخفيف من بعض ما يشعر به من البرد أخذ يتقلب يمينا ويسارا لعله يشعر ببعض الدفء, وعندما يأس انتفض من فراشه وأخذ يهز مالك حتى استيقظ وقال له بعصبية : مالك .. قوم يله, قوم..خلاص, مش قادر أستحمل البرد عندكوا هنا شنيع مالك بصوت منخفض : اهدأ يا عمر حتى لا يستيقظ الجميع ..لا تقلق بعد يومين على الأكثر ستعتاد الجو .. قد يكون الشتاء هنا قاسيا لكنه يمر كما تمر بقية الفصول عمر يعلو صوته بغيظ : تعرف انك بارد وسمج زى جو بلدكوا تمام أمسك عمر بالوسادة والقاها على وجه مالك الذى رد عليه بدوره ورماه بالوسادة فخفض عمر رأسه وتفاداها لتسقط خلفه وهو يقول بصوت عالى : نام, نام يا بارد يا كلح يا سمج لكنه صمت تماما عندما وجد الذعر قد ارتسم على وجه مالك . ثم انتفض بشده على صوت زئير قادم من خلفه فاستدار بسرعه ليجد خلفه تماما عملاق ضخم أشبه فى حجمه بالغوريلا الا انه أبيض انكمش عمر وارتد للوراء حتى سقط على فراش مالك وهو يسمع العملاق يزأر من جديد ويتكلم بغضب بالشيشانيه مالك يهمس له : انه يسأل من أِيقظه من نومه همس فى أذنه بخوف : أنا هاقـتـل الجبان اللى دعك المصباح مالك : أِى مصباح؟ عمر : مصباح علاء الدين ..هو مش كان نايم فيه؟ مالك : لا ..أعتقد أنه جبل جليدى انزلق حتى وصل الى هنا عمر بتعجب : وله, هو كان طويل قوى كده بالنهار؟ مالك : أظن أنه اتحد مع ظله ضدنا فزع الإثنان عندما صرخ المارد بغضب وحمل عمر من ملابسه بيد واحده .. وحاول مالك الدفاع عنه فأمسك بذراع المارد الأخرى لكن المارد حرك ذراعه فسقط مالك أرضا, ثم حمل عمر لأعلى بيديه وقذفه خارج الخيمة ليسقط على ظهره بعـنـف متألما وقبل ان يقوم رأى جسد مالك طائرا فى الهواء ليسقط فوقه تماما, ويصرخ عمر من الألم رفع مالك رأسه وهو يتأوه بشدة ثم ابتسم بغيظ شديد وقال : لم تستطع ان تتحمل النوم داخل الخيمة تحت الأغطيه الثقيله!!! ابتسم ...ستنام الآن فى العراء عمر بغضب وهو ينهض بسرعه ويتجه الى الخيمه : لاااا, أنا ما اتاكلش قونطه عليا النعمه لأبات جوه غصبن عن حبة عينه ودخل الى الخيمة وهو غاضب وبعد قليل سمع مالك صوته وهو يصرخ آآآآآآآآآه ثم رآه قادم اليه طائرا وسقط بجواره تماما قضى عمر ومالك أغلب الليل سائرين أمام الخيمة ذهابا وايابا حتى لا يتجمدا من شدة البرد, ولم يكف عمر لحظة واحدة عن السباب واللعن لهذا المارد الذى اجبرهما على قضاء الليل فى العراء فى هذا الجو القاتل وفجأه قرر عمر ان يغادر المعسكر وحاول مالك ان يمنعه لكن عمر استطاع بالفعل خداعه والهرب منه وتسلل الى خارج المعسكر دون ان يراه أحد سار عمر لمدة طويلة حتى بدأ ضوء النهار يلوح فى الأفق وفجأه سمع من ينادى عليه التفت فوجده مالك فهتف بغضب : ايه اللى جابك ورايا؟ مالك وهو يلهث : وعدت أبى أن أعتنى بك وأرعاك ..فأنت لا تعرف هذه البلاد جيدا عمر وهو يجد فى السير بخطوات واسعه : صح, مش عارفها, علشان كده هارجع للبلد اللى عارفها انا راجع على مصر مالك وهو يجرى خلفه : هل جننت؟ كيف ستعود وليس معك مال ولا تعرف الطريق ..توقف يا عمر ..لو بقيت تسير هكذا لوصلت الى الحدود الداغستانيه عمر وهو لا يتوقف عن السير : مايهمنيش مالك : ولكنها تحت الإحتلال الروسى. سيمسكون بك عمر : أحسن ما أقعد فى التلاجه دى ..مش ممكن هافضل يوم واحد تانى فى المكان الزباله ده التفت له بغضب وهو مازال يسير بسرعه : وابعد عنى ..اياك تيجى ورايا جذبه مالك من كتفه وصرخ فيه بغضب : توقف . نحن قريبون من الحدود. لن أدعك تذهب اليهم . سيقـتـلونك دفعه عمر بكفيه بقسوة فى صدره وهو يقول بغضب : مالكش دعوة بيا, ابعد عنى وارجع لأهلك . أنا مش منكم .فاهم؟ اياك تيجى ورايا أمسكه مالك من ملابسه وجذبه بغضب وقال : بل أنت تعنينى تماما فأنت ابن عمتى واوصانى ابى ان أرعاك يضرب عمر ساعديه بقبضتيه ويجبره على ترك ملابسه وهو يقول بغضب : مش عاوز منك حاجه لأنت ولا أبوك . أنا ماشى, وبحذرك تانى, اياك تيجى ورايا يلكمه مالك فى فكه بغضب وهو يقول : أيها المجنون . أتريد أن تسقط فى يد الأعداء؟ يشتبك معه عمر فى معركه بالأيدى ويكيل له اللكمات وهو يصرخ : أنا حر .ان شالله أروح جهنم, مالكش دعوة يتوقف مالك عن ضربه ويظهر على وجهه الحزن والغضب الشديد وهو يقول : اذا فأنت تريد أن تذهب الى الروس يدفعه فى صدره بكفيه فى ضيق وهو يصرخ : فلتذهب . وليقـتلوك .لن أحزن ولن أهتم لأمرك. ولكن اياك أن تخبرهم أنك ابن خالد ديساروف . لأنهم ان علموا فسيذيقونك العذاب ألوانا أنت بالنسبة لهم غنيمه عمر بتحدى : أنا مش ابنه, ارتحت عقد مالك حاجبيه بغضب وظهر على وجهه الإشمئزاز واستدار ورحل فى صمت أما عمر فقد أكمل طريقه وحيدا وظل يسير على أرض جبليه غير ممهده حتى كلت قدماه وأضناه التعب تجمد فجأه فى مكانه عندما سمع صوت خشن يقول بالروسيه التى علمته زهرة الكثير من كلماتها : توقف ..والا أطلقت النار التفت ببطء صوب الصوت فوجد جنديا روسيا يصوب سلاحه اليه فرفع يديه ببطء ووضعهما فوق رأسه وسقط قلبه بين قدميه عندما سمع صوت السلاح وهو يجهز للإطلاق .................................................. .... سيدى القائد ..لقد أسر الذئب انتفض القائد الكبير من مكانه وصرخ بذهول : ماذا؟ كيف حدث ذلك أحمد بحزن : كنا فى طريقنا الى موقع العمليه, واعترضتنا كتيبه روسيه للمشاه كان يبدو أنهم قادمون من أجلنا ..وأدركنا أن خبر العمليه قد تسرب اليهم بطريقة ما وكادوا يطوقوننا من الخلف لولا الذئب الذى استطاع أن يتسلل بمهاره واخترق الحصار وصعد فوق الجبل وأمطرهم بوابل من النيران فظنوا أنه كتيبه كامله تهاجمهم فاتجهوا اليه واستطعنا التخلص من حصارهم وحاولنا انقاذه فلم نستطع لأن قوات الإمداد قد وصلتهم, وحاصروا الذئب لكنهم لم يستطيعوا التقدم الا عندما نفذت ذخيرته ورأيناهم وهم يأسرونه وأرسلنا اثنين منا خلفهم ليراقبوهم ويعرفوا الى أين أخذوه القائد الكبير بجزع : لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم لابد أن نخلصه من أيديهم قبل أن يقـتـلوه ..اجمع لى قادة الكتائب الآن وأخبر كتيبة الأنصار بالإستعداد جلس القائد الكبير وسط قادة الكتائب وأخذ يتشاور معهم فى الأمر أحد القاده: ستكون مهمة تخليصه من أيديهم شديدة الصعوبه فالقاعدة التى نقلوه اليها عسيرة الإقتحام ولا شك أنهم قد شددوا عليه الحراسه القائد الكبير يقول بعد صمت : لا يمكن أن نتركه بين أيديهم .. سيذيقونه العذاب ألوانا قبل أن يقـتـلوه ان حياته باتت مهدده قائد آخر: سيدى القائد .. لدى خطه ... .................................................. .... يتبع............ |
(9) جلس عمر وحيدا فى احدى الحجرات الصغيره داخل المعسكر الذى نقله اليه الجنود الروس بعد أن أسروه وأخذوه معهم وهو طوال الطريق يحاول اقناعهم بأنه ليس شيشانيا ..لكنهم لم يفهموا منه شيئا فلم يكن أحد منهم يعرف العربيه كما انه أخفى عنهم انه يعرف اللغة الشيشانيه وبمجرد أن وصل الى المعسكر أخذوه الى أحد الضباط الروس يعرف العربيه لإستجوابه وبعد ساعتين كاملتين من التحقيق والإستجواب المرهق ..استطاع أن يقنع الضابط (أو هكذا ظن ) أنه كان يعمل فى السعوديه عندما التقى بأحد الرجال الشيشانيين الأغنياء قدم الى السعوديه فى عمرة واستطاع الرجل اغراءه بالمال ليعمل عنده فوافق وأخذه معه الى بلده ليعمل خادم له ولأسرته وعندما طلبوا ابنه للذهاب الى معسكر المجاهدين دفع الرجل مبلغا كبيرا من المال له ليذهب الى المعسكر مكان ابنه ووافق مضطرا وذهب الى المعسكر لكنهم كشفوا أمره فهرب منهم ثم وقع فى أيدى الروس وبرغم عدم اقتناع الضابط بالقصه ومحاولاته لمعرفة الحقيقه بالضغط النفسى على عمر ..الا أنه تركه أخيرا وأمر الجنود باصطحابه الى تلك الحجره تنهد عمر بعمق ونهض من مكانه وأخذ يدور فى الحجره والقلق والخوف يسيطران عليه الا أنه تماسك قدر ما يستطيع وأخفى قلقه حتى لا يفتضح أمره عبر كاميرا المراقبه المثبته فى أعلى الحائط أخذ يتأمل الحجره ويدور فيها بعينيه ..كانت صغيره ومتاعها قليل مجرد سرير صغير ودولاب ومنضده وأربعة كراسى انتفض عمر وارتد للخلف عندما فتح باب الحجره فجأه واتسعت عيناه من الدهشه والإنبهار فقد كانت تقف على باب الحجره أجمل فتاه رآها فى حياته تأملها قليلا ثم صرخ فى نفسه : يا أولاد الأبالسه!! ايه..ابتديتوا تلاعبونى ؟ اهدا يا عمرلا تنكشف اهدا وركز وفكر كويس فى اللى هاتقوله وتعمله قالت الفتاه بلهجه عربيه سيئه :أهلا وسهلا ..هل أنت جائع؟ هز عمر رأسه ببطء ودون أن يتكلم دخلت الفتاه الى الحجره وخلفها رجل يحمل صينيه عليها طعام وبعض المشروبات وضعها على المنضده ورحل وأغلقت الفتاه الباب خلفه ونظرت الى عمر وهى تقترب منه فابتسم لها عمر ابتسامه عريضه محاولا اخفاء قلقه وتوجسه وضعت يدها على كتفه فانتفض مبتعدا عنها فرفعت احدى حاجبيها بدهشه وقالت : هل تخاف منى ؟ قال بارتباك : لا لا بس! .... ثم نظر الى الطعام وأكمل : أصلى جعان قالت وهى تضحك : تفضل الطعام أمامك هجم عمر على المنضده وأخذ يلتهم الطعام التهاما فهو لم يأكل منذ أمس وجلست الفتاه فى الكرسى المجاور له وأخذت تراقبه وهو يأكل بمزيج من العجب والإشمئزاز كان يأكل بطريقه غريبه ومقززه يأكل بيديه الإثنين ويصدر أصواتا عاليه بفمه تقزز أشد النفوس ثباتا ولكن يبدو أن الفتاه استطاعت التغلب على ذلك فوضعت يدها فوق كتفه ومالت عليه وهى تقول : أتعلم أنك وسيم؟ نظر اليها ورسم على وجهه السعاده وفتح فمه المملوء بالطعام وضحك ضحكه شديدة البلاهه ثم أمسك بدورق الماء وأبعد الكوب جانبا ورفعه عاليا بعيدا عن فمه وأماله ليسقط الماء داخل بلعومه مباشرة مصدرا صوتا شديد الصخب جعل الفتاه تبتعد عنه وضع الدورق على المنضده ثم تجشأ بصوت عالى جدا. انتفضت الفتاه من على المنضده وجلست على السرير بعيدا عنه أنهى طعامه ونهض من على الكرسى ومسح أنفه وفمه فى كمه وكادت الفتاه تفرغ ما فى جوفها عندما تمخط عمر متعمدا على الأرض ثم مسح يديه فى ملابسه ولكن يبدو أنها كانت مدربه جيدا فقد تجاوزت كل ذلك واقتربت منه من جديد ووضعت يديها حول رقبته فأزاح يديها ببطء وهو يبتسم ابتسامته العريضه وقال : لا لا بصى يا أختى, أصل الطريقة دى مش هاتنفع معايا قالت بلغتها العربيه السيئه : وما هو الأسلوب الذى ينجح معك؟ قال : معلش يا أختى أصل بعيد عنك عندى الهسهس قالت بدهشه : ماذا؟ عمر وهو يبتعد عنها : قصدى أقول يعنى عندى وسواس فى مخى ساعه تروح وساعه تيجى لا وايه..باخاف من خيالى, وأمى قالت لى اوعى ياواد ياعمرمن الإيدز علشان كده باترعب كل ما أشوف واحده حلوه زيك رفعت حاجبيها بدهشه وصمت فأكمل : وبعيد عنك ياختى عندى حساسية من الريحة الحريمى, وكل ما أشم ريحة كلونيا حريمى, ألاقى جلدى احمر وجسمى كله قام عليا,واشتغل هرش والاقى جسمى كله نطر دمامل وخراريج, بصى رفع ملابسه فرأت بعض الدمامل الحمراء المتناثره على ظهره فانتفضت باشمئزاز بعيدا عنه عمر بتساؤل : الا قوليلى يا أختى ..همه حابسنى هنا ليه؟ قالت بتأكيد : لا .. اطلاقا فقط نحن نحميك من هؤلاء الإرهابيين فلا شك أنهم يبحثون عنك الآن هز عمر رأسه ورسم على وجهه تلك الإبتسامه البلهاء لكنه من داخله كان يشعر بالخوف الشديد جلست على السرير ووضعت ساقا فوق الأخرى وقالت : أخبرنى يا عمر ..أتريد أن تعود لبلدك ؟ قال بلهفه : أبوس ايديكى قالت : وما الذى أتى بك الى هنا؟ قال بسرعه : الفلوس ..الفلوس طبعا يا حلوه سألته : أنت تحب المال؟ قال : ومين مايحبهوش؟ قالت : أتحب لعب الورق؟ لمعت عيناه بقوه وقال : دا أنا معلم قالت : حسنا انتظرنى قليلا حتى أعود .................................................. .............. اقترب الجنرال الروسى من الذئب بخطوات بطيئه حتى وقف أمامه مباشرة ووضع احدى قدميه على صخره والأخرى على الأرض وهو يمسك عصا غريبه أخذ يهزها فى يده وهو يتأمل الذئب كان الذئب فى حاله يرثى لها فقد كان عار تماما ومعلق من رسغيه فى العراء بحبلين رفيعين ومغموس حتى خصره فى حفره مملوءه بالمياه المثلجه تجمد الدماء فى العروق بالإضافه الى درجة حرارة الجو التى تقترب من الصفر قال الجنرال بشماته : اذا فأنت الذئب !! أكمل عندما لم يتلق ردا : أتعلم كم كبدتنا من خسائر فى المال والجنود؟ رفع الذئب رأسه ببطء ورماه بنظره مخيفه ارتجف لها قلبه وقال بسخريه : أتريدنى أن أقدم اعتذارا رسميا؟ ضغط الجنرال أسنانه وظهر فى عينيه غضبا لكنه استطاع أن يتحكم فى تعبيرات وجهه بمهاره فرفع احد حاجبيه وابتسم بسخريه وقال : يعجبنى الرجل القوى الرابط الجأش قرب العصا من وجهه وبمجرد أن لامست فكه سرى فيها تيار كهربائى صعقه صعقة شديده ارتج لها جسده بعـنـف واهتز الماء من حوله وبرغم ألمه الرهيب لكنه لم يتأوه أو يصدر أى صوت قال الجنرال ببرود شديد : هل أعجبتك ؟ انها فقط بدايه لفتح شهيتك.. صمت قليلا ثم قال بسخريه شديده : أتظن حقا أنكم ستنتصرون ؟ أنتم مجرد حشرات متمرده ارهابيه وسنسحققكم بأحذيتنا سحقا لقد أمسكنا بك داخل أراض روسيه وأنت تجهز لعمليه ارهابيه كبيره سقطت أقنعتكم..لم يعد الأمر دفاعا عن أرض ولا مطالبه بالحريه بل مجرد زمره من العصابات المتمرده التى تقوم بعمليات ارهابيه كان جسد الذئب يرتجف بشده من البرد لكن عيناه ثابتتان يشع منهما بريق مخيف وهو يقول : تلك الأكاذيب التى تملؤون بها آذان العالم لن تفت فى عضدنا داغستان ليست أرضا روسيه بل هى (أرضا مسلمه من أيام الخليفه المسلم الراشد عمر بن الخطاب أنتم تحتلون أرضا مسلمه ونحن نساعد أهلها الى تحريرها من جبروتكم وبطشكم انها من أقدم بلاد القوقاز اسلاما كما أن القائد شامل باسييف وقادة داغستان قاموا بتأسيس الاتحاد الشعبى الشيشانى الداغستانى منذ عام 1998)* الجنرال وقد بدأ الغضب يتسلل الى صوته : داغستان روسيه وستظل روسيه وما فعلتموه فيها ليس سوى مجموعه من العمليات الإرهابيه التى ستحاكمون عليها وتعدمون الذئب : وما تفعلونه الآن فى الشيشان أليس ارهابا؟ ألم تخرقوا بنود الإتفاقيه التى بيننا وبينكم و تضربوا مواقع مدنيه؟ألم ترتكبوا جرائم ضد الإنسانيه؟ ألم تحتلوا جروزنى رغما عن أهلها ضغط أسنانه بقوه واهتز صوته من الغضب وهو يكمل : ألم تضربوا قوافل المهاجرين المدنيين العزل بالطائرات وتحرقوا حافلاتهم ؟ ان هذا هو الإرهاب بعينه انكم تحتلون داغستان أيضا رغما عن أهلها وتجبرونهم على الخضوع لسلطتكم دون ارادتهم لقد ضربتم قرية كومادا بالطائرات والمدافع وهى قريه داغستانيه الجنرال : لقد ضربناها بعد أن احتلها المتمردون الشيشانيين لنخرجهم منها الذئب : لقد استنجد بنا أهل القريه أنفسهم بعد أن حاصرتموها وضربتموها بالطائرات والمدافع الجنرال بغضب : لقد استدعتنا الشرطه الداغستانيه بعد أن فشلوا فى صد هجوم المتمردين الداغستانيين ان داغستان روسيه وستظل روسيه هل تفهم؟ الذئب ساخرا : نعم .. ورغما عن أنف أهلها جميعا الجنرال وقد بدأ يفقد السيطرة على أعصابه : لا تدعى الشجاعه، فستهزمون عما قريب فليس لديكم القدره على مواصلة القتال لفترات طويله الذئب بتحدى : لو لم تكن لدينا القدره على مواصلة القتال ضدكم لما دخلنا داغستان لنجدة اخواننا فى اقليمى بوتليخ وكراماخى ومساعدتهم على قتالكم بعد أن استنجدوا بنا الجنرال بغضب هادر : سنرى الآن مدى شجاعتك الحقيقيه واعلم أنك لن تموت الآن بل ستموت قطعة قطعه ولتصرخ بكل قوتك ليسمعك الهك ويأتى لينقذك ضحك ضحكه شيطانيه ومد يده الى أحد جنوده الذى أعطاه سلكا كهربائيا فقال بسخريه شديدة البروده : هل تشعر بالبرد؟ حسنا ..سأدفئ لك الماء....استمتع بحمامك الدافئ أيها الذئب وضحك ضحكه أشد من الأولى ووضع السلك فى الماء .................................................. ... ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ تصاعد الدخان كثيفا من السيجاره التى تتدلى من فم عمر وامتلأت منفضة السجائر التى أمامه على المنضده بكميه كبيره من أعقاب السجائر تشير الى مدخن شره , كان يمسك بين يديه ببضعة كروت من أوراق الكوتشينه و ينظر اليها بتركيز شديد, وحول المنضده التف ثلاثه من الضباط الروس يلعبون معه الورق كشف كل منهم أوراقه على المنضده وظهر على وجوههم الإحباط .. فتناول عمر ورقه أخرى من كومة أوراق مقلوبه على المنضده ورتبها وسط أوراقه ثم كشف أوراقه كلها على المنضده وهو يضحك بابتذال شديد : هأ هأ هأ هأ ااااااااااو قفف .. أنا بلاعب قفف كل واحد فيكم يطرقع قفاه ويحط فلوسه هنا ورغم أنهم لم يفهموا من كلمات عمر الساخرة شئ, وضع كل منهم ماله على المنضده وهم يتحدثون الى بعضهم البعض بعصبيه ويبدو عليهم الغيظ الشديد, وجمعها عمر أمامه بلهفه وهو يدخن السيجاره بشره وقال : لو فضل الحظ كده ملالى, يبقى هارجع على مصر قريب جدا بدأت اللعبه من جديد وبدأ عمر يرتب أوراقه لكنه بدأ يشرد ويتشتت ذهنه عندما وجد أمامه صورة بنت فى احدى الأوراق خيل اليه انها تنظر اليه . هز رأسه وأغلق عينيه بقوه وفتحهما وتعجب بشده فقد كانت تشبه زهره . كانت تنظر اليه بنظرات حزينه.. سحب ورقه من الكومه المقلوبه فوجدها ولد أخذ يفرك عينيه بيده فقد خيل اليه انه مالك . هز رأسه مجددا محاولا طرد تلك الأفكار من رأسه وبدأ يركز فى اللعبه .. لكن كلمات زهره ومالك كانت تخترق رأسه اختراقا وتمنعه من التركيز فى اللعب مالك : انهم يريدون ابادتنا زهره : الحريه لدينا أغلى من الحياه مالك : المساجد أول شئ يستهدفونه زهره : نحن نؤمن تماما أننا سننتصر.. حتى لو لم نرى النصر بأعيننا فسيراه من بعدنا.....لكننا فى النهايه ....سننتصر أفاق من تخيلاته على صوت أحد الضباط يقول له : العب نظر اليه شذرا ثم أخذ نفس طويل من السيجاره وأكمل اللعب فجأه انتفض الجميع على صوت صفارات الإنذار تدوى بقوه فى المكان تحدث الضباط الثلاثه الى بعضهم البعض ورحلوا مسرعين وبقى عمر وحيدا يفكر ومع أصوات طلقات الرصاص والمدافع التى تدوى فى أذنيه , شعر أنه فى مأزق حقيقى فماذا سيفعل به المجاهدون اذا ما تمكنوا من استعادته ؟ وبدأت تراوده أفكار رهيبه أصابته برعب حقيقى .................................................. ..... يتبع............ |
