في المطالبة بالفرق بين ما يتأول وما لا يتأول
فنقول فرق بين ما أولته*** ومعته تفريق ذي برهان
فيقول ما يفضي الى التجسيم أولناه من خبر ومن قرآن
كالاستواء مع التكلم هكذا*** لفظ النزول وكذاك لفظ يدان
إذا هذه أوصاف جسم محدث*** لا ينبغي للواحد المنان
فنقول أنت وصفته أيضا بما*** يقضي الى التجسيم والحدثان
فوصفته بالسمع والأبصار مع*** نفس الحياة وعلم ذي الأكوان
ووصفته بمشيئة مع قدرة*** وكلامه النفسي وهو معان
أو واحد والجسم حامل هذه الأ***وصاف حقا فاءت بالفرقان
بين الذي يفضي الى التجسيم أو*** لا يقتضيه بواضح البرهان
والله لو نشرت شيوخك كلهم*** لم يقدرةا أبدا على الفرقان
فصل
في ذكر فرق لهم آخر وبيان بطلانه
فلذاك قال زعيمهم في نفسه*** فرقا سوى هذا الذي تريان
هذي صفات عقولنا دلت على*** إثباتها مع ظاهر القرآن
فلذاك صناها عن التأويل فاعجب يا أخا التحقيق والعرقان
كيف اعتراف القوم أن عقولهم*** دلت على التجسيم بالبرهان
فيقال هل في العقل تجسيم أم المعقول ننفيه كذا النقصان
إن قلتم ننفيه فانفوا هذه الأوصاف وانسلخوا من القرآن
أو قلتم ننفيه باثبات له*** ففراركم منها لأي معان
أو قلتم ننفيه في صف ولا*** ننفيه في وصف بلا برهان
فيقال ما الفرقان بينهما وما البرهان فاتوا الآن بالفرقان
ويقال قد شهد العيان بأنه***ذو حكمة وعناية وحنان
مع رأفة ومحبة لعباده*** أهل الوفاء وتابعي القرآن
ولذاك خصوا بالكرامة دون أعداء الاله وشيعة الكفران
وهو الدليل لنا على غضب وبغض منه مع مقت لذي العصيان
والنص جاء بهذه الأوصاف مع*** مثل الصفات السبع في القرآن
ويقال سلمنا بأن العقل لا*** يفضي اليها فهي في الفرقان
أفنفي آحاد الدليل يكون للمـ***ـدلول نفيا يا أولي العرفان
أو نفي مطلقه يدل على انتفا المدلون في عقل وفي قرآن
أفبعد ذا الانصاف ويحكم سوى*** محض العناد ونخوة الشيطان
وتحيز منكم اليهم لا الى القـ***ـرآن والآثار والايمان
فصل
في بيان مخالفة طريقهم عكس الطر***يق المستقيم لمن له عينان
جعلوا كلام شيوخهم نصا له الأ***حكام موزونا به النصان
وكلام باريهم وقول رسولهم*** متشابها محتملا لمعان
فتولدت من ذينك الأصلين أو*** لاد بئس الوليد وبئست الأبوان
عرضوا النصوص على كلام شيوخهم*** فكأنها جيش لذي السلطان
والعزل والابقاء مرجعه الى السلطان دون رعية السلكان
وكذاك أقوال الشيوخ فإنها الميزان دون النص والقرآن
ان وافقا قول الشيوخ فمرحبا*** أو خالفت فالدفع بالاحسان
أما بتأويل فإن أعيا فتفويض ونتركها لقول فلان
اذ قوله نص لدينا محكم*** فظواهر المنقول ذات معان
والنص فهو به عليم دوننا*** وبحاله ما حيلة العميان
إلا تمسكهم بأيدي مبصر*** حتى يقودهم كذي الأرسان
فاعجب لعميان البصائر أبصروا*** كون المقلد صاحب البرهان
ورأوه بالتقليد أولى من سوا***ه بغير ما بصر ولا برهان
وعموا عن الوحيين إذ لم يفهموا*** معناهما عجبا لذي الحرمان
قول الشيوخ أتم تبيانا من الوحيين لا والواحد الرحمن
النقل نقل صادق والقول من*** ذي عصمة في غاية التبيان
وسواه إما كاذب أو صح لم*** يك قول معصوم وذي تبيان
أفيستوي النقلان يا أهل النهى*** والله لا يتماثل النقلان
هذا الذي ألقى العداوة بيننا*** في الله نحن لأجله خصمان
نصروا الضلالة من سفاهة رأيهم*** لكن نصرنا موجب القرآن
ولنا سلوك ضد مسلكهم فما*** رحلان منا قط يلتقيان
إنا أبينا أن ندين بما به*** دانوا من الآراء والبهتان
إنا عزلناها ولم نعبأ بها*** يكفي الرسول ومحكم الفرقان
من لم يكن يكفيه ذان فلا كفا***ه الله شر حوادث الأزمان
من لم يك يشفيه ذان فلا شفا***ه الله في قلب ولا أبدان
من لم يغنيه ذان رماه رب*** العرش بالاعدام والحرمان
من لم يكن يهديه ذان فلا هدا***ه الله سبل الحق والايمان
ان الكلام مع الكبار وليس مع*** تلك الأراذل سفلة الحيوان
أوساخ هذا الخلق بل أنتانه*** جيف الوجود أخبث الانسان
الطالبين دماء أهل العلم بالكفران والعدوان والبهتان
الشاتمي أهل الحديث عداوة*** للسنة العليا مع القرآن
جعلوا مسبتهم طعام حلوقهم*** فالله يقطعها من الأذقان
كبرا واعجابا وتيها زائدا*** وتجاوزا لمراتب الانسان
لو كان هذا من وراء كفاية*** كنا حملنا راية الشكران
لكنه من خلف كل تخلف*** عن رتبة الايمان والاحسان
من لي بشبه خوارج قد كفروا*** بالذنب تأويلا بلا احسان
ولهم نصوص قصروا في فهمها*** فأتوا من التقصير في العرفان
وخصومنا قد كفرونا بالذي*** هو غاية التوحيد والايمان