(( الرحمن...الرحيم))
جل جلاله
اسمان جليلان كثر ورودهما في القرآن الكريم
قال تعالى:
الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ
سورة الرحمن 1-2
أما الرحيم غالب مجيئه اما مقيدا كقوله تعالى :
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
أو مقرونا باسم الرحمن كما في البسملة ة سورة الفاتحة

و لهذين الاسمين مكانة عظيمة
فهما الاسمان اللذان افتتح بهما الله أم القرآن و جعلهما عنوان ما أنزله من البيان و ضمنها الكلمة التي لا يثبت لها شيطان و افتتح بهما كتاب نبي الله سليمان عليه السلام و كان جبريل يُنزل بها على النبي صلى الله عليه وسلم كل سورة من القرآن
ورد الاسمان مقترنين في مواضع عدة من القرآن و كل منهما دال على ثبوت الرحمة صفة لله عز و جل إلا أن اقتران هذان الأسمين فيه دلالة على ثبوت الوصف و حصول أثره و تعلقه بمتعلقاته
فالرحمن : أي الذي الرحمة وصفه
و الرحيم : أي الراحم لعباده
و لهذا يقول تعالى :
لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
التوبة 117
و لم يجئ رحمن بعباده أو رحمن بالمؤمنين
فالرحمن دال على الصفة الثابتة اللازمة الكاملة و الرحيم تدل على تعديها للمرحوم أي من يرحم بالفعل
و رحمته تعالى سبقت غضبه و غلبته و ظهرت في خلقه ظهورا لا ينكر حتى ملأت أقطار السماوات و الأرض و امتلأت منها القلوب حتى حنت المخلوقات بعضها على بعض بهذه الرحمة التي نشرها عليهم و أودعها في قلوبهم
و كذلك ظهرت رحمته في أمره و شرعه ظهورا تشهده البصائر و الأبصار و يعترف به أولو الألباب
فشرعه فيه من التسهيلات و التيسيرات و نفي الحرج و المشقات و مايدل على أكبر دلالة على سعة رحمته و جوده و كرمه و مناهيه كلها رحمة لأنها لحفظ أديان العباد و حفظ عقولهم و أعراضهم و أبدانهم و أخلاقهم و أموالهم من الشرور و الأضرار
و يوم القيامة يختص سبحانه بالرحمة و الفضل و الإحسان بالمؤمنين به و برسله و يكرمهم بالصفح و العفو و الغفران ما لا تعبر عنه الألسنة و لا تتصوره الأفكار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن لله مائة رحمة . أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام . فبها يتعاطفون . وبها يتراحمون . وبها تعطف الوحش على ولدها . وأخر الله تسعا وتسعين رحمة . يرحم بها عباده يوم القيامة
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2752
خلاصة حكم المحدث: صحيح
و العبد كلما عظمت طاعته و زاد قربه و تقربه لربه عظم نصيبه من استحقاق هذه الرحمة
قال الملك:
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
الأعراف 56
و الله تعالى أرحم بعباده منهم ببعضهم بعضا
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي . فإذا امرأة من السبي ، تبتغي ، إذا وجدت صبيا في السبي ، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته . فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ " قلنا : لا . والله ! وهي تقدر على أن لا تطرحه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لله أرحم بعباده من هذه بولدها " .
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم:
خلاصة حكم المحدث: صحيح 2754
فالله تعالى رحمته تفوق رحمة الأم بولدها
و الرحمة نوعان:
رحمة عامة و هي التي قرنها بالعلم
قال تعالى:
رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا
غافر7
فكل شيء وصله علمه وصلت اليه رحمته و هي رحمة تشمل جميل المخلوقات بما فيهم الكفار من مأكل و مشرب ة اللباس و المسكن و غيرها من الأمور الدنيوية
و رحمة خاصة التي خص الله تعالى بها عباده المؤمنين و هي رحمة ايمانية دنيوية أخروية بالتوفيق للطاعة و التيسير للخير و التثبيت على الإيمان و الهداية على الصراط و الإكرام بدخول الجنة و الخروج من النار
نسأل الله أن يتغمدنا برحمته
__________________
معلم اللغة العربية بمدارس المنصورة كولدج الدولية
آخر تعديل بواسطة عبد الله الرفاعي ، 25-10-2010 الساعة 02:04 PM
|