(10) استرد الذئب بعض وعيه وبدأ يشعر بما حوله لكن عقله كان مشوشا تماما والرؤيه لديه مهتزه .. الشئ الوحيد الذى طغى على كل حواسه هو آلامه الرهيبه وصل الى اذنيه صوت صخب وضوضاء وموسيقى قادمه من بعيد فتح عينيه بصعوبه وبرغم أن الرؤيه لديه لم تكن واضحه الا أنه تبين أضواء ملونه مهتزه وأخيرا وبعد تركيز شديد تذكر أن فى هذه الأيام يحتفل الناس برأس السنه بدأ الألم يذهب بعقله ويفقد وعيه من جديد ..لم يدر كم بقى على هذه الحاله يذهب وعيه من الألم والبرد ثم يفيق من جديد حتى سمع أصوات من حوله ففتح عينيه وأدرك أنه موعد تبديل وردية الحرس انصرف الحرس القديم وهدأ الوضع , سمع الذئب صوتا يهمس باسمه ففتح عينيه بصعوبه , كان الحارس يهمس له : أيها القائد. أبلغك تحيات القائد الكبير. اطمئن. سنخرجك من هنا سريعا ان شاء الله عرفه الذئب من صوته ..لقد كان جوهر رفعه الحراس الثلاثه من الماء وفكوا وثاق يديه التى لم يكن بمقدوره تحريكهما ولفوه فى غطاء سميك وحمله اثنان واقتادهم الثالث عبر طرقات مظلمه يعرفها جيدا بعيده عن الحراسه حتى وصل الى مبنى مكون من دورين, دخل الثلاثه من الباب الخلفى , متبعين الحارس الذى فتح أحد الأبواب وأدخلهم الى غرفة واسعه بها جهاز حديث للتدفئه , وهمس قائلا : لا تضيئوا الأنوار . ثم خرج وأغلق الباب خلفه , ووقف أمام الباب من الخارج يراقب الطريق . ساعد جوهر وأحمد المتنكران فى زى الحرس الذئب على ارتداء حلة ضابط روسى ومع الدفء والتدليك بدأت يداه تتحركان تدريجيا نظر الذئب اليهما وهما يساعدانه على ارتداء ملابسه وقال باعياء : كيف دخلتم الى المعسكر؟ همس أحمد: لدينا من يساعدنا . . أغلب الجنود لديهم الإستعداد لبيع روسيا بأكملها من أجل المال والحكومه عاجزه عن دفع رواتبهم منذ عدة أشهر كما أن الوقت مناسب جدا فأغلب الضباط والجنود الروس مشغولون فى الإحتفال برأس السنه , وقائدهم مغموس حتى أذنيه فى الخمر والرقص فتح الباب فجأه , وظهر من خلفه الحارس الثالث وقال بقلق : أسرعوا .. ستمر دورية التفتيش بعد 15 دقيقه وسينكشف أمرنا قال جوهر وعلى وجهه ابتسامة ثقه كبيره : اطمئن . لن يحدث ان شاء الله . لقد أعددنا للأمر جيدا. أحمد : انتهينا . هيا بنا انقضت العشر دقائق وبعدها دوت صفارات الإنذار فى أرجاء المعسكر وعندما سمعها الجنرال قائد المعسكرهب من أمام المائده العامره بالطعام والشراب الفاخروسقط كأس الشراب من يده وهو يصرخ بلا وعى : الذئب !!! انتابته حاله من القلق والتوتر الشديد ونظر الى صديقته التى كان قد دعاها الى احتفال خاص فى غرفته من دقائق قليله وقال بتوتر: ترى .. ماذا حدث؟ جرى الى الشباك وأزاح الستائر وجالت عيناه فى أرجاء المكان كان الإحتفال قد توقف وصمتت الموسيقى وخرج أغلب الجنود الى ساحة المعسكر التى حولتها الأضواء الكاشفه الى نهار وسادت بينهم حاله من الهرج حاول أن يطمئن نفسه فهمس بصوت خافت : لا .. لا يمكن أن... انتبه على صوت طرقات على الباب .. فتح الباب بسرعه فوجد أمامه أحد الجنود الذى حياه وقال بتوتر : سيدى الجنرال .. لقد .. لقد هرب الذئب أصيب الجنرال بالوجوم قليلا من أثر الصدمه ثم انتابته حاله من الغضب الهائل وصرخ بعـنـف : ماذا !! مستحيل .. والحرس .. والأسوار .. والجنود .. والضباط .. وِِِأين كنتم؟ سأعدمكم جميعا فردا فردا. ارفع درجة الإستعداد القصوى وأخرج فرقا للبحث عنه وأطلق كلاب الحراسه . لا يمكن أن يكون قد ابتعد كثيرا. يجب أن يكون بين أيدينا قبل أن يصل الخبر الى القائد الأعلى انصرف الجندى لتنفيذ الأوامر وأخذ الجنرال قبعته العسكريه ووقف أمام المرآه يصلح من ملابسه بعصبيه شديده وهو يخاطب رفيقته : لا ترحلى , سأجده , وعندها لن أرحمه , انتظرينى , سأعود سريعا . تسمر فى مكانه عندما رأى فى المرآه انعكاس صورة رفيقته وعلى وجهها ارتسم الرعب الشديد . التفت الى حيث تنظر وارتد للخلف بحده عندما رأى جوهر يقف أمام دولاب ملابسه المفتوح ويصوب سلاحه لهما وبيده الأخرى يضع سبابته فوق فمه مشيرا لهما بالسكوت وهو يقول بصوت خافت شديد الصرامه : شششش .اياك أن تحدث صوتا , لأن مسدسى أسرع من أى جندى سيأتى لإنقاذك أنت وهى سمع صوتا خلفه فالتفت بحده فوجد الذئب يخرج من تحت سريره ومعه أحمد وهو يساعده على الوقوف ويصوبان سلاحهما باتجاهه قال الجنرال بذهول : كيف .. كيف دخلتم الى هنا؟ جوهر ببرود ساخر : دخلنا قبلك بدقائق وأعددنا لك مفاجئه كبيره بمناسبة العام الجديد , هل أعجبتك؟ وضعت الفتاه يدها على فمها برعب حتى لا تصرخ , أما الجنرال فقد تراجع الى الوراء حتى اصطدم بالكرسى فسقط عليه باستسلام وقال : والآن. ماذا تريدون منى؟ قال جوهر بابتسامه شديدة الثقه : نريدك أن تصحبنا فى رحلة للبحث عن الذئب أدار الجنرال رأسه بحده ونظر الى الذئب وعقد حاجبيه بدهشه ودب الرعب فى قلبه .................................................. ........ كان الموقف مخيفا بحق .. طلقات المدافع تدوى ليلا وهو فى موقف لا يحسد عليه ولا يدرى من أين يأتى الخطر أخذت عيناه تدوران فى المكان بقلق وهو يفكر فى موقفه الراهن وما يمكن أن يفعله , وصلت عيناه الى كاميرا المراقبه المعلقه أعلى الجدار . أخذ يتأملها طويلا وعيناه تضيقان فجأه نهض عمر من مكانه وأمسك بأحد الكراسى وضرب به الكاميرا بقوة انتزعتها من مكانها وقطع أسلاكها , ثم قذف الكرسى فى النافذة وكسر زجاجها انتبه الجندى الواقف بالخارج يحرس باب الحجره الى صوت التكسير فاقتحم الغرفه ونظر فيها بسرعه فلم يجد أحد . جرى نحو النافذة وأمسك بالحديد الذى يغلق مدخلها وجذبه بقوه وهو يسأل نفسه بدهشه : ترى هل اخترق الأسير الحديد وفر من الشباك؟ لم يستطع أن يجيب على السؤال , بل لم تكن لديه فرصه ليفكر فى السؤال نفسه ومدى امكانية تنفيذه على أرض الواقع , لأن ضربة شديده أصابت رأسه من الخلف وأفقدته الوعى ألقى عمر الكرسى الذى ضرب به الحارس من يده وانحنى على جسد الحارس الفاقد الوعى , وبدأ ينزع عنه حلته العسكريه بسرعه كبيره وهو يقول لنفسه : نفسى أعرف عنوان مصنع الموبيليا اللى بيتعاملو معاه, العفش عندهم جامد قوى والسراير عاليه لدرجة انها ممكن تخبى فيل تحتها انتهى من ارتداء ملابس الجندى وأرخى قبعته فوق عينيه لتخفى نصف وجهه , ثم فتح الباب وتسلل الى الخارج متسترا بالظلام وحمد الله كثيرا فأغلب الجنود مشغولون بصد هجوم المدافع الشيشانيه التى تمطرهم بقذائفها من الجبال المحيطه واضطرهم ذلك لإطفاء الأنوار والكشافات القويه فى ساحة المعسكر ظل عمر يجرى بحذرمحتميا بالمبانى حتى دخل الى الجراج محاولا ايجاد مكان آمن ليختبئ فيه وأخذ يتسلل بين السيارات الكبيره حتى لا يراه أحد كان الجو فى المعسكر شديد الفوضى وأصوات المدافع تصم الآذان والمدافع الشيشانيه تضرب بقوه من الجبال القريبه وكأن الجبال تقاتل معهم هاى .. أنت ...... تسمر عمر فى مكانه عندما سمع صوتا يتحدث اليه بالروسيه التى علمته زهره الكثير من كلماتها وتجمدت الدماء فى عروقه وكاد قلبه يتوقف من الخوف ................................................. يتبع..................... |
حلقة جميلة جداااااا
ياريت حضرتك مش تتاخرى علينا تانى شكرا جزيلا |
اقتباس:
حاضر .. هنزل الحلقات على طول إن شاء الله شكرًا لكم على المرور والمتابعة |
تابع (10 ) توقفت سيارة الجنرال قائد المعسكر أمام البوابه منتظره أن يفتح لها الحرس الباب بعد أن يتأكدوا من هوية الجنرال فقد أصدر الجنرال أوامره بأنه سيخرج بنفسه وبصحبة اثنين من الضباط للبحث عن الذئب ..الأسير الذى فر من المعسكر وكأنه ماء سقطت عليه أشعة الشمس فبخرته دون أن تترك منه أدنى أثر عبرت السياره بوابة المعسكر مودعه بنظرات التساؤل والعجب من جميع الجنود بسبب تصرفات الجنرال الغريبه لكن أحدا منهم لم يجروء على الإعتراض على أوامر الجنرال الغاضب سارت السياره مسافه طويله وكل من فيها يخيم عليهم الصمت الثقيل حتى توقف أحمد الذى كان متنكرا فى زى سائق السياره فى منطقه آمنه وسط جبال عاليه ونزل جوهرمن السياره وهو متنكر فى ملابس ضابط روسى وفتح الباب المجاور للجنرال بحده التفت الذئب الجالس فى المقعد الخلفى فى حلة ضابط روسى الى الجنرال الذى يجلس بجواره صامتا مكرها بفعل المسدس الملتصق فى جنبه وقال بصوت قوى : نهاية رحلتك التفت له الجنرال برعب وأخذ يقلب عينيه بينه وبين جوهر وقال بتوسل : ماذا .. هل .. هل ستقــلونى؟ لقد نفذت كل ما أمرتونى به الذئب بصرامه شديده : لو أردت أن أعاقبكم على كل جرائمكم فى حقنا .. لما روتنى دماءكم جميعا..ولكننا لا نسعى للإنتقام بل.. نسعى الى العوده. فلم يحن وقت الإنتقام بعد أردف بلهجه مخيفه : انزل من السياره نزل الجنرال على الفور وهو يرتجف رعبا وجذبه جوهر من ملابسه ودفعه بعيدا وهو يقول بسخريه : رحله سعيده للعوده الى المعسكر سائرا وحيدا فى ذلك الجو الجميل. أتمنى أن يجدوا صديقتك سريعا ويحلوا وثاقها .. والا اضطرت لإنتظارك كل هذه المده ثم قفز الى السياره التى انطلقت بسرعه واختفت فى الظلام لتنفيذ الجزء الثانى من خطة الهروب ووقف الجنرال وحيدا فى الظلام يرتجف بردا وخوفا يفكر فيما سيفعلونه به عندما يعود .................................................. .......... التفت عمر بسرعه الى من يحدثه فوجده أحد الضباط الروس يجلس داخل سيارة نقل كبيره مغطاه وهو يصرخ فيه بكلمات لم يفهم معظمها الا أنه حياه التحيه العسكريه ورد عليه بكلمه واحده فقط وهى : نعم سيدى قلب عمرالأمر فى رأسه بسرعه ومن خلال حصيلة الكلمات التى أمدته زهره بها فهم تقريبا ما يريده الضابط قفز الى السياره فى كرسى السائق وبدأ يقود السياره وقلبه يقفز من الخوف وحمد الله كثيرا فى نفسه أنه تصرف تماما كما يريد الضابط خرج من الجراج وسار بالسياره حتى وجد نفسه يسير خلف طابور من ثلاث سيارات تحمل فوق ظهرها عددا كبيرا من الجنود توقفت السيارات أمام بوابة المعسكر الخلفيه وشعر عمر وكأن الدقائق تمر عليه كدهر وهو يحاول أن يتماسك ويخفى خوفه حتى لا يفتضح أمره وأخيرا عبرت السيارات البوابه وخرجت من المعسكر وهو خلفهم طوال الطريق وعمر يفكر فى طريقه للهروب من السيارات التى أمامه والضابط الجالس بجواره نظر عمر الى الضابط الذى بجواره فوجده اتكأ بظهره للوراء وأرخى القبعه على عينيه وظهر عليه النعاس فبدأ يخفض من سرعة السياره بهدوء وبشكل غير ملحوظ وبدأت المسافه بينه وبين السياره التى أمامه تتسع تدريجيا وفى كل لحظه كان ينظر الى الضابط بجواره ليتأكد أنه لم يلحظ ما فعله حتى ابتعد عن السيارات بمسافه كبيره وفجأه انتفض عمر على صوت جهاز الإستقبال فى السياره وأخذ ينقل عينيه برعب بينه وبين الضابط المجاور له والذى استيقظ على صوت الجهاز. ووقع عمر فى حيره شديده . فلو أمسك بالمايك فلغته الروسيه لن تساعده على فهم ما يقولون ولا الرد عليهم . وان لم يمسكه فماذا سيفعل مع الضابط الذى بجواره ؟ حسم أمره أخيرا عندما نظر اليه الضابط بدهشه وأمسك بالمايك وقال : نعم سيدى أتاه الرد فى بضعة كلمات لم يفهمها جيدا فطال صمته وهو يختلس النظر الى الضابط الذى ينظر اليه بدهشه وريبه فزع بشده عندما سمع دوى انفجار رهيب ورأى نيرانا تشتعل من بعيد فصرخ الضابط بكلمه لم يتأكد عمر تماما من معناها لكنه تراجع بالسياره ودار بها بعـنـف وعاد أدراجه بسرعه كبيره والضابط يصرخ وكذلك جهاز الإستقبال وأصوات الإنفجار وطلقات الرصاص تدوى من بعيد وسط كل هذا الجنون ترك عمر المقود وانقض على الضابط فجأه وأخذ يضربه بكل قوته والضابط يبادله الضربات فى معركه شرسه وهو يحاول أن يصل الى مسدسه لكن عمر كال له عدة لكمات وفتح الباب المجاور له ودفعه خارج السياره لكن الضابط كان قويا بحق فتشبث بباب السياره وأمسك عمر بالمقود ليعدل من وضع السياره التى حادت عن الطريق ورأى الضابط وهو يحاول العوده الى السياره فدفعه دفعه قويه بقدميه الإثنين معا ألقت به خارج السياره بعيدا أخذ عمر يلهث بشده وهو يمسح الدماء التى سالت على وجهه من أثر المعركه وأخذ يفكر فيما حدث وهو يقود السياره بسرعه فى طريق لا يدرى الى أين يذهب به كان يشعر بالإمتنان الشديد لزهره ومافعلته من أجله لم يكن يتوقع فى يوم من الأيام أن دروس اللغه الروسيه الممله التى كانت زهره ترهق نفسها وتقتطع من وقتها لتعلمه اياها ستنقذ حياته يوما ما انتفض عندما سمع صوت طلقات ناريه يأتيه من كل مكان فخفض رأسه بخوف واختلت عجلة القياده فى يده وحاول قدر استطاعته السيطرة عليها لكن السياره انحرفت بشكل مخيف وخرجت عن الطريق واستطاع عمر بصعوبه كبيره ايقافها نظر حوله فوجد المجاهدين بلباسهم المميز يحيطون به من كل مكان فرفع يديه فوق رأسه وصرخ برعب : لا تطلقوا النار .أنا شيشانى . أنا بستسلم . محدش يضرب نار فتح باب السياره ببطء بعد أن أمره قائد المجاهدين ونزل منها مشبكا يديه فوق رأسه ورأى مجموعه كبيره من المجاهدين وهم يطوقون السياره من كل مكان فى طريق العوده الى المعسكر كان عمر يتعجب من نفسه ويتساءل عن السبب الحقيقى الذى جعله يختار جانب المجاهدين الشيشان دون الروس رغم تأكده من فرق القوه الهائل لصالح الروس الذى سوف يمكنهم من الإنتصار لا محاله لماذا رفض البقاء فى المعسكر الروسى رغم أنه كان أكثر أمانا بالنسبة له؟ كيف حسم أمره بمثل هذه السرعه وقرر أن يهرب ويعود للمجاهدين برغم خوفه من أن يتهموه بالخيانه ؟ هل هو مالك؟أم زهره ؟ أم محمد ؟ هل يصدق حقا أنه ينتمى اليهم؟ ................................................. يتبع..................... |
(11) لأول مره فى حياته يشعر عمر بكل هذا الخزى والخجل وذلك عندما استدعاه قائد المعسكر الى مكتبه وهناك وجد مالك الذى ما ان رآه حتى أدار وجهه بغضب واشمئزاز وقف الإثنان أمام قائد المعسكر الذى وجه حديثه الغاضب اليهما معا وقال : ما الذى دفعكما لمغادرة المعسكر ليلا دون اذن ؟ أجاب مالك بسرعه : أردنا جمع الحطب لنشعل النار لنتدفأ بها فالجو كان شديد البروده القائد بصرامه : وكيف وصلتما الى الحدود الداغستانيه؟ مالك : لقد ضللنا الطريق وافترقنا عن بعضنا بسبب الظلام وقضيت وقتا طويلا فى البحث عن عمر فلم يكن باستطاعتى العوده للمعسكر بدونه وأنا أعلم جيدا أنه يجهل دروب وجبال هذه البلاد وعندما طلعت الشمس رأيتهم من فوق الجبل وهم يأسرونه ويأخذونه فى سيارتهم الى المعسكر.. فعدت وابلغت القياده فى الحال اقترب القائد من عمر وقال بغضب : وأنت .. أتعلم كم تكبدنا من مشقه ورجال وذخيره لننقذك من أيديهم ؟ لقد أرسلنا كتيبه كامله بمدافعها فى محاوله لاقتحام المعسكرلإنقاذك ابتلع عمر ريقه بمزيج من الخجل والندم وقال بأسف : آ.آسف سيدى .. مش هاكررها تانى القائد : لا تعتذر. . فابن خالد ديساروف يستحق أكثر من هذا نظر اليه عمر بدهشه وصمت فابتسم القائد وقال : لا عجب انك ابنه فقد عدت الينا بسياره مملوءه عن آخرها بالأسلحه والذخيره .. أغلب من فى المعسكر الآن يعتبرك بطل نظر اليه عمر بذهول شديد .. لقد عرف الآن فقط ماذا كان يحمل فى السياره التى كان يقودها. وحمد الله كثيرا وهو يتذكر عدد المرات التى نجا فيها هو والسياره من الإنفجار . نظر الى مالك الذى خلا وجهه تماما من ابتسامته المميزه المحببه للنفس لم يشعر عمر فى حياته بالخجل أمام أى انسان بقدر ما شعر به فى هذه اللحظه أمام مالك قطع أفكاره صوت القائد وهو يقول : ان ما يحيرنى حقا هو كيف أفلت بسيارتك من الكمين الذى أعددناه للسيارات الأربع التى خرجت من المعسكر؟ أتعلم أنك تذكرنى بوالدك رحمه الله ؟ يوما ما سأحكى لك عنه وعن بطولاته تجاهل القائد الحيره والدهشه فى عينى عمر وقال : ولكن كل هذا لن يعفيك من العقاب على مخالفتك للأوامر وخروجك من المعسكر ليلا بدون تصريح . التفت الى مالك وقال : وانت ايضا ستعاقب معه .. والآن انصرفا استدار عمر مغادرا مكتب القائد هو ومالك عندما استوقفه القائد قائلا : عمر .. أظن أنك مدين لمالك بالشكر .. فلولاه ما عرفنا طريقك هز عمر رأسه بخجل ونظر الى مالك الذى انصرف مغادرا فى صمت دون أن ينظر اليه قضى عمر فترة التأديب محاولا بكل وسيله استرضاء مالك ومصالحته .. لكن مالك كان غاضبا بشده وكان يعبر عن غضبه بالصمت لدرجة أنه كف حتى عن الغناء وكاد عمر أن يفقد عقله أمام اصرار مالك على الصمت وانتهت فترة التأديب وعاد الإثنان الى الخيمه لينالا قسطا من الراحه وعاد عمر الى استجداءه والتوسل اليه أن يسامحه حتى كلمه مالك أخيرا وسأله بغضب : هل وجدت ما كنت تبحث عنه؟ لماذا لم تبقى فى أحضانهم ربما أعادوك الى مصر؟ عمر بأسف : مقدرتش أصدقهم, ولا أآمن لهم مالك بسخريه شديده : حقا؟ وكيف اكتشفت ذلك الإكتشاف الخطير؟ عمر : أنا ماباآمنش للى بيلعبوا قمار مالك بسخريه لاذعه : انظر من يقول هذا ؟ كيف لا تثق بهم وانت تلعب الورق؟ أكمل بضيق شديد : لا أدرى كيف يقول القائد أنك تذكره بوالدك رحمه الله ! عمر بندم شديد : أيوه ما بآمنش للى بيلعبوا قمار ..لأنهم زيى, مايتآمنلهمش صمت مالك ولم يدرى ماذا يقول الا أن حدة غضبه بدأت تهدأ عندما استشعر صدق عمر وندمه فهز رأسه بأسف وأكمل عمر : أنا هربت منهم مع انهم كانوا بيعاملونى كويس وأكلونى و.... قاطعه مالك بحده : وأطلقوا عليك فتياتهم الجميلات ليستخرجوا منك ما يريدون .... سمعت هذه القصه من كل من وقع فى الأسر .. هذا فى اليوم الأول فقط وبعدها.... صمت قليلا ثم قال بسخريه : لماذا لم تبقى معهم لتكتشف بنفسك؟ تنهد بأسف وقال : لقد كنت أعتبرك صديقى أطرق عمر بأسف شديد وقال بخجل : كان لازم تعرف من الأول انى مينفعش أبقى صاحبك أنا .. أنا مدمن قمار نظر اليه مالك بصمت واختفى الغضب من وجهه ثم قال بتعاطف : لا شك أنك عشت حياة صعبه عمر بسخريه مريره : صعبه؟ بأنهى لغه؟ بلغة البلد اللى جيت منها . ولا بلغة البلد دى؟ بيتهيألى الفرق كبير قوى صمت مالك قليلا ثم نظر اليه وقد عادت ابتسامته الجميله تضئ وجهه البشوش وقال له بحب : ولكنى مازلت أعتبرك صديقى . يمكننا أن نصبح أصدقاء مثل أبوك وأبى . لقد كانت صداقتهما عجيبه حقا استدار اليه بكل جسده و قال بحماس كبير : أتعلم .. كنت أحلم دوما أن يكون لى صديق أحبه أكثر من أى شئ وتبقى صداقتنا حيه مدى الحياه وحتى ما بعد الموت ألم تسمع حديث النبى صلى الله عليه وسلم أن الأخلاء المتحابين فى الله من الذين يظلهم الله بظله ؟ اسمع .. لقد قررت أن أجعلك شريكا لى فى شركة الهندسه التى أحلم بها وسنبقى أصدقاء دائما مثل والدينا ..لقد تعاهدا على الوفاء والإخلاص وأقسما أن يسمى كل منهما أول مولود ذكر له باسم صديقه ويتـ ......... صمت مالك فجأه . أسكتته النظره التى رآها فى عينى عمر وتغير لون وجهه ضاقت عينا عمر وقال بصوت ظهر فيه بوضوح أثر الصدمه : بس أنا ما اسميش محمد ابتلع مالك ريقه بصعوبه ولم يستطع الرد أفاق عمر فجأه على حقيقه تاهت عن باله طويلا أو ربما تعمد نسيانها , لقد كانت له عائله. أب وأم واخوه وربما أخوات أطرق برأسه طويلا يفكر فى صمت . ثم سأل مالك بصوت حزين : كان عندى اخوات قد ايه؟ أدرك مالك ما فعلته كلماته بعمر كما أدرك تماما أنه لن يستطيع أن يعيد الأمور الى ما كانت عليه فقال مباشرة وصوته يقطر بالأسف : ثلاثه ضحك عمر ضحكه ساخره قصيره تمتلئ ألما ومراره وهو يقول : ورابعهم كلبهم.... همه فين دلوقتى؟ مالك بأسى : دفنهم أبى فى مقابر أسرتنا اتسعت عينا عمر وفغر فاه وقال بذهول: أبوك !! أبوك دفن صاحبه وأخته وأولادهم؟ نهض عمر ببطء وهو لا يكاد يصدق وخرج من الخيمه , وحاول مالك أن يتبعه لكنه أوقفه بصوت يمتلئ بالدموع ودون أن يلتفت: عاوز أمشى لوحدى سار عمر لمده طويله وهو لا يكاد يتبين طريقه من كثرة الدموع التى ملأت عينيه وتحولت الى أنهار تجرى على خديه تؤججها النيران التى اشتعلت فى قلبه لقد صدق أخيرا أنه كانت لديه أسره كامله أب وأم وإخوه وربما أخت جميله كزهره . لو لم ي***وا ربما كان قد اختلف كل شئ وربما أصبح مثل مالك وزهره يتنعم فى ظل أسره جميله تحبه وترعاه وتعلمه .وتحميه من طيشه وجنونه لم يدرى عمر كم من الوقت قضاه يبكى وحيدا فى البرد بقلب يملؤه الحزن والندم والألم ولم يخرجه مما هو فيه الا يد مالك التى أطرقت على كتفه بحب وصوته المملوء بالحنان وهو يقول : عمر .. هون عليك يا صديقى فقد انقضت أعوام طويله ..لقد أتى الليل وازداد الجو بروده هيا بنا يا صديقى لنعود الى الخيمه استلقى عمر على فراشه ووضع كفيه المتشابكتين أسفل رأسه. لكنه لم يستطع النوم . بل ظل يفكر فى أهله ثم التفت الى مالك المستلقى على الفراش المجاور له وسأله : مالك . شكلها ايه؟ مالك بتساؤل : من؟ عمر بشرود : أمى التفت اليه مالك وقال : ألم يريك أبى صورتها؟ عمر بخجل : ماسألتهوش مالك : عندما نعود الى البيت سأريك صورتها . أتعلم ان زهره تشبهها كثيرا التفت اليه عمر بدهشه واهتمام : زهره!!!.. عاد يحدق فى سقف الخيمه وهو يقول بشرود : قد كده كانت أمى جميله ؟هى ما...... قطع حديثه عندما شق هدوء الليل صوت يشبه موتور سياره نقل فى الصيانه نهض من فراشه وأخذ يتبين هذا الصوت لقد كان صوت شخير قوى يصم الآذان نهض مالك من فراشه بضيق واقترب من عمر الذى وقف بدوره ينظر باتجاه مصدر الشخير ثم نظر الإثنان الى بعضهما البعض فى صمت .................................................. .................... يتبع........................... |
تسجيل متابعة
رواية رائعة عايزين كام بارت كده يوميا مش واحد بس |
اقتباس:
أنا بنزل على حسب المتابعة وكمان عشان الحلقات بتبقى كبيرة شوية لكن هبقى أنزل أكتر من حلقة إن شاء الله شكرًا على المتابعة .. جزاكم الله خيرًا |
تابع (11) فجر اليوم التالى ........... لم يستيقظ المعسكر على صوت أذان الفجر كما تعودوا . بل على صوت صراخ أجش أشبه بصوت طائره حربيه تجمع كل الشباب فى ساحة المعسكر وهبطت عليهم الدهشه والذهول عندما رأوا حمدوف المارد الذى طرد مالك وعمر من الخيمه فى أول يوم لهما فى المعسكر مقيدا فى شجره كبيره بطريقه عجيبه كان حمدوف ملفوف بعنايه فى أغطيته ومقيد فى سريره بكميه كثيفه من الحبال التفت حول السرير من أعلاه الى أسفله بحيث لا يظهر منها سوى رأس حمدوف فقط..أما السرير نفسه فقد كان يقف بشكل رأسى ومثبت بالحبال فى جذع شجره كبيره لم يستطع الشباب كبح جماح الضحك الذى انتشر بينهم وهم يتعجبون ممن استطاع أن يفعل ذلك بحمدوف العملاق .أما حمدوف فقد ازداد غضبه وأخذ يصرخ بصوت جهورى ويتوعد بالإنتقام وأخيرا استطاع قائد المعسكر اسكاته عندما أقنعه بأنه لن يفك قيده الا اذا تعهد بعدم اثارة المشاكل أو ايذاء أى فرد فى المعسكر وبالفعل فك وثاقه بعد أن هدأ ثم رحل متجها الى مكتبه لكنه توقف قليلا فى الطريق أمام عمر ومالك ونظر اليهما نظره ذات مغذى وابتسم .............................................. كان هذا المعسكر معد خصيصا لمجموعه كبيره من شباب الشيشان المتقاربين فى العمر وليس لديهم خبره سابقه فى القتال أو الحرب وكان يقوم بتدريبهم مجموعه من أمهر المجاهدين الشيشانيين والعرب الذين ساهموا بدور كبيرفى تحريرالشيشان وعملوا فى تدريب الشيشانيين على كل من الأمور العسكريه القتاليه والمعلومات الإسلاميه كانت الحياه فى المعسكر شاقه للغايه وكانت التدريبات مقننه وجاده ومتقنه ومتعدده ...تدريبات بدنيه وتدريبات على الأسلحه المختلفه واطلاق النار وفنون القتال المختلفه ويتخلل اليوم محاضرات ودروس دينيه لتقوية الإيمان والترغيب فى الشهاده وحب الوطن ودروس فى التاريخ الإسلامى وقصص السابقين والسيره النبويه وحلقات لتعليم اللغة العربيه لمن لا يعرفونها أما الصلاه فقد كان لها عنايه خاصه فى برنامج المعسكر ...فقد كانت تقام فى جماعه على وقتها وكان الدعاء والقنوت فى كل صلاه والتشجيع على قيام الليل واقامة مسابقات فى حفظ وتفسير القرآن الكريم واستطاع عمر بمساعدة صديقه مالك أن يتحمل تلك الحياه الشاقه التى لم يعتاد عليها ولم يعش مثلها أبدا وكان عمر ومالك يتفننان فى اختراع المقالب والأفاعيل المضحكه ويوقعان فيها حمدوف العملاق الذى لم يستطع ابدا اكتشاف الشخص الذى يوقعه فى المشاكل وشيئا فشيئا نمت صداقه متينه بين حمدوف وبين مالك وعمر فلقد اكتشفا أنه برغم جسده الضخم وسرعة غضبه المخيفه الا أنه يمتلك قلب طفل صغير يمتلئ بالطيبه والسذاجه واستطاع مالك وعمر الثأثير عليه وترويض سرعة غضبه بالحب ولم يعد حمدوف يستطيع الإبتعاد عنهما فكان الثلاثه يقضون كل أوقاتهم معا ................................................. كان مالك يرتدى ملابسه العسكريه ويجهز سلاحه ويستعد للخروج والإنضمام لمجموعه من الشباب لتنفيذ أحد الأوامر التى كلفهم بها قائد المعسكر سأله عمر الذى كان مستلقى على فراشه بعد أن انتهت نوبة حراسته : قائد المعسكر عربى ..مش كده؟ مالك بحماس وهو يعد سلاحه : انه أحد أتباع القائد خطاب رحمه الله. الذى كان قائدا لكتيبة الأنصار.. كتيبة المجاهدين الأجانب فى القوقاز عمر بتساؤل: ومين خطاب ده؟ مالك بدهشه : ألم تسمع عنه أبدا ؟ عمر : سمعت عنه بس بسأل مين هو ؟؟ مالك : انه أحد المجاهدين العرب الذين خرجوا من بلادهم للجهاد ضد الروس وكونوا كتيبه تسمى كتيبة الأنصار. لكنه أروعهم على الإطلاق فهو جسور لا يعرف الخوف . حارب الروس فى أفغانستان وطاجيكستان وهنا . انه بطل . أسطوره . كبد الروس خسائر فادحه ..سأكمل لك قصته عندما أعود .... انطلق مالك يجرى ليلحق بزملاءه فى المهمه وخرج عمر من الخيمه متمهلا وأخذ ينظر الى مالك وهو يبتعد مسرعا ثم تنهد وقال : العالم مليان بالمجانين قد يحتاج الإنسان لبعض الجنون حتى يستطيع أن يتواءم مع هذه الحياه التفت عمر بحده نحو المتكلم فوجد أمامه قائد المعسكر يبتسم ظهر عليه الإرتباك الشديد لكن القائد اقترب منه وبادره بالسؤال : انت فى فترة الراحه الآن؟ هز عمر رأسه موافقا بحذر فقال القائد : من مصر ..أليس كذلك؟؟ قال : أيوه فقال القائد بابتسامه كبيره : أتعلم ماذا قال النبى صلى الله عليه وسلم عن بلادك؟ هز عمر رأسه بالنفى ولم يتكلم القائد: قال عنها أن أهلها هم خير أجناد الأرض (الحديث ضعيف وللتأكد "هنا"، لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى بأهل مصر خيرًا) عمر يسأله : أنت من تلامذة القائد خطاب؟ القائد وهو يسير بجواره وكأنه صديقه : أنا من كتيبة الأنصار . أخبرنى بصدق . من كنت تقصد بالمجانين ؟ أنا لم أتعمد أن أستمع اليكما , لكن صوتك كان عال قال بتردد وهو يسير بجواره : أنا بس كنت بستغرب . ازاى راجل يسيب بلده وأهله وفلوسه,علشان يروح أرض مايعرفهاش, ويحارب علشان يحرر وطن مش وطنه, وكل ده وبدون مقابل, ومن غير ما حد ما يطلب منه ده ! ضحك الرجل وقال : سأقول لك سر لا تخبر أحدا به .أنا أيضا كنت أظنه مجنونا . لماذا يفعل هذا . وكيف يفكر .. و كنت أسأل نفسى كثيرا ماذا تعنى كلمة وطن؟ هل هى الأرض التى نولد فيها أم التى نعيش عليها أم التى نموت وندفن فيها؟ أتعلم .. ربما يكون الوطن أكبر بكثير مما نظن أو حتى مما تستطيع عقولنا الضيقه أن تدركه... اهتم لنفسك ..ولا تنسى أبدا أنك من خير أجناد الأرض توقف عمر عن السير والتفت اليه بدهشه كبيره وعقد حاجبيه بتساؤل وهم أن يقول شيئا لكن القائد تركه ورحل مسرعا وظل عمر واقف يحدق فى الطريق الذى ذهب منه وفى عقله أسئله كثيره يوم بعد يوم كان عمر يشعر بأن شيئا ما بداخله يتغير ..شئ كبير للغايه لقد كف عن الشكوى واعتاد البروده القارصه واندمج وسط شباب المجاهدين وأصبح لديه أصدقاء كثيرين وكانت من أمتع اللحظات بالنسبة اليه عندما يعد هو ومالك المقالب المدبره المتقنه لأحد أصدقائهم فى المعسكر لإشاعة البهجه والمرح فى أرجاء المعسكروكثيرا ما وقعا فى المشاكل بسبب تصرفاتهما الطائشه وتعرضا للتوبيخ والتأديب من قائد المعسكر كان مالك وعمر يقومان بجمع الحطب والأخشاب من التلال القريبه من المعسكر وكان مالك يغنى أغنيته الوحيده : في ليلة مولد الذئب خرجــــــــنا إلي الدنـــــيا وعند زئير الأسد في الصباح سمونا بأسمائـنا زفر عمر بضجر شديد وقال بتأفف وهو يجمع الأخشاب: ياساتر, دانت ممل, يا أخى خنقتنى.هو انت معندكش غيرها؟ من ساعة ما عرفتك وعمرى ماسمعتك بتغنى الا الأغنيه السكه دى.. ضحك مالك وقال : انها النشيد الوطنى لبلادنا نظر اليه عمر بدهشه وهز رأسه بعجب : دانت تغيظ, نفسى أسمعك بتغنى أغنيه تانيه جلس الى صخرة كبيرة وهو يقول : ما تغنى عن الحب..عن الجمال ..جدد مالك بمرح وهو يحمل كومه من الحطب: عمر ..ألم تفكر يوما فى الزواج؟ عمر بلامبالاه : مين ؟ ..أنا !! أنا مابفكرش..أنا عايش حياتى زى ماهيه ..تمشى زى ماتمشى, يوم بيوم مالك بدهشه كبيره : ماذا ؟ ألم تحلم يوما أن يكون لك بيت خاص بك وزوجه جميله وأطفال يشاكسونك؟ أليس لك أى أحلام؟ عمر : أنا مابفكرش بطريقتك دى ..