29- الوصية بكتاب الله
للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله تعالى:
وبالتدبر والترتيل فاتل كتاب *** الله لا سيما في حندس الظلم
حكم براهينه واعمل بمحكمه *** حلاَّ وحظرًا وما قد حده أقم
واطلب معانيه بالنقل الصريح ولا *** تخض برأيك واحذر بطش منتقم
وعن مناهيه كن يا صاح منزجرا *** والأمر منه بلا ترداد فالتزم
هو الكتاب الذي من قام يقرؤه *** كأنما خاطب الرحمن بالكلم
هو الصراط هو الحبل المتين هو *** الميزان والعروة الوثقى لمعتصم
هو البيان هو الذكر الحكيم هو *** التفصيل فاقنع به في كل منبهم
هو البصائر والذكرى لمدكر *** هو المواعظ والبشرى لغير عمي
هو المنزل نورًا بينًا وهدى *** وهو الشفاء لما في القلب من سقم
فمن يقمه يكن يوم المعاد له *** خير الإمام إلى الفردوس والنعم
وقد أتى النص في الطوالين أنهما *** ظلاًّ لتاليهما في الموقف الغمم(1)
وأنه في غد يأتي لصاحبه *** مبشرًا وحجيجًا عنه إن يقم
والملك والخلد يعطيه ويلبسه *** تاج الوقار الإله الحق ذو الكرم
يقال: اقرأ ورتل وارق في غرف الـ *** جنان كي تنتهي للمنزل النعم
وحلتان من الفردوس قد كسيت *** لوالديه لهما الأكوان لم تقم
قالا: بماذا كسيناهما؟ فقيل: بما *** أقرأتما ابنكما فاشكرا لذي النعم
كفى وحسبك بالقرآن معجزة *** دامت لدينا دواما غير منصرم
مهيمنا عربيا غير ذي عوج *** مصدقا جاء للتنزيل في القدم
فيه التفاصيل للأحكام مع نبأ *** عما سيأتي وعن ماض من الأمم
فانظر قوارع آيات المعاد به *** وانظر لما قص عن عاد وعن إرم
وانظر به شرح أحكام الشريعة هل *** ترى بها من عويص غير منفصم
أم من صلاح ولم يهد الأنام له *** أم باب هلك لم يزجر ولم يلم؟
أم كان يغني نقيرًا عن هدايته *** جميع ما عند أهل الأرض من نظم؟
لم تلبث الجن إذ أصغت لتسمعه، *** أن بادروا نذرا منهم لقومهم
الله أكبر ما قد حاز من عبر *** ومن بيان وإعجاز ومن حكم
والله أكبر إذ أعيت بلاغته *** وحسن تركيبه للعرب والعجم
ثم الصلاة على المعصوم من خطأ *** محمد خير رسل الله كلهم (2)
([1]) الطوالين: سورة البقرة وآل عمران.
([2]) المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية (5، 6).