لاقلب
قلب ، أقوى عضلة في الجسم ، أربع حجرات ، صمامات ، أوردة .. شرايين ، ينقبض ، ينبسط كي يتدفق الدم فتمر الحياة عبري ، هكذا يقول علمنا هذه الأيام .
و يوم يأتي فيه الظالمون أفئدتهم هواء ، هكذا أخبرنا المولى في قرآنه .
و مضغة في الجسم فيها صلاحي ، هكذا أخبرني رسول الله صلى الله عليه و سلم .
الذي في صدري الآن يعتصر ألماً ، كذلك يوحي لي الإعياء ، يؤلف رواية مصطنعة عن نفس لا أفهم أي من محتوياتها و كلما ذهبت أحللها وفق معطيات علم ما ، عدت خاوية الوفاض ، و لازال ذاك الذي في صدري يلح ألماً أنه موجود و أنه مستاء مني جداً ..
هذا ما حاول عقلي الذي ينبع من مخي أن ينسبه لقلبي . و لازلت أضطرب بين إدراك قالوا لي منبعه المخ و علم جديد / قديم ينسب العقل و الفهم للقلوب التي في الصدور . على أي و أياً ما كان منبع ذلك الألم : قلبي أم مخي المادي أو المعنوي ، فإنه استلقى معي في المصلى قبيل صلاة الظهر و أخذ يؤلف من الأوجاع ملاحم ، يدون أشعاراً و يعزف لها موسيقى مؤذية ، الموت أهون من الإنصات لهـ(ـما) .
يكبر المؤذن ، أنهرُ الأفكار ، أزيحها و أردد كلمات الآذان عوضاً عن الإسترسال في ألم يود لو يصنع في نفسي سيمفونية ثم يلقيها على مسامع من ينصت من البشر ، حسناً ، بعد الصلاة
في الصلاة ، أسأله عن ساعتي و منيتي و أخبره أنني لم أرتب أمراً من أمور دنياي أو آخرتي أو أمور أهلي أو ... ثم أخبره أن ذلك يذبحني ذبحاً و أخبره عن ألم يقصف عمري قصفاً ، يؤذيني الهواء يتعالى على لا يود أن يحل في ضيافة نفسي ، لا أعرف كيف أحايله !
ثم أود أن أخبره كثيراً و طويلاً عن ملحمتي ، ثم أنني في لحظة ما أدرك أنه يخبرني و أنه أخبرني كثيراً فأدركته على نحو ما ، إدراكاً ملأني عقلاً و حلماً .
أختم الصلاة و أود لو أكسب مزيد وقت بعيداً عن الناس فأسبح و أحمد خالقي و أكبـّره. و أدير شريط ملحمة الأوجاع و الشكاوي أنوي إضافة فصل جديد فيها ، يبهرني أنها تلاشت من النفس فأبكي ...
أؤمن أن الواحد الأحد في علاه محى ذلك كله ، فقط أن جزء النفس الذي من هواء و طعام و ماء لازال يسأل (بلا إلحاح هذه المرة) ، أرني كيف تحيي موات نفسي !
|