أنت عايش كل حياتك فى الأحلام مالك بتفاؤل : و سوف احقق كل احلامى ان شاء الله سيكون لى شركة هندسيه كبيره وستكون شريكى كما اتفقنا وسأتزوج وأنجب أطفالا .. وتنازلا منى سأمنحك شرفا خاصا ..سأسمى أول أبنائى باسمك أتعلم أننى أحلم أن تكون فتاة أحلامى تماما كزهره التفت عمراليه وقال بدهشه : زهره !!! مالك : نعم ..زهرة أختى ..ليس من الضرورى أن تشبهها فى الملامح ولكنى أتمنى أن تكون بنفس أخلاقها وصفاتها وأنت..بم تحلم؟ عمر بضجر : يابنى ماقلت لك انا مبحلمش, أنا صاحى على طول تأمله مالك بدهشة كبيرة وهو يقول : وهل يستطيع الإنسان أن يعيش دون حلم خاص به, هدف يسعى لتحقيقه, قضية يدافع عنها ويموت فى سبيلها؟ ظل عمر واقفا فى مكانه يتأمله بدهشة, يفتش بداخله عن كلمات يقولها فلا يجد تبدلت ملامحه فجأة, وعقد حاجبيه بشده وظهر فى وجهه الذعر وهو يقول : شش سامع اللى أنا سامعه مالك ينصت باهتمام ويلقى مابيديه من أخشاب ثم يجرى باتجاهه وهو يقول بخوف : اختبئ انطلقا يجريان وهما يجران العربه التى تحمل الأخشاب ليخفوها عن الأعين وصعدا فوق تلة قريبه واختبئا جيدا وأخذا ينظران من موقعهما فوق التله فوجدا سيارة عسكريه صغيره مكشوفه تحمل خمسه من الجنود الروس قادمه من بعيد وتقترب باتجاههما همس مالك : يبدو أنها دورية استطلاع اخترقت الحدود عمر بخوف : هانفضل مستخبيين لحد ماتمر, وبعدها نرجع المعسكر ظل الإثنان يراقبان السياره وهى تقترب . ثم التفت عمر بحده الى مالك عندما سمع صوت مدفعه يجهز للإطلاق فقال له بصوت خفيض : انت اتجننت ؟بتعمل ايه؟ مش لازم يحسوا بينا ضاقت عينا مالك وارتسمت على وجهه ابتسامه أشبه بابتسامة صياد يهم باصطياد فريسه وقال بثقه : انهم فقط خمسه..هيا جهز سلاحك واستعد عمر بحده وبصوت خافت حتى لا يسمعونه : ايه ؟ أنا عمرى فى حياتى ماقـتـلت حد مالك وعيناه تشعان ببريق مخيف : ولا أنا ..ولكن هذا لا يهم ..يكفى أن تتذكر ما فعلوه بأسرتك وستجد السلاح ينطلق وحده عمر باصرار : لا ..هانرجع المعسكر ونقول للقائد وهو يتصرف اتسعت ابتسامة مالك واشتد بريق عينيه لمعانا وهو يقول : لا داعى لكل هذا ..نستطيع مفاجأتهم واصطيادهم بسهوله عمر بذعر : مالك ..اياك تعمل حاجه والا هابلغ القائد ..سيبهم يمشوا ولما نرجع المعسكر يحلها ربنا بدا على مالك وكأنه لم يسمع ما قاله عمر وأخذ يصوب مدفعه جيدا واقتربت سبابته من الزناد وهو يبتسم واتسعت عينا عمر برعب .................................................. .. يتبع....................................... |
(12) نزع الذئب نظارته المعظمه من على عينيه وهو يقول بغضب : انهم يحاصرون القائد حكيم ومن معه جوهر : مرت ثمانى ساعات والوضع كما هو لا يتغير الروس يحاصرونهم والقائد حكيم يرفض الإستسلام الذئب : يجب أن نساعدهم بأى طريقه ..مستحيل أن نتركهم يسقطوا فى أيديهم جوهر : أتسمع؟ انهم يستخدمون مكبرات الصوت الذئب بغضب : يطلبون منه تسليم نفسه ..الأوغاد يريدون تحطيم معنوياتهم نهض بسرعه من مكمنه فعاجله جوهر : الى أين أيها القائد ؟ الذئب بعزم : لدى خطه ...هيا بنا تسلل الذئب والمجموعه التى معه من المجاهدين عبر ممرات جبليه ضيقه والتفوا من خلف القوات الروسيه التى تحاصر القائد حكيم وصعدوا الى قمة الجبل المجاور للقوات الروسيه وفتحوا النار عليهم وحدث ارتباك شديد للقوات الروسيه عندما فوجئوا بالنيران تأتى من خلفهم مما جعل القائد حكيم ومن معه يطلقوا النار بدورهم وبشكل مكثف وانقلب الموقف تماما وبدأت القوات الروسيه فى التراجع عندما شعروا أنهم محاصرون مما أحدث فجوه كبيره وسط القوات الروسيه واستطاع القائد حكيم ومن معه الخروج من الحصار فأخرج رجاله أولا ثم خرج من بعدهم وبينما هو يجرى أصابته طلقه فى ساقه فسقط أرضا فى منطقه مكشوفه للقوات الروسيه رأى الذئب من فوق الجبل القائد حكيم وهو يسقط فصرخ فيمن معه : احموا ظهرى وأطلقوا النار بكثافه نزل من الجبل عدوا على قدميه بسرعه كبيره ووصل الى القائد حكيم وسحبه من ذراعيه خلف صخره وسأله بعجاله : كيف حالك؟ فابتسم القائد حكيم بألم وقال : الحمد لله ..اصابه مباشره فى الركبه ..لماذا أتيت ؟ دعنى وعد الى رجالك قال الذئب بحسم : سنعود معا كثف المجاهدون اطلاق النار على القوات الروسيه وشتتوا انتباههم رفع الذئب رأسه ونظر من خلف الصخره وعندما اطمئن ..حمل القائد حكيم فوق كتفه وانطلق يجرى باتجاه موقع المجاهدين عبر ثلثى الطريق وفجأه .... أصابته طلقه فى جانبه فاهتزت خطواته وترنح بشده وسقط أرضا هو والقائد حكيم .................................................. ....... أطلق مالك النار على السياره الروسيه برغم اعتراض عمر الشديد فقـتـل أحد الجنود وأصاب عجلة السياره الخلفيه توقفت السياره وترجل منها بقية الجنود الروس واختبئوا خلفها يحتمون من طلقات مالك وبدأوا يطلقون النار باتجاه مالك وعمر الذى ارتبك بشده وأمسك سلاحه وأعده للإطلاق .لكنه لم يطلق منه رصاصة واحده أما مالك فأخذ يطلق عليهم النار لكنه لم يستطع اصابة أحد آخر فقد كانوا مختبئين خلف السياره وبدأ الغضب يسيطر عليه وعمر يصرخ فى أذنه برعب : مالك .. مش هانقدرنهزمهم, يلا نهرب ارتعدت اطرافه عندما اتاه من خلفه صوت سلاح يعد للإطلاق وكان مالك الذى سمع نفس الصوت اسرع بكثير فى رد فعله فالتفت بحدة ليجد أمامه اثنين من الجنود كانا فى السيارة والتفا حول الجبل ليطوقا مالك بعد ان عجزوا عن ايقاف نيرانه الكثيفه فجأه صرخ مالك صرخه عنيفه غاضبه وهو يميل على جسد عمر الذى تحول الى صنم ذاهل ووجهه كتله من الرعب : أوغااااااااد واعتصر سلاحه عصرا ولكن.............. رصاصاتهما كانت تحمل لمالك اكثر من مجرد موت كانت تحمل معها رياح الجنه...ولم يشأ مالك ان يرد الهدية, بل تلقاها بمجامع قلبه كحبيب يشتاق سنينا ليضم حبيبه أما عمر فقد أصيبت أطرافه الأربعه بالشلل للحظات وهو يرى مالك يحميه بجسده ويتلقى عنه نصيبه من طلقاتهما فى صدره مباشرة جن عمر تماما عندما انسكبت دماء صديقه الحبيب الى قلبه فوق ملابسه, وكأنما كان لون الدماء الأحمر القانى هو الذى ايقظه من ذهوله, وفجرت كل شئ فيه وحررته من قيود الخوف لتتحرك كل عضلة فى جسده, واولها سبابته التى عصرت زناد سلاحه عصرا حتى كادت ان تكسره وتلقى الجنديان كم لابأس به من الرصاصات فى جسديهما, وبعدها التفت عمر حيث السيارة التى خرج من خلفها البقية المختبئة واقتربوا من التلة بعد ان اطمئنوا لقيام زملائهما بالقضاء على المقاوم وسلاحه الحاصد وجرى عمر بكل قوته وهو يصرخ: ماااااالك وورصاصاته مدفعه دون تفكير تحصد الجنود الروس الذين فوجئوا بوجود عمر واختفاء زميليهما ظل عمر يطلق النار حتى أرداهم جميعا ولم تتوقف أصابعه عن الضغط على الزناد الا عندما فرغ سلاحه تماما ألقى بسلاحه من بين يديه وعاد الى صديقه وحمل رأسه بين يديه وأسندها الى ساقه ووضع يده على صدره محاولا ايقاف الدماء التى سالت بغزاره وهو يقول والأسى والألم يقطر من كلماته: مالك . صديقى.اطمئن . انت بخير ..هأنقلك المعسكر وهايعالجوك, لازم يعالجوك..انت هاتخف.. اكيد هاتخف ابتسم مالك كعادته ولكن ابتسامته هذه المره كانت شاحبة, وانتصر الألم على ملامح وجهه الباسم دائما, لكنه تماسك من اجل صديقه وقال : لماذا أرى وجهك عابسا ..ابتسم يا صديقى.. هل... غلبه الألم فصمت قليلا ثم قال : هل تريدنى أن أغيظك وأغنى لك في ليلة مولد الذئب حاول الضحك لكنه لم يستطيع : يبدو أنك ستعود للبيت بدونى سالت دموع عمر غزيره وهو يقول بصوت حزين : اسكت ..ما تقلش كده . هاترجع معايا, مش ممكن أرجع من غيرك أبدا ..هاترجع معايا, انت فاهم مش ها تموت أبدا مالك بضعف : كلنا سنموت يا صديقى. المهم هو كيف سنموت؟ أوصيك بأمى وزهرة والصغيرين ..وأخبر أبى أننى أصبحت ذئبا يفخر به انتحب عمر وتساقطت دموعه وقال بعناد : لا .مش ها تموت يا صديقى ..هاتفضل معايا لحد ما تحقق أحلامك..هانحقق أحلامنا سوا, فاكر؟ أحلامنا يا مالك ..هانحقق أحلامنا سوا مالك : سامحنى يا صديقى ..لأننى أخفيت عنك أكبر حلم فى حياتى ..انه حلم تتضاءل بجانبه كل الأحلام حلمى أن أموت شهيدا وأكون مع أخواى فى الجنه عمر بحسره : لا. مالك .ماتسيبنيش لوحدى ..انت صديقى الوحيد لم يرد مالك, ولكن شخص بصره الى السماء وقال بشرود : شامل. خالد. اشتقت اليكما يصمت قليلا ثم يقول : ماذا تريدنى أن أقول يا خالد؟ يتلفت عمر حوله فلا يجد مخلوق غيرهما فيعقد حاجبيه وهو يراقبه بدهشه صامتا يرفع مالك سبابته اليمنى الى السماء ويقول : أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وتفيض روحه الى بارئها فتسقط يده وتتعلق عيناه بالسماء وتستقر على وجهه الطفولى الجميل أروع ابتسامه يمكن أن يراها انسان صرخ عمر بلوعه وهو يحتضنه بقوه: ماااااااالك ..أخويا . صديقى . حبيبى ..ماتسيبنيش لوحدى لازم ترجع معايا .لازم نرجع البيت سوا , مش هارجع من غيرك .................................................. . رفع الذئب رأسه من الأرض وهو يشعر بآلام رهيبه فى جانبه ..نظر الى القائد حكيم الذى أمسك به بلهفه وهو يقول : هل أنت بخير؟ هز الذئب رأسه ولم يتكلم رأى المجاهدون الذئب والقائد حكيم وهما يسقطان فى منطقه مكشوفه للروس فكثفوا اطلاق النار بصوره كبيره أربكت الروس وأدت الى تراجعهم قليلا فتقدم المجاهدون عدة خطوات ليغطوا القائدين تحامل الذئب على نفسه ونهض بصعوبه وأمسك بذراعى القائد حكيم وأخذ يجره باتجاه موقع المجاهدين تحت ساتر النيران التى يطلقونها فصرخ جوهر الذى كان يقف فى المقدمه سأنزل اليهم احمونى نزل من الجبل يجرى بكل قوته ومعه أحمد حتى وصلا الى سفح الجبل فوجد الذئب قد وصل قبلهما فأخذاهما الى منطقه آمنه وفشل الحصار الذى دام ثمانى ساعات وانسحبت القوات الروسيه من الموقع تجر أذيال الخيبه وساعد جوهر وأحمد القائدين على الوصول الى موقع المجاهدين ورفض الذئب الإعتماد على كتف جوهر وتحامل على نفسه حتى وصل الى الموقع على قدميه.فسأله جوهر بقلق : كيف حالك؟ قال الذئب بهدوء : اصابه بسيطه ..لا شئ خطير كشف جوهر عن مكان الإصابه وقال بجزع : يا الهى ..أنت مصاب بشده نظر الى بقية المجاهدين وقال : يجب أن ننقلهما الى أقرب مستشفى ميدانى فى المستشفى قام الأطباء بمعالجة الذئب واستخراج الرصاصه من جانبه وأصر جوهر على البقاء معه حتى يطمئن عليه ولم يلبث أن رأى الطبيب حتى سأله بلهفه : كيف حاله الآن؟ الطبيب : الحمد لله هو الآن بخير ..عجيب أمر هذا القائد .كيف تحمل كل هذا؟.لقد استخرجت من جسده رصاصه عيار 12.7 مم جوهر بدهشه : ماذا؟ ..انها ذخيره تستخدم لإختراق المدرعات والمواقع الحصينه ولكنها تجعل اللحم البشرى مثل اللحم المفروم ... والغريب أنه لم يظهر لنا أى دليل على الألم . بل تحامل على نفسه وأنقذ القائد حكيم ا لطبيب بدهشه : من هذا القائد؟ وكيف يتحمل جسده كل هذا؟ جوهر : هو دائما يدهشنى هكذا انه يقوم الليل كل ليله ولا أراه الا صائما ..لم أشاهده يأكل أو ينام ..لا أعرف كيف يعيش؟!! كما أنه قليل الكلام دائم الشرود حزين الطبيب بعجب : ترى . ما الذى حدث له فى حياته ليصبح هكذا؟ .................................................. ........ لم يستطع عمر أن يتذكر أبدا كيف عاد بمالك الى البيت؟ ولا ماذا ركب ولا من ساعده كل ما استطاع أن يتذكره هو أنه حمل جسد مالك الشهيد على كتفه وانطلق يجرى ويجرى ويتعثر ويسقط ثم ينهض ويحمله ويجرى من جديد وهو يبكى وينتحب والدموع تغرقه حتى ..جفت دموعه تماما تاركه خطين واضحين على خديه ولم يعد يجد دموعا يذرفها لم يتوقف عمر عن الجرى الا عندما فتح محمد باب البيت ونظر اليه وهو يحمل جسد مالك الشهيد بين ذراعيه نظر اليه محمد طويلا بصمت, وتغير لون وجهه وتفجر الحنان من عينيه ونطقت ملامحه بالألم واللوعه . لكن عيناه لم تذرفان دمعة واحده ..اقترب من رأس مالك ومسح على شعره بحب كبير تأمل عمر محمد بصمت طويلا وفهم أخيرا لماذا لا تبكى الذئاب لقد جفت دموعها من كثرة البكاء والألم حمل عمر ومحمد على اكتافهما جثمان مالك المغطى بعلم بلاده ووجهه مكشوف يحمل نفس إبتسامته الجميله وخلفه يسير المجاهدون بصمت مهيب وأخذ عمر ينظر الى محمد بدهشه وعجب فهو صامت تماما ولم يذرف دمعه واحده ..حتى وصلوا الى المقابر وكان محمد هو الذى يقوم بكل شئ فهو الذى جهز القبر بنفسه ونزل فيه ثم نظر الى عمر ومد اليه ذراعيه ليناوله جسد مالك .. لكن عمر تسمر فى مكانه وظهر على وجهه الألم وهو ينظر الى محمد بدهشه واستنكار وهو يفكر ..كيف له أن يدخل صديقه بيديه الى التراب أومأ الأب اليه .لكنه لم يتحرك .فسارع المجاهدون بحمل الجثمان وناولوه للأب الذى احتضنه بقوه ونظر فى وجهه الجميل نظره طويله حزينه وقبل جبينه ثم أرقده بحنان كان عمر يلقى النظرات الأخيره الى صديقه والحزن وألم الفراق يكاد أن يفتت قلبه وبعد أن انتهى محمد من عمله وقف أمام القبر بجوار عمر الذى قال بعد صمت طويل : الآن فقط فهمت ..ماذا يعنى أن تفقد أغلى الأصدقاء زفر الأب زفره حاره بحرارة اللهيب المشتعل فى أعماقه ثم وضع ذراعه على كتفه وقال : هيا لنذهب الى البيت يا بنى التفت اليه عمر بكل جوارحه ونظر اليه نظره طويله وهو يفكر .. (بنى) لأول مرة يقولها, ولأول مرة يستشعر عمر كل هذا القدر من الحب فى صوته ارتمى عمر بين أحضانه, ليشتم فيها حنان مالك أغلى انسان عرفه وأغلى انسان فقده واحتضنه الأب بقوه عله يهدئ من حريق فؤاده لفقد الأحبه أو يداوى جراح قلبه المكلوم فى البيت ...جلس عمر مطأطأ الرأس حزين رفع رأسه ببطء وقال بألم : لماذا مات؟ تعجب عمر من نفسه لأول مرة يتكلم بهذه الطريقة, كيف ينطق لسانه بالفصحى وكأنما لم يعرف غيرها فى حياته فى لحظة واحدة نسى كل ماضيه, وكأنما عاش حياته كلها على هذه الأرض, فى لحظة واحدة انقلب عقله وقلبه ولسانه, ليتحول الى ذئب شيشانى فى لحظة واحدة نسى عمر الديب ليعيش عمر ديساروف التفت اليه الأب ببطء : مالك لم يمت ..انه شهيد عمر وكأنه لم يسمع : لماذا قـتـلوه؟..لماذا مات بهذه الطريقه؟ تنهد الأب بحراره وقال : لأنه أراد ذلك هب عمر من مكانه وقال بانفعال : لا..لم يكن يريد الموت, كان يحب الحياة بجنون..لقد عشت معه أياما طويله تشاركنا فيها الطعام والشراب, الألم والسعاده ..كان يحكى لى أحلامه..كان يحلم ببيت صغير وزوجه جميله وأطفال.. لماذا لم يحقق حلمه؟ الأب بهدوء : ومن قال أنه لم يحقق حلمه؟ . لقد اتخذ أقصر وأسرع الطرق لتحقيق الأحلام...لقد مات شهيدا من أجل الوطن يصرخ عمر : اللعنه على الوطن ..أى وطن هذا ؟ الأرض البيوت ..الجبال؟ ..مالك أغلى من كل هذا..لماذا نقــتـل من أجل وطن تموت فيه الأحلام؟ الأب بقوه : عندما يستباح الوطن ..يستباح كل شئ .. وتصبح الدنيا سوق كبير للنخاسه فيه الإنسان أرخص من تراب الأرض أتاه صوت زهرة الحزين : لقد آثر مالك الموت على حياة أرخص من التراب..لقد نال ما تمناه ..أنا سعيده لأجله عمر بدهشة غاضبة : أتقولين هذا؟ وهو الذى كان يحبك أكثر من أى شئ ؟ لقد كان يتمنى زوجة مثلك زهرة ودموعها تسيل على خديها : وأنا أحبه وسأفتقده كثيرا ..ولكن لا يجب أن يتحول الحب الى أنانية وقيد لمن نحب فنحن لا نحزن عليهم بقدر ما نحزن لأنفسنا, نحزن لفقدنا لهم ووحدتنا من بعدهم.. ان كنا نحبهم حقا فيجب أن نتخلى عن أنانيتنا ونتمنى لهم السعادة التى لم ينالوها فى هذه الحياة لقد نال مالك أقصى ما تمنى ..الشهادة مثل أخوينا وأمنا عمر بدهشة : هو الذى أخبرك بهذا؟ زهرة : لم يكن بحاجة لأن يخبرنى حتى أعرف ما يفكر فيه ... انه أخى التفتت اليه وقالت : انت أيضا كنت تعرف انتفض بغضب وهتف قائلا : لا ..لم أكن أعرف زهرة بشجن حزين : بلى كنت تعرف ..لكن بداخلك طفل عنيد يخشى أن يصدق الحقيقة صمت عمر تماما ولم يستطع أن يرد ..وكأن زهرة قد كشفت كل ما فى نفسه .وطال صمته وهو يفكر بعمق.وفجأه هب من مكانه وفتح الباب فاصطدم بوجهه الهواء البارد وسمع محمد يقول : عمر .. الى أين تذهب ؟ عمر بغضب : سأثأر له ..يجب أن يدفعوا الثمن غاليا محمد : وكيف ستطفئ نيران ثأرك؟ تقـتـل عشرة ..عشرون ..مائة؟..وبعد؟ لن يحقق هذا ما كان يحلم به مالك محمد بهدوء : ما لهذا نحارب.... فهدفنا ليس الإنتقام .. الحرية يا ولدى ..اننا لا نسعى الى الإنتقام ..بل نسعى الى الحرية وهذا هو مالايريدونه لنا .................................................. .............. يتبع....................................... |
(13) |
تابع (13) وعندما وصلا الى هناك أدركت الصدمة التى كان يتحدث عنها, بل عايشتها بكل مشاعرها . كان الدمار الذى لحق بالقريه مروعا بحق ..سارت داخل القرية تتأمل البيوت المهدمة والمحال والسيارات المحطمة وهى فى غاية الذهول حتى أتاها صوته الغاضب : (هكذا هم فى حروبنا معهم عندما يهاجمون الشيشان فى كل مرة يستخدمون فى تقدمهم سياسة الأرض المحروقة فلا يتركوا أخضرا ولا يابس ..حتى المناطق التى أخليناها ..لم يتقدموا فيها حتى أحرقوها تماما بكل ما أوتوا من قوة تحسبا وخوفا من عودتنا) قالت كاترين بألم وهى تنظر حولها وتتأمل الدمار بذهول : مستحيل ..انهم وحوش ..قـتـلة ..يجب أن يحاكموا أمام العالم كمجرمى حرب, تلك القرية الامنة , ما ذنب سكانها من المدنيين الأبرياء؟ زفر عمر زفرة حارقة من قلبه المشتعل : يرون الشعب الشيشاني كله شعباً إرهابياً حتى الطفل الصغير ، ولذا فهم لا يفرقون بين المجاهدين وبين المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال ، فقذائف الطائرات والصواريخ بعيدة المدى تستهدف المدنيين حتى تجليهم عن أرضهم، وقد حصل من جراء هذا القصف مذابح مروعة للمدنيين راح ضحيتها الكثير من الشيوخ والنساء والأطفال ماذا ستفعلين لو رأيت بعينيك المذابح المروعة التى تبكي لها العيون وتتفطر لها القلوب . دفن المه بين ضلوعه وقال يتعجلها : هيا لا وقت لدينا, علينا أن نغادر بسرعه لم تستمع اليه وأخرجت الكاميرا من حقيبتها وبدأت تلتقط صورا كثيره لمناظر الدمار الرهيب الذى حل بالقرية تركها الذئب تلتقط ما تريده من صور ولم يعترض بل أخذ يدور فى المكان ليتأكد أنه آمن توقفت كاترين طويلا أمام احد البيوت المحترقه وأخذت تتأمل أحد جدرانه المهدمة, والتى كتب عليه بخط كبير (مرحبا بكم فى الجحيم) كتبت هذه العبارات بالفعل على جدران المنازل فى جروزنى أثناء الحرب تساءلت كاترين بدهشه : كيف تحمل المدنيين كل تلك الأهوال والمآسى؟ رد عليها دون أن يلتفت وظهر الحزن عميقا فى صوته : من أجل هذا غادر المجاهدون الى الجبال قالت والدموع فى عينيها وصوتها يكاد يختنق من البكاء : ولكن لم يفعلون ذلك؟ لم يرد عليها ..كان عقله فى مكان آخر, وروحه تحلق بعيدا هناك عمر ..أرى فى عينيك خوف وقلق ابتسم عمر وقال : ياربنا ..