ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الأصول القرآنية والنبوية
**********************************
`الأبد : عبارة عن مدة الزمان الممتد الذى لا يتجزأ كما يتجزأ الزمان وذلك أنه يقال : زمان كذا ، ولا يقال : أبد كذا (1) ، قال تعالى : } وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ { [التوبة/84] ، وقال سبحانه: } وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ { [النور/4] ، وعن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما ، أن النبي e قال فى صيام الأبد : " لا صام من صام الأبد مرتين " (2) ، وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما ، سمعت رسول اللَّه eيقول : " من صور صورة ، فإن اللَّه معذبه حتى ينفخ فيها الروح ، وليس بنافخ فيها أبدا " (3) .
وجميع ما ورد فى القرآن والسنة من لفظ الأبد ، فإنه يعنى الزمان الممتد ، أو الدائم الذى لا ينقطع ، سواء فى الدنيا كما سبق ، أو فى الآخرة ، كقوله تعالى : } خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا {[البينة/8] .
` الأبد فى الاصطلاح الصوفى :
الأبد فى اصطلاح الصوفية ، هو ما لا نهاية له ، أو ما ليس له آخر (1) ، وهو اصطلاح قرآنى فى لفظه ومعناه ، ومن ألفظ الصوفية الدالة على ذلك ، ما روى عن أبى بكر الواسطى (ت:بعد320هـ) أنه سئل عن الأبد فقال : ( إشارة إلى ترك انقطاع فى العدد ، ومحو الأوقات فى السرمد ) (2) ، والأبدية ثابتة عندهم على معنيين :
1- نعت من نعوت اللَّه تعالى : كما ذكر السراج الطوسى (ت:387هـ) والفرق بين الأزلية والأبدية ، أن الأزلية لا بداية لها ولا أولية ، والأبدية لا نهاية لها ولا آخرية (3) ، وعن عمرو بن عثمان المكى (ت:291هـ) ، قال : ( سبحان الصمد ، القديم فى أزل ، لم يزل فى سرمد الأبد ) (4) .
2- أبدية أهل الخلدين : قال عبد اللَّه بن خفيف (ت:371هـ) : ( ويعتقدون أن نعيم أهل الجنة ، باق مع بقاء اللَّه تعالى ، وعذاب أهل الكفر باق ، مع بقاء اللَّه تعالى ) (5) ، فإذا كانت الأبدية من نعوت اللَّه التى ينفرد بها ، فإن ذلك ــــــــــــــــــــ
لا يمنع اتصاف أهل الخلدين بالأبدية ، لأن أبديتهم باقية بإبقاء اللَّه لها فهى متعلقة بمشيئته ، أما أبديته سبحانه فهى باقية ببقاء اللَّه ، ويروى عن أبى القاسم النصرباذى (ت:367هـ) أنه قال :
( الجنة باقية بإبقائه ، وذكره ورحمته ومحبته لك باق ببقائه ، فشتان بين ما هو باق ببقائه ، وبين ما هو باق بإبقائه ) (1) ، ويعقب القشيرى (ت:465هـ) على قوله ، بأن هذا المعتقد ، هو غاية التحقيق عند الصوفية ، فإن أهل الحق قالوا : صفات ذات القديم سبحانه وتعالى باقيات ببقائه تعالى (2) .