كيف أستطيع أن أخفى عنك شيئا؟ لديك كاشف للأسرار أعجز تماما عن خداعه زهره بحنان : هيا . اعترف ..ماذا يقلقك الآن؟ اختفت ابتسامته وقال بأسف : أصدرت القياده أوامرها لنا بالإنسحاب من العاصمه وتركها للروس, لم يعد أهل البلاد المدنيين بقادرين على تحمل هذا الجحيم المستعر لقد صبروا معنا طوال اشهر, فقدوا فيها كل شئ, وبقوا صامدين تحت الحصار في أقسى ظروف يمكن أن يعيشها انسان, والآن, علينا الخروج حتى لا تفنى جروزنى... تنهد بأسى وهو يقول : لأشد ما يؤلمنى هو أننى سأضطر لتركك هنا أنت وأمك وأخويك وطفلتنا والرحيل مع المجاهدين ابتسمت محاوله التخفيف عنه وقالت محاوله تغيير مجرى الحديث : مازلت مصرا أنها طفله وليس طفل !! تعود لعمر ابتسامته وهو يقول : طفله أو طفل ..المهم أن يشبهك زهره باصرار : ولكنى أريد ولدا يشبهك أنت ينتفض عمر بطريقه طفوليه ويهتف : يفتح الله ..هارجع فى البيعه مش كفايه واحد منى فى العيلة؟ ضحكت زهره بشده وقالت : لم تنسى أبدا اللهجه المصريه ..مازال يجرى فى دمائك حبك لمصر ! ابتسم بحنين كبير وظهر فى وجهه عاطفه جياشه وهو يقول : وكيف أنسى أجمل سنوات عمرى ..ملاعب الطفوله والصبا ومراتع الفتوه ..أمى فتحية وأبويا بسيونى, قهوة عم جاد . القلعه . مسجد السلطان حسن ..بوابة المتولى..الكره الشراب والطيارات الورق وهي مالية السما زى النجوم, وشمس الأصيل ونسيم العصارى ونهر النيل وريحة الورد البلدى ..بحر اسكندريه وهواه أغمض عينيه واستنشق الهواء بقوة وكأنما يستشعر طعم الهواء فى خياله وقال : كيف أنسى الدفء بلا حدود؟ ابتسمت زهره وقالت : لقد أحببت مصر دون أن أراها .. تصفها كأجمل ما تكون.. حقا أثرت شوقى لرؤياها التفت اليها وقال بسعاده : حقا؟ هزت رأسها بالموافقه فأكمل بحماس : أعدك عندما أعود . ويخرج الروس من الشيشان . سأعمل كل جهدى لنزور مصر معا ..اتفقنا؟ هزت رأسها موافقه بسعاده, فجأة فقد ابتسامته وشرد بعيدا وقال : هذا ان عدت هتفت بقوه : ستعود ان شاء الله ...أعلم أنك ستعود .فيجب أن يعود الذئب مهما طال الزمن وقست الظروف عدت لشرودك من جديد ألا تسمعنى اخاطبك؟ أدار عمر رأسه ببطء تجاه كاترين التى أصابتها الدهشة من منظر عينيه الحزينتين الخاويتين وكأنما ينظر الى الماضى لااليها قالت بتعاطف كبير: كان الأمر بشعا..أليس كذلك؟ أكملت بأسف دون انتظار رده : وجروزنى هى دائما الأكثر معاناة عجز عمر عن اخفاء الألم الممزوج بالغضب فى صوته وهو يقول : شهور تحت القصف الرهيب والحصار الحديدي ثلاثة آلاف بالأسلحة الخفيفة, أكبرها الهاون 120مم، وقليل من القذائف التي نغنمها من الروس مقابل مائة ألف جندي أو يزيد تدعمهم المدفعية والطائرات جرّب الروس فيها كل الأسلحة المحرمة دوليا, القديمة والجديدة الكيماوية منها والعنقودية والفراغية دمروا المدينة تماماً تقريباً وحتى الطرقات لدرجة أنهم عندما دخلوها لم تستطع الدبابات أن تمر فيها. تنهد بمرارة كبيرة وقال : هل شاهدت يوما قنابل فراغية 9طن ؟ انها تقسم المبنى عشرة طوابق إلى قسمين حتى الملجأ السفلي، قـتـل الكثير والكثير من المجاهدين والسكان العزل تحت الهدم ، ورغم هذا كان تقدم الروس في المدينة بطيئاً جداً كل يوم وبعد معارك عنيفة فى مائة متر فقط ، يسوون البيوت بالأرض فيتراجع المجاهدون إلى المربع التالي بعد خسائر فادحة في الروس حتى المستشفيات التى تحت الأرض قصفها الروس بشدة وقلّت المؤن والذخيرة ولم يبق في المدينة مدينة ، حتى أن الروس عندما دخلوها بعد خروجنا لم يجدوا فيها مبنىً سليماً فقرروا أن يجعلوا مدينة "جود رميس" العاصمة المؤقتة ، كاترين بتفهم : ولهذا انسحبتم متسللين خارج العاصمة التفت اليها بحدة وقال بغضب : لم نتسلل ابدا, أهذا هو ما يسوقه اعلامهم وترمى اليه صحافتهم؟ لقد اجتمع القادة وتشاورا وقرروا الخروج من جروزني بكامل أسلحتهم في اتجاه ممر"يرمولوفكا" المعروف والمحاط بالروس وتقدم القادة في البداية يفتحون الطريق بأنفسهم وقد قـتـل وجرح معظمهم لكثرة الألغام والقصف المباشر ولم ينج منهم إلا قليل واستمرت القافلة إلى أن وصلت إلى الجبال الجنوبية ورغم الجراح والمعاناة لم يجرؤ الروس على المواجهة المباشرة كاترين بتأثر شديد : وماذا عن المدنيين؟ ماذا فعل بهم الروس عندما دخلوا المدينة ؟ عندما ترك عمر جروزنى لم يكن يتوقع ابدا أنه سيعود اليها بهذه السرعه وبهذه الطريقة وقبل أن يخرج الروس منها علم المجاهدون أن القوات الروسيه التى احتلت جروزنى قد اشترت بعض الخونه والعملاء وأغرتهم بالمال للإبلاغ عن أى معلومات عن المجاهدين وأهليهم وأماكن بيوتهم عندها جن جنونه وقرر العودة الى جروزنى ليلا ليرى زهره مهما كان الثمن ومهما كانت المجازفه وبرغم اعتراض القاده جميعا الا أن أحد منهم لم يستطع الوقوف أمام اصراره الرهيب على العوده ليطمئن على زوجته فسمحوا له مضطرين بالعوده الى جروزنى ومعه اثنين من المجاهدين لمساعدته على التسلل ليلا الى هناك وبالفعل استطاع عمر التسلل الى جروزنى والوصول الى بيته الذى تهدم نصفه تقريبا. دخل الى البيت دون أن يشعر به أحد فوجد البيت مظلم تماما أخذ يدور فى أنحاء البيت بهدوء حتى وصل الى حجرة المعيشه .. وهناك وجد زهره تجلس فى مكانها المفضل بجوار المكتبه الكبيره وهى تقرأ القرآن فى ضوء شمعه بجوارها وبقية الحجره غارقه فى الظلام أجفلت زهره متعوذه عندما فوجئت بشبح أسود يقف فى الظلام ..لكنها عرفته بسرعه وقالت بدهشه وهى تحتضنه بحب وشوق: عمر !! كيف أتيت الى هنا, يجب أن ترحل عن جروزنى فأنت فى خطر محقق خلع عمر لثامه الأسود عن وجهه وقال بلهفه وهو يتمسك بها بقوة وكأنما يخشى أن تبتعد عنه : لا يهمنى أى شئ..لقد أتيت من أجلك ....زهره ..يجب أن ترحلى عن هنا فهناك خونه فى جروزنى يرشدون الروس الى بيوت المجاهدين فى مقابل المال ..يجب أن ترحلى قبل أن يخبروا الروس عنكى زهره : لا يمكننى الرحيل ..أنت تعلم أننى طبيبه والمستشفى بحاجه الى, لدينا نقص فظيع فى الأطباء وأعداد الجرحى كبير,لا يمكننى الرحيل قال باصرار : اسمعينى .لو أبلغوا عنكى فستفقد المستشفى طبيبه أخرى الى الأبد, لا يمكنك أن....... ابعدت رأسها عن كتفه لتنظر الى عينيه وتتأمل ملامحه على ضوء الشمعة وهى تهتف بأسى : أنت لم تر ما وصل اليه الحال فى المستشفى اننا نجرى العمليات الجراحية على ضوء المصابيح اليدوية ولمبات الغاز, والجرحى المساكين يقاسون البرد الشديد بالإضافة لآلامهم وجراحاتهم بعد انقطاع الغاز بسبب الحرب ، الطعام غير موجود حتى للأطباء والعاملين في المستشفى وان وجد فهو لا يكفي لتغذية المريض ، فالجرحى يتكفلون شراءه من خارج المستشفى بالإضافة لشراء الدواء كيف اشرح لك؟ النقص فظيع فى الدواء والأدوات الجراحية من غياب القفازات الجراحية التي يستخدمها الجراح في عمله ، وعدم وجود الشاش الذي لا يمكن إجراء أي عملية ، أو حتى ضماد بسيط بدونه ، المريض الذي يريد أن يغير ضماد جرحه يأتى حاملاً معه الضماد والمطهر والدواء عمر..لآيمكننى المغادرة ابدا. فهم بحاجة ماسة الىّ الوضع في المستشفيات أشبه بصراع بين طرفين أولهما صواريخ الروس وقنابلهم ، وثانيهما الطعام والدواء والكادر الطبي المحدود . وإذا استمر هذا العدوان الوحشي وبقيت حالة العجز في المستشفيات فإن الشعب بأكمله معرض للإبادة الجماعية لا محالة تأمل عمر وجهها بحب وفخر كبير وهمس قائلا : لهذا بقيت في المستشفي اكثر من ستين يوما ليل نهار مع الجرحى تحت القصف بالقنابل الفراغية والعميقة التي تزلزل الأسس وحتى عندما نقل مكان المستشفي ثلاث مرات لم تتخلفى عنه ابدا أقدر تماما كل ما تفعلينه يا حبيبتى ولكن الأمر مختلف تماما هذه المرة, فحيـ..... لم يتم عمر الكلمة, فجأة صمت تماما وعقد حاجبيه بشدة وأصغى سمعه باهتمام ثم التفت اليها بحده وأمسك ذراعيها وقال بجزع : انهم قادمون .أسمع صوت آلياتهم أنصتت باهتمام وظهر فى وجهها الخوف وتشبثت به وهى تقول : انهم يقتربون, عمر . يجب أن ترحل فورا قبل أن يجدوك ألقى عمرنظرة من النافذة, و عبر الظلام ومن خلف الستائر المسدلة, شاهد العربات المدرعة وهى تسير آمنة ببطء مستفز وكأنهم فى نزهة, التفت اليها وقال بقلق : توقفوا هنا تشبث بسلاحه بقوة وأسند ظهره للجدار بجوار الباب وبيده الأخرى أمسك بيد زهره وتشابكت أصابعهما بقوة وبدأ الرعب يدب فى قلبه ..وبرغم البرودة الشديدة وانقطاع الكهرباء وتعطل أجهزة التكييف بدأت حبات العرق تتراص على جبينه وبدأت صورة قديمة مرعبة تقتحم عقله ..صورة لم يراها بعينيه لكنه رآها بخياله صورة أمه وأبيه واخوته الذين قـتـلوا فى بيتهم بيد الإحتلال... ولم يستطع أن يمنع الخوف عن قلبه عندما سمع وقع أقدام الجنود الروس يقترب بسرعة وضغط يد زهرة فى قوه ونظر فى عينيها وكأنه يستمد منهما الأمان وتسارعت دقات قلبه وصوت أقدام الجنود يقترب ويقترب.. .................................................. .................................. يتبع.............................................. ......... |
رواية رائعة جدا
على الرغم من انى قراتها قبل كده من حوالى شهر الا انى بقراها تانى معاكى شكرا جزيلا |
اقتباس:
شكرًا يا آية .. وده شيء يسعدني طبعًا جزاكِ الله خيرًا على المتابعة |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:09 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.